..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته Empty كتاب: كتاب المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الأول : نشأته وحياته

    مُساهمة من طرف Admin 25/12/2022, 18:27

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وصلى الله على مولانا محمد وعلى آله فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم

    الفصل الأول : -

    حقائق تاريخية فى حياة سيدى أحمد بن إدريس [المولد والنشأة]

    يقول الحسيب النسيب التقى الصالح والوالى الكامل والعالم العامل السيد محمد بن السيد على بن السيد محمد بن شيخ الطريقة ومعدن الحقيقة مولانا وسيدنا السيد أحمد بن إدريس الشريف الحسنى رضى الله تعالى عنه :

    الحمد لله رب العالمين حمداً يوافى نعمه ويكافئ مزيده . يا ربنا لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك فى كل لمحة ونفس عدد يا مولانا ما فى علمك . والصلاة والسلام على مولانا محمد وعلى آله فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم .

    أما بعد : فإن الأستاذ مولانا السيد أحمد بن إدريس رضى الله عنه تعالى انتهى نسبه إلى السادة الحسنية الإدريسية القاطنين بالمغرب .

    وكان مولده كما رأيته بخط ابنه سيدى محمد ببلدة هناك تسمى (ميسورا) قريبة من " فاس " فى سنة ثلاث وستين ومائة بعد الألف ، وبها نشأ وقرأ القرآن الكريم على أخ له فى الله . وبعد ذلك توجه على فاس لطلب العلم فأخذ عن جماعة محققين منهم ، كما ذكر سيدى محمد بن السنوسى فى (الشموس الشارقة) العلامة عبد الكريم اليازغى والعلامة ابن شقرون والعلامة ابن كيران والعلامة سيدى محمد المجيدرى الشنقيطى والعلامة سيدى بن سودة التاودى .

    أقول : وعن هذا أى سيدى محمد التاودى يروى الأمهات الستة كما أخبرنى بعض العلماء من تلاميذ تلاميذ الأستاذ حين قراءتى عليه (نخبة الفكر فى مصطلح الحديث) للحافظ بن حجر ومشايخ ابن سودة واسانيه فى مصر مشهورة لا تكاد تخفى على أحد من أهل قطره . وقد وشح وريقات بذكر عشرة من أمثالهم ، منهم الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بنانى ، والإمام قاسم بن محمد جسوس ، والإمام أحمد بن المبارك السلجماسى اللمطى صاحب اللهب الإبريز . وأول هذه الثلاثة يحق أخذه من شيوخ أفاضل منهم الإمام محمد بن عبد القادر الفاسى عن أبيه ملين القلب القاسى عن عم أبيه العارف بالله الولى عبد الرحمن الفاسى عن شعبان عن ابن غازى وشيخ الإسلام زكريا الأنصارى والجلال السيوطى وثلاثتهم عن الحافظ ابن حجر العسقلانى بأسانيده وثانيهم يحق أخذه عن مشايخ عمه سيدى عبد السلام جسوس عن إمام الأمة عبد القادر الفاسى بسنده وقد تقدم .

    اللهم ارض عن الفطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل الثانى : -

    صلة السيد أحمد بن إدريس بشيوخه وعلماء عصره

    ولما أخذ من العلوم بالعروة الوثقى ، وارتقى فيها الغاية التى ليست لغيره ترقى ، جمعه الله بالإمام لهمام غوث عصره وفريد دهره مولانا السيد عبد الوهاب التازى الحسنى فسلك على يده علوم الطريق وعول عليه فى كل تحقيق ، وعنه يروى العلوم بجميع أنواعها وإليه يسند أدوية القلوب على اختلاف طبائعها ، ولكثرة اختصاره على هذا الشيخ ابتهج به سره ظن كثير من الإخوان أن لا شيخ غيره ، وهذا الشيخ له مشايخ أجلة وطرق معتبرة ، كما له عن الإمام العياشى بإجازته العامة عن الشيخ حسن العجمى ، لكن معولة على شيخ إرشاده مولانا عبد العزيز الدباغ الحسنى غليه فإليه غاية منتهاه وأقصى مرماه . ولسيدى عبد العزيز المذكور مشايخ أعيان كشيخه سيدى عمر ابن محمد الهوارى عن سيدى العربى الفشتالى عن سيدى محمد بن ناصر عن سيدى أحمد بن على الحال\ج الدرعى عن أبى القاسم الغازى عن سيدى على عبد الله الغيلانى عن سيدى أحمد بن يوسف الغيلانى الراشدى عن سيدى أحمد زروق رضى الله تعالى عنه بسنده المعروف إلى شيخ الطريقة وإمام الشريعه وتحقيقه إلى ابى الحسن الشاذلى الحسنى المغربى ، وأن نسبته التامة لمن لقنه الذكر مشافهة فى روضة سيدى على بن حرازم بأمر قيم الروضة وهو سيدى عمر الهوارى المتقدم ، كان قد استوصى به خيراً بقوله : (أوصيك به خيراً) وهذا الذكر هو (اللهم بجاه سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم إجمع بينى وبين سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم فى الدنيا قبل الآخرة) ..

    وكان سيدى عبد العزيز يذكره كل يوم سبعة آلاف مرة خمس سنين منذ لقنها لذه ذلك الرجل ، ألا وهو شيخ شيوخ وإمام الرسوخ مولانا أبو العباس الخضر عليه السلام القائل فيه الحق تعالى : (آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً) ، واجتماعه بالمصطفى وأخذه عنه ليس فيه عند أهل الله تعالى خفاء ، وفى أخذه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ما يحفظ به الإيمان ، كما ذكر ذلك الإمام القطب الشعراني بأعظم بيان.

    وقد تفضل الله تعالى على الأستاذ المترجم له بإبداع معنى هذا الذكر فى صلاته العظيمة مع نفائس زائدة لا يمترى فيها ذو بصيرة .

    وهذا لفظ الصلاة العظيمة

    ( اللهم إنى أسألك بنور وجه الله العظيم . الذى ملأ أركان عرش الله العظيم , وقامت به عوالم الله العظيم . أن تصلى على مولانا محمد ذى القدر العظيم . وعلى آل نبى الله العظيم . بقدر عظمة ذات الله العظيم . فى كل لمحة ونفس عدد ما فى علم الله العظيم . صلاة دائمة بدوام الله العظيم . تعظيماً لحقك يا مولانا يا محمد يا ذا الخلق العظيم . وسلم عليه وعلى آله مثل ذلك . واجمع بينى وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظاهراً وباطناً يقظة ومناماً . واجعله يا رب روحاً لذاتى من جميع الوجوه فى الدنيا قبل الآخرة يا عظيم ) .

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل الثالث : -

    أوراد الطريقة الأحمدية وفضائلها

    وذكر تلميذه سيدى محمد عثمان الميرغنى فى شرح أساسه ما نصه : أخرج الجزولى فى الدلائل عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من صلى على صلاة تعظيماً لحقى خلق الله من ذلك ملكاً له جناحان جناح بالمشرق والأخرى بالمغرب ورجلاه مقرونتان فى الأرض السابعة وعنقه ملتوية تحت العرش يقول الله عز وجل له : صلى على عبدى كما يصلى على نبيي فهو يصلى عليه يوم القيامة ) . وذكر العلامة إسماعيل النواب فى ترجمته له ما نصه : وكان رضى الله عنه يقول : أملى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأحزاب من لفظة حتى استشكل بعض أصحابه من العلماء مرة كلمة فى الحزب الخامس فقال : يا أخانا هكذا قالها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وقد كتب سيدى أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه رسالة إلى تلميذ له بالمخا بأرض اليمن يحثه فيها على قراءة الوردين العظيمين وهما الحزب الأول والثانى من الأحزاب وهذه هى الرسالة :

    خطاب سيدى أحمد بن إدريس لتلميذه الشيخ محمد بن جعفر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    من أحمد بن إدريس إلى أخيه وولده وصفيه وحبيبه الشيخ محمد ابن جعفر جعله الله محموداً مكرماً عزيزاً فى حضرة قدس الله فى الدنيا والآخرة آمين .

    السلام عليك أيها الأخ الحميم والصديق الكريم ورحمة الله تعالى وبركاته . أما بعد : فاعلم أن لك عندنا فى القلب أمراًُ عظيماً راجياً لك بذلك أن تكون من المقربين فى حضرة التكريم إن شاء الله تعالى فكن من الشاكرين ، وتوجه بكليتك إلى ربك وتهيأ لما هو مهيأ لك من عند ربك لتكون من أول الفائزين . والزم قراءة الوردين العظيمين والحزبين الإلهيين المسمى :

    (أحدهما : بالسر الأعظم والكنز المطلسم) .

    (والثانى : يسمى بالتجلى الأكبر والسر الأفخر ويسمى بالتجلى الأقدس والنور المقدس فى حضرة القدس) ، ولهما أسماء كثيرة فإنه لم يسمع بمثلهما فى أحزاب الأوائل من المشايخ الذين سبقوا ، وقد تعجب الأنبياء عند سماعهما مثل الخليل وغيره صلوات الله وسلامه عليهم .

    وقد عظم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرهما تعظيماً عظيماً ، فاتخذهما سميراً وأنيساً ، وترنم بهما فى الأسحار ، وحرض إخوانك عليهما نصحاً لله ، فإنهما باب فتح الله الأعظم ، وفيهما من الأسرار ما لا يصح الإيضاح به والله أعلم . وسلم لنا أيها الأخ الحبيب ريحان سلاماً كثيراً وأخبره أنه ببالنا . والسلام عليك أيها الأخ المكرم وعلى جميع الإخوان ورحمة الله وبركاته .

    وهذه الأحزاب محتوية على العظيمية وقد علمت من هذا أنه حصل له ما سأله بقوله : (واجمع بينى وبينه) الخ .

    وهذا المطلب قد حصل لكل من الأشياخ الثلاثة . قال سيدى محمد بن على السنوسى رضى الله تعالى عنه فى كتابه "المنهل الرائق" : وقد أخذت عن جماعة ممن أخذوا عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم إما بواسطة واحدة أو بدونها . منهم شيخنا أبو العباس العرائشى يعنى السيد أحمد بن إدريس ، فقد أخذ أول مرة عن شيخه أبى المواهب التازى يعنى سيدى عبد الوهاب (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأخبره ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقنه إياها قائلاً : لا شئ أنفع للعبد من (لا إله إلا الله محمد رسول الله) . واما شيخنا أبو العباس العرائشى فكان له فى ذلك القدم الراسخ كشيخه ابو المواهب التازى وشيخ شيخه الدباغ . وتتبع أحواله معه صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن استيفاؤها إذ كان فى أول أمره بل وفى أوسطه وآخره ليس له معول إلا عليه ولا رجوع فى شئ إلا إليه صلى الله عليه وآله وسلم انتهى كلامه .

    خزنتها لك يا أحمد

    وذكر العلامة إسماعيل النواب المذكور أن الأستاذ المترجم له تلقى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم تهليله المعروف وهو لا إله إلا الله محمد رسول الله فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله وقال صلى الله عليه وآله وسلم فى شأن التهليل المذكور المخصوص لا إله إلا الله محمد رسول الله فى كل لمحة وكل نفس عدد ما وسعه علم الله خزنتها لك يا أحمد ما سبقك بها أحد علمت أصحابك يسبقون بها أو كما قال وقد رأيت فى مكتب للأستاذ المترجم له لتلميذه السيد محمد عثمان الميرغنى ما نصه : عليك بتلاوة الأحزاب ، وأكثر من هذا الذكر الذى خصنا الله به من بين أوليائه وقد أخذ من حضرة قدسه وهو (لا إله إلا الله محمد رسول فى كل لمحة وكل نفس عدد ما وسعه لعلم الله) ولقن هذا الذكر للإخوان فإنه منة عظيمة والعدد بحسب الطاقة ولا تعارض فيما بين الكتاب وبين ما فى قوله لأنه قال : وقد أخذ من حضرة قدسه ولم يبين الآخذ ويحتمل أنه النبى صلى الله عليه وآله وسلم أخذه عن الله ولقنه ولده هذا ولك فى التوفيق غير هذا . وعلى هذا الذكر العظيم وهذه الصلاة العظيمة والاستغفار الكبير ورد طريقته . ولفظ الاستغفار الكبير هو : (استغفر الله العظيم الذى لا إله إلا هو الحى القيوم غفار الذنوب ذا الجلال والإكرام وأتوب إليه من جميع المعاصى كلها والذنوب والآثام ومن كل ذنب أذنبته عمداً وخطأ ظاهراً وباطناً قولاً وفعلاً فى جميع حركاتى وسكناتى وخطراتى وأنفاسى كلها دائماً أبداً سرمداً من الذنب الذى أعلم ومن الذنب الذى لا أعلم عدد ما أحاط به العلم وأحصاه الكتاب وخطه القلم وعدد ما أوجدته القدرة وخصصته الإرادة ومداد كلمات الله كما ينبغى لجلال وجه ربنا وجماله وكماله وكما يجب ربنا ويرضى) .

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل الرابع :

    معالم الطريقة الأحمدية وكيفية سلوكها : -

    وأما مبناها وكيفية سلوكها قال مفتى الأنام السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدلى الزبيدى فى كتابه (النفس اليمانى) : وهذا السيد الجليل طريقته السالك لها والداعى إليها الإقبال بالكلية على تدبر معانى كتاب الله . ولقد ذكر لى عفاه الله أنه مكث عدة سنين لا شغل له إلا تلاوة كتاب الله والتعرض لنفحات أسرار علومه ولطائف رقائقه وفهومه ، حتى منح الله به بما منح وفتح به ما فتح . وهذه الطريقة هى التى أشار إليها الإمام بن القيم فى شرح منازل السائرين حيث قال ما نصه : (والطريقة المختصرة القريبة السهلة الموصلة إلى الرفيق الأعلى التى لا يلحق سالكها خوف ولا عطب ولا فيها آفة من آفات الطرق البتة وعليها من الله حارس وحافظ يكلأ السالكين فيها ويحميهم ويدفع عنهم . وهى أن تنقى قلب من وطن الدنيا إلى وطن الآخرة ثم تقبل به كله على معانى القرآن واستجلابها وتدبرها وفهم ما يراد منه وما نزل لأجله وأخذ نصيبك وحظك من كل آية من آياته وتنزلها على دواء قلبك) . ولا يعرف قدر هذه الطريقة إلا من عرف طرق الناس وغوائلها وقطاعها والله المستعان .

    وقال القاضى الحسن بن أحمد عاكش : وأعلم أن طريقته هى اتباع الكتاب والسنة . وكان يقول : التصوف هو تجريد القلب لله تعالى . وهو فى الحقيقة علم الوراثة الذى نتيجته العمل المشار إليه بحديث (فمن عمل بما عمل أورثه الله علم ما لم يعلم) وهذه الطريقة تسمى محمدية ووجه اختصاصها بالانتاسب إليه صلى الله عليه وآله وسلم مع أن الكل راجع إليه مستمد منه صلى الله عليه وآله وسلم لأن صاحبها بعد تصحيح البيت وسلوكه على مناهج الاستقامة المبينة فى الكتاب والسنة يشتغل بالصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يثوى على قلبه ويتخامر قلبه لتعظيمه ويهتز عند سماع ذكره ويصير تمثاله بين عينى بصيرته فيسبزغ الله عليه نعمته ظاهرة وباطنة ولا يجعل لمخلوق عليه منة إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلم فيراه يقظة ومنامة ويسأله عما يريد . وذكر أن نازل هذه الأسرار جماعة : منهم نور الدين الشونى والسيد أحمد التيجانى . ومما ذكره فى وجه التسمية هو بيان طريقه كما ذكره من أتباع النبى صلى الله عليه وآله وسلم الذى هو دليل حب العبد لربه وباب حب الله للعبد كما قال تعالى : (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله) ومن أتباع الكتاب والسنة والإقبال والفهم فيه الذى من رزقه فقد استمسك بالعروة الوثقى التى لا انفصام لها وأمن من الضلال أبداً وصار إلى الله على هدى وذلك لأن العبد لا يملك فى الاتباع وترك الابتداع وفهم الحق من القرآن الذى هو الطريق الأعلى إلى حضرة الحق إلا بحصول الحظ الأوفر من الطريق المحمدى بالاجتماع به يقظة كما ذكره الإمام السيوطى فى كتابه (تنوير الحلك فى جواز رؤية النبى والملك) ومن ثم جعل رضى الله تعالى عنه الصلاة العظيمة مدخلاً عظيماً فى طريقته كما أنها اشتملت على طلب الجمع به عليه الصلاة والسلام يقظة ومناماً الذى من تحصل عليه فقد أمن من الأغيار وسلك مسالك الأبرار وأنه يبقى لليل الجهالة والغواية بقاء مع إشراق الشموس وأنوارها .

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل الخامس :

    عدة السالكين للطريقة الأحمدية

    ومما يحسن سرد ما ذكر العلامة حسن عاكش فى كتابه (الدر المصون) . وكنت جمعت شيئاً يعنى من كراماته فى كراس واحد فرأيت منه الكراهه لذلك وقال : عندنا الاستقامة هى غاية الكرامة ونقل عنه كلاماً إلى قوله : ونحن جل قسطنا اتباع النبى صلى الله عليه وآله وسلم وخطوة القدم بالقدم فإنه كثيراً ما رآنى أمشى خلفه واضعاً قدمى حيث يضع قدمه فيقول لى : امشى فى طريقى حتى نوصلك إلينا . وإذا وصلت إلينا دخلت حضرة كان الله ولا شئ معه .

    هذا وقد ذكر سيدى محمد السنونسى فى الكتب النافعة لأهل هذه قائلاً : وأنفعها كتاب (كفاية المريد وحلية العبيد) وما كتب حجة الإسلام الغزالى فهى المرهم الشافى لجريح الأهواء فإنه ما من دسيسة للنفس إلا وبينها وأوضح مداخلالشيطان على السالك وسبل غروره بما لم يذكره غيره .

    قلت : وفى رسالة المترجم له المسماه بالقواعد ما قد احتوى على تلك الكتب الجامعة بل فيما كتبه لبعض تلاميذه ألا وهو السيد محمد عثمان الميرغنى قائلاً له فى مكتوب آخر : وفى الكتاب الذى وجهناه إليك لما قدمنا اليمن وأنتم فى ناحية السودان كفاية وقد وصل هذا الكتاب إلى أقوام فانتفعوا به غاية النفع وعلموا حقيقة طريقة الله على أى شئ وهذا الكتاب خلاصته :

    خطاب سيدى أحمد بن إدريس لتلميذه الميرغنى رضى الله عنهما

    أما بعد : أيدك الله بروح منه ولا أخلاك وقت عنه فشمر عن ساعد الجد ذيل الاجتهاد واترك الراحة والرقاد وقم لله عز وجل على قدم الصدق واجعل همتك فيه أعظم زاد . وإياك وإياك وإياك حتى من إياك . وإياك والإغترار بإقبال الخلق وتعظيمهم إياك ، فإنها فتنة وابتلاء ؟، وملاحظة إقبالهم سم قاتل ، وبرقهم خلب ليس فيه مطر هاطل ، فاقطع يأسك منهم ، واحسم طمعك عنهم واقبل على مولاك بكليتك قلباً وقالباً فإنه لا أضر على الفقير الصادق من طمعه فى الخلق ، فإن الطمع فى الخلق سيف قاطع عن الحق ، واعل همتك حتى يقتضى بك اخوانك ولا تستند إلى الراحة والبطالة فيأخذون بحظك فيهلكون واحملهم على الجد والاجتهاد وقو وقوفهم فى الله بالحال والمقال فإنه قد صحبنا جماعة من الإخوان المغاربة فعلت همتهم فحازوا قصب السبق فى معرفة الله فانفتح لهم الباب من الله فانخرطت لهم العوائد ظاهرهم وباطنهم فصاروا من المحدثين عن حضرة الحق بلا واسطة حتى أن كلاً منهم جمع كتاباً فى كراريس بما فتح الله عليه من المكاشفات والبشارات مما لا يسمع به عن أكابر الأولياء المتقدمين حتى أن بعض الأكابر كأبى يزيد استصغر نفسه فى جنب أحدهم .

    فجد السير واجتهد لتكون فى أول الصادقين فإنى تعجبت من صدق هؤلاء الذين ذكرتهم لك غاية العجب فإذا دخلوا الخلوة أتوا بالعجب العجاب من غرائب المعرفة والمكاشفات واللطائف وإذا حضروا المجلس كشفوا بما يبهر العقول بحسن معاملتهم مع الله وقطع ما سواه وأنى لا أحب أن تكون بينهم بل أحب أن تكون من أعلاهم . وقد اتخذت الله لك وكيلاً وكفيلاً فيما رغبتك فيه وجعلته خليفة عليك فأعنى على نفسك بعلو الهمة فى الله وقد العوائق والعلائق القاطعة عن الله تعالى .

    والسلام عليك وعلى أولادك وأهلك وجميع من يلوذ بك من الإخوان ورحمة الله وبركاته.

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل السادس

    سند الطريقة الأحمدية الإدريسية

    وأما سندها فمعوله كما عرفت مما تقدم على سيدى عبد الوهاب التازى وسيدى عبد العزيز الدباغ عن الخضر عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ولها أسانيد كثيرة كما تقدم عن الشيخ محمد المجيدرى عن القطب الجان القاقوى عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله تعال عنه وكرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا السند نفسه قال المترجم له : أخذنا الحزب السيفى . وعن الشيخ أبى القاسم الملقب بالوزير قال المترجم له : وسنده يتصل بالشاذلى بوسائط كثيرة وسند الشاذلية يتصل بسيدنا الحسن بن على رضى الله تعالى عنهما . تركت ذكر سنده لطوله . أقول : قال سيدى محمد السنوسى فى المنهل الروى : إن أبا القاسم المذكور أخذ عن سيسدى أحمد بن محمد بن عبد الله وهو لقنه سيدنا أحمد بن يوسف الفاسى وهو لقنه سيدى عبد الرحمن المجذوب وقد لقنه سيدى على السنهاجى المعروف بالدواز وقد لقنه سيدى إبراهيم أقحام وهو لقنه سيدى أحمد زاروق وساق سنده وتركته لشهرته . وبجملة فمعول سند هذه الطريقة على سيدى عبد الوهاب وكثيراً ما كان يقتصر الأستاذ المترجم له عليه ولتمام الفائدة فلنذكر بعض أسانيد المترجم له المتعلقة بالعلوم الظاهرة .

    فذكر سيدى محمد السنوسى فى (الشموس الشارقة) أنه يروى تفسير الجلالين عن الأستاذ عنجملة من شيوخه من أعلاهم سند العلامة السندى بإجازته العامة عن أبى البقاء المكى كذلك عن البابلى عن أبى النجا سالم بن محمد السنهورى عن شمس الدين العلقمى عن الجلال السيوطى المذكور فى تفسير وحديث وفقه وغيره من سائر العلوم . وفى هذا السند كفاية عظيمة لأن الإمام السيوطى من تأمل فى كتبه رأى أنها احتوت على بغيته . وفى عهده أن كتابه شرح التقريب فى المصطلح قد احتوى على أسانيد كثيرة من الحديث وإن أردت الزيادة فلنزدك بسند الصحيحين فيروى المترجم له البخارى عن شيخه المعمارى عبد الوهاب التازى عن أبى اسحاق عن عبد الله بن سعيد اللاهورى عن قطب الدين بن علاء الدين النهروانى عن أبيه عن أبى الفتح الطوسى عن المعمر الهروى عن محمد بن شاذ يخت الريحانى عن يحيى الختلانى المعمر مائة واحدى وأربعين عاماً عن العزيزى عن الإمام البخارى وعلى هذا فيكون بين المترجم له والإمام البخارى عشر وسائط بل تسع على مال الإمام محمد بن على الشوكانى من أنه وقف على إجازة على الحافظ محمد بن الطيب المغربى عن القطب النهراوى عن أبى الفتوح باعتبار ثلاثيات البخارى ثلاثة عشر رجلاً .

    وهذا السند عالى جداً ولما لا وقد قال معاصر المترجم له محمد بن على الشوكانى فى سند له فيه أكثر من رجال هذا السند يتصل بالبخارى يكون باعتبار الثلاثيات بينه وبين النبى صلى الله عليه وآله وسلم اربعة عشر واسطه وهذا غاية فى العلو لا يكاد يوجد مثله اليوم ويروى عن الإمام بن سوده عن شيخه بنانى المذكور عن شيخه بن الحاج عن الشيخ عبد القادر الفاسى عن عم والده عن القصار عن سيدى رضوان الفاسى عن السقيانى عن شيخ الإسلام زكريا الأنصارى بسنده .

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل السابع

    وفاة السيد أحمد بن إدريس رضى الله عنه

    ولما أن درس العلوم بالمغرب الأقصى وأحيا معالم الطريقة واهتدى به جمع لا يحصى توجه إلى الحجاز فمر على مصر والصعيد وبعد أن أقام بالحجاز مدة توجه إلى اليمن وبها توفى فى ليلة السبت الحادية والعشرين من رجب سنة ثلاث وخمسين ومائتين بعد الألف (1253هـ) .

    ودفن بمدينة صبيا وقبره بها يزار وتلوح منه للوافدين أنواره وقد رثاه جماعة منهم أقضى القضاة الحسن بن عاكش بقصيدة طويلة منها :

    لولا التأسى لساء بالأسى مهج على الإمام عظيم القدر والشأن

    أعنى النفيس هو ابن إدريس من ظاهرت فينا مكارمه من غير نكران

    شيخ الشيوخ وسلطان الرسوخ ومن ببحره العذب يروى كل ظمآن

    لقد دعاه إلى الغفران خالقه فراح فى هذه الدنيا برضوان

    وفتت أكبد من بعده حزنا وفى الضلوع اشتعال مثل نيران

    لو كان يفدى فديناه وحق لنا بمن على الأرض من إنس ومن جان

    وقال آخر :

    وأنى بطيب العيش من بعد أحمد لمن بات آمنا أو أطال نهارا

    فبلغ الأمانى نجل إدريس الذى يتوق على السبع الطباق منارا

    فما ضر شمس الظهر لو أنصفت له بأن ضربت فوق الخدود خمارا

    وما ضر جنح الليل لو جر ذيله على الصبح حتى لا أخال نهارا

    فحق لهاذ الرزء شق قلوبنا إذا شققت منه الجيوب عذارى

    ولو أنا أعرنا للسحاب مدامعا لما خلت من بين الأنام غبارا

    فحق لصبيا اليوم أن تحقر الثرى وتطلب من فوق السماء فخارا

    ولو رأى نورها كل ناسك لما شد للبيت العتيق ضمارا

    وقال الفاضل الخيرى من قصيدة طويلة :

    أغمض الموت منه غضب لسان كان منه للواعظ بالآثار

    وطوى من بعد أن نشر الســـ ــنة للناس غضة الاثمار

    وأودع النور فى قلوب ذوى الـ ـرف وأضحى وديعة الأسرار

    عم بالهدى للأنام فعم الز ء منا لكل بيت ودار

    فاستوينا فى رزئه فبكى البا دون منا عليه كالحضار

    لا تلمنا إن سكبنا دمو عا جاريات عليه كالأنهار

    موته فى الحشى لظى جمرا ت وحرم الكرى على الأشفار

    من لصوم النهار فى زحمـ ـة القيظ ومن للقيام فى الأسحار

    من لهذا الأنام من ظلمة الجـ ـهل وخلط الأعذار بالإنذار

    لو حمى سيدا من الموت حام لحمته جلالة المقدار

    وقد اشتهرت طريقته فى اليمن والحجاز ومصر والشام وبلاد الترك والهند وحضرموت والسودان وجاوة والمغرب وليبيا والصومال والجبرت والحبشة . وبلغ صيته فى أقرب وقت جل المعمورة ، وأقبلت الناس على اسانيده وعلومه وأوراده .

    الفصل الثامن :

    مناقب السيد أحمد بن إدريس رضى الله تعالى عنه

    وقد الف فى مناقبه واحواله واشياخه الجهابذة من المحققين تفضل الله علينا كما تفضل عليهم ورضى الله تعالى عنا بهم وجعلنا من أكمل حزبهم . إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير نعم المولى ونعم النصير . وفى هذا القدر كفاية لمن استبصر .

    لكن لما جرت عادة أهل التراجم بذكر شئ من فضائل مترجميهم ومناقبهم يعتنى به تنبيهاً للواقفين بأن ذلك مما يعتنى به عند العارفين ، فلنختم بذكر شئ من مناقب المترجم له وفضائله التى لا تخرج عن طريق أهل السنة والجماعة ، وحيث كان البحث فى الترجمة عن وجوه ثلاثة عن الاستاذ من حيث سيرته وعن طريقته وعن أورادها اللازمة كما بينته ، فليكن الكلام على مناقب سيرته فيختصر من جهتين : من جهة علماء الكشف الفائزين برؤية النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، يقظة فى الدنيا جائزة كما عليه أهل السنة .

    وقد ألف فى ذلك الإمام الجلال السيوطى كتاباً أسماه (تنوير الحلك فى جواز رؤية النبى والملك) والإمام ابن مغيزيل الشاذلى كتابا سماه (الكواكب الزهرة فى اجتماع الأولياء بسيد الدنيا والآخرة) .

    ما كتبه علماء الظاهر من مناقب شيخ الشيوخ ابن إدريس رضى الله تعالى عنه .

    أولاً : فأما من جهة علماء الظاهر فمن ذلك ما قال العلامة السيد محمد بن على ابن عقيل مخاطباً لقوم كما جمع فى المناظرة الكبيبية لاقضى القضاة الحسن بن عاكش وهو : أنا عرفت ابن ادريس من ايام مهاجرتى بمكة سنة اربع وثلاثين ومائتين بعد الألف .

    وهو من العلماء الأكابر ولا نظير له فيما نعلمه فى الأقطار الإسلامية فى معارفه وعلومه الشرعية وفى علوم الحقائق ، وليس يقارن به أحد من أهل زمانه ، وقد أقر له بالعرفان الجهابذة من علماء الشرع الذين هم القدوة لنا فى هذا الزمان وهم مشايخنا مثل السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدلى والقاضى عبد الرحمن البهلكى صاحب بيت الفقيه ومن فى طبقتهم من علماء اليمن والشام ومثل القاضى محمد بن على الشوكانى قاضى صنعاء عرفه بالمكاتبة وأطنب فى الثناء عليه وارشد الناس إلى الاستكثار م علومه قائلاً بعد كلام طويل : (فإنها حديثة العهد بربها) . كما رأيته فى جواب له للسيد عبد الرحمن بن سليمان ، وكذلك عبد الله السيد الحافظ عبد الله بن محمد الأمير وأخوه المحقق قاسم بن محمد وابن أخيه العلامة يوسف بن إبراهيم .

    فإذا كان مثل هؤلاء العلماء الذين تسنموا غارب الاجتهاد وما منهم إلا مصنف فى علوم الإسلام وهو إمام نقاد طأطأ إليه النقباء وأذعنوا له ثم ساق كلاماً ليس من غرضنا . وقال خاتمة الحفاظ المجتهدين وجيه الإسلام والملة والدين السيد عب الرحمن بن سليمان الأهدلى فى (النفيس اليمانى) بعد أن ذكره ، ونزل على العبد الفقير الحقير ، وكان نزوله كنزول العافية على السقيم والشفاء للجريح ، والحمد لله على ذلك ، نسأل الله التوفيق لدوام الشكر على ما هنالك .

    وكانت مدة إقامة السيد المذكور أولاً عشرين يوماً ثم بدا له التوجه إلى بندر المخا ثم جهة موزع فلما وصل إلى تلك الجهات ازدحم عليه الخاص والعام وانتفعوا فى أمر دينهم انتفاعاً عظيماً لأن السيد المذكور هدية فىعباداته وعاداته الهدى النبوى سيما الصلاة فإنه نفع الله به كان يقيها على الوجه التام الذى وردت به الأحاديث الصحاح الحسان من معلم الشريعة صلى الله عليه وآله وسلم ثم بعد إقامته مدة أربعة أشهر فى تلك الجهات عاد إلى مدينة زبيد – والعود أحمد كما يقال فى المثل السائر - ، فأقبل عليه الخاص والعام أشد من الإقبال الأول ، ولم تزل الأيام والليالى زاهرة ورياضها بلطائف العلوم ورقائق الفهوم معمورة أوقاتها بالعبادات ، والأقلام تكتب من إملاء السيد المذكور من الفوائد والعوائد والنوادر والشوارد مما ملئت منه الدفاتر ثم قال : وفى تلك المدة وقعت إجازة من السيد المذكور لكل من طلب الإجازة من أهل زبيد خصوصاً وأهل اليمن عموماً ، كما وقع نظير ذلك للحافظ ابن حجر عند قدومه من زبيد ، وفى أثناء هذه المدة لما دعا الشيخ عبد الغنى ليصلح بينه وبين حذام حاكم وصاب عزم السيد على الطلوع إلى تلك الجهة ، ولما شاع خبر العزم اشتفهه العلامة عبد الكريم العتمى بقوله : مولاي سمعت بعزم على الطلوع إلى وصاب ، وقد وقفت فيما سبق على أثر فى أمر الزمان يأوي الدين إلى وصاب كما تأوي الحية إلى جحرها ، فعلمت أنه أنتم ، ثم ذكر كلاما إلى أن ذكر القصيدة التى أنشأها عند توجه الأستاذ من زبيد إلى جهة الحجاز أولها :

    أما آن يستوقف الركب منشد وينجد ملهوف الشكاية منجد

    على رسلكم لا تعملوها فإنها مواطئها أحشاء قوم وأكبد

    خذوا من ثرى آثارها قبضة لنا فطيب ثراها للنواظر إثمد

    ألم تعلموا أن العقيق تشعبت مجاريه فى خد الحزين تخدد

    زفرت دموع العين قبل فراقه لما بعده فالأمس لليوم مسعد

    ونحن وإن كنا شيوخاً فإنما لأحلامنا مهد الأصاغر تمهد

    وقد رضعت من حافل الفيض منكمو لبان الهدى يروى الغليل ويرشد

    وقد تعلموا أن الرضاع لمدة فما كملت فاستكملوها وأسعد

    أبى الله أن ينأى بنا طلب العلا على حيث ما كنا وأحمد أحمد

    ثم قال : وكان توجهه إلى بندر الحديدة وتلقاه أهلها بالإعزاز والإكرام ، ووقع فيها من تلك المجالس الفائقة الرائعة ما انتفع به بفضل الله تعالى الخاص والعام ، وامتدحه أدباء البندر بعدة قصائد ، منهم الفقيه العلامة خطيب البندر سالم بن داود والسيد الأديب أحمد بن عبد الله بن أحمد صائم الدهر والفقيه إبراهيم بن عبد الله الخيرى ، ثم سار إلى المرازقة واجتمع به سادتها وعلماؤها ثم توجه إلى القطيع ثم إلى باجل ونزل عند الفقيه العلامة محمد التازى ، ثم سار إلى صبيا وتلقاه أهلها بالإعزاز والإكرام ، ثم قال : ولله السيد السند الإمام محسن بن عبد الكريم حيث يقول :

    شرفت صبيا بكم فغدت مورداً للعلم والنزل

    ليت شعرى ما الذى فعلت فعلت قدراً على زحل

    ثم قال : وامتدحه أهل تلك الجهات بقصائد فرائد ، ومما كتبه إليه القاضى العلامة المحقق الفهامة الوجيه عبد الرحمن بن أحمد البهلكى قاضى بيت الفقيه عافاه الله تعالى وبارك فيه :

    علمت شوقنا إليها فزارت وأشارت أن ثم ود صحيح

    عبرت فى الثرى على حب ليلى ولها فى الهدى بهم تبريح

    فاستعادت أنفساً وهى تسرى فعليها منهم أريج مريح

    عبرت على كل منزل نزلته فهى تسعى وكل ند يفوج

    حضرة تحضر الملائك فيها ولهم فى مجالها تسبيح

    حلق الذكر والعبادة لله وروح للمصطفين وروح



    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    ثم قال : وقد اعتنى بترجمة حافلة فى كراريس للسيد المذكور السيد الجليل النبيل العلامة محمد بن على الديلى قاضى زبيد بتلك المدة استوفى فيها أكثر ما قيل فيه من المدائح ، وشرح كثيراً من أحواله الشريفة ، انتهى ما أوردناه من كتاب (النفس اليمانى) وقال المحقق النقاد القاضى حسن عاكش فى كتابه (عقود الدرر) بعد أن ذكر ما نصه : وأخذ علم الشرع من علماء وقته ، وأخذ الطريقة عن شيخه العارف بالله تعالى السيد عبد الوهاب التازى ولاحظته السعادة والعناية حتى صار فى أوان شبابه إمام القوم فى جميع العلوم ثم قال : وكان صبوراً على الذكر ، ويقول : (أكبر إذا لنفسى ذكر الله ولو أتركه ساعة لم أستطع) ، ثم يضرب رضى الله عنه مثلاً بالحوت إذا كان فى البحر فحياته فى ذلك فإذا فارقه مات ، وكان فى قيام الليل قد يستكمل الختم فى ركعتين وربما يردد الىية فى الركعة ويبكى حتى يصبح ، ومن شاهد عينيه رآها كالشراك البالى من البكاء .

    وأما الصلاة إذا دخل فيها فهو يستفرغ الفكر فيها ويقبل عليها الإقبال الكلى حتى لو وقع أى حادث قريب منه لم يشعر به وقد سقط سقف أحد غرف منزله رضى الله تعالى عنه وهو فى الصلاة مرة وعندما فرغ منها قال له أحد تلاميذه : ربما سقط سقف أحد غرف المنزل فقال رضوان الله تعالى عليه : هل أتاكم أحد من المنزل ؟ فقالوا : لا ونحن فى الصلاة فقد سمعنا رجة ، فقال : سبحان الله تصلون وتسمعون ! ولا رأيت أحداً من أرباب العلم يحسن الصلاة بآدابها النبوية على الوفاء والكمال منه ، ومن صلى معه لم تطب له الصلاة مع غيره ، وإذا دخل الصلاة يقترب فيها من الخشية والبكاء مع كمال حفظ النفس من المحافظة بالشرع ، فهو شبيه بما ورد فى حق النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا صلى كان له أزيز كأزيز المرجل ، وقد شاهدت منه هذه الصفة كثيراً ثم قال : وقد كتبت عنه كثيراً من العلوم الشرعية ولم تر عيناى مثله فى حسن تصرفه فى المعارف العلمية من سائر العلوم الشرعية ما بين السماع والعرض والإجازة والمناولة وكان مما أخذته عنه من كتب الحديث كتب الأئمة الثلاثة الشافعي وأحمد وأبى حنيفة رضى الله تعالى عنهم ، وكتب السنة : صحيح البخاري ومسلم ، والسنن الأربعة لأبى داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وغيرهم من جوامع الكتب الحديثة كجامع الأصول لرزين العبدى ثم عدد جملة من جمع الجوامع والكتب الحديثة ، فمنها المختصر جامع رزين لابن الأثير ومختصراته الثلاثة : البارزى والربيع اليمنى والعيني ، وجوامع الإمام الأسيوطي الثلاثة وجامعها ، وغيرها للحافظ العراقى وفيه مالئة ألف حديث ، ثم قال : ومما أخذت عنه علم النفس بالطريقتين : طريقة أهل الظاهر بوجهتيهما الأسرى والتأويلى ، وطريق أهل الإشارة . ثم قال بعد أن عدد تفاسير أهل الإشارة الآخذ لها من الأستاذ نفسه : وتلك جميعاً ما يتفجر على قلبه مترجماً عنه بلسانه من الوجوه المبتكرة والنفائس المعتبرة العديدة بصريح الكتاب كنقطة فى بحر ومما أخذتنه عنه أيضاً علم التصوف بالطريقتين السلوكية والعرفانية مما وصل إليه من طريق القوم آخذا عنه آدابها ملقناً إياي أورادها وملبساً خرقها ومصافحاً ومجيزاً بأسانيدها إلى أربابها بأسانيدهم إلى النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنابني فى ذلك كله رضى الله تعالى عنه وكل ما يصح له وأنابني مقام نفسه قائلاً : من أخذ عنه فقد أخذ عنى ، ومن أخذ عنا فقد أخذ عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم . والله على ما نقول وكيل .

    ثم قال : ومما أخذ عنه ايضاً علم الفقه على طريقة السلف كالائمة الأربعة وغيرهم من أئمة المذاهب يأخذون مداركه الأصلية من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية ن وكان فى ذلك رضى الله تعالى عنه الآية العظمى التى لم يسمع بمثلها فى مشرق ولا مغرب ، فما سئل عن نازلة إلا أجاب عنها بديهة بصريح النص فى الكتاب والسنة بوجه لا يكاد يهتدى إليه غيره غالباً ، وربما فتش عن ذلك أهل اهتدى إليه أحد أم لا ؟ فلم يوجد من حام حول الحمى ولا من قارب ذلك المرعى . ثم قال : ومما أخذته عنه علم التوحيد بذلك الطريق المختار عن السلف ومحققى أهل الله من خاصة الخلق مما هو مقرر ومعروف من طريقتي التفويض والتأويل ، وكان رضى الله عنه سلفاً من السلف مع ماله ولو شرحت ماله م الأحوال الإلهية ولو أردت مجملاً من علومه لعجز القلم عن إحصائها إذا توالت ، وفى الحقيقة يكثر عن التعبير عن شرح فضائله قلمى ولساني ، ويضيق صدر هذه الأوراق عن إظهار ما أجنه من وصف جنانى . وعلى الجملة فإنه ملك العلم بأزمته والعرفان بكلياته وجزئياته . وايم الله الذى خلقه فى أحسن تقويم وحباه هذا الفضل العظيم أنه ما شاهدته خصوصاً إذا خاطبته إلى رأيت العلم والعرفان يلوحان من شمائله . ورايت علماء الدهر عيالاً على فضله ، وقرأت نسخة التقوى من وجهة وألحاظه فاقتنصت شوارد الإفادة من ألفاظه ، وذكرت قول ابن الرومى :

    لولا عجائب صنع الله ما ثبتت تلك الفضائل فى لحم ولا عصب

    انتهى ما رمته من العقود .

    وقال خاتمة المحققين طراز عصابة الصديقين سيدى محمد ابن على السنوسى فى كتابه (البدور السافرة) فقال بعد أن ذكر : فقد أخذت عنه رضى الله تعالى عنه علوماً جمة وفنوناً تامة من أحاديث وتفسير وفقه وتصوف وغيرها مع ماله من الأبحاث الرائعة مع أهل التأويل مما لا تكاد تجده مسطراً لغيره ، وأما التوحيد الأخص فكان فيه إمام العارفين ومربيهم ، وكثيراً ما كان يخصنى بجزيل مواهبه حيث يكون وحده ، وغالباً مجالسه مطرزة بالكلم الجامع فى الإشارات الساطعة مما لا يعرفه إلا أربابه .

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد ابن إدريس



    ثانياً : ما كتبه علماء الكشف من مناقي شيخ الشيوخ أبن إدريس رضى الله تعالى عنه : -

    وأما من جهة علماء الكشف والعيان فمن ذلك ما قاله ختم أهل العرفان ، وخلاص مقام الإحسان سيدى محمد عثمان الميرغنى فى مناقبه لأستاذه المذكور بعد أن ذكره ولقبه بكلام طويل فاق على الشيخ الأكبر ابن العربى فى الدقائق والعلوم ، وفاق على الحكيم الترمذي فيما أعطى من القول المرسول ، فلو سمعت أذناك حميد كلامه فى الحقائق المرونقة أو طرق فؤادك جلال كرمه فى الحضرة المدققة لقلت : أقسمت بالله تعالى وبشأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أعطى أحد من الأولياء مثل هذا المشهد الذى هو فيه مجعول . فنسأل الله الذى منحه ووهبه من خزائن فضله أعطاه أن ينيلنا قطرة من شرابه الذى لم ينله أكابر العارفين ، وأن يجعلنا من خواص خواصه المقربين.

    وما فى تكميل تلك المناقب مما لفظه :

    وكان رضى الله تعالى عنه يعنى المترجم له كشف ومقام عال يرقى بلفظه فى أقل لحظة إلى أعلى الدرجات ، ويوصل السالك إلى أرفع المدارك ، كما اتفق لاستاذنا الختم رضى الله تعالى عنه لما لقنه الذكر واشتغل به ما شاء الله ، فدعاه يوماً من الأيام وأعطاه الحزبين وقال (هيئ لك محلاً خالياً وسدد جميع المسام واشتغل بالذكر والعبادة فعند الظهر يأتيك الفتح) قال : ففعلت كما أمرنى فلما كان وقت الظهر وقع لى ما وعدنى فرأيت سقف الخلوة انفرج ونزل على نور عظيم ودخل مسا ذاتى فوقت مغشياً على من الظهر إلى الضحى من اليوم التالى الذى بعد يوم الفتح فلما أفقت صار جسمى كله عيوناً تنظر فأبصر من أمامى ومن خلفى ومن جميع جهاتى وكشف لى عن عوالم الملك وشاهدت الارض إلى (قاف) من محلى وغبت فى حب الله فلما استطعت القيام أتيت غليه فلما رآنى قال : يا أخانا عثمان أنت إلى الآن فى شهود الأكوان هاه فشاهدت الديوان الأعلى واتصل شهودى بالحضرة الإلهية إلى هذا الآن ولم يزل يرقبنى بلفظه ويربينى بلحظه حتى إنى كنت يوماً جالساً بين يديه فسألته عن (أرض السمسمة) فقال : سبحان الله يا أخانا عثمان أنت إلى الآن ما شاهدت (أرض السمسمة) ؟ فلما قلت له ما شاهدتها قال : هاه فوجدت نفسى فى تلك الأرض وهكذا كان حاله كلما سألته عن مقام عالى يوصله إلى فاتفق له يوماً أن سأله عن (السطح) الذى هو عبارة عن بلوغ أقصى الدرجات المعبر عنه (بالباب) وما وصل إليه من كمل من الأغواث والأفراد إلا قليل كسيدى محيى الدين وسيدى تيفور وأشباههم فعندما سأله عن هذا المقام قال : يا أخانا عثمان أنت إلى الآن ما وصلت (السطح) هاه فبمجرد قوله هاه ترقى أستاذنا الختم إلى أعلى مقامات المكافحة والفتوى .

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد ابن إدريس

    وما فى واردات الأستاذ المحقق والإمام المدقق سيدى محمد السنوسى رضى الله تعالى عنه من قوله : وفى ليلة ثالث وعشرون وقع اجتماع ببعض أهل الله وفيهم الشيخ السمانى رضى الله تعالى عنه والقوم ناظرون كلهم فى وصف الشفا : يعنى سيدى أحمد ابن إدريس فى سمو مقامه وتحققه وجزيل إرثه الذى كاد أن يكون به عين مورثة قال الشيخ المذكور : غاية ما أطلعنى عليه وعرفنى به مما بلغ سنام الولاية الكبرى والفردانية النورا من أكابر فحول أقطاب هذه الأمة كابى يزيد وسهل وجيلانى والحاتمى وما واحد منهم حام حول حماه ولا اكتحل بنور ثناه ثم أخذ ورقة وسطرهم فيها بلا مراء وهو يعددهم واحداً بعد واحد ويتمعن فيماله وصار داهشاً متحيراً بما يراه من عظيم مقامه .

    حتى قال : لو اجتمع هؤلاء كلهم وزنوا لكانوا معه كالعدم ثم ناولنى تلك الرقعة وعددت المسطر فيها فوجدتهم خمساً وأربعين ثم نظرت فإذا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى جماعة من أصحابه وها أنا أنزر وأتفحص مع أصحابى هل أحد حذا حذوة واقتفى أثره فلم أجد . أ هـ .

    ولعل السر فى قوله : فلم أجد دون فلم نجد لأنه هو وأصحابه كالشئ الواحد وما فيها أيضاً من أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال له بطريق الكشف فى الثناء على أساتذه المترجم له : (أنا هو من كل وجه فمن لم يعرفه لم يعرفنى) يريد ككما هو ظهر المعرفة الكاملة كما للخواص . والله تعالى أعلم .

    وقال : قل فى شأنه ووصفه ونعته كما يصح فى حقى لأجل هذا كثيراً ما نريك كيف اتحاد ذاته بذاتى وكيف هو ممتزج معه ومتحد ثم التفتت إلى الشيخين وقال لهم : أتشهدتن بهذا ؟ قالا : يشهد الله بذلك وملائكته وانبيائه ورسله وصالح المؤمنين – أقول : وقوله (كيف ممتزج معى ...... الخ) كما هو ظاهر كناية عن القرب والاتصال الكاملين ومما يناقى هذه المنقبة مما نقل من قوله رضى الله تعالى عنه :

    لقد صار رب الخلق سمعى وناظرى وطرفى ورجلى مع يدى ولسانى

    وبشرنى أن لا يعذب مسلماً رآنى حقا أو رأى من رآنى

    وأنتم بمثل السمع منى قراراكم بأوسط قلبى من أذاكم أذانى

    لأنى كبير الأولياء بأسرهم جمعت من العرفان كان بيان

    فلستم تخافون الوجود بأسره يعوقكم عنى فلا والمثانى

    وقوله : لقد صار رب الخلق يشير إلى حديث قدسى (ما تقرب إلى عبدى بشئ أحب إلى من أداء ما افترضته عليه الخ) الحديث وهو حديث قدسى شهير عند المحدثين وقد تكلم عليه الإمام الشوكانى فى مؤلف جليل سماه (قطر الولى) وقد حصل الكلام على اختصار من الأستاذ عند قوله النبى صلى الله عليه وآله وسلم (وشوقى إلى ربى) فقال رضى الله تعالى عنه : قال الله عز وجل (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وإن كان كذلك فيكون الشوق من باب قول القائل :

    ومن عجب إنى أحن إليهمو واسأل عنهم دائماً وهمو معى

    وتبكيهمو عينى وهم فى سوادها ويشتاقهم قلبى وهم بين أضلعى

    وهذا الشوق كل ينال منه على قدره فإذا تمكن صار عضقاً وشغفاً فإذا صار عشقاً وشغفاً غاب العاشق عن معشوقه قال مجنون ليلى لما جاءت إليه : إليك عنى فقد شغلنى حبك عنك وهذا ضلال المحبة أغناه الاتحاد بها عنها وهو مقام الفناء ، ومقام الفناء الاتحاد . ثم قال رضى الله تعالى عنه : (فغذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به) الحديث كما يليق به عز وجل .

    وليس المراد ما يتوهمه من لا بصيرة له مما يتنزه مولانا عنه . فذلك كفر وضلال . والاتحاد الذى يذكره أهل الله رضى الله تعالى عنهم أمر ذوقى لا يمكن التعبير عنه ، فهو من علوم الأذواق لا من علوم الأوراق .

    فلم تهونى ما لم تكن فى فانياً ولم تفن ما لم تجتلى فيك صورتى

    ولطالما نبه رضى الله تعالى عنه على أن لا يفهم هذه الكينونة على غير شئ لا يليق ، فمن ذلك ما قاله فى شرحه لبيت : (توضأ بماء ويداً ورجلاً ، كما يليق بجلاله من غير حلول ولا مزج ، ولا أن يرجع العبد رباً ولا الرب عبداً . وتكلم على هذا الحديث فى موضع بما لا تسعه هذه الوريقات وما فى عقود الدرر للرشيد الهمام . فقال : وقال يعنى الأستاذ رضى الله تعالى عنه : وسأل بعض إخواننا المقربين أهل الوصلة والاجتماع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالنا عند الله وعنده فقال له عليه الصلاة والسلام : ابنى أحمد بن إدريس غوث لا كالأغواث وفرد لا كالافراد وجرس لا كالأجراس ، فوق الكل وممد الكل . والله على ما نقول وكيل . وجوابنا هذا نرده بين يدى الله تعالى يوم القيامة . ولقد حكاها لنا شيخنا الوالد . زاد بعد وممد الكل مما لا يعلم حقيقته غير ربه .

    اللهم ارض عن القطب النفيس مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل التاسع : -

    مناقب الطريقة الأحمدية وأفضليتها

    وأما الكلام عن مناقب طريقته فمن ذلك ما للقاضى حسن المتقدم ذكره فى عقود الدرر ، قال : وقد قال يعنى الأستاذ : أرباب هذه الطريقة أخذوا طريقهم بوسائط ، وأنا أخذت طريقتى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلا واسطة ، فأنا طريقتى محمدية أحمدية ، مبدؤها من النور المحمدى ومنتهاها إليه . وما كتبه الأستاذ السيد محمد عثمان الميرغني الختم فقال : اعلموا أن البشائر قد تواترت من حضرة الرحمن إلى جميع الإخوان ، وقد تكفل لنا رسول الله r بجميع الإخوان ، فمن انتسب إليكم لم أكله إلى كفالة غيري ولا إلى وكالة غيري ، وهذه بشرى عظيمة ومنزلة فخمة كريمة . وما في تكملة المناقب للسيد محمد عثمان الميرغني : ورأى بعض الصالحين النبي r ومعه أكابر أهل السنة ، وكان كل واحد منهم يذكر طريقته ويصححها على النبي r : طريقتي هي طريقة أحمد ابن إدريس . فقالوا : يا رسول الله السنا كلنا على طريقتك ؟ فقال لهم : كلكم على طريقتي ، ولكن طريقتي الخاصة هي طريقة أحمد بن إدريس .

    فضائل أذكار الطريقة الأحمدية

    وما يتعلق بالأذكار فمنها التهليل والعظيمية كما في (تعمير الأوقات) ، ففيه قال رسول الله r لبعض العارفين : لو أن واحداً يقول (لا إله إلا الله) وأمد الله في عمره من لدن آدم إلى النفخ في الصور ، وآخر قال هذه الصيغة مرة واحدة لفضلت بما لا نهاية له ، ويريد بالصيغة : (لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله) وفيه : فكيف إذا صليت بالصلاة العظيمية التي قال فيها رسول الله r لبعض العارفين : إن المرأة فيها تعدل الصلاة الجزولية ألف ألف هكذا بالتضعيف حتى حسبها عشرين مرة . وأما الاستغفار فمما له ما روي عن الأستاذ من قوله : ومن أعظم استغفار كنت كتبت به إلى بعض الأولياء فأرسل كتاباً يقول فيه : الاستغفار الذي بعثت به إلى قرأته مرة واحدة ، فغفر الله لي ذنوب

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/5/2024, 20:48