..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

..الإحسان حياة.

مرحبا بك أيّها الزّائر الكريم.

..الإحسان حياة.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
..الإحسان حياة.

..الإحسان معاملة ربّانيّة بأخلاق محمّديّة، عنوانها:النّور والرّحمة والهدى

المواضيع الأخيرة

» كتاب: بصائر ـ مريم عبد الرحمن المطوع
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty27/4/2024, 17:10 من طرف Admin

» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty27/4/2024, 17:04 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty27/4/2024, 16:58 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty27/4/2024, 16:57 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty27/4/2024, 16:54 من طرف Admin

» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty27/4/2024, 16:52 من طرف Admin

» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty27/4/2024, 16:47 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:58 من طرف Admin

» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:57 من طرف Admin

» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:55 من طرف Admin

» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:54 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:52 من طرف Admin

» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:51 من طرف Admin

» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:43 من طرف Admin

» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty24/4/2024, 15:42 من طرف Admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر

لا يوجد مستخدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر


    من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 67708
    تاريخ التسجيل : 25/04/2018

    من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة Empty من كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن ـ ج1ـ لابن عربي ـ تفسير آلآيات من "221 - 228"البقرة

    مُساهمة من طرف Admin 19/4/2020, 22:45

    كتاب تفسير القرآن الكريم رحمة من الرحمن في تفسير وإشارات القرآن من كلمات الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي
    سورة البقرة ( 2 ) : آية 221
    وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( 221 )
    مسمى النكاح قد يكون عقد الوطء ، وقد يكون عقدا ووطأ معا ، وقد يكون وطأ



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    أكبر من نفعهما في الدنيا ، فإن الآخرة ليس لها تعلق بمنافعهما ، يقول : كذلك يبين أي يظهر لكم الآيات - جميع ما تقدم من الدلالات فيما مضى من ذلك في هذه السورة - في الدنيا لتؤمنوا ، والآخرة لمن لم يتبينها هنا ، لعلكم تتفكرون في الدنيا وأحوالها وفنائها فتزهدون فيها ، والآخرة وما أعد فيها للعصاة والطائعين من عباده ، فترغبون فيها بالأعمال الموصلة إلى النجاة من عذابها والحصول على نعيمها ، ثم قال :« وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ، وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ »السائل هنا ثابت بن رفاعة الأنصاري ، سأله عن خلط مال اليتيم بماله ، فإنهم كانوا على ذلك ، فلما نزلت( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) *ونزلت( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً )عزل كل من كان عنده يتيم ماله عن ماله ، في طعامه وشرابه وجميع مصالحه ، فشق ذلك عليهم ، وربما صار في ذلك تبذير لمال اليتيم ، فسألوا النبي صلّى اللّه عليه وسلم عن ذلك ، فأنزل اللّه« وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى »فقال اللّه :« قُلْ »لهم« إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ »أي اعملوا معهم ما يكون لهم فيه مصلحة وتوفير لأموالهم وحفظها ، فإن كان ذلك الصلاح في مخالطتهم في الأكل والشرب وما تمس حاجة الإنسان إليه ومصاهرتهم وإنكاحهم ونكاحهم فخالطوهم ، فإنهم إخوانكم في الدين ، قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )« وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ »هذا مثل قوله : ( وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )يقول من أفسد منكم في مال اليتيم فأنا أعلمه ، والمعنى أجازيه على ذلك ، وكذلك المصلح« وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ »يقول لفرض عليكم في ذلك ما يشق عليكم بما فيه مصلحة لليتيم ومشقة شديدة عليكم ، من العنت وهو الشيء الشاق على الإنسان فعله« إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ »أي غالب لمن خالف أمره وتعدى على مال يتيم عنده« حَكِيمٌ »يقول : فيما كلفكم مما
    ص 330
    ويكون نفس الوطء عين العقد ، لأن الوطء لا يصح إلا بعقد الزوجين ، والعقد عبارة عما يقع عليه رضى الزوجين ، وجعل اللّه الكفاءة في النكاح بالدين« وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ »اعلم أن الإنسان قد أودع اللّه فيه علم كل شيء ، ثم حال بينه وبين أن يدرك ما عنده مما أودع اللّه فيه ، وما هو الإنسان مخصوص بهذا وحده ، بل العالم كله على هذا ، وهو من الأسرار الإلهية التي ينكرها العقل ويحيلها جملة واحدة ، وقربها من الذوات الجاهلة في حال علمها قرب الحق من عبده ، ومع هذا القرب لا يدرك ولا يعرف إلا تقليدا ، ولولا إخباره ما دل عليه عقل ، وهكذا جميع ما لا يتناهى من المعلومات التي يعلمها ، هي كلها في الإنسان وفي العالم بهذه المثابة من القرب ، وهو لا يعلم ما فيه حتى يكشف له عنه مع الآنات ، ولا يصح فيه الكشف دفعة واحدة ، لأنه يقتضي الحصر ، وقد قلنا إنه لا يتناهى ، فليس يعلم إلا شيئا بعد شيء إلى ما لا يتناهى ، فكل ما يعلمه الإنسان دائما وكل موجود فإنما هو تذكر على الحقيقة وتجديد ما نسيه ، فإن الخلق أنساهم اللّه ذلك العلم كما أنساهم شهادتهم بالربوبية في أخذ الميثاق مع كونه قد وقع ، وقد عرفنا ذلك بالإخبار الإلهي ، فعلم الإنسان دائما إنما هو تذكر ، فمنا من إذا ذكّر تذكر أنه قد كان علم ذلك المعلوم ونسيه ، ومنا من لا يتذكر ذلك مع إيمانه به إذ قد كان يشهد بذلك ، ويكون في حقه ابتداء علم ، ولولا أنه عنده ما قبله من الذي أعلمه ولكن لا شعور له بذلك ، ولا يعلمه إلا من نوّر اللّه بصيرته ، فإن الإنسان عالم بجميع الأمور الحقية من حيث روحه المدبر ، وهو لا يعلم أنه يعلم ، فهو بمنزلة الساهي والناسي ، والأحوال والمقامات والمنازل تذكّره .



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    تعاملون به اليتامى وفيما لم يكلفكم من ذلك ، إذ كان الحكيم واضع الأمور في مواضعها ( 222 )« وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ »نهانا اللّه عن نكاح المشركات ، والنهي محمول على التحريم حتى تخرجه عن ذلك قرينة حال ، كما أن الأمر محمول على الوجوب ، ولما قال :« وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ »فمن تأكد عنده النهي بقوله :« وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ »تقوى عنده التحريم ، والتحريم ضد الحل ، كما قال تعالى لنبيه عليه السلام : ( لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُوَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ )تقوية للحكم بتحريم ذلك عليه ، ويخرج قوله :« وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ »مخرج العلة للتحريم ، ومن فهم من قوله :« خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ »المفاضلة والأولوية عدل عن نهي التحريم إلى الكراهة والأولى ، ويؤيد التحريم قوله : ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ )ويؤيده

    ص 331

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 222
    وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ( 222 )
    « وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً »فيتأذى الرجل بالنكاح في دم الحيض ، وأما الاستحاضة فلا تمنع من الصلاة ولا من الوطء فالرجل لا يتأذى بالنكاح في دم الاستحاضة وإن كان عن مرض ، ودم النفاس حكمه حكم دم الحيض ، وكلاهما له زمان ومدة في الشرع ، ودم الاستحاضة ما له مدة يوقف عندها ، والحيض يمنع من الصلاة والصيام والوطء والطواف« فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ »ولا يجتنب من الحائض إلا موضع الدم خاصة« وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ »بسكون الطاء وضم الهاء مخففا ، وقرئ بفتح الطاء والهاء مشددا ، ولذلك قال بجواز وطء الحائض قبل الاغتسال وبعد الطهر المحقق على قراءة من خفف ، ومن قائل بعدم جوازه على قراءة من شدد وهو محتمل ، وبالأول أقول ، ومن أتى امرأته وهي حائض فهو عاص ولا كفارة عليه« فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ »إن اللّه يحب التوابين ، التوبة المشروعة هي التوبة من المخالفات ، والتوبة الحقيقية هي التبري من الحول والقوة بحول اللّه وقوته ، فليست التوبة



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ )فيلحق بالنكاح الفاسد الذي لا ينعقد معه النكاح ، فإن اللّه قد أحبط عمله في الدنيا بقوله : ( وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ ) *وقال فيمن يموت وهو كافر : ( حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) *وقال : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ )كسائر العبادات من الصوم والصلاة ، لم يكن ذلك عملا مشروعا لعدم المصحح وهو الإيمان ، والنكاح من جملة العبادات المشروعة ، والمشرك هو الذي يجعل مع اللّه إلها آخر سواء كان من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب ، وإذا كان أهل الكتاب هم الذين أنزل إليهم الكتاب وجاءهم الرسول بذلك وكانوا كافرين بكتابهم وأمرنا اللّه بقتالهم حتى يعطوا الجزية ، فيجوز لنا نكاح بناتهم بقوله : ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ )ونمنع من ذلك بقوله : ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ )على من يحمل النهي هنا على التحريم ، وقوله : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ )على أظهر


    ص 332


    المشروعة إلا الرجوع من حال المخالفة إلى حال الموافقة ، فاللّه يحب التوابين الذين يكثرون الرجوع إليه في كل حال يرضيه ، فالتوابون هم الراجعون من اللّه إلى اللّه ، وأما من رجع إليه من غيره فهو تائب خاصة ، فإنه لا يرجع إليه من غيره من هذه صفته إلا إلى عين واحدة ، ومن يرجع منه إليه فإنه يرجع إلى أسماء متعددة في عين واحدة ، وذلك هو المحبوب ، ومن أحبه اللّه كان سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه ، واللّه سبحانه وصف نفسه بالتواب لا التائب ، فالتواب صفة الحق تعالى ومن أسمائه عزّ وجل ، فما أحب اللّه إلا اسمه وصفته ، وأحب العبد لا تصافه بها على حد ما أضافها الحق إليه ، وذلك أن الحق يرجع على عبده في كل حال يكون العبد عليه مما يبعده من اللّه ، وهو المسمى ذنبا ومعصية ومخالفة ، فإذا أقيم



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    الوجهين ، فإن النص عزيز في ذلك ، وفي قوله :« وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ »مثل ذلك ، غير أنه في هذه الآية أن ولي المرأة أحق بتزويجها منها ، إذ رجح إنكاح الولي بكونه ذكره ، ولو اعتبر ولايتها لنفسها لنصب التاء ، وبينهما من الفرق أن نكاح المرأة المشركة فيه إعلاء كلمة اللّه على كلمة الكفر لما للرجل عليها من الحكم والولاية ، وفي نكاح المشرك عكس ذلك على السواء ، فيجوز نكاح المشركة ولا يجوز إنكاح المشرك ، وقوله :« وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ »ولو أعجبكم في الحسن والمال والجاه وشرف النسب وقوله« أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ »أي إلى الأعمال المؤدية إلى النار ، أما في حق الرجل فإنه الأقوى والضعف الذي في النساء ، وأما من جانب المرأة فلما يتعلق بقلب الرجل من حبها ، والحب يعمي ويصم ، فقد تدعوه إلى دينها فيجيب ، وقد رأينا ذلك ورويناه« وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ »أي إلى أسباب ما يوجب الجنة والمغفرة من اللّه ، ونكاح المسلمة وإنكاح المسلم من الأسباب المعينة على طاعة اللّه ، وقوله :« بِإِذْنِهِ »أي بما أمر اللّه كل واحد من الزوجين أن يأمر الآخر به من الخير المؤدي إلى السعادة وقال :« وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ »أي ما نصب من الأدلة على ذلك« لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ »ما أعطاهم الفكر الصحيح والعقل الموافق لما جاءت به الشرائع من الدلالات ، فإنه ما جاء بما تحيله العقول ، بل ما تجيزه ، فنصب الآيات على ترجيح أحد الممكنين بالوقوع ، فهذا معنى قوله :« يَتَذَكَّرُونَ »فهو خطاب خاص لذوي الألباب ، وما خاطب اللّه في القرآن إلا أولي الألباب وأولي النهى ، قوله : ( 223 )« وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً »الآية ، يقول :« وَيَسْئَلُونَكَ »يا محمد عن وطئ النساء في موضع الحيض في حال الحيض ، فقل لهم :« هُوَ أَذىً »أي هو مما تتأذون بفعله ، وقد يخرج مخرج العلة في تحريم الوطء ، ويحتمل

    ص 333


    العبد في حق من أساء إليه من أمثاله وأشكاله فرجع عليه بالإحسان إليه والتجاوز عن إساءته فذلك هو التواب ، ما هو الذي رجع إلى اللّه ، فاللّه معنا على كل حال كما قال : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ )فإذا كنت من التوابين على من أساء في حقك ، كان اللّه توابا عليك فيما أسأت من حقه ، فرجع عليك بالإحسان ، فهكذا تعرف حقائق الأمور وتفهم معاني خطاب اللّه عباده ، فهو يحب التوابين وهو التواب ، فإنه رأى نفسه فأحبها ، لأنه الجميل فهو يحب الجمال ، فالتواب من البشر ينتقل في الآنات مع الأنفاس من اللّه إلى اللّه بالموافقات لا يكون إلا كذلك ، لا أنه الراجع من المخالفة إلى الطاعة ، فإن التائب راجع إليه من عين المخالفة ولو رجع ألف مرة في كل يوم ، فما يرجع إلا من المخالفة إلى عين واحدة ، والتواب ليس كذلك ، فالتواب هو المجهول في الخلق ، لأنه محبوب ، والمحب غيور على محبوبه فستره عن عيون الخلق ، فهم العرائس المخدرات خلف حجاب الغيرة ، والتوابون أحباب اللّه بنص كتابه الناطق بالحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وجاء ذكره لهذه المحبة في التوابين عقب ذكر الأذى الذي جعله في المحيض للمناسبة ، وكذلك قال عليه السلام : إن اللّه يحب كل مفتن تواب ، أي مختبر ، يريد أن يختبره اللّه بمن يسيء إليه من عباد اللّه ، فيرجع عليهم بالإحسان إليهم في مقابلة إساءتهم ، وهو التواب ، لا أن اللّه يختبر عباده بالمعاصي ، حاشا اللّه أن يضاف إليه مثل هذا« وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ »التطهير صفة تقديس وتنزيه ، وتطهير العبد هو أن يميط عن نفسه كل أذى لا يليق به أن يرى فيه ، وإن كان محمودا بالنسبة إلى غيره وهو مذموم شرعا بالنسبة إليه ، فإذا طهر نفسه من ذلك أحبه اللّه تعالى ، كالكبرياء والجبروت والفخر والخيلاء والعجب ، فمن طهر ذاته عن أن



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    معنيين : أحدهما يتعلق بالطب ، أي يتأذى فاعله في نفسه ، والثاني أنه أذى عند اللّه من حيث حرّمه ، وقد يكون المعنيان مقصودين في الخطاب« فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ »وقت إتيانه وفي محله« وَلا تَقْرَبُوهُنَّ »فيه كناية عن الجماع« حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ »الذي ينبغي في الكلام أن لا يقدر فيه المحذوف إلا عند الحاجة إليه ولا بد لاختلال المعنى ، وأن لا ينتقل في الكلمة من الحقيقة إلى المجاز إلا بعد استحالة حملها على الحقيقة ، فنقول : المعنى« حَتَّى يَطْهُرْنَ »أي حتى يغتسلن بالماء بعد انقطاع الدم ، وهو فعل ينطلق عليه اسم الطهارة ، والمفهوم الثاني الاغتسال المشروع الذي يبيح الصلاة فعله ، ولا يحمل« حَتَّى يَطْهُرْنَ »على انقطاع الدم ، فإن الفعل إذا
    ص 334


    ترى عليه هذه النعوت في غير مواطنها فهو متطهر ويحبه اللّه ، كما نفى محبته عن كل مختال فخور ، فالمتطهرون هم الذين تولاهم الحق من اسمه القدوس بتطهيره ، فتطهيرهم ذاتي لا فعلي ، وهي صفة تنزيه وهو تعمل في الطهارة ظاهرا وفي الحقيقة ليس كذلك ، ولهذا أحبهم اللّه فإنها صفة ذاتية له يدل عليها اسمه القدوس ، فأحب نفسه ، والصورة فيهم مثل الصورة في التوابين ، ولهذا قرن بينهما في آية واحدة ، فعيّن محبته لهم ليعلم أن صفة التوبة ما هي صفة التطهير ، وجاور بينهما لأحدية المعاملة من اللّه في حقهما من كونه ما أحب سوى نفسه ، والمتطهر هو الذي تطهر من كل صفة تحول بينه وبين دخوله على ربه ، ومنها الطهارة للصلاة ، وطهارة القلب بصفات العبودة ، وهي حالة مكتسبة يتعمل لها الإنسان فإن التفعل تعمل الفعل ، ثم الكلام في التعمل في ذلك على صورة ما ذكرناه في التواب سواء . -[ المرأة والدم ]
    إشارة واعتبار - المرأة تقابل النفس في الاعتبار ، وقد أجمعوا على أن الكذب حيض النفوس ، فليكن الصدق على هذا طهارة النفس من هذا الحيض ، وهو الكذب على اللّه تعالى والكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وكل كذب متعمد يؤذي ، وكما أن الحيض يمنع من الصلاة والصوم والطواف والجماع فاعتباره الكذب في المناجاة وهو أن تكون في الصلاة بظاهرك وتكون مع غير اللّه في باطنك ، والكذب في الصوم هو عدم إمساك النفس عن الكذب ، أما الكذب في الطواف فعبارة عن الكذب إلى غير نهاية لأنه دوران ، فهو الإصرار على الكذب ، أما اعتبار الكذب في الجماع هو إذا كانت المقدمات كاذبة خرجت النتيجة عن أصل فاسد ، وأما اعتبار مباشرة الحائض ، فقد قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : أيزني المؤمن ؟
    قال : نعم ، قيل : أيشرب المؤمن ؟ قال : نعم ، قيل : أيسرق المؤمن ؟ قال : نعم ، قيل له : أيكذب المؤمن ؟ قال : لا ، فأكد أن تجتنب النفس في أفعالها الكذب على اللّه وعلى رسوله ، والراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ومن عود نفسه الكذب على الناس يستدرجه الطبع حتى يكذب على اللّه ، فإن الطبع يسرقه ، وأما استحاضة النفس فهو الكذب لعلة إذا كان المراد به دفع مضرة عمّن ينبغي دفعها عنه بذلك الكذب ، أو استجلاب



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    أضيف إلى المكلف فلا يضاف إليه إلا إذا كان هو الفاعل له ، هذا هو الحقيقة ، وانقطاع الدم ليس من فعل المكلف ، والاغتسال بالماء على الوجهين من فعل المكلف ، وإذا حملنا« يَطْهُرْنَ »على انقطاع الدم يحتاج أن نتكلف الحذف في الكلام ، فيكون التقدير حتى يطهرن ويتطهرن« فَإِذا تَطَهَّرْنَ »

    ص 335

    منفعة مشروعة مما ينبغي أن يظهر مثل هذا بها وبسببها ، فيكون قربة إلى اللّه ، حتى لو صدق في هذا الموطن كان بعدا عن اللّه ، فكان في عدم منع وطء المستحاضة إشارة إلى أنه لا يمتنع تعليم من تعلم منه أن لا يكذب إلا لسبب مشروع وعلة مشروعة ، فإن ذلك لا يقدح في عدالته ، بل هو نص في عدالته . وأما الاعتبار في الاغتسال من الحيض ، فيجب تطهير القلب من لمة الشيطان [ الحيض ركضة من الشيطان ] إذا نزلت به ومسه في باطنه ، وتطهيرها بلمة الملك .[
    سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 223 إلى 224
    نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ( 223 ) وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 224 )
    لا تجعلوا اللّه عرضة لأيمانكم فإن اللّه لا يرحم ولا يزكي من حلف باللّه كاذبا فلا تدخل ابتداء في اليمين ، فإنك إن دخلت في اليمين راعيته ، وأوجبت عليك حقا لم يجب عليك ،



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    وإن لم يكن كذلك دالا ، فليس من كلام العرب أن تقول : [ لا أعطيك ثوبا حتى تركب ، فإذا دخلت السوق أعطيتك ثوبا ] والذي تقوله العرب [ فإذا ركبت أعطيتك ثوبا ] وتكلف الحذف مع الاستغناء عنه تحكم على كلام اللّه ، فيكون المفهوم من يطهرن هو المفهوم بعينه من يتطهرن على المعاني الثلاثة التي ذكرناها ، وهو انقطاع الدم أو غسل موضع الحيض بالماء أو الاغتسال المبيح للصلاة ، وهذا هو موضع اجتهاد المجتهد ، ويعمل بحسب ما يترجح عنده ، ثم قال :« فَإِذا تَطَهَّرْنَ »على ما قدمناه« فَأْتُوهُنَّ »كناية عن الجماع ،« مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ »بإتيان المرأة إذا طهرت من الحيض في محل المحيض ، ثم قال :« إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ »يريد الذين يرجعون إلى اللّه وإلى رسوله فيما يتنازعون فيه ، فيرجعون إلى حكم اللّه ، ثم قال« وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ »يقول : الذين فعلوا الطهارة ، وهو استعمال الماء على ما ذكرناه قبل ، فأوجب محبته للمتصفين بهاتين الصفتين : التوبة والتطهير ، وقد يكون من حيث ما أمركم اللّه متعلقا بقوله :« فَاعْتَزِلُوا »التقدير : ولا تقربوهن من حيث أمركم اللّه باعتزالهن في المحيض حتى يطهرن ، وقد يتعلق بتقربوهن ( 224 )« نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ »الآية ، كناية عن الجماع

    ص 336

    وخشي عليك الحنث .



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    في غاية الحسن بضرب من التشبيه ، ولما كان المقصود من الحرث بذر الحب في الأرض ليخرج من ذلك ما تقع به المنفعة ، وكان المراد من النكاح في الدنيا التناسل لإبقاء النوع ، أنزل ذلك منزلة الحرث ، فيكون الأوجه على هذا المعنى المفهوم من التشبيه في قوله :« أَنَّى شِئْتُمْ »كيف شئتم من الاختلاف في هيئات الجماع في موضع البذر ، ومع هذا فقوله :« أَنَّى شِئْتُمْ »فهو لفظ يصلح أن يكون موضع كيف وأين وحيث ، وقد اختلف الناس في هذه المسألة أعني وطئ المرأة الحلال في الدبر ، فمنهم من أباحه ومنهم من حرمه ، والأصل إباحة الأشياء ، ومن ادعى تحجير ما أباحه اللّه فعليه بالدليل على ذلك ، وما ورد في تحريمه ولا في تحليله شيء يصح جملة واحدة على تعيينه غير الأصل المرجوع إليه العام في كل شيء وهو الإباحة ، وقوله :« وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ »يؤيد أنه أراد النكاح في الفرج فإنه من أحسن ما يقدمه الإنسان لنفسه عند ربه ولده ، إن مات قبله كان له فرطا وإن مات الوالد دعا له ولده ، وقد ورد الخبر في الأمرين معا ، فيمن قدم ولده أو ترك ولدا بعده ، ثم قال :« وَاتَّقُوا اللَّهَ »أن تعدلوا أو تخالفوا ما أمرناكم به أو نهيناكم عنه فيما تقدم من الأحكام من الوطء وصورته ، والنكاح والإنكاح ، واليتامى ، والإنفاق ، والخمر والميسر ، والقتال في الأشهر الحرم ، ثم قال :« وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ »فيسألكم عن ذلك كله ، ففيه إنذار وتخويف وتحريض على فعل الخير ، والوقوف عندما أمر اللّه به أو نهى عنه ، ثم قال :« وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ »في مقابلة الإنذار جعل البشرى للمؤمنين العاملين بما آمنوا به ، فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم سئل عن الإيمان فقال : شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن يؤدوا الخمس من المغنم ، ونهاهم عن الدّباء والحنتم والمزفت والنقير ، وقال :
    احفظوه وأخبروا به من وراءكم ، ففسر الإيمان بالأفعال ، وهو الذي أراد بالمؤمنين هنا ، زيادة على التصديق ، لأن البشرى الواردة في القرآن للمؤمنين مقرونة بالأعمال الصالحة ، مثل قوله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى )وقال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ )فما بشر إلا العاملين بما آمنوا به ، قوله تعالى : ( 225 )« وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »قوله عرضة من قول القائل اعترضني الشيء دون كذا ، أي حال بيني وبين الوصول إليه ، كأنه يقول : ولا تجعلوا أيمانكم باللّه تعترض بينكم وبين فعل الخير ، فتقول : لولا أني حلفت باللّه أني لا أوليك برا لأوليتك ، فنهى اللّه عن ذلك ، وذلك أنه لما كان اللّه قد شرع لعباده أن يأتوا بمكارم الأخلاق وكره لهم سفسافها ، فأمرهم بأفعال البر

    ص 337

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 225
    لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ( 225 )
    لا قسم إلا باللّه ، وما عدا ذلك من الأقسام فهو ساقط ما ينعقد به يمين في المقسوم عليه ، ولهذا قال تعالى :« لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ »واللغو الساقط ، فمعناه لا يؤاخذكم اللّه بالأيمان التي أسقط الكفارة فيها إذا حنثتم« وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    والتقوى والإصلاح بين الناس والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وكان الناس إذا غضبوا يحلفون باللّه لا يفعلون مع فلان خيرا ولا يولونه إحسانا ولا برا ، وإن كان في إصلاح بين اثنين يحلف الرجل باللّه لا يصلح بينهما ، ويقول : واللّه لا اتقيت اللّه فيك ، فأنزل اللّه تعالى« وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ »باسمه ، يقول : قوة وتقوية على ترك فعل الخير الذي أمركم اللّه بفعله ، فإذا قيل لك افعل هذا الخير ، تقول : قد حلفت باللّه أن لا أفعل ذلك ، فشرع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في ذلك أن يكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير ، وقد أنزل اللّه في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه وكان ينفق على مسطح - رجل من قرابته - ويحسن إليه ، فبلغ أبا بكر أنه شارك أهل الإفك فيما تحملوه ، فحلف أبو بكر أن لا يحسن إليه ، فأنزل اللّه إليه( وَلا يَأْتَلِ )أي لا يحلف( أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ )من له مال رزقه اللّه( وَالسَّعَةِ )يعني في الرزق( أَنْ يُؤْتُوا )يعطوا( أُولِي الْقُرْبى )ذوي الرحم( وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ *وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ )فرد أبو بكر رضي اللّه عنه على مسطح نفقته وأجراه على عادته ، وقوله :« أَنْ تَبَرُّوا »معناه أن لا تبروا ، فحذف لدلالة الكلام عليه ، قال امرؤ القيس : [ فقلت يمين اللّه أبرح قاعدا ] أراد لا أبرح ، فحذف لا لدلالة الكلام عليه ، والعرضة القوة والشدة ، وقد قيل هو من عرضت العود على الإناء إذا غطيته به خوفا أن يصل إلى الإناء شيء ، فجعلته حاجزا ، فكأنه يقول : ولا تجعلوا أيمانكم باللّه عرضة ، أي حاجزا بينكم وبين فعل الخير« وَاللَّهُ سَمِيعٌ »ما تحلفون به« عَلِيمٌ »بما تقصدونه بأيمانكم ، قوله تعالى : ( 226 )« لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ »يقال لما لا يعتد به من أولاد الإبل لغو ، أي ساقط ، فكل يمين أسقط الشرع الكفارة والإثم على الحالف فتلك اليمين لغو ، لأن الشارع ألغاها وما اعتد بها وأسقط الحكم بالمؤاخذة عن الحالف بها ، فقال تعالى :« لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ »أي لا يعاقبكم بالكفارة والإثم ، وقوله :« بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ »أي بما أسقطنا الحكم فيه من الأيمان بالمؤاخذة وإذا تقرر هذا ، فنقول : إن لغو الأيمان عند العلماء بالشريعة

    ص 338

    وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ »الحليم هو القادر على الأخذ فيؤخر الأمر ، ويمهل العبد ولا يهمله ، وإنما يؤخره لأجل معدود ولا يمحوه ، لأنه يبدله بالحسنى فيكسوه حلة الحسن وهو هو بعينه ، ليظهر فضل اللّه وكرمه على عبيده ، ولهذا وصف الذنوب بالمغفرة وهي الستر ، وما وصفها بذهاب العين ، وإنما يسترها بثوب الحسن ، لهذا قال :« وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ »ولا حليم إلا أن يكون ذا اقتدار ، فإن صاحب العجز عن إنفاذ اقتداره لا يكون حليما .



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    على قسمين : منها مقصودة وغير مقصودة ومشتبهة ، فغير المقصودة منها هو الذي يجري على ألسنة الناس من قولهم ، باللّه ، ولا واللّه ، من غير قصد لليمين بقلبه للعادة التي استصحبوها في كلامهم ، فهذه اليمين لغو ، وبذلك فسرته عائشة ، وأما اليمين الأخرى المشتبهة فيمين المحرج والغضبان ، فقد تشبه أن تكون مقصودة وأن تكون غير مقصودة ، فجعلها القاضي إسماعيل من لغو اليمين ، وأما الأيمان المقصودة فمنها أن يحلف الحالف أن الأمر كذا ولا يعلم أن الأمر في نفسه على خلاف ما حلف عليه ، فهذا من لغو اليمين عند مالك وغيره ، ومنها أن يحلف أن يفعل معصية ، فهذه اليمين لغو عند ابن عباس ، ومن لغو اليمين أن يحلف على ما لا يملك عند ابن عباس أيضا ، ومنها أن يحلف أنه يفعل ما له أن يفعل ، فلم يفعل ، ورأى ترك الفعل خيرا له ، فليكفر عن يمينه ويفعل الذي هو خير ، وجعل ابن عباس هذا النوع من لغو اليمين ، وأما يمين المكره وذلك أن يلزمه ذو سلطان يمينا لم يلزمها الشرع إياه ، فالظاهر أن الشرع يلغي هذه اليمين ولا يجب عليه إبرارها ، ولا يعتبر هنا نية المستحلف ، إذ لا حق له في استحلافه شرعا ، وهي على نية الحالف ، ولنا في هذا اليمين نظر ، وهو إن حلف من هذه صورته على نية المستحلف لزمته ولم تكن لغوا ، لأنه ألزم نفسه ما لم يلزمه الشرع ، فقد أوجب على نفسه ، وإن حلف على غير نية المستحلف فهي لغو لا يلزمه فيها حكم ، ثم قال :« وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ »أي يلزمكم الكفارة والإثم« بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ »أي بما تعمدت قلوبكم اليمين عليه وهو باطل ، يقول : ولكن يعاقبكم إذا قصدتم باليمين قطع حق يجب عليكم أداؤه ، أنه ليس كذلك أو هو كذلك ، وأنت تعلم أنك كاذب في يمينك ، فهذا هو اليمين التي شرع فيها الكفارة ، إلا عند بعض الناس ، فإنه لا كفارة في اليمين الغموس وهي هذه ، ثم قال :« وَاللَّهُ غَفُورٌ »لما وقع منكم من الأيمان لغوا وعقدا ، حيث أسقط المؤاخذة في اللغو وشرع الكفارة في الأخرى ، وقوله :« حَلِيمٌ »أي من حلمه ما عجل عليكم بالعقوبة وأمهلكم لتتوبوا على قول من لا يرى الكفارة ، وعلى قول من يرى الكفارة في اليمين الغموس ليكون حليما ، حيث جعل الكفارة برفع العقوبة ولم يؤاخذكم بما فعلتموه من إسقاط حرمة اسم اللّه ،

    ص 339


    سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 226 إلى 227
    لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 226 ) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 227 )
    لما علم سبحانه أن الافتراق لا بد منه لكل مجموع مؤلف لحقيقة خفيت عن أكثر الناس ، شرع الطلاق رحمة بعباده ليكونوا مأجورين في أفعالهم ، محمودين غير مذمومين إرغاما للشياطين ،ومع هذا فقد ورد في الخبر النبوي أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال : ما خلق اللّه حلالا أبغض إليه من الطلاق.



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    حيث حلفتم به كاذبين وأنتم تعلمون أنه يعلم منكم خلاف ما حلفتم عليه ، وأما إضافة الأيمان إلينا فيدل ظاهرا على كل ما نحلف به عرفا وشرعا مما يسمى يمينا عندنا ، إلا أن يخرج الشرع من ذلك شيئا مثل قوله : [ لا تحلفوا بآبائكم ] وقوله : [ من كان حالفا فليحلف باللّه أو ليصمت ] ولا أعرف في صفة الأيمان المعتبرة يمينا متفقا عليها إلا اليمين باللّه ، فانقسمت الأيمان إلى قسمين :
    إلى ما يجوز أن يحلف به ، وإلى ما لا يجوز أن يحلف به ، وما من قسم جوزته طائفة إلا ومنعته أخرى ، من الحلف باللّه وبأسمائه وبصفاته وبأفعاله وما عظمه الشرع ، وما عندنا نص أن اللّه أقسم بشيء دون نفسه ، ولكن ثم ظواهر ، وسيرد الكلام في الأيمان إن شاء اللّه في سورة المائدة ، ثم قال من الأيمان : ( 227 )« لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ »الإيلاء اليمين يقال :
    آليت على الشيء آلية إذا حلفت عليه ، والإيلاء المعلوم في هذه الآية أن يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته سواء كان على غضب أو غير غضب ، فإن العلماء اختلفوا في ذلك ، فقال ابن عباس لا إيلاء إلا بغضب ، والأوجه أن لا يعتبر في الإيلاء موجب ، ولا يعتبر فيه إلا العزم على ترك الجماع ، وسواء كان بيمين أو بغير يمين ، فإن كان بيمين وفاء كفر ، وإن كان بغير يمين وفاء لم يكفر ، فليس لليمين هنا حكم إلا الكفارة ، وإنما جاءت لفظة الإيلاء إذ كان الغالب أن لا يقع مثل هذا من الرجل إلا بيمين ، وقد يقع في الغالب عن الغضب ، ولهذا اعتبره ابن عباس ، وأما قوله :« تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ »فهو حكم من اللّه تعالى لا يزاد فيه ، فمن زاد فيه فقد شرع ما لم يأذن به اللّه ، وسواء قيد المولي مدة هي الأربعة أشهر أو أكثر أو أطلقها ، فإنها لا تبلغ إلا أربعة أشهر خاصة ، لأنه قال :« تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ »يعني فيها أي في هذه المدة ، يقول : رجعوا ، ولا بد من الجماع في الرجوع فإن لم يجامع فالإيلاء باق على حكمه ، لأن الإيلاء والعزم وقع على ترك الجماع ، فلا تكون الفيئة إلا بوقوعه ، والمفهوم من الشرع في تعيين مدة الإيلاء إنما هو

    ص 340

    سورة البقرة ( 2 ) : آية 228
    وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 228 )
    [ « وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ » ]
    القرء من ألفاظ الأضداد ، ينطلق على الحيض والطهر . . .« وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ »اعلم أن الإنسانية لما كانت حقيقة جامعة للرجل والمرأة ، لم يكن للرجال على النساء درجة



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    رفع الضرر عن المرأة ورعاية المصلحة لها ، فإن ورد حكم من الشارع يناقض هذه المصلحة في بعض ما في هذه المسألة من الأحكام وقفنا عنده في ذلك ، واعتبرنا المصلحة ورفع الضرر فيما عدا ذلك الوجه الذي ورد فيه الحكم ، ثم إن كان الإيلاء بيمين معتبرة في الشرع فسبيلها عندنا سبيل الأيمان ، فإن كان الإيلاء بيمين غير مشروعة ، فلا إيلاء فلا كفارة لو وقع الفيء منه ، وبقي الحكم ينسحب على العزم إلى آخر المدة ما لم يجامع ، فإذا انقضت المدة المشروعة وما فاء طلقت ولا عدة عليها إن كانت قد حاضت في تلك المدة ثلاث حيض ، وإن انتقص من ذلك شيء أتمته بعد الطلاق ، إذ كانت العدة مشروعة هنا لبراءة الرحم ، وهذه وجدت مع ما انضاف إلى ذلك من المصلحة المعتبرة في هذه المسألة ، فترجح هنا على من يرى أن العدة عبادة غير معللة ، فإن الإيلاء يشبه طلاق الرجعة ، والمدة في الإيلاء تشبه العدة في الطلاق الرجعي ، ويكون الطلاق بائنا بعد انقضاء المدة لما فيه من المصلحة للمرأة ، ووجود الضرر لو كان رجعيا ، لما يبقى له من الحكم عليها ، والعزم على الطلاق أن لا يفيء في تلك المدة ، فإن العازم على عدم الفيئة يحدث نفسه بالطلاق ، وإن أوقع الحديث فلا شك أن اللّه سميع حديثه في نفسه ، فهذا قوله : ( وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع )بما يحدث به نفسه من ذلك( عَلِيمٌ )بما قصده ونواه من ذلك ، والحر والعبد في هذه المسألة في الحكم سواء ، وما من وجه ذهبنا إليه إلا وفيه خلاف بين العلماء ، والذي يتعلق بهذه الآية من الترجمة قوله :« لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ »أي يحلفون« مِنْ نِسائِهِمْ »من أجل نسائهم أن لا يجامعوهن« تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ »تنتظر به انقضاء هذه المدة« فَإِنْ فاؤُ »أي رجعوا إما في الأربعة أشهر أو عند انقضائها يحتمل فيه الوجهان« فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ »أي
    ص 341


    من حيث الإنسانية ، ففضل الذكور على الإناث مفاضلة عرضية لا ذاتية ، وإنما كانت الدرجة هي أن حواء منفعلة عن آدم مستخرجة متكونة من الضلع القصير ، والمنفعل لا يقوى قوة الفاعل ، فقصرت بذلك أن تلحق بدرجة من انفعلت عنه ، فلا تعلم من مرتبة الرجل إلا حد ما خلقت منه وهو الضلع ، فقصر إدراكها عن حقيقة الرجل ، فبهذا القدر يمتاز الرجال عن النساء ، ولهذا كانت النساء ناقصات العقل عن الرجال ، لأنهن ما يعقلن



    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    غفور لما وقع منهم من الإيلاء إذ كان مكروها ، فإنه مناقض لقوله تعالى : ( لِتَسْكُنُوا إِلَيْها )فكأن المولي لما لم يعتبر العلة التي لها كان التزويج ، كره له ذلك ، وضرب له أجل ، وغفر اللّه له برجوعه عن ذلك ، فكان رحيما به من حيث أنه تعالى غفر له ، ورحيما بالمرأة حيث رد عليها زوجها بالعطف ، ولم يكن الإيلاء مكروها في حق النبي عليه السلام لأنه الأسوة ، فأجراه اللّه عليه لتبيين الحكم في ذلك ، وأنه لا يأتي مكروها يكرهه اللّه وإن كرّهه الناس ( 228 )« وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ »يقول : فإن رجح الطلاق على الفيئة« فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ »يحتمل التلفظ بالطلاق أو حديث النفس به ، ولذلك اشترط بعضهم التلفظ بالطلاق وحينئذ يقع ، وأنه لا يقع بانقضاء المدة عنده ولا بالعزم ، فإن العزم غير مسموع ، لكن قوله :« عَلِيمٌ »قد يكون بما عزم عليه من الطلاق بترك الفيئة في هذه المدة ، فتطلق بالانقضاء ، ويكون سميع إن تكلم بالطلاق ، مع الخلاف الذي بين أهل النظر في معنى السميع ، فأتى سبحانه بالاسمين جميعا لوجود الحالتين ، قوله : ( 229 )« وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ »هذا عام في كل حرة مدخول بها مطلقة تحيض ، فتخرج من هذه الآية من المطلقات اليائسة ، والتي لم تبلغ المحيض ، والحامل ، والأمة ، وغير المدخول بها ، والمرتفعة الحيض في سن الحيض ، والمستحاضة ، والمرتابة بالحمل لحس تجده في بطنها ، وغير المرتابة وهي التي عرفت سبب انقطاع دمها من مرض أو جماع ، والمطلقة التي تتربص ثلاثة قروء هي ما ذكرنا ، ولكل جنس مما خرج عن هذا عدة من المطلقات ، وقوله :« يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ »يلبثن بغير نكاح ، أي لا يتزوجن« ثَلاثَةَ قُرُوءٍ »يعني هذه المدة ، واختلف الناس في القرء في هذه الآية ، فطائفة قالت أراد الأطهار ، وأخرى قالت الحيض ، والأظهر أنه الحيض لقوله عليه السلام : [ دعي الصلاة أيام أقرائك ] وقد روي عدة الأمة حيضتان ، والقرء في اللسان من الأضداد ، يقال للحيض والطهر ، ويقوي من يقول إنه الحيض قوله : ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْفَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ )فأقام الأشهر مقام الحيض ، وهذا ظاهر ليس بنص ، وأيضا فإن استبراء الرحم إنما يقع بالحيض ، والظاهر في العدة أنها لاستبراء الرحم وقد نقل عن

    ص 342

    إلا قدر ما أخذت المرأة من خلق الرجل في أصل النشأة ، وأما النقصان في الدين فيها فإن الجزاء على قدر العمل ، والعمل لا يكون إلا عن علم ، والعلم على قدر قبول العالم ، وقبول العالم على قدر استعداده في نشأته ، واستعدادها ينقص عن استعداد الرجل لأنها جزء منه ، فلا بد أن تتصف المرأة بنقصان الدين عن الرجل ، وقد تبلغ المرأة من الكمال درجة الرجل ، غير أن الغالب فضل عقل الرجل على عقل المرأة ، لأنه عقل عن اللّه قبل عقل المرأة لأنه تقدمها في الوجود ، والأمر الإلهي لا يتكرر ، فالمشهد الذي حصل للمتقدم لا سبيل أن يحصل للمتأخر ، فالمرأة أنقص درجة من الرجل ، وتلك درجة الإيجاد لأنها وجدت عنه ، فإن اللّه لما خلق آدم وكان قد سبق في علم الحق إيجاد التوالد والتناسل - والنكاح في هذه الدار إنما هو لبقاء النوع - استخرج من ضلع آدم من القصيرى حواء ، فقصرت بذلك عن درجة الرجل كما قال تعالى ، فما تلحق بالرجال أبدا ، فآدم أصل لحواء ، فصح للأب الأول الدرجة عليها لكونه أصلا لها ، فالدرجة درجة الانفعال فإنها لما انفعلت عنه كان له عليها درجة السبق ، وكل أنثى من سبق ماء المرأة ماء الرجل وعلوه على ماء الرجل ، هذا هو الثابت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فاعلم ذلك ، فللرجال عليهن درجة فإن الحكم لكل أنثى بماء أمها ، وهنا سر عجيب دقيق روحاني من أجله كان النساء شقائق الرجال ، فخلقت المرأة من شق

    من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
    العرب أقرأت المرأة إذا حاضت ، وامرأة مقرئ ، وقوله : ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )أي لاستقبال عدتهن ، والطلاق المشروع لا يكون إلا في طهر لم تجامع فيه ، فإذا طلق فيه كانت الأطهار غير كاملة ، ولا بد أن تكون الثلاثة قروء كاملة ، فيتقوى من هذا المجموع أنها الحيض ، فإن قيل :
    يقال ثلاثة قروء تجوّزا وإن لم تكمل ، قلنا : لا نرجع من الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل ، وهم بلا شك يعتدون بالطهر الذي يطلق فيه ، ولقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأنا بمكة في المنام سنة تسع وتسعين وخمسمائة ، وهو عليه السلام في الحرم ، فكنت أقول : يا رسول اللّه إن اللّه يقول :« وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ »وهو من الأضداد ، وأنت أعلم بما أراد اللّه بالقرء في هذه الآية ، إذ أنت أعلم بما أنزل اللّه عليك ، فقال : إذ فرغ قرؤها فأفرغوا عليها الماء وكلوا مما رزقكم اللّه ، فكنت أقول له : يا رسول اللّه إذن هو الحيض ، فتبسم وقال : إذا فرغ قرؤها فأفرغوا عليها الماء وكلوا مما رزقكم اللّه ، قلت : فإذن هو الحيض يا رسول اللّه ، فتبسم وقال : إذا فرغ قرؤها فأفرغوا عليها الماء وكلوا مما رزقكم اللّه ، فقلت له : فإذن هو الحيض يا رسول اللّه ، فتبسم وما زاد على ذلك ، وكنت أفهم منه في ذلك الوقت أنه يريد بقوله إذا فرغ قرؤها إذا انقطع عنها الدم فأفرغوا

    ص 343

    الرجل ، فهو أصلها ، فله عليها درجة السببية لأنها عنه تولدت ، فلم تزل الدرجة تصحبه عليها في الذكورة على الأنوثة ، وإن كانت الأم سببا في وجود الابن فابنها يزيد عليها بدرجة الذكورة لأنه أشبه أباه من جميع الوجود ، فلا تقل هذا مخصوص بحواء ، فكل أنثى كما أخبرتك من مائها أي من سبق مائها وعلوه على ماء الرجل ، وكل ذكر من سبق ماء الرجل

      الوقت/التاريخ الآن هو 11/5/2024, 22:30