كتاب المحبة والشوق والأنس والرضى ـ 16 ـ باب التفكر ـ أبو الفرج ابن قدامة

16ـ باب التفكر

قد أمر الله سبحانه بالتفكر والتدبر فى كتاب العزيز، وأثنى على المتفكرين بقوله‏:‏ ‏{‏ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 191‏]‏ وقال‏:‏ ‏{‏إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏3‏]‏‏.‏

وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏تفكروا فى آلاء الله ولا تفكروا فى الله‏"‏ (4).‏

قال أبو الدرداء رضى الله عنه‏:‏ تفكر ساعة خير من قيام ليلة‏.‏وقال وهب بن منبه‏:‏ ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم، وما فهم إلا علم، وما علم إلا عمل‏.‏

وقال بشر الحافي‏:‏ لو تفكر الناس فى عظمة الله تعالى لما عصوه‏.‏وقال الفريابى فى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق‏}‏ ‏[‏ الأعراف‏:‏ 147‏]‏، قال‏:‏ أمنع قلوبهم من التفكر فى أمري‏.‏

وكان داود الطائى على سطح فى ليلة قمراء، فتفكر فى ملكوت السموات والأرض، فوقع فى دار جار له، فوثب عرياناً وبيده السيف، فلما رآه قال‏:‏ يا داود، ما الذي ألقاك‏؟‏ قال‏:‏ ما شعرت بذلك‏.‏

وقال يوسف بن أسباط‏:‏ إن الدنيا لم تخلق لينظر إليها، بل لينظر بها إلى الآخرة‏.‏ وكان سفيان من شدة تفكره يبول الدم‏.‏

وقال أبو بكر الكتاني‏.‏ روعة عند انتباهة من غفلة، وانقطاع عن حظ نفساني، وارتعاد من خوف قطيعة، أفضل من عبادة الثقلين‏.‏