مع الحبيب المصطفى: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟»
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
71ـ صورة من غضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (5)
«يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ اللهُ تعالى لهُ بأخلاقِهِ العَظيمَةِ، فقال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم﴾.
ومن أخلاقِهِ العَظيمَةِ أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَغضَبُ لله تعالى، يَغضَبُ إذا وَقَعَ ظُلمٌ على أحَدٍ من خَلقِ الله تعالى وخاصَّةً إن كانَ ضَعيفاً، مِثلَ العَبدِ الرَّقيقِ.
روى الإمام مسلم عن أَبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلْفِي: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ. فَلَمْ أَفْهَم الصَّوْتَ مِن الْغَضَبِ.
فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ».
فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي.
فَقَالَ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ».
فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً.
وفي روايةٍ ثانيةٍ كذلكَ عندَ الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتاً: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، للهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ».
فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ الله.
فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ».
ما عَرَفَ قَدْرَ الإنسانِ أحَدٌ مِثلُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: بِحَقٍّ ما عَرَفَ قَدْرَ الإنسانِ أحَدٌ مِثلُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فهذا هوَ الحَبيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرسي للبَشَرِيَّةِ جَمعاءَ قَيمَةَ الإنسانِ في حَجَّةِ الوَداعِ، ولِيُخرِسَ بذلكَ أدعِياءَ الإنسانِيَّةِ، وأدعِياءَ التَّقَدُّمِ والحَضارَةِ، الذينَ يَخدَعونَ النَّاسَ بِشِعاراتٍ بَرَّاقَةٍ، وهُم من ألَدِّ الأعداءِ للبَشَرِيَّةِ والإنسانِيَّةِ.
وَقَفَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَداعِ لِيَقولَ للنَّاسِ جميعاً: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟»
قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟»
قَالُوا: «يَوْمٌ حَرَامٌ»
ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟»
قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ.
ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟»
قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ.
قَالَ: «فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَبَلَّغْتُ؟»
قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: «لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» رواه الإمام أحمد في مسنَدِهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
«يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟»:
أيُّها الإخوة الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَكَّى نُفوسَ أصحابِهِ، وخاصَّةً المُقَرَّبينَ منهُ، المُكثِرينَ من مُخالَطَتِهِ، وعَمِلَ على تَنقِيَتِهِم من جَميعِ المُخالَفاتِ الصَّغيرَةِ والكَبيرَةِ، كما عَمِلَ على تَحَلِّيَتِهِم بالفَضائِلِ من أعمالِ القُلوبِ والجَوارِحِ، مُبادِراً إلى نَهيِهِم عن كُلِّ خَطَأٍ يَراهُ عَلَيهِم، أو زَلَّةٍ يَقَعونَ فيها، بِحِكمَةٍ رائِعَةٍ تَبني دونَ أن تُهَدِّمَ.
روى الإمام البخاري عَن الْمَعْرُورِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ـ موضِعٌ في البادِيَةِ شِمالَ المدينَةِ المنوَّرَةِ، سَكَنَهُ أبو ذَرٍّ، وبه كانَت وفاتُهُ، فَدُفِنَ فيهِ ـ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلاً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ.
فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُم اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ».
وفي رواية الإمام مسلم قال المعرورُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: مَرَرْنَا بِأَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ ـ كِساءٌ من صوفٍ من لِباس الأعرابِ ـ وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ.
فَقُلْنَا: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً ـ لباساً كاملاً، اتَّزَرتَ بأحَدِهِما، وارتَدَيتَ الآخَرَ ـ
فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِي كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ. ـ هذا اعتِذارٌ من أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، حاصِلُهُ أنَّ المَعروفَ فيما بَينَ النَّاسِ أنَّ الرَّجُلَ المَسبوبَ يَرُدُّ على السَّابِّ بِسَبِّ والِدَيهِ، ولا يَعُدُّهُ أحَدٌ ظالِماً أو مُنكِراً ـ.
لا إصرارٌ، ولا عِنادٌ، ولا تَبريرٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد سَمَت نُفوسُ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، وتَعَلَّموا الصِّدقَ، فإذا ما وَقَعَ أحَدٌ منهُم بِمُخالَفَةٍ فإنَّهُ لا يُصِرُّ، ولا يُعانِدُ، ولا يُبَرِّرُ، بل كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون﴾.
جاءَ في شَرحِ صَحيحِ البخاري لابنِ بطال:
كانَ بَينَ أبي ذَرٍّ وبَينَ بِلالٍ مُحاوَرَةٌ، فَعَيَّرَهُ أبو ذَرٍّ بِسَوادِ أمِّهِ، فانطَلَقَ بِلالٌ إلى رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَشَكَى إليهِ تَعييرَهُ بذلكَ ـ في روايةٍ قال له: يا ابن السَّوداءِ ـ
فَأَمَرَهُ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن يَدعوهُ، فَلمَّا جاءَهُ أبو ذَرٍّ، قال لهُ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «شَتَمتَ بِلالاً وعَيَّرتَهُ بِسَوادِ أمِّهِ؟»
قال: نَعَم.
قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ما كُنتُ أحسِبُ أنَّهُ بَقِيَ في صَدرِكَ من كِبرِ الجاهِلِيَّةِ شَيءٌ»
فألقَى أبو ذَرٍّ نَفسَهُ بالأرضِ، ثمَّ وَضَعَ خَدَّهُ على التُّرابِ وقال: والله لا أرفَعُ خَدِّي من التُّرابِ حتَّى يَطَأَ بِلالٌ خَدِّي بِقَدَمِهِ، فَوَطِئَ خَدَّهُ بِقَدَمِهِ.
رَضِيَ اللهُ تعالى عن صَحابَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِندَما تَجاوَبوا معَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في تَزكِيَةِ نُفوسِهِم، فكانَ الواحِدُ منهُم إذا وَقَعَ في خَطَأٍ ما أقلَعَ عنهُ مُباشَرَةً، ونَدِمَ على ما فَعَلَ، وجَزَمَ على أن لا يَعودَ، ولم يُبَرِّرْ، ولم يُعانِدْ، ولم يُصِرَّ على ما فَعَلَ.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَغضَبُ إذا رأى في بَعضِ أصحابِهِ فِعلاً من أفعالِ الجاهِلِيَّةِ، فقد ربَّاهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على عَدَمِ التَّفاضُلِ إلا بالتَّقوى، تَطبيقاً لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾.
وقد جاءَ في مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «انْظُرْ، فَإِنَّكَ لَيْسَ بِخَيْرٍ مِنْ أَحْمَرَ وَلَا أَسْوَدَ إِلَّا أَنْ تَفْضُلَهُ بِتَقْوَى».
اللَّهُمَّ أزِلْ ما بَينَنا من صِفاتٍ لا تُرضيكَ من بَينِنا، واجعَلنا كما تُحِبُّ وتَرضى. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
71ـ صورة من غضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (5)
«يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ اللهُ تعالى لهُ بأخلاقِهِ العَظيمَةِ، فقال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم﴾.
ومن أخلاقِهِ العَظيمَةِ أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَغضَبُ لله تعالى، يَغضَبُ إذا وَقَعَ ظُلمٌ على أحَدٍ من خَلقِ الله تعالى وخاصَّةً إن كانَ ضَعيفاً، مِثلَ العَبدِ الرَّقيقِ.
روى الإمام مسلم عن أَبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلْفِي: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ. فَلَمْ أَفْهَم الصَّوْتَ مِن الْغَضَبِ.
فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ».
فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي.
فَقَالَ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ».
فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً.
وفي روايةٍ ثانيةٍ كذلكَ عندَ الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتاً: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، للهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ».
فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ الله.
فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ».
ما عَرَفَ قَدْرَ الإنسانِ أحَدٌ مِثلُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
أيُّها الإخوة الكرام: بِحَقٍّ ما عَرَفَ قَدْرَ الإنسانِ أحَدٌ مِثلُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فهذا هوَ الحَبيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرسي للبَشَرِيَّةِ جَمعاءَ قَيمَةَ الإنسانِ في حَجَّةِ الوَداعِ، ولِيُخرِسَ بذلكَ أدعِياءَ الإنسانِيَّةِ، وأدعِياءَ التَّقَدُّمِ والحَضارَةِ، الذينَ يَخدَعونَ النَّاسَ بِشِعاراتٍ بَرَّاقَةٍ، وهُم من ألَدِّ الأعداءِ للبَشَرِيَّةِ والإنسانِيَّةِ.
وَقَفَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَجَّةِ الوَداعِ لِيَقولَ للنَّاسِ جميعاً: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟»
قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟»
قَالُوا: «يَوْمٌ حَرَامٌ»
ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟»
قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ.
ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟»
قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ.
قَالَ: «فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَبَلَّغْتُ؟»
قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: «لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» رواه الإمام أحمد في مسنَدِهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
«يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟»:
أيُّها الإخوة الكرام: سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَكَّى نُفوسَ أصحابِهِ، وخاصَّةً المُقَرَّبينَ منهُ، المُكثِرينَ من مُخالَطَتِهِ، وعَمِلَ على تَنقِيَتِهِم من جَميعِ المُخالَفاتِ الصَّغيرَةِ والكَبيرَةِ، كما عَمِلَ على تَحَلِّيَتِهِم بالفَضائِلِ من أعمالِ القُلوبِ والجَوارِحِ، مُبادِراً إلى نَهيِهِم عن كُلِّ خَطَأٍ يَراهُ عَلَيهِم، أو زَلَّةٍ يَقَعونَ فيها، بِحِكمَةٍ رائِعَةٍ تَبني دونَ أن تُهَدِّمَ.
روى الإمام البخاري عَن الْمَعْرُورِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ـ موضِعٌ في البادِيَةِ شِمالَ المدينَةِ المنوَّرَةِ، سَكَنَهُ أبو ذَرٍّ، وبه كانَت وفاتُهُ، فَدُفِنَ فيهِ ـ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلاً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ.
فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُم اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ».
وفي رواية الإمام مسلم قال المعرورُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: مَرَرْنَا بِأَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ ـ كِساءٌ من صوفٍ من لِباس الأعرابِ ـ وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ.
فَقُلْنَا: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً ـ لباساً كاملاً، اتَّزَرتَ بأحَدِهِما، وارتَدَيتَ الآخَرَ ـ
فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِي كَلَامٌ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ. ـ هذا اعتِذارٌ من أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، حاصِلُهُ أنَّ المَعروفَ فيما بَينَ النَّاسِ أنَّ الرَّجُلَ المَسبوبَ يَرُدُّ على السَّابِّ بِسَبِّ والِدَيهِ، ولا يَعُدُّهُ أحَدٌ ظالِماً أو مُنكِراً ـ.
لا إصرارٌ، ولا عِنادٌ، ولا تَبريرٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد سَمَت نُفوسُ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، وتَعَلَّموا الصِّدقَ، فإذا ما وَقَعَ أحَدٌ منهُم بِمُخالَفَةٍ فإنَّهُ لا يُصِرُّ، ولا يُعانِدُ، ولا يُبَرِّرُ، بل كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون﴾.
جاءَ في شَرحِ صَحيحِ البخاري لابنِ بطال:
كانَ بَينَ أبي ذَرٍّ وبَينَ بِلالٍ مُحاوَرَةٌ، فَعَيَّرَهُ أبو ذَرٍّ بِسَوادِ أمِّهِ، فانطَلَقَ بِلالٌ إلى رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَشَكَى إليهِ تَعييرَهُ بذلكَ ـ في روايةٍ قال له: يا ابن السَّوداءِ ـ
فَأَمَرَهُ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أن يَدعوهُ، فَلمَّا جاءَهُ أبو ذَرٍّ، قال لهُ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «شَتَمتَ بِلالاً وعَيَّرتَهُ بِسَوادِ أمِّهِ؟»
قال: نَعَم.
قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ما كُنتُ أحسِبُ أنَّهُ بَقِيَ في صَدرِكَ من كِبرِ الجاهِلِيَّةِ شَيءٌ»
فألقَى أبو ذَرٍّ نَفسَهُ بالأرضِ، ثمَّ وَضَعَ خَدَّهُ على التُّرابِ وقال: والله لا أرفَعُ خَدِّي من التُّرابِ حتَّى يَطَأَ بِلالٌ خَدِّي بِقَدَمِهِ، فَوَطِئَ خَدَّهُ بِقَدَمِهِ.
رَضِيَ اللهُ تعالى عن صَحابَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِندَما تَجاوَبوا معَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في تَزكِيَةِ نُفوسِهِم، فكانَ الواحِدُ منهُم إذا وَقَعَ في خَطَأٍ ما أقلَعَ عنهُ مُباشَرَةً، ونَدِمَ على ما فَعَلَ، وجَزَمَ على أن لا يَعودَ، ولم يُبَرِّرْ، ولم يُعانِدْ، ولم يُصِرَّ على ما فَعَلَ.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَغضَبُ إذا رأى في بَعضِ أصحابِهِ فِعلاً من أفعالِ الجاهِلِيَّةِ، فقد ربَّاهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على عَدَمِ التَّفاضُلِ إلا بالتَّقوى، تَطبيقاً لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾.
وقد جاءَ في مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «انْظُرْ، فَإِنَّكَ لَيْسَ بِخَيْرٍ مِنْ أَحْمَرَ وَلَا أَسْوَدَ إِلَّا أَنْ تَفْضُلَهُ بِتَقْوَى».
اللَّهُمَّ أزِلْ ما بَينَنا من صِفاتٍ لا تُرضيكَ من بَينِنا، واجعَلنا كما تُحِبُّ وتَرضى. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin