بسم الله الرحمان الرّحيم
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد
وعلى آله و صحبه و سلـّم
محاولة في تفسير سورة العاديات.
إنّ مجمل ما قيل في تفسير هذه السّورة من قبل أغلب المفسّرين
يتلخّص في القول التّّالي :
ـــــ [ وَ الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ]: هي الخيل المتّخذة للجهاد في سبيل الله
تعدو فيسمع لعدوها ضبحا ، وهو صوت لهيج أنفاسها
ـــــ [ فـَالْمُوريَاتِ قـَدْحًا ]: التي تـُرِي النـّاظر شرر النـّار يتطاير
عند عدوها بسبب اصطدام حوافرها بالأرض الصّلبة و الأحجار.
ـــــ [ فـَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ]: كناية للمجاهدين و إغارتهم على العدوّ
صباحا و هذا وقت ملاقاة العدوّ عادة.
ـــــ [ فـَأَثـَرْنَ بِهِ نـَقـْعًا ]: وهو الغبار المتصاعد من سرعة عدوها.
ـــــ [فـَوَسَطـْنَ بـِهِ جَمْعًا]: كناية عن الالتحام بالعدوّ في ساحة القتال.
ـــــ [إِنَّ الْإِنـْسَانَ لِرَبِّهِ لَكـَنُودٌ ]: أي أنّ الانسان كافر بأنعم الله جاحد
لها غير ملتفت للمنعم جلّ جلاله.
ـــــ [وَإِنـَّهُ عَلـَى ذَلِكَ لـَشـَهِيدٌ ]: ويشهد الله سبحانه على الإنسان بهذا
الجحود،أو يشهد الإنسان هذا الجحود في نفسه.
ـــــ [ وَ إِنـَّهُ لِحُبِّ الـْخـَيْرِ لـَشـَدِيدٌ ]: فهو شديد الحبّ و الحرص على
جمع حطام الدّنيا الفاني.
ـــــ [ أَفـَلَا يَعْلـَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَ حُصِّلَ مَا فِي الصّدُورِ * إِنَّ
رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ.]: ألا يعلم هذا الإنسان أنّه سيموت و يفصل عمّا
جمع من حطام الدّنيا و يندرس وجوده ثمّ يبعث يوم القيامة ليحاسب
بين يدي مولاه عمّا قدّمت يداه فيجد كلّ أعماله في كتاب لم يغادر صغيرة
ولا كبيرة إلا أحصاها بقدرته جلّ جلاله [أَلا يَعْلـَمُ مَنْ خـَلـَقَ وَهْوَ اللـّطِيفُ
الْخـَبِيرُ.] الملك. 14.
أقسم الله سبحانه و تعالى في سورة العاديات بالخيل المجهّزة للجهاد في سبيل
الله ، والمقصود بالقسم راكبيها الذين بذلوا نفوسهم لله ، لعظيم منزلتهم عنده .
و قد آثروا مرضاته و خيرات الآخرة الباقية على خير الدّنيا الفاني. فكانوا
مثلا ضربه الله للإنسان الذي غرّته الدنيا و زينتها وأورثته الغفلة ونسيان
الآخرة.وقيل في سبب نزول هذه السورة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم
أرسل سريّة فأبطأ عليه خبرها،فقال المنافقون إنّهم قتلوا فنزلت هذه السورة
إخبارا بأنّهم أحياء وفي ذلك بشارة لرسول الله صلى الله عليه و سلم.
أمّا إذا نظرنا لهذه السورة من جهة سيرنا في طريق الله فيمكن القول بأنّ المولى جلّ جلاله أقسم بالأعمال الصّالحة وهي الخيل المتـّخذة للجهاد في طريق الله:[يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ واَبْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلـَةَ وَ جَاهِدُوا فِيسَبِيلِهِ لَعَلـَّكُمْ تُفْلِحُونَ]المائدة.35.
وعلى رأس الأعمال الصّالحة ذكر الله . فتنطلق الأذكار عدوا من صدور الذّاكرين و يسمع لعدوها ضبحا وهو صوت لهيج الذاكر بالذكر.فيُرِي الذكر مرورا بأرض
النّفس للذاكر شرر نار الخواطر يتطاير في ظلمتها من أحجار المخالفات و صلابة الغفلة. فيصبح مغيرا على نفسه في أرض المعاملات مجاهدا فيها حقّ الجهاد ، وهذه أوصاف الرّاغبين في كسب حرب الجهاد الأكبر."رهبانا بالليل فرسانا بالنّهار"كما قيل في وصف صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.فيكون ذكر الله سببا في ظهور غبار الحظوظ النّفسيّة للذاكر ويرى بثباته في مواجهة نفسه ما كان كامنا فيها من أوهام ، وبدوام المراقبة و المجاهدة يتخلـّص من هذه الحظوظ ،فتفتح أمامه أبواب الفضل على مصراعيها ظاهرا وباطنا و يزجّ به في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن أحبابه. ويراه منبع الأعمال الصّالحة ،بل هو مدلول الوسيلة و ذلك معنى أنّه أولى بنا من أنفسنا.فإذا تجسّدت هذه الأولويّة في حياتنا ، ندرك حقيقة [إنَّ الإنْسَانَ لِرَبِِّهِ لـَكـَنُودٌ] وكيف كان قاطعا لصلته وهو الموصول جاحدا لأنعمه وهو عين النّعمة .ونشهد هذا بعين الموجود وحده. كما نرى كيف كان حرصنا و شدّة حبّنا للخير و مولانا الخير كلـّه.
وهنا نعلم يقينا أنّ العبد هو مقصود العناية الرّبّانيّة بما حصّل ما في الصدور من تحقيق:[إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لـَخـَبـِيرٌ]يعلم خائنة الاعين و ما تخفي الصّدور.
[ وَ مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلـَيْهِ تـَجْأَرُونَ]النّحل.53.
اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد
وعلى آله و صحبه و سلـّم
محاولة في تفسير سورة العاديات.
إنّ مجمل ما قيل في تفسير هذه السّورة من قبل أغلب المفسّرين
يتلخّص في القول التّّالي :
ـــــ [ وَ الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ]: هي الخيل المتّخذة للجهاد في سبيل الله
تعدو فيسمع لعدوها ضبحا ، وهو صوت لهيج أنفاسها
ـــــ [ فـَالْمُوريَاتِ قـَدْحًا ]: التي تـُرِي النـّاظر شرر النـّار يتطاير
عند عدوها بسبب اصطدام حوافرها بالأرض الصّلبة و الأحجار.
ـــــ [ فـَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ]: كناية للمجاهدين و إغارتهم على العدوّ
صباحا و هذا وقت ملاقاة العدوّ عادة.
ـــــ [ فـَأَثـَرْنَ بِهِ نـَقـْعًا ]: وهو الغبار المتصاعد من سرعة عدوها.
ـــــ [فـَوَسَطـْنَ بـِهِ جَمْعًا]: كناية عن الالتحام بالعدوّ في ساحة القتال.
ـــــ [إِنَّ الْإِنـْسَانَ لِرَبِّهِ لَكـَنُودٌ ]: أي أنّ الانسان كافر بأنعم الله جاحد
لها غير ملتفت للمنعم جلّ جلاله.
ـــــ [وَإِنـَّهُ عَلـَى ذَلِكَ لـَشـَهِيدٌ ]: ويشهد الله سبحانه على الإنسان بهذا
الجحود،أو يشهد الإنسان هذا الجحود في نفسه.
ـــــ [ وَ إِنـَّهُ لِحُبِّ الـْخـَيْرِ لـَشـَدِيدٌ ]: فهو شديد الحبّ و الحرص على
جمع حطام الدّنيا الفاني.
ـــــ [ أَفـَلَا يَعْلـَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَ حُصِّلَ مَا فِي الصّدُورِ * إِنَّ
رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ.]: ألا يعلم هذا الإنسان أنّه سيموت و يفصل عمّا
جمع من حطام الدّنيا و يندرس وجوده ثمّ يبعث يوم القيامة ليحاسب
بين يدي مولاه عمّا قدّمت يداه فيجد كلّ أعماله في كتاب لم يغادر صغيرة
ولا كبيرة إلا أحصاها بقدرته جلّ جلاله [أَلا يَعْلـَمُ مَنْ خـَلـَقَ وَهْوَ اللـّطِيفُ
الْخـَبِيرُ.] الملك. 14.
أقسم الله سبحانه و تعالى في سورة العاديات بالخيل المجهّزة للجهاد في سبيل
الله ، والمقصود بالقسم راكبيها الذين بذلوا نفوسهم لله ، لعظيم منزلتهم عنده .
و قد آثروا مرضاته و خيرات الآخرة الباقية على خير الدّنيا الفاني. فكانوا
مثلا ضربه الله للإنسان الذي غرّته الدنيا و زينتها وأورثته الغفلة ونسيان
الآخرة.وقيل في سبب نزول هذه السورة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم
أرسل سريّة فأبطأ عليه خبرها،فقال المنافقون إنّهم قتلوا فنزلت هذه السورة
إخبارا بأنّهم أحياء وفي ذلك بشارة لرسول الله صلى الله عليه و سلم.
أمّا إذا نظرنا لهذه السورة من جهة سيرنا في طريق الله فيمكن القول بأنّ المولى جلّ جلاله أقسم بالأعمال الصّالحة وهي الخيل المتـّخذة للجهاد في طريق الله:[يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ واَبْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلـَةَ وَ جَاهِدُوا فِيسَبِيلِهِ لَعَلـَّكُمْ تُفْلِحُونَ]المائدة.35.
وعلى رأس الأعمال الصّالحة ذكر الله . فتنطلق الأذكار عدوا من صدور الذّاكرين و يسمع لعدوها ضبحا وهو صوت لهيج الذاكر بالذكر.فيُرِي الذكر مرورا بأرض
النّفس للذاكر شرر نار الخواطر يتطاير في ظلمتها من أحجار المخالفات و صلابة الغفلة. فيصبح مغيرا على نفسه في أرض المعاملات مجاهدا فيها حقّ الجهاد ، وهذه أوصاف الرّاغبين في كسب حرب الجهاد الأكبر."رهبانا بالليل فرسانا بالنّهار"كما قيل في وصف صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.فيكون ذكر الله سببا في ظهور غبار الحظوظ النّفسيّة للذاكر ويرى بثباته في مواجهة نفسه ما كان كامنا فيها من أوهام ، وبدوام المراقبة و المجاهدة يتخلـّص من هذه الحظوظ ،فتفتح أمامه أبواب الفضل على مصراعيها ظاهرا وباطنا و يزجّ به في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن أحبابه. ويراه منبع الأعمال الصّالحة ،بل هو مدلول الوسيلة و ذلك معنى أنّه أولى بنا من أنفسنا.فإذا تجسّدت هذه الأولويّة في حياتنا ، ندرك حقيقة [إنَّ الإنْسَانَ لِرَبِِّهِ لـَكـَنُودٌ] وكيف كان قاطعا لصلته وهو الموصول جاحدا لأنعمه وهو عين النّعمة .ونشهد هذا بعين الموجود وحده. كما نرى كيف كان حرصنا و شدّة حبّنا للخير و مولانا الخير كلـّه.
وهنا نعلم يقينا أنّ العبد هو مقصود العناية الرّبّانيّة بما حصّل ما في الصدور من تحقيق:[إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لـَخـَبـِيرٌ]يعلم خائنة الاعين و ما تخفي الصّدور.
[ وَ مَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلـَيْهِ تـَجْأَرُونَ]النّحل.53.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin