مع الحبيب المصطفى: أشهد أني رسول الله
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
30ـ أشهد أني رسول الله
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: لقد اهتَمَّ الإسلامُ بالعَدلِ اهتِمامَاً عَظِيماً، وبَيَّنَ أنَّ إقامَةَ العَدلِ بينَ النَّاسِ ـ جميعِ النَّاسِ، لا فَرقَ بينَ مُؤمِنٍ وكَافِرٍ، وقَرِيبٍ وبَعِيدٍ، ومَحبُوبٍ ومَبغُوضٍ ـ ليسَت مِن الأمورِ التَّطَوُّعِيَّةِ التي تُترَكُ لِمَزاجِ الحَاكِمِ وهَواهُ، بل إنَّ إقامَةَ العَدلِ بينَ النَّاسِ في دِينِنا تُعَدُّ من أقدَسِ العِباداتِ والواجِباتِ التي يُتَقَرَّبُ بها إلى الله تعالى، بل هوَ من جملَةِ التَّكاليفِ الشَّرعِيَّةِ التي كَلَّفَ اللهُ تعالى بها عِبادَهُ المؤمنينَ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾.
وهذا ما أكَّدَ عليه سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بعضِ أحاديثِهِ الشَّريفَةِ:
أولاً: روى الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ ـ العادِلين ـ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ، وَمَا وَلُوا».
ثانياً: روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُفَارِقَكُمْ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي مَالٍ وَلَا نَفْسٍ». لأنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كانَ بِمَنزِلَةِ القاضي والحاكِمِ في الأمَّةِ، وهوَ في الحَقيقَةِ فوقَ هذا المستَوى بِكَثيرٍ، فهوَ رسولُ الله وخَليفَةُ الله تعالى في الأرضِ.
ثالثاً: روى الطبراني في الأوسط عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال : قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إذا حَكَمتُم فاعدِلوا، وإذا قَتَلتُم فأحسِنوا، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ مُحسِنٌ يُحِبُّ الإحسانَ».
أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ الله:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَحَقَّقَ بالعُبودِيَّةِ لله تعالى، وأظهَرَ الأحكامَ الشَّرعِيَّةَ على أجمَلِ صُورَةٍ من خِلالِ سِيرَتِهِ العَطِرَةِ، فكانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَقِّقُ العَدلَ بينَ النَّاسِ كما أمَرَ اللهُ تعالى، دونَ النَّظَرِ بينَ صحابِيٍّ جليلٍ وبينَ عَدُوٍّ لله تعالى ولِرَسولِهِ وللمسلمينَ.
من صُوَرِ هذا العَدلِ عَدلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بينَ سيِّدِنا جابِرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما وبينَ رجُلٍ يَهودِيٍّ.
روى الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ، وَكَانَ يُسْلِفُنِي فِي تَمْرِي ـ أي: يَشتَري تَمرِي سَلَفاً ـ إِلَى الْجِدَادِ ـ أي: زمَنَ قَطعِ النَّخلِ ـ وَكَانَتْ لِجَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ الْأَرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ ـ وهي البئرُ التي اشتَراها سيِّدُنا عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنهُ وجَعَلَها وَقْفاً لله تعالى من رَجُلٍ من بني غِفارٍ، اسمُهُ: رومة ـ
يقولُ سيِّدُنا جابِرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: فَجَلَسَتْ ـ يعني الأرض ـ فَخَلَا عَاماً ـ أي: تأخَّرَ السَّلَفُ عاماً ـ فَجَاءَنِي الْيَهُودِيُّ عِنْدَ الْجَدَادِ وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا شَيْئاً ـ أَقطَعُ منهَا ـ، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ إِلَى قَابِلٍ فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنْ الْيَهُودِيِّ».
يقولُ سيِّدُنا جابِرُ رَضِيَ اللهُ عنهُما: فَجَاؤُونِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ الْيَهُودِيَّ.
فَيَقُولُ: أَبَا الْقَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: يَجِبُ علينا أن لا يَغيبَ عن أذهانِنا أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ معَ عِظَمِ شَأنِهِ وقَدْرِهِ، وهوَ في ظَاهِرِ الأمْرِ الحاكِمُ الأعلى في المدينَةِ المنوَّرَةِ، واليَهودِيُّ فَردٌ من أفرادِ الأمَّةِ التي تَعيشُ تحتَ كَنَفِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: فلمَّا رأى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إصرَارَ اليهوديِّ، قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ ـ يعني: اليهوديَّ ـ فَكَلَّمَهُ، فَأَبَى.
يقولُ سيِّدُنا جابِرُ رَضِيَ اللهُ عنهُما: فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَكَلَ.
ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ ـ العريشُ: هو ما يُستَظَلُّ به عندَ الجُلوسِ تَحتَهُ ـ
فَقَالَ: «افْرُشْ لِي فِيهِ».
فَفَرَشْتُهُ، فَدَخَلَ، فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى ـ أي: من الرُّطَبِ ـ فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ.
فَقَامَ فِي الرِّطَابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ، جُدَّ ـ اِقطَع ـ وَاقْضِ».
فَوَقَفَ فِي الْجَدَادِ، فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ مِنْهُ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ.
فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ الله».
وفي روايةٍ ثانيةٍ للإمام البخاري: فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ.
فَقَالَ: «أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ».
فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا.
اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: العَدلُ هوَ أقرَبُ للتَّقوى، وخاصَّةً إذا صَدَرَ العَدلُ من القَوِيِّ، سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِشَخصِيَّتِهِ العَظيمَةِ يَتَوَسَّطُ بينَ سيِّدِنا جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ وبينَ اليَهودِيِّ، الذي هوَ مُستَأمَنٌ ومُعاهَدٌ في المَدينَةِ المنوَّرَةِ، يَعيشُ تَحتَ رِعايَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ويُكثِرُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الكلامِ والاستِشفاعِ عندَ اليَهودِيِّ، واليَهودِيُّ يَرفُضُ ويُصِرُّ على قَولِهِ: أَبَا الْقَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ.
من أينَ جاءَت هذهِ الجُرأةُ لليَهودِيِّ، واليَهودُ هُم أخوَفُ الخَلقِ، قال تعالى: ﴿لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُون﴾؟
لقد جَاءَت هذهِ الجُرأةُ لليَهودِيِّ من مَعرِفَتِهِ بِسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ عَدلٌ، وأنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هوَ الذي أَوصى أمَّتَهُ بأهلِ الذِّمَّةِ بقولِهِ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَو انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ،فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داوود عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً. (دِنْيَةً: يعني مُتَّصِلوا النَّسَبِ)
فإنْ كانَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوصي أمَّتَهُ بذلكَ، فهوَ أوَّلُ الملتَزِمينَ بذلكَ بلا رَيب.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ما نَظَرَ في هذهِ القَضِيَّةِ إلى حُبِّهِ لِسَيِّدِنا جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، ولا لِقُربِهِ منهُ، وما نَظَرَ إلى اليَهودِيِّ ولا لِتَاريخِهِمُ الأَسوَدِ وعَقيدَتِهِمُ الفَاسِدَةِ، بل نَظَرَ إلى إقامَةِ العَدلِ، فالحَقُّ معَ اليَهودِيِّ، ويَجِبُ على سيِّدِنا جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أن يُسَدِّدَ الوَاجِبَ الذي عليهِ، والحَقُّ أحَقُّ أن يُتَّبَعَ.
نَعَم، أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: هذا هوَ دِينُنا، وهذا هوَ نبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وهذا هوَ شَرعُنا، فهل نَحنُ مُلتَزِمونَ بذلكَ؟ وهل نَحنُ نَمِيلُ مَعَ الحَقِّ حيثُ كَانَ، دُونَ النَّظَرِ إلى العَواطِفِ من حُبٍّ وبُغضٍ في حَقِّ من نَتَعامَلُ معَهُم؟
اللَّهُمَّ رُدَّنا إليكَ ردَّاً جميلاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
30ـ أشهد أني رسول الله
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: لقد اهتَمَّ الإسلامُ بالعَدلِ اهتِمامَاً عَظِيماً، وبَيَّنَ أنَّ إقامَةَ العَدلِ بينَ النَّاسِ ـ جميعِ النَّاسِ، لا فَرقَ بينَ مُؤمِنٍ وكَافِرٍ، وقَرِيبٍ وبَعِيدٍ، ومَحبُوبٍ ومَبغُوضٍ ـ ليسَت مِن الأمورِ التَّطَوُّعِيَّةِ التي تُترَكُ لِمَزاجِ الحَاكِمِ وهَواهُ، بل إنَّ إقامَةَ العَدلِ بينَ النَّاسِ في دِينِنا تُعَدُّ من أقدَسِ العِباداتِ والواجِباتِ التي يُتَقَرَّبُ بها إلى الله تعالى، بل هوَ من جملَةِ التَّكاليفِ الشَّرعِيَّةِ التي كَلَّفَ اللهُ تعالى بها عِبادَهُ المؤمنينَ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾. وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾.
وهذا ما أكَّدَ عليه سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بعضِ أحاديثِهِ الشَّريفَةِ:
أولاً: روى الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ ـ العادِلين ـ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ، وَمَا وَلُوا».
ثانياً: روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أُفَارِقَكُمْ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي مَالٍ وَلَا نَفْسٍ». لأنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كانَ بِمَنزِلَةِ القاضي والحاكِمِ في الأمَّةِ، وهوَ في الحَقيقَةِ فوقَ هذا المستَوى بِكَثيرٍ، فهوَ رسولُ الله وخَليفَةُ الله تعالى في الأرضِ.
ثالثاً: روى الطبراني في الأوسط عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال : قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إذا حَكَمتُم فاعدِلوا، وإذا قَتَلتُم فأحسِنوا، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ مُحسِنٌ يُحِبُّ الإحسانَ».
أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ الله:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَحَقَّقَ بالعُبودِيَّةِ لله تعالى، وأظهَرَ الأحكامَ الشَّرعِيَّةَ على أجمَلِ صُورَةٍ من خِلالِ سِيرَتِهِ العَطِرَةِ، فكانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَقِّقُ العَدلَ بينَ النَّاسِ كما أمَرَ اللهُ تعالى، دونَ النَّظَرِ بينَ صحابِيٍّ جليلٍ وبينَ عَدُوٍّ لله تعالى ولِرَسولِهِ وللمسلمينَ.
من صُوَرِ هذا العَدلِ عَدلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بينَ سيِّدِنا جابِرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما وبينَ رجُلٍ يَهودِيٍّ.
روى الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ، وَكَانَ يُسْلِفُنِي فِي تَمْرِي ـ أي: يَشتَري تَمرِي سَلَفاً ـ إِلَى الْجِدَادِ ـ أي: زمَنَ قَطعِ النَّخلِ ـ وَكَانَتْ لِجَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ الْأَرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ ـ وهي البئرُ التي اشتَراها سيِّدُنا عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنهُ وجَعَلَها وَقْفاً لله تعالى من رَجُلٍ من بني غِفارٍ، اسمُهُ: رومة ـ
يقولُ سيِّدُنا جابِرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: فَجَلَسَتْ ـ يعني الأرض ـ فَخَلَا عَاماً ـ أي: تأخَّرَ السَّلَفُ عاماً ـ فَجَاءَنِي الْيَهُودِيُّ عِنْدَ الْجَدَادِ وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا شَيْئاً ـ أَقطَعُ منهَا ـ، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ إِلَى قَابِلٍ فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنْ الْيَهُودِيِّ».
يقولُ سيِّدُنا جابِرُ رَضِيَ اللهُ عنهُما: فَجَاؤُونِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ الْيَهُودِيَّ.
فَيَقُولُ: أَبَا الْقَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: يَجِبُ علينا أن لا يَغيبَ عن أذهانِنا أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ معَ عِظَمِ شَأنِهِ وقَدْرِهِ، وهوَ في ظَاهِرِ الأمْرِ الحاكِمُ الأعلى في المدينَةِ المنوَّرَةِ، واليَهودِيُّ فَردٌ من أفرادِ الأمَّةِ التي تَعيشُ تحتَ كَنَفِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: فلمَّا رأى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إصرَارَ اليهوديِّ، قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ ـ يعني: اليهوديَّ ـ فَكَلَّمَهُ، فَأَبَى.
يقولُ سيِّدُنا جابِرُ رَضِيَ اللهُ عنهُما: فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَكَلَ.
ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ ـ العريشُ: هو ما يُستَظَلُّ به عندَ الجُلوسِ تَحتَهُ ـ
فَقَالَ: «افْرُشْ لِي فِيهِ».
فَفَرَشْتُهُ، فَدَخَلَ، فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى ـ أي: من الرُّطَبِ ـ فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ.
فَقَامَ فِي الرِّطَابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا جَابِرُ، جُدَّ ـ اِقطَع ـ وَاقْضِ».
فَوَقَفَ فِي الْجَدَادِ، فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ، وَفَضَلَ مِنْهُ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرْتُهُ.
فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ الله».
وفي روايةٍ ثانيةٍ للإمام البخاري: فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ.
فَقَالَ: «أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ».
فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا.
اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: العَدلُ هوَ أقرَبُ للتَّقوى، وخاصَّةً إذا صَدَرَ العَدلُ من القَوِيِّ، سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِشَخصِيَّتِهِ العَظيمَةِ يَتَوَسَّطُ بينَ سيِّدِنا جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ وبينَ اليَهودِيِّ، الذي هوَ مُستَأمَنٌ ومُعاهَدٌ في المَدينَةِ المنوَّرَةِ، يَعيشُ تَحتَ رِعايَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ويُكثِرُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الكلامِ والاستِشفاعِ عندَ اليَهودِيِّ، واليَهودِيُّ يَرفُضُ ويُصِرُّ على قَولِهِ: أَبَا الْقَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ.
من أينَ جاءَت هذهِ الجُرأةُ لليَهودِيِّ، واليَهودُ هُم أخوَفُ الخَلقِ، قال تعالى: ﴿لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُون﴾؟
لقد جَاءَت هذهِ الجُرأةُ لليَهودِيِّ من مَعرِفَتِهِ بِسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ عَدلٌ، وأنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هوَ الذي أَوصى أمَّتَهُ بأهلِ الذِّمَّةِ بقولِهِ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَو انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ،فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داوود عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً. (دِنْيَةً: يعني مُتَّصِلوا النَّسَبِ)
فإنْ كانَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوصي أمَّتَهُ بذلكَ، فهوَ أوَّلُ الملتَزِمينَ بذلكَ بلا رَيب.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ما نَظَرَ في هذهِ القَضِيَّةِ إلى حُبِّهِ لِسَيِّدِنا جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، ولا لِقُربِهِ منهُ، وما نَظَرَ إلى اليَهودِيِّ ولا لِتَاريخِهِمُ الأَسوَدِ وعَقيدَتِهِمُ الفَاسِدَةِ، بل نَظَرَ إلى إقامَةِ العَدلِ، فالحَقُّ معَ اليَهودِيِّ، ويَجِبُ على سيِّدِنا جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أن يُسَدِّدَ الوَاجِبَ الذي عليهِ، والحَقُّ أحَقُّ أن يُتَّبَعَ.
نَعَم، أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: هذا هوَ دِينُنا، وهذا هوَ نبِيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وهذا هوَ شَرعُنا، فهل نَحنُ مُلتَزِمونَ بذلكَ؟ وهل نَحنُ نَمِيلُ مَعَ الحَقِّ حيثُ كَانَ، دُونَ النَّظَرِ إلى العَواطِفِ من حُبٍّ وبُغضٍ في حَقِّ من نَتَعامَلُ معَهُم؟
اللَّهُمَّ رُدَّنا إليكَ ردَّاً جميلاً. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
27/4/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
27/4/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
27/4/2024, 16:58 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
27/4/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
27/4/2024, 16:54 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
27/4/2024, 16:52 من طرف Admin
» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
27/4/2024, 16:47 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:58 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:57 من طرف Admin
» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:55 من طرف Admin
» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:54 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:52 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:51 من طرف Admin
» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
24/4/2024, 15:43 من طرف Admin
» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:42 من طرف Admin