بسم الله الرّحمن الرّحيم.
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ ) أي : جمع( فِي بَيْتٍ )أي: مجمع( مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى )يشمل كل ما يبنى تقربا إلى الله تعالى من المساجد والمدارس والربط، (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ): أي: القرآن، وليس المراد بالتلاوة مجرد إجراء الألفاظ على اللسان ، بل لا بد أن يقدر العبد أنه يقرأ على الله واقفا بين يديه وهو ناظر إليه ، بل يشهد بقلبه كأن ربه يخاطبه بل يستغرق بمشاهدة المتكلم غير ملتفت إلى غيره سامعا منه كما قال الإمام الصادق، وقد سئل عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشيا عليه، فلما سري عنه قال: مازلت أردد الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها ، فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته، (وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ) : والتدارس قراءة بعضهم على بعض تصحيحا لألفاظه أو كشفا لمعانيه كذا قاله ابن الملك . (إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ) والسكينة : هي الوقار والخشية يعني الشيء الذي يحصل به سكون القلب والطمأنينة والوقار ونزول الأنوار. قيل: والمراد هنا صفاء القلب بنوره وذهاب الظلمة النفسانية وحصول الذوق والشوق، وقيل: السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه ويأمره بالخير، وذكر الطيبي عن ابن مسعود: السكينة مغنم وتركها مغرم (وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ) أي: أتتهم وعلتهم وغطتهم (وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ) أي: ملائكة الرحمة والبركة أحدقوا وأحاطوا بهم، أو طافوا بهم وداروا حولهم إلى سماء الدنيا يستمعون القرآن ودراستهم ويحفظونهم من الآفات ويزورونهم ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم .
قيل : وبلسان الإشارة بيوت الله عبارة عما يذكر فيه الحق من النفس والقلب والروح والسر والخفي ، فذكر بيت النفس الطاعات ، وذكر بيت القلب التوحيد والمعرفة ، وذكر بيت الروح الشوق والمحبة ، وذكر بيت السر المراقبة والشهود ، وذكر بيت الخفي بذل الوجود وترك الموجود . وقوله : إلا نزلت إلخ - إشارة إلى ثمرات التلاوة وهي الأنس والحضور مع الله وتمثل الأنبياء والملائكة والأرواح المقدسة في صور لطيفة ، والصعود من حضيض البشرية إلى ذروة الملكوت الأعلى ، بل الفرح بالبقاء والدخول تحت الفناء والقرب من اللاهوت والتبرؤ من الناسوت ، وهذا مقام يضيق عن إعلانه نطاق النطق ولا يسع إظهاره في ظهور الحروف وإن قميصا خيط من نسج تسعة وعشرين حرفا من معانيه قاصر . قال الشيخ أبو سعيد الخراز : إذا أراد الله تعالى أن يوالي عبدا من عبيده فتح عليه باب ذكره ، فإن استلذ بالذكر فتح عليه باب القرب ، ثم رفعه إلى مجالس الأنس ، ثم أجلسه على كرسي التوحيد ، ثم رفع عنه الحجاب وأدخله دار الفردانية ، وكشف له حجاب الجلال والعظمة ، فإذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هو ، فحينئذ صار العبد زمنا فانيا في حفظ سبحاته وبرئ من دعاوى نفسه ( وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) : أي الملأ الأعلى والطبقة الأولى من الملائكة ، وذكره سبحانه للمباهاة بهم ، يقول : انظروا إلى عبيدي يذكروني ويقرءون كتابي .
منقول من:مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ ) أي : جمع( فِي بَيْتٍ )أي: مجمع( مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى )يشمل كل ما يبنى تقربا إلى الله تعالى من المساجد والمدارس والربط، (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ): أي: القرآن، وليس المراد بالتلاوة مجرد إجراء الألفاظ على اللسان ، بل لا بد أن يقدر العبد أنه يقرأ على الله واقفا بين يديه وهو ناظر إليه ، بل يشهد بقلبه كأن ربه يخاطبه بل يستغرق بمشاهدة المتكلم غير ملتفت إلى غيره سامعا منه كما قال الإمام الصادق، وقد سئل عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشيا عليه، فلما سري عنه قال: مازلت أردد الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها ، فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته، (وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ ) : والتدارس قراءة بعضهم على بعض تصحيحا لألفاظه أو كشفا لمعانيه كذا قاله ابن الملك . (إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ) والسكينة : هي الوقار والخشية يعني الشيء الذي يحصل به سكون القلب والطمأنينة والوقار ونزول الأنوار. قيل: والمراد هنا صفاء القلب بنوره وذهاب الظلمة النفسانية وحصول الذوق والشوق، وقيل: السكينة ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه ويأمره بالخير، وذكر الطيبي عن ابن مسعود: السكينة مغنم وتركها مغرم (وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ) أي: أتتهم وعلتهم وغطتهم (وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ) أي: ملائكة الرحمة والبركة أحدقوا وأحاطوا بهم، أو طافوا بهم وداروا حولهم إلى سماء الدنيا يستمعون القرآن ودراستهم ويحفظونهم من الآفات ويزورونهم ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم .
قيل : وبلسان الإشارة بيوت الله عبارة عما يذكر فيه الحق من النفس والقلب والروح والسر والخفي ، فذكر بيت النفس الطاعات ، وذكر بيت القلب التوحيد والمعرفة ، وذكر بيت الروح الشوق والمحبة ، وذكر بيت السر المراقبة والشهود ، وذكر بيت الخفي بذل الوجود وترك الموجود . وقوله : إلا نزلت إلخ - إشارة إلى ثمرات التلاوة وهي الأنس والحضور مع الله وتمثل الأنبياء والملائكة والأرواح المقدسة في صور لطيفة ، والصعود من حضيض البشرية إلى ذروة الملكوت الأعلى ، بل الفرح بالبقاء والدخول تحت الفناء والقرب من اللاهوت والتبرؤ من الناسوت ، وهذا مقام يضيق عن إعلانه نطاق النطق ولا يسع إظهاره في ظهور الحروف وإن قميصا خيط من نسج تسعة وعشرين حرفا من معانيه قاصر . قال الشيخ أبو سعيد الخراز : إذا أراد الله تعالى أن يوالي عبدا من عبيده فتح عليه باب ذكره ، فإن استلذ بالذكر فتح عليه باب القرب ، ثم رفعه إلى مجالس الأنس ، ثم أجلسه على كرسي التوحيد ، ثم رفع عنه الحجاب وأدخله دار الفردانية ، وكشف له حجاب الجلال والعظمة ، فإذا وقع بصره على الجلال والعظمة بقي بلا هو ، فحينئذ صار العبد زمنا فانيا في حفظ سبحاته وبرئ من دعاوى نفسه ( وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) : أي الملأ الأعلى والطبقة الأولى من الملائكة ، وذكره سبحانه للمباهاة بهم ، يقول : انظروا إلى عبيدي يذكروني ويقرءون كتابي .
منقول من:مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.
24/4/2024, 15:58 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:57 من طرف Admin
» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:55 من طرف Admin
» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:54 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:52 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:51 من طرف Admin
» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
24/4/2024, 15:43 من طرف Admin
» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:42 من طرف Admin
» كتاب: طالعة الأقمار من سيرة سيد الأبرار | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:40 من طرف Admin
» كتاب: قلائد الأئمة المرصعة بعقائد الأئمة الأربعة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:38 من طرف Admin
» كتاب: الرسائل الهررية | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:37 من طرف Admin
» كتاب: إيضَاحُ المَرَام من رسالَة الأشعري الإِمام ـ الشيخ سمير القاضي
24/4/2024, 15:35 من طرف Admin
» كتاب: الارتواء من أخبار عاشوراء | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:34 من طرف Admin
» كتاب: الإنفاق في سبيل الله | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:31 من طرف Admin
» كتاب: النجوم الحسان على كتاب التبيان | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:29 من طرف Admin