ولما تميزت به هذه الطائفة بما تميزت به من النظر في أفعال القلوب والاهتمام بها وتقديمها على أفعال الجوارح في الشرعيات والعاديات كما قال الجنيد رضي الله عنه :"إذا رأيت الصوفي يُعنى بظاهره فعلم أن باطنه خراب". فاختصوا بهذا الاسم لقبًا لهم وعلمًا عليهم.
وقد تكلف بعضهم فيه الاشتقاق. ولم يساعدهم القياس، فقيل : من لبس الصوف. والقوم لم يختصوا بلباس دون لباس. وإنما فعل ذلك بعض من تشبه بهم، وتخيل من لباسهم الصوف في بعض الأوقات تقلُّلًا وزهدًا أنه شعار لهم، فأُعجب بهذا الظن حتى حمله على الاشتقاق منه، وما لبس الصوف من لبسه منهم إلا تقلُّلاَ وزهدَا، إذ كانوا يؤثرون التَّحلي بالفقر في كل حال شأن من لم يجعل الدنيا أكبر همه. قال صلى الله عليه وسلم :(لا تجعلوا الدنيا أكبَر همِّكم فتُهْلِككُم كما أَهلَكَتْ مَن قَبلَكُم)، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه : (كُن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل). وفد قيل أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يُرَقِّعُ ثوبَه بالجلد.
وقال آخرون : اشتقاقه من الصُّفة، وأن أصل هذه الطريقة مأخود من أهل الصُّفة، وهم المهاجرون الذين اختصُّوا بالسُّكنى في صفّة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل أبي هريرة الدَّوسي، وأبي ذر الغفاري، وبلال الحبشي، وصهيب الرّومي، وسلمان الفارسي.
واعلم أنّ أهل الصّفة لم يكونوا مختصين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقة في العبادة، بل كانوا أسوة الصحابة في العبادة والقيام بوظائف الشريعة، وإنما اختصّوا بملازمة المسجد للغربة والفقر، فإنَّ المهاجرين من قريش نزلوا على أنظارهم من الأوس والخزرج، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، وبقي الغرباء فآواهم إلى نفسه وأسكنهم مسجده، وأمر بمواساتهم، وكان يتفقدهم ويحملهم معه إلى الذّعوات.
وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل قال : (وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيءاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها). هذا مع أن قياس النسب إلى الصُّفة يأباه. وكذلك من قال :إنه مشتق من الصفاء.
فلم يبق إلا أنه وضِع لهذه الطائفة علماً لهم يتميَّزون به، ثم تصَرفَ في ذلك اللقب بالاشتقاق منه فقيل : متصوِّفٌ، وصوفيٌّ، والطريقة تصوف، وللجماعة متصوفون وصوفيون.
وإذا تقرر أنه علمٌ على هذه الطريقة فلْنَأتِ بالقول الذي يشرحُ ذلك المعنى على طريقة المعدود والرسوم فنقول : التصوف رعاية حسن الآداب مع الله في الأعمال الباطنة والظاهرة بالوقوف عند حدوده، مقدماً الاهتمام بأفعال القلوب، مراقباً خفاياها، حريصاً بذلك على النجاة. فهذا هو الرسم الذي يميز هذه الطريقة في نفسها، ويعطي تفسيرها على ما كانت عليه عند المتأخرين من السلف والصدر الأول من المتصوفة، حتى غلب استعمالها اللفظ في طريقة المجاهدة المفضِيَّة إلى رفعِ الحجاب على ما نقرره الآن ونوضح من شأنها.
وقد تكلف بعضهم فيه الاشتقاق. ولم يساعدهم القياس، فقيل : من لبس الصوف. والقوم لم يختصوا بلباس دون لباس. وإنما فعل ذلك بعض من تشبه بهم، وتخيل من لباسهم الصوف في بعض الأوقات تقلُّلًا وزهدًا أنه شعار لهم، فأُعجب بهذا الظن حتى حمله على الاشتقاق منه، وما لبس الصوف من لبسه منهم إلا تقلُّلاَ وزهدَا، إذ كانوا يؤثرون التَّحلي بالفقر في كل حال شأن من لم يجعل الدنيا أكبر همه. قال صلى الله عليه وسلم :(لا تجعلوا الدنيا أكبَر همِّكم فتُهْلِككُم كما أَهلَكَتْ مَن قَبلَكُم)، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه : (كُن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل). وفد قيل أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يُرَقِّعُ ثوبَه بالجلد.
وقال آخرون : اشتقاقه من الصُّفة، وأن أصل هذه الطريقة مأخود من أهل الصُّفة، وهم المهاجرون الذين اختصُّوا بالسُّكنى في صفّة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل أبي هريرة الدَّوسي، وأبي ذر الغفاري، وبلال الحبشي، وصهيب الرّومي، وسلمان الفارسي.
واعلم أنّ أهل الصّفة لم يكونوا مختصين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريقة في العبادة، بل كانوا أسوة الصحابة في العبادة والقيام بوظائف الشريعة، وإنما اختصّوا بملازمة المسجد للغربة والفقر، فإنَّ المهاجرين من قريش نزلوا على أنظارهم من الأوس والخزرج، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، وبقي الغرباء فآواهم إلى نفسه وأسكنهم مسجده، وأمر بمواساتهم، وكان يتفقدهم ويحملهم معه إلى الذّعوات.
وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل قال : (وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيءاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها). هذا مع أن قياس النسب إلى الصُّفة يأباه. وكذلك من قال :إنه مشتق من الصفاء.
فلم يبق إلا أنه وضِع لهذه الطائفة علماً لهم يتميَّزون به، ثم تصَرفَ في ذلك اللقب بالاشتقاق منه فقيل : متصوِّفٌ، وصوفيٌّ، والطريقة تصوف، وللجماعة متصوفون وصوفيون.
وإذا تقرر أنه علمٌ على هذه الطريقة فلْنَأتِ بالقول الذي يشرحُ ذلك المعنى على طريقة المعدود والرسوم فنقول : التصوف رعاية حسن الآداب مع الله في الأعمال الباطنة والظاهرة بالوقوف عند حدوده، مقدماً الاهتمام بأفعال القلوب، مراقباً خفاياها، حريصاً بذلك على النجاة. فهذا هو الرسم الذي يميز هذه الطريقة في نفسها، ويعطي تفسيرها على ما كانت عليه عند المتأخرين من السلف والصدر الأول من المتصوفة، حتى غلب استعمالها اللفظ في طريقة المجاهدة المفضِيَّة إلى رفعِ الحجاب على ما نقرره الآن ونوضح من شأنها.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin