إن الذي تضمن هذا الجزء الرابع من الإقليم الثالث من البلاد البرية سنتريه وصحار متصلة إلى أعمال الإسكندرية ومع ذلك ديار مصر وبعض بلادها العليا وبلاد أسفل الأرض منها متصلة بمعظم النيل وبلاد الفيوم والريف ثم أسفل الأرض وما تحويه من الأقاليم والبلاد المعمورة التي هي من أعمال مصر ومنسوبة إليها ونذكر ذلك ذكراً متصلاً شافياً ونذكر من أخبار مصر وعجائب بنيانها ومشاهير عجائبها والداخل فيها والخارج عنها ومقاييس مياهها كل ذلك على توال ونسق إن شاء الله تعالى.
فنقول إن من مدينة برقة إلى الإسكندرية على طريق مستقيم إحدى وعشرون مر حلة وذلك من مدينة برقة إلى قصر الندامة ستة أميال ومنها إلى تاكنست ستة وعشرون ميلاً إلى مغار الرقيم خمسة وعشرون ميلاً وهنا يجتمع هذا الطريق بالطريق الأعلى ومن مغار الرقيم إلى جب حليمة خمسة وثلاثون ميلاً ومن جب حليمة إلى وادي مخيل خمسة وثلاثون ميلاً ومن وادي مخيل إلى جب الميدان خمسة وثلاثون ميلاً ومن جب الميدان إلى جناد الصغير خمسة وثلاثون ميلاً إلى حب عبد الله ثلاثون ميلاً ثم إلى مرج الشيخ ثلاثون ميلاً ثم إلى العقبة عشرون ميلاً ثم إلى حوانيت أبي حليمة عشرون ميلاً ومن حوانيت أبي حليمة إلى خربة القوم خمسة وثلاثون ميلاً ثم إلى قصر الشماس خمسة عشر ميلاً ومن قصر الشماس إلى سكة الحمام خمسة وعشرون ميلاً ومن سكة الحمام إلى جب العوسج ثلاثون ميلاً ومن جب العوسج إلى كنائس الحرير إلى الطاحونة أربعة وعشرون ميلاً ومن الطاحونة إلى حنية الروم ثلاثون ميلاً ومن حنية الروم إلى ذات الحمام أربعة وثلاثون ميلاً ومن ذات الحمام إلى ثونية ثمانية عشر ميلاً ومن ثونية إلى الإسكندرية عشرون ميلاً وهذه الطريق هي الطريق العليا في الصحراء وأما طريق الساحل فإنه من الإسكندرية إلى رأس الكنائس ثلاثة مجار ومن رأس الكنائس إلى مرسى الطرفاوى مجرى ومن مرسى الطرفاوى إلى أول جون رمادة خمسون ميلاً ومنه إلى عقبة السلم ومن عقبة السلم إلى مرسى عمارة عشرة أميال ومن مرسى عمارة إلى الملاحة ثلاثون ميلاً ومن الملاحة إلى لكة عشرة أميال ومما يلي لكة في البرية قصران يسمى أحدهما كيب والثاني قمار ومن لكة إلى مرسى طبرقة خمسون ميلاً ومن طبرقة إلى مرسى رأس تينى مجرى ونصف ومن رأس تينى إلى البندرية مجريان ومن البندرية ينعطف البحر ماراً جهة المغرب على استواء طرف التعدية مجريان لا عمارة بهما وإنما هناك مما يلي البحر جبال وشعاب لا يقدر أحد على سلوكها لصعوبة مراقيها وخشونة طرقاتها وتعذر منافذها ومن طرف التعدية يأخذ جون درين في الابتداء إلى آخره وهذا الجون الذي تأتي البندرية في أوله إلى أن ينتهي إلى الإسكندرية قطعة روسية ستة مجار وهو ستمائة ميل وطول هذا الجون على التقوير إلى الإسكندرية أحد عشر مجرى ونصف وهي من الأميال ألف ميل ومائة وخمسون ميلاً ومن آخر عمالة طلميثة المتقدم ذكرها يكون أول عمالة هيب ورواحة وهم قبائل من العرب أهل إبل وأغنام وثروة وبلادهم آمنة وادعة وبجبال أوثان حروث كثيرة وأهلها يتصيدون فيها وينبت بها البطم والعرعر والصنوبر كثيراً وفي هذه الجبال زراعات ومعائش ونخل كثير وعسل عجيب وآخر عمل هيب لكة وبعد البندرية على نحو عشرة أميال قصر كبير يسكنه قوم من لخم ويسمى القصر بهم وأهله كلهم عسالة يتخذون النحل ويشتارون عسلها وأكثرهم يستعملون قطع العرعر ثم يستخرجون منه القطران ويسافرون به إلى ديار مصر.
وأما الإسكندرية فهي مدينة بناها الإسكندر وبه سميت وهي مدينة على نحر البحر الملح وبها آثار عجيبة ورسوم قائمة تشهد لبانيها بالملك والقدرة وتعرب عن تمكن وبصر وهي حصينة الأسرار نامية الأشجار جليلة المقدار كثيرة العمارة رائجة التجارة شامخة البناء رائعة المغنى شوارعها فساح وعقائد بنيانها صحاح وفرش دورها بالرخام والمرمر وحنايا أبنيتها بالعمد المشمر وأسواقها كثيرة الاتساع ومزارعها واسعة الانتفاع والنيل الغربي منها يدخل تحت أقبية دورها كلها وتتصل دواميس بعضها ببعض وهي في ذاتها كثيرة الضياء متقنة الأشياء وفيها المنارة التي ليس على قرار الأرض مثلها بنياناً ولا أوثق منها عقداً أحجارها من صميم الكدان وقد أفرغ الرصاص في أوصالها فبعضها مرتبط ببعض معقود لا ينفك التئامها والبحر يصدم أحجارها من الجهة الشمالية وبين هذه المنارة وبين المدينة ميل في البحر وفي البر ثلاثة أميال وارتفاع هذه المنارة ثلثمائة ذراع بالرشاشي وهو ثلاثة أشبار وذلك أن طولها كله مائة قامة منها ست وتسعون قامة إلى القبة التي في أعلاها وطول القبة أربع قامات ومن الأرض إلى الحزام الأوسط سبعون قامة سواء ومن الحزام الأوسط إلى أعلاها ست وعشرون قامة ويصعد إلى أعلاها من درج عريض في وسطها كالعادة في أدراج الصوامع ومنتهى الدرج الأول إلى نصفها ثم ينقبض البناء في نصفها من الأربعة أوجه وفي جوف هذا البناء وتحت أدراجه بيوت مبنية ومن هذا الحزام الأوسط يطلع بناؤها إلى أعلاها مقبوضاً عن مقدار البناء الأسفل بمقدار ما يستدير به الإنسان من كل ناحية ويصعد أيضاً إلى أعلاها من هذا الحزام في أدراج أقل أبنية من الأدراج السفلى وفيه زراقات أضواء في كل وجه منها يدخل الضوء عليها من خارج إلى داخل بحيث يبصر الصاعد فيها حيث يضع قدميه حين يصعد فيها وهذه المنارة من عجائب بنيان الدنيا علواً ووثاقة والمنفعة فيها أنها علم توقد النار بها في وسطها بالليل والنهار في أوقات سفر المراكب فيرى أهل المراكب تلك النار بالليل والنهار فيعملون عليها وترى من بعد مجرى لأنها تظهر بالليل كالنجم وبالنهار يرى منها دخان وذلك أن مدينة الإسكندرية في قعر الجون متصلة بها أوطئة وصحار متصلة لا جبل بها ولا علامة يستدل بها عليها ولولا تلك النار لضلت أكثر المراكب عن القصد إليها وهذه النار تسمى فانوساً ويقال إن الذي بنى هذه المنارة هو الذي بنى الأهرام التي في حد مدينة الفسطاط من غربي النيل ويقال أيضاً إنها من بنيان الإسكندر عند بنيان الإسكندرية والله أعلم بصحيح ذلك وبالإسكندرية المسلتان وهما حجران على طولهما مربعان وأعلاهما أضيق من أسفلهما وطول الواحدة منهما خمس قيم وعرض قواعدها في كل وجه عشرة أشبار محيط الكل أربعون شبراً وعليها كتابات بالخط السرياني وحكى صاحب كتاب العجائب أنهما منحوتان من حجر جبل بريم في بلاد مصر وعليها مكتوب انا يعمر بن شداد بنيت هذه المدينة حين لا هرم فاش ولا موت ذريع ولا شيب ظاهر وإذ الحجارة كالطين وإذ الناس لا يعرفون لهم رباً إلا يعمر فأقمت أسطواناتها وفجرت أنهارها وغرست أشجارها وأردت أن أطول على الملوك الذين كانوا بها بما أجعله فيها من الآثار المعجزة فأرسلت الثبوت بن مرة العادي ومقدام بن الغمر بن أبي رغال الثمودي إلى جبل بريم الأحمر فاقتطعا منه حجرين وحملاهما على أعناقهما فانكسرت ضلع الثبوت فوددت أن أهل مملكتي كانوا فداء له وأقامهما لي الفطن بن جارود المؤتفكي في يوم السعادة وهذه المسلة الواحدة في ركن البلد من الجهة الشرقية والثانية من هذه المسلات أيضاً في بعض المدينة وقيل إن المجلس الذي بجنوب الإسكندرية المنسوب إلى سليمان بن داود أن يعمر بن شداد بناه ويقال أيضاً إن سليمان بن داود بناه وأسطواناته وعضاداته باقية إلى الآن وصفته أنه مجلس مربع الطول في كل رأس منه ست عشرة سارية وفي الجانبين المتطاولين منه سبع وستون سارية وفي الركن الشمالي منه اسطوانة عظيمة ورأسها عليها وفي أسفلها قاعدة رخام في محيط تربيع وجوهها ثمانون شبراً في عرض كل وجه عشرون شبراً في ارتفاع ثمانين شبراً ودور محيط هذه السارية أربعون شبراً وطولها من القاعدة إلى رأسها تسع قيم والرأس منقوش مخرم بأحكم صنعة وأتقن وضع ولا أخت لها ولا يعلم أحد من أهل الإسكندرية ولا من أهل مصر ما المراد بوضعها مفردة في مكانها وهي الآن مائلة ميلاً كثيراً لكنها ثابتة آمنة من السقوط والإسكندرية من عمالة مصر وقاعدة من قواعدها.
وأرض مصر تتصل حدودها من جهة الجنوب ببلاد النوبة ومن جهة الشمال بالبحر الشامي ومن جهة الشام بفحص التيه ومن جهة الشرق ببحر القلزم ومن جهة المغرب بالواحات.
وأما طول النيل فمن ساحل بحر الروم حيث ابتداؤه إلى أن يتصل بأرض النوبة من وراء الواحات نحو خمس وعشرين مرحلة ومن حد النوبة مما يلي الجنوب مصاقباً لبلاد النوبة نحو ثماني مراحل ويمتد من هناك إلى أول الحد الذي ذكرناه نحو اثنتي عشرة مرحلة.
ومدينة الفسطاط هي مصر سميت بذلك لأن مصرام بن حام بن نوح عليه السلام بناها في الأول وكانت مدينة مصر أولاً عين شمس فلماش نزل عمرو بن العاصي والمسلمون معه في صدر الإسلام وافتتحها اختط المسلمون حول فسطاطه فعمروا مكان مصر الآن وهو المكان الذي هي الآن فيه ويقال إنما سميت بالفسطاط لأن عمرو بن العاصي لما استفتح مصر وأراد المسير إلى الإسكندرية أمر بالفسطاط أن يحط ويسار به أمامه فنزلت حمامة في أعلاه وباضت بيضتها فأخبر بذلك عمرو فأمر أن يترك الفسطاط على حاله إلى أن تخلص الحمامة فرخيها فعل وقال والله ما كنا لنسيء لمن ألفنا واطمأن بجانبنا حتى نفجع هذه الحمامة بكسر بيضها فترك الفسطاط وأقام بمصر إلى أن تخلص فرخ الحمامة ثم ارتحل وتسمى مدينة مصر باللسان اليوناكا ببيلونة وهي الآن مدينة كبيرة على غاية من العمارة والخصب والطيب والحسن فسيحة الطرقات متقنة البناءات قائمة الأسواق نافقة التجارات متصلة العمارات نامية الزراعات لأهلها همم سامية ونفوس نقية عالية وأموال مبسوطة نامية وأمتعة رائقة لا تشتغل نفوسهم بهما ولا تعقد قلوبهم على غم لكثرة أمنهم ورفاهة عيشهم وانبساط العدل والحماية فيهم وطول المدينة ومقدارها ثلاثة فراسخ والنيل يأتيها من أعلى أرضها فيجتازها من ناحية جنوبها وينعطف مع غربيها فينقسم قدامها قسمين يعدى في المدينة من الذراع الواحد إلى الآخر.
وفي هذه الجزيرة مساكن كثيرة جليلة ومبان متصلة على ضفة النيل وهذه الجزيرة تسمى دار المقياس وسنصفه بعد هذا بحول الله وهذه الجزيرة يجاز إليها على جسر فيه نحو ثلاثين سفينة ويجاز القسم الثاني وهو أوسع من الأول على جسر آخر وسفنه أكثر من الأول أضعافاً مضاعفة وطرف هذا الجسر يتصل بالشط المعروف بالجيزة وهناك مبان حسنة وقصور شاهقة العلو وسوق وعمارة.
وأرض مصر شبخة غير خالصة التراب وبنيان دورها كلها وقصورها طبقات بعضها فوق بعض والأعم من ذلك تكون طباقها في العلو خمسه وستة وسبعة وربما سكن في الدار المائة من الناس وأكثر وأخبر الحوقلي في كتابه أنه كان بمصر على عهد تأليفه لكتابه دار تعرف بدار عبد العزيز في الموقف يصب لمن فيها في كل يوم أربعمائة راوية ماء وفيها خمسة مساجد وحمامان وفرنان ومعظم بنيان مصر بالطوب وأكثر سفل ديارهم غير مسكون ولها مسجدان جامعان للجمعة والخطبة فيهما أحدهما بناه عمرو بن العاصي في وسط أسواق تحيط به من كل جهة وكان هذا الجامع في أوله كنيسة للروم فأمر به عمرو فقلب مسجداً جامعاً والمسجد الجامع الثاني هو بأعلى الموقف بناه أبو العباس أحمد بن طولون ولابن طولون أيضاً جامع آخر بناه في القرافة وهو مكان يسكنه المتعبدون وجمل من أهل الخير والعفاف وبالجزيرة التي بين ذراعي النيل جامع وكذلك في الضفة الغربية المسماة بالجيزة.
