..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty20/11/2024, 22:49 من طرف Admin

» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:30 من طرف Admin

» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:25 من طرف Admin

» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:20 من طرف Admin

» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:08 من طرف Admin

» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:03 من طرف Admin

» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 23:01 من طرف Admin

» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:57 من طرف Admin

» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:55 من طرف Admin

» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:41 من طرف Admin

» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:34 من طرف Admin

» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:23 من طرف Admin

» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 22:21 من طرف Admin

» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:50 من طرف Admin

» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty18/11/2024, 21:38 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 68539
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان Empty كتاب: مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ» ـ أحمد شريف النعسان

    مُساهمة من طرف Admin 1/10/2020, 15:10

    مع الحبيب المصطفى: «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ»
    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم



    مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

    72ـ صورة من غضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (6)

    «فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ»

    مقدمة الكلمة:

    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

    فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: يَقولُ اللهُ تعالى في كِتابِهِ العَظيمِ: ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِين * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيل * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيم * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُور﴾.

    هذهِ الآيَةُ الكَريمَةُ تَضَمَّنَت أمرَينِ اثنَينِ:

    الأمرُ الأوَّلُ: الانتِقامُ من الظَّالِمِ بِمِثلِ ظُلمِهِ.

    الأمرُ الثَّاني: عَفوُ المَظلومِ عن الظَّالِمِ.

    أيُّها الإخوة الكرام: لقد رَغَّبَ اللهُ تعالى عِبادَهُ المؤمنينَ بالعَفوِ عن بَعضِهِمُ البَعضِ، فقال تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَّحِيم﴾.

    كما رَغَّبَهُم بالصَّبرِ وحَرَّضَهُم عَلَيهِ، ودَعاهُم إلى تَركِ الانتِقامِ، فقال تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرين * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بالله وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُون * إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون﴾.

    واللهُ تعالى مَدَحَ المؤمِنينَ بأنَّ فيهِم قُوَّةَ الانتِصارِ مِمَّن ظَلَمَهُم واعتَدى عَلَيهِم، وأنَّهُم ليسوا بالعاجِزينَ ولا بالأذَلِّينَ، بل يَقدِرونَ على الانتِقامِ مِمَّن بَغى عَلَيهِم، ومعَ هذا إذا قَدَروا غَفَروا وعَفوا، قال تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُور﴾.

    وهذا سيِّدُنا يوسُفُ عليهِ السَّلامُ يَقولُ لإخوَتِهِ: ﴿لا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين﴾. فَعَفا عنهُم معَ قُدرَتِهِ على البَطشِ بِهِم، ومُؤاخَذَتِهِم، ومُقابَلَتِهِم بِمِثلِ صَنيعِهِم.

    المَظلومُ بَينَ دَرَجَةِ العَفوِ العُليا، وبَينَ حَقِّهِ في الانتِقامِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: المَظلومُ القادِرُ على الانتِقامِ مِمَّن ظَلَمَهُ بَينَ أمرَينِ اثنَينِ، بَينَ أن يَرتَفِعَ إلى دَرَجَةٍ عُليا ويَلحَقَ بالأنبِياءِ والمُرسَلينَ والصِّدِّيقينَ والأولِياءِ والصَّالِحينَ، وبَينَ حَقِّهِ في الانتِقامِ.

    ولكن لِيَتَساءَلِ المؤمِنُ فيما بَينَهُ وبَينَ نَفسِهِ: أيُّهُما أعلى دَرَجَةً عِندَ الله تعالى، العَفوُ عِندَ المَقدِرَةِ، أم الانتِقامُ؟

    من تَدَبَّرَ آياتِ الله عزَّ وجلَّ، وقَرَأ سِيرَةَ الأنبِياءِ والمُرسَلينَ، وسِيَرَ الأولِياءِ والصَّالِحينَ، عَرَفَ أنَّ العَفوَ عِندَ المَقدِرَةِ عن الظَّالِمِ مُريحٌ لِقَلبِ المَظلومِ، ودَليلٌ على أنَّهُ من أولي العَزمِ، قال تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُور﴾. يَعني من صَبَرَ على الأذى، ودَرَأَ السَّيِّئَةَ بالحَسَنَةِ، فإنَّهُ أتى بِفِعلٍ مَشكورٍ عَلَيهِ، وفِعلٍ حَميدٍ، ولهُ عَلَيهِ ثَوابٌ جَزيلٌ، وتَحَلَّى بِقَولِ صاحِبِ الخُلُقِ العَظيمِ: «صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ» رواه الإمام أحمد عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

    قالَ الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: إذا أتاكَ رَجُلٌ يَشكو إليكَ رَجُلاً فَقُل: يا أخي، اُعفُ عنهُ، فإنَّ العَفوَ أقربُ للتَّقوى.

    فإن قال: لا يَحتَمِلُ قَلبي العَفوَ، ولكن أنتَصِرُ كما أمَرَني اللهُ عزَّ وجلَّ.

    فَقُل: فإن كُنتَ تُحسِنُ أن تَنتَصِرَ مِثلاً بِمِثلٍ، وإلا فارجِع إلى بابِ العَفوِ، فإنَّهُ بابٌ أوسَعُ؛ فإنَّهُ من عَفَا وأصلَحَ فَأجرُهُ على الله، وصاحِبُ العَفوِ يَنامُ اللَّيلَ على فِراشِهِ، وصاحِبُ الانتِصارِ يُقَلِّبُ الأمورَ.

    مَرتَبَةُ العَفوِ مَرتَبَةُ الصِّدِّيقينَ:

    أيُّها الإخوة الكرام: مَرتَبَةُ العَفوِ عِندَ المَقدِرَةِ هيَ مَرتَبَةُ الصِّدِّيقينَ الذينَ رَضِيَ اللهُ عنهُم ورَضوا عنهُ.

    روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَجُلاً شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ.

    فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ، فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ.

    قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ».

    ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ، مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لله عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعَزَّ اللهُ بِهَا نَصْرَهُ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ يُرِيدُ بِهَا صِلَةً إِلَّا زَادَهُ اللهُ بِهَا كَثْرَةً، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً إِلَّا زَادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً».

    وفي رواية أبي داود عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ الله ئ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَعَ رَجُلٌ بِأَبِي بَكْرٍ فَآذَاهُ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّانِيَةَ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ فَانْتَصَرَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ.

    فَقَامَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْتَصَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَجَدْتَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ الله؟

    فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَزَلَ مَلَكٌ مِن السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ بِمَا قَالَ لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَرْتَ وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ».

    أيُّها الإخوة الكرام: يَقولُ ابنُ كَثيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وهذا الحَديثُ في غايَةِ الحُسنِ في المَعنى، وهوَ مُناسِبٌ للصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، لأنَّهُ في المَقامِ العالي، فهوَ الذي لو وُزِنَ إيمانُ الأمَّةِ بإيمانِهِ لَرَجَحَ إيمانُهُ، فاللَّائِقُ به أن يَعفُوَ، وأن لا يَرُدَّ، وهكذا شأنُ الكِبارِ.

    التَّسابُقُ بالخَيراتِ من شَأنِ الكُمَّلِ من الرِّجالِ:

    أيُّها الإخوة الكرام: قُدوَتُنا وأُسوَتُنا في الأخلاقِ هوَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قُدوَتُنا وأُسوَتُنا في ساعَةِ الغَضَبِ خاصَّةً يَجِبُ أن تَكونَ بسيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ في اتِّباعِ الصَّحبِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ تعالى عنهُم، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾. وقال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم﴾.

    فهذا الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنهُ من السَّابقينَ بالخَيراتِ في ساعاتِ الرِّضا والرَّاحَةِ، كما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُم الْيَوْمَ صَائِماً؟»

    قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا.

    قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُم الْيَوْمَ جَنَازَةً؟»

    قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا.

    قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُم الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟»

    قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا.

    قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُم الْيَوْمَ مَرِيضاً؟»

    قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا.

    فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ».

    كما أنَّهُ مُتَّبِعٌ ومُلتَزِمٌ وحَريصٌ على رِضا سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وسابِقٌ بالخَيراتِ في ساعاتِ الغَضَبِ، لذلكَ كانَ حَريصاً رَضِيَ اللهُ عنهُ على عَدَمِ إغضابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فكانَ مُسارِعاً إلى إرضائِهِ.

    فَظَلَّ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عنهُ بَعدَ ذلكَ مُتَمَسِّكاً بالحِلمِ وكَظمِ الغَيظِ، حتَّى عُرِفَ بالحِلمِ والأناةِ، ولِينِ الجانِبِ، والرِّفقِ، وهذا لا يَعني أنَّهُ كانَ لا يَغضَبُ، بل كانَ يَغضَبُ لله عزَّ وجلَّ، وخاصَّةً إذا رأى مَحارِمَ الله قد انتُهِكَت.

    خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

    أيُّها الإخوة الكرام: نحنُ بأمَسِّ الحاجَةِ إلى أن نَسيرَ سَيرَ هؤلاءِ الرِّجالِ، وخاصَّةً في أيَّامِ الأزَماتِ، لأنَّهُ في الأزَماتِ إذا لم يَتَحَلَّ الإنسانُ بالأخلاقِ الفاضِلَةِ فإنَّهُ يَزيدُ الطِّينَ بِلَّةً.

    أسألُ اللهَ تعالى أن يُلهِمَنا جَميعاً الرُّشدَ، وحُسنَ الأخلاقِ، وأن يُطفِئَ ربُّنا عزَّ وجلَّ نارَ هذهِ الفِتنَةِ بِجُودِهِ وكَرَمِهِ وإحسانِهِ. آمين.

    وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 23/11/2024, 11:59