بسم الله الرّحمن الرّحيم.
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
من لطائف القشيري في الآية : ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا منْ أَنْفُسكُمْ
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا منْ أَنْفُسكُمْ} أي إذا كان لكم مماليك لا تَرْضَوْن بالمساواة بينكم وبينهم، وأنتم متشاكلون بكلّ وجه، إلا أنكم بحكم الشرع مالكوهم، فَمَا تقولون في الذي لم يَزَلْ، ولا يزال كما لم يزل؟
هل يجوز أن يُقَدَّرَ في وصفه أن يُسَاويَه عبيدُه؟وهل يجوز أن يكون مملوكُه شريكَه؟ تعالى اللَّهُ عن ذلك علوًا كبيرًا!
{بَل اتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بغَيْر علْمٍ فَمَنْ يَهْدي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ منْ نَاصرينَ }.
أشدُّ الظلم متابعةُ الهوى، لأنه قريبٌ من الشّرْك، قال تعالى: {أَفَرَءَيْتَ مَن اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]. فَمَنْ اتَّبَعَ هواه خالف رضا مولاه؛ فهو بوضعه الشىءَ غيرَ موضعه صار ظالمًا، كما أَنَّ العاصيَ بوضعه المعصيةَ موضعَ الطاعة ظالمٌ. كذلك هذا بمتابعة هواه بَدَلًا عن موافقة ومتابعة رضا مولاه صار في الظلم متماديًا.
{فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا فطْرَتَ اللَّه الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْديلَ لخَلْق اللَّه ذَلكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلَكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لَا يَعْلَمُونَ }.
أخْلصْ قَصْدَك إلى الله، واحفَظْ عهدك مع الله، وأَفردْ عملَكَ في سكناتك وحركاتك وجميع تصرفاتك لله.
{حَنيفًا} أي مستقيمًا في دينه، مائلًا إليه، مُغْرَضًا عن غيره، والزَمْ {فطْرَتَ اللَّه التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أي أثْبَتَهُم عليها قبل أن يُوجَدَ منهم فعْلٌ ولا كَسْب، ولا شرْكٌ ولا كُفْر، وكما ليس منهم إيمان وإحسان فليس منهم كفران ولا عصيان. فاعرف بهذه الجملة، ثم افعل ما أُمرْتَ به، واحذر ما نُهيتَ عنه.
فعلى هذا التأويل فإن معنى قوله: {فطْرَتَ اللَّه التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أي اعْرَفْ واعْلَمْ أن فطرة الله التي فطر الناس عليها: تَجَرُّدُهم عن أفعالهم، ثم اتصافهم بما يكسبون- وإن كان هذا أيضًا بتقدير الله.
وعلى هذا تكون {فطْرَتَ} الله منصوبة بإضمار اعْلَمْ- كما قلنا.
سبحانه فَطَرَ كلَّ أحدٍ على ما عَلمَ أنه يكون في السعادة أو الشقاوة، ولا تبديلَ لحُكْمه، ولا تحويلَ لما عليه فَطَرَه. فمَنْ عَلمَ أنه يكون سعيدًا أراد سعادته وأخبر عن سعادته، وخَلَقَه في حُْكمه سعيدًا. ومَنْ عَلمَ شقاوته أراد أن يكون شقيًا وأخبر عن شقاوته وخَلَقَه في حكمه شقيًا. ولا تبديل لحُكمه، هذا هو الدين المستقيم والحقُّ الصحيح.
الحاوي في تفسير القرآن الكريم
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
من لطائف القشيري في الآية : ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا منْ أَنْفُسكُمْ
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا منْ أَنْفُسكُمْ} أي إذا كان لكم مماليك لا تَرْضَوْن بالمساواة بينكم وبينهم، وأنتم متشاكلون بكلّ وجه، إلا أنكم بحكم الشرع مالكوهم، فَمَا تقولون في الذي لم يَزَلْ، ولا يزال كما لم يزل؟
هل يجوز أن يُقَدَّرَ في وصفه أن يُسَاويَه عبيدُه؟وهل يجوز أن يكون مملوكُه شريكَه؟ تعالى اللَّهُ عن ذلك علوًا كبيرًا!
{بَل اتَّبَعَ الَّذينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بغَيْر علْمٍ فَمَنْ يَهْدي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ منْ نَاصرينَ }.
أشدُّ الظلم متابعةُ الهوى، لأنه قريبٌ من الشّرْك، قال تعالى: {أَفَرَءَيْتَ مَن اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]. فَمَنْ اتَّبَعَ هواه خالف رضا مولاه؛ فهو بوضعه الشىءَ غيرَ موضعه صار ظالمًا، كما أَنَّ العاصيَ بوضعه المعصيةَ موضعَ الطاعة ظالمٌ. كذلك هذا بمتابعة هواه بَدَلًا عن موافقة ومتابعة رضا مولاه صار في الظلم متماديًا.
{فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا فطْرَتَ اللَّه الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْديلَ لخَلْق اللَّه ذَلكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلَكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لَا يَعْلَمُونَ }.
أخْلصْ قَصْدَك إلى الله، واحفَظْ عهدك مع الله، وأَفردْ عملَكَ في سكناتك وحركاتك وجميع تصرفاتك لله.
{حَنيفًا} أي مستقيمًا في دينه، مائلًا إليه، مُغْرَضًا عن غيره، والزَمْ {فطْرَتَ اللَّه التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أي أثْبَتَهُم عليها قبل أن يُوجَدَ منهم فعْلٌ ولا كَسْب، ولا شرْكٌ ولا كُفْر، وكما ليس منهم إيمان وإحسان فليس منهم كفران ولا عصيان. فاعرف بهذه الجملة، ثم افعل ما أُمرْتَ به، واحذر ما نُهيتَ عنه.
فعلى هذا التأويل فإن معنى قوله: {فطْرَتَ اللَّه التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} أي اعْرَفْ واعْلَمْ أن فطرة الله التي فطر الناس عليها: تَجَرُّدُهم عن أفعالهم، ثم اتصافهم بما يكسبون- وإن كان هذا أيضًا بتقدير الله.
وعلى هذا تكون {فطْرَتَ} الله منصوبة بإضمار اعْلَمْ- كما قلنا.
سبحانه فَطَرَ كلَّ أحدٍ على ما عَلمَ أنه يكون في السعادة أو الشقاوة، ولا تبديلَ لحُكْمه، ولا تحويلَ لما عليه فَطَرَه. فمَنْ عَلمَ أنه يكون سعيدًا أراد سعادته وأخبر عن سعادته، وخَلَقَه في حُْكمه سعيدًا. ومَنْ عَلمَ شقاوته أراد أن يكون شقيًا وأخبر عن شقاوته وخَلَقَه في حكمه شقيًا. ولا تبديل لحُكمه، هذا هو الدين المستقيم والحقُّ الصحيح.
الحاوي في تفسير القرآن الكريم
11/4/2024, 10:07 من طرف Admin
» كتاب: نور الإسلام ـ الشيخ عبد الكريم محمد المدرس البغدادي
11/4/2024, 10:05 من طرف Admin
» كتاب: غاية التحقيق ونهاية التدقيق ـ لمحمد حياة السندي
11/4/2024, 10:01 من طرف Admin
» كتاب: مفاتيح الجنان شرح شرعة الإسلام ـ ليعقوب بن السيد علي
11/4/2024, 09:57 من طرف Admin
» كتاب: مفتاح الفلاح ـ سليمان فاضل
11/4/2024, 09:51 من طرف Admin
» كتاب: المنتخبات من المكتوبات للإمام الرّباني الشيخ احمد الفاروقي
11/4/2024, 09:43 من طرف Admin
» كتاب: الايمان والإسلام ـ الشيخ خالد البغدادي
11/4/2024, 09:39 من طرف Admin
» كتاب: كشف النورعن أصحاب القبور ـ عبد الغني بن اسماعيل النابلسي
11/4/2024, 09:33 من طرف Admin
» كتاب:صلات الصّفا في نور المصطفى ـ الإمام أحمد رضا خان القادري
11/4/2024, 09:28 من طرف Admin
» كتاب: الحديقة الندية في شرح الطريقة المحمدية ـ عبد الغني النابلسي ـ ج1
11/4/2024, 09:21 من طرف Admin
» كتاب: الحديقة الندية في شرح الطريقة المحمدية ـ عبد الغني النابلسي ـ ج٢
11/4/2024, 09:20 من طرف Admin
» كتاب: البهجة السنية ـ الشيخ محمد بن عبد الله الخاني الخالدي
11/4/2024, 08:18 من طرف Admin
» كتاب: حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ـ النجيب يوسف النبهاني
11/4/2024, 08:13 من طرف Admin
» كتاب: إبتغاء الوصول لحب الله بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم ـ ابو محمد الويلتوري
11/4/2024, 08:06 من طرف Admin
» كتاب: التوسل بالنبي وبالصالحين ـ ابو حامد بن مرزوق
11/4/2024, 08:00 من طرف Admin