ومصر بالجملة عامرة بالناس نافقة بضروب المطاعم والمشارب وحسن الملابس وفي أهلها رفاهة وظرف شامل وحلاوة ولها في جميع جوانبها بساتين وجنات وشجر ونخل وقصب سكر وكل ذلك يسقى بماء النيل ومزارعها ممتدة من أسوان إلى حد الإسكندرية ويقيم الماء في أرضهم بالريف منذ ابتداء الحر إلى الخريف ثم ينضب فيزرع عليه ثم لا يسقى بعد ذلك ما زرع عليه ولا يحتاج إلى سقي البتة وأرض مصر لا تمطر ولا تثلج البتة وليس بأرض مصر مدينة يجري فيها الماء من غير حاجة إلا الفيوم.
وأكثر جري النيل في جهة الشمال وعرض العمارة عليه من حد أسوان ما بين نصف يوم إلى يوم إلى أن ينتهي إلى الفسطاط تم تعرض العمارة وتتسع فيكون عرضها من الإسكندرية إلى الحوف الذي يتصل بعمارة القلزم نحو ثمانية أيام وليس في أرض مصر مما يحوز ضفتي النيل شيء قفر وإنما هو كله معمور بالبساتين والأشجار والمدن والقرى والناس والأسواق والبيع والشراء وبين طرفي النيل فيما ثبت في الكتب خمسة آلاف وست مائة وأربعة وثلاثون ميلاً وفي كتاب الخزانة أن طوله أربعة آلاف وخمس مائة وخمسة وتسعون ميلاً وعرضه في بلاد النوبة والحبشة ثلاثة أميال فما دونها وعرضه ببلد مصر ثلثا ميل وليس يشبه نهراً من الأنهار.
وأما الجزيرة التي تقابل مصر وهي التي قدمنا ذكرها حيث المباني والمتنزهات ودار المقياس فإنها جزيرة عرضها بين القسمين من النيل مارة مع المشرق إلى جهة المغرب وطولها بالضد وهو من الجنوب إلى جهة الشمال وطرفها الأعلى -حيث المقياس- عريض ووسطها أعرض من رأسها والطرف الثاني محدود وطولها من رأس إلى رأس ميلان وعرضها مقدار رمية سهم ودار المقياس هي في الرأس العريض من الجهة الشرقية مما يلي الفسطاط وهي دار كبيرة يحيط بها من داخلها في كل وجه أقبية دائرة على عمد وفي وسط الدار فسقية كبيرة عميقة ينزل إليها بدرج رخام على الدائر وفي وسط الفسقية عود رخام قائم وفيه رسوم أعداد أذرع وأصابع بينها وعلى رأس العمود بنيان متقن من الحجر وهو ملون مرسم بالذهب واللازورد وأنواع الأصباغ المحكمة والماء يصل إلى هذه الفسقية على قناة عريضة تصل بينها وبين ماء النيل والماء لا يدخل هذه الجابية إلا عند زيادة ماء النيل وزيادة ماء النيل تكون في شهر أغشت والوفاء من مائه ستة عشر ذراعاً وهو الذي يروي أرض السلطان باعتدال فإذا بلغ النيل ثمانية عشر ذراعاً وروى جميع الأرضين التي هناك فإن بلغ عشرين ذراعاً فهو ضرر وأقل زيادته تكون اثني عشر ذراعاً والذراع أربعة وعشرون اصبعاً فما زاد على الثمانية عشر ضر لأنه يقلع الشجر ويهدم وما نقص عن اثني عشر كان بذلك النقص والحدب وقلة الزراعة.
ومما يلي جنوب الفسطاط قرية منف وبناحية شمالها المدينة المسماة عين شمس وهما كالقريتين مما يلي جبل المقطم ويقال إنهما كانتا متنزهين لفرعون لعنه الله فأما منف فهي الآن خراب أكثرها وأما عين شمس فهي الآن معمورة وهي أسفل جبل المقطم وعلى مقربة منها على رأس جبل المقطم مكان يعرف بتنور فرعون وكانت فيه مرآة تدور على لولب فكان إذا خرج من أحد الموضعين أعني منف أو عين شمس أصعد في هذا المكان الآخر من يعدله ليعاين شخصه ولا تفقد هيئته والتمساح لا يضر بشيء مما جاور الفسطاط ويحكى عنه أنه إذا انحدر من أعلى النيل أو صعد من أسفل وأتى قبالة الفسطاط انقلب على ظهره وعام كذلك حتى يجاوز الفسطاط وحماه ويقال إن ذلك بطلسم صنع له وكذلك أيضاً عدوة بوصير لا يضر بها ويضر بعدوة الأشموني وبينهما عرض النيل وهذا عجب عجيب وبعين شمس مما يلي الفسطاط ينبت البلسان وهو النبات الذي يستخرج منه دهن البلسان ولا يعرف بمكان من الأرض إلا هناك.
وبأسفل الفسطاط ضيعة سيروا وهي ضيعة جليلة يعمل بها شراب العسل المتخذ بالماء والعسل وهو مشهور في جميع الأرض ويتصل بأرض الفسطاط جبل المقطم وبه جمل من قبور الأنبياء عليهم السلام كيوسف ويعقوب والأسباط.
وعلى ستة أميال من مصر الهرمان وهما بناءان في مستو من الأرض ولا يعرف فيما جاورهما جبل يقطع منه حجر يصلح للبناء وطول كل واحد من هذه الأهرام ارتفاعاً مع الجو أربعمائة ذراع وعرضه في الدائر كارتفاع الكل مبني بحجارة الرخام التي ارتفاع كل حجر منها خمسة أشبار وطوله خمسة عشر ذراعاً إلى العشرة فزائداً وناقصاً على قدر ما توجبه الهندسة وموقع الحجر من جوار لصيقه وكلما ارتفع بناؤه على وجه الأرض ضاق حتى يصير أعلاه نحو مبرك جمل ومن شاء الخروج إليهما من البر جاز إلى الجيزة على الجسر ومر من الجيزة إلى قرية دهشور ثلاثة أميال وهناك سجن يوسف عليه السلام ومنها إلى الهرمين وبين الهرم والهرم نحو من خمسة أميال وبينهما وبين أقرب موضع إلى النيل خمسة أميال وفي بعض حيطانه كتابات قد درس أكثرها وفي داخل كل هرم منهما طريق يسير فيه الناس وبين هذين الهرمين طريق مخترق في الأرض واضح يفضي من أحدهما إلى الآخر ويحكى أنهما علامات على قبور ملوك ويذكر أنهما كانا قبل أن يكونا قبوراً أراء للغلات.
ويتصل بمصر في الجانب الغربي منها مدينة الفيوم وبينهما مرحلتان والفيوم مدينة كبيرة ذات بساتين وأشجار وفواكه وغلات ولها جانبان على وادي اللاهون وهو فيما يقال أن يوسف عليه السلام اتخذ له مجريان للماء في وقت الفيض ليدوم لهم الماء فيها وقومهما بالحجارة المنضدة ومدينة الفيوم في ذاتها مدينة طيبة كثيرة الفواكه والغلات وأكثر غلاتها الأرز وهو الأكثر في سائر حبوبها وهواؤها وبيء غير موافق منكر لمن دخلها من الطارئين والغرباء النازلين بها وبها آثار بنيان عظيم ونواحيها مسماة بها ومنسوبة إليها وكانت هذه العمارة المحيطة بها كلها تحت سور يجمع على جميع أعمالها ويحيط بجميع مدنها وبقاعها وما بقي منه الآن شيء إلا ما لا يرى بشيء ونهر اللاهون اخترقه وأجرى الماء فيه يوسف الصديق عليه السلام وذلك لما كبرت سنه وأراد الملك راحته وانتزاعه عن الخدمة وقد كثرت حاشيته وأهله من ذريته وذرية أبيه وأقطعه أرض الفيوم وكان الفيوم بحيرة تصب إليها المياه وكانت ذات آجام وقصب وكان الملك يكره ذلك منها لأنها كانت قريبة منه فلما وهبها ليوسف عليه السلام نهض إلى ناحية صول واحتفر الخليج المسمى بالمنهى حتى أتى به إلى موضع اللاهون ثم بنى اللاهون وأوثقها بالحصى والكلس واللبن والصدف كالحائط المرتفع وجعل على أعلاه في الوسط باباً وحفر من ورائه خليجاً يدخل إلى الفيوم شرقياً وعمل خليجاً غربياً متصلاً بهذا الخليج يمر به من خارج الفيوم يقال له تنهمت فخرج الماء من الجونة إلى الخليج الشرقي فجرى إلى النيل وخرج ماء الخليج الغربي يصب إلى صحراء تنهمت بالغرب فلم يبق من الماء شيء إلا وخرج وكل ذلك في أيام يسيرة ثم أمر الفعلة فقلموا القصب التي هناك والعصاب وعقد الأدياس والطرفاء وكان ذلك في وقت جري الماء في النيل فدخل في رأس الخليج المسمى بالمنهى فجرى حتى وصل اللاهون فقطعه إلى خليج الفيوم وسار الماء إليها وسقاها وعم جميعها وصارت لجة وكان ذلك في سبعين يوماً فلما نظر إليها الملك قال هذا عمل ألف يوم فسميت بذلك الفيوم ثم إن يوسف عليه السلام قال للملك إن عندي من الحكمة أن تعطيني من كل كورة من أرض مصر أهل بيت واحد فأعطاه ذلك فأمر يوسف القوم بأن يبني لكل بيت منهم قرية ففعلوا ذلك وكان عدد هذه البيوتات خمسة وثمانين بيتاً وكانت قراهم على عدد ذلك فلما فرغوا من بنيان القرى ضرب لكل قرية من الماء بقدر ما يصير إليها من الأرض لا يكون لها في ذلك زائد ولا ناقص ثم صير لكل قوم شرباً في زمان ما لا ينالهم الماء إلا فيه فهذه صفة الفيوم.
ومن خرج من مصر على معظم النيل يريد الصعيد سار من الفسطاط إلى منية السودان وهي منية جليلة تتصل بها عمارات بضروب من الغلات وهي في الضفة الغربية من النيل ومنها إلى مصر نحو من خمسة عشر ميلاً.
ومنها إلى بياض عشرون ميلاً وهي قرى وضياع عامرة وغلات حسنة وبساتين تشتمل على ضروب من الفواكه.
ومنها إلى الحمى الصغير عشرون ميلاً.
ثم إلى الحي الكبير في الجهة الشرقية عشرة أميال وهي قرية عامرة ولها بساتين وكروم ومزارع قصب.
ومنها إلى دير الفيوم في الجهة الشرقية عشرون ميلاً.
ثم إلى قرية تونس في الجهة الغربية ميلان وهي متنحية عن النيل ومنها إلى دهروط نصف يوم ودهروط في الجهة الغربية من النيل.
ومنها إلى مدينة القيس في الجهة الغربية نحو من عشرين ميلاً ومدينة القيس مدينة قديمة أزلية وقد تقدم ذكرنا لها فيما سلف من ذكر بلاد مصر في الإقليم الثاني قبل هذا والطريق منها إلى مدينة أسوان على النيل ولا حاجة بنا إلى إعادة ذكر ذلك.
وأما أسفل الأرض من مصر فمن أراد المسير إليها سار منحدراً مع النيل إلى المنية خمسة أميال ومنها إلى منية القائد خمسة أميال وهي مدينة كبيرة عامرة ذات مزارع وبساتين وخصب وقصب سكر.
ومنها إلى شبرة خمسة أميال وهي قرية وضياع كالمدينة يعمل فيها شراب العسل المفوه المشهور في جميع الأرض وبها خيمة البشنس.
ومنها إلى بيسوس خمسة أميال وهي قرية عامرة حسنة.
ومنها إلى قرية الخرقانية خمسة أميال وهي قرية عامرة لها مزارع وضياع وبساتين كثيرة للملك.
ومنها إلى قرية سرودس خمسة أميال.
ومنها إلى شلقان خمسة أميال وهي قرية كبيرة عامرة.
ومنها إلى قرية زفيتة خمسة عشر ميلاً وبها تجتمع المراكب التي يصاد بها الحوت بأسرها وهذه القرية على رأس الجزيرة حيث ينقسم النيل خلجاناً.
وهذه القرية تصاقب مدينة شنطوف التي على رأس الخليج الذي ينزل إلى تنيس ودمياط.
وفي أعلى شنطوف ينقسم النيل على قسمين ينزلان إلى أسفل ويتصلان بالبحر ويتفرع من كل واحد من هذين القسمين خليجان يصلان البحر فأما الخليجان الكبيران فإن مبدأهما من شنطوف فيمر الواحد في جهة المشرق حتى يصل تنيس ويتفرع من هذا الخليج ثلاثة خلجان فأحدها يخرج عند أنتوهى من جهة المغرب فيمر بتقويس إلى إن يرجع إلى معظمه عند دمسيس ويتفرع أسفل ذلك منه خليج في جهة الغرب فيمر حتى يصل دمياط وأما الخليج الآخر فإنه يمر من نحو شنطوف في جهة المغرب إلى قرب قيس أنمار فينقسم منه قسم يمر في جهة المغرب فينعطف إلى قرية ببيج ثم ينزل ويتفرع هناك منه خليج يصل إلى الإسكندرية وهذا الخليج يسمى خليج شابور وفمه وابتداء مخرجه من أسفل ببيج ولا يكون الماء فيه في كل السنة وإنما يكون فيه الماء مدة خروج النيل فإذا رجع ماء النيل جف ماؤه حتى لا ينحدر أحد فيه ويخرج من معظم هذا القسم المتصل برشيد أسفل سنديون وسمونس أسفل فوه وفوق رشيد ذراع من النيل فيمر إلى مستقر بحيرة تتصل بقرب الساحل ثم تمر ممتدة مع الغرب إلى أن يكون بينها وبين الإسكندرية نحو من ستة أميال ومن هناك تتحول الأمتعة من المراكب في البر إلى الإسكندرية وعلى هذه الخلجان كلها مدن كثيرة متحضرة وقرى عامرة متصلة وها نحن لأكثرها ذاكرون وبالله التوفيق.
فمن أراد النزول من مصر إلى تنيس وبينهما تسعة أيام ومن تنيس إلى دمياط مجرى ومن دمياط إلى رشيد يومان ومن رشيد إلى الإسكندرية مجرى ومن الإسكندرية إلى مصر ستة أيام ومن مصر إلى قرية زفيتة التي قدمنا ذكرها وقلنا إن بها تجتمع مراكب صيد السمك بأسرها ومبلغ مقدار عددها مائة مركب ونيف خمسون ميلاً ويقابلها من الضفة الغربية شنطوف وهي مدينة حسنة.
ومن شنطوف إلى شنوان خمسة وعشرون ميلاً ينزل منها إلى قرية الشاميين عشرة أميال وهذه القرية يزرع فيها قصب السكر والبصل والقثاء وهذه أكبر غلاتها وأكثرها وهي بذلك مختصة وهي في الضفة الشرقية ويقابلها في الضفة الغربية طنت وهي قرية حسنة كثيرة المزارع والغلات.
ومن طنت إلى شنوان وهي مدينة صغيرة خمسة عشر ميلاً.
ومن منحدرا إلى قشيرة الأبراج نحو من اثني عشر ميلاً وهي قرية عامرة وفيها غلات وعمارات كثيرة.
وتقابلها قرية سيوجة.
ومنها منحدراً إلى الصالحية نحو عشرة أميال وهي مدينة متحضرة وفيها عمارات وزراعات وأهلها لصوص لهم أذية فاشية وهم بالشر موسومون.
وأسفل الصالحية منية العطف في الغربية وهي قرية كثيرة الخيرات ومنها إلى شيرجة عشرة أميال.
ومنها منحدراً إلى مدينة جدوة خمسة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة لها أسواق عامرة وزراعاتها متصلة وخيراتها كثيرة وفي هذه المدينة مراكب كثيرة معدة لتعدية العساكر مختصة بذلك.
ومن جدوة عشرون ميلاً إلى منية العطار وهي قرية صغيرة وبها بساتين وجنات وغلات.
ويقابلها من الضفة الغربية مدينة أنتوهى وهي مدينة صغيرة وبها بساتين وجنات وزراعات وغلات معلومة ولها سوق في يوم معلوم.
ومن منية العطف السابق ذكرها إلى قرية شميرق عشرة أميال بالجهة الغربية ومن قرية شميرق وهي تقابل جدوة وبأسفلها قليلاً إلى قرية أنتوهى السابق ذكرها نحو من عشرة أميال.
وأسفل أنتوهى ينقسم الذراع من النيل على قسمين فيمر منه القسم الواحد إلى ناحية الغرب والقسم الثاني يمر بالجهة الشرقية فيكون بينهما جزيرة ثم يجتمعان بشبرة ودمسيس ثم يمران غير بعيد فينقسمان قسمين ويمر القسم الشرقي إلى تنيس ويمر القسم الثاني وهو الغربي إلى دمياط.
ثم نرجع بالقول إلى مدينة أنتوهى حيث ينقسم النيل فمن انحدر على الذراع الشرقي صار من أنتوهى إلى منية العطار وهما متقابلتان فانحدر إلى بنة العسل وهي منية جليلة كثيرة الأشجار والفواكه وتتصل بها عمارات وتقابلها في الضفة الغربية منيتها الكبرى المنسوبة إلى بنة.
ومنها إلى قرية أتريب في الشرقية وهي قرية لها سوق عامرة.
ومنها إلى قرية جنجر وهي كثيرة الغلات والمزارع.
ويقابلها في الجهة الغربية منية الحوفي وهي قرية ومنية كبيرة.
ومنها إلى قرية سنيت في الشرقي ويقابلها من الجهة الغربية قرية وروده وهي قرية كثيرة الخصب عامرة بالناس ولها سوق حسنة.
ومنها إلى قرية الخمارية ويقابلها في الغربية منية الحرون.
وينحدر منها إلى قرية صحرشت الكبرى في الجهة الشرقية.
ومنها إلى صحرشت الصغرى في الجهة الغربية وهي قرية عامرة وبها من غلات السمسم والقنب وأنواع الحبوب كل حسن.
ومنها إلى قرية منية غمر بجهة الشرق وهي قرية لها سوق ومتاجر ودخل وخرج قائم.
ويقابلها في الجهة الغربية منية زفته.
ومن منية زفتة إلى منية الفيران في الجهة الغربية وهي قرية يزرع بها غلات الكمون والبصل والثوم برسم قصر الملك.
ويحاذيها في الشرق قرية قدقوس وهي قرية كبيرة جداً ذات بساتين وزروع ولها سوق نافقة وهي يوم الأربعاء.
ومنها ينحدر إلى منية فيماس وهي قرية حسنة كثيرة الخيرات كثيرة الغلات.
ويقابلها في الجهة الغربية قرية حانوت وهي قرية ذات مياه جارية وعمارات وهي برسم زراعة الكتان وهو غلتها وعليها يعول أهلها ونبات الكتان يجود فيها.
ومنها إلى منية إسنا بالشرقي من الخليج وهي قرية حسنة ولها سوق في يوم معلوم.
ومنها إلى قرية دمسيس المقدم ذكرها وهي قرية عامرة آهلة ولها سوق وهو يوم السبت وسوقها يباع بها ويشترى من الثياب والأمتعة كل طريفة والتجار يقصدونها لنفاقها.
ومن أراد النزول إلى الخليج الغربي من أنتوهى سار من أنتوهى إلى مدينة مليج عشرين ميلاً وهي مدينة عامرة ولها أسواق وتجارات ويقابلها في الضفة الشرقية منية عبد الملك وهي قرية عامرة كبيرة كثيرة الخيرات مفيدة الزراعات.
ومن مليج نازلاً إلى طنطنة في جهة الغرب خمسة عشر ميلاً وهي مدينه متحضرة صغيرة لكنها ذات سوق وأرزاق دارة وأحوال صالحة وأهلها في رفاهة وخصب ومن طنطنة إلى مدينة طلطى في الضفة الغربية خمسة عشر ميلاً ويقابلها في الجهة الشرقية الجعفرية وهي قرية ذات مزارع وغلات ومن مدينة طلطى إلى قرية بلوس في الضفة الغربية ويقابلها في الضفة الشرقية قرية السنطة وهي قرية جليلة عامرة.
ومن قرية بلوس إلى مدينة سنباط في الغربي ومزارعها كتان وفيها سوق عامرة وتجارات وأرباح وأموال ممدودة ونعم ومنها بالمحاذاة في الضفة الشرقية إلى مدينة ونعاصر ومن مدينة سنباط إلى مدينة شبرة التي على فم الخليج المقابل لدمسيس المتقدم ذكرها قبل ذلك.
فمن أراد المسير من دمسيس إلى تنيس على النيل نزل في النيل إلى منية بدر نحو ميلين ومنها يخرج خليج شنشا في الجهة الشرقية فيمر إلى مدينة شنشا وهي مدينة حسنة كثيرة الأشجار والمزارع وبها معاصير لقصب السكر وخيرات شاملة وينحدر منها إلى مدينة البوهات في الشرقي أربعة وعشرون ميلاً وهي مدينة عامرة ذات أسواق ومنافع جمة وعليها سور قديم مبني بالصخر ومنها إلى سفناس ثمانية عشر ميلاً وهي مدينة متحضرة صغيرة ومنها إلى جهة الغرب في البر إلى مدينة طناح التي على خليج تنيس في الضفة الشرقية منه خمسة وعشرون ميلاً ثم إلى بحيرة الزار وهي على مقربة من الفرما.
وبحيرة الزار متصلة ببحيرة تنيس وبيها وبين البحر الملح ثلاثة أميال وهذه البحيرة التي ذكرناها بحيرة كبيرة واسعة القطر وفيها من الجزائر غير مدينة تنيس جزيرة حصن الماء وهي مما يلي ناحيه الفرما وبقرب منها وإليها وصل الملك بردوين الذي استفتح بلاد الشام بعد الإسلام وغرق بفرسه بقربها ومنها انصرف إلى ما خلفه وبالشرق من تنيس ومع الجنوب قليلاً جزيرة تونة وهي في بحيرة تنيس وفي جنوب تنيس وببحيريها جزيرة نبلية.
وفي غربي خليج شنشا الذي ذكرناه آنفاً قرى وضياع وشوارع متصلة بضروب من الغلات وجمل من المنافع ومن أحب النزول من دمسيس على معظم الخليج إلى تنيس صار من دمسيس إلى منية بدر التي قدمنا ذكرها قبل ذلك ومنها إلى بنا في الضفة الغربية عشرة أميال وهي قرية حسنة لها بساتين وفدادين غلاتها وافرة.
وفوقها ينقسم النيل على فرقتين فتصير بينهما جزيرة صغيرة على غربيها قرية بوصير وهي عامرة وعلى الذراع الثاني مما يلي المشرق رحل جراح وهي مدينة صغيرة عامرة ولها دخل وخرج ومنافع وغلل وبين رحل جراح وبين فم خليج شنشا أربعون ميلاً وكذلك بين بوصير وبنا ومن منية ابن جراح نازلاً في النيل إلى سمنود اثنا عشر ميلاً وهي في الضفة الشرقية ويقابلها في الجهة الغربية مدينة سمنود وهي مدينة حسنة كثيرة الداخل والخارج عامرة آهلة وبها مرافق واسعار رخيصة ومن مدينة سمنود في البرية في جهة الغرب بالمقابلة إلى مدينة سندفة التي على خليج بلقينة ثمانية أميال ومن مدينة سمنود إلى مدينة الثعبانية ثمانية عشر ميلاً وهي مدينة عامرة وبها أسواق وعمارات وتجارات وهي في الغربي من الخليج ومنها إلى منية عساس اثنا عشر ميلاً وهي قرية كثيرة البركات جامعة لضروب من الغلات ومنها نازلاً إلى جوجر اثنا عشر ميلاً ويقابلها في الضفة الشرقية ويش الحجر وهي مدينة صغيرة بها بساتين وأشجار ومن ويش الحجر إلى مدينة سمنود المقدم ذكرها ستة وثلاثون ميلاً ومن ويش الحجر نازلاً إلى مدينة طرخا وهي بالضفة الغربية من النيل وبينها وبين جوجر اثنا عشر ميلاً.
وأسفل طرخا ينقسم هذا الخليج قسمين يصل أحدهما إلى بحيرة تنيس شرقاً والثاني يصل غرباً إلى مدينة دمياط فمن شاء أن ينزل إلى تنيس ينزل من طرخا إلى منية شهار في الغربي وهي مدينة صغيرة عامرة بها تجارات وأموال قائمة ويقابلها في الضفة الشرقية محلة دمينة وبينهما خمسة أميال ومنية دمينة أسفل من مدينة شهار ومن محلة دمينة إلى قباب البازيار اثنا عشر ميلاً وهي قرية كبيرة ومنها نازلاً إلى قباب العريف ستة عشر ميلاً ومنها إلى قرية دمو خمسة عشر ميلاً ومن دمو إلى مدينة طماخ ميلان في الضفة الشرقية وهي مدينة حسنة كثيرة العامر فيها أسواق ومتاجر قائمة ومنها إلى شمون عشرة أميال وهي قرية عامرة ومنها إلى قرية الأنصار في الضفة الغربية عشرون ميلاً ومنها إلى قرية وبيدة عشرون ميلاً في الضفة الشرقية ومنها إلى برنبلين عشرون ميلاً وهي في الضفة الغربية ثم إلى شنيسة أربعون ميلاً ثم غرباً إلى بحيرة تنيس خمسة عشر ميلاً.
وبحيرة تنيس إذا امتد النيل في الصيف عذب ماؤها وإذا جزر في الشتاء إلى أوان الحر غلب ماء البحر عليها فملح ماؤها وفيها مدن مثل الجزائر تطيف البحيرة بها وهي نبلى وتونة وسمناة وحصن الماء ولا طريق إلى واحدة منها إلا بالسفن وبمدينة تنيس وذمياط يتخذ رفيع الثياب من الدبيقي والشروب والمصبغات من الحلل التنيسية التي ليس في جميع الأرض ما يدانيها في الحسن والقيمة وربما بلغ الثوب من ثيابها إذا كان مذهباً ألف دينار أو نحو ذلك وما لم يكن فيه ذهب المائة والمئتين ونحوها وأصولها من الكتان أما وان كانت شطا ودبقو ودميرة وما قاربها من ذلك الجزائر يعمل بها الرفيع من الأجناس فليس ذلك بمقارب للتنيسي والذمياطي وفيما يذكر أن بحيرة تنيس بها كانت الجنتان التي ذكرت في الكتب وكانت لرجلين من ولد أتريب بن مضر وكان أحدهما مؤمناً والآخر كافراً فافتخر الكافر بكثرة ماله وولده فقال له أخوه المؤمن فما أراك شاكراً على ما رزقت فنزع ذلك منه ويقال إنه دعا عليه فغرق الله جميع ما كان للكافر في البحر حتى كأنها لم تكن في ليلة واحدة وهذه البحيرة قليلة العمق يسار في أكثرها بالمعادي وتلتقي فيها السفينتان فتجانب إحداهما الأخرى هذه صاعدة وهذه نازلة برج واحدة وكلاهما مملوء القلاع بالريح وسيرهما في السرعة سواء.
وأما ذمياط فإنها مدينة على ضفة البحر وبينهما مسافة وبذمياط يعمل من غريب الصنع في الثياب الدبيقية وغيرها ما يقارب الثياب التنيسية سواء وذراع النيل ينصب إليها من الذراع النازل إلى مدينة تنيس وخروجه أسفل طرخا التي قدمنا ذكرها.
فمن شاء النزول إليها من مصر سار على ما وصفناه من القرى والمدن والعمارات حتى يصل طرخا فيأخذ في الذراع الغربي الواصل إلى ذمياط فينحدر إلى مدينة دميرة عشرة أميال وهي في غربي الخليج وهي مدينة صغيرة ويعمل بها ثياب حسنة يتجهز بها إلى كثير من البلاد وبها صناع كثيرة وتجار قاصدون وبيع وشراء ومن دميرة نازلاً مع الخليج إلى شرنقاش في الضفة الغربية سبعة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة عامرة حسنة ذات مزارع وغلات وصناعات ومنها إلى مدينة شرمساح في الضفة الشرقية عشرون ميلاً وهي مدينة جليلة لكنها ليست بالكبيرة ولها سوق جامعة لضروب بيع وشراء وأخذ وعطاء ومنها إلى منية العلوق عشرون ميلاً وهي قرية متحضرة لها معاصر قصب وغلات قائمة نامية وهي في الضفة الشرقية من الخليج ومنها إلى قرية فارسكور عشرة أميال في الضفة الشرقية من الخليج ومن فارسكو إلى بورة وهي قرية جامعة ذات زراعات وغلات وجنات وبساتين وخيرات خمسة عشر ميلاً ومن بورة إلى ذمياط ثلاثة عشر ميلاً وكذلك من طرخا إلى ذمياط مائة ميل وخمسة أميال وكذلك من طرخا إلى منية دمسيس مائة ميل وعشرة أميال ومن دمسيس إلى أنتوهى نحو من تسعين ميلاً ومن فم أنتوهى إلى قرية شنطوف مائة ميل ومن شنطوف إلى الفسطاط خمسون ميلاً.
ونرجع بالقول إلى خليج المحلة وفوهته تخرج من أسفل طنطى فيمر في جهة الغرب نازلاً حتى يحاذي شرمساح التي على خليج دمياط ومن فوهته إلى منية غزال في الشرق عشرون ميلاً وهي قرية جامعة لمحاسن شتى وضروب غلات مختلفة وتقابلها محلة أبي الهيثم في الضفة الغربية ومنها إلى ترعة بلقينة خمسة عشر ميلاً وهي قرية كثيرة البساتين والجنات متصلة العمارات والغلات ومنها يخرج أيضاً خليج آخر يأخذ في الغرب مستقيماً إلى صخا وعليه من أوله قرية دار البقر في الغرب وأسفلها في الغرب أيضاً قرية المعتمدية ومنها إلى متبول في الغرب وهي قرية عامرة لها سوق في يوم معلوم ومنها إلى صخا وصخا في البرية وبها إقليم متصل ومنها في جهة الجنوب في البرية إلى محلة صرت ومنها إلى منوف العليا وهي قرية صغيرة عامرة ولها إقليم معمور وبها غلات وخير كثير ومن منوف العليا إلى سكاف وهي قرية حسنة شاملة لأهلها محدقة بخيرها متصلة عماراتها ومنها إلى شنطوف. ونرجع بالقول إلى ترعة بلقينة السابق ذكرها فمنها منحدراً إلى المحلة وهي مدينة كبيرة ذات أسواق عامرة وتجارات قائمة وخيرات شاملة وبها يقرب من المحلة على خمسة وأربعين ميلاً في البرية مدينة صنهور وإليها تصل ترعة بلقينة ويقابلها في جهة الشرق مدينة سندفة وبينهما نحو ميل ونصف وهي مدينة جليلة جميلة كثيرة الفواكه والنعم وبين سندفة ومدينة سمنود في البرية خمسة عشر ميلاً ومدينة سمنود على خليج تنيس ودمياط ومن سندفة إلى مدينة المحلة ومنها إلى محلة الداخل وهي قرية حسنة لها بساتين وجنات في غربي الخليج ومنها إلى دميرة التي ترسم بها الثياب الشروب وهما مدينتان كبيرتان فيهما طرز للخاصة وطرز للعامة ومنها يخرج إلى ذمياط كما قدمنا.
وقد ذكرنا من أوصاف الخلجان الشرقية وتشعبها على ما هي عليه ما فيه كفاية وبقي علينا أن نذكر الخليجين الغربيين حسب ما يجب ونأتي بما عليهما من البلاد وكيفية تشعبهما فنقول من ذلك: من شاء الانحدار من مصر إلى الإسكندرية خرج من مصر منحدراً إلى جزيرة أنقاش ونبابة وهما مدينتان بين شطي النيل كانتا برسم تربية الوحوش فيهما في مدة أيام الأمير صاحب مصر عشرة أميال ومنها إلى الأخصاص وهي قرية حسنة لها بساتين وجنات وروضات ومبان ومنتزهات عشرون ميلاً ومنها منحدراً في النيل إلى ذروة خمسة أميال ومنها إلى شنطوف عشرون ميلاً وشنطوف مدينة صغيرة متحضرة لها مزارع وخصب ومنها في الضفة الغربية إلى قرية تسمى أم دينار وهي قرية حسنة ومن أم دينار إلي أشمن جريش خمسة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة في الغرب كثيرة العمارات والبساتين والجنات ومنها إلى مدينة الجريش ثمانية عشر ميلاً وهي في الضفة الشرقية وهي مدينة حسنة على إقليم جليل كبير وهي كثيرة التجارات والعمارات والكروم والأشجار ومنها إلى رمال الصنيم وبها آية من آيات الله سبحانه وذلك أنه يؤخذ العظم فيدفن في هذه الرمال سبعة أيام فيعود حجراً صلداً بإذن الله ومن رمال الصنيم إلى أبي يجنس وهي قرية كبيرة عامرة لها سوق وحولها بساتين وغراسات وكذلك منها إلى ترنوط وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وتجار مياسير ومن ترنوط هذه إلى شنطوف خمسون ميلاً وبمدينة ترنوط معدن النطرون الجيد ومنه يحمل إلى جميع البلاد ومدينة ترنوط على بر شابور وذلك أن هذا الذراع من النيل إذا وصل إلى رمال الصنيم انقسم قسمين فيمر القسم الأول إلى ناحية المغرب إلى أن يصل إلى ترنرط ثم إلى بستامة إلى طنوب ومنها إلى شابور وهي مدينة كالقرية الجامعة ومنها إلى محلة السيدة ثم إلى دنشال ثم إلى قرطسا ثم إلى سوق أبي منى ومنها إلى قرنفيل ثم إلى الكريون ومنها إلى قرية الصير ثم إلى الإسكندرية.
وهذا الخليج لا يدخله الماء لا يسافر فيه إلا عند زيادة النيل لأن فوهته مرتفعة على مجرى النيل فلا يصل إليه الماء إلا في الوقت الذي ذكرناه وذلك أن فوهة هذا الخليج إذا وصل إلى ترنوط انعطف إلى جهة المشرق حتى يجتمع بأخيه عند ببيج وتصير بينهما جزيرة بيار وفم الخليج الشرقي يخرج من نحو رمال الصنيم فيمر في جهة الشمال إلى أن يتصل بصاحبه عند ببيج وعلى فوهته وأسفل منه مزارع وقرى متصلة في ضفة المشرق تتصل بأعلى منوف السفلى.
ومنها إلى قرية تتا ومن قرية تتا إلى فيشة إلى البندارية ويقابلهما المنار وفي الضفة الغربية ببيج وهناك يجتمع الخليجان فيصيران واحداً وفوق ببيج قرية قليب العمال وينزل النيل مع الشمال إلى صاه في الضفة الشرقية ويقابلها من الجهة الشرقية محلة نكلا خمسة عشر ميلاً ومن صاه إلى قرية إصطافية في الضفة الشرقية عشرون ميلاً وهي قرية حسنة عامرة ومنها إلى محلة العلوي خمسة عشر ميلاً وهي قرية كبيرة ذات بساتين وضياع ويقابلها في الضفة الغربية سرنبى وهي قرية عامرة ومن محلة العلوي إلى فوة خمسة عشر ميلاً وهي مدينة حسنة كثيرة الفواكه والخصب وبها أسواق وتجارات.
وينقسم النيل أمامها قسمين فتكون بينهما جزيرة الراهب وعلى آخرها مدينة سنديون وكانت قبل ذلك مدينة لكنها دثرت وبقي منها معالم وقرى متصلة ومن فوة إلى سنديون في الضفة الشرقية نحو من خمسة عشر ميلاً ويحاذيها في الجهة الغربية قرية سمديسي وبين سمديسي وسرنبى خمسة عشر ميلاً.
وعلى مقربة من أسفل سمديسى يخرج ذراع من النيل ليس بالكبير فيتصل ببحيرة مارة ما بين غرب وشمال طولها أربعون ميلاً في عرض ميلين أو نحوهما وماؤهما ليس بعميق حتى تأتي ساحل البحر الملح وتنعطف هذه البحيرة مع الساحل على بعد ستة أميال من رشيد ثم ترجع إلى فم ضيق في أعلى سعتها مقدار عشرة أبواع في طول رمية حجر.
ثم تتصل هذه البحيرة ببحيرة أخرى طولها عشرون ميلاً وسعتها أقل من سعة الأخرى وماؤها أيضاً ليس بعميق فيسار فيها إلى أعلاها ومن هناك إلى الإسكندرية ستة أميال ثم يتحول الناس عن المراكب إلى البر فيسيرون على الدواب إلى الإسكندرية وأما النزول إلى رشيد فعلى معظم الخليج فيسار من سمديسى إلى قرية الحافر عشرون ميلاً ويقابلها في الضفة الشرقية قرية نطوبس الرمان ومن الحافر إلى الجديدية خمسة عشر ميلاً وهي قرية عامرة.
ومن الجديدية إلى رشيد وهي مدينة متحضرة بها سوق وتجار ونفقة ولها مزارع وغلات حنطة وشعير وبها جمل بقول حسنة كثيرة ولها نخل كثير وأنواع من الفواكه الرطبة وبها من الحيتان وضروب السمك من البحر الملح والسمك النيلي كثير وبها يصاد الدليس ويملحونه ويسافرون به إلى كل الجهات وهو من بعض تجاراتهم.
وأكثر رساتيق مصر وقراها في الجوف والريف والريف هو ما كان من النيل جنوباً وأكثر أهل هذه القرى قبط نصارى يعقوبية ولهم الكنائس الكثيرة وفيهم قلة شر وهم أهل يسار وأخبر الحوقلي في كتابه أن المرأة العظيمة من نساء القبط ربما ولدت الاثنين والثلاثة في بطن واحد وبحمل واحد ولا يجدون لذلك علة إلا ماء النيل.
ومن رشيد إلى مدينة الإسكندرية ستون ميلاً وذلك أنك تسير من رشيد إلى الرمال إلى بوقير ثلاثين ميلاً إلى القصرين إلى الإسكندرية ثلاثين ميلاً ولأهل الإسكندرية في بحرهم سمكة مخططة لذيذة الطعم تسمى العروس إذا أكلت مشوية أو مطبوخة رأى آكلها في نومه كأنه يؤتى إن لم يتناول عليها شيئاً من الشراب أو يكثر من أكل العسل.
فأما الطريق من مصر إلى أسوان وأعلى الصعيد فقد ذكرناه وكذلك الطريق من مصر إلى إفريقية قد ذكرناه على مسافة فنريد الآن أن نذكر الطريق من مصر إلى البهنسا ثم إلى مدينة سجلماسة مرحلة مرحلة وهو الطريق الذي أخذه المرابطون في سنة ثلاثين وخسمائة تخرج من مصر إلى البهنسا سبعة أيام ومن البهنسا إلى جب مناد مرحلة ثم إلى فيدلة مرحلة ثم مرحلة بلا ماء ثم مرحلة بلا ماء ثم إلى عين قيس مرحلة ثم إلى غيات مرحلة إلى جبل أمطلاس مرحلة إلى نسنات مرحلة إلى وادي قسطرة مرحلة إلى جبل سرواي مرحلة إلى صحراء تيديت ثلاث مراحل بلا ماء إلى غدير شناوة وماؤه شروب مرحلة إلى جبل تاتى مرحلة إلى ساملا مرحلة إلى سيرو في الجبل مرحلة إلى صحراء متالاوت وهي ست مراحل لا ماء فيها ثم إلى نقاو مرحلة ثم إلى سلوبان جبل مرحلة ثم إلى جبل وجاد مرحلة ثم إلى ندرمسة ثم إلى جبل قزول مرحلة ثم إلى جبل أيدمر ثلاث مراحل صحراء بلا ماء إلى سلكايا مرحلتان ثم إلى تساممت مرحلة إلى سجلماسة مرحلة وهذا الطريق قليلاً ما يسلكه أحد وإنما يسلكه الملثمون بدليل.
وكذلك من مصر إلى بغداد خمسمائة وسبعون فرسخاً تكون ألف ميل وسبعمائة ميل وعشرة أميال.
والطريق من مصر إلى مدينة يثرب تخرج من مصر إلى الجب إلى البويب ثم إلى منزل ابن صدقة ثم إلى عجرود ثم إلى الدوينة ثم إلى الكرسي ثم إلى الخفر ثم إلى منزل ثم إلى أيلة ثم إلى حقل ثم إلى مدين ثم إلى الأعراء ثم إلى منزل ثم إلى الكلاية ثم إلى شعب ثم إلى البيضاء ثم إلى وادي القرى ثم إلى الرحيبة ثم إلى ذي المروة ثم إلى مر ثم إلى السويداء ثم إلى ذي خشب ثم إلى المدينة يثرب.
وطريق آخر على ساحل البحر القلزمي من مصر إلى عين شمس إلى قرية المطرية إلى بركة الجب وهو غدير يفرغ فيه خليج القاهرة إلى جب عجرود ثم إلى جب العجوز إلى القلزم ثم إلى بطن مغيرة وهو مرسى عليه بركة ماء ثم إلى جون فاران ثم إلى مزيد ثم إلى تيران وهو مكان خبيث تعطب فيه المراكب عند الهول وذلك أنه جون على ضفته جبل قائم فالريح إذا هبت عليه تلوت ونزلت إلى البحر فهاجت موجه أتلفت ما لقيت هناك من السفن وإذا هبت الريح الجنوب فلا سبيل إلى سلوكه ومقدار هذا المكان الصعب نحو من ستة أميال ويقال إن في هذا الموضع غرق فرعون لعنه الله وبالقرب من فاران موضع صعب إذا سلك والريح الصبا مغرباً أو الدبور مشرقاً ويسمى جبيلات ومن جبيلات إلى جبل الطور إلى الأيلة إلى الحقل إلى مدين إلى الحوراء إلى الجار إلى قديد إلى عسفان إلى بطن مر إلى مكة.
والطريق من مصر إلى الفرما من مصر إلى بلبيس مرحلة إلى فاقوس مرحلة وهي مدينة ثم إلى جرجير مرحلة وسنذكر حال الفرما بعد هذا إن شاء الله تعالى.
نجز الجزء الرابع من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله تعالى.
تصنيف:
فنقول إن من مدينة برقة إلى الإسكندرية على طريق مستقيم إحدى وعشرون مر حلة وذلك من مدينة برقة إلى قصر الندامة ستة أميال ومنها إلى تاكنست ستة وعشرون ميلاً إلى مغار الرقيم خمسة وعشرون ميلاً وهنا يجتمع هذا الطريق بالطريق الأعلى ومن مغار الرقيم إلى جب حليمة خمسة وثلاثون ميلاً ومن جب حليمة إلى وادي مخيل خمسة وثلاثون ميلاً ومن وادي مخيل إلى جب الميدان خمسة وثلاثون ميلاً ومن جب الميدان إلى جناد الصغير خمسة وثلاثون ميلاً إلى حب عبد الله ثلاثون ميلاً ثم إلى مرج الشيخ ثلاثون ميلاً ثم إلى العقبة عشرون ميلاً ثم إلى حوانيت أبي حليمة عشرون ميلاً ومن حوانيت أبي حليمة إلى خربة القوم خمسة وثلاثون ميلاً ثم إلى قصر الشماس خمسة عشر ميلاً ومن قصر الشماس إلى سكة الحمام خمسة وعشرون ميلاً ومن سكة الحمام إلى جب العوسج ثلاثون ميلاً ومن جب العوسج إلى كنائس الحرير إلى الطاحونة أربعة وعشرون ميلاً ومن الطاحونة إلى حنية الروم ثلاثون ميلاً ومن حنية الروم إلى ذات الحمام أربعة وثلاثون ميلاً ومن ذات الحمام إلى ثونية ثمانية عشر ميلاً ومن ثونية إلى الإسكندرية عشرون ميلاً وهذه الطريق هي الطريق العليا في الصحراء وأما طريق الساحل فإنه من الإسكندرية إلى رأس الكنائس ثلاثة مجار ومن رأس الكنائس إلى مرسى الطرفاوى مجرى ومن مرسى الطرفاوى إلى أول جون رمادة خمسون ميلاً ومنه إلى عقبة السلم ومن عقبة السلم إلى مرسى عمارة عشرة أميال ومن مرسى عمارة إلى الملاحة ثلاثون ميلاً ومن الملاحة إلى لكة عشرة أميال ومما يلي لكة في البرية قصران يسمى أحدهما كيب والثاني قمار ومن لكة إلى مرسى طبرقة خمسون ميلاً ومن طبرقة إلى مرسى رأس تينى مجرى ونصف ومن رأس تينى إلى البندرية مجريان ومن البندرية ينعطف البحر ماراً جهة المغرب على استواء طرف التعدية مجريان لا عمارة بهما وإنما هناك مما يلي البحر جبال وشعاب لا يقدر أحد على سلوكها لصعوبة مراقيها وخشونة طرقاتها وتعذر منافذها ومن طرف التعدية يأخذ جون درين في الابتداء إلى آخره وهذا الجون الذي تأتي البندرية في أوله إلى أن ينتهي إلى الإسكندرية قطعة روسية ستة مجار وهو ستمائة ميل وطول هذا الجون على التقوير إلى الإسكندرية أحد عشر مجرى ونصف وهي من الأميال ألف ميل ومائة وخمسون ميلاً ومن آخر عمالة طلميثة المتقدم ذكرها يكون أول عمالة هيب ورواحة وهم قبائل من العرب أهل إبل وأغنام وثروة وبلادهم آمنة وادعة وبجبال أوثان حروث كثيرة وأهلها يتصيدون فيها وينبت بها البطم والعرعر والصنوبر كثيراً وفي هذه الجبال زراعات ومعائش ونخل كثير وعسل عجيب وآخر عمل هيب لكة وبعد البندرية على نحو عشرة أميال قصر كبير يسكنه قوم من لخم ويسمى القصر بهم وأهله كلهم عسالة يتخذون النحل ويشتارون عسلها وأكثرهم يستعملون قطع العرعر ثم يستخرجون منه القطران ويسافرون به إلى ديار مصر.
وأما الإسكندرية فهي مدينة بناها الإسكندر وبه سميت وهي مدينة على نحر البحر الملح وبها آثار عجيبة ورسوم قائمة تشهد لبانيها بالملك والقدرة وتعرب عن تمكن وبصر وهي حصينة الأسرار نامية الأشجار جليلة المقدار كثيرة العمارة رائجة التجارة شامخة البناء رائعة المغنى شوارعها فساح وعقائد بنيانها صحاح وفرش دورها بالرخام والمرمر وحنايا أبنيتها بالعمد المشمر وأسواقها كثيرة الاتساع ومزارعها واسعة الانتفاع والنيل الغربي منها يدخل تحت أقبية دورها كلها وتتصل دواميس بعضها ببعض وهي في ذاتها كثيرة الضياء متقنة الأشياء وفيها المنارة التي ليس على قرار الأرض مثلها بنياناً ولا أوثق منها عقداً أحجارها من صميم الكدان وقد أفرغ الرصاص في أوصالها فبعضها مرتبط ببعض معقود لا ينفك التئامها والبحر يصدم أحجارها من الجهة الشمالية وبين هذه المنارة وبين المدينة ميل في البحر وفي البر ثلاثة أميال وارتفاع هذه المنارة ثلثمائة ذراع بالرشاشي وهو ثلاثة أشبار وذلك أن طولها كله مائة قامة منها ست وتسعون قامة إلى القبة التي في أعلاها وطول القبة أربع قامات ومن الأرض إلى الحزام الأوسط سبعون قامة سواء ومن الحزام الأوسط إلى أعلاها ست وعشرون قامة ويصعد إلى أعلاها من درج عريض في وسطها كالعادة في أدراج الصوامع ومنتهى الدرج الأول إلى نصفها ثم ينقبض البناء في نصفها من الأربعة أوجه وفي جوف هذا البناء وتحت أدراجه بيوت مبنية ومن هذا الحزام الأوسط يطلع بناؤها إلى أعلاها مقبوضاً عن مقدار البناء الأسفل بمقدار ما يستدير به الإنسان من كل ناحية ويصعد أيضاً إلى أعلاها من هذا الحزام في أدراج أقل أبنية من الأدراج السفلى وفيه زراقات أضواء في كل وجه منها يدخل الضوء عليها من خارج إلى داخل بحيث يبصر الصاعد فيها حيث يضع قدميه حين يصعد فيها وهذه المنارة من عجائب بنيان الدنيا علواً ووثاقة والمنفعة فيها أنها علم توقد النار بها في وسطها بالليل والنهار في أوقات سفر المراكب فيرى أهل المراكب تلك النار بالليل والنهار فيعملون عليها وترى من بعد مجرى لأنها تظهر بالليل كالنجم وبالنهار يرى منها دخان وذلك أن مدينة الإسكندرية في قعر الجون متصلة بها أوطئة وصحار متصلة لا جبل بها ولا علامة يستدل بها عليها ولولا تلك النار لضلت أكثر المراكب عن القصد إليها وهذه النار تسمى فانوساً ويقال إن الذي بنى هذه المنارة هو الذي بنى الأهرام التي في حد مدينة الفسطاط من غربي النيل ويقال أيضاً إنها من بنيان الإسكندر عند بنيان الإسكندرية والله أعلم بصحيح ذلك وبالإسكندرية المسلتان وهما حجران على طولهما مربعان وأعلاهما أضيق من أسفلهما وطول الواحدة منهما خمس قيم وعرض قواعدها في كل وجه عشرة أشبار محيط الكل أربعون شبراً وعليها كتابات بالخط السرياني وحكى صاحب كتاب العجائب أنهما منحوتان من حجر جبل بريم في بلاد مصر وعليها مكتوب انا يعمر بن شداد بنيت هذه المدينة حين لا هرم فاش ولا موت ذريع ولا شيب ظاهر وإذ الحجارة كالطين وإذ الناس لا يعرفون لهم رباً إلا يعمر فأقمت أسطواناتها وفجرت أنهارها وغرست أشجارها وأردت أن أطول على الملوك الذين كانوا بها بما أجعله فيها من الآثار المعجزة فأرسلت الثبوت بن مرة العادي ومقدام بن الغمر بن أبي رغال الثمودي إلى جبل بريم الأحمر فاقتطعا منه حجرين وحملاهما على أعناقهما فانكسرت ضلع الثبوت فوددت أن أهل مملكتي كانوا فداء له وأقامهما لي الفطن بن جارود المؤتفكي في يوم السعادة وهذه المسلة الواحدة في ركن البلد من الجهة الشرقية والثانية من هذه المسلات أيضاً في بعض المدينة وقيل إن المجلس الذي بجنوب الإسكندرية المنسوب إلى سليمان بن داود أن يعمر بن شداد بناه ويقال أيضاً إن سليمان بن داود بناه وأسطواناته وعضاداته باقية إلى الآن وصفته أنه مجلس مربع الطول في كل رأس منه ست عشرة سارية وفي الجانبين المتطاولين منه سبع وستون سارية وفي الركن الشمالي منه اسطوانة عظيمة ورأسها عليها وفي أسفلها قاعدة رخام في محيط تربيع وجوهها ثمانون شبراً في عرض كل وجه عشرون شبراً في ارتفاع ثمانين شبراً ودور محيط هذه السارية أربعون شبراً وطولها من القاعدة إلى رأسها تسع قيم والرأس منقوش مخرم بأحكم صنعة وأتقن وضع ولا أخت لها ولا يعلم أحد من أهل الإسكندرية ولا من أهل مصر ما المراد بوضعها مفردة في مكانها وهي الآن مائلة ميلاً كثيراً لكنها ثابتة آمنة من السقوط والإسكندرية من عمالة مصر وقاعدة من قواعدها.
وأرض مصر تتصل حدودها من جهة الجنوب ببلاد النوبة ومن جهة الشمال بالبحر الشامي ومن جهة الشام بفحص التيه ومن جهة الشرق ببحر القلزم ومن جهة المغرب بالواحات.
وأما طول النيل فمن ساحل بحر الروم حيث ابتداؤه إلى أن يتصل بأرض النوبة من وراء الواحات نحو خمس وعشرين مرحلة ومن حد النوبة مما يلي الجنوب مصاقباً لبلاد النوبة نحو ثماني مراحل ويمتد من هناك إلى أول الحد الذي ذكرناه نحو اثنتي عشرة مرحلة.
ومدينة الفسطاط هي مصر سميت بذلك لأن مصرام بن حام بن نوح عليه السلام بناها في الأول وكانت مدينة مصر أولاً عين شمس فلماش نزل عمرو بن العاصي والمسلمون معه في صدر الإسلام وافتتحها اختط المسلمون حول فسطاطه فعمروا مكان مصر الآن وهو المكان الذي هي الآن فيه ويقال إنما سميت بالفسطاط لأن عمرو بن العاصي لما استفتح مصر وأراد المسير إلى الإسكندرية أمر بالفسطاط أن يحط ويسار به أمامه فنزلت حمامة في أعلاه وباضت بيضتها فأخبر بذلك عمرو فأمر أن يترك الفسطاط على حاله إلى أن تخلص الحمامة فرخيها فعل وقال والله ما كنا لنسيء لمن ألفنا واطمأن بجانبنا حتى نفجع هذه الحمامة بكسر بيضها فترك الفسطاط وأقام بمصر إلى أن تخلص فرخ الحمامة ثم ارتحل وتسمى مدينة مصر باللسان اليوناكا ببيلونة وهي الآن مدينة كبيرة على غاية من العمارة والخصب والطيب والحسن فسيحة الطرقات متقنة البناءات قائمة الأسواق نافقة التجارات متصلة العمارات نامية الزراعات لأهلها همم سامية ونفوس نقية عالية وأموال مبسوطة نامية وأمتعة رائقة لا تشتغل نفوسهم بهما ولا تعقد قلوبهم على غم لكثرة أمنهم ورفاهة عيشهم وانبساط العدل والحماية فيهم وطول المدينة ومقدارها ثلاثة فراسخ والنيل يأتيها من أعلى أرضها فيجتازها من ناحية جنوبها وينعطف مع غربيها فينقسم قدامها قسمين يعدى في المدينة من الذراع الواحد إلى الآخر.
وفي هذه الجزيرة مساكن كثيرة جليلة ومبان متصلة على ضفة النيل وهذه الجزيرة تسمى دار المقياس وسنصفه بعد هذا بحول الله وهذه الجزيرة يجاز إليها على جسر فيه نحو ثلاثين سفينة ويجاز القسم الثاني وهو أوسع من الأول على جسر آخر وسفنه أكثر من الأول أضعافاً مضاعفة وطرف هذا الجسر يتصل بالشط المعروف بالجيزة وهناك مبان حسنة وقصور شاهقة العلو وسوق وعمارة.
وأرض مصر شبخة غير خالصة التراب وبنيان دورها كلها وقصورها طبقات بعضها فوق بعض والأعم من ذلك تكون طباقها في العلو خمسه وستة وسبعة وربما سكن في الدار المائة من الناس وأكثر وأخبر الحوقلي في كتابه أنه كان بمصر على عهد تأليفه لكتابه دار تعرف بدار عبد العزيز في الموقف يصب لمن فيها في كل يوم أربعمائة راوية ماء وفيها خمسة مساجد وحمامان وفرنان ومعظم بنيان مصر بالطوب وأكثر سفل ديارهم غير مسكون ولها مسجدان جامعان للجمعة والخطبة فيهما أحدهما بناه عمرو بن العاصي في وسط أسواق تحيط به من كل جهة وكان هذا الجامع في أوله كنيسة للروم فأمر به عمرو فقلب مسجداً جامعاً والمسجد الجامع الثاني هو بأعلى الموقف بناه أبو العباس أحمد بن طولون ولابن طولون أيضاً جامع آخر بناه في القرافة وهو مكان يسكنه المتعبدون وجمل من أهل الخير والعفاف وبالجزيرة التي بين ذراعي النيل جامع وكذلك في الضفة الغربية المسماة بالجيزة.
ومصر بالجملة عامرة بالناس نافقة بضروب المطاعم والمشارب وحسن الملابس وفي أهلها رفاهة وظرف شامل وحلاوة ولها في جميع جوانبها بساتين وجنات وشجر ونخل وقصب سكر وكل ذلك يسقى بماء النيل ومزارعها ممتدة من أسوان إلى حد الإسكندرية ويقيم الماء في أرضهم بالريف منذ ابتداء الحر إلى الخريف ثم ينضب فيزرع عليه ثم لا يسقى بعد ذلك ما زرع عليه ولا يحتاج إلى سقي البتة وأرض مصر لا تمطر ولا تثلج البتة وليس بأرض مصر مدينة يجري فيها الماء من غير حاجة إلا الفيوم.
وأكثر جري النيل في جهة الشمال وعرض العمارة عليه من حد أسوان ما بين نصف يوم إلى يوم إلى أن ينتهي إلى الفسطاط تم تعرض العمارة وتتسع فيكون عرضها من الإسكندرية إلى الحوف الذي يتصل بعمارة القلزم نحو ثمانية أيام وليس في أرض مصر مما يحوز ضفتي النيل شيء قفر وإنما هو كله معمور بالبساتين والأشجار والمدن والقرى والناس والأسواق والبيع والشراء وبين طرفي النيل فيما ثبت في الكتب خمسة آلاف وست مائة وأربعة وثلاثون ميلاً وفي كتاب الخزانة أن طوله أربعة آلاف وخمس مائة وخمسة وتسعون ميلاً وعرضه في بلاد النوبة والحبشة ثلاثة أميال فما دونها وعرضه ببلد مصر ثلثا ميل وليس يشبه نهراً من الأنهار.
وأما الجزيرة التي تقابل مصر وهي التي قدمنا ذكرها حيث المباني والمتنزهات ودار المقياس فإنها جزيرة عرضها بين القسمين من النيل مارة مع المشرق إلى جهة المغرب وطولها بالضد وهو من الجنوب إلى جهة الشمال وطرفها الأعلى -حيث المقياس- عريض ووسطها أعرض من رأسها والطرف الثاني محدود وطولها من رأس إلى رأس ميلان وعرضها مقدار رمية سهم ودار المقياس هي في الرأس العريض من الجهة الشرقية مما يلي الفسطاط وهي دار كبيرة يحيط بها من داخلها في كل وجه أقبية دائرة على عمد وفي وسط الدار فسقية كبيرة عميقة ينزل إليها بدرج رخام على الدائر وفي وسط الفسقية عود رخام قائم وفيه رسوم أعداد أذرع وأصابع بينها وعلى رأس العمود بنيان متقن من الحجر وهو ملون مرسم بالذهب واللازورد وأنواع الأصباغ المحكمة والماء يصل إلى هذه الفسقية على قناة عريضة تصل بينها وبين ماء النيل والماء لا يدخل هذه الجابية إلا عند زيادة ماء النيل وزيادة ماء النيل تكون في شهر أغشت والوفاء من مائه ستة عشر ذراعاً وهو الذي يروي أرض السلطان باعتدال فإذا بلغ النيل ثمانية عشر ذراعاً وروى جميع الأرضين التي هناك فإن بلغ عشرين ذراعاً فهو ضرر وأقل زيادته تكون اثني عشر ذراعاً والذراع أربعة وعشرون اصبعاً فما زاد على الثمانية عشر ضر لأنه يقلع الشجر ويهدم وما نقص عن اثني عشر كان بذلك النقص والحدب وقلة الزراعة.
ومما يلي جنوب الفسطاط قرية منف وبناحية شمالها المدينة المسماة عين شمس وهما كالقريتين مما يلي جبل المقطم ويقال إنهما كانتا متنزهين لفرعون لعنه الله فأما منف فهي الآن خراب أكثرها وأما عين شمس فهي الآن معمورة وهي أسفل جبل المقطم وعلى مقربة منها على رأس جبل المقطم مكان يعرف بتنور فرعون وكانت فيه مرآة تدور على لولب فكان إذا خرج من أحد الموضعين أعني منف أو عين شمس أصعد في هذا المكان الآخر من يعدله ليعاين شخصه ولا تفقد هيئته والتمساح لا يضر بشيء مما جاور الفسطاط ويحكى عنه أنه إذا انحدر من أعلى النيل أو صعد من أسفل وأتى قبالة الفسطاط انقلب على ظهره وعام كذلك حتى يجاوز الفسطاط وحماه ويقال إن ذلك بطلسم صنع له وكذلك أيضاً عدوة بوصير لا يضر بها ويضر بعدوة الأشموني وبينهما عرض النيل وهذا عجب عجيب وبعين شمس مما يلي الفسطاط ينبت البلسان وهو النبات الذي يستخرج منه دهن البلسان ولا يعرف بمكان من الأرض إلا هناك.
وبأسفل الفسطاط ضيعة سيروا وهي ضيعة جليلة يعمل بها شراب العسل المتخذ بالماء والعسل وهو مشهور في جميع الأرض ويتصل بأرض الفسطاط جبل المقطم وبه جمل من قبور الأنبياء عليهم السلام كيوسف ويعقوب والأسباط.
وعلى ستة أميال من مصر الهرمان وهما بناءان في مستو من الأرض ولا يعرف فيما جاورهما جبل يقطع منه حجر يصلح للبناء وطول كل واحد من هذه الأهرام ارتفاعاً مع الجو أربعمائة ذراع وعرضه في الدائر كارتفاع الكل مبني بحجارة الرخام التي ارتفاع كل حجر منها خمسة أشبار وطوله خمسة عشر ذراعاً إلى العشرة فزائداً وناقصاً على قدر ما توجبه الهندسة وموقع الحجر من جوار لصيقه وكلما ارتفع بناؤه على وجه الأرض ضاق حتى يصير أعلاه نحو مبرك جمل ومن شاء الخروج إليهما من البر جاز إلى الجيزة على الجسر ومر من الجيزة إلى قرية دهشور ثلاثة أميال وهناك سجن يوسف عليه السلام ومنها إلى الهرمين وبين الهرم والهرم نحو من خمسة أميال وبينهما وبين أقرب موضع إلى النيل خمسة أميال وفي بعض حيطانه كتابات قد درس أكثرها وفي داخل كل هرم منهما طريق يسير فيه الناس وبين هذين الهرمين طريق مخترق في الأرض واضح يفضي من أحدهما إلى الآخر ويحكى أنهما علامات على قبور ملوك ويذكر أنهما كانا قبل أن يكونا قبوراً أراء للغلات.
ويتصل بمصر في الجانب الغربي منها مدينة الفيوم وبينهما مرحلتان والفيوم مدينة كبيرة ذات بساتين وأشجار وفواكه وغلات ولها جانبان على وادي اللاهون وهو فيما يقال أن يوسف عليه السلام اتخذ له مجريان للماء في وقت الفيض ليدوم لهم الماء فيها وقومهما بالحجارة المنضدة ومدينة الفيوم في ذاتها مدينة طيبة كثيرة الفواكه والغلات وأكثر غلاتها الأرز وهو الأكثر في سائر حبوبها وهواؤها وبيء غير موافق منكر لمن دخلها من الطارئين والغرباء النازلين بها وبها آثار بنيان عظيم ونواحيها مسماة بها ومنسوبة إليها وكانت هذه العمارة المحيطة بها كلها تحت سور يجمع على جميع أعمالها ويحيط بجميع مدنها وبقاعها وما بقي منه الآن شيء إلا ما لا يرى بشيء ونهر اللاهون اخترقه وأجرى الماء فيه يوسف الصديق عليه السلام وذلك لما كبرت سنه وأراد الملك راحته وانتزاعه عن الخدمة وقد كثرت حاشيته وأهله من ذريته وذرية أبيه وأقطعه أرض الفيوم وكان الفيوم بحيرة تصب إليها المياه وكانت ذات آجام وقصب وكان الملك يكره ذلك منها لأنها كانت قريبة منه فلما وهبها ليوسف عليه السلام نهض إلى ناحية صول واحتفر الخليج المسمى بالمنهى حتى أتى به إلى موضع اللاهون ثم بنى اللاهون وأوثقها بالحصى والكلس واللبن والصدف كالحائط المرتفع وجعل على أعلاه في الوسط باباً وحفر من ورائه خليجاً يدخل إلى الفيوم شرقياً وعمل خليجاً غربياً متصلاً بهذا الخليج يمر به من خارج الفيوم يقال له تنهمت فخرج الماء من الجونة إلى الخليج الشرقي فجرى إلى النيل وخرج ماء الخليج الغربي يصب إلى صحراء تنهمت بالغرب فلم يبق من الماء شيء إلا وخرج وكل ذلك في أيام يسيرة ثم أمر الفعلة فقلموا القصب التي هناك والعصاب وعقد الأدياس والطرفاء وكان ذلك في وقت جري الماء في النيل فدخل في رأس الخليج المسمى بالمنهى فجرى حتى وصل اللاهون فقطعه إلى خليج الفيوم وسار الماء إليها وسقاها وعم جميعها وصارت لجة وكان ذلك في سبعين يوماً فلما نظر إليها الملك قال هذا عمل ألف يوم فسميت بذلك الفيوم ثم إن يوسف عليه السلام قال للملك إن عندي من الحكمة أن تعطيني من كل كورة من أرض مصر أهل بيت واحد فأعطاه ذلك فأمر يوسف القوم بأن يبني لكل بيت منهم قرية ففعلوا ذلك وكان عدد هذه البيوتات خمسة وثمانين بيتاً وكانت قراهم على عدد ذلك فلما فرغوا من بنيان القرى ضرب لكل قرية من الماء بقدر ما يصير إليها من الأرض لا يكون لها في ذلك زائد ولا ناقص ثم صير لكل قوم شرباً في زمان ما لا ينالهم الماء إلا فيه فهذه صفة الفيوم.
ومن خرج من مصر على معظم النيل يريد الصعيد سار من الفسطاط إلى منية السودان وهي منية جليلة تتصل بها عمارات بضروب من الغلات وهي في الضفة الغربية من النيل ومنها إلى مصر نحو من خمسة عشر ميلاً.
ومنها إلى بياض عشرون ميلاً وهي قرى وضياع عامرة وغلات حسنة وبساتين تشتمل على ضروب من الفواكه.
ومنها إلى الحمى الصغير عشرون ميلاً.
ثم إلى الحي الكبير في الجهة الشرقية عشرة أميال وهي قرية عامرة ولها بساتين وكروم ومزارع قصب.
ومنها إلى دير الفيوم في الجهة الشرقية عشرون ميلاً.
ثم إلى قرية تونس في الجهة الغربية ميلان وهي متنحية عن النيل ومنها إلى دهروط نصف يوم ودهروط في الجهة الغربية من النيل.
ومنها إلى مدينة القيس في الجهة الغربية نحو من عشرين ميلاً ومدينة القيس مدينة قديمة أزلية وقد تقدم ذكرنا لها فيما سلف من ذكر بلاد مصر في الإقليم الثاني قبل هذا والطريق منها إلى مدينة أسوان على النيل ولا حاجة بنا إلى إعادة ذكر ذلك.
وأما أسفل الأرض من مصر فمن أراد المسير إليها سار منحدراً مع النيل إلى المنية خمسة أميال ومنها إلى منية القائد خمسة أميال وهي مدينة كبيرة عامرة ذات مزارع وبساتين وخصب وقصب سكر.
ومنها إلى شبرة خمسة أميال وهي قرية وضياع كالمدينة يعمل فيها شراب العسل المفوه المشهور في جميع الأرض وبها خيمة البشنس.
ومنها إلى بيسوس خمسة أميال وهي قرية عامرة حسنة.
ومنها إلى قرية الخرقانية خمسة أميال وهي قرية عامرة لها مزارع وضياع وبساتين كثيرة للملك.
ومنها إلى قرية سرودس خمسة أميال.
ومنها إلى شلقان خمسة أميال وهي قرية كبيرة عامرة.
ومنها إلى قرية زفيتة خمسة عشر ميلاً وبها تجتمع المراكب التي يصاد بها الحوت بأسرها وهذه القرية على رأس الجزيرة حيث ينقسم النيل خلجاناً.
وهذه القرية تصاقب مدينة شنطوف التي على رأس الخليج الذي ينزل إلى تنيس ودمياط.
وفي أعلى شنطوف ينقسم النيل على قسمين ينزلان إلى أسفل ويتصلان بالبحر ويتفرع من كل واحد من هذين القسمين خليجان يصلان البحر فأما الخليجان الكبيران فإن مبدأهما من شنطوف فيمر الواحد في جهة المشرق حتى يصل تنيس ويتفرع من هذا الخليج ثلاثة خلجان فأحدها يخرج عند أنتوهى من جهة المغرب فيمر بتقويس إلى إن يرجع إلى معظمه عند دمسيس ويتفرع أسفل ذلك منه خليج في جهة الغرب فيمر حتى يصل دمياط وأما الخليج الآخر فإنه يمر من نحو شنطوف في جهة المغرب إلى قرب قيس أنمار فينقسم منه قسم يمر في جهة المغرب فينعطف إلى قرية ببيج ثم ينزل ويتفرع هناك منه خليج يصل إلى الإسكندرية وهذا الخليج يسمى خليج شابور وفمه وابتداء مخرجه من أسفل ببيج ولا يكون الماء فيه في كل السنة وإنما يكون فيه الماء مدة خروج النيل فإذا رجع ماء النيل جف ماؤه حتى لا ينحدر أحد فيه ويخرج من معظم هذا القسم المتصل برشيد أسفل سنديون وسمونس أسفل فوه وفوق رشيد ذراع من النيل فيمر إلى مستقر بحيرة تتصل بقرب الساحل ثم تمر ممتدة مع الغرب إلى أن يكون بينها وبين الإسكندرية نحو من ستة أميال ومن هناك تتحول الأمتعة من المراكب في البر إلى الإسكندرية وعلى هذه الخلجان كلها مدن كثيرة متحضرة وقرى عامرة متصلة وها نحن لأكثرها ذاكرون وبالله التوفيق.
فمن أراد النزول من مصر إلى تنيس وبينهما تسعة أيام ومن تنيس إلى دمياط مجرى ومن دمياط إلى رشيد يومان ومن رشيد إلى الإسكندرية مجرى ومن الإسكندرية إلى مصر ستة أيام ومن مصر إلى قرية زفيتة التي قدمنا ذكرها وقلنا إن بها تجتمع مراكب صيد السمك بأسرها ومبلغ مقدار عددها مائة مركب ونيف خمسون ميلاً ويقابلها من الضفة الغربية شنطوف وهي مدينة حسنة.
ومن شنطوف إلى شنوان خمسة وعشرون ميلاً ينزل منها إلى قرية الشاميين عشرة أميال وهذه القرية يزرع فيها قصب السكر والبصل والقثاء وهذه أكبر غلاتها وأكثرها وهي بذلك مختصة وهي في الضفة الشرقية ويقابلها في الضفة الغربية طنت وهي قرية حسنة كثيرة المزارع والغلات.
ومن طنت إلى شنوان وهي مدينة صغيرة خمسة عشر ميلاً.
ومن منحدرا إلى قشيرة الأبراج نحو من اثني عشر ميلاً وهي قرية عامرة وفيها غلات وعمارات كثيرة.
وتقابلها قرية سيوجة.
ومنها منحدراً إلى الصالحية نحو عشرة أميال وهي مدينة متحضرة وفيها عمارات وزراعات وأهلها لصوص لهم أذية فاشية وهم بالشر موسومون.
وأسفل الصالحية منية العطف في الغربية وهي قرية كثيرة الخيرات ومنها إلى شيرجة عشرة أميال.
ومنها منحدراً إلى مدينة جدوة خمسة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة لها أسواق عامرة وزراعاتها متصلة وخيراتها كثيرة وفي هذه المدينة مراكب كثيرة معدة لتعدية العساكر مختصة بذلك.
ومن جدوة عشرون ميلاً إلى منية العطار وهي قرية صغيرة وبها بساتين وجنات وغلات.
ويقابلها من الضفة الغربية مدينة أنتوهى وهي مدينة صغيرة وبها بساتين وجنات وزراعات وغلات معلومة ولها سوق في يوم معلوم.
ومن منية العطف السابق ذكرها إلى قرية شميرق عشرة أميال بالجهة الغربية ومن قرية شميرق وهي تقابل جدوة وبأسفلها قليلاً إلى قرية أنتوهى السابق ذكرها نحو من عشرة أميال.
وأسفل أنتوهى ينقسم الذراع من النيل على قسمين فيمر منه القسم الواحد إلى ناحية الغرب والقسم الثاني يمر بالجهة الشرقية فيكون بينهما جزيرة ثم يجتمعان بشبرة ودمسيس ثم يمران غير بعيد فينقسمان قسمين ويمر القسم الشرقي إلى تنيس ويمر القسم الثاني وهو الغربي إلى دمياط.
ثم نرجع بالقول إلى مدينة أنتوهى حيث ينقسم النيل فمن انحدر على الذراع الشرقي صار من أنتوهى إلى منية العطار وهما متقابلتان فانحدر إلى بنة العسل وهي منية جليلة كثيرة الأشجار والفواكه وتتصل بها عمارات وتقابلها في الضفة الغربية منيتها الكبرى المنسوبة إلى بنة.
ومنها إلى قرية أتريب في الشرقية وهي قرية لها سوق عامرة.
ومنها إلى قرية جنجر وهي كثيرة الغلات والمزارع.
ويقابلها في الجهة الغربية منية الحوفي وهي قرية ومنية كبيرة.
ومنها إلى قرية سنيت في الشرقي ويقابلها من الجهة الغربية قرية وروده وهي قرية كثيرة الخصب عامرة بالناس ولها سوق حسنة.
ومنها إلى قرية الخمارية ويقابلها في الغربية منية الحرون.
وينحدر منها إلى قرية صحرشت الكبرى في الجهة الشرقية.
ومنها إلى صحرشت الصغرى في الجهة الغربية وهي قرية عامرة وبها من غلات السمسم والقنب وأنواع الحبوب كل حسن.
ومنها إلى قرية منية غمر بجهة الشرق وهي قرية لها سوق ومتاجر ودخل وخرج قائم.
ويقابلها في الجهة الغربية منية زفته.
ومن منية زفتة إلى منية الفيران في الجهة الغربية وهي قرية يزرع بها غلات الكمون والبصل والثوم برسم قصر الملك.
ويحاذيها في الشرق قرية قدقوس وهي قرية كبيرة جداً ذات بساتين وزروع ولها سوق نافقة وهي يوم الأربعاء.
ومنها ينحدر إلى منية فيماس وهي قرية حسنة كثيرة الخيرات كثيرة الغلات.
ويقابلها في الجهة الغربية قرية حانوت وهي قرية ذات مياه جارية وعمارات وهي برسم زراعة الكتان وهو غلتها وعليها يعول أهلها ونبات الكتان يجود فيها.
ومنها إلى منية إسنا بالشرقي من الخليج وهي قرية حسنة ولها سوق في يوم معلوم.
ومنها إلى قرية دمسيس المقدم ذكرها وهي قرية عامرة آهلة ولها سوق وهو يوم السبت وسوقها يباع بها ويشترى من الثياب والأمتعة كل طريفة والتجار يقصدونها لنفاقها.
ومن أراد النزول إلى الخليج الغربي من أنتوهى سار من أنتوهى إلى مدينة مليج عشرين ميلاً وهي مدينة عامرة ولها أسواق وتجارات ويقابلها في الضفة الشرقية منية عبد الملك وهي قرية عامرة كبيرة كثيرة الخيرات مفيدة الزراعات.
ومن مليج نازلاً إلى طنطنة في جهة الغرب خمسة عشر ميلاً وهي مدينه متحضرة صغيرة لكنها ذات سوق وأرزاق دارة وأحوال صالحة وأهلها في رفاهة وخصب ومن طنطنة إلى مدينة طلطى في الضفة الغربية خمسة عشر ميلاً ويقابلها في الجهة الشرقية الجعفرية وهي قرية ذات مزارع وغلات ومن مدينة طلطى إلى قرية بلوس في الضفة الغربية ويقابلها في الضفة الشرقية قرية السنطة وهي قرية جليلة عامرة.
ومن قرية بلوس إلى مدينة سنباط في الغربي ومزارعها كتان وفيها سوق عامرة وتجارات وأرباح وأموال ممدودة ونعم ومنها بالمحاذاة في الضفة الشرقية إلى مدينة ونعاصر ومن مدينة سنباط إلى مدينة شبرة التي على فم الخليج المقابل لدمسيس المتقدم ذكرها قبل ذلك.
فمن أراد المسير من دمسيس إلى تنيس على النيل نزل في النيل إلى منية بدر نحو ميلين ومنها يخرج خليج شنشا في الجهة الشرقية فيمر إلى مدينة شنشا وهي مدينة حسنة كثيرة الأشجار والمزارع وبها معاصير لقصب السكر وخيرات شاملة وينحدر منها إلى مدينة البوهات في الشرقي أربعة وعشرون ميلاً وهي مدينة عامرة ذات أسواق ومنافع جمة وعليها سور قديم مبني بالصخر ومنها إلى سفناس ثمانية عشر ميلاً وهي مدينة متحضرة صغيرة ومنها إلى جهة الغرب في البر إلى مدينة طناح التي على خليج تنيس في الضفة الشرقية منه خمسة وعشرون ميلاً ثم إلى بحيرة الزار وهي على مقربة من الفرما.
وبحيرة الزار متصلة ببحيرة تنيس وبيها وبين البحر الملح ثلاثة أميال وهذه البحيرة التي ذكرناها بحيرة كبيرة واسعة القطر وفيها من الجزائر غير مدينة تنيس جزيرة حصن الماء وهي مما يلي ناحيه الفرما وبقرب منها وإليها وصل الملك بردوين الذي استفتح بلاد الشام بعد الإسلام وغرق بفرسه بقربها ومنها انصرف إلى ما خلفه وبالشرق من تنيس ومع الجنوب قليلاً جزيرة تونة وهي في بحيرة تنيس وفي جنوب تنيس وببحيريها جزيرة نبلية.
وفي غربي خليج شنشا الذي ذكرناه آنفاً قرى وضياع وشوارع متصلة بضروب من الغلات وجمل من المنافع ومن أحب النزول من دمسيس على معظم الخليج إلى تنيس صار من دمسيس إلى منية بدر التي قدمنا ذكرها قبل ذلك ومنها إلى بنا في الضفة الغربية عشرة أميال وهي قرية حسنة لها بساتين وفدادين غلاتها وافرة.
وفوقها ينقسم النيل على فرقتين فتصير بينهما جزيرة صغيرة على غربيها قرية بوصير وهي عامرة وعلى الذراع الثاني مما يلي المشرق رحل جراح وهي مدينة صغيرة عامرة ولها دخل وخرج ومنافع وغلل وبين رحل جراح وبين فم خليج شنشا أربعون ميلاً وكذلك بين بوصير وبنا ومن منية ابن جراح نازلاً في النيل إلى سمنود اثنا عشر ميلاً وهي في الضفة الشرقية ويقابلها في الجهة الغربية مدينة سمنود وهي مدينة حسنة كثيرة الداخل والخارج عامرة آهلة وبها مرافق واسعار رخيصة ومن مدينة سمنود في البرية في جهة الغرب بالمقابلة إلى مدينة سندفة التي على خليج بلقينة ثمانية أميال ومن مدينة سمنود إلى مدينة الثعبانية ثمانية عشر ميلاً وهي مدينة عامرة وبها أسواق وعمارات وتجارات وهي في الغربي من الخليج ومنها إلى منية عساس اثنا عشر ميلاً وهي قرية كثيرة البركات جامعة لضروب من الغلات ومنها نازلاً إلى جوجر اثنا عشر ميلاً ويقابلها في الضفة الشرقية ويش الحجر وهي مدينة صغيرة بها بساتين وأشجار ومن ويش الحجر إلى مدينة سمنود المقدم ذكرها ستة وثلاثون ميلاً ومن ويش الحجر نازلاً إلى مدينة طرخا وهي بالضفة الغربية من النيل وبينها وبين جوجر اثنا عشر ميلاً.
وأسفل طرخا ينقسم هذا الخليج قسمين يصل أحدهما إلى بحيرة تنيس شرقاً والثاني يصل غرباً إلى مدينة دمياط فمن شاء أن ينزل إلى تنيس ينزل من طرخا إلى منية شهار في الغربي وهي مدينة صغيرة عامرة بها تجارات وأموال قائمة ويقابلها في الضفة الشرقية محلة دمينة وبينهما خمسة أميال ومنية دمينة أسفل من مدينة شهار ومن محلة دمينة إلى قباب البازيار اثنا عشر ميلاً وهي قرية كبيرة ومنها نازلاً إلى قباب العريف ستة عشر ميلاً ومنها إلى قرية دمو خمسة عشر ميلاً ومن دمو إلى مدينة طماخ ميلان في الضفة الشرقية وهي مدينة حسنة كثيرة العامر فيها أسواق ومتاجر قائمة ومنها إلى شمون عشرة أميال وهي قرية عامرة ومنها إلى قرية الأنصار في الضفة الغربية عشرون ميلاً ومنها إلى قرية وبيدة عشرون ميلاً في الضفة الشرقية ومنها إلى برنبلين عشرون ميلاً وهي في الضفة الغربية ثم إلى شنيسة أربعون ميلاً ثم غرباً إلى بحيرة تنيس خمسة عشر ميلاً.
وبحيرة تنيس إذا امتد النيل في الصيف عذب ماؤها وإذا جزر في الشتاء إلى أوان الحر غلب ماء البحر عليها فملح ماؤها وفيها مدن مثل الجزائر تطيف البحيرة بها وهي نبلى وتونة وسمناة وحصن الماء ولا طريق إلى واحدة منها إلا بالسفن وبمدينة تنيس وذمياط يتخذ رفيع الثياب من الدبيقي والشروب والمصبغات من الحلل التنيسية التي ليس في جميع الأرض ما يدانيها في الحسن والقيمة وربما بلغ الثوب من ثيابها إذا كان مذهباً ألف دينار أو نحو ذلك وما لم يكن فيه ذهب المائة والمئتين ونحوها وأصولها من الكتان أما وان كانت شطا ودبقو ودميرة وما قاربها من ذلك الجزائر يعمل بها الرفيع من الأجناس فليس ذلك بمقارب للتنيسي والذمياطي وفيما يذكر أن بحيرة تنيس بها كانت الجنتان التي ذكرت في الكتب وكانت لرجلين من ولد أتريب بن مضر وكان أحدهما مؤمناً والآخر كافراً فافتخر الكافر بكثرة ماله وولده فقال له أخوه المؤمن فما أراك شاكراً على ما رزقت فنزع ذلك منه ويقال إنه دعا عليه فغرق الله جميع ما كان للكافر في البحر حتى كأنها لم تكن في ليلة واحدة وهذه البحيرة قليلة العمق يسار في أكثرها بالمعادي وتلتقي فيها السفينتان فتجانب إحداهما الأخرى هذه صاعدة وهذه نازلة برج واحدة وكلاهما مملوء القلاع بالريح وسيرهما في السرعة سواء.
وأما ذمياط فإنها مدينة على ضفة البحر وبينهما مسافة وبذمياط يعمل من غريب الصنع في الثياب الدبيقية وغيرها ما يقارب الثياب التنيسية سواء وذراع النيل ينصب إليها من الذراع النازل إلى مدينة تنيس وخروجه أسفل طرخا التي قدمنا ذكرها.
فمن شاء النزول إليها من مصر سار على ما وصفناه من القرى والمدن والعمارات حتى يصل طرخا فيأخذ في الذراع الغربي الواصل إلى ذمياط فينحدر إلى مدينة دميرة عشرة أميال وهي في غربي الخليج وهي مدينة صغيرة ويعمل بها ثياب حسنة يتجهز بها إلى كثير من البلاد وبها صناع كثيرة وتجار قاصدون وبيع وشراء ومن دميرة نازلاً مع الخليج إلى شرنقاش في الضفة الغربية سبعة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة عامرة حسنة ذات مزارع وغلات وصناعات ومنها إلى مدينة شرمساح في الضفة الشرقية عشرون ميلاً وهي مدينة جليلة لكنها ليست بالكبيرة ولها سوق جامعة لضروب بيع وشراء وأخذ وعطاء ومنها إلى منية العلوق عشرون ميلاً وهي قرية متحضرة لها معاصر قصب وغلات قائمة نامية وهي في الضفة الشرقية من الخليج ومنها إلى قرية فارسكور عشرة أميال في الضفة الشرقية من الخليج ومن فارسكو إلى بورة وهي قرية جامعة ذات زراعات وغلات وجنات وبساتين وخيرات خمسة عشر ميلاً ومن بورة إلى ذمياط ثلاثة عشر ميلاً وكذلك من طرخا إلى ذمياط مائة ميل وخمسة أميال وكذلك من طرخا إلى منية دمسيس مائة ميل وعشرة أميال ومن دمسيس إلى أنتوهى نحو من تسعين ميلاً ومن فم أنتوهى إلى قرية شنطوف مائة ميل ومن شنطوف إلى الفسطاط خمسون ميلاً.
ونرجع بالقول إلى خليج المحلة وفوهته تخرج من أسفل طنطى فيمر في جهة الغرب نازلاً حتى يحاذي شرمساح التي على خليج دمياط ومن فوهته إلى منية غزال في الشرق عشرون ميلاً وهي قرية جامعة لمحاسن شتى وضروب غلات مختلفة وتقابلها محلة أبي الهيثم في الضفة الغربية ومنها إلى ترعة بلقينة خمسة عشر ميلاً وهي قرية كثيرة البساتين والجنات متصلة العمارات والغلات ومنها يخرج أيضاً خليج آخر يأخذ في الغرب مستقيماً إلى صخا وعليه من أوله قرية دار البقر في الغرب وأسفلها في الغرب أيضاً قرية المعتمدية ومنها إلى متبول في الغرب وهي قرية عامرة لها سوق في يوم معلوم ومنها إلى صخا وصخا في البرية وبها إقليم متصل ومنها في جهة الجنوب في البرية إلى محلة صرت ومنها إلى منوف العليا وهي قرية صغيرة عامرة ولها إقليم معمور وبها غلات وخير كثير ومن منوف العليا إلى سكاف وهي قرية حسنة شاملة لأهلها محدقة بخيرها متصلة عماراتها ومنها إلى شنطوف. ونرجع بالقول إلى ترعة بلقينة السابق ذكرها فمنها منحدراً إلى المحلة وهي مدينة كبيرة ذات أسواق عامرة وتجارات قائمة وخيرات شاملة وبها يقرب من المحلة على خمسة وأربعين ميلاً في البرية مدينة صنهور وإليها تصل ترعة بلقينة ويقابلها في جهة الشرق مدينة سندفة وبينهما نحو ميل ونصف وهي مدينة جليلة جميلة كثيرة الفواكه والنعم وبين سندفة ومدينة سمنود في البرية خمسة عشر ميلاً ومدينة سمنود على خليج تنيس ودمياط ومن سندفة إلى مدينة المحلة ومنها إلى محلة الداخل وهي قرية حسنة لها بساتين وجنات في غربي الخليج ومنها إلى دميرة التي ترسم بها الثياب الشروب وهما مدينتان كبيرتان فيهما طرز للخاصة وطرز للعامة ومنها يخرج إلى ذمياط كما قدمنا.
وقد ذكرنا من أوصاف الخلجان الشرقية وتشعبها على ما هي عليه ما فيه كفاية وبقي علينا أن نذكر الخليجين الغربيين حسب ما يجب ونأتي بما عليهما من البلاد وكيفية تشعبهما فنقول من ذلك: من شاء الانحدار من مصر إلى الإسكندرية خرج من مصر منحدراً إلى جزيرة أنقاش ونبابة وهما مدينتان بين شطي النيل كانتا برسم تربية الوحوش فيهما في مدة أيام الأمير صاحب مصر عشرة أميال ومنها إلى الأخصاص وهي قرية حسنة لها بساتين وجنات وروضات ومبان ومنتزهات عشرون ميلاً ومنها منحدراً في النيل إلى ذروة خمسة أميال ومنها إلى شنطوف عشرون ميلاً وشنطوف مدينة صغيرة متحضرة لها مزارع وخصب ومنها في الضفة الغربية إلى قرية تسمى أم دينار وهي قرية حسنة ومن أم دينار إلي أشمن جريش خمسة عشر ميلاً وهي مدينة صغيرة في الغرب كثيرة العمارات والبساتين والجنات ومنها إلى مدينة الجريش ثمانية عشر ميلاً وهي في الضفة الشرقية وهي مدينة حسنة على إقليم جليل كبير وهي كثيرة التجارات والعمارات والكروم والأشجار ومنها إلى رمال الصنيم وبها آية من آيات الله سبحانه وذلك أنه يؤخذ العظم فيدفن في هذه الرمال سبعة أيام فيعود حجراً صلداً بإذن الله ومن رمال الصنيم إلى أبي يجنس وهي قرية كبيرة عامرة لها سوق وحولها بساتين وغراسات وكذلك منها إلى ترنوط وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وتجار مياسير ومن ترنوط هذه إلى شنطوف خمسون ميلاً وبمدينة ترنوط معدن النطرون الجيد ومنه يحمل إلى جميع البلاد ومدينة ترنوط على بر شابور وذلك أن هذا الذراع من النيل إذا وصل إلى رمال الصنيم انقسم قسمين فيمر القسم الأول إلى ناحية المغرب إلى أن يصل إلى ترنرط ثم إلى بستامة إلى طنوب ومنها إلى شابور وهي مدينة كالقرية الجامعة ومنها إلى محلة السيدة ثم إلى دنشال ثم إلى قرطسا ثم إلى سوق أبي منى ومنها إلى قرنفيل ثم إلى الكريون ومنها إلى قرية الصير ثم إلى الإسكندرية.
وهذا الخليج لا يدخله الماء لا يسافر فيه إلا عند زيادة النيل لأن فوهته مرتفعة على مجرى النيل فلا يصل إليه الماء إلا في الوقت الذي ذكرناه وذلك أن فوهة هذا الخليج إذا وصل إلى ترنوط انعطف إلى جهة المشرق حتى يجتمع بأخيه عند ببيج وتصير بينهما جزيرة بيار وفم الخليج الشرقي يخرج من نحو رمال الصنيم فيمر في جهة الشمال إلى أن يتصل بصاحبه عند ببيج وعلى فوهته وأسفل منه مزارع وقرى متصلة في ضفة المشرق تتصل بأعلى منوف السفلى.
ومنها إلى قرية تتا ومن قرية تتا إلى فيشة إلى البندارية ويقابلهما المنار وفي الضفة الغربية ببيج وهناك يجتمع الخليجان فيصيران واحداً وفوق ببيج قرية قليب العمال وينزل النيل مع الشمال إلى صاه في الضفة الشرقية ويقابلها من الجهة الشرقية محلة نكلا خمسة عشر ميلاً ومن صاه إلى قرية إصطافية في الضفة الشرقية عشرون ميلاً وهي قرية حسنة عامرة ومنها إلى محلة العلوي خمسة عشر ميلاً وهي قرية كبيرة ذات بساتين وضياع ويقابلها في الضفة الغربية سرنبى وهي قرية عامرة ومن محلة العلوي إلى فوة خمسة عشر ميلاً وهي مدينة حسنة كثيرة الفواكه والخصب وبها أسواق وتجارات.
وينقسم النيل أمامها قسمين فتكون بينهما جزيرة الراهب وعلى آخرها مدينة سنديون وكانت قبل ذلك مدينة لكنها دثرت وبقي منها معالم وقرى متصلة ومن فوة إلى سنديون في الضفة الشرقية نحو من خمسة عشر ميلاً ويحاذيها في الجهة الغربية قرية سمديسي وبين سمديسي وسرنبى خمسة عشر ميلاً.
وعلى مقربة من أسفل سمديسى يخرج ذراع من النيل ليس بالكبير فيتصل ببحيرة مارة ما بين غرب وشمال طولها أربعون ميلاً في عرض ميلين أو نحوهما وماؤهما ليس بعميق حتى تأتي ساحل البحر الملح وتنعطف هذه البحيرة مع الساحل على بعد ستة أميال من رشيد ثم ترجع إلى فم ضيق في أعلى سعتها مقدار عشرة أبواع في طول رمية حجر.
ثم تتصل هذه البحيرة ببحيرة أخرى طولها عشرون ميلاً وسعتها أقل من سعة الأخرى وماؤها أيضاً ليس بعميق فيسار فيها إلى أعلاها ومن هناك إلى الإسكندرية ستة أميال ثم يتحول الناس عن المراكب إلى البر فيسيرون على الدواب إلى الإسكندرية وأما النزول إلى رشيد فعلى معظم الخليج فيسار من سمديسى إلى قرية الحافر عشرون ميلاً ويقابلها في الضفة الشرقية قرية نطوبس الرمان ومن الحافر إلى الجديدية خمسة عشر ميلاً وهي قرية عامرة.
ومن الجديدية إلى رشيد وهي مدينة متحضرة بها سوق وتجار ونفقة ولها مزارع وغلات حنطة وشعير وبها جمل بقول حسنة كثيرة ولها نخل كثير وأنواع من الفواكه الرطبة وبها من الحيتان وضروب السمك من البحر الملح والسمك النيلي كثير وبها يصاد الدليس ويملحونه ويسافرون به إلى كل الجهات وهو من بعض تجاراتهم.
وأكثر رساتيق مصر وقراها في الجوف والريف والريف هو ما كان من النيل جنوباً وأكثر أهل هذه القرى قبط نصارى يعقوبية ولهم الكنائس الكثيرة وفيهم قلة شر وهم أهل يسار وأخبر الحوقلي في كتابه أن المرأة العظيمة من نساء القبط ربما ولدت الاثنين والثلاثة في بطن واحد وبحمل واحد ولا يجدون لذلك علة إلا ماء النيل.
ومن رشيد إلى مدينة الإسكندرية ستون ميلاً وذلك أنك تسير من رشيد إلى الرمال إلى بوقير ثلاثين ميلاً إلى القصرين إلى الإسكندرية ثلاثين ميلاً ولأهل الإسكندرية في بحرهم سمكة مخططة لذيذة الطعم تسمى العروس إذا أكلت مشوية أو مطبوخة رأى آكلها في نومه كأنه يؤتى إن لم يتناول عليها شيئاً من الشراب أو يكثر من أكل العسل.
فأما الطريق من مصر إلى أسوان وأعلى الصعيد فقد ذكرناه وكذلك الطريق من مصر إلى إفريقية قد ذكرناه على مسافة فنريد الآن أن نذكر الطريق من مصر إلى البهنسا ثم إلى مدينة سجلماسة مرحلة مرحلة وهو الطريق الذي أخذه المرابطون في سنة ثلاثين وخسمائة تخرج من مصر إلى البهنسا سبعة أيام ومن البهنسا إلى جب مناد مرحلة ثم إلى فيدلة مرحلة ثم مرحلة بلا ماء ثم مرحلة بلا ماء ثم إلى عين قيس مرحلة ثم إلى غيات مرحلة إلى جبل أمطلاس مرحلة إلى نسنات مرحلة إلى وادي قسطرة مرحلة إلى جبل سرواي مرحلة إلى صحراء تيديت ثلاث مراحل بلا ماء إلى غدير شناوة وماؤه شروب مرحلة إلى جبل تاتى مرحلة إلى ساملا مرحلة إلى سيرو في الجبل مرحلة إلى صحراء متالاوت وهي ست مراحل لا ماء فيها ثم إلى نقاو مرحلة ثم إلى سلوبان جبل مرحلة ثم إلى جبل وجاد مرحلة ثم إلى ندرمسة ثم إلى جبل قزول مرحلة ثم إلى جبل أيدمر ثلاث مراحل صحراء بلا ماء إلى سلكايا مرحلتان ثم إلى تساممت مرحلة إلى سجلماسة مرحلة وهذا الطريق قليلاً ما يسلكه أحد وإنما يسلكه الملثمون بدليل.
وكذلك من مصر إلى بغداد خمسمائة وسبعون فرسخاً تكون ألف ميل وسبعمائة ميل وعشرة أميال.
والطريق من مصر إلى مدينة يثرب تخرج من مصر إلى الجب إلى البويب ثم إلى منزل ابن صدقة ثم إلى عجرود ثم إلى الدوينة ثم إلى الكرسي ثم إلى الخفر ثم إلى منزل ثم إلى أيلة ثم إلى حقل ثم إلى مدين ثم إلى الأعراء ثم إلى منزل ثم إلى الكلاية ثم إلى شعب ثم إلى البيضاء ثم إلى وادي القرى ثم إلى الرحيبة ثم إلى ذي المروة ثم إلى مر ثم إلى السويداء ثم إلى ذي خشب ثم إلى المدينة يثرب.
وطريق آخر على ساحل البحر القلزمي من مصر إلى عين شمس إلى قرية المطرية إلى بركة الجب وهو غدير يفرغ فيه خليج القاهرة إلى جب عجرود ثم إلى جب العجوز إلى القلزم ثم إلى بطن مغيرة وهو مرسى عليه بركة ماء ثم إلى جون فاران ثم إلى مزيد ثم إلى تيران وهو مكان خبيث تعطب فيه المراكب عند الهول وذلك أنه جون على ضفته جبل قائم فالريح إذا هبت عليه تلوت ونزلت إلى البحر فهاجت موجه أتلفت ما لقيت هناك من السفن وإذا هبت الريح الجنوب فلا سبيل إلى سلوكه ومقدار هذا المكان الصعب نحو من ستة أميال ويقال إن في هذا الموضع غرق فرعون لعنه الله وبالقرب من فاران موضع صعب إذا سلك والريح الصبا مغرباً أو الدبور مشرقاً ويسمى جبيلات ومن جبيلات إلى جبل الطور إلى الأيلة إلى الحقل إلى مدين إلى الحوراء إلى الجار إلى قديد إلى عسفان إلى بطن مر إلى مكة.
والطريق من مصر إلى الفرما من مصر إلى بلبيس مرحلة إلى فاقوس مرحلة وهي مدينة ثم إلى جرجير مرحلة وسنذكر حال الفرما بعد هذا إن شاء الله تعالى.
نجز الجزء الرابع من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله تعالى.
تصنيف:
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin