باب تعليم الكلب
ينبغي لمن يربي كلب الصيد أن يكون عارفاً بجميع أمراضه وما يصلح لمداواته، ومتى ما صار له من العمر شهرين تأمر صبياً أن شيد له في رأس خيط ذنب ثعلب أو قطعة من جلد الغنم أو غيرهما، ويكون طول الخيط نحو خمسة أذرع فيجر الخيط أمامه وينشطه ويجتهد في أن لا يسلم إليه ما في الخيط ليزداد بذلك حدةً وحنقاً، فإن ذلك يزيده جرأةً وحرصاً، فإذا صار له خمسة أشهر أخرج له فأراً كبيراً وهي الجردان التي تكون في الصحاري ولا يناوش بها، على عرس في مبدأ أمره فذلك يفسده، فإذا سار له سبعة أشهر مضى به إلى البرية القفرة التي يأوي إليها اليربوع، وهو يكون في الأرض المعتدلة ويعرف مكانه بسد باب حجرته بالتراب، فإذا عاين ذلك جعل في بابه خرقة مهيأة كهيئة كيس ويكون له في بابه طوق خشب أو حلقة حديد بحيث تدخل اليد فيه كالراووق لاحتمال دخول اليربوع في الكيس المذكور.
وأما اليربوع فلا يصيده إلا الكلب الجيد، ويخلى على اليربوع الثلاثة من الكلاب والاثنين برسم الفرجة، ويبعث الثلاثة كلاب وأكثر ولا تأخذ اليربوع إلا عدة كلاب.
(1/24)
فإذا تعلم الكلب الكسرات والردات، أرسله على أرنب لطيفة ولا يرسله على الثعلب في مبدأ أمره، وإن حصل على أرنب لطيفة وشد على أعصابها وخلاها كان ذلك أولى وأحسن، فإذا فعل ذلك مراراً أرسله مع كلب آخر أعرف منه بالصيد، وهكذا ينبغي أن يفعل لمن أراد أن يضري الصيد ليخرج كلبه جواداً.
وللناس في كل شيء مذاهب، وينبغي أن لا يطعم الكلب في النهار إلا مرة واحدة وخير ما أكل الكلب الخبز وحده، لمن أراد أن يجود عدوه، ولا يخلى على المزابل يأكل ما لقي فإن ذلك يفسده، وينبغي أن يضمر مثل تضمير الفرس، وأن يعرف مقدار طعمه كما يعرف مقدار طعم البازي وغيره ولا يطعم اللحم إلا من الصيد عند صيده إياه، فإن اللحم يسمن الكلب، وإذا سمن قل عدوه ولا بأس بأن يطعم مع الخبز دهن الأكارع بحيث يلوث الخبز ما لا يثرد فيه كما تفعله الجهلة برياضة الكلب ويسير في كل جمعة مرتين.
قال محمد بن منكلي، ختم الله له بالحسنى: ويجب على المتصيد أن يتقي نجاسة الكلب، فإن النصوص الشرعية جاءت بالإعلام عن نجاسته خلافاً لبعضهم. والإمام مالك قرنه بالخنزير، ومن المعلوم أن في نجاسة عينه خلاف ولا يقتدى بمن يلبس كلاب الصيد إجلال الحرير، فإن ذلك بطر وبذخ وقلة فطنة ويسامح بإلباس كلاب الصيد الجلال من الخرق المصبوغة كالأصفر والأحمر.
ومن الغواة للصيد من يترك الكلب لينام على فراشه ويجلس على وسادته ولا يفعل ذلك إلا كل قليل الاحتفال بدينه غير متحرٍ فيه، نسأل الله العفو، ولا يمنع تغطية الكلاب واستدفائها وغيرها إلا الحرير، وعلم إباحة ذلك لكن ذلك تبذير. فلا يقتدى بجهلة عرب البادية وعفاشتهم، وعدم توقيهم النجاسات حتى أن أحدهم قد ينام والكلب في حضنه وغير ذلك من القبائح المحرمة.
وأجناس الكلاب خمسة منها: الصيدي المعروف بين الناس المرغوب فيه، والزغاري وهو النشاق والحبك وهو أصل آخر لا ينفع لشيء من الصيد، وهو ألطف ما يكون من هذه الأجناس ترغب فيه المكاريه في الإسطبلات، وتعلمه البغاددة فيقفز في الطار وهو مما يضحك عليه الصبيان. والمشّبة والدبيسي الذي يكون في الأسواق وفي القرى للحراسة للدروب والغنم، وهذه الكلاب هي التي نهى الشارع صلى الله عليه وسلم عن تربيتها إلا لذلك.
قال مكحول الفقيه، رحمه الله تعالى: إذا أرسلت كلبك المعلم فأكل من طريدة فاضربه أسواطاً وأوقفه على جرمه، فإنك إن فعلت به ذلك لم يعد إليه إن شاء الله تعالى، ومدح بعضهم كلب صيد، فقال:
ومؤدب الأنساب يمسك صيده ... متوقفاً عن أكله كالصايمِ
طربٌ إذا ما صادَ عانق صيده ... طرب المقيم إلى عناق القادمِ
وقد قيل في مثل ذلك كثيراً.
والكلبة تحيض في كل سبعة أيام، وعلامة ذلك ورم أشفارها، وهي تحمل ستين يوماً، ومنها ما يحمل خمس السنة، ومنها ما يحمل ربعها، وما ولدته قبل الستين لا يعيش.
وتضع جراها عمياء، فلا تفتح عيونها إلا بعد اثني عشر يوماً، ويظهر لبنها بعد حملها بثلاثين يوماً، وهي تعيش إلى عشرين سنة، وإذا هاجت ترى عليها كلاب عدة، أبيض وأسود وأبقع وأصفر، فتؤدي إلى كل سافد شبهه وشكله، والكلب يقظ في نومه جداً، ويقال إنه في حال نومه أسمع من فرس.
ومن عجيب طباعه أنه يكرم الجلة من الناس، وأهل الوجاهة فلا ينبح عليهم وربما حاد لهم عن طريقه، ومن طباعه أيضاً أنه يأكل للقناعة لا للشبع، إن في هذا لعبرة للإنسان العاقل.
والكلب يقبل التأديب والتعليم والتلقين، وهو أهدى من الفيل والدب والقرد. حتى لو وضع على رأسه مسرجة ورمي له قطعة لحم لم يلتفت إليها، فإذا أخذت عنه المسرجة عاد إلى اللحم، وهو يعيش على الجراح التي لا يعيش معها غيره. وقد ألهمه الله تعالى، إذا كان في بطنه دود وأكل السنبل ثم يتقيأه فيرمي معه ما في بطنه من الدود، ويطول الكلام لو أردنا الشرح مثل ذلك.
ومن خواص أجزائه، نابه، إذا علق على من به يرقان ظاهر نفعه، وإن علق على من به عضته نفعه، وإن علق على صبي خرجت أسنانه بغير تعب وإن علق على من عادته التكلم في نومه لم يتكلم في منامه، وإن علق على إنسان لم يعضه كلب كلب، وإن طلي لبن كلبة على البطن لم ينبت به شعر أو حلقه مثل النورة، ومن أخذ يوم الأربعاء قبل طلوع الشمس التراب الذي يبول عليه الكلب وجبل وجعل بنادقاً وعلقت على المحموم سكنت الحمى.
(1/25)
دمه: ينفع لنهشته وينفع لسم السهام الأرمنية.
قال صاحب كتاب الجواهر، رحمه الله: بوله إن تحملت به امرأة ليصل إلى الرحم أعانها على الحمل.
قذره الجاف: إذا أحرق وأذيب بدهن آس ومرارة تيس وطلي به مكان القرح نبت فيه الشعر كما كان.
مخ الكلب الميت: إذا طلي على الخنازير التي تكون في الحلق أذهبها.
يده اليمنى: إذا أحرقت وأخذ رمادها ثم يسحق ناعماً ويذر على العروق التي يسيل منها الدم فإنه يجفف ذلك كله.
لسان الكلب الأسود: من أمسكه بكفه لم تنبح عليه الكلاب ويقال أن اللصوص يفعلون ذلك، وأضربت عن الأشياء التي لا يجوز شرعاً استعمالها.
ينبغي لمن يربي كلب الصيد أن يكون عارفاً بجميع أمراضه وما يصلح لمداواته، ومتى ما صار له من العمر شهرين تأمر صبياً أن شيد له في رأس خيط ذنب ثعلب أو قطعة من جلد الغنم أو غيرهما، ويكون طول الخيط نحو خمسة أذرع فيجر الخيط أمامه وينشطه ويجتهد في أن لا يسلم إليه ما في الخيط ليزداد بذلك حدةً وحنقاً، فإن ذلك يزيده جرأةً وحرصاً، فإذا صار له خمسة أشهر أخرج له فأراً كبيراً وهي الجردان التي تكون في الصحاري ولا يناوش بها، على عرس في مبدأ أمره فذلك يفسده، فإذا سار له سبعة أشهر مضى به إلى البرية القفرة التي يأوي إليها اليربوع، وهو يكون في الأرض المعتدلة ويعرف مكانه بسد باب حجرته بالتراب، فإذا عاين ذلك جعل في بابه خرقة مهيأة كهيئة كيس ويكون له في بابه طوق خشب أو حلقة حديد بحيث تدخل اليد فيه كالراووق لاحتمال دخول اليربوع في الكيس المذكور.
وأما اليربوع فلا يصيده إلا الكلب الجيد، ويخلى على اليربوع الثلاثة من الكلاب والاثنين برسم الفرجة، ويبعث الثلاثة كلاب وأكثر ولا تأخذ اليربوع إلا عدة كلاب.
(1/24)
فإذا تعلم الكلب الكسرات والردات، أرسله على أرنب لطيفة ولا يرسله على الثعلب في مبدأ أمره، وإن حصل على أرنب لطيفة وشد على أعصابها وخلاها كان ذلك أولى وأحسن، فإذا فعل ذلك مراراً أرسله مع كلب آخر أعرف منه بالصيد، وهكذا ينبغي أن يفعل لمن أراد أن يضري الصيد ليخرج كلبه جواداً.
وللناس في كل شيء مذاهب، وينبغي أن لا يطعم الكلب في النهار إلا مرة واحدة وخير ما أكل الكلب الخبز وحده، لمن أراد أن يجود عدوه، ولا يخلى على المزابل يأكل ما لقي فإن ذلك يفسده، وينبغي أن يضمر مثل تضمير الفرس، وأن يعرف مقدار طعمه كما يعرف مقدار طعم البازي وغيره ولا يطعم اللحم إلا من الصيد عند صيده إياه، فإن اللحم يسمن الكلب، وإذا سمن قل عدوه ولا بأس بأن يطعم مع الخبز دهن الأكارع بحيث يلوث الخبز ما لا يثرد فيه كما تفعله الجهلة برياضة الكلب ويسير في كل جمعة مرتين.
قال محمد بن منكلي، ختم الله له بالحسنى: ويجب على المتصيد أن يتقي نجاسة الكلب، فإن النصوص الشرعية جاءت بالإعلام عن نجاسته خلافاً لبعضهم. والإمام مالك قرنه بالخنزير، ومن المعلوم أن في نجاسة عينه خلاف ولا يقتدى بمن يلبس كلاب الصيد إجلال الحرير، فإن ذلك بطر وبذخ وقلة فطنة ويسامح بإلباس كلاب الصيد الجلال من الخرق المصبوغة كالأصفر والأحمر.
ومن الغواة للصيد من يترك الكلب لينام على فراشه ويجلس على وسادته ولا يفعل ذلك إلا كل قليل الاحتفال بدينه غير متحرٍ فيه، نسأل الله العفو، ولا يمنع تغطية الكلاب واستدفائها وغيرها إلا الحرير، وعلم إباحة ذلك لكن ذلك تبذير. فلا يقتدى بجهلة عرب البادية وعفاشتهم، وعدم توقيهم النجاسات حتى أن أحدهم قد ينام والكلب في حضنه وغير ذلك من القبائح المحرمة.
وأجناس الكلاب خمسة منها: الصيدي المعروف بين الناس المرغوب فيه، والزغاري وهو النشاق والحبك وهو أصل آخر لا ينفع لشيء من الصيد، وهو ألطف ما يكون من هذه الأجناس ترغب فيه المكاريه في الإسطبلات، وتعلمه البغاددة فيقفز في الطار وهو مما يضحك عليه الصبيان. والمشّبة والدبيسي الذي يكون في الأسواق وفي القرى للحراسة للدروب والغنم، وهذه الكلاب هي التي نهى الشارع صلى الله عليه وسلم عن تربيتها إلا لذلك.
قال مكحول الفقيه، رحمه الله تعالى: إذا أرسلت كلبك المعلم فأكل من طريدة فاضربه أسواطاً وأوقفه على جرمه، فإنك إن فعلت به ذلك لم يعد إليه إن شاء الله تعالى، ومدح بعضهم كلب صيد، فقال:
ومؤدب الأنساب يمسك صيده ... متوقفاً عن أكله كالصايمِ
طربٌ إذا ما صادَ عانق صيده ... طرب المقيم إلى عناق القادمِ
وقد قيل في مثل ذلك كثيراً.
والكلبة تحيض في كل سبعة أيام، وعلامة ذلك ورم أشفارها، وهي تحمل ستين يوماً، ومنها ما يحمل خمس السنة، ومنها ما يحمل ربعها، وما ولدته قبل الستين لا يعيش.
وتضع جراها عمياء، فلا تفتح عيونها إلا بعد اثني عشر يوماً، ويظهر لبنها بعد حملها بثلاثين يوماً، وهي تعيش إلى عشرين سنة، وإذا هاجت ترى عليها كلاب عدة، أبيض وأسود وأبقع وأصفر، فتؤدي إلى كل سافد شبهه وشكله، والكلب يقظ في نومه جداً، ويقال إنه في حال نومه أسمع من فرس.
ومن عجيب طباعه أنه يكرم الجلة من الناس، وأهل الوجاهة فلا ينبح عليهم وربما حاد لهم عن طريقه، ومن طباعه أيضاً أنه يأكل للقناعة لا للشبع، إن في هذا لعبرة للإنسان العاقل.
والكلب يقبل التأديب والتعليم والتلقين، وهو أهدى من الفيل والدب والقرد. حتى لو وضع على رأسه مسرجة ورمي له قطعة لحم لم يلتفت إليها، فإذا أخذت عنه المسرجة عاد إلى اللحم، وهو يعيش على الجراح التي لا يعيش معها غيره. وقد ألهمه الله تعالى، إذا كان في بطنه دود وأكل السنبل ثم يتقيأه فيرمي معه ما في بطنه من الدود، ويطول الكلام لو أردنا الشرح مثل ذلك.
ومن خواص أجزائه، نابه، إذا علق على من به يرقان ظاهر نفعه، وإن علق على من به عضته نفعه، وإن علق على صبي خرجت أسنانه بغير تعب وإن علق على من عادته التكلم في نومه لم يتكلم في منامه، وإن علق على إنسان لم يعضه كلب كلب، وإن طلي لبن كلبة على البطن لم ينبت به شعر أو حلقه مثل النورة، ومن أخذ يوم الأربعاء قبل طلوع الشمس التراب الذي يبول عليه الكلب وجبل وجعل بنادقاً وعلقت على المحموم سكنت الحمى.
(1/25)
دمه: ينفع لنهشته وينفع لسم السهام الأرمنية.
قال صاحب كتاب الجواهر، رحمه الله: بوله إن تحملت به امرأة ليصل إلى الرحم أعانها على الحمل.
قذره الجاف: إذا أحرق وأذيب بدهن آس ومرارة تيس وطلي به مكان القرح نبت فيه الشعر كما كان.
مخ الكلب الميت: إذا طلي على الخنازير التي تكون في الحلق أذهبها.
يده اليمنى: إذا أحرقت وأخذ رمادها ثم يسحق ناعماً ويذر على العروق التي يسيل منها الدم فإنه يجفف ذلك كله.
لسان الكلب الأسود: من أمسكه بكفه لم تنبح عليه الكلاب ويقال أن اللصوص يفعلون ذلك، وأضربت عن الأشياء التي لا يجوز شرعاً استعمالها.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin