..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 29/9/2020, 11:46

    مع الحبيب المصطفى ﷺ :مزاحه ﷺ
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    310ـ مزاحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِسْلَامُنَا وَدِينُنَا هُوَ دِينُ الكَمَالِ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينَاً﴾.

    مِنْ عَظَمَةِ هَذَا الدِّينِ شُمُولِيَّتُهُ وَسَعَتُهُ، وَأَنَّهُ مَا تَرَكَ شَيْئَاً في حَيَاةِ الإِنْسَانِ المُسْلِمِ إِلَّا وَنَظَّمَهُ وَرَتَّبَهُ، وَجَعَلَ لَهُ قَوَاعِدَ وَضَوَابِطَ يَسِيرُ عَلَيْهَا وَيَلْتَزِمُ بِهَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِأَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    هُنَاكَ بَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ الدِّينَ دِينُ كَبْتٍ وَحَبْسٍ للنَّفْسِ، فَلَا ضَحِكَ وَلَا مُزَاحَ، وَلَا لَهْوَ وَلَا مُتْعَةَ، وَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ لَا يَعْرَِفَ إِلَّا الجِدَّ، وَإِذَا خَالَطَ الآخَرِينَ مِنْ أَهْلٍ وَقَرَابَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ في مُنْتَهَى الجِدِّ.

    هَذَا وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَادَّاً في جَمِيعِ شُؤُونِهِ بِكُلِّ مَا تَحْتَوِي هَذِهِ الكَلِمَةُ مِنْ جِدِّيَّةٍ، روى الإمام مسلم عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ ـ وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟

    قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ.

    قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا تَقُولُ؟

    قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرَاً.

    قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ.

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَاكَ؟».

    قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرَاً.

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَـفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ».

    مُزَاحُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الكَمَالُ كُلُّ الكَمَالِ في اتِّبَاعِ أَكْمَلِ شَخْصِيَّةٍ خَلَقَهَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ، أَلَا وَهِيَ شَخْصِيَّةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    لَقَدْ جَاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنَةً مُوَضِّحَةً لِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حَالُ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ، وَجَاءَتْ سِيرَتُهُ العَطِرَةُ نَمُوذَجَاً حَيَّاً لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَلِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَا حَيَاةً طَيِّبَةً وِفْقَ مَا شَرَعَ اللهُ تعالى.

    مِنْ جُمْلَةِ مَا كَانَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُمَازِحُ أَصْحَابَهُ الكِرَامَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مَعَ كَمَالِ لُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ بِهِمْ.

    رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلَاً مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرَاً، وَكَانَ يُهْدِي إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً مِنَ البَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلى البَادِيَةِ.

    فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ زَاهِرَاً بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ».

    وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ، وَكَانَ رَجُلَاً دَمِيمَاً، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَاً وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَلَا يُبْصِرُهُ الرَّجُلُ.

    فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟

    فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ عَرَفَهُ.

    وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟».

    فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَاً وَاللهِ تَجِدُنِي كَاسِدَاً.

    فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَكِنْ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ ـ أَوْ قَالَ: لَكِنْ عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ ـ».

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: انْظُرُوا إلى هَذَا المُزَاحِ وَهَذِهِ المُدَاعَبَةِ التي جَعَلَتْ زَاهِرَاً يَمْتَلِئُ قَلْبُهُ حُبَّاً وَعَطْفَاً وَلُطْفَاً عِنْدَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ زَاهِرَاً بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ». وَعِنْدَمَا قَالَ لَهُ: «لَكِنْ عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ».

    نَعَمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُمَازِحُ أَصْحَابَهُ، وَلَكِنْ مَا كَانَ يَقُولُ إِلَّا حَقَّاً.

    روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا.

    قَالَ: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقَّاً».

    وروى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلَاً اسْتَحْمَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنِّي حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ».

    فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ؟

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَهَلْ تَلِدُ الإِبِلَ إِلَّا النُّوقُ؟».

    ضَوَابِطُ المُزَاحِ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: المُزَاحُ مِنَ المُرُوءَةِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ للمُزَاحِ ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةً يَجِبُ التَّقَيُّدُ بِهَا؛ مِنْ هَذِهِ الضَّوَابِطِ:

    أولاً: أَنْ لَا يَكُونَ المُزَاحُ إِلَّا صِدْقَاً، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي.

    ثانياً: أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.

    ثالثاً: عَدَمُ التَّرْوِيعِ للآخَرِينَ، وَذَلِكَ لِمَا رواه أبو داود عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ، فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمَاً».

    رابعاً: أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ اسْتِهْزَاءٌ وَغَمْزٌ وَلَـمْزٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرَاً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرَاً مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.

    خامساً: أَنْ لَا يَكُونَ المُزَاحُ كَثِيرَاً، لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ المُزَاحُ حَتَّى يُصْبِحَ عِنْدَهُ دَيْدَنَاً، يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: اعْلَمْ أَنَّ المُزَاحَ المَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الَّذِي فِيهُ إِفْرَاطٌ وَيُدَاوَمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الضَّحِكَ وَقَسْوَةَ القَلْبِ، وَيُشْغِلُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَالفِكَرِ فِي مُهِمَّاتِ الدِّينِ، وَيُؤَوَّلُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَوْقَاتِ إِلَى الإِيذَاءِ، وَيُورِثُ الأَحْقَادَ، وَيُسْقِطُ المَهَابَةَ وَالوَقَارَ، فَأَمَّا مَا سَلِمَ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ فَهُوَ المُبَاحُ الَّذِي كَانَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ. اهـ.

    سادساً: أَنْ يَكُونَ المُزَاحُ بِمِقْدَارِ المِلْحِ للطَّعَامِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ»؟

    فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ.

    فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسَاً وَقَالَ: «اتَّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنَاً، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمَاً، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ» رواه الترمذي ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ والإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

    وَأَخِيرَاً: يَجِبُ قَبْلَ المُزَاحِ أَنْ تَعْرِفَ مِقْدَارَ النَّاسِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَمْزَحُ مَعَ الكُلِّ بِدُونِ اعْتِبَارٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُنْزَلَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَنْزِلَتَهُ، فَللعَالِمِ حَقٌّ، وَللكَبِيرِ حَقٌّ، وَللشَّيْخِ تَوْقِيرٌ، وَللأَبَوَيْنِ مَنْزِلَةٌ.

    خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

    أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ كَمَالِ شَخْصِيَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُمَازِحُ وَيُلَاطِفُ أَصْحَابَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ الكِرَامَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَكَانَ يُعْطِي لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَلِكُلِّ وَقْتٍ حِكْمَةً، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا أَكْمَلَكَ، وَمَا أَعْظَمَ شَخْصِيَّتَكَ، جَعَلَنَا اللهُ فِدَاءَكَ، وَوَفَّقَنَا لِمُتَابَعَتِكَ. آمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/5/2024, 03:43