..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ Empty كتاب: المنتقي النفيس ـ السيد احمد ابن ادريس ـ الفصل الثالث : التبغ

    مُساهمة من طرف Admin 25/12/2022, 18:31

    حكم شرب الدخان عند السادة الإدريسية

    قلت : وأخبرني بعض الثقات من أهل الزينية أن رجلاً قد سقط حمل بعيره في العقبة ليلاً وليس معه أحد فأناخ البعير وجلس بجواره مضطرباً خائفاً من السراق ، وكان من أهل طريقة سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه وقال : اللهم ببركة سيدي أحمد بن إدريس خلصني من هذه الورطة واجعل لي فرجاً مخرجاً ، فرأى رجلاً يلبس قفطاناً أبيض ووضع الحمل على البعير وانصرف ولم يكلمه ، وكان الرجل يشرب الدخان

    قلت : ولعل السبب في عدم التسليم عليه من هذا الذي حضر أن صاحب الجمل كان يشرب الدخان ، وشرب الدخان حرام عند سيدي أحمد بن إدريس وعند أولاده وتلاميذه

    وللمناسبة : سمعت عن سيدي محمد الشريف رضي الله تعالى عنه يقول : جاء رجل لوالدي السيد عبد العالي رضي الله تعالى عنه بمال فقال له : هذا ثمن القمح وهذا ثمن القول وهذا ثمن الدخان

    فقال السيد عبد العال بغضب : سبحان الله يا أخانا من الذي يأمرك أن تزرع الدخان في أرضنا ؟ ولم يقبل منه ثمن الدخان ، وأمره أن يتركها سنة بلا زرع حتى تطهر

    ويحكي أن سيدي محمد بن على اليماني رضي الله تعالى عنه دعاه رجل بدنقلة إلى بيته فقال : إن شاء الله نجيب دعوتك ، فمر بالسوق على حانوت هذا الرجل فوجد فيه الدخان فقال : سبحان الله يا أخانا أتبيع الدخان ؟ طعامك حرام رجعت عن قبول دعوتك ، ولم يذهب إلى بيته

    وقد أخبرني شيخي العارف بالله تعالى قطب أهل الوصال الشريف السيد محمد عبد العالي بأن عالماً طلب من السيد أحمد بن إدريس أن يريه النبي صلى الله عليه وسلم قال : فلما اجتمع سيدي أحمد رضي الله عنه برسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله إن فلاناً يريد أن يراك في المنام ، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم . ثم رآه مرة ثانية وثالثة فأخبره بالخبر السابق فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم ، قال سيدنا أحمد : فقلت في نفسي ما بال هذا العالم يعرض النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره ثلاث مرات ؟ قال : فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : هذا يشرب الدخان وأنا لا أذهب إلى من يشرب الدخان . قال سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه : فلما جاء العالم أخبرته بهذا الخبر ، فحزن وبكى حتى أغمي عليه ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أقبل عليه وسلم عليه ، وقال سيدي محمد الشريف رضي الله تعالى عنه : وذلك لأن الرجل قد تاب من شرب الدخان ، وتأسف على ما كان منه فتقبل الله تعالى توبته وبركة سيدي أحمد بن إدريس وببركة مجلسه الشريف المبارك وصله الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم

    اللهم ارض عن القطب النفيس

    مولانا السيد أحمد بن إدريس

    الفصل الثاني عشر :

    ثناء سيدي ابن السنوسي على أحزاب شيخه

    السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه

    ومما قاله العالم التحرير والقطب الكامل الشريف السيد محمد بن على السنوسي في فضل أحزاب شيخه سيدنا ومولانا القطب النفيس السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه ما نصه : رأيت سبعة سناجق (أي رايات) قد نصب : ثلاثة بيض وأربعة خضر ، لكل سبع من أسباع أحزاب الشفاء – وهو الأستاذ السيد أحمد بن إدريس

    واحدة الأولى : راية سر القيومية ،

    الثانية : راية مقام الاستواء ،

    الثالثة : راية توحيد الذات ،

    الرابعة : راية عظمة الذات ،

    الخامسة : راية الكلام الإلهي ،

    السادسة : راية الكلام الإلهي ،

    السابعة : راية المحبة الإلهية . وقال : هذه السبعة الأسباع هي محققة الجدوى والانتفاع . هذه معلومة المنعة والدفاع هذه الشافعة لمؤلفها وقارئها . وكل من له من المحبين والأتباع . هذه المدخلة جنة المعارف جميع من تعلق بها ومن لاذ بمؤلفها من الأتباع هذه أسباع حزب الشفاء . هذه أوراد الرسول المصطفى . هذه لطائف أهل الوفا ، هذه رحيق مختوم سلسبيل أهل المودة والاصطفا . هذه حياة مهج المهيمين في الملأ الأعلى وذوي التحقيق بالمتابعة والاقتضا هذه التي من الله تعالى بها على من اراد إكرامه ورحم بها من أراد إجلاله وإعظامه

    هذه خلاصة لب الألباب . هذه لخاصة مخلص الحب والاقتراب من رب الأرباب . هذه التي يدفع الله تعالى بها عن قارئها وحافظها جميع العذاب . هذه فوائد الفضل والكرم . هذه التي من تمسك بواحد منها فقد اعتصم بحبل الله . ومن قرأها فقد صار من أهل الله . ومن تحصن بها أمن من عذاب الله ، ومن هيم قلبه في حبها فقد صار مقرباً من حضرة مولاه . فطوبى لمن صرف في معرفة معانيها فكره وصار يرددها حتى صارت شعاره وذكره

    هنيئاً له إن الإله يحبه وليس له عن ربه قط حاجب

    هنيئاً له إن العباد بأسرها له خدم والكل للخبر جاذب

    هنيئاً له إن المعارف طوعه وعما قريب سوف تبدو عجائب

    تعقيب سيدي الشيخ صالح الجعفري على ثناء

    ابن السنوسي رضي الله تعالى عنهما

    سأتكلم بتوفيق الله تعالى على بعض ما أثنى به السيد ابن السنوسي على أحزاب شيخه الشفا رضي الله تعالى عنهما بشرح لطيف وكلام طريف

    قوله رضي الله تعالى عنه : (رأيت سبع سناجق) يحتمل أن يكون ذلك في اليقظة من باب خرق العادة كما تقدم له في قوله السابق (سناجق) جمع سنجق عند المغارب وهي الراية وعند أهل الصعيد وأهل السودان هي البيرق ، يقول قدس الله تعالى سره : رأيت سبع رايات قد نصبت في مكان . كل راية تدل على حزب من أحزاب شيخه . ولكل راية معنى يفهم منها من باب الإشارة

    وكون الثلاثة الأولى (بيض) إشارة إلى النفوس الثلاثة : الأمارة واللوامة والملهمة : وإن جلاءهم وبياضهم يتوقف على هذه الأحزاب الثلاثة وتكسي الأنفس البياض لأمرين : لأن النفس ستموت من شهواتها ، وأفضل الثياب للميت البياض وكما في الحديث (فكفنوا فيه موتاكم) ، ولأنه زائر للحضرة الإلهية فيتحلى بأحب الثياب وفي الحديث (أحب الثياب إلى الله البياض)

    قال سيدي عبد السلام الأسمر رضي الله تعالى عنه :

    البس الأبيض والطيب معاك لذكر ربك تهيأ

    أقر الوظيفة وساعد رفقاك ورد بالك إليا

    وأما (الرايات الخضر) فهي للأنفس الأربعة الباقية وهي لأنها اتصفت بصفات أهل الجنة ، فحق أن تلبس ما يلبسون

    الراية الأولى : راية سر القيومية :

    قال سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه ي الحزب الأول : وتجل لي يا إلهي بسر القيومية الإلهية التي قامت بها شيئيات الأشياء كلها سر قيوميتك الإلهية المودع في قولك : (الله لا إله إلا هو الحي القيوم ......الآية) فبتلاوة الحزب الأول يحصل سر القيومية ، وهو بالنسبة للمبتدئ يسمى تجلي الأفعال كما أشار إلى هذا البوصيري رحمه الله تعالى يسمى تجلي الأفعال كما أشار إلى هذا البوصيري رحمه اللع تعالى في همزته بقوله :

    ما أقام الصلاة من عبدا لله وقامت بربها الأشياء

    ومعنى قامت بربها أي المؤثر فيها الله وحده لا شريك له

    الراية الثانية : مقام الاستواء :

    قال سيدي أو العباس العرائشي شيخ الأولياء رضي الله تعالى عنه : (وتجل لي يا إلهي بمقام الاستواء الجامع للمراتب الحقية حتى أعطى كل مرتبة إلهية حقها من نفسي من غير إخلال بوزن قسطاس الأحدية الإلهية المستقيم)

    ومن معنى المراتب الحقية الشئ الذي يطلبه الحق سبحانه من عبده ويدخل ذلك في قوله تعالى : (واصطنعتك لنفسي) حتى أعطي كل مرتبة إليها حقها بعد الكشف والشهود والتحقق بمقام العبودية والعبودة ، فالعبودية هي القيام بأوامر الحق سبحانه ، والعبودة هي الصبر على قضائه والرضا به ، كما قال الشيخ الجمل رحمه الله تعالى عند قوله تعالى : (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) الأول إشارة للعبودية والثاني إشارة للعبودة أ هـ

    قال سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (حتى لا أنام عن عبوديتي ولا أذهل عنها في المشاهد القدسية) لأن النوم في غير موضعه والذهول يتنافيان مع الشهود فلا يكون معهما في مقام الاستواء الذي صاحبه يعطي كل مرتبة إلهية حقها ، واضرب لك مثلاً يا أخانا في الله تعالى للمراتب الحقية لعله أن يشع عليك شعاع شمس علم حقيقة الذين أحاط بهم الوجد الإلهي والكشف السمعي .

    اعلم أن البسط والقبض رتبتان ، ولكل رتبة حال تقتضيها ، فإذا تجلى عليك الله بالبسط فالله سبحانه وتعالى بالبسط والحال مبسوط وأنت محل البسط فمثل البسط مثلاً كمثل البرد يطلب الدفء ، ومثل القبض كالحر يطلب الهواء ، فإذا قابل البسط بما يليق به والقبض بما يليق به فقد أدى حق تلك المرتبتين

    قلت :

    فحالك في بسط يخالف يا فتى لحالك في قبض فلا تجهل المعنى

    فمن قام في بسط بحالته التي تليق فقد أدى المراتب واستغنى

    واو أخذت في النقل لتهت في وسع هذا الميدان ، ولكن أشرنا إليها ببعض إشارتنا لعلك ترشد إلى ما أردنا منت جواهر معاني غيوب ما فهموه في مقام السماع الإلهي مقام مشاهدة معنى شاملاً كل وجهة على بساط (أين المشتاقون إلي) ؟ من الذين لا يسهون إذا سها الناس ، الذين لا تنصرف لهم جارحه إلا بإذن صريح ، أولئك الذين هداهم الله به إليه فعرفوه من جميع الوجوه

    الراية الثالثة : راية توحيد الذات :

    قال سيدي أحمد بن إدريس رضي الله عنه : (وتجل لي يا إلهي بسر توحيد الذات المطلسم في آية الأنانية الموساوية (أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) حتى يكون ذلك السر وحياً لذاتي من جميع الوجوه) توحيد الذات المطلسم هو الذي أشار إليه سيدي أحمد بن إدريس بقوله :

    ظهرتم بأوصاف الكمال لناظري

    فغبت وعنكم لا تغيب سرائري

    وشاهدت حسنا شاملاً كل وجهة

    وكانت من الوجهات أيضاًَ مظاهري

    قلت : لماذا خاطب الحق سبحانه وتعالى سيدنا موسى بن عمران على نبينا وعليه الصلاة والسلام سمع الخطاب بجميع جوارحه ، وغاب عن الأكوان بمكالمته الرحمن ، فكان لا يسمع إلا عن الله تعالى ، وقد أشار سيدي ابن الفارض رضي الله عنه إلى هذا المقام بقوله

    إذا ما بدت ليلى فكلي أعين

    وإن هي ناجتني فكلي مسامع

    كذلك العارفون إذا كانوا في مقام التجلي غابوا عن كل شئ سوى الحق سبحانه لاسيما في أوقات العبادة كالصلاة ، فهم يعبدون الله تعالى بأحوال خارقه للعادة يسمعون ما لا نسمع ، ويرون مالا نرى ، ويعرفون مالا نعرف كما قال سيدي ابن الفارض

    فسمعت ما لم تسمعى ونظرت ما

    لم تنظري وعرفت ما لم تعرفي

    فالعابد العارف في هذا المقام الذي يكون فيه هذا السر روحاً لذاته من جميع الوجوه ، فيغيب في الله عما سواه . تمكن سيدي ابن إدريس تمكينا عظيماً في هذا المقام الذي رسخت فيه أقدامه ونصبت فيه أعلامه ، الذي عبر فيه كلامه عن مقامه رضي الله تعالى عنه وأرضاه

    الراية الرابعة : عظمة الذات

    قال سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (وتجل لي يا إلهي بعظمة الذات التي لا تبقى ولا تذر للمتجلي عليه بها من جميع وجوهه وحيثياته وإدراكاته كلها مشهوداً غير الله) وإلى هذا أشار بعض العارفين بقوله :

    ما خلقت لك الأكوان إلا لتراها بعين من لا يراها

    فارق عنها رقى من ليس يرضى حالة دون أن يرى مولاها

    وإلى هذا أشار سلطان العاشقين ابن الفارض رضي الله تعالى عنه بقوله :

    عود الشوق مهجتي سهر الليل فصارت من غير نوم تراكا

    وقول العارف :

    حرمت عيني منامي فعلي الطيف سلامي

    أنا يقظان أراهم في قعودي وقيامي

    وقول سيدي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه :

    يا رب بالخل الحبيب محمد نبيك وهو السيد المتواضع

    أنلني مع الأحباب رؤيتك التي إليها قلوب الأولياء تسارع

    وعلى هذا يحمل ويفسر جميع ما قاله العارفون من رؤية الله عز وجل في اليقظة وهي الرؤية القلبية ، وقد فسر الشيخ الصاوي المالكي رضي الله تعالى عنه بهذا المعنى قول ابن الفارض نفسه في قوله :

    وإذا سألتك أن أراك حقيقة فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترى

    قال شيخنا الصاوي : كلام ابن الفارض هذا يفسر بما قاله في العينية من سؤاله الرؤية القلبية ، وأخبر بأن قلوب الأولياء تسارع إليها

    قلت : وبهذا التفسير نفسر قول الشيخ الأكبر سيدي محي الدين ابن عربي وقول السيد عبد الكريم الجيلي وقول سيدي أحمد بن إدريس وقول السيد عبد الغني النابلسي وجميع العارفين رضي الله تعالى عنهم أجمعين . ومن فسر بغير هذا فقد أخطأ ، لأن الحق سبحانه وتعالى لا يرى في الدنيا ، والعارفون أنفسهم يعترفون بذلك كما هو مسطر عندهم في كتبهم ، قال سلطان العارفين وإمام الغارفين من جواهر بحور علم اليقين سلالة النبي المصطفى الملقب بالشفاء صاحب العلم النفيس سيدنا ومولانا أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه في أحزابه : (سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بقوله : عل رأيت ربك ؟ فانتفض وقال : إن بيني وبينه سبعين حجاباً من نور لو دنوت من أدناها لاحترقت)

    وقال في الشيبانية وهي المنظومة الأزهرية :

    ومن قال في دار الحياة رأيته فذلك زنديق طغى وتمردا

    وقد تلقيت بفضل الله تعالى هذا البيت وشرحه عن المعمر الشيخ حسان الفيومي الأزهري عن شيخه الشيخ محمد عليش رحمه الله تعالى ، وقرر فيه أن رؤية الله تعالى بقظة في الدنيا ممتنعة ، ولم تثبت لأحد إلا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . روي الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه عن البني صلى الله عليه وسلم قال : (رأيت ربي ليلة أسرى بي) وهذا الحديث ذكره الحافظ ابن حجر رضي الله تعالى عنه في شرحه للبخاري في كتاب التفسير عند قول البخاري رحمه الله تعالى : باب قول الله تعالى : (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس)

    قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : (هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به) قال صاحب الجوهرة : هذا وللمختار (دنيا ثبتت) . وقد شطرت رائية ابن الفارض بما يدفع الاعتراض عنه لاسيما في مسألة الرؤيا فإنني قد جعلتها في الجنة حيث قلت :

    وإذا سألتك أن أراك حقيقة في جنة الفردوس في دار القرى

    أو قلت أشهدني النبي كرامة فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترى

    وعلى هذا الشهود القلبي الذي تقدم ذكره يحمل كلام شيخنا النفيس حيث يقول في أحزابه : (حتى لا أرى في وفي كل شئ وفي لا شئ إلا إياك) وقوله :

    فلفوا قتيل العشق في ثوب وصفكم يراكم بكم والكل فيكم مغرق

    الخامسة : راية الكلام الإلهي :

    قال سيدي أحمد رضي الله تعالى عنه : " وأسألك بكلامك الإلهي المنزه عن الانتهاء الموصوف عظمته بقولك : (ولو أنا ما في الأرض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم) الذي لا يقوى لسماعه منك بلا واسطة إلا من اصطفيته بعنايتك الأزلية من خواص مملكتك إلخ)

    قلت : (وهذا الكلام الإلهي هو الذي أسمعه الله سبحانه وتعالى لحبيبه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج

    وقد سمع كلام الله تعالى سيدنا موسى بن عمران على نبينا وعليه الصلاة والسلام . وقال سيدي أحمد بن إدريس : (وتجل لي يا إلهي بكلامك الإلهي ، وأوقفني وراء الوراء بلا حجاب عند اسمك المحيط في مقام السماع العام حتى تطربني لذة المكالمة الإلهية)

    قلت : يلوح لي أن هذا هو سماع القرآن للعارف حين يتلوه بطريقة خارقة للعادة كما أشار إليه سيدي أحمد نفسه بقوله : (حتى أتلواه بلسانه الذي يتكلم به) أشار بهذا إلى حديث : "ك كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي يتكلم به " فإذا وصل العارف إلى هذا التجلي وتحقق بهذه الأوصاف وقف وراء الوراء وهو فناؤه لنفسه وغيره من الموجودات ، فيدخل في مقام السماع العام الذي تكل عن وصفه العبارة ولا تكفي فيه الإشارة ، فهو كأس يشرب وليس حروفاً تكتب ، تتضاءل أمامه الفحول وتتحير عن كنه وصفه العقول ، وقد أشار العارفون في بعض مؤلفاتهم على وفق مقاماتهم فكل يترجم عن حاله ببديع مقاله ، فهم في اقتراب والسامعون لهم في حجاب إلا من أصلح السريرة وكشف ران البصيرة ، وسلم نفسه لشيخ عارف حتى يكشف له عن تلك المعارف ، فهنا جيوش تتزاحم ، وفرسان تتقاحم ، تدكدكت له الرواسي من الجبال . وثبت فيها الراسخون من الرجال ، كمال قال شاعرهم : (تد كد كت الجبال والرجال رجال)

    وقال سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه

    صارت جبالي دكا من هيبة المتجلي

    ولاح سر خفي يدريه من كان مثلي

    وقد أشار الغزالي رحمه الله إلى هذا المعنى إشارة خفية فقال : المرتبة الاولى لمن يتلوا القرآن كأنه يشاهد بقلبه أنه يسمعه من الحق سبحانه وتعالى ، ومن هذه الجملة يتفرع ما قاله سيدي أحمد والعرافون في سماع الكلام الإلهي ، وهناك شئ فسره علماء الظواهر عندما يقول بعض العارفين : سمعت الهاتف يقول كذا وكذا .

    كما قال ابن الفارض رحمه الله تعالى :

    من الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط

    فأجابه الهاتف :

    محمد الهادي الذي عليه جبريل هبط

    وقال بعضهم مخاطباً الحق سبحانه وتعالى وكانت له كتب كثيرة :

    أعطيتني وقا لم تعطني ورقا

    عندي بلا ورق لم تنفع الحكم

    فخذ من العلم شطراً وأعطني ورقاً

    ولا تكلني إلى من جوده عدم

    فأجابه الهاتف بقوله :

    لو كنت ذا حكم تعترض حكما

    عدلا لطيفا له في خلقه قسم

    هلا نظرت بعين الفكر معتبرا في معدم ماله مال ولا حكم

    قال العلماء : هو ملك يتكلم وليس المسموع كلام الله عز وجل ، وأما في المنام فالرؤية والكلام من الله عز وجل ، كما إذا رأى الحق سبحانه وتعالى في المنام وسمع منه كلامه ، كما روى بالسند الصحيح عن الحافظ عبد الله عن أبيه الإمام أحمد بن حنبل قال : (رأيت رب العزة في النوم تسعة وتسعين مرة فقال : لئن رأيته تمام المائة لأسألنه فلما رأيته قلت : يا رب ما أفضل ما يتقرب به إليك المتقربون ؟ قال : بكلامي يا أحمد . قلت : بفهم أم بغير فهم . قال : بفهم وبغير فهم) وكذا وقع مثل هذا للإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه . قلت : اشترط العلماء في الكلام المسموع عن الله تعالى عنه . قلت : اشترط العلماء في الكلام المسموع عن الله تعالى أو عن نبيه صلى الله عليه وسلم في النوم أن يكون موافقاً للكتاب والسنة من غير معارضة لهما ولا يزاد شئ يتنافى معهما وإلا رد وكان الرائي ليس من الراسخين ، بل قال علماء التوحيد : من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فهي حق ، فإذا سمع منه كلاماً يخالف الشريعة فهو من الشيطان ، ويدل على عدم تمكن الرائي في مقام الرؤية حتى لعب الشيطان به ، وخيل إليه أنه يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف الشريعة ، والحال أنه عليه الصلاة والسلام لم يتكلم معه بشئ .

    الراية السادسة : راية العلم

    قال سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه :

    (وتجل لي يا إلهي بغيب الهوية الإلهية الإطلاقية الإحاطية حتى أطلع على جميع خزائن أسرار الغيب الإلهي المطلق فاعلم الأمور كلها كما هي جملة وتفصيلا من غير شبهة ولا التباس سر روح (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) وإلى هذا المعنى أشار شاعر الصوفية بقوله :

    وبعد الفنا في الله كن كيف ما تشاء

    فقولك لا جهل وفعلك لا وزر

    قلت : هذا مقام بسط بساط البسط لأخذ مفاتح كنوز جواهر بحور الفيوضات الر بانية على نهج سبيل (وعلمناه من لدنا علما) بنتزلات لطائف غرائب جواهر المعاني الخفية على ساحل بحر وقف عند ساحله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وهذا هو بحر الدنيا وقف الأنبياء عند ساحله لعصمتهم أنتم أعلم بأمور دنياكم وخاصة الأولياء ببركة النور المحمدي فما ابتلوا

    إن لله رجالا فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا

    جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا

    قال الشفا سيدي أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه :

    (وهي تجري بهم في موج حقائق إذا تقرب إلى العبد شبرا تقربت إليه ذراعا ، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا . وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة ، وإذا أتاني هرولة أتيته سعيا)

    وقال أيضا رضي الله تعالى عنه : (جادا على منهاج ما تقرب إلى عبدي بشئ أحب إلى من أداء ما افترضت عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه الخ)

    قلت : فإذا أحبه علمه ، ولا يدري أحد كيف علمه ولا مقدار ما علمه ، فتظهر عليه المظاهر العلمية المكتسبة الإجمالية والتفصيلية ذات الوراثتين (العلماء ورثة الأنبياء) والثانية (ورثة الله علم ما لم يعلم) وهذان سبيلان : سيل عرم طوفان العلوم الشرعية وثمارها اللدنية

    قال سيدي الشفا أبو الوفا ، الشارب من بحر أهل الصفا ، ذو المعالي والد سيدي عبد العال السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه : (حتى لا ينبغي لشمس حقيقتي أن تدرك قمر شريعتي فيقع خوف التخليط ، ولا لليل غيب سري أن يسبق نهار روحي في الوجد والشهود)

    قلت : وذلك يحصل للعارف الوطيد البرزخ في بين بحري علمي الشريعة والحقيقة على سبيل (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) ، (يخرج منها اللؤلؤ والمرجان) فلا يختلط المالح بالعذب ، وذلك يدرك بالذوق ، ولا اللؤلؤ بالمرجان وذلك يدرك بالنظر ، والتمييز يتقوى بالنور المحمدي ، والنور يتوقى ويزيد بالإتباع ، وعلى قدر الإتباع يحصل التوجه النبوي ، وعلى قدر التوجه النبوي يحصل الثبات الروحاني والجمع الذي لا يقع به خسوف التخليط

    قال جد السادة الإدريسية في صلاته العظيمية (واجمع بيني وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظاهراً وباطناً)

    قلت : وإنما قال ظاهراً وباطناً للإشارة إلى العلمين الوراثيين الذين تقدم ذكرهما

    الراية السابعة : راية المحبة الإلهية

    قال الشفا سيدي أحمد بن إدريس سلالة المصطفى رضي الله تعالى عنه : (وتجل لي يا إلهي بعين بحر محيط المحبة الذاتية الإلهية الفياضة أنهار المحبة على سائر الوجود ، فتنفتح أبواب خزائن سماء روحي كلها بماء زلال المحبة الأزلية الذاتية الإلهية المقدسة عن شوائب كدورات الأغيار)

    قلت : لما نادى الحق سبحانه أزلا أرواح عباده (ألست بربكم) تنزل من حضرة الحق سبحانه على رسله وأنبيائه وأوليائه الحب الغلهي فانفتحت له أبواب خزائن سماء الأرواح فقالوا بلى بحب ، فلم يجيبوا حتى أحبهم وأحبوه (يحبهم ويحبونه)

    وقال سلطان العاشقين سيدي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه :

    ولي في هواها نشوة قبل نشأتي ستبقى معي أبدا وإن بلى الجسم

    وقال :

    شربنا على ذكر الحبيب مدامة سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم

    فلما سمعوا حبيبهم يكلمهم ، فهذا السماع مدامهم من قبل خلق كروم أجسامهم ، فتعلقت أرواحهم بحبيبهم تعلق المحب بحبيبه ، وذلك التعلق منزه عن كدورات الاغيار ، لأنه قابل الروح قبل تعلقها بأي شئ سواه

    أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى

    فصادف قلبا خاليا فتمكنا

    فهو الصبغة الإلهية لأرواح أهل المحبة الأزلية ستبقى مع أرواحهم وإن بليت اشباحهم (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة)

    (لطيفة) كان السيد محمد على اليماني الإدريسي بالأزهر بمصر وكان أسمر اللون ، فإذا سمع إنساناً يقول له يا أسمر أو مثل ذلك يقول : سبحان الله (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) وإنما سمى بحر المحبة محيطاً لأنه شمل كل شئ ، فما من شئ في الوجود إلا وفيه قطرة من هذا البحر ، فلا ملك ولا إنس ولا جن ولا حجر ولا شجر ولا بحر إلا وهو يحب الله تعالى ويسبحه ، فما سبحه حتى أحبه (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) فأجسام الكفار وأجسام الجن تعرف الله وتسبحه ، ولذلك تؤدي الشهادة لله يوم القيام وتنطق بالحق

    قال ذو النون المصري رحمه الله تعالى : " كأني أسمعه الآن " يعني الخطاب الأزلي

    وماء زلال المحية الذاتية الإلهية هو الحب الذي تنزل على الأرواح عند الخطاب الذاتي الإلهي ، ولذلك وصف بأنه حب خالص كالماء الزلال الصافي ، ولذلك وصف بأنه ذاتي إلهي . قلت :

    فأهل الحب قد شربوا شراب الحب من قدم

    وهاموا في محبته بحب فاض كالديم

    وكأس الحب صافية لمن قاموا على القدم

    لابن إدريس سيدنا شراب غالي القيم

    فعرج نحو حضرته بذكر الورد بالهمم

    اللهم ارض عن القطب النفيس

    مولانا السيد أحمد بن إرديس

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/5/2024, 19:53