مع الحبيب المصطفى: وفاؤه ﷺ لصحابته لصحابته الكرام رَضِيَ اللهُ عنهُم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
33ـ وفاؤه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لصحابته الكرام رَضِيَ اللهُ عنهُم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: كَمَالُ شَخصِيَّةِ الإنسانِ بِعُبودِيَّتِهِ لله تعالى، وبِحُسنِ مُعامَلَتِهِ معَ الخَلقِ، ولقد شَرَعَ اللهُ تعالى لِعِبادِهِ الأخْذَ بِمَعَالي الأُمورِ، ونَبْذَ سَفاسِفِها، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ وأَشْرَافَهَا، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا» رواه الطبراني في الكبير عَنْ الحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
والوَفاءُ من الأخلاقِ الكريمَةِ، ومن صِفاتِ النُّفُوسِ الشَّريفَةِ، وهوَ أَساسُ بِناءِ المُجتَمَعِ واستِقامَةِ الحياةِ، وهوَ الاعتِرافُ بالفَضلِ ورَدُّ الجَميلِ لمن أَسدَى مَعرُوفاً، أو مَدَّ يَداً.
الوَفاءُ من شِيَمِ الرِّجالِ، وأَمارَةٌ على سُمُوِّ النَّفسِ وحُسنِ الخُلُقِ، وأَوفَى النَّاسِ على الإطلاقِ أَنبِيَاءُ الله تعالى ورُسُلُهُ، فهذا سيِّدُنا مُوسى عليهِ السَّلامُ عَرَفَ حَقَّ أَخيهِ هَارونَ، فَسَألَ ربَّهُ أن يَجعَلَهُ شريكاً معَهُ في الرِّسالَةِ، قال تعالى مُخبِراً عن دُعاءِ سيِّدِنا موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾.
صُوَرٌ من وَفاءِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأصحابِهِ رَضِيَ اللهُ عنهُم:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: تعالَوا لِنَتَعَلَّم كيفَ يَكونُ الوَفاءُ للأَصحَابِ والأَصدِقاءِ ولمن نُعايِشُهُم من خِلالِ سِيرَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ معَ أصحابِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم.
أولاً: وَفاؤُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: تَعلَمونَ مَوقِفَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ من دَعوَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لقَد كَانَ شِعَارُهُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: إنْ كَانَ قالَها فَقَد صَدَقَ.
وفي يومِ الهِجرَةِ جَنَّدَ نفسَهُ ومالَهُ وأهلَهُ وما يَملِكُ لِخِدمَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فكانَ من وَفائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنْ قال: «مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَيْنَاهُ، مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ ـ أَيْ: مَا عَدَاهُ ـ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَداً يُكَافِيهِ اللهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهُ».
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَقِّ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي» رواه الإمام البخاري عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
ثانياً: وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد كَافَأَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الصِّدِّيقَ لأنَّهُ كانَ أوَّلَ الرِّجالِ الذينَ آمَنوا به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وكذلكَ كَافأَ عَليَّاً رَضِيَ اللهُ عنهُ لأنَّهُ كانَ أوَّلَ الفِتيَانِ إِيماناً بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَفِي غَزوَةِ خَيبَرَ، وَقَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وقال: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ».
فقَالَ الصَّحابَةُ رَضِيَ اللهُ عنهُم: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا.
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ادْعُوا لِي عَلِيَّاً».
فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ، وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ. رواه الإمام مسلم عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وفي رواية الإمام البخاري عن سَهْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ».
فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ، أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ.
فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيٌّ؟».
فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ: أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا.
فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فوالله لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».
وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للأنصارِ رَضِيَ اللهُ عنهُم:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: أمَّا وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للأنصارِ فَحَدِّث عنهُ بلا حَرَجٍ، فلقد قال لهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَل الدَّمَ الدَّمَ ـ حُرَمَتي معَ حُرْمَتِكُم ـ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ ـ بَيتي معَ بَيْتِكُم، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ» رواه الإمام أحمد عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
ودَعا لهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فقال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ،وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ،وَأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» رواه الإمام مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وروى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً أَوْ شِعْباً لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا».
رابعاً: وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصَّحابَةِ جميعاً رَضِيَ اللهُ عنهُم:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد عَمَّ وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جميعَ أصحابِهِ الكِرامِ من المهاجِرينَ والأنصارِ، ممَّن أسلَمَ قبلَ الفَتحِ وبعدَهُ، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَمَنْ آذَى اللهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَباً مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إنَّ سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ الأمَّةَ جَميعَها كَيفَ يَكونُ الوَفاءُ لِمَن أَسدى مَعرُوفاً، أو مَدَّ يَدَ العَونِ، لقد عَلَّمَنا ذلكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من خلالِ قولِهِ: «مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» رواه الحاكم والإمام أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
وعَلَّمَنا ذلك من خلالِ سُلوكِهِ معَ صَحابَتِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، حَيثُ كانَ حَريصاً عليهِم كُلَّ الحِرصِ لأنَّهُم كَانوا أَوفِياءَ له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِذلِكَ خَاطَبَ الأمَّةَ بقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَباً مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وبقولِهِ: «إِنَّ اللهَ اخْتَار أَصْحَابِي على الْعَالمين سوى النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ، وَاخْتَارَ لي من أَصْحَابِي أَرْبَعَةً ـ يَعْنِي: أَبَا بكرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وعليَّاً ـ فَجَعَلَهُم خَيرَ أَصْحَابِي، كُلُّهُم خَيرٌ، وَاخْتَارَ أمَّتِي على سائِرِ الْأُمَم، وَاخْتَارَ من أمَّتِي أَربعَةَ قُرُونٍ بعدَ أصحابي: القرنُ الأوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع» كنز العمال عَن جَابر بن عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهُما.
وعَرَّفَ الأمَّةَ أنَّ صَحابَتَهُ خَيرُ النَّاسِ فقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُ.
أسألُ اللهَ تعالى أَن لا يَحرِمَنا الأدَبَ معَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ولا معَ صَحابَتِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
33ـ وفاؤه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لصحابته الكرام رَضِيَ اللهُ عنهُم
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام: كَمَالُ شَخصِيَّةِ الإنسانِ بِعُبودِيَّتِهِ لله تعالى، وبِحُسنِ مُعامَلَتِهِ معَ الخَلقِ، ولقد شَرَعَ اللهُ تعالى لِعِبادِهِ الأخْذَ بِمَعَالي الأُمورِ، ونَبْذَ سَفاسِفِها، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ وأَشْرَافَهَا، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا» رواه الطبراني في الكبير عَنْ الحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
والوَفاءُ من الأخلاقِ الكريمَةِ، ومن صِفاتِ النُّفُوسِ الشَّريفَةِ، وهوَ أَساسُ بِناءِ المُجتَمَعِ واستِقامَةِ الحياةِ، وهوَ الاعتِرافُ بالفَضلِ ورَدُّ الجَميلِ لمن أَسدَى مَعرُوفاً، أو مَدَّ يَداً.
الوَفاءُ من شِيَمِ الرِّجالِ، وأَمارَةٌ على سُمُوِّ النَّفسِ وحُسنِ الخُلُقِ، وأَوفَى النَّاسِ على الإطلاقِ أَنبِيَاءُ الله تعالى ورُسُلُهُ، فهذا سيِّدُنا مُوسى عليهِ السَّلامُ عَرَفَ حَقَّ أَخيهِ هَارونَ، فَسَألَ ربَّهُ أن يَجعَلَهُ شريكاً معَهُ في الرِّسالَةِ، قال تعالى مُخبِراً عن دُعاءِ سيِّدِنا موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾.
صُوَرٌ من وَفاءِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأصحابِهِ رَضِيَ اللهُ عنهُم:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: تعالَوا لِنَتَعَلَّم كيفَ يَكونُ الوَفاءُ للأَصحَابِ والأَصدِقاءِ ولمن نُعايِشُهُم من خِلالِ سِيرَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ معَ أصحابِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم.
أولاً: وَفاؤُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: تَعلَمونَ مَوقِفَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ من دَعوَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لقَد كَانَ شِعَارُهُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: إنْ كَانَ قالَها فَقَد صَدَقَ.
وفي يومِ الهِجرَةِ جَنَّدَ نفسَهُ ومالَهُ وأهلَهُ وما يَملِكُ لِخِدمَةِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فكانَ من وَفائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنْ قال: «مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَيْنَاهُ، مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ ـ أَيْ: مَا عَدَاهُ ـ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَداً يُكَافِيهِ اللهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهُ».
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَقِّ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي» رواه الإمام البخاري عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
ثانياً: وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد كَافَأَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الصِّدِّيقَ لأنَّهُ كانَ أوَّلَ الرِّجالِ الذينَ آمَنوا به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وكذلكَ كَافأَ عَليَّاً رَضِيَ اللهُ عنهُ لأنَّهُ كانَ أوَّلَ الفِتيَانِ إِيماناً بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَفِي غَزوَةِ خَيبَرَ، وَقَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وقال: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ».
فقَالَ الصَّحابَةُ رَضِيَ اللهُ عنهُم: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا.
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ادْعُوا لِي عَلِيَّاً».
فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ، وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ. رواه الإمام مسلم عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وفي رواية الإمام البخاري عن سَهْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ».
فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ، أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ.
فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيٌّ؟».
فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ، فَقَالَ: أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا.
فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فوالله لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».
وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للأنصارِ رَضِيَ اللهُ عنهُم:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: أمَّا وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للأنصارِ فَحَدِّث عنهُ بلا حَرَجٍ، فلقد قال لهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَل الدَّمَ الدَّمَ ـ حُرَمَتي معَ حُرْمَتِكُم ـ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ ـ بَيتي معَ بَيْتِكُم، أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي، أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ، وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ» رواه الإمام أحمد عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
ودَعا لهُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فقال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ،وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ،وَأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» رواه الإمام مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وروى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً أَوْ شِعْباً لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا».
رابعاً: وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للصَّحابَةِ جميعاً رَضِيَ اللهُ عنهُم:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد عَمَّ وَفاؤهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جميعَ أصحابِهِ الكِرامِ من المهاجِرينَ والأنصارِ، ممَّن أسلَمَ قبلَ الفَتحِ وبعدَهُ، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَمَنْ آذَى اللهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَباً مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:
أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إنَّ سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ الأمَّةَ جَميعَها كَيفَ يَكونُ الوَفاءُ لِمَن أَسدى مَعرُوفاً، أو مَدَّ يَدَ العَونِ، لقد عَلَّمَنا ذلكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من خلالِ قولِهِ: «مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» رواه الحاكم والإمام أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
وعَلَّمَنا ذلك من خلالِ سُلوكِهِ معَ صَحابَتِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم، حَيثُ كانَ حَريصاً عليهِم كُلَّ الحِرصِ لأنَّهُم كَانوا أَوفِياءَ له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِذلِكَ خَاطَبَ الأمَّةَ بقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أَوْ مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَباً مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وبقولِهِ: «إِنَّ اللهَ اخْتَار أَصْحَابِي على الْعَالمين سوى النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ، وَاخْتَارَ لي من أَصْحَابِي أَرْبَعَةً ـ يَعْنِي: أَبَا بكرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وعليَّاً ـ فَجَعَلَهُم خَيرَ أَصْحَابِي، كُلُّهُم خَيرٌ، وَاخْتَارَ أمَّتِي على سائِرِ الْأُمَم، وَاخْتَارَ من أمَّتِي أَربعَةَ قُرُونٍ بعدَ أصحابي: القرنُ الأوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع» كنز العمال عَن جَابر بن عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهُما.
وعَرَّفَ الأمَّةَ أنَّ صَحابَتَهُ خَيرُ النَّاسِ فقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُ.
أسألُ اللهَ تعالى أَن لا يَحرِمَنا الأدَبَ معَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ولا معَ صَحابَتِهِ الكِرامِ رَضِيَ اللهُ عنهُم. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
27/4/2024, 17:10 من طرف Admin
» كتاب: زيارة للجنّة والنّار ـ مصطغى محمود
27/4/2024, 17:04 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج1
27/4/2024, 16:58 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج2
27/4/2024, 16:57 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج3
27/4/2024, 16:54 من طرف Admin
» كتاب: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصّحيحة ـ محمد الصوباني ـ ج4
27/4/2024, 16:52 من طرف Admin
» كتاب: نهج الحكمة ـ أسامة الصاوي
27/4/2024, 16:47 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الأول درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:58 من طرف Admin
» كتاب: الجزء الثاني درب السلامة في إرشادات العلامة | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:57 من طرف Admin
» كتاب: التعاون على النهي عن المنكر | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:55 من طرف Admin
» كتاب: شرح الصفات الثلاث عشرة | الشيخ عبد الله الهرري
24/4/2024, 15:54 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الأول | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:52 من طرف Admin
» كتاب: بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب الجزء الثاني | الشيخ عبد الله الهرري الحبشي
24/4/2024, 15:51 من طرف Admin
» كتاب: الأطراف الحليمية | الشيخ الدكتور جميل حليم
24/4/2024, 15:43 من طرف Admin
» كتاب: الكوكب المنير بجواز الاحتفال بمولد الهادي البشير | الشيخ جميل حليم
24/4/2024, 15:42 من طرف Admin