..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 30/9/2020, 16:48

    مع الحبيب المصطفى: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ»
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    163ـ درس فجر يوم عيد الأضحى 1435 هـ

    وقفة مع خطبة حجة الوداع (2)

    «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ»

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوة الكرام: كُلُّ من رَضِيَ باللهِ تعالى رَبَّاً، وبالإسلامِ دِينَاً، وبِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَبِيَّاً رَسُولاً، وبالقُرآنِ كِتَابَاً ودُستُورَاً ومِنهَاجَاً، عَلِمَ بأنَّ للهِ تعالى الحُجَّةَ الدَّامِغَةَ، والحِكمَةَ البَالِغَةَ، في تَشرِيعِ مَا يَشَاءُ من الأَحكَامِ، وأن يَصطَفِيَ من عِبَادِهِ في عَالَمِ الأَرضِ والسَّمَاءِ من يَشَاءُ، وأن يُفَضِّلَ بَعضَ الأَزمِنَةِ على بَعضٍ مَا يَشَاءُ، وأن يَختَارَ بالخُصُوصِيَّةِ لِبَعضِ الأَمكِنَةِ مَا يَشَاءُ.

    لقد اصطَفَى اللهُ تعالى من المَلائِكَةِ رُسُلاً، ومن النَّاسِ رُسُلاً، وفَضَّلَ مَكَّةَ المُكَرَّمَةَ على سَائِرِ بِقَاعِ الأَرضِ سِوَى الأرضِ التي ضَمَّتِ الحَبِيبَ الأَعظَمَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ المَدِينَةَ المُنَوَّرَةَ، ثمَّ بَيتَ المَقدِسِ.

    كَمَا فَضَّلَ بَعضَ الأَيَّامِ على بَعضٍ، فَجَعَلَ أَيَّامَ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ أَفضَلَ أَيَّامِ الدُّنيَا، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه البَزَّارُ بِإِسنَادٍ حَسَنٍ عن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّ رَسُولَ اللِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفضَلُ أَيَّامِ الدُّنيَا العَشْرُ ـ يَعنِي: عَشْرَ ذِي الحِجَّةِ ـ».

    قِيلَ: ولا مِثلَهُنَّ في سَبِيلِ اللهِ؟

    قال: « ولا مِثلَهُنَّ في سَبِيلِ اللهِ، إلا رَجُلٌ عَفَّرَ وَجْهَهُ بالتُّرَابِ».

    وفَضَّلَ من هذهِ الأَيَّامِ العَشْرِ يَومَ النَّحْرِ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه أبو داود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ». يَعنِي: اليَومَ الحَادِي عَشَرَ من ذِي الحِجَّةِ.

    وفَضَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ على سَائِرِ أَيَّامِ الأُسبُوعِ، فَهوَ خَيرُ يَومٍ طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».

    وجَعَلَ لَيلَةَ القَدْرِ خَيرَاً من أَلفِ شَهْرٍ، واختَصَّ من الشُّهُورِ أَربَعَةً من الأَشهُرِ، فَجَعَلَهَنُّ حَرَامَاً، وعَظَّمَ فِيهِنَّ حُرمَتَهُنَّ، وجَعَلَ الذَّنبَ فِيهِنَّ أَعظَمَ، والعَمَلَ الصَّالِحَ والأَجْرَ عَلَيهِ أَكرَمَ، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾.

    الأَشهُرُ الحُرُمُ:

    أيُّها الإخوة الكرام: هذهِ الأَشهُرُ الحُرُمُ بَيَّنَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، كما جاءَ في الصَّحِيحَينِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».

    أيُّها الإخوة الكرام: لقد كَانَتِ العَرَبُ تُعَظِّمُ الأَشهُرَ الحُرُمَ، مُتَمَسِّكِينَ بِمِلَّةِ سَيِّدِنَا إبرَاهِيمَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وكَانَ يَصعُبُ عَلَيهِم أن يُؤَخِّرُوا القِتَالَ ثَلاثَةَ أَشهُرٍ مُتَوَالِيَةٍ، فَعَمَدُوا إلى تَحلِيلِ المَحَرِّمِ، وتَحرِيمِ صَفَرَ مَكَانَهُ، يَستَحِلُّونَهُ عَامَاً، ويُحَرِّمُونَهُ عَامَاً، حَتَّى اختَلَطَت عَلَيهِمُ الأُمُورُ، وصَادَفَت حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَحرِيمَهُمُ الذي وَافَقُوا فِيهِ الحِسَابَ، فَأَخبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّ استِدَارَةَ الزَّمَانِ صَادَفَت ما حَكَمَ اللهُ تعالى بِهِ يَومَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرضَ.

    أيُّها الإخوة الكرام: كَانَتِ العَرَبُ تَتَلاعَبُ بالأَشهُرِ الحُرُمِ زِيَادَةً ونُقصَانَاً، وتَقدِيمَاً وتَأخِيرَاً، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ واللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.

    حُرمَةُ الدِّمَاءِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: في حَجَّةِ الوَدَاعِ وَقَفَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وخَطَبَ في النَّاسِ خُطبَةً عَصمَاءَ، فَجَاءَ في هذهِ الخُطبَةِ قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا».

    وجَاءَ فِيهَا قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّاراً ـ أَوْ ضُلَّالاً ـ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ».

    ثمَّ قَالَ: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟» رواه الشيخان عن أَبِي بَكرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    أيُّها الإخوة الكرام: لقد خَلَقَ اللهُ تعالى الإنسَانَ في أَحسَنِ تَقوِيمٍ، وأَغدَقَ عَلَيهِ نِعَمَاً ظَاهِرَةً وبَاطِنَةً، لِتَكُونَ مُقَوِّمَاتٍ لِحَيَاتِهِ، قال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدىً وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾. وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

    ومن أَجلِ ذلكَ كُلِّهِ، حَرَّمَ رَبّنَا عزَّ وجلَّ إزهَاقَ النَّفسِ المَعصُومَةِ، واعتَبَرَ ذلكَ من أَعظَمِ الجَرَائِمِ وأَبشَعِهَا، ومن أَكبَرِ الكَبَائِرِ، وقَرَنَ القَتْلَ بِغَيرِ حَقٍّ مَعَ الشِّرْكِ، قال تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

    وقال تعالى في وَصْفِ عِبَادِ الرَّحمنِ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾.

    وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾.

    أيُّها الإخوة الكرام: تَدَبَّرُوا قَولَ اللهِ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾. يَعنِي: ما صَحَّ ولا استَقَامَ لِمُؤمِنٍ أن يَقتُلَ مُؤمِنَاً، فقد نَفَى اللهُ تعالى أن يَكُونَ هذا من شَأنِ المُؤمِنِ.

    بَيَانٌ نَبَوِيٌّ عَظِيمٌ في شَأنِ الدِّمَاءِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: ونَحنُ نَعِيشُ هذهِ الأَزمَةَ التي رَخُصَت فِيهَا الدِّمَاءُ، وكَثُرَ فِيهَا القَتْلُ، واستُبِيحَت فِيهَا الدِّمَاءُ بِحُجَجٍ وَاهِيَةٍ وَرَبِّ الكَعبَةِ، عَلَينَا أن نَسمَعَ إلى بَيَانِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في شَأنِ الدِّمَاءِ، ونَحنُ نَتَذَكَّرُ قَولَ اللهِ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

    أولاً: روى الترمذي والنسائي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ».

    كَم هيَ قِيمَةُ دَمِ الإنسَانِ المُسلِمِ عِندَ اللهِ تعالى؟ كَم هوَ غَلاءُ دَمِهِ عِندَ اللهِ تعالى؟ دَمُ المُؤمِنِ عِندَ اللهِ تعالى أَغلَى من الدُّنيَا بِجَمِيعِ مَا فِيهَا.

    ثانياً: روى الإمام البخاري عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً».

    يَعنِي: لا يَزَالُ المُؤمِنُ في رَجَاءِ رَحمَةٍ من اللهِ تعالى على ما ارتَكَبَهُ من الذُّنُوبِ والآثَامِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً، فإنْ أَصَابَهُ ضَاقَت عَلَيهِ المَسَالِكُ، ولو كَانَت عِندَهُ أَعمَالٌ صَالِحَةٌ، لأنَّ جَمِيعَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ لا تَفِي بِحَقِّ دَمِ مُؤمِنٍ يَومَ القِيَامَةِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: من لَوَّثَ يَدَهُ بِدَمٍ حَرَامٍ ضَيَّقَ على نَفسِهِ سُبُلَ الفَلاحِ والنَّجَاحِ يَومَ القِيَامَةِ ـ والعِيَاذُ باللهِ تعالى ـ لأنَّ المَعصِيَةَ تُضَيِّقُ الفَسِيحَ على صَاحِبِهَا، قال تعالى وَاصِفَاً حَالَ بَعضِ أَصحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِندَمَا ارتَكَبُوا مُخَالَفَةً من غَيرِ قَصْدٍ، وهيَ أَيسَرُ بِكَثِيرٍ من سَفْكِ الدِّمَاءِ البَرِيئَةِ: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.

    نَعَم، هكذا يَكُونُ شَأنُ المُؤمِنِ إذا وَقَعَ في مَعصِيَةٍ أو مُخَالَفًةٍ شَرعِيَّةٍ، أمَّا الذي ضَعُفَ إِيمَانُهُ فَيَأتِي بالكَبِيرَةِ، والتي من جُملَتِهَا إرَاقَةُ الدِّمَاءِ البَرِيئَةِ، ويَمشِي بَينَ النَّاسِ وكَأَنَّ شَيئَاً لم يَكُنْ ـ والعِيَاذُ باللهِ تعالى ـ.

    ثالثاً: روى الشيخان عَن الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِن الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ: أَسْلَمْتُ للهِ، أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْتُلْهُ».

    فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا.

    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ».

    أيُّها الإخوة الكرام: المِقدَادُ بنُ عَمروٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ كَانَ مِمَّن شَهِدَ بَدْرَاً، وقد قَالَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِسَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ في حَقِّ أَهْلِ بَدْرٍ: «وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَد اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ».

    مَنزِلَتُهُ هذهِ لم تُغنِ عن إحقَاقِ الحَقِّ وإلزَامِهِ بالقِسْطِ بِتَطبِيقِ شَرعِ اللهِ تعالى، فَلَنَا الظَّاهِرُ، واللهُ تعالى يَتَوَلَّى السَّرَائِرُ، فلا اجتِهَادَ في مَورِدِ النَّصِّ، ولا سَبِيلَ للحُكمِ على النَّاسِ بالظَّنِّ.

    خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: لِنَعتَبِرْ بِمَا ذَكَرَهُ اللهُ تعالى في حُرمَةِ الدِّمَاءِ، ولنَتَذَكَّرْ قَولَ اللهِ تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾.

    ولنَتَمَهَّلْ قَلِيلاً، ولنُفَكِّرْ صَادِقِينَ فِيمَا نَفعَلُ، هذهِ الدِّمَاءُ التي سُفِكَت على حَسَابِ مَنْ؟ ولِحِسَابِ ماذا؟ وعلى ماذا سَنَحصُلُ بَعدَ سَفْكِ هذهِ الدِّمَاءِ؟ وهل رَأَينَا خَيرَاً في سَفْكِ الدِّمَاءِ؟

    أَينَ نَحنُ من قَولِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إِلَّا الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِراً، أَو الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً»؟ رواه الإمام أحمد والحاكم عن مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    وماذا سَيُجِيبُ القَاتِلُ رَبَّهُ عزَّ وجلَّ يَومَ القِيَامَةِ حِينَ يَلقَاهُ ويُكَلِّمُهُ ولَيسَ بَينَهُ وبَينَهُ تَرجُمَانٌ؟

    روى الترمذي والنسائي عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَماً، يَقُولُ: يَا رَبِّ، هَذَا قَتَلَنِي، حَتَّى يُدْنِيَهُ مِن الْعَرْشِ».

    قَالَ: فَذَكَرُوا لِابْنِ عَبَّاسٍ التَّوْبَةَ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ﴾.

    قَالَ: مَا نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا بُدِّلَتْ، وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ؟

    وفي رواية الإمام أحمد يَقُولُ المَقتُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟.

    اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً، واحقِنْ دِمَاءَ المُسلِمِينَ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.


      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 10:41