"أنا جليس من ذكرني وتخرّكت بي شفتاه"رواه البخاري.

بسم الله الرّحمن الرّحيم، الحمد لله ربّ العالمين.
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
إنّ الله معنا وأقرب إلينا منّا سبحانه،
يسمع ذكرنا قبل حصول السّمع منّا وتبيانه.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ــ ق ــ.
فإن كنت ذاكرا لله مدركا لنطق لسانك في استماع،
فذلك عنوان ذكر الله لك فكن في تبتّل وانقطاع.
فإن لم تكن في اتّصال بسمعك فيما تذكره وتتلوه،
فأنت منقطع عن مولاك وإن كنت متوجّها إليه وترجوه.
أتدري لما قال في الحديث القدسي:"أنا جليس من ذكرني وتخرّكت بي شفتاه"رواه البخاري.
لأنّ من تحرّكت منه بإدراك شفتاه، كانت في اتّصال بنطقه أذناه.
إنّ سمعك إن لم تشركه في نطقك بالاستماع،
إكتفى بأن يكون شاهدا على غفلتك يوم يكون بالله الاجتماع،
وإن أكرمته بما خلق من أجله في انتباه،
كان لك مذكّرا ومعينا بإذن الله.
ألا ترى من يترنّم إنشادا وصوته نشاز،
وهو يعتقد أنّه هيّم السّامعين يشجوه الممتاز.
لو اتّصلت شفتاه بأذنيه لعدل عمّا يثيره في السّامعين من استفزاز.
فإن نطق لسانك فكن أوّل المنصتين،
وإن صمت، فاحذر لسان نفسك ولا تكن من الغافلين.
ففي الحديث القدسي،يقول الله تعالى:
( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ).البخاري.
"اللّهمّ أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك."
أه.