كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري
المقالة السابعة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 3139 - 3148
قال آخر له : يا من سلكت الطريق إلى الحضرة ، أي بضاعة تكون في ذلك المكان رائجة ؟
فإن تخبرنا ، فإننا سنحمل ما هو أكثر رواجا هناك ما دمنا قد تعلقنا بهذا الشوق .
ويجب أن تكون التحفة نفيسة تلك التي تقدم للملوك ، ومن يتقدم بلا هدية ، فهو بلا ريب غاية في البخل والخسة . . .
قال ( الهدهد ) : أيها السائل ، إن تطع الأمر ، فلن يكون هناك شيء ناقص حتى تحمله ؟
وإذا كان كل ما تحمله من هنا موجود هناك ، فكيف يكون حمله جميلا منك ؟
هناك العلم والأسرار ، كما أن طاعة الملائكة هناك متوفرة ، فكفاك حمل حرقة الروح وآلام القلب ، وليس لشخص أن يعطي غير هذا ،
فإن تصعد زفرة واحدة من الألم ، فإنها توصل رائحة الكبد أمام الحضرة .
ولب روحك هو المكان الخاص ، أما نفسك العاتية فما هي إلا قشور لروحك ، فإن تخرج زفرة واحدة من المكان الخاص ، فسرعان ما يصيب الفناء الرجل في التو والحال .
المقالة السابعة والثلاثون حكاية 1
الأبيات من 3149 - 3167
لما كانت زليخا تنعم بالصولة والعزة ، فقد ذهبت واعتقلت يوسف بالسجن ،
ثم قالت لأحد الغلمان : اطرحه أرضا في هذه الآونة ، ثم اضربه خمسين عصا محكمة وارفع عليه ذراعك بكل قسوة ، حتى أسمع آهاته من مكان بعيد في تلك الآونة .
أقبل الغلام وامتنع عن تنفيذ المهمة مدة طويلة ، فعندما رأى وجه يوسف ، لم يطاوعه قلبه ، وأخيرا رأى ذلك الرجل الخيرّ معطفا ، فهوى بيده بكل شدة ،
وضرب المعطف ، وكلما ضرب الرجل المعطف ضربة قوية ، تأوه يوسف وناح بشدة ، وعندما كانت زليخا تسمع النواح من بعيد ،
كانت تقول : اضربه واحدة أخرى أشد أيها الغلام الجلد .
قال الرجل : يوسف ، يا من له طلعة الشمس ، إن تلق زليخا نظرة عليك ، ولا ترى عليك أي جرح من أثر العصا ، فلا ريب أنها ستسلمني إلى العدم ، فاكشف عن كتفك وتمسك بالشجاعة ، وتحمل ضربة عصا مبرحة ، حتى ولو أصابتك الضربة بجرح ، فإن تنظر إليك ، تجد أثرا للضرب .
تعرى يوسف في ذلك الوقت ، فثارت الاضطرابات في السماوات السبع ، ثم رفع الرجل يده وهوى بضربة قوية ، طرحته أرضا . وعندما سمعت زليخا الآهة هذه المرة ،
قالت :كفى ، فهذه آهة صادقة ، قبل هذه كانت الآهات مصطنعة ، أما هذه الآهة فصادرة عن روح مضطربة .
إذا كان بالمأتم مائة باك ، فاهة صاحب المصاب هي المؤثرة وحدها ، ولو تحلق في مأتم مائة محزون ، فصاحب المأتم هو فص تلك الحلقة ،
وإن لم تكن رجل آلام ، فلن تكون رجلا في مصاف الرجال ، وكل من تسيطر عليه آلام العشق وحرقته ، كيف يجد الراحة والسكينة في ليله أو نهاره ؟ . .
المقالة السابعة والثلاثون حكاية 2
الأبيات من 3168 - 3176
كان لأحد السادة غلام زنجي جميل المحيا ، وقد طهر يده من أمور الدنيا ، وكان الغلام الطاهر في كل ليلة ، منهمكا في الصلاة حتى الصباح ،
فقال له سيده : أيها الغلام الحصيف ، أيقظني عندما تستيقظ بالليل ، حتى أتوضأ وأصلي معك . . .
أجابه الغلام قائلا : إن الراغب في آلام الطريق ، لا حاجة به لمن يوقظه ، فإن تكن ذا ألم فأنت في يقظة ، كما أنك في عمل متصل طوال الليل والنهار ، ولست متعطلا ، وإن كان يلزمك أحد ليوقظك ، فيلزمك آخر ليكمل لك عملك .
كل من لم تصبه هذه الحسرة وتلك الآلام ، فليخسأ ، لأنه ليس رجلا . وكل من عجن بآلام القلب ، فقد انمحت النار بالنسبة له وكذلك الجنة . . .
المقالة السابعة والثلاثون حكاية 3
الأبيات من 3177 - 3195
كان أبو علي الطوسي شيخ زمانه ، كما كان سالكا لوادي الجد والجهد ، وما وصل إليه من عز ودلال ، لا أعرف أحدا وصل إليه بأي حال ،
وقد قال :
غدا يتأوه أهل النار بكل شدة وحرقة ، عندما يرون أهل الجنة ماثلين أمامهم ، وسيكثرون من الحديث عن حالهم وكذا عن جمال الجنة ، وذوق الوصال ،
أما أهل الجنة فيقولون في ذلك الزمان : لقد انمحى جمال الفردوس ، ففي الجنة المليئة بالكمال ، بدت لنا شمس ذات الجمال ، وما أن اقترب منا جماله ، حتى أظلمت الجنات الثماني خجلا منه ، ولم يبق للخلد أي اسم أو أثر أمام نور هذا الجمال الذي تقدم الروح نثارا له . . .
بعد أن شرح أهل الجنة حالهم ، يجيبهم أهل النار قائلين :
يا من فرغوا من فردوس الجنان ، كل ما قلتموه هو هكذا ، وحيث أننا من أصحاب المكان المذموم فنحن غارقون في النار من أولنا إلى آخرنا ،
وعندما بدا وجه الحبيب واضحا أمامنا ، تملكتنا الحسرة والعجز من وجه الحبيب.
وما أن أدركنا أننا قد أخطأنا ، وعن مثل هذا الوجه افترقنا ، حتى أنستنا نار الحسرة المتأججة في قلبنا المحزون نار جهنم ، وتلاشت من ذاكرتنا .
في أي مكان تضطرم هذه النار ، فإنها تحرق أرواح العشاق وأكبادهم ، وكل من أصيب بالحسرة في طريقه ، قلما استطاع التخلص من الغيرة ،
وتلزمك الحسرة والآهة والجراح ، كما يلزمك الذوق والراحة في الجراحة ، فإن كنت قد جرحت في هذا المنزل ،
فإن روحك تكون محرما للخلوة ، وإن كنت مجروحا ، فلا تنطق بكلمة واحدة عن الدواء واكو جرحك ، ولا تنطق بحرف .
"" أبو علي الطوسي الفارمدي : شيخ حجة الإسلام الغزالي اسمه الفضل بن محمد بن علي الفارمدي ، وفارمد من قرى طوس ، لذا عرف بالفارمدي أو بالطوسي وكان شيخ شيوخ خراسان ، وتلميذا للإمام القشيري ، ومريدا للشيخ أبي القاسم الجرجاني توفي عام 477 هـ .
وقبره في طوس انظر سفينة الأولياء ، ص 75 . ونفحات الأنس، ص 370 ""
المقالة السابعة والثلاثون حكاية 4
الأبيات من 3169 - 3201
طلب رجل غاية في العجز من الرسول ، أن يسمح له بأداء الصلاة على مصلى الرسول ، فلم يسمح الرسول له بذلك ،
وقال له : إن الرمل والتراب ساخنان في هذا الوقت ، فضع وجهك على الرمل المتقد وعلى تراب المحلة ، فلكل عاشق إلهي أثر جرح في وجهه ،
فإن تر جراحة الروح فمن الأفضل أن يكون الوسم باديا على وجهك ،
وإن كنت لا تستطيع تحمل حرقة القلب ، فكيف تجذب أنظارنا نحوك ؟
ولتظهر وسم القلب ، ففي ميدان الألم ، يعرف أهل القلوب ، الرجل مما به من ألم . .
27/4/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
27/4/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
27/4/2024, 16:58 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
27/4/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
27/4/2024, 16:54 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
27/4/2024, 16:52 من طرف Admin
» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
27/4/2024, 16:47 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:58 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:57 من طرف Admin
» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:55 من طرف Admin
» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:54 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:52 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:51 من طرف Admin
» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
24/4/2024, 15:43 من طرف Admin
» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:42 من طرف Admin