مع الحبيب المصطفى: فليستقد مني اليوم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
66ـ فليستقد مني اليوم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: اِحذَروا ظُلمَ الضُّعَفاءِ مِمَّن لا ناصِرَ لهُم إلا اللهُ تعالى، جاءَ في الحديثِ القُدسِيِّ الذي رواه الطبراني في الأوسط عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اشتَدَّ غَضَبي على من ظَلَمَ من لا يَجِدُ ناصِراً غَيري».
فاللهُ تعالى يُملي للظَّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لم يُفلِتْهُ، فلا يَغتَرَّ أحَدٌ بإمهالِ الله تعالى للظَّالِمِ وعَدَمِ مُعاجَلَتِهِ بالعُقوبَةِ له.
اللهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد ربَّى سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أصحابَهُ الكِرامَ على مُراقَبَةِ الله تعالى، وإذا دَعَتْهُم قُدرَتُهُم على ظُلمِ الآخَرينَ فليَعلَموا بأنَّ اللهَ تعالى أقدَرُ عليهِم من قُدرَتِهِم على الضُّعَفاءِ.
روى الإمام مسلم عن أَبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلْفِي: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ.
فَلَمْ أَفْهَم الصَّوْتَ مِن الْغَضَبِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ».
قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي.
فَقَالَ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ».
قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً.
وفي روايَةٍ قال أبو مَسعُودٍ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتاً: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، للهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ».
فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ الله.
فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ».
﴿أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: هؤلاءِ الظَّالِمونَ، أَلا يَظُنُّونَ أَنَّهُم مَبْعُوثُون لِيَوْمٍ عَظِيم، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين؟ هؤلاءِ الذينَ يَتَعَدُّونَ على صَنعَةِ الخالِقِ جلَّ وعَلا، أمَا عَلِموا أنَّ التَّعَدِّيَ على الصَّنعَةِ هوَ في الحَقيقَةِ تَعَدٍّ على صانِعِها؟
أيُّها الإخوة الكرام: الإنسانُ مُكَرَّمٌ عِندَ الله تعالى أيَّما تَكريمٍ، وقد فَضَّلَهُ اللهُ تعالى على سائِرِ المَخلوقاتِ، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا﴾. هذا بشكلٍ عامٍّ في حَقِّ كُلِّ إنسانٍ خَلَقَهُ اللهُ تعالى.
فإذا قَبِلَ الإنسانُ تَحَمُّلَ الأمانَةِ التي عَرَضَها اللهُ تعالى على السَّماواتِ والأرضِ والجِبالِ فأبَت، وحَمَلَها بِحَقٍّ صارَ مُسلِماً مُؤمِناً زادَت كَرامَتُهُ، وعَظُمَت مَكانَتُهُ، وتَأكَّدَت حُقوقُهُ.
روى البيهقي عن أبي حازمٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: نَظَرَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الكَعبَةِ وقال: «مَرحَباً بِكِ من بَيتٍ، ما أعظَمَكِ وأعظَمَ حُرمَتَكِ، وللمُؤمِنُ أعظَمُ حُرمَةً عِندَ الله مِنكِ».
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ».
وروى الإمام البخاري عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قالَ في حَجَّةِ الوَداعِ أمامَ أكثَرَ من مئةِ ألفٍ من أمَّتِهِ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا».
ولكن أيُّها الإخوة الكرام، من يَستَجيبُ لأمرِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هذا؟ الذينَ يَستَجيبونَ هُمُ الذينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مَبْعُوثُون لِيَوْمٍ عَظِيم، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين.
وأيقَنُ النَّاسِ بِيَومِ القِيامَةِ هوَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَلْيَسْتَقِدْ منهُ:
أيُّها الإخوة الكرام: يَقولُ مولانا عزَّ وجلَّ: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر﴾. فلا يَسَعُني ونحنُ نَعيشُ هذهِ الأزمَةَ التي كَثُرَ فيها ظُلمُ الأبرِياءِ من قَتلٍ وسَلبٍ وشَتمٍ، إلا أن أُذَكِّرَكُم بِمَوقِفٍ من مَواقفِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي عَرَفَ حُقوقَ العِبادِ، وعَرَّفَ العِبادَ على حُقوقِ بَعضِهِمُ البَعضِ.
أُذَكِّرُ النَّاسَ بِمَوقِفٍ من مَواقفِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي خافَ أن يَلقى اللهَ تعالى وفي ذِمَّتِهِ شيءٌ لِعَبدٍ من عَبيدِ الله.
لقد وَقَفَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في المَرَضِ الذي انتَقَلَ فيهِ إلى الرَّفيقِ الأعلى خَطيباً في النَّاسِ قائلاً: «يا أيُّها النَّاسُ، إنَّهُ قَد دَنَى مِنِّي حُقوقٌ من بَينِ أظهُرِكُم، فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْراً فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ منهُ ـ أي: فليَستَقضِ منهُ ـ وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضاً فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ منه، وَمَنْ كُنْتُ أَخَذْتُ لَهُ مَالاً فَهَذَا مَالِي فَلْيَسْتَقِدْ منهُ» رواه الطبراني في الأوسط عن الفَضلِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وفي رواية أخرى للطبراني عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ مَوْعُوكًا قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:«خُذْ بِيَدِي يَا فَضْلُ» ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمِنْبَرِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«صَحْ فِي النَّاسِ»، فَصِحْتُ فِي النَّاسِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ، أَلا إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرَهُ فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدَّ مِنْهُ، أَلا وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضاً فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدَّ مِنْهُ، أَلا لا يَقُولَنَّ رَجُلٌ إِنِّي أَخْشَى الشَّحْنَاءَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَلا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ طَبِيعَتِي وَلا مِنْ شَأْنِي، أَلا وَإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ مَنْ أَخَذَ حَقّاً إِنْ كَانَ لَهُ، أَوْ حَلَّلَنِي فَلَقِيتُ اللهَ وَأَنَا طَيِّبُ النَّفْسِ، أَلا وَإِنِّي لا أَرَى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنِّي حَتَّى أَقُومَ فِيكُمْ مِرَاراً».
أيُّها الإخوة الكرام: إذا كانَ هذا مَوقِفُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فكيفَ حالُ الأمَّةِ اليومَ؟ هل نَسِيَ النَّاسُ يومَ القِيامَةِ؟
الدَّواوينُ ثلاثَةٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: حُقوقُ العِبادِ عَظيمَةٌ وعَظيمَةٌ جِدَّاً، وأذِيَّةُ العِبادِ من أعظَمِ الذُّنوبِ التي لا يَغفِرُها اللهُ سُبحانَهُ وتعالى، فاللهُ تعالى يَغفِرُ الذُّنوب التي بَينَ العَبدِ وربِّهِ، أمَّا حُقوقُ العِبادِ فلا تُغفَرُ.
روى الحاكم والبيهقي ـ واللَّفظُ له ـ عن عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدَّواوينُ ثَلاثَةٌ: دِيوانٌ لا يَغفِرُهُ اللهُ، الإشراكُ بالله، يَقولُ الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾.
ودِيوانٌ لا يَترُكُهُ اللهُ، ظُلمُ العِبادِ فيما بَينَهُم حتَّى يَقتَصَّ بَعضُهُم من بَعضٍ.
ودِيوانٌ لا يَعبَأُ اللهُ به، ظُلمُ العِبادِ فيما بَينَهُم وبَينَ الله، فَذاكَ إلى الله، إن شاءَ عَذَّبَهُ، وإن شاءَ تَجاوَزَ عنهُ».
أيُّها الإخوة الكرام: اِحذَروا أذِيَّةَ العِبادِ، روى الحاكم عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قِيلَ لرسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إنَّ فُلانَةً تُصَلِّي اللَّيلَ وتَصومُ النَّهارَ، وفي لِسانِها شَيءٌ يُؤذي جِيرانَها سَليطَةً.
فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لا خَيرَ فيها، هيَ في النَّارِ».
هيَ في النَّارِ معَ كَونِها صَوَّامَةً قَوَّامَةً، إلا أنَّها تُؤذي جِيرانَها، فكيفَ إذا كانَ الإيذاءُ مِمَّن لا يُصَلِّي ولا يَصومُ، فهذا العَبدُ الذي ضَيَّعَ حُقوقَ الله تعالى وحُقوقَ العِبادِ.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: إذا سَوَّلَت لنا أنفُسُنا الظُّلمَ للآخَرينَ فلنَذكُر قُدرَةَ الله تعالى علينا، وإذا وَقَعنا في الظُّلمِ للآخَرينَ ـ لا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ فعلينا أن نَتوبَ إلى الله تعالى من ذلكَ، وذلكَ إمَّا بإرضاءِ من ظَلَمناهُ بالقِصاصِ، أو السَّماحِ منهُ.
وإلا فالعَبدُ نادِمٌ يومَ القِيامَةِ، وخاصَّةً عِندَما تُنشَرُ الدَّواوينُ.
أسألُ اللهَ تعالى أن يَجعَلَ ذِمَّتَنا بَريئَةً، وخاصَّةً من حُقوقِ العِبادِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
66ـ فليستقد مني اليوم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: اِحذَروا ظُلمَ الضُّعَفاءِ مِمَّن لا ناصِرَ لهُم إلا اللهُ تعالى، جاءَ في الحديثِ القُدسِيِّ الذي رواه الطبراني في الأوسط عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اشتَدَّ غَضَبي على من ظَلَمَ من لا يَجِدُ ناصِراً غَيري».
فاللهُ تعالى يُملي للظَّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لم يُفلِتْهُ، فلا يَغتَرَّ أحَدٌ بإمهالِ الله تعالى للظَّالِمِ وعَدَمِ مُعاجَلَتِهِ بالعُقوبَةِ له.
اللهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا:
أيُّها الإخوة الكرام: لقد ربَّى سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أصحابَهُ الكِرامَ على مُراقَبَةِ الله تعالى، وإذا دَعَتْهُم قُدرَتُهُم على ظُلمِ الآخَرينَ فليَعلَموا بأنَّ اللهَ تعالى أقدَرُ عليهِم من قُدرَتِهِم على الضُّعَفاءِ.
روى الإمام مسلم عن أَبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلْفِي: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ.
فَلَمْ أَفْهَم الصَّوْتَ مِن الْغَضَبِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ».
قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي.
فَقَالَ: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ».
قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً.
وفي روايَةٍ قال أبو مَسعُودٍ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَاماً لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتاً: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، للهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ».
فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ الله.
فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ».
﴿أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون﴾:
أيُّها الإخوة الكرام: هؤلاءِ الظَّالِمونَ، أَلا يَظُنُّونَ أَنَّهُم مَبْعُوثُون لِيَوْمٍ عَظِيم، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين؟ هؤلاءِ الذينَ يَتَعَدُّونَ على صَنعَةِ الخالِقِ جلَّ وعَلا، أمَا عَلِموا أنَّ التَّعَدِّيَ على الصَّنعَةِ هوَ في الحَقيقَةِ تَعَدٍّ على صانِعِها؟
أيُّها الإخوة الكرام: الإنسانُ مُكَرَّمٌ عِندَ الله تعالى أيَّما تَكريمٍ، وقد فَضَّلَهُ اللهُ تعالى على سائِرِ المَخلوقاتِ، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا﴾. هذا بشكلٍ عامٍّ في حَقِّ كُلِّ إنسانٍ خَلَقَهُ اللهُ تعالى.
فإذا قَبِلَ الإنسانُ تَحَمُّلَ الأمانَةِ التي عَرَضَها اللهُ تعالى على السَّماواتِ والأرضِ والجِبالِ فأبَت، وحَمَلَها بِحَقٍّ صارَ مُسلِماً مُؤمِناً زادَت كَرامَتُهُ، وعَظُمَت مَكانَتُهُ، وتَأكَّدَت حُقوقُهُ.
روى البيهقي عن أبي حازمٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: نَظَرَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الكَعبَةِ وقال: «مَرحَباً بِكِ من بَيتٍ، ما أعظَمَكِ وأعظَمَ حُرمَتَكِ، وللمُؤمِنُ أعظَمُ حُرمَةً عِندَ الله مِنكِ».
وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ».
وروى الإمام البخاري عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قالَ في حَجَّةِ الوَداعِ أمامَ أكثَرَ من مئةِ ألفٍ من أمَّتِهِ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا».
ولكن أيُّها الإخوة الكرام، من يَستَجيبُ لأمرِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هذا؟ الذينَ يَستَجيبونَ هُمُ الذينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مَبْعُوثُون لِيَوْمٍ عَظِيم، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين.
وأيقَنُ النَّاسِ بِيَومِ القِيامَةِ هوَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَلْيَسْتَقِدْ منهُ:
أيُّها الإخوة الكرام: يَقولُ مولانا عزَّ وجلَّ: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر﴾. فلا يَسَعُني ونحنُ نَعيشُ هذهِ الأزمَةَ التي كَثُرَ فيها ظُلمُ الأبرِياءِ من قَتلٍ وسَلبٍ وشَتمٍ، إلا أن أُذَكِّرَكُم بِمَوقِفٍ من مَواقفِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي عَرَفَ حُقوقَ العِبادِ، وعَرَّفَ العِبادَ على حُقوقِ بَعضِهِمُ البَعضِ.
أُذَكِّرُ النَّاسَ بِمَوقِفٍ من مَواقفِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي خافَ أن يَلقى اللهَ تعالى وفي ذِمَّتِهِ شيءٌ لِعَبدٍ من عَبيدِ الله.
لقد وَقَفَ سيِّدُنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في المَرَضِ الذي انتَقَلَ فيهِ إلى الرَّفيقِ الأعلى خَطيباً في النَّاسِ قائلاً: «يا أيُّها النَّاسُ، إنَّهُ قَد دَنَى مِنِّي حُقوقٌ من بَينِ أظهُرِكُم، فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْراً فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ منهُ ـ أي: فليَستَقضِ منهُ ـ وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضاً فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ منه، وَمَنْ كُنْتُ أَخَذْتُ لَهُ مَالاً فَهَذَا مَالِي فَلْيَسْتَقِدْ منهُ» رواه الطبراني في الأوسط عن الفَضلِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وفي رواية أخرى للطبراني عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَوَجَدْتُهُ مَوْعُوكًا قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ، فَقَالَ:«خُذْ بِيَدِي يَا فَضْلُ» ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمِنْبَرِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«صَحْ فِي النَّاسِ»، فَصِحْتُ فِي النَّاسِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ، أَلا إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرَهُ فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدَّ مِنْهُ، أَلا وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضاً فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدَّ مِنْهُ، أَلا لا يَقُولَنَّ رَجُلٌ إِنِّي أَخْشَى الشَّحْنَاءَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَلا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ طَبِيعَتِي وَلا مِنْ شَأْنِي، أَلا وَإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ مَنْ أَخَذَ حَقّاً إِنْ كَانَ لَهُ، أَوْ حَلَّلَنِي فَلَقِيتُ اللهَ وَأَنَا طَيِّبُ النَّفْسِ، أَلا وَإِنِّي لا أَرَى ذَلِكَ مُغْنِيًا عَنِّي حَتَّى أَقُومَ فِيكُمْ مِرَاراً».
أيُّها الإخوة الكرام: إذا كانَ هذا مَوقِفُ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فكيفَ حالُ الأمَّةِ اليومَ؟ هل نَسِيَ النَّاسُ يومَ القِيامَةِ؟
الدَّواوينُ ثلاثَةٌ:
أيُّها الإخوة الكرام: حُقوقُ العِبادِ عَظيمَةٌ وعَظيمَةٌ جِدَّاً، وأذِيَّةُ العِبادِ من أعظَمِ الذُّنوبِ التي لا يَغفِرُها اللهُ سُبحانَهُ وتعالى، فاللهُ تعالى يَغفِرُ الذُّنوب التي بَينَ العَبدِ وربِّهِ، أمَّا حُقوقُ العِبادِ فلا تُغفَرُ.
روى الحاكم والبيهقي ـ واللَّفظُ له ـ عن عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدَّواوينُ ثَلاثَةٌ: دِيوانٌ لا يَغفِرُهُ اللهُ، الإشراكُ بالله، يَقولُ الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾.
ودِيوانٌ لا يَترُكُهُ اللهُ، ظُلمُ العِبادِ فيما بَينَهُم حتَّى يَقتَصَّ بَعضُهُم من بَعضٍ.
ودِيوانٌ لا يَعبَأُ اللهُ به، ظُلمُ العِبادِ فيما بَينَهُم وبَينَ الله، فَذاكَ إلى الله، إن شاءَ عَذَّبَهُ، وإن شاءَ تَجاوَزَ عنهُ».
أيُّها الإخوة الكرام: اِحذَروا أذِيَّةَ العِبادِ، روى الحاكم عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: قِيلَ لرسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إنَّ فُلانَةً تُصَلِّي اللَّيلَ وتَصومُ النَّهارَ، وفي لِسانِها شَيءٌ يُؤذي جِيرانَها سَليطَةً.
فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لا خَيرَ فيها، هيَ في النَّارِ».
هيَ في النَّارِ معَ كَونِها صَوَّامَةً قَوَّامَةً، إلا أنَّها تُؤذي جِيرانَها، فكيفَ إذا كانَ الإيذاءُ مِمَّن لا يُصَلِّي ولا يَصومُ، فهذا العَبدُ الذي ضَيَّعَ حُقوقَ الله تعالى وحُقوقَ العِبادِ.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّها الإخوة الكرام: إذا سَوَّلَت لنا أنفُسُنا الظُّلمَ للآخَرينَ فلنَذكُر قُدرَةَ الله تعالى علينا، وإذا وَقَعنا في الظُّلمِ للآخَرينَ ـ لا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ فعلينا أن نَتوبَ إلى الله تعالى من ذلكَ، وذلكَ إمَّا بإرضاءِ من ظَلَمناهُ بالقِصاصِ، أو السَّماحِ منهُ.
وإلا فالعَبدُ نادِمٌ يومَ القِيامَةِ، وخاصَّةً عِندَما تُنشَرُ الدَّواوينُ.
أسألُ اللهَ تعالى أن يَجعَلَ ذِمَّتَنا بَريئَةً، وخاصَّةً من حُقوقِ العِبادِ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin