..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 15:52

    193ـ مع الحبيب المصطفى: قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    193ـ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ الذُّنُوبَ سُمٌّ يَسْرِي في الأَبدَانِ فَيُهْلِكُهَا، وإذا عَمَّتِ الذُّنُوبُ في البُلدَانِ أَفْسَدَتْهَا، ضَرَرُهَا عَظِيمٌ، وعَوَاقِبُهَا وَخِيمَةٌ، بالمَعَاصِي يُحْرَمُ العَبدُ التَّوفِيقَ، وبِهَا تُمْحَقُ البَرَكَةُ في الرِّزْقِ والعُمُرِ، وبِهَا يُحْرَمُ العَبدُ الطَّاعَةَ، وبِهَا يَغرَقُ في مَعْصِيَةٍ أَكبَرَ مِنهَا، وكُلَّمَا ازدَادَ العَبدُ تَوَغُّلاً في المَعَاصِي كُلَّمَا ازدَادَ بُعْدَاً عن اللهِ تعالى، وتَثَاقُلاً عن الطَّاعَةِ، وإِلْفَاً للمَعْصِيَةِ والعِيَاذُ باللهِ تعالى.

    أيُّها الإخوة الكرام: إذا لَم يَكُنْ للذَّنبِ عُقُوبَةٌ إلا الصَّدَّ عن طَاعَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ لَكَانَ في ذلكَ كِفَايَةً، فَكَيفَ إذا كَانَ سَبَبَاً لِهَوَانِ العَبدِ على رَبِّهِ؟

    عن جُبَيرِ بنِ نُفَيرٍ قَالَ: لمَّا فُتِحَتْ قُبرُصُ فُرِّقَ بَينَ أَهلِهَا، فَبَكَى بَعْضُهُم إلى بَعْضٍ، فَرَأَيتُ أَبَا الدَّردَاءِ جَالِسَاً وَحْدَهُ يَبكِي.

    فَقُلتُ: يَا أَبَا الدَّردَاءِ، مَا يُبْكِيكَ في يَومٍ أَعَزَّ اللهُ فِيهِ الإِسلامَ وَأَهلَهُ؟

    فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا جُبَيرُ، مَا أَهوَنَ الخَلْقِ على اللهِ عزَّ وجلَّ إذا أَضَاعُوا أَمْرَهُ، بَينَمَا هيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُمُ المُلْكُ، تَرَكُوا أَمْرَ اللهِ فَصَارُوا إلى مَا تَرَى. رواهُ أبو نُعَيم.

    ويَقُولُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: هَانُوا عَلَى اللهِ فَعَصَوْهُ، وَلَوْ عَزُّوا عَلَيْهِ لَعَصَمَهُمْ.

    وَقَالَ: إنَّ الرَّجُلَ ـ أَيْ الْكَامِلَ ـ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَمَا يَنْسَاهُ، وَلَا يَزَالُ مُتَخَوِّفاً مِنْهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ.

    مَن هُمُ الرِّجَالُ؟

    أيُّها الإخوة الكرام: لَو تَسَاءَلْنَا مَعَ بَعْضِنَا البَعْضِ: مَن هُمُ الرِّجَالُ؟ ومَا هِيَ صِفَاتُهُم؟ لاخْتَلَفَتِ الأَجوِبَةُ اختِلافَاً كَبِيرَاً، فَمِنَّا مَن يَقُولُ: هُم أَهلُ القُوَّةِ والفُتُوَّةِ، الذينَ لا يَهَابُونَ المَوَاقِفَ، ولا يَخَافُونَ الأَحدَاثَ.

    ومِنَّا مَن يَقُولُ: هُم أَهلُ الجُودِ والكَرَمِ، الذينَ يُعطُونَ بِغَيرِ حِسَابٍ.

    ومِنَّا مَن يَقُولُ: هُمُ الذينَ يَمْشُونَ في حَوَائِجِ النَّاسِ ....... وهكذا.

    ولكن لَو بَحَثنَا في كِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ عن الرِّجَالِ وصِفَاتِهِم، فَإِنَّا نَجِدُ الرِّجَالَ هُمُ الذينَ يَخَافُونَ اللهَ تعالى، هُمُ الذينَ يُطِيعُونَ اللهَ تعالى ولا يَعْصُونَهُ.

    قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ واللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

    وقال تعالى: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا واللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾.

    أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ مِقيَاسَ الرِّجَالِ في القُرآنِ العَظِيمِ اتَّضَحَ بِأَنَّهُمُ الذينَ يَخَافُونَ اللهَ تعالى واليَومَ الآخِرَ، هُمُ الذينَ سَمِعُوا قَولَ اللهِ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.

    الرِّجَالُ هُمُ الذينَ يَخَافُونَ اللهَ تعالى، هُمُ الذينَ رَبَطُوا أَعمَالَهُم بِأَعمَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هُمُ الذينَ يَخَافُونَ اللهَ تعالى، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَخَافُ اللهَ تعالى رَبَّ العَالَمِينَ.

    من مَظَاهِرِ خَوِْفهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

    أيُّها الإخوة الكرام: من مَظَاهِرِ خَوِْفهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أنَّهُ كَانَ دَائِمَ التَّعْظِيمِ لِحَضْرَةِ رَبِّنَا عزَّ وجلَّ، لا يَأْمَنُ سَطْوَتَهُ، ولا يَسْتَبْعِدُ بَطْشَهُ ونِقْمَتَهُ.

    روى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعاً ضَاحِكاً ـ أَيْ: مُبَالِغَاً فِي الضَّحِكِ ـ حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ ـ وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتِي بِأَعْلَى الْحَنْجَرَةِ مِنْ أَقْصَى الْفَم ِـ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ.

    قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْماً أَوْ رِيحاً عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ.

    فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ.

    فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾».

    أيُّها الإخوة الكرام: الخَوفُ من اللهِ تعالى هوَ الذي يُرَبِّي القلبَ، ويَسْمُو بِإِيمَانِهِ حَتَّى لا يُفَرِّقَ بَينَ مَعْصِيَةٍ كَبِيرَةٍ وصَغِيرَةٍ، هوَ الذي يَجْعَلُ المُؤمِنَ يَنْظُرُ إلى عَظَمَةِ الرَّبِّ، لا إلى صِغَرِ الذَّنبِ، يَنْظُرُ إلى عَظَمَةِ مَن عَصَاهُ، لا إلى صِغَرِ المَعْصِيَةِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: أَهلُ الخَوفِ من اللهِ تعالى هُمُ السُّعَدَاءُ في الدُّنيَا، وهُمُ الفَائِزُونَ في الآخِرَةِ، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾.

    الخَوفُ من اللهِ تعالى يَسْمُو بِإِيمَانِ العَبدِ حَتَّى يَصِلَ إلى دَرَجَةٍ يَخَافُ فِيهَا أن لا يَقبَلَ اللهُ لَهُ طَاعَةً، روى الترمذي عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾.

    قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟

    قَالَ: «لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُم يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ».

    «لا أَجْمَعُ لِعَبْدِي أَمْنَينِ ولا خَوْفَينِ»:

    أيُّها الإخوة الكرام: الإِنسَانُ المُؤمِنُ كُلَّمَا ازدَادَ عِلْمَاً باللهِ تعالى ازدَادَ خَوفَاً مِنهُ، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾. فالعُلَمَاءُ أَكْثَرُ النَّاسِ خَشْيَةً من اللهِ تعالى، قال تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.

    أيُّها الإخوة الكرام: من خَافَ اللهَ تعالى شَمَّرَ عن سَاعِدِ الجِدِّ، وسَعَى في مَرْضَاةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، لأنَّهُ يَعلَمُ بأَنَّ أَجَلَهُ مَحْدُودٌ، واللِّقَاءَ مَعَ اللهِ تعالى كَائِنٌ لا مَحَالَةَ، لهذا تَرَاهُ مُسْرِعَاً في مَرْضَاةِ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ، كَمَا قَالَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ ـ سَارَ أَوَّلَ اللَّيلِ ـ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّةُ» رواه الترمذي عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

    وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾.

    أيُّها الإخوة الكرام: مَن خَافَ اللهَ تعالى في الدُّنيَا أَمَّنَهُ يَومَ القِيَامَةِ، ومَن أَمَّنَهُ في الحَيَاةِ الدُّنيَا، وسَهَا وغَرِقَ في المَعَاصِي والمُنكَرَاتِ، فَإِنَّهُ سَيَخَافُ يَومَ القِيَامَةِ.

    روى الطَّبَرَانِيُّ في مُسنَدِ الشَّامِيِّينَ عَن شَدَّادِ بنِ أَوسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ لِعَبْدِي أَمْنَينِ ولا خَوْفَينِ، إِنْ هُوَ أَمِنَنِي في الدُّنيَا أَخَفْتُهُ يَومَ أَجْمَعُ عِبَادِي، وَإِنْ هُوَ خَافَنِي في الدُّنيَا أَمَّنْتُهُ يَومَ أَجْمَعُ فِيهِ عِبَادِي».

    أيُّها الإخوة الكرام: اُنظُرُوا إلى بِشَارَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِمَن خَافَ ذُنُوبَهُ، روى ابن ماجه عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ.

    فَقَالَ: « كَيْفَ تَجِدُكَ؟».

    قَالَ: أَرْجُو اللهَ يَا رَسُولَ اللهَِ، وَأَخَافُ ذُنُوبِي.

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ».

    هَل خِفْنَا اللهَ تعالى حَقِيقَةً؟

    أيُّها الإخوة الكرام: هَل خِفْنَا اللهَ تعالى حَقِيقَةً؟ هَل خِفْنَا عِقَابَهُ وسَطْوَتَهُ وبَطْشَهُ ونِقْمَتَهُ؟ أَينَ نَحنُ من سِيرَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ؟

    هذا سَيِّدُنَا عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، كَانَ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ انتَفَضَ انتِفَاضَ الطَّيْرِ، وَبَكَى حَتَّى تَجِرِيَ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ.

    وَبَكَى لَيلَةً فَبَكَى أَهْلُ الدَّارِ، فَلَمَّا تَجَلَّتْ عَنهُمُ العَبْرَةُ قَالَت فَاطِمَةُ: بِأَبِي أَنتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، مِمَّ بَكَيتَ؟

    قَالَ: ذَكَرتُ مُنْصَرَفَ القَومِ من بَينِ يَدَيِ اللهِ تعالى، ﴿فَريقٌ في الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ في السَّعِيرِ﴾. ثُمَّ صَرَخَ وَغُشِيَ عَلَيهِ.

    وهذا سَيِّدُنَا مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَسْكُنُ رَوْعُهُ وَلا يَأْمَنُ اضْطِرَابُهُ حَتَّى يَخْلُفَ جِسْرَ جَهَنَّمَ خَلْفَ ظَهْرِهِ.

    وهذا مَيْسَرَةُ بنُ أَبِي مَيْسَرَةَ كَانَ إذا أَوَى إلى فِرَاشِهِ يَقُولُ: لَيتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي.

    فَتَقُولُ لَهُ امْرَأَتُهُ: يَا أَبَا مَيْسَرَةَ، إِنَّ اللهَ قَد أَحسَنَ إِلَيكَ، وَهَدَاكَ إلى الإِسْلامِ.

    قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّ اللهَ قَد بَيَّنَ لَنَا أَنَّا وَارِدُوا النَّارِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّا صَادِرُونَ عَنهَا.

    وهذا سَيِّدُنَا الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يَمُرُّ بِشَابٍّ وهوَ مُسْتَغْرِقٌ في ضَحِكِهِ، جَالِسٌ مَعَ قَومٍ، فَقَالَ لَهُ الحَسَنُ: يَا فَتَى، هَل مَرَرْتَ بالصِّرَاطِ؟

    قَالَ: لا.

    قَالَ: فَهَلْ تَدْرِي إِلَى الجَنَّةِ تَصِيرُ أَمْ إِلَى النَّارِ؟

    قَالَ: لا.

    قَالَ: فَمَا هذا الضَّحِكُ؟

    قَالَ: فَمَا رُؤِيَ ذلكَ الفَتَى بَعْدَهَا ضَاحِكَاً.

    وهذا سَيِّدُنَا عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما يُسأَلُ عن الخَائِفِينَ فَقَالَ: قُلُوبُهُم بالخَوْفِ قَرِحَةٌ، وَأَعْيُنُهُم بَاكِيَةٌ، يَقُولُونَ: كَيفَ نَفرَحُ والمَوْتُ من وَرَائِنَا، وَالقَبْرُ أَمَامَنَا، وَالقِيَامَةُ مَوْعِدُنَا، وَعَلَى جَهَنَّمَ طَرِيقُنَا، وَبَينَ يَدَيِ اللهِ رَبِّنَا مَوْقِفُنَا.

    خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: كَثِيرٌ من شَبَابِنَا اليَومَ يَتَسَاهَلُونَ بالذُّنُوبِ والمَعَاصِي، حَتَّى وَصَلُوا إلى حَدِّ الإِصْرَارِ الدَّائِمِ، والعَمَلِ المُقِيمِ على المَعَاصِي والذُّنُوبِ، دُونَ تَفْكِيرٍ في تَوبَةٍ أو إِقْلاعٍ عن المَعْصِيَةِ، أو إِنَابَةٍ إلى اللهِ تعالى.

    نَسِيَ هؤلاءِ قَولَ اللهِ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.

    نَسِيَ هؤلاءِ سِيرَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وسِيرَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، الذينَ كَانُوا مَعَ اسْتِقَامَتِهِم يَخَافُونَ اللهَ تعالى.

    لقد بَكَى سَيِّدُنَا الحَسَنُ البَصرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى بُكَاءً شَدِيدَاً، فَسَأَلُوهُ: مَا يُبْكِيكَ؟

    فَتَلا عَلَيهِم قَولَ اللهِ تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾.

    وقَولَهُ تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾.

    لِنَتَذَكَّرْ جَمِيعَاً قَولَ اللهِ تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾. وقَولَ اللهِ تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ واللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾.

    لَعَلَّ هذا الخَوفَ يَجعَلُنَا أن نَكُفَّ أَيدِيَنَا وأَلسِنَتَنَا عن إِيذَاءِ المُسلِمِينَ.

    اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 19/5/2024, 18:51