عناية الله به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منذ صغره (3)
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلَاً فَأَغْنَى﴾. فَالمَعْنَى: وَجَدَكَ ذَا عَيْلَةٍ ـ أَيْ: إِقْلَالٍ ـ أَوْ ذَا عِيَالٍ، فَأَغْنَاكَ رَبُّكَ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَفَتَحَ عَلَيْكَ أَبْوَابَ الرِّزْقِ وَالخَيْرِ الكَثِيرِ.
قَالَ الإِمَامُ القَسْطَلَانِيُّ في المَوَاهِبِ: قَالَ الحَلِيمِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ: مِنْ تَعْظِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُوصَفَ بِمَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ أَوْصَافِ الضَّعَةِ ـ أَيْ: النَّقْصِ ـ فَلَا يُقَالُ: كَانَ فَقِيرَاً. اهـ.
لِأَنَّهُ يُوهِمُ النَّقْصَ، وَأَنَّهُ فَقِيرٌ قَهْرَاً لَا اخْتِيَارَاً.
قَالَ القَسْطَلَانِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَ القَاضِي عِيَاضٌ في الشِّفَا، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السَّبْكِيُّ في كِتَابِ: السَّيِفِ المَسْلُولِ، أَنَّ فُقَهَاءَ الأَنْدَلُسِ أَفْتَوْا بِقَتْلِ حَاتِمٍ المُتَفَقِّهِ الطُّلَيْطِلِيِّ وَصَلْبِهِ، لِاسْتِخْفَافِهِ بِحَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَسْمِيَتِهِ إِيَّاهُ أَثْنَاءَ مُنَاظَرَتِهِ بِاليَتِيمِ، وَزَعْمِهِ أَنَّ زُهْدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ قَصْدَاً، وَلَوْ قَدِرَ عَلَى الطَّيِّبَاتِ أَكَلَهَا. اهـ، قَالَ الشَّارِحُ الزَّرْقَانِيُّ: وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ ـ هَذِهِ ـ الثَّلَاثِ كَافِيَةٌ في القَتْلِ بِلَا اسْتِتَابَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى. اهـ.
وَنَقَلَ القَسْطَلَانِيُّ، عَنِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ السَّبْكِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقِيرَاً مِنَ المَالِ قَطُّ وَلَا حَالُهُ حَالُ فَقِيرٍ، بَلْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَغْنَى النَّاسِ، فَقَدْ كَفَى أَمْرَ دُنْيَاهُ في نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ.
وَكَانَ الشَّيْخُ السَّبْكِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يَقُولُ في الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينَاً، وَتَوَفَّنِي مِسْكِينَاً، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ» المُرَادُ بِهِ اسْتِكَانَةُ القَلْبِ.
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: أَيْ: تَوَاضُعَ القَلْبِ وَانْكِسَارَهُ إلى اللهِ تعالى، لَا المَسْكَنَةُ التي هِيَ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَقَعُ مَوْقِعَاً مِنْ كِفَايَتِهِ.
وَكَانَ يُشَدِّدُ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ ذَلِكَ. اهـ.
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ نَفِيسٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ المَنْفِيَّ سُؤَالُ مَسْكَنَةٍ تَرْجِعُ إلى القِلَّةِ وَعَدَمِ الكِفَايَةِ. اهـ.
وَقَدْ سَبَقَ إلى ذَلِكَ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ حَيْثُ قَالَ: إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ مَسْكَنَةً تَرْجِعُ إلى القِلَّةِ، بَلْ إلى الإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَالَ العَلَّامَةُ الزَّرْقَانِيُّ: وَنَحْوُهُ قَوْلُ الغَزَالِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اسْتِعَاذَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الفَقْرِ، لَا تُنَافِي المَسْكَنَةَ، لِأَنَّ الفَقْرَ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ:
الأَوَّلُ: الافْتِقَارُ إلى اللهِ تعالى، وَالاعْتِرَافُ بِالذُّلِّ وَالمَسْكَنَةِ لَهُ.
وَالثَّانِي: فَقْرُ الاضْطِرَارِ، وَهُوَ فَقْدُ المَالِ المُضْطَرِّ إِلَيْهِ، كَجَائِعٍ فَقَدَ الخُبْزَ، فَهَذَا الذي اسْتَعَاذَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَالأَوَّلُ ـ أَيْ: الافْتِقَارُ إلى اللهِ تعالى ـ هُوَ الذي سَأَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. اهـ. انْظُرْ جَمِيعَ تِلْكَ النُّقُولِ في المَوَاهِبِ وَشَرْحِهَا للزَّرْقَانِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَكَيْفَ يَكُونُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقِيرَاً فَقْرَ اضْطِرَارٍ وَفَقْدَ مَالٍ، وَالحَالُ قَدْ عَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبَاً؛ فَأَبَى ذَلِكَ؟!
وَقَدْ خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَبِيَّاً مَلِكَاً، أَو نَبِيَّاً عَبْدَاً، فَقَالَ: «بَلْ نَبِيَّاً عَبْدَاً».
فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبَاً.
قُلْتُ: لَا يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمَاً وَأَجُوعُ يَوْمَاً، فَإِذَا جِعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:
حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني *** هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا
كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ *** لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا
يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلَاً فَأَغْنَى﴾. فَالمَعْنَى: وَجَدَكَ ذَا عَيْلَةٍ ـ أَيْ: إِقْلَالٍ ـ أَوْ ذَا عِيَالٍ، فَأَغْنَاكَ رَبُّكَ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَفَتَحَ عَلَيْكَ أَبْوَابَ الرِّزْقِ وَالخَيْرِ الكَثِيرِ.
قَالَ الإِمَامُ القَسْطَلَانِيُّ في المَوَاهِبِ: قَالَ الحَلِيمِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ: مِنْ تَعْظِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يُوصَفَ بِمَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ أَوْصَافِ الضَّعَةِ ـ أَيْ: النَّقْصِ ـ فَلَا يُقَالُ: كَانَ فَقِيرَاً. اهـ.
لِأَنَّهُ يُوهِمُ النَّقْصَ، وَأَنَّهُ فَقِيرٌ قَهْرَاً لَا اخْتِيَارَاً.
قَالَ القَسْطَلَانِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَ القَاضِي عِيَاضٌ في الشِّفَا، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السَّبْكِيُّ في كِتَابِ: السَّيِفِ المَسْلُولِ، أَنَّ فُقَهَاءَ الأَنْدَلُسِ أَفْتَوْا بِقَتْلِ حَاتِمٍ المُتَفَقِّهِ الطُّلَيْطِلِيِّ وَصَلْبِهِ، لِاسْتِخْفَافِهِ بِحَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَسْمِيَتِهِ إِيَّاهُ أَثْنَاءَ مُنَاظَرَتِهِ بِاليَتِيمِ، وَزَعْمِهِ أَنَّ زُهْدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ قَصْدَاً، وَلَوْ قَدِرَ عَلَى الطَّيِّبَاتِ أَكَلَهَا. اهـ، قَالَ الشَّارِحُ الزَّرْقَانِيُّ: وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ ـ هَذِهِ ـ الثَّلَاثِ كَافِيَةٌ في القَتْلِ بِلَا اسْتِتَابَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى. اهـ.
وَنَقَلَ القَسْطَلَانِيُّ، عَنِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ السَّبْكِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقِيرَاً مِنَ المَالِ قَطُّ وَلَا حَالُهُ حَالُ فَقِيرٍ، بَلْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَغْنَى النَّاسِ، فَقَدْ كَفَى أَمْرَ دُنْيَاهُ في نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ.
وَكَانَ الشَّيْخُ السَّبْكِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى يَقُولُ في الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينَاً، وَتَوَفَّنِي مِسْكِينَاً، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ» المُرَادُ بِهِ اسْتِكَانَةُ القَلْبِ.
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: أَيْ: تَوَاضُعَ القَلْبِ وَانْكِسَارَهُ إلى اللهِ تعالى، لَا المَسْكَنَةُ التي هِيَ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَقَعُ مَوْقِعَاً مِنْ كِفَايَتِهِ.
وَكَانَ يُشَدِّدُ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ ذَلِكَ. اهـ.
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ نَفِيسٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ المَنْفِيَّ سُؤَالُ مَسْكَنَةٍ تَرْجِعُ إلى القِلَّةِ وَعَدَمِ الكِفَايَةِ. اهـ.
وَقَدْ سَبَقَ إلى ذَلِكَ الإِمَامُ البَيْهَقِيُّ حَيْثُ قَالَ: إِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ مَسْكَنَةً تَرْجِعُ إلى القِلَّةِ، بَلْ إلى الإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قَالَ العَلَّامَةُ الزَّرْقَانِيُّ: وَنَحْوُهُ قَوْلُ الغَزَالِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اسْتِعَاذَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الفَقْرِ، لَا تُنَافِي المَسْكَنَةَ، لِأَنَّ الفَقْرَ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ:
الأَوَّلُ: الافْتِقَارُ إلى اللهِ تعالى، وَالاعْتِرَافُ بِالذُّلِّ وَالمَسْكَنَةِ لَهُ.
وَالثَّانِي: فَقْرُ الاضْطِرَارِ، وَهُوَ فَقْدُ المَالِ المُضْطَرِّ إِلَيْهِ، كَجَائِعٍ فَقَدَ الخُبْزَ، فَهَذَا الذي اسْتَعَاذَ مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَالأَوَّلُ ـ أَيْ: الافْتِقَارُ إلى اللهِ تعالى ـ هُوَ الذي سَأَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. اهـ. انْظُرْ جَمِيعَ تِلْكَ النُّقُولِ في المَوَاهِبِ وَشَرْحِهَا للزَّرْقَانِيِّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَكَيْفَ يَكُونُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقِيرَاً فَقْرَ اضْطِرَارٍ وَفَقْدَ مَالٍ، وَالحَالُ قَدْ عَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبَاً؛ فَأَبَى ذَلِكَ؟!
وَقَدْ خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَبِيَّاً مَلِكَاً، أَو نَبِيَّاً عَبْدَاً، فَقَالَ: «بَلْ نَبِيَّاً عَبْدَاً».
فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبَاً.
قُلْتُ: لَا يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمَاً وَأَجُوعُ يَوْمَاً، فَإِذَا جِعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمِدْتُكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.
** ** **
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin