..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3)

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3) Empty كتاب شرح الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم للعارف بالله عبد الكريم الجيلي ـ خطبة كتاب الكهف والرقيم (3)

    مُساهمة من طرف Admin 16/10/2020, 10:19

    المتجلي بصور العالم من إنسانه وحيوانه ونباتاته وجماداته

    منه قال رضي الله عنه : المتجلي بصور العالم من إنسانه وحيوانه ونباتاته وجماداته .

    أي الظاهر بسبب العالم من إنسانه - أي إنسان العالم - ، وكل ما يشمله اسم العالم فإنه به ظهر وبه هو ظهر .

    كما قال الإمام الأكبر - قدس سره - :

    ليس لأنواره ظهور ....... إلا بنا إذ لنا الظهور

    "" الفتوحات المكية : ج 4 ص 326 الباب التاسع والخمسون وخمسمأئة ""



    يريد بالأنوار الصفات والأسماء الإلهية ، التي لا ظهور لها إلا بوجود الخلق .

    ولأنه يستحيل ظهور أثر الرازق ولا مرزوق ، والخالق ولا مخلوق ، والقادر ولا مقدور عليه ، إلى غير ذلك مما هو أثر أسمائه وصفاته .

    فنحن مظهر تجليه الذي يظهر في عين ذلك الشيء فتبدو فينا الأمور ، لأنا مجلى كل شيء ومظهره ، لأن الحق الذي هو أصل جميع الأشياء إنما ظهر بنا من حيث ذواتنا وأعياننا ، فبنا تصور ، وفينا ظهر ، وذاك عين ما أراد ، ولو لم يرد لم يكن ، لأنه لا يكون إلا ما يريد ، وقد أراد فكان ما أراد ، كما قيل :

    قد كان ما كان ممّا [ لست ] أذكره * فظنّ خيرا ولا تسأل عن الخبركما قال - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - : “ تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذات الله “ ، لأن نعمه المعبر عنها بالآلاء مشهودة العين ، وأنت عينها بل هي أنت ، ( 2 ) أراد أن تتفكر في خلق سماواتك وأرضك فوسعها كما قال :إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ. سورة العنكبوت : الآية 56

    وهي معاني النسبة التي أنت مظهرها ومجلاها ، وأنت أثرها في أولاها وأخراها .

    فتفكر في سمائك ، وميز حقيقة معناك ، وبثّ على أرض فقرك من أرض غناك ، لكن أنت المعني بإقامة جدار كنز موساك ، حيث قدرت على استخراج ما به سعادة أخراك عند مولاك ، فليت شعري من المعني بخطاب مولاك أنت أم ذاك ؟ .

    وتجليه - سبحانه وتعالى - في كل ذرة من ذرات الوجود بلا كيف ولا شكل ولا تشبيه ، بل كما أراد وكيف أراد على الوجه المراد .

    فلمّا كان ذلك كذلك كان تجلّيه فيما ظهر فيه من غير حلول ، لأنه - سبحانه وتعالى - لا يحلّ في شيء ، ولا يحلّ فيه شيء ، ولا يتصل به ما هو منفصل عنه ، ولا ينفصل عنه ما هو متصل به ، فتعالى الله عن الاتصال والانفصال ، فإذا الأمر كما قيل :فما ثم إلا الحق ما ثم غيره * وما ثم من وما ثم فاصلوخلاصة هذا الكلام و [ زبدة ] هذا المعنى الذي تحيرت فيه الأنام ما ذكره المصنف - قدس سره - في “ شرح مشكلات الفتوحات المكية وفتح الأبواب المغلقة من العلوم اللدنية “ :



    “ إن الله تعالى هو المتجلي بأعيان الموجودات على حسب ما تقتضيه قابلية كل هيئة لكل موجود ، كما أن الصورة إنما تظهر في كل مرآة بحسب تلك المرآة ، فاختلفت الصور المرئية لاختلاف المرائي وحقيقة الصورة واحدة ، كما أن الحق - سبحانه وتعالى - واحد متعدد بحسب تعدد الموجودات ، وفي الحقيقة لا تعدد ، لأن الشيء

    "" الموجود في المصدر : لأن الشيء الواحد إذا تعدد بإعتبارات كثيرة راجعة إليه - المحقق . ""

    “ الوحداني متعدد باعتبارات كثيرة راجعة إليه ، هو واحد غير متعدد في نفسه ، وهذه الاعتبارات هي الأسماء والصفات التي هي أعيان الممكنات “ انتهى

    "" شرح مشكلات الفتوحات المكية : ذيل كلام الشيخ الأكبر : أشرقت أرض الأجسام بالنفوس""

    ولمّا كان كل مخلوق كالمرآة للحق ، وكانت تلك المرايا مختلفة في نفسها ومتفاضلة في بعضها ، كان أفضل مرآة فيها تصلح أن تكون لتجلي وجه الملك ، ولا أحسن من مرآة الإنسان ، فصار الإنسان مرآة الحق ، وبه نظر إلى مخلوقاته

    كما قال : “ كنت كنزا “ الخ ، فكان الظاهر من الكنز هو الحقيقة المحمدية المعبّر عنها من بعض وجودها بالعقل الأول وبالقلم الأعلى .

