قصّة للإعتبار.

بسم الله الرّحمن الرّحيم.
اللهم صل على سيدنا محمد حبيبك وصفيك من بين خلقك اجمعين و على آله و صحبه و تابعيهم باحسان الى يوم الدين و سلم تسليما.
قصّة للإعتبار.
لقد كثر الحديث في هذه الأيّام عن المهدي المنتظر، وكثر الموهومون بهذا الأمر واستفحل الأمر وانتشر.
التقيت أحدهم يوما فقال:" انا المهدي المنتظر"!!، فتساءلت فيما بيني وبين نفسي هل يمكن أن يكون هذا جادّ فيما ذكر؟
وقلت هذا شكله واهم تكذب عليه نغسه، اللهمّ عافنا ممّا ابتليت به كثيرا من خلقك.
ولكن استدركت الامر وقلت ألا يمكن ان أكون حرمت نفسي من علم استفيده من هذا الشخص ، فماذا لو اعتبرت كلامه صحيحا.
.أزلت الإعتراض من نفسي وأقبلت عليه لأدخل مملكة اعتقاده وقلت له، إنّ لله في خلقه شؤون، فهلّا أخبرتني عن أمرك باكثر وضوح.
قال: رايت في رؤيا كأنّني وسط جموع من الناس ملتفّة حول شخص كان أطولهم فألهمت بغير تفكّر أنّه رسول الله صلى الله عليه وسلّم،
فاتّجهت نحوه، وبدأ الناس يفتحون الطريق أمامي وكلّما تقدّمت نحوه أحسّ بأنّ طولي قد ازداد.
مررت بشخص كان يبدو لي أطول منّي فلمّا حاذيته وجدت نفسي أطول منه ولمّا رايته علمت انه سيّدنا علي ،
ثم مررت بآخر كان أطول منّي فلمّا حاذيته صرت أطول منه وعرفت وجهه إنّه سيّدنا عثمان ، ثم شخص ثالث بنفس الطريقة فوجدته سيّدنا عمر،
وواصلت سيري الى رسول الله صلى الله عليه و سلم وبجانبه شخص طويل فلمّا حاذيته طلته كذلك وعرفت أنّه سيّدنا ابو بكر الصديق،
فلمّا رآني رسول الله صلى الله عليه و سلّم ضمّني إلى صدره فأحسست بأنّني صرت نورا وذبت فيه.
فقال لي اين كنت يا ولدي فإنّني كنت أنتظرك من زمان بعيد، فعلمت حينها أنّني أنا المهدي المنتظر.
عندما وصل صاحبنا في قصّته الى هذا الحدّ كدت أن أقطع حديثه إذ قالت لي نفسي كيف يمكن لهذا الأحمق أن يعتقد أفضليّته على كبار الصّحابة؟،
لكنّني قلت لنفسي دعيه يواصل كلامه لعلّنا نستفيد من أمره ما يجنّبنا الوقوع في مثل هذه الكوارث والمتاهات.
محوت الاعتراض من نفسي وقلت له بكلّ لطف لا بدّ أنّ لك أنواعا من الطّاعات أوصلتك إلى هذا المقام،
ولم اساله تهكّما بل سألته وكلّي لهفة لمزيد سماع أطوار هذه القصة.
فقال : أعلم يا أخي أنّني منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي وأنا أشغّل ثلاثة عمّال باجر محترم،
و شغلهم الوحيد هو صلانهم لي على رسول الله صلّى الله عليه و سلّم، وقد وصلت إلى حدّ الآن في أجورهم إلى حوالي ثلاث مائة و خمسون مليونا .
ثم قال: و إلى جانب هذا فإنّ لي شاهد آخر يأكّد تمام التّأكيد على أنّني أنا المهدي المنتظر،
فارجوك ان تتفضل معي الى دكاني {مغازة بيع ملابس جاهزه}لترى شاهدي بعينك. وذهبت معه و كلي شوق لاستكمال هذه القصة الطّريفة .
فتح امامي كتابا للقرطبي لا أتذكّر عنوانه على صفحة معلّمة بخيط و قال لي اقرأ هنا،
ها هو القرطبي يقول إنّ المهدي المنتظر من المغرب العربي. هل مازال عندك شكّ!!؟
غلبتني نفسي وأجبته باستخفاف : لا، فأمرك واضح.
احسست بتهكّم نفسي على هذا الشّخص، فاستعذت بالله من الشّيطان الرّجيم وقلت لنفسي: ومن يدري لعلّ عندك قصصا لم اكتشفها، وقد تكون أخطر من هذه القصّة.
اخواني لو نظرنا في أنفسنا لوجدنا فيها أمثلة تشبه ما وقع لصاحبنا هذا في مجالات أخرى، لكن تلوّنت بألوان يصعب عنّا اكتشافها فينا .
فكم من فقير يعتقد فيما بينه و بين نفسه أنّه النّجم الذي لايدرك والبحر الذي لايترك، و ما ذلك الا بتقوقعه على نفسه.
واعلموا إخواني أنّ مجالات التّفكّر لا تحصى، ولكن ليس التّفكّر لمجرّد التّفكّر، بل هو لأخذ العبرة و اصلاح نفوسنا ما أمكن ذلك.
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ(190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)أل عمران.
من دنا منك حجبك عنك، ومن دنوت منه حجبك عنه
ومن دنوت به إليه، رفع عنك الحجب وأجلسك بين يديه.
” اللهم لك اسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون ” رواه مسلم
اه