سيد مندور:
درجات ومراتب الأولياء عند الصوفية
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
سأل مريد شيخه هل للأولياء درجات ومراتب، أم الجميع على درجة واحدة؟ فنظر إليه الشيخ وقال له: «يا بنى إذا كان الأنبياء على درجات كما قال مولانا سبحانه وتعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَٰتٍ وَءَاتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدْنَٰهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة ٢٥٣.
لا بد أن الأولياء على مراتب، فمنهم الأقطاب والأبدال والأوتاد وغيرهم، والولاية ثابتة فى كتاب الله عز وجل، فقال المولى: «أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ» يونس: ٦٢ – ٦٤، فالولاية لها ركنان هما الإيمان والتقوى.
وقد فصل هذه الدرجات والمراتب وبيَّن خصائصها ضياء الدين أحمد الكمشخانوى فى كتابه «جامع الأصول فى الأولياء وأنواعهم وأوصافهم» فيقول: «إن الأقطاب كثيرون فإن كل مقدم قوم هو قطبهم، وأما القطب الغوث الفرد الجامع فهو واحد» ويقول عن النقباء: «ونقباؤهم ثلاثمائة، وهم الذين استخرجوا خبايا النفوس» ولهم عشرة أعمال:
أربعة ظاهرة هى: «كثرة العبادة، والتحقق بالزهادة، والتجرد عن الإرادة، وقوة المجاهدة» وستة أعمال باطنة وهى: «التوبة والإنابة والمحاسبة والتفكر والاعتصام والرياضة» ويقول عن النجباء: «وأما النجباء فأربعون وقيل سبعون»، ويقول عن الأبدال: «وأما الأبدال فسبعة رجال، وهم أهل فضل وكمال واستقامة واعتدال، وقد تخلصوا من الوهم والخيال» ولهم أربعة أعمال ظاهرة هى «الصمت والسهر والجوع والعزلة»، وأربعة أعمال باطنة هى «التجرد والتفرد والجمع والتوحد»، ويقول عن الأوتاد: «وأما الأوتاد فهم عبارة عن أربعة، ولهم ثمانية أعمال: أربعة ظاهرة هى «كثرة الصيام وقيام الليل والناس نيام وكثرة الامتثال والاستغفار بالأسحار»، وأربعة أعمال باطنة هى «التوكل والتفويض والثقة والتسليم».
وقد استدل العلماء ببعض النصوص، ومنها ما أورده جلال الدين السيوطى فى رسالة «الخبر الدال على وجود الأقطاب والأوتاد والنجباء والأبدال»، المتضمنة فى «مجموع الحاوى للفتاوى»، ومن هذه النصوص: «روى الطبرانى- فى الأوسط- عن أنس (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (لن تخلو الأرض من أربعين رجلًا مثل خليل الرحمن فبهم يسقون وبهم ينصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر)- ذكره الحافظ أبو الحسن الهيثمى فى (مجمع الزوائد) وإسناده حسن- وقد أثر عن الحسن: أخرج ابن عساكر عن الحسن البصرى قال: لن تخلو الأرض من سبعين صديقًا وهم الأبدال، لا يهلك منهم رجل إلا أخلف الله مكانه مثله، أربعين بالشام وثلاثين من سائر الأرضين.
وأثر عن قتادة: أخرج ابن عساكر عن قتادة قال: لن تخلو الأرض من أربعين بهم يغاث الناس وبهم ينصرون وبهم يرزقون، كلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه رجلًا، قال قتادة: «والله إنى لأرجو أن يكون الحسن منهم».
وأخرج القشيرى فى الرسالة بسنده عن بلال الخواص قال: «كنت فى تيه بنى إسرائيل، فإذا رجل يماشينى فعجبت، فألهمت أنه الخضر- عليه السلام- فقلت له: بحق الحق من أنت؟ قال: أخوك الخضر، قلت: أريد أن أسألك، قال: سل، قلت: ما تقول فى الشافعى؟ قال: هو من الأوتاد، قلت: وما تقول فى أحمد بن حنبل؟ قال: رجل صديق، قلت: ما تقول فى بشر الحافى؟ قال: لم يخلق بعده مثله، قلت: بأى وسيلة رأيتك؟ قال: ببركة أمك».
وأخرج الإمام أحمد فى الزهد، وابن أبى الدنيا، وأبو نعيم، والبيهقى، وابن عساكر، عن جليس وهب بن منبه قال: رأيت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فى المنام فقلت: يا رسول الله أين بدلاء أمتك؟ فأومأ بيده نحو الشام، قلت: يا رسول الله أما بالعراق منهم أحد؟ قال: بلى، محمد بن واسع وحسان بن أبى سنان ومالك بن دينار، الذى يمشى فى الناس بمثل زهد أبى ذر فى زمانه.
فالأولياء خصهم المولى بالكرامات، كما بيَّن كثير من الآيات والمواقف فى القرآن الكريم، مثل الخضر والعزير، والذى جاء بعرش ملكة سبأ لسيدنا سليمان، والحديث عن الأولياء يطول، فهناك الكتب التى كتبت فيهم، فنسأل الله أن يجمعنا بهم فى الدارين.. اللهم آمين.
درجات ومراتب الأولياء عند الصوفية
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
سأل مريد شيخه هل للأولياء درجات ومراتب، أم الجميع على درجة واحدة؟ فنظر إليه الشيخ وقال له: «يا بنى إذا كان الأنبياء على درجات كما قال مولانا سبحانه وتعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَٰتٍ وَءَاتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَٰتِ وَأَيَّدْنَٰهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَٰتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) البقرة ٢٥٣.
لا بد أن الأولياء على مراتب، فمنهم الأقطاب والأبدال والأوتاد وغيرهم، والولاية ثابتة فى كتاب الله عز وجل، فقال المولى: «أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ» يونس: ٦٢ – ٦٤، فالولاية لها ركنان هما الإيمان والتقوى.
وقد فصل هذه الدرجات والمراتب وبيَّن خصائصها ضياء الدين أحمد الكمشخانوى فى كتابه «جامع الأصول فى الأولياء وأنواعهم وأوصافهم» فيقول: «إن الأقطاب كثيرون فإن كل مقدم قوم هو قطبهم، وأما القطب الغوث الفرد الجامع فهو واحد» ويقول عن النقباء: «ونقباؤهم ثلاثمائة، وهم الذين استخرجوا خبايا النفوس» ولهم عشرة أعمال:
أربعة ظاهرة هى: «كثرة العبادة، والتحقق بالزهادة، والتجرد عن الإرادة، وقوة المجاهدة» وستة أعمال باطنة وهى: «التوبة والإنابة والمحاسبة والتفكر والاعتصام والرياضة» ويقول عن النجباء: «وأما النجباء فأربعون وقيل سبعون»، ويقول عن الأبدال: «وأما الأبدال فسبعة رجال، وهم أهل فضل وكمال واستقامة واعتدال، وقد تخلصوا من الوهم والخيال» ولهم أربعة أعمال ظاهرة هى «الصمت والسهر والجوع والعزلة»، وأربعة أعمال باطنة هى «التجرد والتفرد والجمع والتوحد»، ويقول عن الأوتاد: «وأما الأوتاد فهم عبارة عن أربعة، ولهم ثمانية أعمال: أربعة ظاهرة هى «كثرة الصيام وقيام الليل والناس نيام وكثرة الامتثال والاستغفار بالأسحار»، وأربعة أعمال باطنة هى «التوكل والتفويض والثقة والتسليم».
وقد استدل العلماء ببعض النصوص، ومنها ما أورده جلال الدين السيوطى فى رسالة «الخبر الدال على وجود الأقطاب والأوتاد والنجباء والأبدال»، المتضمنة فى «مجموع الحاوى للفتاوى»، ومن هذه النصوص: «روى الطبرانى- فى الأوسط- عن أنس (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (لن تخلو الأرض من أربعين رجلًا مثل خليل الرحمن فبهم يسقون وبهم ينصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر)- ذكره الحافظ أبو الحسن الهيثمى فى (مجمع الزوائد) وإسناده حسن- وقد أثر عن الحسن: أخرج ابن عساكر عن الحسن البصرى قال: لن تخلو الأرض من سبعين صديقًا وهم الأبدال، لا يهلك منهم رجل إلا أخلف الله مكانه مثله، أربعين بالشام وثلاثين من سائر الأرضين.
وأثر عن قتادة: أخرج ابن عساكر عن قتادة قال: لن تخلو الأرض من أربعين بهم يغاث الناس وبهم ينصرون وبهم يرزقون، كلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه رجلًا، قال قتادة: «والله إنى لأرجو أن يكون الحسن منهم».
وأخرج القشيرى فى الرسالة بسنده عن بلال الخواص قال: «كنت فى تيه بنى إسرائيل، فإذا رجل يماشينى فعجبت، فألهمت أنه الخضر- عليه السلام- فقلت له: بحق الحق من أنت؟ قال: أخوك الخضر، قلت: أريد أن أسألك، قال: سل، قلت: ما تقول فى الشافعى؟ قال: هو من الأوتاد، قلت: وما تقول فى أحمد بن حنبل؟ قال: رجل صديق، قلت: ما تقول فى بشر الحافى؟ قال: لم يخلق بعده مثله، قلت: بأى وسيلة رأيتك؟ قال: ببركة أمك».
وأخرج الإمام أحمد فى الزهد، وابن أبى الدنيا، وأبو نعيم، والبيهقى، وابن عساكر، عن جليس وهب بن منبه قال: رأيت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فى المنام فقلت: يا رسول الله أين بدلاء أمتك؟ فأومأ بيده نحو الشام، قلت: يا رسول الله أما بالعراق منهم أحد؟ قال: بلى، محمد بن واسع وحسان بن أبى سنان ومالك بن دينار، الذى يمشى فى الناس بمثل زهد أبى ذر فى زمانه.
فالأولياء خصهم المولى بالكرامات، كما بيَّن كثير من الآيات والمواقف فى القرآن الكريم، مثل الخضر والعزير، والذى جاء بعرش ملكة سبأ لسيدنا سليمان، والحديث عن الأولياء يطول، فهناك الكتب التى كتبت فيهم، فنسأل الله أن يجمعنا بهم فى الدارين.. اللهم آمين.
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin