17 ـ العمل روح العلم والعلم وسيلة
اعلم يا فقير أن هذا الطريق هي طريق العلم والعمل الذي هو العلم الحقيقي، لا طريق اللعب بالقلقلة وتزويق الظاهر. فإنَّ صاحبَ العِلم بلا عَمَل متلاعب بالدين وما أسوأ حاله مع الله ومع الخلق. وتأمّل يا فقير ما أجراه الحق سبحانه من سنّته في العوام أنَّهم لا يمدحون إلاّ العبّاد والزهّاد الذين ظهر عليهم أثر العلم ولا يبالون بالعالِم الكامِل الذي تتفجّر منه أحوال العبّاد والزهّاد.وهذا وإن كان موجبه هو قصور نظر العامة لكن فيه دقيقة لطيفة يعلمها صاحب الإنصاف المتحلّي بحلية الاعتراف، فالعمل الذي هو روح العلم عليه المدار والعلم إنّما هو وسيلة، وبضبط شريعة العمل تحسن نتائجه التي هي الأحوال، وبضبط شريعة الأحوال تتحقّق مقامات الإنزال.
فمن لا عِلمَ له لا عَملَ لهُ ومن لا عَملَ له لا حالَ له ومن لا حال له لا مقام له. فالمُعتبَر في طريقنا التي هي طريق الأنبياء والرسل كافّةً وجود العلم الحقيقي الذي تزداد به لربّك افتقاراً ولنفسك احتقاراً وللخلق تواضعاً، وهذا هو العلم المُعتبَر.
ويستحيل وجود العالِم بلا عمل وإن ظهر صورة، فميزان التحقيق لا يسمّيه علماً بل يسمّيه جهلاً مركّباً تركيب مزجى، إذ العلم ما أدّى إلى مخالفة الهوى ومحبّة المولى، وإذا لم يؤدّ إلى ذلك فليس بعلم. فالمُعتبَر من العلم وجود العمل كما أنّ المُعتبَر من العمل وجود الحال الذي هو عبارة عن خلع الكَوْنَيْن والإقبال على المُكوِّن.
فإذا أردتَ يا فقير أن تعرف مَا لَكَ مِن مقامات الرجال فانظر إلى ما عندَك من الشريعة، "فعلى قدر العزم تأتي العزائم". وتأمّل إشارة قوله تعالى : (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) إلى آخر الآية، فإنها تعطيك صحّة ما قلناه، وهذا ميزان صحيح عند أهل الله رضي الله عنهم، ومن أجْلِه لا يَغترُّون بمَدْح المَادح ولا بِذمّ الذامّ لأنّهم أعرف بما هم عليه وبقدر الشرائع تعظم المقامات. قال صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله تعالى من قلبه، فإنّ الله عز وجل ينزل العبد عنده بحيث أنزله العبد من نفسه"، أي فإن عظمت المنزلة من القلوب وظهرت شريعة ذلك في الظاهر فليعلم أن مقامه عند الله عظيم، وإن ضعفت منزلة الله في قلبه ولم يقم بالأوامر والنواهي فلا يغترّ في مقامه عند الله وإن أهله لألف ألف كرامة فإن ذلك مكر واستدراج.
وقد قال ولي الله سيدي ابن عطاء الله في حِكَمه :"إن أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر في ماذا يقيمك". وقد قال الحق سبحانه في بعض الكتب :"يَا ابْنَ آدَمَ ، أَطِعْنِي فِيمَا أَمَرْتُكَ ، وَلا تُعْلِمْنِي بِمَا يُصْلِحُكَ، إنّي عالم بخلقي،إنّما أًكرِمُ مَن أَكرَمني وأُهينُ من هَانَ عليهِ أَمْرِي، لَستُ بِناظرٍ فِي حَقِّ عَبْدِي حَتَّ يَنظُرَ عَبْدِي فِي حَقِّي".
فالمعتبر يا فقير هو الشريعة التي هي القيام بوظائف العبوديّة، وأمّا من ادعى عليك المقامات في العلوم والفهوم وهو من عملها خال فلا تعبأ به ولا تقرُب منه، فإنّ أصبعين من الحال خير من مائة ذراع من العلم.
فشدّ يدك على شريعة الطريق ولا تمل عن منهاج أهل التحقيق، فإنّنا قد أدّينا ما وجب علينا : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) . والسلام.
بغية السالك وإرشاد الهالك
اعلم يا فقير أن هذا الطريق هي طريق العلم والعمل الذي هو العلم الحقيقي، لا طريق اللعب بالقلقلة وتزويق الظاهر. فإنَّ صاحبَ العِلم بلا عَمَل متلاعب بالدين وما أسوأ حاله مع الله ومع الخلق. وتأمّل يا فقير ما أجراه الحق سبحانه من سنّته في العوام أنَّهم لا يمدحون إلاّ العبّاد والزهّاد الذين ظهر عليهم أثر العلم ولا يبالون بالعالِم الكامِل الذي تتفجّر منه أحوال العبّاد والزهّاد.وهذا وإن كان موجبه هو قصور نظر العامة لكن فيه دقيقة لطيفة يعلمها صاحب الإنصاف المتحلّي بحلية الاعتراف، فالعمل الذي هو روح العلم عليه المدار والعلم إنّما هو وسيلة، وبضبط شريعة العمل تحسن نتائجه التي هي الأحوال، وبضبط شريعة الأحوال تتحقّق مقامات الإنزال.
فمن لا عِلمَ له لا عَملَ لهُ ومن لا عَملَ له لا حالَ له ومن لا حال له لا مقام له. فالمُعتبَر في طريقنا التي هي طريق الأنبياء والرسل كافّةً وجود العلم الحقيقي الذي تزداد به لربّك افتقاراً ولنفسك احتقاراً وللخلق تواضعاً، وهذا هو العلم المُعتبَر.
ويستحيل وجود العالِم بلا عمل وإن ظهر صورة، فميزان التحقيق لا يسمّيه علماً بل يسمّيه جهلاً مركّباً تركيب مزجى، إذ العلم ما أدّى إلى مخالفة الهوى ومحبّة المولى، وإذا لم يؤدّ إلى ذلك فليس بعلم. فالمُعتبَر من العلم وجود العمل كما أنّ المُعتبَر من العمل وجود الحال الذي هو عبارة عن خلع الكَوْنَيْن والإقبال على المُكوِّن.
فإذا أردتَ يا فقير أن تعرف مَا لَكَ مِن مقامات الرجال فانظر إلى ما عندَك من الشريعة، "فعلى قدر العزم تأتي العزائم". وتأمّل إشارة قوله تعالى : (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) إلى آخر الآية، فإنها تعطيك صحّة ما قلناه، وهذا ميزان صحيح عند أهل الله رضي الله عنهم، ومن أجْلِه لا يَغترُّون بمَدْح المَادح ولا بِذمّ الذامّ لأنّهم أعرف بما هم عليه وبقدر الشرائع تعظم المقامات. قال صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله تعالى من قلبه، فإنّ الله عز وجل ينزل العبد عنده بحيث أنزله العبد من نفسه"، أي فإن عظمت المنزلة من القلوب وظهرت شريعة ذلك في الظاهر فليعلم أن مقامه عند الله عظيم، وإن ضعفت منزلة الله في قلبه ولم يقم بالأوامر والنواهي فلا يغترّ في مقامه عند الله وإن أهله لألف ألف كرامة فإن ذلك مكر واستدراج.
وقد قال ولي الله سيدي ابن عطاء الله في حِكَمه :"إن أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر في ماذا يقيمك". وقد قال الحق سبحانه في بعض الكتب :"يَا ابْنَ آدَمَ ، أَطِعْنِي فِيمَا أَمَرْتُكَ ، وَلا تُعْلِمْنِي بِمَا يُصْلِحُكَ، إنّي عالم بخلقي،إنّما أًكرِمُ مَن أَكرَمني وأُهينُ من هَانَ عليهِ أَمْرِي، لَستُ بِناظرٍ فِي حَقِّ عَبْدِي حَتَّ يَنظُرَ عَبْدِي فِي حَقِّي".
فالمعتبر يا فقير هو الشريعة التي هي القيام بوظائف العبوديّة، وأمّا من ادعى عليك المقامات في العلوم والفهوم وهو من عملها خال فلا تعبأ به ولا تقرُب منه، فإنّ أصبعين من الحال خير من مائة ذراع من العلم.
فشدّ يدك على شريعة الطريق ولا تمل عن منهاج أهل التحقيق، فإنّنا قد أدّينا ما وجب علينا : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) . والسلام.
بغية السالك وإرشاد الهالك
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin