..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة Empty كتاب الإلهام النافع ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الاول : المحاسبة

    مُساهمة من طرف Admin 25/12/2022, 17:13

    الباب الأول

    القاعدة الأولى المحاسبة

    وصلى الله على مولانا محمد وعلى آله فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله.

    أما بعد.......:

    فالأمر الجامع والقول السامع والسيف القاطع فى طريق الله تعالى أن العاقل الذي يريد نجاة نفسه من جميع المهالك ، ويحب أن يدخله الله فى سلك المقربين فى جميع المسالك إذا أراد أن يدخل فى أمر من أموره قولا فليعلم أن الله تعالى لابد أن يوقفه بين يديه ، ويسأله عن ذلك الأمر فليعد الجواب صوابا وسدادا يرتضيه الحق تعالى ويقبله منه فليدخل فى ذلك الأمر ، فعاقبته منه فليدخل فى ذلك الأمر ، فعاقبته محمودة دنيا وأخرى.

    وإما أن رأى أن ذلك الجواب لا يقبله الحق تعالى منه ولا يرتضيه فليشرد من ذلك الأمر اى أمر كان ، فانه وبال عليه أن دخل فيه. وهذه القاعدة هى أساس الأعمال كلها والأقوال.

    فمن تحقق بها ورسخ فيها كانت أحواله كلها مبنية على السداد ظاهرا وباطنا لا يدخلها بوجه من الوجوه ، وهذا معنى قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم :" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزن عليكم".

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وسلم فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله.

    قال سيدى أحمد رضى الله تعالى عنه:

    " أما بعد... فالأمر الجامع ، والقول السامع ، والسيف القاطع".

    قال سيدى صالح الجعفرى رضى الله تعالى عنه: الأمر الجامع: الذى يجمع بين العبد وربه كما قال سيدى أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه " حتى لا أرى فى وفى كل شئ وآله وسلم كما قال أيضا: " واجمع بينى وبينه وبين الروح والنفس ظاهرا وباطنا يقظة ومناما".

    والقول السامع

    اى: الأمر الذى يوصلك إلى مقام السماع الالهى كما قال أيضا: " وأوقفنى وراء الوراء بلا حجاب عند اسمك المحيط فى مقام السماع العام الالهى".

    والسيف القاطع

    الذي يقطع الأكوان عنك كما قال أيضا: وقلدنى سيف: ]جاء الحق وزهق الباطل كان زهوقا[. فانك يااخانا فى الله تعالى كلما أكثرت من هذا الذكر الذى اختصنا الله تعالى به وصلت إلى الجمعين. فـ ( لا اله إلا الله ) تجمع بينك وبين الحق سبحانه وتعالى ، و ( محمد رسول الله ) تجمع بينك وبين حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    وهذان الجمعان لا حد ولا حصر لأنواع الفيوضات فيهما.

    حكم

    - وعلى قدر الإكثار تتزاحم عليك الأنوار.

    - وعلى قدر الاستعداد يتنزل عليك الإمداد ، - وعلى قدر الانفصال يحصل لك الاتصال.

    - وعلى قدر ملازمتك لأحزابنا تشرب من شرابنا.

    - وعلى قدر تمسكك بالكتاب والسنة تنال الكمال والثبات والمنة.

    - وعلى قدر تمسكك بالشريعة الغراء فى نفسك واهلك تفتح لك ابواب وصلك.

    - واعلم يااخانا إن الأمر جد وليس بالهزل ؛ لفلا تستصغرن شيئا من الأمور المحرمة فى نفسك واهلك ، فترى عند الله تعالى صغيرا ]ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب[.

    فمن لم يكن له فى قلبه تقوى ، ليس فى سبيل إرادة الحق يقوى ، فلا تدار لخلق الله فيما يغضب الله عنك سره يوارى ، ولا تأخذك فى الله لومة لائم تنل من الله نفائس الغنائم.

    - فما نال من هاب الرجال ، وأحب المال ، واشتغل بقيل وقال ، فاستهوته الأوهام ، فصار كالأنعام.

    - فلا تخض فى طريقى هذا ولا تتكلم فى السالكين فيه ، فإنك لا تدرى حالهم ولا تفقه مقالهم ، ولا الذى بينى وبينهم ، حتى تكون على القدم الراسخ الذى لا تزلزله شبهة بوجه من الوجوه.

    - وعليك بالإعراض عن الدنيا ما استطعت ، فإن الذى يقبل عليها بيننا وبينه حجاب القطيعة.

    فما دعوناكم إلينا لنطعمكم الجيفة ، ولكن لتدعوا ربكم دعاء خشية وخيفة ، وقد رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ، وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوة.

    - طريقنا هذا طريق الله تعالى المجرد عن شوائب الدنيا وكدوراتها ، ليس لنا رغبة إلا التوجه إلى الحق سبحانه وتعالى قاطعين جميع العوائق والعلائق والأغيار النفسية بالكتاب والسنة فى جميع أحوالنا وتطوراتنا وحركاتنا وسكناتنا ، راضين به عن غيره ، عاكفين على بساط انس محبته فى الدنيا قبل الآخرة.

    علو الهمة فى الله تعالى

    قال شيخنا رضى الله عنه طريق الله تعالى : عبادته وذكره ، والمطية فى علو الهمة ، قال عليه الصلاة والسلام :" علة الهمة فى الإيمان".

    وقال سيدى أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه لتلميذه الختم رضى الله عنه : " يابنى أعنى على نفسك بعلو همتك".

    ويقول له: اجعل جميع أوقاتك عبادة وذكرا وإرشادا حتى يقتدى الناس بك ولا تظهر لهم غير ذلك.ا هـ.

    المعنى الصوفى لكلمة : طريق

    الطا: طهر]إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا[

    والراء: رحمة ]رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت[.

    والياء: يقين.

    والقاف: قرب من رب العالمين.

    فأساس الطريق: طهر باطنى وظاهرى وبينهما ارتباط.

    قال سيدى أحمد زورق بن أحمد بن محمد بن عيسى المالكى البرنسى الفاسى رضى الله تعالى عنه المتوفى سنة 899هـ.

    " على قدر طهارة الظاهر والعناية بها يحصل الخشوع فى الصلاة"

    انتهى كلامه.. فيطهر ثوبه وبدنه ومكانه وطعامه وشرابه ولسانه وسمعه وبصره وجميع جوراحه من كل ما يغضب الله تعالى ، فتتنزل عليه رحمة الله تعالى فى جميع جوارحه وثوبه وبدنه ومكانه ، فيكون محاطا برحمة الله حيثما كان وأينما كان وكيفما كان.

    ]وجعلنى مباركا أين ما كنت[ويطهر باطنه من سوء العقائد ، فتتنزل على قلبه الموائد ، ومن الوسواس الخناس ، فتطيب منه الأنفاس ، ومن الغفلة عن علام الغيب والشهادة ، توهب له درارى جواهر الإفادة ، وعن الحظوظ النفسية ، توهب له الرتبة العلية ، وعن حب الدنيا والمال تفتح له إلى المعارف أقفال ، ومن الأنس بغير القدوس ، يخرج من انس النفوس ، ومن حوله وقوته ورعونته ، يدخل فى حظائر قدس الحق وحضرته.

    ويطهر الباطن من التلذذ بغير مناجاة الباطن ، يجد الحب الالهى فى قلبه اجل ساكن.

    ويطهر النيات من الأغراض ، خشية ان يكون العمل فى انتقاض ، ويطهر الرغبات ،خشية أن يقع فى السيئات ، وأدمن القرع لباب ربك ، فمدمن القرع للأبواب يوشك أن يفتح له يوما ما.

    فما تيمم بالتراب إلا من فقد الماء ، وطهر صيامك ، وحجك وقيامك وصلاتك وزكاتك ، وقراءتك وذكرك ، وجميع أقوالك وأفعالك وأحوالك بماء طهر قدس الإخلاص النازل من مزن الشهود الالهى حتى تحي به جميع الصادرات منك.إذ الحياة حياتان يتعلقان بك: حياة روحك بالإيمان ، وحياة قلبك وحياة عملك بالإخلاص ، فمن لا إيمان له فهو ميت ]أو من كان ميتا فأحييناه[. ]أليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه[ وإنما يصعد الحى لا الميت.

    حياة الروح بالقلب

    وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك قال تعالى :]فلنحيينه حياة طيبة [ حياة الروح بالإيمان ، وحياة القلب بالعمل الصالح.واعلم يااخانا فتح الله عليك فتوح العارفين به والمقبلين عليه: أن الروح الحية بالإيمان غذاؤها الأعمال الصالحة الحية ، فهى دائما أبدا تتغذى بها كما يتغذى الجسم الحى بأنواع الطعام الحية بالفيتامينات. ولا يرضى بالتراب والحجر. فإذا مات سكن التراب والحجر.

    كما أن الكافر المحكوم عليه بالموت يكتفي بالمعاصي الميتة المجردة عن فيتامينات الحياة.

    ألا ترى ، الزانى حين يزنى يصاب غالبا بالأمراض الفتاكة كالذى يأكل الزجاج والحجارة؟! ويقال:" شبيه الشئ منجذب إليه".

    فالعمال الصالحة للأرواح الصالحة ، والأعمال الخبيثة للأنفس الخبيثة. قال عليه الصلاة والسلام:" اعملوا فكل ميسر لما خلق له".

    ومن العطاء ، تعطى نفسك لربك

    وجعل الله سببا للتيسير للخير ] فأما من أعطى واتقى *وصدق بالحسنى*فسنيسره لليسرى[.

    ومن العطاء أن تعطى نفسك لعبادة ربك الذى خلقك من اجلها: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ لأنك إذا أعطيت نفسك لله يسرك الله لليسرى ، ومن أنواع اليسرى بل واجلها ما أشار إليه شيخ الأولياء سيدى أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه بقوله:" ثم تأخذنى يد العناية الإلهية إليها فتجذبنى جذبا قويا مغمورا بالنور مصحوبا بأنواع اللطف والرحمات فتلقينى فى وسط لجة بحر الذات فتغرقنى فيه لا حد ولا حصر حتى تكون ذاتى كلها بصرا ذاتيا إلهيا صرفا من جميع الجهات".

    قال مهبط الأنوار والأسرار سيدى الإمام صالح الجعفرى رضى الله تعالى عنه: وهناك يحصل التخلى يعقبه التجلى :

    إذا ما بدت ليلى فكلى أعين
    وان هى ناجتنى فكلى مسامع


    وإذا كانت الذات بصرا إلهيا ادركت ما لا يدركه المدركون ، وأبصرت ما لا يبصره المبصرون:

    قلوب العارفين لها عيون
    ترى ما لا يراه الناظرونا


    وقوله رضى اله تعالى عنه:" فتفيض على جميع ذاتى أنوار شهود الذات فيضا منزها عن الحدود والكيفيات".

    عنه: واعلم يااخانا انه كما لا حصر لشهود الذات فى قلبك لا حصر لفيوضات الذات على روحك ، وكما أخفى سر روحك عنك أخفى حصر فيوضاته عليك ، وكما أخفى عنك اتصال فيوضاته النازلة عليك به ، وهكذا يااخانا لا تزال تسبح فى بحر منزه عن الحدود والكيفيات ، طول الحياة وبعد الممات ، جادا على منهاج سراج أفق الألوهية ومعدن الأسرار الربانية ، مصحوبا بنوره ، مغمورا فى ألطاف ربك ، وفى قوله رضى الله عنه: " مغمورا بالنور مصحوبا بأنواع اللطف والرحمات " قال سيدى تعالى عنه: فيه الإشارة إلى الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم اذ بها يكون صلى الله عليه وآله وسلم معك ، وهو النور الذى يمكنك أن تبصره ، لأن نور الذات الأقدس لا يرى فى الدنيا ، واللطف والرحمة يتنزلان عليك بسبب الصلاة عليه كما فى الحديث " من صلى على مرة صلى الله عليه بها عشرا" وصلاة الله عليك رحمة عليك ولطف بك.

    ولنرجع إلى تفسير " طريق" فالطاء طهر ، وقد تقدم شرحه.

    والراء: رحمة.

    لأنك إذا تطهرت فقد أعددت نفسك لرحمة ربك وهى الطاعة قال تعالى :]ولولا فضل الله عليكم ما زكى منكم من احد أبدا[.

    والمعصية عذاب لمن لم يطهروا ظاهرهم وباطنهم ، فمتى طهرت فقد رَحَمت ورُحمت.

    فالطهر كحفر الأساس ، والرحمة كأول بناء يوضع فى الأساس ، قال عليه الصلاة والسلام:" من لا يرحم لا يرحم " فمن رحم نفسه بتطهيرها من معاصى ربها رحمه الله بطاعته والتوفيق إليها ، فدخولك فى طريق أهل الله يوصلك إلى رحمة الله ، قال تعالى : ]ومن أراد الآخرة وسعى لها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا[.

    فطريق الله هو السعى الموصل إلى رحمة الله تعالى ، ومن أخطاه فقد أخطا الرحمة.

    " والياء: يقين".

    هى عبارة عما يحصل للإنسان الذاكر بسبب الواردات والكشف مما يجعله يزداد إيمانا ويقينا قال تعالى : ]وان يروا آية يعرضوا عنها ويقولوا سحر مستمر[.

    ومن الآيات كرامات الأولياء الخارقة للعادة يزداد بها الولى إيمانا ويزداد غيره من المؤمنين إيمانا.

    " والقاف" : قرب.

    قرب من الله تعال ، وذلك بعد الطهر والرحمة واليقين كما قال سيدى على أبو الحسن الشاذلى رضى الله تعالى عنه:

    واقرب منى قربا تمحق به كل حجاب محقته عن إبراهيم خليلك فلم يحتج لجبريل رسولك ولا لسؤاله منك ، وكيف لا يحجب عن مضرة الأعداء من غيبته عن منفعة الأحياء؟.

    قوله : طريق الله

    الإضافة للتشريف ، اى من دخله كان محفوفا ببركة الله تعالى ولطفه ، وبره وكرمه وحفظه وعنايته ووقايته ، وإكرامه وإنعامه ، وإحسانه وبركاته ، ووارداته وألطافه الظاهرة والخفية ممتدا من شجرة الأصل النورانية.

    فتتزاحم عليه العلوم والمعارف ، وتتنزل عليه الرقائق واللطائف.

    قال سيدى عبد السلام الأسمر رضى الله تعالى عنه : اخبرني جدى عليه السلام: عن تالى وردى يموت على الإسلام.

    وقال رضى الله تعالى عنه: ياداخل حزبى بشراك. الخير أتاك. فلا تخف كيد الشيطان.

    قال شيخنا رضى الله تعالى عنه:

    " أن العاقل الذى يريد نجاة نفسه من جميع المهالك ، ويريد أن يدخله الله فى سلك المقربين فى جميع المسالك".

    عرف بعض العلماء العقل بأنه نور روحانى ، به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية ، وهو من أعظم النعم على الإنسان ، إذ به يكون إنسانا ، وبغيره لا يساوى بهيمة ، وقد جعل الله له التكليف ، وبدونه يرفع القلم.

    قال ابن عاشر رضى الله تعالى عنه:" وكل تكليف بشرط العقل".

    : العاقل هو الذى يفكر فى نجاة نفسه من نفسه. قال تعالى :]إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى [.

    فنجاتك بعقلك من سوء نفسك بما سيذكره لك الشيخ ودخولك فى حضرة المقربين.

    قوله رضى الله تعالى عنه:

    " إذا أراد أن يدخل اى أمر من أموره قولا أو فعلا فليعلم أن الله تعالى لابد أن يوقفه بين يديه ويسأله عن ذلك الأمر ، فليعد الجواب لسؤال الحق تعالى قبل أن يدخل فى ذلك الأمر ، فان رأى الجواب صوابا وسدادا يرتضيه الحق تعالى ويقبله منه فليدخل فى ذلك الأمر فعاقبته محمودة دنيا وأخرى".

    قوله رضى الله تعالى عنه:

    " إذا أراد أن يدخل فى أمر من أموره"

    : معناه نوى أن يقوله أو أن يفعله ، والنية هى العزم على الشئ مقترنا بفعله ، ومحلها القلب ، والقلب بيت التجلى ، ومكان التخلى والتحلى ، وتارة يكون مع ملك ، وتارة يكون من شيطان.

    قال السهروردى رضى الله تعالى عنه: والذى يكشف لنا عن هذا ويوضحه لنا الحديث النبوى ، قال عليه الصلاة والسلام:" إن للملك لمة ، وللشيطان لمة. فلمة الملك ايعاد بالخير وتكذيب للشر ، ولمة الشيطان ايعاد بالشر وتكذيب للخير " ا هـ.

    ونقل الإمام الشريف السيد أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه فى كتابه روح السنة ما نصه:

    قال عليه الصلاة والسلام : " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فان ذكر الله خنس وان نسى التقم قلبه".

    واعلم يااخانا فى الله تعالى ان الخاطر الذى يخطر بقلبك طالبا منك فعلا او قولا فاعرضه على الكتاب والسنة ، فان قبلاه فاعلم انه من الملك فسارع فى انفاذه ، وان لم يقبلاه ففر منه فرارك من السبع واعلم انه من الشيطان.

    وقد يوسوس الشيطان للإنسان بأشياء لو نطق بها لكفر ، فإذا وصل إلى ذلك فليعلم انه وصل إلى كمال الإيمان ، ولا يجادل الشيطان فان المجادلة تزيده تمكنا ، كما نقل ذلك سيدى أحمد زورق رضى الله تعالى عنه ونظمه الناظم بقوله الذى سمعته عن شيخى المحدث الشيخ حبيب الله الشنقيطى رحمه الله تعالى بالمسجد الحسينى :

    وما به يوسوس الشيطان
    والقلب يأباه هو الإيمان

    قلا تجادل عنده اللعينا
    فانه يزيده تمكينا

    قاعدة أسسها زروق
    ولم تزل أقواله تروق


    قال شيخنا رضى الله تعالى عنه:

    .. قولا أو فعلا

    القول ما يلفظ به اللسان ، والفعل هو الذى تفعله الجوارح ، وعلى كل ثوب وعقاب ، وفى كل نور وظلمة ، وسعادة وشقاوة ، ورضا وسخط ، وراحة وتعب ، وقرب وبعد ، وجنون وعقل ، وعز وذل ، وغنى وفقر ، وعلم وجهل ، وبركة ومحقة ، وعدل وظلم ،وقبول ورد ، وتقدم وتأخر ، وجنة ونار.

    قال الله تعالى :]إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا[.

    وهذا الفرقان هو المميز الذى يعرف به الإنسان الخير وما يتبعه ، والشر وما يتبعه ، وأهل التجلى يحجبهم عن كل ما يغضب الله من قول أو فعل.

    قوله رضى الله تعالى عنه:

    فليعلم ان الله تعالى لابد أن يوقفه بيد يديه ويسأله عن ذلك الأمر.

    الوقوف

    بين يدى الله تعالى

    الوقوف بين يدى الله تعالى يوم القيامة أمر عظيم يرعب النفس ويخيف القلب ، ويبعث على الفرار من كل ما فيه غضب الله تعالى.

    قال تعالى :]ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون* ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين[.

    وكذلك الحساب أمر يبعث النفس على نقد عملها من قول او فعل ، لان من علم انه سيحاسب حاسب نفسه ، قال الشاعر:

    ولو إنا إذا متنا تركنا
    لكان الموت راحة كل حى

    ولكنا إذا متنا بعثنا
    ونسال بعد ذا عن كل شئ


    ومن المواقف: الصلاة ، لان المصلى يناجى ربه فإذا تذكر انه يقف بين يدى الحق تعالى كل يوم خمس مرات كان زاجرا له عن الوقوع فى شئ يغضبه.

    واعلم يااخانا إن الآذان بمنزلة النفخ فى الصور ، والقيام للصلاة بمنزلة البعث ، لأنه وقوف بين يدى الله تعالى ، وفيها سماع لكلام الله ، وذكر لله ، وخشوع وخضوع لله.

    وإذا كان كذلك فكل من يتذكر انه سيقف هذا الموقف لابد ان ينهاه هذا التذكار للصلاة وموقفها وروعته وما فيها من خشوع وخشية لله عز وجل وتلذذ بسماع كلامه العظيم ، وإجلال وإكبار لمشاهدة هيبة كمال جلال الحق سبحانه ، كل ذلك لابد أن يكون ناهيا وزاجرا عن الدخول فى أمر لا يحبه الله ولا يرضاه ، وصداقا لقوله تعالى : ] إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[.

    إذا فهمت كلامى هذا لابد أن ينقدح فى قلبك معنى غريب لهذه الآية الكريمة.

    صلاة الواصلين

    وصلاة السائرين إلى الله

    وكثير من الناس يقول: فلان يصلى ويفعل المنكر ، لأنهم فهموا أن المصلى يستحيل عليه فعل المنكر ، ولعل معنى " تنهى " يختلف باختلاف الأشخاص ، فمنهم من تنهاه عن الوقوع فى المنكر بمعنى تمنعه ، ومنهم من تنهاه بعد الوقوع بمعنى تلومه وتؤنبه ، فالأول : صلى صلاة الواصلين ، والثانى : صلى صلاة السائرين ]عسى الله أن يتوب عليهم[ ، وكذلك تلاوة القرآن تعتبر كحساب من الله تعالى للإنسان ، فمن صلى كان كمن وافى الموقف ، ومن سمع القرآن كان كمن وافى الحساب:

    فكم لك من موقف وأنت لا تتفكر.

    وكم لك من محاسبة وأنت لا تتدبر.

    ونومك موت ، ويقظتك بعث.

    فكم لك من موت وأنت لا هى.

    وكم لك من بعث وأنت ساهى.

    قال شيخنا رضى الله تعالى عنه:

    " فان رأى الجواب صوابا وسدادا يرتضيه الحق سبحانه وتعالى ويقبله منه فليدخل فى ذلك الأمر فعاقبته محمودة دنيا وأخرى ".

    الحياة الطيبة

    فى صحبة الحق سبحانه

    عنه: فبادر بالدخول فى كل أمر من قول أو فعل رأيت جوابه مقبولا وفعله مرضيا فانك ستلقى أمرين عظيمين: فى الدنيا حياة طيبة ، وفى الآخرة أجرا عظيما، ويصدق عليك قوله تعالى :

    ]من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون[.

    وأعظم شئ فى الحياة الطيبة صحبة الحق سبحانه وتعالى ومشاهدته والأنس به ، والتلذذ بذكره ، ومناجاته ودعائه ، وبذلك يكون فى جنة المشاهدة التى شرفها التواضع ، كما قال سيدى عمر بن الفارض رضى الله تعالى عنه:

    تواضع. ذلا وانخفاضا لعزها

    فشرف قدرى فى هواها التواضع

    والتوجه إلى الجمال العالى ، كما قال ايضا رضى الله تعالى عنه:

    جمالكم نصب عينى
    إليه وجهت كلى

    وسركم فى ضميرى
    والقلب طور التجلى


    وبذلك تشرب من صافى شراب بحر عشق سلطان العاشقين من رحيق مختوم ختامه مسك " وتجل لى ياالهى بسر توحيد الذات المطلسم فى آية الأنانية الموسومية ]أنا الله لا اله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى[ حتى يكون ذلك السر روحا لذاتى من جميع الوجوه".

    فقال ابن الفارض رضى الله تعالى عنه عند ذاك:

    وصرت موسى زمانى
    مذ صار بعضى كلى


    وتقدم مولانا صاحب العلم النفيس سيدنا السيد أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه فقال:

    " وينادينى منادى التحقيق من حضرة القدس الأعلى بلسان التصديق ]فاعلم انه لا الا الله[محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    وأنت وارثه على قدمه تهدى بهديه إلى صراط مستقيم ، مرآة الذات المحمدية لكل ذى بصيرة بصيرية ، آخذا عنه بواسطة السلسلة المباركة المتصلة بذى المقام المحمود وبلا واسطة من طريق الجمع الحقيقى بالذى ليس معه لباب إغلاق ، على بساط انس " واجمع بينى وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظاهرا" فيما يمكن إظهاره ، " وباطنا" فيما يجب إخفاؤه ، وما ظهرت علوم وحكم ، ومعارف وعوارف ، وخوارق ودقائق ومدارك ، وعجائب وغرائب ، والزم فى البعض الكتمان يقظة فى عالم المشاهدة ، ومناما فى عالم الغيب ، " واجعله يارب روحا لذاتى " بدل روح حياتى حتى أحيا به حياته ممدا منه ممدا لأحبابه ، إذ لولا الواسطة لما حصلت المعرفة ، فبه عرفت وبه عرفت الأحباب الذين حبهم منه واليه والقائمين بالصلاة والسلام بين يديه ، حتى غابوا عن أنفسهم بنفائس درر معانى نظراته ، فى ميادين مجامع حضراته ، فنقلوا عنه ما عز نقله وظهر فضله:

    وكلهم من رسول الله ملتمس

    غرفا ممن البحر أو رشفا من الديم

    قال شيخنا رضى الله تعالى عنه:" حتى تكون حقيقتى هى البرنامج الكبير الجامع المحيط بأسرار كتاب حضرات الديوان الالهى ، وأكون المفيض على الكل من الفيض الأقدس ينبوع عين مادة الوجود الالهى الأزلى ، نبيك سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله وسلم نقطة وجه جمال حسن الحق المشهود الالهى الأبدى ، حتى لا يبقى على عين بصيرتى بل ولا على عين ذاتى كلها من خيالات الباطل من شئ حتى تنهزم جيوش الباطل لما جاء نصر الله والفتح".

    " والنصر والفتح هو الاجتماع الأعظم به صلى الله عليه وآله وسلم".

    ولا شك أن مشاهدة الحسن المشهود ، به يحصل تمام الشهود القاطع لمشاهدة خيالات الباطل باستتار شمس الحقيقة بأوهام غيوم سحب العلائق العائقة عن تمام الشهود ، إذ بتمام شهوده يحصل النصر المنشود ، الذى بسيفه يزهق كل باطل مفقود ، ويظهر كل حق موجود.

    قال شيخنا رضى الله تعالى عنه: وقلدنى سيف] جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا [.

    :

    ومن تكن برسول الله نصرته

    أن تلقه الأسد فى آجامها تجم

    حاشاه ان يحرم الراجى مكارمه

    أو يرجع الجار منه غير محترم

    ومنذ ألزمت أفكارى مدائحه

    وجدته لخلاصى خير ملتزم

    وبذلك تتحقق الوراثة النبوية التى بها الجمع ونزول الفيض ، حتى يكون هو المفيض على الكل بعد الاتصال بمن طارت منه رشاشات فاقتسمها بحكم المشيئة الإلهية جميع المبدعات من بحر زاخر وديم فياض.

    وكلهم من رسول الله متلمس

    غرفا من البحر أو رشفا من الديم

    وكما قال ختم أهل العرفان سيدنا الشريف السيد محمد عثمان الميرغنى رضى الله عنه.

    علمه منه العلوم منه العلوم
    كعيون من بحور تمتلا


    فكم لشيخنا علامة وفريد وقته وأوانه مولانا الشريف ذى العلم النفيس السيد احمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه من فيوضات تلقاها ، ومعارف املاها ، فأضاءت به قلوب صفت ، ووصلت به أنفس رقت ، ووصلت به رجال تخلت ، وشاهدت به أرواح تعلت ، فكان علمه كالاكسير ، الذى به النحاس إلى ذهب يصير.

    فكم حل من أسير ، وأغنى من فقير.

    وككم هذب بكلماته ، وربى بنظراته ، وله فى كل زمان تربيات ، ومع كل مريد كرامات ، فهو كالشمس مدت شعاعها ، وأضاءت بقاعها ، فلم تحجبها السماء ، إلا عمن كان تحت سماء ، فاخرج نفسك من تحت سقف كسلك وخمولك ، كى تحظى بعد تلاوة أورادك بنورك ووصولك ، فترى مالا يراه الناظرون ، وتصدق ما قاله العارفون ، فابشر بخير ما ساقك تسخير روحك ، الى وردك المورود ، فعن قريب ستحظى بحوض شيخك المورود ، وانك لهو كما هو أنت ، بروابط أسرار أنوار لوامع علائق روابط أزل اليوم أن نوديت فأجبت ، يوم أن حصل التعارف ، بينك وبين شيخك العارف ، فعرفك وأنت له منكر.

    ]ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد أبدا[.

    فبتزكية الله لعباده ، يظهر فيهم اثر إرشاده.

    فيوضات وأنوار

    " ملحوظة" فعليك يا أخانا فى الله بجولة فكرك فى تلك المعانى ، بعد تطهيرك للاوأنى ، لعلك أن تدنو من باب دخلنا به كأسلافنا ، دار بلا فناء ، مفتاحه فنا ، فقد أبدلت انسك ، وفرقت بين الأنسين ، لا سيما إذا واظبت على الحزبين الأولين ، فقد تعجب منهما أرباب العصمة ، فعليك ياأخانا بعلو الهمة ، فقد آن لك ما أن ، ولكل وقت أذان ، فأذن مؤذن للبداية ، وأذن مؤذن للنهاية ، ففى أى المرحلتين ذات العيرين أنت ، وهل سرق منك وقتك أم أنت للوقت حفظت؟! وهل ذكرتنى عند تورادك ، أم شغلت عنى بأموالك وأولادك؟! فما حظى بنا ، من نسى قربنا ، ولا نال منا ، من غاب عنا ، ومن حكم العادات ، حرم من البركات ، ومن نظر إلى غيره ، حرم من خيره وميره ، ومن قال انه قد مات ، عوقب بالفوات ، فانظر بعينى قلبك إلى من نظر إليك بهما ولا تكن من الغافلين.

    فكم من ذكر ربك بالغدو والآصال ، ودع عنك شوراد القيل والقال ، فما خاب من استهدى به ، فعليك بهديه لعلك أن تهدى إلى صراط مستقيم.

    إن الله قد اشترى منك نفسك فهل حصل منك القبول ، حتى تكون على القدم الراسخ فى متابعة الرسول صلى اله عليه وآله وسلم ، فلا تخرج بعد الشراء على مالك يحببك الله ، وأكثر من قول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) فانك كنز يغنيك ، والتجاء يكفيك.

    بفخ بخ لمن لازم التهليل الجليل ، وجعل ديدنه( لا اله إلا الله محمد رسول الله فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله ) حتى يفتح الله له حانوته ومخزنه ، فيه]مرج البحرين يلتقيان[ حقيقة وشريعة ، ] بينهما برزخ لا يبغيان[.

    " أنت على علم الله لا اعلمه أنا ، وأنا على علم من علم الله لا تعلمه أنت " ولكن كما جئتنى بأمر ربك لا بأمر نفسك.

    ]وما فعلته عن أمرى [ ]يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان[.

    صنفان لا يباعان وذم بائعهما:

    ]أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة[ ولكن يؤجلان ]إن يوم الفصل كان ميقاتا[.

    فيا خسارة نفس فى تجارتها

    لم تشرى الدين بالدنيا ولم تسم

    فللؤلى بحريك آلان الحديد ، ولمرجانهما معان ولمعان كل يوم يزيد.

    ]للذين أحسنوا الحسنى وزيادة[ ، ]ويزيد الله الذين اهتدوا هدى[ ، ]وزدناهم هدى[.

    فبإضاءة لؤلئك ومرجانك ، تبصر أسرار دقائق حقائق إسلامك وإيمانك ، فلا تخرج من بحرك الأول ، بغير تغفل عن بحرى شريعتك وحقيقتك حتى تنال منهما اللؤلؤ والمرجان ، وبهما يكشف لك عن حقيقة الإنسان ] ولا تقولن لشئ إنى فاعل ذلك غدا[ ، فان أفنيت فقد شاهدت ، ولا يكون ذلك إلا بفنائك ، وان شاهدت فما أفنيت. ويكون ذلك ببقائك.

    فعجيب أمرك فأعجب منه ولا تعجب من سواك ، ولا يشغلك ما اشغل عمن سواك ، فما أنت إلا دليل لغيرك عليه بما أبدعه منك ، فكيف تحجب بك عنك ، وأنت اثر " كن فيكون" ويقول لك ]وفى أنفسكم أفلا تبصرون[.

    بحر شريعتك لولاه ما كانت حقيقتك ، وبحر حقيقتك لولاه ما تمت شريعتك.

    قال أبو عبد الله الإمام مالك بن انس رضى الله تعالى عنه:" من تصوف ولم يتفقه تزندق ، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ، ومن جمع بينهما فقد تحقق" ا هـ. وما الطريق إلا موصل ، فلا تجعله قاطعا بهجراتك مورده العذاب ، فلا ركبت مركب القرب لتصل ، ولا جذبتك جواذب الجذب. الهجرة قبل الفتح وأنت ما هاجرت حتى يفتح لك الباب ، ولكنك أخلدت إلى الأرض ، ارض نفسك فأرضيتها واتبعت نهج غير أولى الألباب ، فلا خوف أقلقك من غيره له حتى تطمئن بذكره ، ولا بعث فيك غيرة تسبيح الطائر فى وكره.

    أما آن لك أن تتخلص من أقفاص نفسك وظلمات حجبك ، إلى أنوار تجليات مشاهدة ربك ، حتى تتنزل عليك كمالات لا تتناهى ، فتدخل فى فلاح ]قد افلح من زكاها[ فتكسى من سندس ]عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق[ ونفسك قد زكت وربك ناداها : ]يا أيتها النفس المطمئنة [ ذكرت فزكت فصفت فاطمأنت فصغت فسمعت" ارجعي "عن السوى ، فقد اضر بك البعد عن خالقك ، فهلم يانفس هلم " إلى ربك " الذى خلقك فسواك ، وبما ناسب مستواك رباك ، وكنت ميتا بذكرك احياك ، وفى وادى قدسه أجلسك وهناك ، " راضية " به عمن سواه لما مزقت للسوى ، وأعرضت عن الملك وما حوى ، فصارت بذلك " مرضية " عند من على العرش استوى.

    فأذن لها بالدخول فى حضرة أهل الوصول " فادخلى فى عبادى " فهم أفضل من يحبهم ، ولولاهم ما خلقت الجنة ، فهم الوارثون وهى تراثهم ، وهم المنعمون وهى نعيمهم.

    " وادخلي جنتى " جنة الشهود الالهى فى الدنيا معهم فى حضرات أذكارهم " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا" وجنة النعيم فى الآخرة ]إن المتقين فى جنات ونهر[.

    لا يحجب عنا من صار منا

    فعليك ياأخانا بالتذكر فيما ذكرناه لك ، لعلك ان ترشد بنفسك إلى نفسك لك آية ، فتطوى عنك كثائف الحجب الظلمانية التي أثقلتك ووارتنا عنك ، وما وارتك عنا. وكيف يحجب عنا من صار منا؟ فإلى متى وأنت على ما أنت ، وقد سارت النجب حولك وفرحت بهم أربابهم ، وقد شغلهم نعيمهم عن شواغل أنفسهم عندما شاهدوا ما أمروا به ] فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون[.

    وان فى أحزابنا ما تنطق من مذاقته البكم ، وتسمع له الصم ، وأنها لجنة معجلة لمن عكفوا عليها ، فما ذاقها ذو ذوق إلا ولجت به فى لجج بحار جواهر المعانى الغالية الأثمان ، وشعت عليه شموس التجليات التى تغيبه عن الأكوان [ ، حتى يقول:" كان الله ولا شئ معه وهو الآن على ما عليه كان ".

    فتارة يكاد يذيبه خشوعه.

    وتارة تسيل على الخدين دموعه.

    وتارة يرى أمرا عجيبا

    وتارة يرى نفسه غريبا.

    وتارة يكاد أن يطير من الأجساد.

    وتارة يهجر النوم والوساد.

    وتارة يقمر الليل بقمره.

    وتارة يترقب نداء الحق بسحره.

    وتارة يذكر حال شيخه فتخضر أشجاره ، وتفوح أعطاره ، وتتزايد أنواره ، وتمد إليه موائد القرى ، ويدعى إلى صافى الشرب بأم القرى.

    فلا عجب فقد املاها من املاها ، فطابت بإملائه النفيس ، وأعطاها لمن وافاها وهو صاحب العلم النفيس.

    إياك أن تشاهد نفسك معنا

    فجل بفكرك فى عجائب كلماتها ، ولازم عليها حتى تتصل ارض قلبك بميازيب غيثها فيصب عيه من جواهر مكنوناتها لترشد بها أنت وترشد من أردناه وأرادنا من إخوانك أحبابنا ، وإياك ومشاهدة نفسك معنا ، فإنها حجابك عنا ، وقاطعك عن إمدادنا ، والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ، وهو حسبك ، وعليه التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

    فالشيخ والد الروح ، وهوا فضل من والد الجسد ، واحرص عليك منه ، فلا يمل قلبك لغيرنا عنا ، وعندنا ما لو كشف لك الحجاب عن بعض مكنوناته لذهلت نفسك.

    وان لوامع بروق أحزابنا تنيرك إذا لمعت ، وتصدع عدوك إذا صدعت ، وتغنى فاقتك إذا تليت ، وتملأ علما إذا قطرة به نزلت ، وما صدود نفسك عناه إلا لنفاستها وما تقاعست عنها إلا لتقاعدك عن الكتاب والسنة اللذين هما اصل لها ومنبع فيض فيضانها وشمس قمر لمعانها.

    فما أردته من أوراد غيرنا ففيها أودع وزيادة ، ولك من فضل الله علينا ]للذين أحسنوا الحسنى وزيادة[.

    فكم أشغلت نفسك عنا بأمور تريد فتح أبوابها فما فتحت لك الأبواب ، وأحزابنا مفتوحة لك أبوابها وتعرفك حجابها ، وقد أذناك بها كما أذن لنا من ينبوع الحقائق الوجودية صلى الله عليه وآله وسلم.

    فأذن أيها المريد من حضرة الشيخ تنل ما تريد وفوق ما تريد.

    قال سيدى عبد السلام الأسمر رضى الله تعال عنه:

    أذن منى نعطيك مناك
    ولا تخالف على


    الاستقامة خير من ألف كرامة

    لان كل شيخ مأذون من الحضرة العلية النبوية ففى أوراده إمداده لأتباعه وأولاده ، وبالعكوف على الأوراد والملازمة والمداومة يظهر لك ما اشرنا به إليك ، لكن بشرط الاستقامة التى هى خير من ألف كرامة لمن استقام فى طريقنا وتبتل ، عليه البركات تتنزل.

    ]إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة[..الخ.

    معنى " ثم استقاموا"

    قال سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه لجماعة من الصحابة رضى الله تعالى عنهم :

    ما تقولون فى قوله تعالى :" ثم استقاموا"؟ قالوا : اى لم يذنبوا ، قال : حملتم الأمر على ما هو اشد ، قالوا: وأنت ما تقول؟ قال: لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان.

    وروى عنه أيضا انه قال: استقاموا قولا وفعلا.

    وعن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه: لم يراوغوا روغان الثعالب.

    وعن سيدنا عثمان بن عفان رضى الله تعال عنه: اخلصوا العمل.

    وعن سيدنا على رضى الله تعالى عنه وكرم الله وجهه: أدوا الفرائض.

    وعن التفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : زهدوا فى الفانية ، ورضوا بالباقية.

    قال شيخنا رضى الله تعالى عنه:

    " وإما إن رأى أن ذلك الجواب لا يقبله الحق تعالى منه ولا يرتضيه فليشرد من ذلك الأمر ، اى أمر كان فانه وبال عليه أن دخل فيه".

    فان قيل: إن المكروه هو الذى لا عقاب فى فعله ، فكيف يكون وبالا؟

    " الجواب" : إن الوبال أقسام ومنه الوبال الروحانى القلبى ، ولا شك أن المكروه يضر الروح والقلب.

    فان قيل : إن حديث النفس بالسوء معفو عنه فكيف يكون وبالا؟

    قال عليه الصلاة والسلام:" ان الله تجاوز عن أمتى ما حدثتهما به أنفسها".

    " والجواب" كما قال سيدى على أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه: القلب له عينان يؤذيهما التفكر فى الحرام والمكروه كما يؤذى الريح الشديد البصر.

    من شرد إلى الشيخ

    فقد شر إلى الله تعالى

    ومعنى الشراد إلى الله تعالى هو الدخول فى حلقات العلم كما فى الحديث:" أما أحدهما فأوى إلى الله فآواه الله".

    ويكون أيضا باتخاذ المشايخ الذين يوصلون إلى الله تعالى ، ومن له شيخ فليشرد إليه عند الوسواس وليجلس بين يديه ، فانه ترياق الأغيار ولا تنظر إليه نظرك إليه ولكن انظر إليه ظاهرا والى شيخه باطنا ، واستمع إليه ظاهرا والى شيخه باطنا ترى العجب العجاب ، ويفتح لك الباب ، ويسهل لك الوصول ، ويؤذن لك فى الدخول ، وحسن ظنك به مطيتك السريعة ، حتى تأخذ ما عنده لك من وديعة ، فهو الترجمان بينك وبين أهل البرازخ ، أهل التحقيق والقدم الراسخ.

    والشيخ المنظور إليه بالنظرين ، رؤيته تقر بها العين ، يذكرك الله مرآه ، ويدنى روحك دعاؤه ورضاه.

    قال عليه الصلاة والسلام :" أولياء الله الذين إذا رؤوا ذكر الله " أخرجه الإمام السيد أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه فى كتابه المسمى روح السنة ، وذلك لتعلق أرواحهم بالله تعالى وقربهم منه ، فكان مثلهم كحامل المسك إذا دنوت منه شممت رائحة طيبة ذكرتك بصاحب الرائحة الزكية صلى الله عليه وآله وسلم.

    ولذلك حينما تشم تقول: اللهم صل على سيدنا محمد.

    كذلك الأولياء يذكرونك الله تعالى بما لديهم من جواذب جذبتهم وروائح روحتهم ، وعرفان عرفهم ، وقرب اعزهم ، ونور سطع منهم ، وسر سرى إليهم ، وفيض فاض عليهم من معدن الفيوضات ، وكلام تسمعه كالمدام.

    تارة تراهم صفوفا على الأقدام.

    وتارة تراهم يقظة.

    وتارة تراهم فى المنام ، قطعوا عالم الحس فانزوى أمامهم الحس ، ومزقت لهم العوائد ، فان زرتهم على أى حال قبل أو بعد نلت غالى الموائد.

    أنفاسهم عطرية.

    ونظراتهم روحانية.

    وأحوالهم محمدية ، جليسهم لا يشقى ، ومريدهم بهم يرقى.

    لابد من الوسيلة لبلوغ الطلب

    ]ففروا إلى الله[ إلى رسله عليهم الصلاة والسلام ، والى علماء شريعته ، والى أولياء حضرته ، فان الإنسان وحده قليل ، وبإخوانه كثير ، والذئب يأكل القاصية من الغنم ، فلا تطلبن طلبا بغير وسيلة ، لان الوسائل هى الأسباب التى توصلك الى المقدور ، وتاركها يكون من المعتدين فى الدعاء ، فان الذى يسال الله تعالى الذرية ولم يتزوج يكون معتديا لتركه الوسيلة ، وهى السبب الذى يوصله إلى المقدور ، والمدار كله على العلم إذ به الدنيا والدين.

    قال عليه الصلاة والسلام :" ومن أرادهما معا فعليه بالعلم" يعنى الدنيا والآخرة.

    الشيخ العرف من سبل الله تعالى

    والشيخ العارف ممن سبل الله تعالى الموصلة إليه ، ومن هدى إليه فقد هدى إلى سبيل الله تعالى ، لكن يبحث عنه بجد واجتهاد:]والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا[.

    والعارف بالله تعالى : هو الذى عرف الله تعالى وقام بحقه ،وعرف رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقام بحقه ، وعرف أولياء الله تعالى وقام بحقهم ، وعرف المؤمنين وتخلص من تبعاتهم.

    والعرف من عرف نفسه كما قيل :" من عرف نفسه عرف ربه".

    فالنفس بها كمالات ونقائض ، فمن عرف الكمالات فأبرزها ، والنقائض فعالجها فذاك العارف.

    عارف:-

    العين : علم

    والألف: انفصال عن السوى اتصال بمن على العرش استوى.

    والراء : رغبة فى الآخرة.

    والفاء: فرار إلى الله.

    فالمعرفة : علم وانفصال واتصال ورغبة وفرار إلى الحق سبحانه وتعالى.

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/5/2024, 21:02