دَخيرَةِ المُحتَاجِ فِي الصَّلاةِ عَلَى صَاحِبِ اللِّوَاءِ والتَّاجِ-12
دَخيرَةِ المُحتَاجِ فِي الصَّلاةِ عَلَى صَاحِبِ اللِّوَاءِ والتَّاجِ-12
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ لِسَانُ خِطَابِي وَجَوَابِي وَعُنْوَانُ ظَاهِرِي وَبَاطِني وَفَاتِحَةُ كِتَابِي، الَّذِي مِنْ عَظِيمِ مُعْجِزَاتِهِ مَارُوِيَ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ قَالَ : بَيْنَما رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ بَدَوِيٌّ فَاخْتَرَقَ الصُّفُوفَ إِلَى أَنْ تَوَقَّفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيمِ كَأَنَّهُ البَدْرُ لَيْلَةَ تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ وَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى وَأَطَاعَ المَلِكَ الأَعْلَى وَأَقَرَّ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَ الآخِرَةَ عَلَى الأُولَى، فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِيُّ : يَا مُحَمَّدُ سَمِعْتُ عَنْكَ كَلَامًا إِنَّكَ قُلْتَهُ أَمْ قِيلَ عَنْكَ ؟ قَالَ : وَما هُوَ يَا أَخَِى العَرَبِ ؟ قَالَ سَمِعْتُ عَنْكَ أَنَّكَ تَقُولُ أَنَا نَبِيٌّ وءَادَمُ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ، وَكُنْتُ نَبِيًّا وَلَا ءَادَمَ وَلَا طِينَ، قَالَ : نَعَمْ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ : يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ وَتُزَكِّي نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ، وَقَدْ شَرَّعْتَ فِي شَرْعِكَ أَلَّا يُقْبَلَ قَوْلٌ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ يَا أَخَا العَرَبِ، فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِيُّ : يَا مُحَمَّدُ أَتَيْتُكَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ لَا يَتَكَلَّمَانِ فِي عَبْدٍ وَلَا يَحْضُرَانِ نَمِيمَةً : الشَّاهِدُ الأَوَّلُ مِنَ البَرِّ الأَقْصَى وَهُوَ حَجَرٌ جُلْمُودٌ صَخْرٌ أَسْوَدُ لَا قَلْبَ لَهُ يَخْشَعُ وَلَا أُذُنَ تَسْمَعُ وَهُوَ هَذَا الحَجَرُ، أُرِيدُ أَنْ يَلْتَزِمَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَيَنْقَسِمَ شَطْرَيْنِ وَالشَّطْرَانِ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَالأَرْبَعًةُ إِلَى ثَمَانِيَةِ وَالثَّمَانِيَةُ إِلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَالسِّتَّةَ عَشَرَ إِلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ قِطْعَةً كُلُّ قِطْعَةٍ تُنَادِيكَ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ وَتَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَالشَّاهِدُ الثَّانِي عَلَى بَابِ مَسْجِدِكَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ اليَابِسَةُ مِنْ عَهْدِ آبَائِنَا وَأَجْدَادِنَا تَدْعُوهَا إِلَيْكَ فَتَحْضُرُ أَغْصَانُهَا وَتُورِقُ فُرُوعُهَا وَتُتْمِرُ مِنْ حِينِهَا وَيُجَاوِبُكَ خَشَبُهَا بِلِسَانٍ وَكُلُّ غُصْنٍ مِنْهَا بِلِسَانِ وَوَرَقُهَا بِلِسَانٍ كُلٌّ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَطْرَقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ لَهُ : اللهُ يُقْرِئُكَ السَّلَامُ وَيَخُصُّكَ بِالتَّحِيَّةِ وَالإِكْرَامِ وَيَقُولُ لَكَ : يَا مُحَمَّدُ طِبْ نَفْسًا وَقَرَّ عَيْنًا فَالمُعْجِزَتَانِ مَخْلُوقَتَانِ مِنْ قَبْلِ خَلْقِ أَبِيكَ ءَادَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ أُدْعُهُمَا يُحْيِيَانِكَ ، فَسُرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ. وَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ : إِيتِ بِشَاهِدِكَ الأَوَّلُ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيُّ الحَجَرَ فَتَنَاوَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَمِينِهِ وَقَالَ لَهُ : انْقَسِمْ أَيُّهَا الحَجَرُ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى، فانْقَسَمَ الحَجَرُ عَلَى نِصْفَيْنِ وَالنِّصْفَانِ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَالأَرْبَعَةُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ وَالثَّمَانِيَةُ إِلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَالسِّتَّةُ عَشَرَ إِلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ قِطْعَةً كُلُّ قِطْعَةٍ تُنَادِي بِلِسَانٍ فَصِيحٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ نَبِيٌّ وَءَادَمُ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ وَكُنْتَ نَبِيًّا وَلَا ءَادمَ وَلَا طِِينَ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عُدْ أَيُّهَا الحَجَرُ كَمَا كُنْتَ، فَقَالَ لَهُ الحَجَرُ : وَعَيْشِكَ وَحَيَاتِكَ يَا زَيْنَ القِيَامَةِ لَا عُدْتُ كَمَا كُنْتُ حَتَّى تَضْمَنَ لِي عَلَى اللهِ الجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ أَيُّهَا الجُلْمُودُ لَا قَلْبٌ يَخْشَعُ وَلَا أُذْنٌ تَسْمَعُ وَتَخَافُ مِنَ النَّارِ، فَقَالَ : حَبِيبِي سَمِعْتُكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ : {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عُدْ كَمَا كُنْتَ وَضَمِنْتُ لَكَ عَلَى اللهِ الجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَخَا العَرَبِ جِئْنِي بِشَاهِدِكَ الثَّانِي، فَقَالَ : هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتِي عَلَى بَابِ مَسْجِدِكَ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَخَا العَرَبِ انْصَرِفْ إِلَيْهَا وَقُلْ لَهَا مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللهِ يَدْعُوكِ. فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ فَوَجَدَ الشَّجَرَةَ قَدْ أَيْنَعَتْ وَأَوْرَقَتْ وَأَثْمَرَتْ فَقَالَ لَهَا : أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ رَسُولَ اللهِ يَدْعُوكِ، فَاهْتَزَّتْ وَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا وَانْحَنَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَتْهُ الخُشُبُ بِلِسَانٍ وَالغُصُونُ بِلِسَانٍ وَالوَرَقُ بِلِسَانٍ كُلٌّ يَقُولُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ نَبِيٌّ وآدمُ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ وَكُنْتَ نَبِيًّا وَلَا ءَادَمَ وَلَا طِينَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عُودِي أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ كَمَا كُنْتِ بِقُدْرَةِْ اللهِ تَعَالَى، فَرَجَعَتْ إِلَى سَبِيلِهَا وَقَامَتْ عَلَى حَالِهَا الأَوَّلِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الأَعْرَابِيُّ : يَا حَبِيبِي يَا مُحَمَّدُ أُمْدُدْ يَدَيْكَ لَا شَكَّ بَعْدَ عِيَانٍ وَلَا كُفْرَ بَعْدَ إِيمَانٍ أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللهِ سَعِدَ وَاللهِ مَنْ آمَنَ بِكَ وَصَدَّقَ بِرِسَالَتِكَ. فَسُرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِهِ وَقَالَ : فَقِّهُوا الأَعْرَابِيَّ.
فَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ صَلَاةً تُثْقِلُ بِهَا مِيزَانِي وَتُخَفِّفُ بِهَا حِسَابِي وَتَحْفَظُ بِهَا أَهْلِي وَجِيرَانِي وَأَصْحَابِي وَتَكُونُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ سُورِي وَمَنَعَتِي وَحِجَابِي بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا رَبَّ العَلَمِينَ.
لَيْسَ لِي حِيلَةٌ لِكَسْبِ كُرُوبٍ * غَيْرُ شَكْوَايَ لِلسَّمِيعِ المُجِيبِ
أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ مَوْلَى المَوَالِي * كَاشِفُ الضُّرِّ سَاتِرٌ لِلْعُيُوبِ
مَنْ لِأَيُّوبَ كَانَ لَمَّا ابْتَلَاهُ * مُنْقِذًا بَعْدَ إِلْفِهِ لِلْخُطُوبِ
وَلِيَعْقُوبَ رَدَّ بَعْدَ عَمَاهُ * بَصَرًا بَعْدَ سُجُودِهِ وَالنَّحِيبِ
فَإِلَيْهِ رَفَعْتُ طَرْفِي أَدْعُو * تَائِبًا نَادِمًا بِدَمْعٍ سَكِيبٍ
وَعَسَاهُ يَحْمُدُ بِلُطْفٍ خَفِيٍّ * يَكْشِفُ الكَرْبَ لِلْعَلِيلِ الكَئِيبِ
فَلَقَدْ جِئْتُ نَحْوَهُ اليَوْمَ أَسْعَى * بَاسِطَ الكَفِّ هَارِبًا مِنْ ذُنُوبِ
وَلِخَيْرِ البَرِيَّةِ البَدْرِ طَهَ * صَاحِبُ الحَوْضِ وَالِّلوَاءِ وَالقَصِيبِ
مَنْ لَهُ البَدْرُ سَنَا وَالشَّمْسُ رُدَّتْ * دُونَ شَكٍّ إِلَيْهِ بَعْدَ الغُرُوبِ
وَلَهُ الجِدْعُ حَنَّ وَالحَيَوَانَا * تُ أَتَتْ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّرْحِيبِ
وَكَذَلِكَ الأَشْجَارُ جَاءَتْهُ تَسْعَى * دُونَ شَكٍّ وَسَلَّمَتْ مِنْ قَرِيبِ
وَكَذَلِكَ العَصَا بِكَفِّهِ قَدْ أَوْ * رَقَ ثُمَّ انْثَنَى كَغُصْنٍ رَطْبِ
وَلِنُطْقِ الزِّرَاعِ سِرٌّ عَجِيبٌ * وَسَلَامُ الأَشْجَرِ بِالتَّرْحِيبِ
وَبِهِ المَلِكُ المُهَيْمِنُ قَدْ أَقْسَمَ * إِذْ نَالَ حُلَّةَ التَّقْرِيبِ
يَا رَؤُوفًا بِالمُؤْمِنِينَ إِذَا مَا * وَشَفِيعًا يُرْجَى لِرَفْعِ الخَطُوبِ
إِنَّنِي جِئْتُكَ مُسْتَغِيثًا لِرَبِّي * بِكَ يَا مَلْجَئِي لِحَرِّ اللَّهِيبِ
فَعَلَيْكَ السَّلَامُ مَا لَاحَ بَدْرٌ * وَاعْتَلَا الشَّمْسَ رَوْنَقٌ لِلْمَغِيبِ
وَعَلَى الآلِ وَالصَّحَابَةِ مَا هَبَّ * نَسِيمُ الصَّبَا وَرِيحُ الجَنُوبِ
دَخيرَةِ المُحتَاجِ فِي الصَّلاةِ عَلَى صَاحِبِ اللِّوَاءِ والتَّاجِ-12
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ لِسَانُ خِطَابِي وَجَوَابِي وَعُنْوَانُ ظَاهِرِي وَبَاطِني وَفَاتِحَةُ كِتَابِي، الَّذِي مِنْ عَظِيمِ مُعْجِزَاتِهِ مَارُوِيَ عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ قَالَ : بَيْنَما رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ بَدَوِيٌّ فَاخْتَرَقَ الصُّفُوفَ إِلَى أَنْ تَوَقَّفَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيمِ كَأَنَّهُ البَدْرُ لَيْلَةَ تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ وَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى وَأَطَاعَ المَلِكَ الأَعْلَى وَأَقَرَّ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَاخْتَارَ الآخِرَةَ عَلَى الأُولَى، فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِيُّ : يَا مُحَمَّدُ سَمِعْتُ عَنْكَ كَلَامًا إِنَّكَ قُلْتَهُ أَمْ قِيلَ عَنْكَ ؟ قَالَ : وَما هُوَ يَا أَخَِى العَرَبِ ؟ قَالَ سَمِعْتُ عَنْكَ أَنَّكَ تَقُولُ أَنَا نَبِيٌّ وءَادَمُ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ، وَكُنْتُ نَبِيًّا وَلَا ءَادَمَ وَلَا طِينَ، قَالَ : نَعَمْ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ : يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ وَتُزَكِّي نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ، وَقَدْ شَرَّعْتَ فِي شَرْعِكَ أَلَّا يُقْبَلَ قَوْلٌ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ يَا أَخَا العَرَبِ، فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِيُّ : يَا مُحَمَّدُ أَتَيْتُكَ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ لَا يَتَكَلَّمَانِ فِي عَبْدٍ وَلَا يَحْضُرَانِ نَمِيمَةً : الشَّاهِدُ الأَوَّلُ مِنَ البَرِّ الأَقْصَى وَهُوَ حَجَرٌ جُلْمُودٌ صَخْرٌ أَسْوَدُ لَا قَلْبَ لَهُ يَخْشَعُ وَلَا أُذُنَ تَسْمَعُ وَهُوَ هَذَا الحَجَرُ، أُرِيدُ أَنْ يَلْتَزِمَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَيَنْقَسِمَ شَطْرَيْنِ وَالشَّطْرَانِ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَالأَرْبَعًةُ إِلَى ثَمَانِيَةِ وَالثَّمَانِيَةُ إِلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَالسِّتَّةَ عَشَرَ إِلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ قِطْعَةً كُلُّ قِطْعَةٍ تُنَادِيكَ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ وَتَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَالشَّاهِدُ الثَّانِي عَلَى بَابِ مَسْجِدِكَ هَذِهِ الشَّجَرَةُ اليَابِسَةُ مِنْ عَهْدِ آبَائِنَا وَأَجْدَادِنَا تَدْعُوهَا إِلَيْكَ فَتَحْضُرُ أَغْصَانُهَا وَتُورِقُ فُرُوعُهَا وَتُتْمِرُ مِنْ حِينِهَا وَيُجَاوِبُكَ خَشَبُهَا بِلِسَانٍ وَكُلُّ غُصْنٍ مِنْهَا بِلِسَانِ وَوَرَقُهَا بِلِسَانٍ كُلٌّ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَطْرَقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ لَهُ : اللهُ يُقْرِئُكَ السَّلَامُ وَيَخُصُّكَ بِالتَّحِيَّةِ وَالإِكْرَامِ وَيَقُولُ لَكَ : يَا مُحَمَّدُ طِبْ نَفْسًا وَقَرَّ عَيْنًا فَالمُعْجِزَتَانِ مَخْلُوقَتَانِ مِنْ قَبْلِ خَلْقِ أَبِيكَ ءَادَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ أُدْعُهُمَا يُحْيِيَانِكَ ، فَسُرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ. وَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ : إِيتِ بِشَاهِدِكَ الأَوَّلُ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيُّ الحَجَرَ فَتَنَاوَلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَمِينِهِ وَقَالَ لَهُ : انْقَسِمْ أَيُّهَا الحَجَرُ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى، فانْقَسَمَ الحَجَرُ عَلَى نِصْفَيْنِ وَالنِّصْفَانِ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَالأَرْبَعَةُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ وَالثَّمَانِيَةُ إِلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَالسِّتَّةُ عَشَرَ إِلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ قِطْعَةً كُلُّ قِطْعَةٍ تُنَادِي بِلِسَانٍ فَصِيحٍ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْتَ نَبِيٌّ وَءَادَمُ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ وَكُنْتَ نَبِيًّا وَلَا ءَادمَ وَلَا طِِينَ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عُدْ أَيُّهَا الحَجَرُ كَمَا كُنْتَ، فَقَالَ لَهُ الحَجَرُ : وَعَيْشِكَ وَحَيَاتِكَ يَا زَيْنَ القِيَامَةِ لَا عُدْتُ كَمَا كُنْتُ حَتَّى تَضْمَنَ لِي عَلَى اللهِ الجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ أَيُّهَا الجُلْمُودُ لَا قَلْبٌ يَخْشَعُ وَلَا أُذْنٌ تَسْمَعُ وَتَخَافُ مِنَ النَّارِ، فَقَالَ : حَبِيبِي سَمِعْتُكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ : {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عُدْ كَمَا كُنْتَ وَضَمِنْتُ لَكَ عَلَى اللهِ الجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَخَا العَرَبِ جِئْنِي بِشَاهِدِكَ الثَّانِي، فَقَالَ : هَذِهِ الشَّجَرَةُ الَّتِي عَلَى بَابِ مَسْجِدِكَ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَخَا العَرَبِ انْصَرِفْ إِلَيْهَا وَقُلْ لَهَا مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللهِ يَدْعُوكِ. فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ فَوَجَدَ الشَّجَرَةَ قَدْ أَيْنَعَتْ وَأَوْرَقَتْ وَأَثْمَرَتْ فَقَالَ لَهَا : أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ رَسُولَ اللهِ يَدْعُوكِ، فَاهْتَزَّتْ وَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا وَانْحَنَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَتْهُ الخُشُبُ بِلِسَانٍ وَالغُصُونُ بِلِسَانٍ وَالوَرَقُ بِلِسَانٍ كُلٌّ يَقُولُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ نَبِيٌّ وآدمُ بَيْنَ المَاءِ وَالطِّينِ وَكُنْتَ نَبِيًّا وَلَا ءَادَمَ وَلَا طِينَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عُودِي أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ كَمَا كُنْتِ بِقُدْرَةِْ اللهِ تَعَالَى، فَرَجَعَتْ إِلَى سَبِيلِهَا وَقَامَتْ عَلَى حَالِهَا الأَوَّلِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الأَعْرَابِيُّ : يَا حَبِيبِي يَا مُحَمَّدُ أُمْدُدْ يَدَيْكَ لَا شَكَّ بَعْدَ عِيَانٍ وَلَا كُفْرَ بَعْدَ إِيمَانٍ أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللهِ سَعِدَ وَاللهِ مَنْ آمَنَ بِكَ وَصَدَّقَ بِرِسَالَتِكَ. فَسُرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِهِ وَقَالَ : فَقِّهُوا الأَعْرَابِيَّ.
فَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ صَلَاةً تُثْقِلُ بِهَا مِيزَانِي وَتُخَفِّفُ بِهَا حِسَابِي وَتَحْفَظُ بِهَا أَهْلِي وَجِيرَانِي وَأَصْحَابِي وَتَكُونُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ سُورِي وَمَنَعَتِي وَحِجَابِي بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يَا رَبَّ العَلَمِينَ.
لَيْسَ لِي حِيلَةٌ لِكَسْبِ كُرُوبٍ * غَيْرُ شَكْوَايَ لِلسَّمِيعِ المُجِيبِ
أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ مَوْلَى المَوَالِي * كَاشِفُ الضُّرِّ سَاتِرٌ لِلْعُيُوبِ
مَنْ لِأَيُّوبَ كَانَ لَمَّا ابْتَلَاهُ * مُنْقِذًا بَعْدَ إِلْفِهِ لِلْخُطُوبِ
وَلِيَعْقُوبَ رَدَّ بَعْدَ عَمَاهُ * بَصَرًا بَعْدَ سُجُودِهِ وَالنَّحِيبِ
فَإِلَيْهِ رَفَعْتُ طَرْفِي أَدْعُو * تَائِبًا نَادِمًا بِدَمْعٍ سَكِيبٍ
وَعَسَاهُ يَحْمُدُ بِلُطْفٍ خَفِيٍّ * يَكْشِفُ الكَرْبَ لِلْعَلِيلِ الكَئِيبِ
فَلَقَدْ جِئْتُ نَحْوَهُ اليَوْمَ أَسْعَى * بَاسِطَ الكَفِّ هَارِبًا مِنْ ذُنُوبِ
وَلِخَيْرِ البَرِيَّةِ البَدْرِ طَهَ * صَاحِبُ الحَوْضِ وَالِّلوَاءِ وَالقَصِيبِ
مَنْ لَهُ البَدْرُ سَنَا وَالشَّمْسُ رُدَّتْ * دُونَ شَكٍّ إِلَيْهِ بَعْدَ الغُرُوبِ
وَلَهُ الجِدْعُ حَنَّ وَالحَيَوَانَا * تُ أَتَتْ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّرْحِيبِ
وَكَذَلِكَ الأَشْجَارُ جَاءَتْهُ تَسْعَى * دُونَ شَكٍّ وَسَلَّمَتْ مِنْ قَرِيبِ
وَكَذَلِكَ العَصَا بِكَفِّهِ قَدْ أَوْ * رَقَ ثُمَّ انْثَنَى كَغُصْنٍ رَطْبِ
وَلِنُطْقِ الزِّرَاعِ سِرٌّ عَجِيبٌ * وَسَلَامُ الأَشْجَرِ بِالتَّرْحِيبِ
وَبِهِ المَلِكُ المُهَيْمِنُ قَدْ أَقْسَمَ * إِذْ نَالَ حُلَّةَ التَّقْرِيبِ
يَا رَؤُوفًا بِالمُؤْمِنِينَ إِذَا مَا * وَشَفِيعًا يُرْجَى لِرَفْعِ الخَطُوبِ
إِنَّنِي جِئْتُكَ مُسْتَغِيثًا لِرَبِّي * بِكَ يَا مَلْجَئِي لِحَرِّ اللَّهِيبِ
فَعَلَيْكَ السَّلَامُ مَا لَاحَ بَدْرٌ * وَاعْتَلَا الشَّمْسَ رَوْنَقٌ لِلْمَغِيبِ
وَعَلَى الآلِ وَالصَّحَابَةِ مَا هَبَّ * نَسِيمُ الصَّبَا وَرِيحُ الجَنُوبِ
24/4/2024, 15:58 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:57 من طرف Admin
» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:55 من طرف Admin
» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:54 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:52 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:51 من طرف Admin
» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
24/4/2024, 15:43 من طرف Admin
» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:42 من طرف Admin
» كتاب: طالعة الأقمار من سيرة سيد الأبرار | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:40 من طرف Admin
» كتاب: قلائد الأئمة المرصعة بعقائد الأئمة الأربعة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:38 من طرف Admin
» كتاب: الرسائل الهررية | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:37 من طرف Admin
» كتاب: إيضَاحُ المَرَام من رسالَة الأشعري الإِمام ـ الشيخ سمير القاضي
24/4/2024, 15:35 من طرف Admin
» كتاب: الارتواء من أخبار عاشوراء | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:34 من طرف Admin
» كتاب: الإنفاق في سبيل الله | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:31 من طرف Admin
» كتاب: النجوم الحسان على كتاب التبيان | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:29 من طرف Admin