مع الحبيب المصطفى: «مَنْ غَسَّل مَيْتاً فَكَتَمَ عَلَيْه»
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
113ـ «مَنْ غَسَّل مَيْتاً فَكَتَمَ عَلَيْه»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: يَقولُ اللهُ تَبارَكَ وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾. ألا وإنَّ من أعظَمِ ما يَتَّقي الإنسانُ فيهِ رَبَّهُ عزَّ وجلَّ أداءُ الحُقوقِ لأهلِها، لِيَأتِيَ الإنسانُ يَومَ القِيامَةِ سَليماً مُعافىً، لَيسَ لأحَدٍ عِندَهُ حَقٌّ.
روى الحاكم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَرَيْتُ بَعِيراً ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْراً حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ، فَإِذَا عَبْدُ الله بْنُ أُنَيْسٍ، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ.
فَقَالَ: ابْنُ عَبْدِ الله؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ.
فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاصِ، فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ـ أَوْ قَالَ: الْعِبَادُ ـ عُرَاةً غُرْلاً ـ أي: غَيرَ مَختونين ـ بُهْماً».
قُلْنَا: وَمَا بُهْماً؟
قَالَ: «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسمَعُهُ مَن بَعُدَ كما يَسْمَعُهُ مِنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ».
قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلاً بُهْماً؟
قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ».
قال: وتَلا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَاب﴾.
تَغسيلُ المُؤمِنِ بَعدَ مَوتِهِ:
أيُّها الإخوة الكرام: حُقوقُ المُسلِمينَ تُجاهَ بَعضِهِمُ البَعضِ كَثيرَةٌ، وكَثيرَةٌ جِدَّاً، وسَوفَ يَسأَلُ اللهُ تعالى العَبدَ يَومَ القِيامَةِ عن أداءِ هذهِ الحُقوقِ لأصحابِها، فمن هذهِ الحُقوقِ تَغسيلُ المَيْتِ المُؤمِنِ، وهوَ وَاجِبٌ كِفائِيٌّ إذا قامَ به البَعضُ سَقَطَ الإثمُ عن الآخَرينَ، وإلا فالجَميعُ آثِمٌ يَومَ القِيامَةِ.
التَّرغيبُ في تَغسيلِ المَيْتِ المُؤمِنِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد رَغَّبَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الأُمَّةَ في تَغسيلِ المَيْتِ بأحاديثَ عِدَّةٍ، منها:
ما رواهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبيرِ عَنْ عَلِيِّ بن رَبَاحٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَافِعٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيْتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ غُفِرَ لَهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً، وَمَنْ حَفَرَ لأَخِيهِ قَبْراً حَتَّى يَجُنَّهُ فَكَأَنَّمَا أَسْكَنَهُ مَسْكَناً مَرَّةً حَتَّى يُبْعَثَ».
وما رواهُ الحاكم عن أبي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «من غَسَّلَ مَيْتاً فَكَتَمَ عَلَيهِ غُفِرَ له أربَعينَ مَرَّةً، ومن كَفَّنَ مَيْتاً كَساهُ اللهُ من سُندُسِ وإستَبرَقِ الجَنَّةِ، ومن حَفَرَ لِمَيْتٍ قَبراً وأجَنَّهُ فيه أُجرِيَ له من الأجرِ كأجرِ مَسكنٍ إلى يَومِ القِيامَةِ».
وما رواهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأوسَطِ عن جَابِرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن حَفَرَ قَبراً بَنَى اللهُ له بَيتاً في الجَنَّةِ.
ومن غَسَّلَ مَيْتاً خَرَجَ من الخَطايا كَيَومَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.
ومن كَفَّنَ مَيْتاً كَسَاهُ اللهُ أثواباً من حُلَلِ الجَنَّةِ.
ومن عَزَّى حَزيناً ألبَسَهُ اللهُ التَّقوى وصَلَّى على رُوحِهِ في الأرواحِ.
ومن عَزَّى مُصاباً كَسَاهُ اللهُ حُلَّتَينِ من حُلَلِ الجَنَّةِ لا تَقومُ لَهُما الدُّنيا.
ومن اتَّبَعَ جَنَازَةً حتَّى يُقضَى دَفنُها كُتِبَ له ثَلاثَةُ قَراريطَ، القِيرَاطُ منها أعظَمُ من جَبَلِ أُحُدٍ.
ومن كَفَلَ يَتيماً أو أرمَلَةً أَظَلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ وأدخلَهُ جَنَّتَهُ».
وما رواهُ ابنُ ماجه عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ وَحَمَلَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ مَا رَأَى، خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
وما رواهُ الحاكم عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ لي رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «زُرِ القُبورَ تَذْكُرُ بها الآخِرَةَ، واغسِلِ الموتَى فإنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدِهِ مَوعِظَةٌ بَليغَةٌ، وصَلِّ على الجَنَائِزِ لَعَلَّ ذلكَ أن يُحزِنَكَ، فإنَّ الحَزينَ في ظِلِّ الله يَتَعَرَّضُ كُلُّ خَيرٍ».
كَيفَ يُغَسَّلُ المَيْتُ؟
أيُّها الإخوة الكرام: عِندَ تَغسيلِ المَيْتِ يُجَرَّدُ من ثِيابِهِ، وتُستَرُ عَورَتُهُ، لأنَّ سَتْرَ العَورَةِ وَاجِبٌ ومَأمورٌ به. هذا أولاً.
ثانياً: يَجِبُ إزالَةُ النَّجَاسَةِ عنهُ، وذلكَ بِعَصْرِ بَطْنِهِ.
ثالثاً: يُوَضَّأُ المَيْتُ وُضوءَ الصَّلاةِ، ولا يُدخَلُ الماءُ في فِيهِ ولا في أنفِهِ، ولكن يُمسَحُ أسنانُهُ وأنفُهُ بِخِرقَةٍ مَبلولَةٍ.
رابعاً: بَعدَ الوُضوءِ يُجعَلُ على شِقِّهِ الأيسَرِ فَيُغسَلُ الأيمَنُ، ثمَّ يُدارُ على الأيمَنِ فَيُغسَلُ الأيسَرُ، وذلكَ بَعدَ تَثليثِ غَسلِ رَأسِهِ ولِحْيَتِهِ، وذلكَ لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِغَاسِلاتِ ابنَتِهِ زَينَبَ رَضِيَ اللهُ عنها: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُوراً أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ» رواه الشيخان عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وفي رِوايَةٍ للشَّيخين أيضاً عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا».
خامساً: يُستَحَبُّ أن لا يَدخُلَ على المَيْتِ عِندَ تَغسيلِهِ إلا الغَاسِلُ، ومن لا بُدَّ من مَعونَتِهِ عِندَ الغُسلِ.
سادساً: يُستَحَبُّ استِعمالُ البَخُّورِ عِندَ تَغسيلِ المَيْتِ، لِئَلَّا تُشَمَّ رَائِحَةٌ كَريهَةٌ، ويُزادُ من البَخُّورِ عِندَ عَصْرِ بَطْنِهِ.
سابعاً: لا يُسَرَّحُ شَعْرُهُ، ولا تُقَلَّمُ أظفارُهُ، ولا يُزالُ عنهُ شَعْرُ الإبطِ والعَانَةِ، لأنَّ هذا من الزِّينَةِ، والمَيْتُ لَيسَ بِمَحَلٍّ للزِّينَةِ.
الأحَقُّ بِتَغسيلِ المَيْتِ:
أيُّها الإخوة الكرام: الأصلُ أنَّهُ لا يُغَسِّلُ الرِّجالَ إلا الرِّجالُ، ولا النِّساءَ إلا النِّساءُ، لأنَّ حُرمَةَ المَسِّ ثابِتَةٌ حالَةَ الحَياةِ وبَعدَ المَوتِ.
ويُستَحَبُّ أن يَكونَ الغَاسِلُ أقرَبَ النَّاسِ إلى المَيْتِ، فإن لم يَعلَمِ الغُسلَ فأهلُ الأمانَةِ والوَرَعِ.
تَغسيلُ المَرأَةِ لِزَوجِها:
أيُّها الإخوة الكرام: لا خِلافَ بَينَ الفُقَهاءِ في أنَّ المَرأَةَ تُغَسِّلُ زَوجَها بَعدَ مَوتِهِ، وذلكَ لما روى أبو داود في تَغسيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ.
تَغسيلُ الرَّجُلِ لِزَوجَتِهِ:
أيُّها الإخوة الكرام: أمَّا مَسأَلَةُ تَغسيلِ الرَّجُلِ لِزَوجَتِهِ بَعدَ مَوتِها، فقد اختَلَفَ فيها الفُقَهاءُ، فَذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ للزَّوجِ أن يُغَسِّلَ زَوجَتَهُ، للحَديثِ الذي رواهُ الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قَالَتْ: رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جَنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعاً فِي رَأْسِي، وَأَنَا أَقُولُ: وَا رَأْسَاهْ.
قَالَ: «بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ».
قَالَ: «مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ».
قُلْتُ: لَكِنِّي ـ أَوْ لَكَأَنِّي ـ بِكَ والله لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ.
قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
فَعِندَ جُمهورِ الفُقَهاءِ يَجوزُ للرَّجُلِ أن يُغَسِّلَ زَوجَتَهُ بَعدَ مَوتِها، إلا أنَّهُم قالوا بِكَرَاهَةِ ذلكَ مَعَ وُجودِ من يُغَسِّلُها.
وقالَ الحَنَفِيَّةُ: لَيسَ للزَّوجِ أن يُغَسِّلَ زَوجَتَهُ، لأنَّ المَوتَ فِرقَةٌ بَينَهُما.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: حُقوقُ المُسلِمِ على أخيهِ المُسلِمِ كَثيرَةٌ، من جُملَةِ هذهِ الحُقوقِ تَغسيلُهُ بَعدَ مَوتِهِ، وهذا وَاجِبٌ كِفائِيٌّ إن قامَ به البَعضُ سَقَطَ الإثمُ عن الآخَرينَ، ونَحنُ اليَومَ بأمَسِّ الحَاجَةِ لأنْ نَتَعَلَّمَ كَيفَ يَكونُ تَغسيلُ المَيْتِ، وذلكَ لِكَثْرَةِ المَوتى في هذهِ الأزمَةِ، والتي أرجو اللهَ تعالى أن يَكشِفَها عنَّا عاجِلاً غَيرَ آجِلٍ. وأن يَختِمَ بالباقِياتِ الصَّالِحَاتِ آجَالَنا وأعمالَنا. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
113ـ «مَنْ غَسَّل مَيْتاً فَكَتَمَ عَلَيْه»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا أيُّها الإخوة الكرام: يَقولُ اللهُ تَبارَكَ وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُون﴾. ألا وإنَّ من أعظَمِ ما يَتَّقي الإنسانُ فيهِ رَبَّهُ عزَّ وجلَّ أداءُ الحُقوقِ لأهلِها، لِيَأتِيَ الإنسانُ يَومَ القِيامَةِ سَليماً مُعافىً، لَيسَ لأحَدٍ عِندَهُ حَقٌّ.
روى الحاكم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَاشْتَرَيْتُ بَعِيراً ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَيْهِ رَحْلِي، فَسِرْتُ إِلَيْهِ شَهْراً حَتَّى قَدِمْتُ عَلَيْهِ الشَّامَ، فَإِذَا عَبْدُ الله بْنُ أُنَيْسٍ، فَقُلْتُ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لَهُ: جَابِرٌ عَلَى الْبَابِ.
فَقَالَ: ابْنُ عَبْدِ الله؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ.
فَقُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاصِ، فَخَشِيتُ أَنْ تَمُوتَ أَوْ أَمُوتَ قَبْلَ أَنْ أَسْمَعَهُ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ـ أَوْ قَالَ: الْعِبَادُ ـ عُرَاةً غُرْلاً ـ أي: غَيرَ مَختونين ـ بُهْماً».
قُلْنَا: وَمَا بُهْماً؟
قَالَ: «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسمَعُهُ مَن بَعُدَ كما يَسْمَعُهُ مِنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الدَّيَّانُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ».
قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلاً بُهْماً؟
قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ».
قال: وتَلا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَاب﴾.
تَغسيلُ المُؤمِنِ بَعدَ مَوتِهِ:
أيُّها الإخوة الكرام: حُقوقُ المُسلِمينَ تُجاهَ بَعضِهِمُ البَعضِ كَثيرَةٌ، وكَثيرَةٌ جِدَّاً، وسَوفَ يَسأَلُ اللهُ تعالى العَبدَ يَومَ القِيامَةِ عن أداءِ هذهِ الحُقوقِ لأصحابِها، فمن هذهِ الحُقوقِ تَغسيلُ المَيْتِ المُؤمِنِ، وهوَ وَاجِبٌ كِفائِيٌّ إذا قامَ به البَعضُ سَقَطَ الإثمُ عن الآخَرينَ، وإلا فالجَميعُ آثِمٌ يَومَ القِيامَةِ.
التَّرغيبُ في تَغسيلِ المَيْتِ المُؤمِنِ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد رَغَّبَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الأُمَّةَ في تَغسيلِ المَيْتِ بأحاديثَ عِدَّةٍ، منها:
ما رواهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبيرِ عَنْ عَلِيِّ بن رَبَاحٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَافِعٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيْتاً فَكَتَمَ عَلَيْهِ غُفِرَ لَهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً، وَمَنْ حَفَرَ لأَخِيهِ قَبْراً حَتَّى يَجُنَّهُ فَكَأَنَّمَا أَسْكَنَهُ مَسْكَناً مَرَّةً حَتَّى يُبْعَثَ».
وما رواهُ الحاكم عن أبي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «من غَسَّلَ مَيْتاً فَكَتَمَ عَلَيهِ غُفِرَ له أربَعينَ مَرَّةً، ومن كَفَّنَ مَيْتاً كَساهُ اللهُ من سُندُسِ وإستَبرَقِ الجَنَّةِ، ومن حَفَرَ لِمَيْتٍ قَبراً وأجَنَّهُ فيه أُجرِيَ له من الأجرِ كأجرِ مَسكنٍ إلى يَومِ القِيامَةِ».
وما رواهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأوسَطِ عن جَابِرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُما قال: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَن حَفَرَ قَبراً بَنَى اللهُ له بَيتاً في الجَنَّةِ.
ومن غَسَّلَ مَيْتاً خَرَجَ من الخَطايا كَيَومَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.
ومن كَفَّنَ مَيْتاً كَسَاهُ اللهُ أثواباً من حُلَلِ الجَنَّةِ.
ومن عَزَّى حَزيناً ألبَسَهُ اللهُ التَّقوى وصَلَّى على رُوحِهِ في الأرواحِ.
ومن عَزَّى مُصاباً كَسَاهُ اللهُ حُلَّتَينِ من حُلَلِ الجَنَّةِ لا تَقومُ لَهُما الدُّنيا.
ومن اتَّبَعَ جَنَازَةً حتَّى يُقضَى دَفنُها كُتِبَ له ثَلاثَةُ قَراريطَ، القِيرَاطُ منها أعظَمُ من جَبَلِ أُحُدٍ.
ومن كَفَلَ يَتيماً أو أرمَلَةً أَظَلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ وأدخلَهُ جَنَّتَهُ».
وما رواهُ ابنُ ماجه عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ وَحَمَلَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفْشِ عَلَيْهِ مَا رَأَى، خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
وما رواهُ الحاكم عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ لي رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «زُرِ القُبورَ تَذْكُرُ بها الآخِرَةَ، واغسِلِ الموتَى فإنَّ مُعَالَجَةَ جَسَدِهِ مَوعِظَةٌ بَليغَةٌ، وصَلِّ على الجَنَائِزِ لَعَلَّ ذلكَ أن يُحزِنَكَ، فإنَّ الحَزينَ في ظِلِّ الله يَتَعَرَّضُ كُلُّ خَيرٍ».
كَيفَ يُغَسَّلُ المَيْتُ؟
أيُّها الإخوة الكرام: عِندَ تَغسيلِ المَيْتِ يُجَرَّدُ من ثِيابِهِ، وتُستَرُ عَورَتُهُ، لأنَّ سَتْرَ العَورَةِ وَاجِبٌ ومَأمورٌ به. هذا أولاً.
ثانياً: يَجِبُ إزالَةُ النَّجَاسَةِ عنهُ، وذلكَ بِعَصْرِ بَطْنِهِ.
ثالثاً: يُوَضَّأُ المَيْتُ وُضوءَ الصَّلاةِ، ولا يُدخَلُ الماءُ في فِيهِ ولا في أنفِهِ، ولكن يُمسَحُ أسنانُهُ وأنفُهُ بِخِرقَةٍ مَبلولَةٍ.
رابعاً: بَعدَ الوُضوءِ يُجعَلُ على شِقِّهِ الأيسَرِ فَيُغسَلُ الأيمَنُ، ثمَّ يُدارُ على الأيمَنِ فَيُغسَلُ الأيسَرُ، وذلكَ بَعدَ تَثليثِ غَسلِ رَأسِهِ ولِحْيَتِهِ، وذلكَ لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِغَاسِلاتِ ابنَتِهِ زَينَبَ رَضِيَ اللهُ عنها: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُوراً أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ» رواه الشيخان عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وفي رِوايَةٍ للشَّيخين أيضاً عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا».
خامساً: يُستَحَبُّ أن لا يَدخُلَ على المَيْتِ عِندَ تَغسيلِهِ إلا الغَاسِلُ، ومن لا بُدَّ من مَعونَتِهِ عِندَ الغُسلِ.
سادساً: يُستَحَبُّ استِعمالُ البَخُّورِ عِندَ تَغسيلِ المَيْتِ، لِئَلَّا تُشَمَّ رَائِحَةٌ كَريهَةٌ، ويُزادُ من البَخُّورِ عِندَ عَصْرِ بَطْنِهِ.
سابعاً: لا يُسَرَّحُ شَعْرُهُ، ولا تُقَلَّمُ أظفارُهُ، ولا يُزالُ عنهُ شَعْرُ الإبطِ والعَانَةِ، لأنَّ هذا من الزِّينَةِ، والمَيْتُ لَيسَ بِمَحَلٍّ للزِّينَةِ.
الأحَقُّ بِتَغسيلِ المَيْتِ:
أيُّها الإخوة الكرام: الأصلُ أنَّهُ لا يُغَسِّلُ الرِّجالَ إلا الرِّجالُ، ولا النِّساءَ إلا النِّساءُ، لأنَّ حُرمَةَ المَسِّ ثابِتَةٌ حالَةَ الحَياةِ وبَعدَ المَوتِ.
ويُستَحَبُّ أن يَكونَ الغَاسِلُ أقرَبَ النَّاسِ إلى المَيْتِ، فإن لم يَعلَمِ الغُسلَ فأهلُ الأمانَةِ والوَرَعِ.
تَغسيلُ المَرأَةِ لِزَوجِها:
أيُّها الإخوة الكرام: لا خِلافَ بَينَ الفُقَهاءِ في أنَّ المَرأَةَ تُغَسِّلُ زَوجَها بَعدَ مَوتِهِ، وذلكَ لما روى أبو داود في تَغسيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: لَو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ.
تَغسيلُ الرَّجُلِ لِزَوجَتِهِ:
أيُّها الإخوة الكرام: أمَّا مَسأَلَةُ تَغسيلِ الرَّجُلِ لِزَوجَتِهِ بَعدَ مَوتِها، فقد اختَلَفَ فيها الفُقَهاءُ، فَذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ للزَّوجِ أن يُغَسِّلَ زَوجَتَهُ، للحَديثِ الذي رواهُ الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قَالَتْ: رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جَنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ، وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعاً فِي رَأْسِي، وَأَنَا أَقُولُ: وَا رَأْسَاهْ.
قَالَ: «بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ».
قَالَ: «مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ».
قُلْتُ: لَكِنِّي ـ أَوْ لَكَأَنِّي ـ بِكَ والله لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ.
قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
فَعِندَ جُمهورِ الفُقَهاءِ يَجوزُ للرَّجُلِ أن يُغَسِّلَ زَوجَتَهُ بَعدَ مَوتِها، إلا أنَّهُم قالوا بِكَرَاهَةِ ذلكَ مَعَ وُجودِ من يُغَسِّلُها.
وقالَ الحَنَفِيَّةُ: لَيسَ للزَّوجِ أن يُغَسِّلَ زَوجَتَهُ، لأنَّ المَوتَ فِرقَةٌ بَينَهُما.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: حُقوقُ المُسلِمِ على أخيهِ المُسلِمِ كَثيرَةٌ، من جُملَةِ هذهِ الحُقوقِ تَغسيلُهُ بَعدَ مَوتِهِ، وهذا وَاجِبٌ كِفائِيٌّ إن قامَ به البَعضُ سَقَطَ الإثمُ عن الآخَرينَ، ونَحنُ اليَومَ بأمَسِّ الحَاجَةِ لأنْ نَتَعَلَّمَ كَيفَ يَكونُ تَغسيلُ المَيْتِ، وذلكَ لِكَثْرَةِ المَوتى في هذهِ الأزمَةِ، والتي أرجو اللهَ تعالى أن يَكشِفَها عنَّا عاجِلاً غَيرَ آجِلٍ. وأن يَختِمَ بالباقِياتِ الصَّالِحَاتِ آجَالَنا وأعمالَنا. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin