7 ـ جميع الأحوال سبيل إلى التحقّق بحقيقة الحقائق
وددتُ أيها المنكر على هذه الطائفة لو أن الله أزال الحجاب عن عين بصيرتك حتى تخلص إليه أعمالك وتصحّح أحوالك فتعرف أن حقيقة ما تنكره هي حقيقة ما تقرّ، وأن جنس الحركة واحد، إذ حقيقة الفعل عين حقيقة الترك، والتباين اعتباري وأمر نسبي جيء به اعترافاً بالحكمة وآداباً مع أسرار القدرة.
فإذا صادمتك الصدمات القهرية الفائضة من عنصر التجليات الإلهية وأحرقت أستار وهمك الحائطة برسم وجودك ونعتك وذُقتَ مرارة موتك وحُشرتَ من قبر شريعة وجودك الصلبي ونُشرت في عالم حقيقة وجودك القلبي وصرتَ أنتَ بلا أنت، أي لا أنت أنت ولا أنت غير أنت، عند ذلك تعلم سرّك وتتحقّق بحقيقة حقيقتك، وتعلم أن جميع أحوالك حركةً وسكوناً كلّها سبيل موصل إلى التحقّق بحقيقة الحقائق، وأنّه لا فرق بين المنكور والمقرور من أنواع التجلّيات إلاّ ما يعطيه قيام الموازين الإلهية.
فلا فرق يا أخي، عند من أخلص وتخلّص، بين الأمور العلوية والسفلية مما لا نكير لصريح العلم فيه، سواء مال إلى التقشّف أو إلى الرفاهيّة، فإنه لا أثر للاحوال فيه، وإنما الأحوال به تسموا ومنه تستمد. فكل حال ظهر به فهو أفضل من غيره، غير أنَّ المحجوب بكثافة بشريته يتخيّل بفهمه الفاتر وعقله القاصر أن تكبير العمامة ولبس الطيلسان في حق من فاض باطنه على ظاهره غرور وميل من الأعلى إلى الأدنى، ويقول : ما باله يترك أحوال المجاهدة ويرتكب أحوال أهل العادة، وما هذه سيرة السلف ولا الخلف، ويزن ذلك بحسب ذوقه المرّ الذي استعذبه بنفسه، وما درى من جهله أن منار الهداية منطمس لديه، ولو أبصر رشده لعلم أن اختلاف المسالك لا يوجب اختلاف المقاصد، وأن سيرة السلف كما هي شاهدة بما فهم، فهي شاهدة بإقرار ما أنكره، والأمر واسع ودائر ما بين بسط وقبض. فمن بسطته المعرفة لبس ما شاء كحال الشيخ عبد القادر الجيلاني
والشيخ الشاذلي وأضرابهم، ومن قبضه الورع أمسك عن ذلك كحال بشر الحافي وإبراهيم ابن أدهم وغيرهم، وكل واحد قصد ما قصده الآخر، وهو إفراد المعبود بأحواله الذي هو عينها. ولو انفتق الحجاب عن بصيرة هذا المنكر لقال بلسان الحال والمقال: أيها المخلص كُلْ ما شئتَ واشرب ما شئتَ والبس ما شئتَ وانكح ما شئتَ واركب ما شئتَ ولا تخف، إنّك من الآمنين من حيث التخصيص الذي أوجبه حال التخليص.
لكن غلظة الحجاب أوجبت الوقوف مع العوائد، فصار المنكر منكوس الذقن، إذا رأى أحوالهم تشاكل حاله وما درى حقيقة ما أنكر على الغير هي عين ما أقرّه لنفسه. فبالله مَن هذا الذي استوطن بلاد الغفلة وجعل ينكر على أهل الوصلة ؟ وإنّي أقول له : جدّد التوبة وبادر إليها وإلاّ فالمكر السّيِّئُ لا يحيقُ إلّا بأهلِه. كما جرت سنة الله في خلقه. والسلام.
بغية السالك وإرشاد الهالك
وددتُ أيها المنكر على هذه الطائفة لو أن الله أزال الحجاب عن عين بصيرتك حتى تخلص إليه أعمالك وتصحّح أحوالك فتعرف أن حقيقة ما تنكره هي حقيقة ما تقرّ، وأن جنس الحركة واحد، إذ حقيقة الفعل عين حقيقة الترك، والتباين اعتباري وأمر نسبي جيء به اعترافاً بالحكمة وآداباً مع أسرار القدرة.
فإذا صادمتك الصدمات القهرية الفائضة من عنصر التجليات الإلهية وأحرقت أستار وهمك الحائطة برسم وجودك ونعتك وذُقتَ مرارة موتك وحُشرتَ من قبر شريعة وجودك الصلبي ونُشرت في عالم حقيقة وجودك القلبي وصرتَ أنتَ بلا أنت، أي لا أنت أنت ولا أنت غير أنت، عند ذلك تعلم سرّك وتتحقّق بحقيقة حقيقتك، وتعلم أن جميع أحوالك حركةً وسكوناً كلّها سبيل موصل إلى التحقّق بحقيقة الحقائق، وأنّه لا فرق بين المنكور والمقرور من أنواع التجلّيات إلاّ ما يعطيه قيام الموازين الإلهية.
فلا فرق يا أخي، عند من أخلص وتخلّص، بين الأمور العلوية والسفلية مما لا نكير لصريح العلم فيه، سواء مال إلى التقشّف أو إلى الرفاهيّة، فإنه لا أثر للاحوال فيه، وإنما الأحوال به تسموا ومنه تستمد. فكل حال ظهر به فهو أفضل من غيره، غير أنَّ المحجوب بكثافة بشريته يتخيّل بفهمه الفاتر وعقله القاصر أن تكبير العمامة ولبس الطيلسان في حق من فاض باطنه على ظاهره غرور وميل من الأعلى إلى الأدنى، ويقول : ما باله يترك أحوال المجاهدة ويرتكب أحوال أهل العادة، وما هذه سيرة السلف ولا الخلف، ويزن ذلك بحسب ذوقه المرّ الذي استعذبه بنفسه، وما درى من جهله أن منار الهداية منطمس لديه، ولو أبصر رشده لعلم أن اختلاف المسالك لا يوجب اختلاف المقاصد، وأن سيرة السلف كما هي شاهدة بما فهم، فهي شاهدة بإقرار ما أنكره، والأمر واسع ودائر ما بين بسط وقبض. فمن بسطته المعرفة لبس ما شاء كحال الشيخ عبد القادر الجيلاني
والشيخ الشاذلي وأضرابهم، ومن قبضه الورع أمسك عن ذلك كحال بشر الحافي وإبراهيم ابن أدهم وغيرهم، وكل واحد قصد ما قصده الآخر، وهو إفراد المعبود بأحواله الذي هو عينها. ولو انفتق الحجاب عن بصيرة هذا المنكر لقال بلسان الحال والمقال: أيها المخلص كُلْ ما شئتَ واشرب ما شئتَ والبس ما شئتَ وانكح ما شئتَ واركب ما شئتَ ولا تخف، إنّك من الآمنين من حيث التخصيص الذي أوجبه حال التخليص.
لكن غلظة الحجاب أوجبت الوقوف مع العوائد، فصار المنكر منكوس الذقن، إذا رأى أحوالهم تشاكل حاله وما درى حقيقة ما أنكر على الغير هي عين ما أقرّه لنفسه. فبالله مَن هذا الذي استوطن بلاد الغفلة وجعل ينكر على أهل الوصلة ؟ وإنّي أقول له : جدّد التوبة وبادر إليها وإلاّ فالمكر السّيِّئُ لا يحيقُ إلّا بأهلِه. كما جرت سنة الله في خلقه. والسلام.
بغية السالك وإرشاد الهالك
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin