..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ بالعدل قامت السماوات والأرض ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 1/10/2020, 18:52

    مع الحبيب المصطفى: بالعدل قامت السماوات والأرض
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    31ـ بالعدل قامت السماوات والأرض

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: لقد أكرَمَنا اللهُ عزَّ وجلَّ بِتَشريعٍ عَظيمٍ، من سِماتِهِ أنَّهُ من التَزَمَهُ صارَ حيَّاً، ومن تَرَكَهُ كانَ مَيِّتَ الأحياءِ، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُور﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُون﴾.

    من سِماتِ هذا التَّشريعِ الحَنيفِ العَدلُ والإِنصافُ، ولم يَكُن في يومٍ مِنَ الأيَّامِ، ولا في سَاعَةٍ مِنَ السَّاعَاتِ مُنصِفاً بينَ أتباعِهِ جَائِراً على غَيرِهِم، حتَّى ولو كَانوا من أبغَضِ الخَلقِ إليهم، قال تعالى مُؤَكِّداً على هذا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون﴾.

    بالعَدلِ قامَتِ السَّماواتُ والأرضُ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: العَدلُ هوَ المُساواةُ في المُكافَأةِ، إنْ خَيراً فَخَيرٌ، وإنْ شَرَّاً فَشَرٌّ ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ فالعَدلُ هوَ المُساواةُ في المُكافَأةِ، وأمَّا الإحسَانُ فَهُوَ أَن يُقابَلَ الخَيرُ بِخَيرٍ أعظَمَ، وأَن يُقابَلَ الشَّرُّ بِأقلَّ منهُ، والأَفضلُ أن يُقابَلَ بالخَيرِ.

    ربُّنا عزَّ وجلَّ أمَرَ بالعَدلِ، ورَغَّبَ بِالإحسَانِ، وبِالعَدلِ قامَتِ السَّماواتُ والأرضُ، وهذا ما قالَهُ اليَهودُ وأقَرُّوا به قَولاً، وجانَبوهُ سُلُوكاً وعَمَلاً، بل قالوا: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾.

    أخرج الإمام أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما أَنَّهُ قَالَ: أَفَاءَ ـ أي: رَدَّ ـ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَقَرَّهُمْ ـ أي: أثبَتَهُم ـ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا، وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَبَعَثَ عَبْدَ الله بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ ـ أي: لِتَمْيِيزِ حَقِّ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِهَا لِاخْتِلَافِ الْمُصَرِّفِينَ ـ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَنْتُمْ أَبْغَضُ الْخَلْقِ إِلَيَّ، قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَبْتُمْ عَلَى الله، وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ ـ أي: أجورَ عليكم ـ قَدْ خَرَصْتُ ـ أي: حَزَرتُ ـ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ ـ أي: حِملٍ ـ مِنْ تَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي ـ أَيْ: إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ كُلَّهُ وَتَضْمَنُونَ نَصِيبَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَنَا كُلَّهُ وَأَضْمَنُ مِقْدَارَ نَصِيبِكُمْ ـ فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَدْ أَخَذْنَا فَاخْرُجُوا عَنَّا.

    لا تَعتِب على ظالِمٍ إنْ كُنتَ ظالِماً:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: شَأنُ العُقَلاءِ أن تَتطابَقَ أقوالُهُم معَ أَفعالِهِم، وإلا فَهُم ليسُوا بِعُقَلاءَ، قال تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير﴾.

    فالعَبدُ إنْ لم يَكُن عَادِلاً كانَ ظالِماً، ومن كانَ ظَالِماً فَليسَ من حَقٍّهِ أن يَعتِبَ على ظَالِمٍ مِثلِهِ، ومن استَحضَرَ يومَ القِيامَةِ وأهوَالَها كانَ مُنصِفاً معَ غَيرِهِ ولو كَانَ يُبغِضُهُ أشَدَّ البُغضِ، أمَّا من غَابَ عنهُ يَومُ القِيامَةِ وَقَعَ في الظُّلمِ، وكانَ عندَهُ مِكيالانِ، مِكيالٌ لمن أحَبَّ، ومِكيالٌ لمن أبغَضَ، قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين﴾.

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: بِتَطبيقِ العَدلِ يَظهَرُ قُبحُ الظُّلمِ، وخاصَّةً إذا كانَ العَدلُ معَ من تُبغِضُهُ، والعَدلُ في هذهِ الحالَةِ صَعبٌ جدَّاً على النُّفوسِ، ولكنَّهُ يَهونُ باستِحضارِ الآخِرَةِ، لأنَّ تَصفِيَةَ الأمورِ في اليَومِ الآخِرِ، حيثُ النَّتيجَةُ: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ﴾ لمن عَدَلَ وأحسَنَ لمن أساءَ إليهِ ﴿وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير﴾ لمن جارَ وظَلَمَ وبَغى وطغى.

    العَدلُ بينَ الأولادِ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: ما يَجري في واقِعِنا من ثِمارِهِ أنْ كَرَّهَ إلينا الظُّلمَ والظَّالِمينَ، وحَبَّبَ إلينا العَدلَ والعَادِلينَ، ما يَجري في واقِعِنا دَفَعَ الجَميعَ لِنَبذِ الظُّلمِ وازدِراءِ الظَّالِمِ، والكُلُّ يَتَطَلَّعُ إلى الله تعالى أن يُريَنا عَجائِبَ قُدرِتِهِ في القومِ الظَّالِمينَ.

    ولكن مِنَ الإنصَافِ أنْ نَكونَ صَادِقينَ معَ أنفُسِنا، ومن العَدلِ أنْ نَصِفَ أنفُسَنا: هل نحنُ ظالِمونَ أم لا؟

    من صُوَرِ الظُّلمِ التي انتَشَرَت في المجتَمَعِ عَدَمُ العَدلِ بينَ الأولادِ في العَطِيَّةِ، وإنْ أتَيتَ تُحَدِّثُ الوالِدَ الذي لم يَعدِل بينَ أولادِهِ رَأيتَهُ يُبَرِّرُ لكَ جَورَهُ وظُلمَهُ، وإذا ذَكَّرتَهُ بحديثِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأيتَهُ مُتَحَيِّراً ومُتَرَدِّداً، ولا يَعرَفُ جَوابَاً إذا سَمِعَ الحديثَ الشَّريفَ، إلا أنْ يقولَ: أنا حُرٌّ في مالي أتَصَرَّفُ به كيفَ أشاءُ.

    اِسمَعوا أيُّهَا الإخوَةُ الكرام إلى ما رواه الإمام البخاري عَنْ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

    فَأَتَى رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ الله.

    قَالَ: «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»

    قَالَ: لَا.

    قَالَ: «فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ».

    قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.

    وفي روايةٍ للإمام مسلم عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا، فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً، ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي.

    فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ، فَأَتَى رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا.

    فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟»

    قَالَ: نَعَمْ.

    فَقَالَ: «أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟»

    قَالَ: لَا.

    قَالَ: «فَلَا تُشْهِدْنِي إِذاً، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ».

    وفي روايةٍ للإمام مسلم أيضاً عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي.

    فَقَالَ: «أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟»

    قَالَ: لَا.

    قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي».

    ثُمَّ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً».

    قَالَ: بَلَى.

    قَالَ: «فَلَا إِذاً».

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: العاقِلُ هوَ الذي يَعرِفُ نتائِجَ تَصَرُّفاتِهِ، لأنَّهُ قد يَقولُ قائِلٌ: إنَّ هذا الأمرَ للإباحَةِ وليسَ للوُجوبِ، كما قالَ بعضُ الفقهاءِ، فأقول: هذا صحيحٌ، ولكن أيُّهُما الأحوَطُ لِدِينِكَ، العَدلُ أم الجَورُ في العَطِيَّةِ؟ هذا أولاً.

    ثانياً: أما تَرَونَ إلى نَتَائِجِ هذا الجَورِ بينَ الأَولادِ، بينَ الإخوَةِ والأخَواتِ؟

    ثالثاً: أما تَرَونَ هذا الأمرَ حيثُ يَزيدُ الوالِدُ وَلَدَهُ عُقوقاً لِوالِدَيهِ، وبُغضاً وشَحناءَ لإخوَتِهِ؟

    رابعاً: أما تَرَونَ إلى قَطيعَةِ الرَّحِمِ بِسَبَبِ هذا؟

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: من القواعِدِ المسَلَّمَةِ في دِينِنا: (دَرءُ المَفاسِدِ مُقَدَّمٌ على جَلبِ المَصالِحِ) ويقولُ سيِّدُنا عَمرو بنُ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: ليسَتِ الحِكمَةُ أن تُدرِكَ الفَرقَ بينَ الخَيرِ والشَّرِّ، أو الفَرقَ بينَ الحلالِ والحرامِ، ولكنَّ الحِكمَةَ أن تُدرِكَ أيَّ المنفَعَتَينِ أعلى، وأيَّ الضَّرَرَينِ أكبر. اهـ.

    التَّلاعُبُ بالوَصِيَّةِ بِقَصدِ حِرمانِ بعضِ الوَرَثَةِ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: من صُوَرِ الظُّلمِ والجَورِ التَّلاعُبُ بالوَصِيَّةِ بِقَصدِ حِرمانِ بعضِ الوَرَثَةِ من التَّرِكَةِ، وهذا من الظُّلمِ القَبيحِ الذي قد يُوصِلُ صَاحِبَهُ إلى نارِ جَهَنَّمَ والعِياذُ بالله تعالى، روى الإمام أحمد وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً، فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً، فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ».

    ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ الله وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم * وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِين﴾.

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إنَّ الاستِجابَةَ لله تعالى، ولسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تُحَقِّقُ لنا سَعادَةَ الدُّنيا والآخِرَةِ، وتَجعَلُنا بِحَقٍّ أحياءَ، ونَعيشُ عيشةً طَيِّبَةً مُبارَكَةً كريمَةً.

    عليَّ وعلَيكُم بالعَدلِ في أقوالِنا وأفعالِنا وأحوالِنا معَ من أحبَبنا، ومعَ من أبغَضنا إن كانتِ البغضاءُ في قُلوبِنا لا قَدَّرَ اللهُ تعالى، اللَّهُمَّ أكرِمنا بذلكَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 19/5/2024, 07:43