    ثم لما كان من له كمال التبعية في اللحوق المحمدي ناب منابه ، فكان منظور الحق في كل زمان ينظر الله به إلى مخلوقاته .

    واعلم أن لكل فرد من أفراد النوع الإنساني عنده قابلية الكمال الإلهي ، لكن ما كل أحد مستعد لذلك ، فالقابلية أصيلة في كل شخص ، لأنه مخلوق من الذات الإلهي ، ومن كان كذلك فهو ذو قابلية للكمالات الإلهية ، لكن الاستعداد هو الذي يبلغك مرتبة الكمال

    ، فمثل القابلية والاستعداد في الإنسان كمثل الصقال والمقابلة في المرآة ، لأن كل مرآة مصقولة لا بد أن تكون قابلة لتجلي وجه الملك فيها ،

    ولكن لا يحصل ذلك إلا للمرآة المستعدة لذلك .

    واستعدادها على قسمين :

    [ الأول ] : ضروري .

    [ الثاني ] : وغير ضروري .

    فأما غير الضروري فهو تزينها بأنواع الحلي يرتضيها الملك لنفسه ، لأن الملوك لا ترتضي أن تتخذ مرآة غير مزينة في الغالب ، ولا يبعد في النادر وقوع ذلك ، فمثل هذا القدر الغير الضروري مثل القيام بالشرائع للطالب .

    وأما الضروري للمرآة فهو مقابلتها لوجه الملك مقابلة مسامتة ، فإذا حصل ذلك تجلى وجه الملك فيها .

    قال المصنف - قدس سره - في الكمالات :

    “ فتزيّنك أيها الأخ ليصطفيك الملك لنفسه إنما هو بتجردك عما سواه ظاهرا وباطنا ، وتفرغك له شهودا ووجودا ، مع القيام بالشرائع ، ومقابلتك هو مقابلتك لأسمائه ثم صفاته ثم ذاته ، حتى يظهر لك منك فيك بأنه عينك ، ولك جميع ما له بحكم الاستغراق والشمول جملة وتفصيلا ،

    فتكون أنت عينه وهو عينك ، وعلى كل حال فما يكون إلا أحدكما ، وسقط الثاني . وإن شئت قلت : تكونان كلاكما موجودان [ موجودين ] لا بحكم الغيرية والتعدد ، فتكون ذاتكما واحدة وصورتكما تارة [ واحدة ] وتارة متعددة ، فاستعد أيها الإنسان لهذا الأمر العظيم الشأن . “ انتهي ، والله المستعان وعليه التكلان .

    "الكمالات الإلهية : نهاية الفصل الأول ."



    المتخلي في سرادق تنزيهه عن الفصل والوصل و

    ثم قال رضي الله عنه : المتخلي في سرادق تنزيهه عن الفصل والوصل ، والضد والند ، والكم والكيف ، والتجسم والتحديد والتقييد بتشبيهه أو تنزيهاته .

    اعلم - وفقك الله لمعرفة نفسك وإخراجك من ضيق رمسك - أن تجلي الحق في سرادق عزته لا يعلمه إلا هو ، وأن هذا التجلي لا يكون للمخلوق فيه نسبة ولا صلة ، فهو تجل واحد لواحد ، وهو الله الذي لا إله إلا هو ، فجميع التجليات الإلهية - التي للأكوان فيه نصيب - موجودة في هذا التجلي على أنها غير موجودة .

    فمثالها :وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى. سورة النحل ( 16 ) : الآية 60

    في وجودها وعدمه [ ا ] في هذا التجلي مثال وجود الأنجم مع وجود الشمس ، فإنك لا ترى مع الشمس نجما ، مع أنها غير معدومة في نفسها ، فإعدامها من حيث العين ، وإيجادها من حيث الحكم ، فهي بهذا الاعتبار موجودة الحكم ، معدومة العين ، كذلك سائر التجليات الإلهية بالنسبة إلى [ التجلي ] الذاتي الواحدي - المتنزه عن نسبة أو صفة موجودة حكما - مفقودة عينا من حيثك لا من حيثه ، فافهم .

    واعلم أن التجلي الكمالي الواحدي هو المراد بالتنزيه اللائق بذات الواجب الوجود - تعالى وتقدس - لأن تنزيهه عن التنزيه أي تنزيه الحق ، كما هو منزه عن تنزيه الخلق .

    وذلك لأن التنزيه في الاصطلاح عبارة عن إفراد - القديم سبحانه وتعالى - لأسمائه وأوصافه لنفسه بنفسه بطريق الأصالة والتعالي ، لا أن المحدث ماثله أو شابهه فانفرد الحق - سبحانه وتعالى - “ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا “ .

    فإذا ليس بأيدينا من التنزيه إلا التنزيه المحدث ، والتحق به التنزيه القديم ، لأن التنزيه المحدث ما بإزائه نسبة من جنسه ، ولأن اعتباره عندنا تعري الشيء عن حكم كان يمكن نسبته إليه .

    وليس بإزاء التنزيه القديم تشبيه من جنسه ، لأن الحق لا يقبل الضد ، ولا يعلم كيف تنزيهه .

    ولذا قالت الطائفة - رضي الله عنهم - : بتنزهه عن التنزيه ، لأن ذاته هي [ المنزّهة ] في نفسها .

    واعلم أن التنزيه للحق - سبحانه وتعالى - أمر عيني يشهده الكل من عباده وهم المحققون ، ولا يكون [ ذلك ] لسواهم لعدم الأكملية ، حتى العارف لا يدرك إلا إيمانا وتقليدا ، بخلاف التشبيه الإلهي فإنه حكمي في حقه تعالى .

    ثم التشبيه الإلهي محسوس ومعقول :

    فالمحسوس كقوله : “ رأيت ربي في صورة شاب أمرد “ .

    والمعقول كقوله : “ نوراني آراه “ .

    وهذا التشبيه هو عين ذلك التنزيه ، لأنه - سبحانه وتعالى - يظهر بكل صورة كيف يشاء ، ولا يمنعه الظهور الصوري تنزهه في عينه الأقدس ، فكما أعطيت التنزيه الإلهي حقه ، كذلك أعط التشبيه الإلهي حقه .

    وإلى ذلك أشار الإمام الأكبر - قدس سره - موطن الحكم بقوله :

    فإن قلت بالتشبيه كنت مقيدا .... وإن قلت بالتنزيه كنت محددا

    وإن قلت بالأمرين كنت مسددا .... وكنت إماما في المعارف سيدا

    "" فصوص الحكم : فص حكمة سبوحية في كلمة نوحية وباقي الأبيات :

    فمن قال بالإشفاع كان مشركا .... ومن قال بالإفراد كان موحدا

    فإياك والتشبيه إن كنت ثانيا .... وإياك والتنزيه إن كنت مفردا

    فما أنت هو بل أنت هو وتراه .... في عين الأمور مسرحا ومقيدا ""



    فمعنى قوله - رضي الله عنه - : أنك إن قلت بالتشبيه ولم تشهد التنزيه فقد قيدت الحق ، وهو منزه عن القيد .

    وإن قلت بالتنزيه وحده فقد حددت الحق ، وهو مقدس عن الحد .

    فقال لك : اجمع بين الأمرين ، فإنك لا تشهد تشبيها إلا بتنزيه ، ولا تنزيها إلا بتشبيه ، فتكون حينئذ مسددا في تشبيهك التنزيه وتنزيهك التشبيه ، وإماما يقتدى بك في علم المعارف الحقانية سيدا من السودد وهو الشرف على الغير ، ولا أعظم ولا شريف في الوجود ممن منحه الله هذا العلم وعرف حقائقه وفك علائقه وأنار صوايقه .

    وكنا قد أوعدنا أن نبين وجه الفرق بين تجلي الحق - سبحانه وتعالى - في المرتبة وتجليه في الظهور عند قوله : المتجلي في سرادق تنزيهاته الخ ، وهذا محله فنقول ، وبالله نصول :

    اعلم أن تجليات الحق - سبحانه وتعالى - على قلوب عباده لها من حيث المرتبة حكم ، ولها من حيث الظهور حكم .



    فحكمها من حيث المرتبة عدم الجهة ، وعدم الممانعة ، والحلول ، والاتصال ، والتشبيه ، والصورة ، والتغيير .

    وحكمها من حيث الظهور ما وقع به التعريف حالة التجلي على قلب المتجلى له ، فلا يستحيل إذا ظهورها بالجهة ، والممازجة ، والحلول ، والاتحاد ، والاتصال ، والتشبيه ، والصورة ، والتغيير .

    لأن الله - سبحانه وتعالى - يظهر فيما يشاء كما يشاء ، فلا يقيده حكم ، ولا يحصره حد ولا رسم ، فيظهر كيف يشاء وبلا كيفية ، ويحتجب كيف يشاء وبلا كيفية ، وله التنزيه والتشبيه والاختيار :وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ. سورة القصص: الآية 68

    فقد ظهر - سبحانه وتعالى - في الكوكب لإبراهيم عليه السلام ، ولموسى عليه السلام في النار ، ويظهر لأهل المعتقدات في المحشر ، وقد نسب إليه القدم واليد والوجه والعين والسمع والبصر والضحك في الكلام .

    وقد قال - صلى الله عليه و [ آله ] وسلم - : “ رأيت ربي في صورة شاب أمرد على سرير كذا في رأسه كذا وفي رجله كذا “ الحديث ، فهذه التي يعني بها التشبيه بالصورة على أنه في ظهورهما ينسب إليه من التشبيه منزه عن التجسيم والتصوير والحلول والجهة على الإطلاق ، وهذا هو التنزيه الذي أشير إليه بحكم المرتبة .

    فمن تقيد بحكم المرتبة وحجب عن حكم ظهوره رجع إلى مطلق التنزيه ، وأول جميع آيات التشبيه على وفق ما يقتضيه التنزيه ، لا على ما هو الأمر عليه .

    ومن حجب عن حكم المرتبة بالظهور سنح إلى التشبيه المطلق فقال بالتجسيم والحلول والاتحاد ، تعالى الله :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. سورة الصافات: الآية 180.



    وكلا الطائفتين محقون من وجه ، ومبطلون من وجه ، فإياك أن تعتقد تنزيها بلا تشبيه ، أو تشبيها بلا تنزيه ، بل كن منزها إن ظهر فيما تعرف به من التشبيه ، ولا تسلب عنه ما نسب إلى نفسه من التشبيه إن عرفته بالتنزيه .

    قال المصنف - قدس سره - في الإنسان الكامل :

    اعلم أن للحق تشبيهين :

    تشبيه ذاتي وهو ما عليك [ عليه ] من صور الموجودات المحسوسة ، أو ما يشبه المحسوسات في الخيال .

    وتشبيه وصفي وهو ما عليه صور المعاني الأسمائية المنزهة عما يشبه المحسوس في الخيال ، وهذه الصورة تتعقل في الذهن ولا تتكيف في الحس ، فمتى تكيفت التحقت بالتشبيه الذاتي ، لأن التكييف من كمال التشبيه ، والكمال بالذات أولى ، فبقي التشبيه الوصفي وهو [ هذا ] ما لا يمكن التكييف فيه بنوع من الأنواع ولا حين يضرب [ ولا جنس بضرب ] المثل .

    ألا ترى الحق - سبحانه وتعالى - كيف ضرب المثل عن نوره الذاتي بالمشكاة والمصباح والزجاجة ، وكان الإنسان صورة هذا التشبيه الذاتي ، لأن المراد بالمشكاة صدره ، و [ ب ] الزجاجة قلبه ، وبالمصباح سرّه ، وبالشجرة المباركة الإيمان بالغيب ، وهو ظهور الحق في صورة الخلق ، والإيمان به هو الإيمان بالغيب .

    "" لأن معنى الحق غيب في صورة شهادة الخلق - الجملة ساقطة في المصدر المطبوع - المحقق . ""

    والمراد بالزيتونة الحقيقة المطلقة التي لا نقول بأنها من كل الوجوه حق ، ولا بأنها من كل الوجوه خلق .

    وكانت الشجرة الإيمانية لا شرقية فنذهب إلى “ 1 “ التنزيه المطلق بحيث أن ننفي “ 2 “ التشبيه ، ولا غربية فنقول بالتشبيه المطلق حتى أن ننفي التنزيه ، فهي تعصر بين قشر التشبيه ولب التنزيه ، وحينئذ “ يكاد زيتها “ 3 “ يضئ “ 4 “ ولو لم تمسسه نار “ المعاني “ 5 “ التي هي نور عياني وهو نور التشبيه ، على نور إيماني وهو نور التنزيه :يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” . سورة النور: الآية 35

    فكان هذا التشبيه تشبيها ذاتيا ، وهو وإن كان ظاهرا بنوع من ضرب المثل ، فذلك المثل أحد صور حسنه ، كما لو ظهر العلم في صورة اللبن في عالم المثال ، فإن تلك الهيئة البنية أحدى صور معاني العلم بحمله له ، فكل مثل ظهر فيه الممثل به ، فإن المثل أحدى صور الممثل به ، لظهوره به وحمله له فافهم .

    فكانت المشكاة والمصباح والزجاجة والشجرة والزيت واللاشرقية واللاغربية والإضائة والنار ... والنور الذي هو نُورٌ عَلى نُورٍ"سورة النور: الآية 58 "جميعها بظواهر مفهومها صور. ذاتية لجمال ذات الله تعالى :وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” . سورة النور : الآية 35

    [ وهو ] معنى جماله ، لأن العلم معنى في العالم بالشيء فافهم انتهى "" الإنسان الكامل : الباب الحادي عشر في التشبيه""



    سبوح سبحت أسمائه في بحار كنهه فغرقت دون الوصول إلى غاياته

    ثم قال رضي الله عنه : سبوح سبحت أسمائه في بحار كنهه فغرقت دون الوصول إلى غاياته .

    أشار - رضي الله عنه - إلى أن أسمائه وصفاته - تعالى - غير واقعة على ذاته حقيقة كما هي الذات عليه ، بل للذات أمر من خلاف الأسماء والصفات ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - بسط الكلام في ذلك عند قوله : فتحيرت تحير الله أعني اسم الله في عين ذاته .

    واعلم - أيدك الله لتوفيقه - أن هذه الكلمات المعبّر عنها والإشارات المترجم عنها [ عاجزة للدلالة ] على ذات الحق - تعالى - كائنة ما كانت ، بل حاسرة خاسرة أن تقع على حقيقة أسمائه وصفاته ، لأنها لا حقة بذاته .

    وإنما تلك إشارات من الكمّل - رضي الله عنهم - ليوصلوا إلينا حقائق التوحيد ومعارف التفريد في سطور هذه العبارات ورموز هذه الإشارات ، فكل إشارة دلت عليه فقد أضربت عن حقيقته صفحا وكل عبارة أهدت إليه فقد ضلّت عنه جمحا .

    والمراد بالبحر في قوله : سبحت أسمائه في بحر كنهه العلم الذاتي .

    والكنه عبارة عن الذات ، وذلك العلم هو محل الذات ، ليس للقديم محل سوى علمه ، فغرقت أسمائه وصفاته دون الوصول إلى غايات ما للذات .

    فإن للذات أسماء مستأثرات لم يكن للاسم الله الاطلاع عليها ، فهي من خصائص الذات .

    وللاسم الله أسماء مستأثرات لم يكن للأسماء اطلاع عليها فهي من مستأثراته حتى عن الاسم الرحمن .

    فإذا كان الاسم الله لم يكن له ما للذات من كل الوجوه فبقية الأسماء من باب أولى ، لأنها بالنسبة إليه سدنة بين يديه ، ومن ثمّ وصفها بأنها غرقت - أي استهلكت - في ذاته - تعالى - ، فبطن عنها معرفة ما لذاتها كما هي الذات عليه ، وتنزهت الذات عن [ اتصافها ] بأسمائها بها .

    ومن ثمّ عبّرت الطائفة - رضي الله عنهم - بأن الذات ليس من حيث هي هي ليس لها بأيدينا اسم معين ولا [ صفة ] معينة ، لأنها حضرة الجمع والوحدة ، وجمع الحضرات وفرقها ، فليس لها مما تعرف الله به أيضا اسم ولا صفة ولا نعت ، لأن الأسماء والصفات للتعيين والتمييز والفرق ، وليس هناك وجهة فتتميز عن أخرى ، ولا صفة فيتعين ثبوتها على معنى دون غيرها ، ولا ثم إلا وجود مطلق محض [ واقع ] للاسمية والوصفية والذاتية .



    ولهذا ذهبت طائفة من أهل الله إلى أن الأسماء كلها أسماء صفات حتى اسمه الله واسمه الرحمن ، نظرا إلى هذه الحضرة الذاتية التي لا يقع عليها اسم - مما تعرف به إلينا - ولا نعت ولا وصف ولا صفة بوجه من الوجوه ، لأن الصفة إنما تكون لأجل التعرف بمعنى من معاني الكمالات الإلهية ، والاسم إنما يكون لأجل العلمية حتى لا يقع التنكير ، وليس لحضرة الحضرات تخصيص ولا تنكير ولا تعريف ولا ظهور ولا بطون ولا نسب ولا إضافة ولا تعبير ولا غيبة ولا شهادة .

    ولأجل ذلك قيل فيها أنها حقيقة الحقائق ، لأنها لا تتقيد باسم العدم ولا باسم الوجود ، وعبر عنها مجازا بحضرة الحضرات ، لأنها لا تتعين ولا تنحصر بحضرة دون

    أخرى ، فلا يقع عليها اسم من الأسماء على التخصيص ، ولو وقع عليها اسم من الأسماء التي تعرف بها إلينا لم يبق عند الله اسم مستأثر ، وعدم وقوع الأسماء على الحضرة الذاتية هو عين الاستيثار .

    فالحضرة الذاتية كنهها اسمها ، واسمها عينها ، وعينها علمها بها .

    فلأجل ذلك استحال أن يكون للمخلوق منها نصيب بوجه من الوجوه ، فلا سبيل إلى معرفة ذات الله تعالى .

    فإن كنت غيره فليس لك فيه قدم ، وإن كنت عينه فاعرفه أنت .

    فهنا كلت العبارات ، وضاعت الإشارات ، وانقطعت السبل ، وحسرت الإدراكات ، وغرقت سفائن الأسماء والصفات في هذا البحر الذي ليس له ساحل اسم ولا فيه منهج رسم ، فلا يعلم ما هو إلا هو .

    فلذا عبر بقوله : سبوح وهو المبالغ في التسبيح الذي هو التنزيه ، وهذا هو تنزيه ذاته في ذاته بذاته ، فغرقت دون الوصول إلى ذلك التنزيه سفائن أسمائه وصفاته .

    فاعتبر ذلك في ميزانك ، واطلب الفيض من رحمانك ، عساه يسعفك بترجمانك ، ليقيم لك شرك المعارف ، لعلك تنال درجة المحقق العارف ،وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ. سورة الزخرف : الآية 4 . وهو يهدي إليه من أراده له فلا يكله عليه .



    متصف بكل وصف ، مؤتلف بكل ألف ، مجتمع بكل جمع ، ممتنع بكل منع.

    ثم قال رضي الله عنه : متصف بكل وصف ، مؤتلف بكل ألف ، مجتمع بكل جمع ، ممتنع بكل منع ، مفترق بكل فرق ، مطلق بكل طلق ، مقيد بكل قيد ، محدود بكل تحديد ، مقدس متنزه في تشبيهاته .

    اعلم أن الاتصاف ، والائتلاف ، والاجتماع ، والافتراق ، والانطلاق ، والتقييد ، والتحديد ، والتقديس ، والتشبيه لا يمنع أن يقع على الله - سبحانه وتعالى - على الوجه الذي قررناه والحكم الذي بيناه من جوازه عليه من حيث التجلي الظهوري .

    ويمنع أن يقع عليه من حيث التجلي في المرتبة المقتضية للتنزيه الإلهي ، فما أورد - قدس سره - هذه الألفاظ إلا ليفهمك معنى صرافة التوحيد إن كنت ممن يفهم ، وإلا فلو أتتك الحقائق فجأة لكنت بها غير بصير وبعلمها غير خبير .



    جعلنا الله وإياك ممن سمع عنه ، وأخذ حقيقة علمه منه .[ مقدس متنزه في تشبيهاته ]

    وأشار بقوله : مقدس متنزه في تشبيهاته مع أن المقدس هو المتنزه لنكتة أراد أن يفرق بها بين التنزيه الذاتي والتنزيه الصفاتي .

    وذلك أن اسمه القدوس هو الذي تنزه عن سائر صفات النقص من الاتصاف والائتلاف والاجتماع والامتناع إلخ ما تحويه مرتبة النقص فهو المنزه عنها تنزيها ذاتيا لا تنزيها صفاتيا .

    قال المصنف قدس سره في الكمالات :

    “ والفرق بين التنزيه الذاتي والتنزيه الصفاتي :

    أن التنزيه الذاتي هو سلبك الشيء عمن ليس ذلك الشيء من صفاته بوجه من الوجوه ، كما تسلب الخشبة في اللؤلؤة فتقول : أنزه اللؤلؤة أن تكون خشبة .

    والتنزيه الصفاتي هو سلبك الشيء عما لا تقتضيه صفاته ، كما تسلب الجور والظلم عن الملك إذا تصرف فيما هو يملك .

    فتقول : ما ظلم ، بل تصرف في ملكه لا في ملك غيره ، فتسلب عنه صفة الظلم ، لاقتضاء صفاته المالكية لا لذاته .

    فالقدوس هو المنزه عن النقائص كلها تنزيها ذاتيا ، وهذا الاسم اسم صفة ، وصفة هذا الاسم هي القدسية [القدوسية] ، وهي عبارة عن التجلي الأقدسي الأول المنزه عن حكم المظاهر الخلقية .



    والفرق بين التجلي الأقدسي والتجلي القدسي :

    أن التجلي القدسي عبارة عن ظهوره في المظاهر الخلقية بحكم التنزيه عن نقائصها . والتجلي الأقدسي عبارة عن ظهوره لنفسه من غير مظاهر خلقية .

    فالأقدسية تجليه الغيبي - بالغين المعجمة - ،

    والقدسية تجليه الشاهدي العيني - بالعين المهملة - .

    وحضرة القدس هي عبارة عن محل ظهوره في أي محل كان الظهور ، وذلك المحل هو علمه بنفسه ، وحضرة القدس هو علمه بنفسه ، لأنه يظهر في علمه له ، والله أعلم . “ انتهى. "الكمالات الإلهية : الفصل الأول : الاسم السادس من الأسماء الإلهية : القدوس"



    لا يحصره الأين ولا يخلو منه ، ولا تدركه العين ولا يستتر عنه ، خالق معنى الخلق



    ثم قال رضي الله عنه : لا يحصره الأين ولا يخلو منه ، ولا تدركه العين ولا يستتر عنه ، خالق معنى الخلق عرض على جوهر هو حقيقة ذلك الجوهر ولا عرض يعتريه ( 1 ) ، أي : ولا عارض يعترضه في خلقه للخلق ، رازق معنى الرّزق [ تنزّله ] في رتبة سمّاها خلقا ليوفي [ بها ] حكم مرتبته الأخرى على ما تطلبه الحكمة أو يقتضيه حكم تقديراته .

    قوله - قدس سره - : لا يحصره الأين الخ

    اعلم أن الأين هو المكان ، والله - تعالى - منزه عن المكان ، ولا يخلو منه .

    أي ولا يخلو الأين منه ، لأن الأين مخلوق ، وكل مخلوق محفوظ بنظر الله - سبحانه وتعالى - ، وهو الذي لولاه لما كان الأين المخلوق أينا مخلوقا .

    ولا تدركه العين الخلقية كما قال :لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ. سورة الأنعام: الآية 103 .

    في إدراكه ، بحيث أن ذلك اللطف اقتضى أن لا يدرك لغيره ، "وهوالْخَبِيرُ" بأنه لا يدرك لسواه ، وهو يدرك سواه ، فلا في الكون على الحقيقة إلا إياه .

    خالق معنى الخلق

    وهو أرواحهم المدبرة لأجسامهم ، والمقصود من الخلق معنى الخلق ، وهو الروح التي قام بها الجسم .

    عرض على جوهر يعني أنه - سبحانه وتعالى - خلق الخلق وهي الأجسام ، ومعانيها وهي الأرواح ، وذلك الخلق هو عرض على جوهر ، فالعرض هو الجسم ، والجوهر هو الروح ، والله حقيقة العرض والجوهر ، لعدم وجود شيء بنفسه ، وإنما وجود الأشياء بالله ، فكما أن الروح مخلوقة لله ، كذلك العرض مخلوق لله ، والله حقيقة كل مخلوق ، وتلك الحقيقة هي الشيء المشار إليه في قوله تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ سورة القصص: الآية 88 .

    أي إلا وجه ذلك الشيء .[ هو حقيقة ذلك الجوهر ]

    وقوله : هو حقيقة ذلك الجوهر

    كما قال تعالى :وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قليلا ” سورة الإسراء: الآية 85 .

    ، فالمراد بالجوهر في قوله : هو حقيقة ذلك الجوهر الروح الإلهية التي هي عين أرواحنا ، لكن بنسبتها إلينا قيل حادثة ، وبنسبتها إليه قديمة ، وهي الروح الإضافية في قوله تعالى ":وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي". .سورة الحجر: الآية 29 ، وسورة ص: الآية 72

    فعند أهل الظاهر أن النفخ إنما وقع في آدم وحده ، وعند المحققين - رضي الله عنهم - أن النفخ الإلهي واقع في كل فرد من أفراد الآدمي .[ ولا بعرض يعتريه ]

    وقوله : ولا بعرض يعتريه .

    أي أن الحق من حيث هو حقيقة جوهر ذاتك ، لا يلحق بذلك الجوهر عرض من حيث الحق لا من حيثك ، والجوهر واحد ، لكن بنسبته إليك اعترته الأعراض ،

    وبنسبته إلى الحق لا تعتريه الأعراض ، لعدم جوازها عليه ، سبحان من ليس بعرض ولا جوهر .[ رازق معني الرزق ]

    وقوله : رازق معني الرزق ( 1 ) ، اعلم أن معنى الرزق هو السر الذي جعله الله - سبحانه وتعالى - في الغذاء المحسوس ، فالغذاء المحسوس حامل للرزق المعنوي فيه الذي هو أثر اسمه الرازق ، فالغذاء صورة حسية باطنة [ باطنه ] صورة معنوية غير مشهودة بالكيفية .

    ومن ثمّ عبّر أمير المؤمنين علي - كرم الله وجهه - بقوله حين سئل فيمن جعل في بيت وطين عليه ، من أين يأتيه رزقه ؟ قال : “ من حيث يأتيه أجله “ ، فافهم هذا السر وتدبره .[ ينزله في مرتبة سماها خلقا . . . . . ]

    وقوله : ينزله في مرتبة سماها خلقا ليوفي حكم مرتبة أخرى

    أي ينزل ذلك المحمول في الرزق في المرتبة النباتية - وهي الثامنة والثلاثون من مراتب الوجود - وهي من جملة الخلق - أي المرتبة النباتية –

    فلذلك قال المصنف - قدس سره - :

    سماها خلقا ، أي أن الحق سمّى تلك المرتبة النباتية خلقا ، لأن ما سواه خلقه ، فهي سواه ، فهي خلقه .

    وقوله : ليوفي حكم مرتبة أخرى ،، أي من مراتب الوجود ، وهي المرتبة الحيوانية والإنسانية الموجد لهما - سبحانه وتعالى - المرتبة النباتية الحاملة للمعنى المرزوقين به بواسطة حملها ، وذلك لاقتضاء هذه الدار ، لأن أمورها لا تنال بغير واسطة ، فسبحان الحكيم العليم .

    وقوله : على ما تطلبه الحكمة أو يقتضيه حكم تقديراته ، لأن أمر الدنيا منوط بالحكمة ، وشأن الحكمة الإلهية إعطاء كل ذي حق حقه بالقسطاس العدل ، أو بما

    يقتضيه حكم تقديراته ، لأنه " يَفْعَلُ ما يَشاءُ” سورة آل عمران: الآية 40 ،" ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ " سورة الحج: الآية 18 ،

    وفعله عدل ، لأن الكون لا يستحق على بارئه شيئا من الأشياء ، فهو الذي أوجد وأولى ، ثم طهّر من شاء وزكّى ، ثم مدح من وفق لذلك وأثنى ، وأثاب عليه الجزاء الأوفى ، فله الفضل بدء وعودا ، والحمد أولى وأخرى .



    مجهول في حقيقة غيب : “ كنت كنزا لم اعرف

    ثم قال رضي الله عنه : مجهول في حقيقة غيب : “ كنت كنزا لم اعرف “ بعد تعرّفه إلى خلقه بما عرف من تعريفاته .

    اعلم أن الحق سبحانه وتعالى هو الذي تعرّف إلى خلقه ليعرفوه .

    وتعرّفه الذي به عرفوه هو الظاهر في الكنز المخفي .

    والظاهر في الكنز المخفي هو الحقيقة المحمدية .

    وبعد هذا التعرّف من الحق لخلقه هو باق على ما عليه كان ، كما قال سيد أهل هذا المقام عليه الصلاة والسلام : “ كان الله ولا شيء معه “ ، أي كان الله قبل أن يخلق وبعد خلق الخلق في غيبه الأحدي المجهول لخلقه من كل الجهات .

    ومن ثمّ أشار شيخ الطائفة الجنيد - قدس سره - بعد قوله عليه السلام : “ كان الله ولا شيء معه “ فقال : “ وهو الآن على ما عليه كان “ .

    فعلم من هذا أنه - سبحانه وتعالى - لم يزده ظهور الخلق ووجودهم مرتبة لم تكن له ، لأن ظهورهم ووجودهم مرتبة من المراتب ، وكل مرتبة - حقية كانت أو خلقية - فهي لله بطريق الأصالة لا منازعة في ذلك .

    فكان في غيبه قبل ظهور المراتب ومع ظهور المراتب وبعد ظهور المراتب ، وهو الذي ظهر فيها ومعها وقبلها ، لا بقبلية زمان ، ولا معية مكان ، ولا بعدية أوان .



    وقوله : مجهول في حقيقة غيب “ كنت كنزا مخفيا لا أعرف “

    أشار بذلك من حيث التجلي الذاتي الذي هو واحد لواحد [ لا أحد ] وهو المعبر عنه بتجلي النقطة فإنها غيب الغيب ، وهو الذي أشار إليه في قوله : مجهول في حقيقة غيب كنت كنزا كما نقول : زيد مجهول في غيب الدار ، فالدار ظاهر ، وباطنه غيب ، وزيد باطن ذلك الغيب ، فإذا هو غيب الغيب .

    فلمّا لم يكن لأحد من المخلوقين قوة قابلية على شهود ذلك التجلي أقرّوا بالعجز عن معرفته ، فقال الصديق الأكبر - رضي الله عنه - : “ العجز عن إدراك الإدراك إدراك “ وفي رواية : “ العجز عن درك ذاك إدراك “ ، فقال سيد أهل هذا المقام : “ ما عرفناك حق معرفتك ، أنت كما أثنيت على نفسك “ ، فرجع إلى الله في معرفة الله بالله ، وأحال أنه كما يعلم نفسه ، وأبان هو - سبحانه وتعالى - معنى ذلك ، فقال مخاطبا عما هنالك :وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ”. سورة الأنعام: الآية 91 ، وسورة الزمر: الآية 67 .



    ثم لمّا كانت رتبة الصديقية دون مرتبة النبوة قال صاحبها بلفظ العجز صريحا عن حاله ، فقال صاحب الختام معبرا عن عجز الأنام : “ ما عرفناك حق معرفتك “ ، على لسان أمته ، معتذرا لهم عند المعروف الذي لا يعرف لسواه .

    وعن نفسه : “ أنت كما أثنيت على نفسك “ أي عني .

    ومن ثم كان هو الكنز المخفي المتعرف به إلى خلقه ليعرفوه به ، فعرفه خلقه به .

    ومعرفتهم له دون معرفته بنفسه ، لكن تلك حسب استطاعتهم كما قال تعالى :اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ . سورة آل عمران: الآية 102

    ، ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى لا يأمر العبد تكليفا بما لا يمكنه القيام به .



    فحق التقوى هو حق المعرفة بالله تعالى ، وهو ممكن بدليل قوله تعالى :فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. سورة التغابن: الآية 16 .

    والاستطاعة الإنسانية تقوى لذلك .

    وعلمنا أن المراد بالتقوى من باب العبادة وهي المعرفة بدليل قوله تعالى :وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ". سورة الذاريات: الآية 56

    وأطبق العلماء بالله على معناه ليعرفون ، فلمّا تفسرت العبادة بالمعرفة علمنا أنها المراد بالتقوى ، وليس التقوى إلا عين العبادة ، وليست العبادة إلا عين المعرفة ، فأنفس العباد مفطورة على معرفة الله تعالى .

    وإلى ذلك أشار بقوله عليه الصلاة والسلام : “ كل مولود يولد فعلى الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه “ ، يعني أن الكل على الفطرة الأصلية ، التي هي عبارة عن حقيقة التوحيد المأخوذ عليهم فيه العهد ، حيث قال الله تعالى لهم :أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى. سورة الأعراف: الآية 172.

    فهم مولودون على تلك الفطرة :لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ". سورة الروم: الآية 30

    فهم على ذلك في كل حال ، والتهود والتنصر يرجعان إلى طريق المعرفة المختصة بهم من حيث ما أتت الرسل به فافهم .

    فإذا ما في الوجود جاهل به أبدا - سواء كان كافرا ، أو مؤمنا - فما ثمّ إلا عارف وأعرف منه .

    وغاية ما في الباب أن الكافر أنكر وجود الله - تعالى - من حيث الصفات الكمالية الإلهية ، وأثبته من الوجود الخلقي ، لأنه لا يقدر أن ينفي الموجودات ، ولمّا أثبتها فقد أثبت وجود الله ضمنا لأنه المتجلي بحقائق الموجودات في الموجودات لا كشيء في شيء ، فمن أثبت وجود موجود فقد أثبت وجود الله - تعالى - على ما هو له بذلك الاعتبار ، وعرفه من ذلك الوجه حق المعرفة .



    قال المصنف - قدس سره - في حقيقة الحقائق :

    “ ولهذا آل الكل إلى السعادة ، لأنه القائل : سبقت رحمتي غضبي ، ومن لاحظ هذا المعنى عرف ما أشار إليه محيي الدين بن العربي - رضي الله عنه - من ذكره لفرعون في كتاب الفصوص “ انتهى .


      الوقت/التاريخ الآن هو 19/5/2024, 07:26