قال الله تعالى في الحديث القدسى:" يا عبادي كلّكم ضالّ الّا من هديته، فاستهدوني أهدكم...." مسلم.

بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قال الله تعالى في الحديث القدسى:" يا عبادي كلّكم ضالّ الّا من هديته، فاستهدوني أهدكم...." مسلم.
كيف يستهديه من لا يستشعر الضّلال،
وهو بحظوظ نفسه في انشغال، ينشر ظلمتها اعتقادا بأنّه في كمال.
فانتبه من قوله:"يا عبادي كلّكم ضالّ الّا من هديته."
فهنالك هداية منه ابتداءً وفضلا باتّصال، تخلع العبد عن نفسه وتجعله عنها في انفصال. ويستكشف بها ما هو فيه من ضلال.
فإن لم تجدها فيك تكرّما من العزيز المتعال،
فاطلبه التّصويب في العقيدة والتّسديد،
فقد تستهديه لمزيد البعد من غير قصد فانظر نفسك ما تريد.
واعلم أنّ كلّ مطلب سواه ضلال عن الطّريق،
ورأس الحكمة إدراك أنّ النفس هي المانع من التّوفيق.
فلا تطلبه بنفسك واطلبه برسوله فتلك هداية الإبتداء،
وإليه الإشارة في قوله:"الّا من هديته"وهوعين الاستثناء.
وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(52)الشّورى
فقد أبان سبحاته أنّ ما برسوله، من فضله جلّ شأنه كان،
وهو الرّحمة والنّور والهدى هديّة الرّحمن
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (128)التّوبة.
فإذا فهمت المطلوب، واتّضحت لك معالم الطّريق بالسرّ الموهوب،
فاطلبه حينها أن يزكّيك، ويستبدل نفسك بنفس من أرسله إليك.
(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ). البقرة.129
"اللّهمّ آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها."
أه.