بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ..
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
القرءان يفضح خبث اليهود و يظهر ضلالهم
ذكر القرءان الكريم المنـزّل على خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم، اليهود و بين فسادهم و ضلالهم فى كثير من السور و الآيات و لا سيما الأعمال البشعة التى قاموا بها من تكذيبهم لآيات الله تعالى من قتلهم النبيين والمؤمنين فاستحقوا بذلك الوصف بأعداء الله و أعداء أنبيائه و أعداء المؤمنين، و قضية تكفيرهم لا يختلف فيها اثنان من أهل الفهم و الإيمان كما جاء ذلك فى كثير من ءايات القرءان التي نكتفي بذكر بعض منها.
ففي سورة البقرة / من الأية 61 ، يقول الله تعالى في اليهود:{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.}
و في سورة ءال عمران /21. يقول الله عز و جل فيهم:{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ.}
و قال تعالى في سورة المائدة / من الأية 64 : وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ.)
و قال تعالى في سورة المائدة / 78 : لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ )
و قال أيضا في سورة المائدة / من الأية 82 ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ.)
وبعد بيان حكم اليهود فى القرءان فإليك أيها القارئ مقارنة بين عقيدة اليهود و عقيدة خوارج هذا العصر الوهابية و من يدور في فلكهم، و كل ذلك مأخوذ من كتبهم و مطبوعاتهم و منشوراتهم و تصريحاتهم مع بيان اسم الكتاب و المؤلف و الناشر و رقم الصحيفة و تاريخ الطبع، لنحكم عليهم بناء على ما تفوهت به أفواههم، وخطته أقلامهم، و نشرته أموالهم، و روّجت له أتباعهم.
و قبل أن نبدأ ببيان عقيدة اليهود أعداء الله و عقيدة الوهابية نبدأ الفصل الأول من هذا البحث ببيان عقدة الأنبياء و الملائكة و الأولياء و عموم أهل الإسلام تحذيرًا وتحصيناً للقارئ من العقائد المخالفة، و نسأل الله الثبات على الهدى إلى الممات.
العقيدة المنجية
اعلم أن عقيدة المسلمين سلفاً و خلفاً بلا شك و لا ريب أن الله سبحانه و تعالى هو خالق العالم، قائم بنفسه مستغن عن كل ما سواه، فكلنا نحتاج إلى الله ولا نستغني عنه طرفة عين، والله تعالى لا يحتاج لشئ من خلقه، ولا ينتفع بطاعاتهم و لا ينضرّ بمعاصيهم، ولا يحتاج ربنا إلى محل يَحُلُّهُ ولا إلى مكانٍ يُقِلُّهُ، و أنه ليس بجسم ولا جوهرٍ.
واعلم أن الحركة والسكون والذهاب والمجيء والكون فى المكان، والاجتماع والافتراق، والقرب والبعد من طريق المسافة، والاتصال والانفصال، والحجم والجرم، والجثة والصورة والشكل والحيز والمقدار والنواحي والأقطار والجوانب والجهات كلها لا تجوز عليه تعالى لأن جميعها يوجب الحد والنهاية والمقدار ومن كان ذا مقدار كان مخلوقاً، قال تعالى:{ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}
واعلم أن كل ما تُصُوِّرَ فى الوهم من طول وعرض وعمق وألوان وهيئات يجب أن يُعتقد أن صانعَ العالم بخلافه، وأنه تعالى لا يجوز عليه الكيفية والكمية والأينية لأن من لا مِثلَ له لا يجوز أن يقال فيه كيف هو، و من لا عدد له لا يجوز أن يقال كم هو، ومن لا أول له لا يقال مما كان، و من لا مكان له لا يقال فيه أين كان، فإن الذي أيَّن الأين لا يقال له أين، والذي كيَّف الكيف لا يقال له كيف.
فالله تعالى مقدَّس عن الحاجات ، منـزّه عن العاهات ، وعن وجوه النقص والآفات ، متعال عن أن يوصف بالجوارح والآلات ، والأدوات والسكون والحركات ، لا يليق به الحدود والنهايات ، ولا تحويه الأرضون ولا السموات ، ولا يجوز عليه الألوان والمماسّات ، ولا يجري عليه زمان ولا أوقات، ولا يلحقه نقص ولا زيادات، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، موجود بلا حدّ، موصوف بلا كيف، لا تتصوّره الأوهام، ولا تقدّره الأفهام، ولا يشبه الأنام، بل هو الموجود الذي لا يشبه الموجودات واحد فى ملكه فلا شريك له.
والله سبحانه وتعالى خالق العالم بأسره علويّه و سفليّه. والأرض و السموات، قادر على ما يشاء، فعال لما يريد، موجود قبل الخلق ليس له قبل ولا بعد ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال و لا أمام ولا خلف ولا كل ولا بعض ولا طولٌ ولا عرضٌ، كان ولا مكان، كوّن الأكوان ودبّر الزمان، لا يتخصّص بالمكان، ولا يتقيد بالزمان، ليس بمحدود فيحدَّ، وليس بمحسوس فيجسَّ، ولا يُحس ولا يُمس ولا يُجس.
وكل ما كان من معانى الأجسام و صفات الأجرام فهو عليه تعالى محال، وكل ما ورد فى القرءان أو السنة وصفاً لله تعالى فهو كما ورد وبالمعنى الذي يليق بالله تعالى بلا تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه.
ولا يجوز حمل المتشابه من الآيات والأحاديث على ظواهرها ، ومن فعل ذلك فقد كذَّب القرءان وخرج عن إجماع الأمة الإسلامية.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام الحافظ البيهقي رحمه الله:" وفي الجملة يجب أن يُعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج، ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشئ من خلقه، لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف بلا أين ، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان ، وأن مجيئه ليس بحركة ، وأن نزوله ليس بنقلة ، وأن نفسه ليس بجسم ، وأن وجهه ليس بصورة ، وأن يده ليست بجارحة ، وأن عينه ليست بحدقة ، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها ونفينا عنها التكييف ، فقد قال تعالى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئٌ(11)}.
وقال:{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)}.
وقال:{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(65)}
" انتهى من كتابه الاعتقاد و الهداية ص/72
وعلى هذا الاعتقاد إجماع أهل الإيمان ونقل هذا الإجماع النووي فى شرح مسلم 5 / 24 - طبعة دار الفكر - بيروت عن القاضي عياض المالكي أنه لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارِِهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله فى السماء كقوله تعالى:{ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء(16)}. ونحوه ليس على ظاهرها بل متأَوَّلَة عند جميعهم.
وعلى هذا كان أئمة الإسلام و بحور العلم كالإمام ابن الجوزي الحنبلي حيث يقول فى كتابه المدهش - طبعة دارالجيل – ص/131:" و إنما تُضرب الأمثال لمن له أمثال ، كيف يقال له كيف ، والكيف فى حقه محال ، أنّى تتخيله الأوهام وكيف تحده العقول " ويقول:"ما عَرَفَه من كيّفه ولا وحَّدَهُ من مثَّلَه ، ولا عَبدَه من شبَّهه، المشبّهُ أعشى والمعطِّل أعمى".
وفي كتابه الفتاوى الهندية 2/ 259 من طبعة دار إحياء التراث العربي يقول ما نصه:" يكفر بإثبات المكان لله تعالى ".
وفى كتاب المنهاج القويم شرح شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي على المقدمة الحضرمية ص/ 224 يقول:" واعلم أن القَرافي وغيرَه حكوا عن الشافعي و مالك و أحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك"
ومثل ذلك قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه فيما رواه عنه القشيري فى الرسالة:" من زعم أن إلهنا في شئ ، أو على شئ ، أو من شئ فقد أشرك ، إذا لو كان في شئ لكان محصورًا ، ولو كان على شئ لكان محمولا ، ولو كان من شئ لكان محدثاً " أي مخلوقاً.
وهذا المعتقد الحق الذي نقل الإجماعَ عليه أيضًا إمامُ الحرمين أبو المعالي عبد الملك فى كتابه الإرشاد حيث يقول في ص/58:" مذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن الحيز والتخصص بالجهات".
وقال الإمام الكبير عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي فى الفَرق بين الفِرق ص/ 333:" وأجمعوا على أنه لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان".
وقال الإمام شيخ أهل السنة و الجماعة بلا منازع الحافظ أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في كتابه النوادر:" من اعتقد أن الله جسمٌ فهو غير عارفٍ بربه وإنه كافر به".
وقال الإمام المتولي الشافعي فى كتابه الغنية:"أو أثبت ما هو منفيٌّ عنه بالإجماع كالألوان ، أو أثبت له الاتصال و الانفصال ، كان كافرًا"، نقله النووي فى الروضة 10 /64 طبعة بيروت..
وقال شيخ المشايخ وَعَلَمُ أهل الحقيقة والطريقة السيد أحمد الرفاعي الكبير قدس الله سره:" غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان" ذكره في البرهان المؤيد.
وقال الشيخ عبد الغنى النابلسي ص / 124 من كتاب الفتح الرباني:"من اعتقد أن الله ملأ السموات و الأرض أو أنه جسم قاعد فوق العرش فهو كافر وإن زعم أنه مسلم".
وقد اتفق السلف والخلف على أن من اعتقد أن الله فى جهة فهو كافر كما صرح به العراقي ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأبو الحسن الأشعري والباقلاني كما ذكر ذلك ملا علي القاري فى شرح المشكاة 3 / 300 - طبعة دار الفكر - وعلى هذا علماء الإسلام سلفاً وخلفاً وهذه عقيدة المسلمين فى بلاد الحجاز وإندونيسيا وماليزيا والهند وبنغلادش والباكستان وتركيا والمغرب العربي، وبلاد الشام ومصر واليمن والعراق والسودان وإفريقيا وداغستان والشيشان وبخارى وجرجان وسمرقند وغيرها
فالمسلمون يعتقدون أن الله موجود بلا مكان ولا جهة ولا كيف، وأما الوهابية فإنهم يعتقدون التشبيه والتجسيم فى حق الله تعالى كما سترى بعينك الألفاظ القبيحة المستهجنة التى يستعملونها والتى سوف تدرك بها بعد إطلاعك على كامل هذا البحث تشابه عقيدة وفكر اليهود والوهابية، بل وعلى عين الألفاظ فى نسبة القعود والجلوس والحركة والسكون والأعضاء والجوارح والصوت والفم إلى الله والعياذ بالله تعالى.
هذا وقد صرح أحد أتباعهم المدعو عبد الرحمن بن سعيد دمشقية اللبناني فى بعض كتبه التى ألفها بإيعاز وتمويل من أسياده الوهابية بأنه لا يجوز القول بأن الله لا يتغير وأدعى أن قائله مبتدع ، والعياذ بالله من سخافة العقل ، فكل عاقل يعرف أن التغير دليل الحدوث ، بل قال العلماء هو من علامات الحدوث ، لذا يقول المسلمون:" سبحان الله الذى يغيّر ولا يتغير".
و الآن بعد بيان العقيدة المنجية عقيدة أهل السنة و الجماعة في حق الله فقد ءان أوان الشروع في ذكر و سَرْد عقيدة الوهابية و عقيدة اليهود و المقارنة بينهما من كتب كلتا الطائفتين ، و ذلك ليعلم المطالع موافقة عقيدة الوهابية لعقيدة اليهود.
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
القرءان يفضح خبث اليهود و يظهر ضلالهم
ذكر القرءان الكريم المنـزّل على خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم، اليهود و بين فسادهم و ضلالهم فى كثير من السور و الآيات و لا سيما الأعمال البشعة التى قاموا بها من تكذيبهم لآيات الله تعالى من قتلهم النبيين والمؤمنين فاستحقوا بذلك الوصف بأعداء الله و أعداء أنبيائه و أعداء المؤمنين، و قضية تكفيرهم لا يختلف فيها اثنان من أهل الفهم و الإيمان كما جاء ذلك فى كثير من ءايات القرءان التي نكتفي بذكر بعض منها.
ففي سورة البقرة / من الأية 61 ، يقول الله تعالى في اليهود:{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.}
و في سورة ءال عمران /21. يقول الله عز و جل فيهم:{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ.}
و قال تعالى في سورة المائدة / من الأية 64 : وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ.)
و قال تعالى في سورة المائدة / 78 : لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ )
و قال أيضا في سورة المائدة / من الأية 82 ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ.)
وبعد بيان حكم اليهود فى القرءان فإليك أيها القارئ مقارنة بين عقيدة اليهود و عقيدة خوارج هذا العصر الوهابية و من يدور في فلكهم، و كل ذلك مأخوذ من كتبهم و مطبوعاتهم و منشوراتهم و تصريحاتهم مع بيان اسم الكتاب و المؤلف و الناشر و رقم الصحيفة و تاريخ الطبع، لنحكم عليهم بناء على ما تفوهت به أفواههم، وخطته أقلامهم، و نشرته أموالهم، و روّجت له أتباعهم.
و قبل أن نبدأ ببيان عقيدة اليهود أعداء الله و عقيدة الوهابية نبدأ الفصل الأول من هذا البحث ببيان عقدة الأنبياء و الملائكة و الأولياء و عموم أهل الإسلام تحذيرًا وتحصيناً للقارئ من العقائد المخالفة، و نسأل الله الثبات على الهدى إلى الممات.
العقيدة المنجية
اعلم أن عقيدة المسلمين سلفاً و خلفاً بلا شك و لا ريب أن الله سبحانه و تعالى هو خالق العالم، قائم بنفسه مستغن عن كل ما سواه، فكلنا نحتاج إلى الله ولا نستغني عنه طرفة عين، والله تعالى لا يحتاج لشئ من خلقه، ولا ينتفع بطاعاتهم و لا ينضرّ بمعاصيهم، ولا يحتاج ربنا إلى محل يَحُلُّهُ ولا إلى مكانٍ يُقِلُّهُ، و أنه ليس بجسم ولا جوهرٍ.
واعلم أن الحركة والسكون والذهاب والمجيء والكون فى المكان، والاجتماع والافتراق، والقرب والبعد من طريق المسافة، والاتصال والانفصال، والحجم والجرم، والجثة والصورة والشكل والحيز والمقدار والنواحي والأقطار والجوانب والجهات كلها لا تجوز عليه تعالى لأن جميعها يوجب الحد والنهاية والمقدار ومن كان ذا مقدار كان مخلوقاً، قال تعالى:{ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ}
واعلم أن كل ما تُصُوِّرَ فى الوهم من طول وعرض وعمق وألوان وهيئات يجب أن يُعتقد أن صانعَ العالم بخلافه، وأنه تعالى لا يجوز عليه الكيفية والكمية والأينية لأن من لا مِثلَ له لا يجوز أن يقال فيه كيف هو، و من لا عدد له لا يجوز أن يقال كم هو، ومن لا أول له لا يقال مما كان، و من لا مكان له لا يقال فيه أين كان، فإن الذي أيَّن الأين لا يقال له أين، والذي كيَّف الكيف لا يقال له كيف.
فالله تعالى مقدَّس عن الحاجات ، منـزّه عن العاهات ، وعن وجوه النقص والآفات ، متعال عن أن يوصف بالجوارح والآلات ، والأدوات والسكون والحركات ، لا يليق به الحدود والنهايات ، ولا تحويه الأرضون ولا السموات ، ولا يجوز عليه الألوان والمماسّات ، ولا يجري عليه زمان ولا أوقات، ولا يلحقه نقص ولا زيادات، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، موجود بلا حدّ، موصوف بلا كيف، لا تتصوّره الأوهام، ولا تقدّره الأفهام، ولا يشبه الأنام، بل هو الموجود الذي لا يشبه الموجودات واحد فى ملكه فلا شريك له.
والله سبحانه وتعالى خالق العالم بأسره علويّه و سفليّه. والأرض و السموات، قادر على ما يشاء، فعال لما يريد، موجود قبل الخلق ليس له قبل ولا بعد ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال و لا أمام ولا خلف ولا كل ولا بعض ولا طولٌ ولا عرضٌ، كان ولا مكان، كوّن الأكوان ودبّر الزمان، لا يتخصّص بالمكان، ولا يتقيد بالزمان، ليس بمحدود فيحدَّ، وليس بمحسوس فيجسَّ، ولا يُحس ولا يُمس ولا يُجس.
وكل ما كان من معانى الأجسام و صفات الأجرام فهو عليه تعالى محال، وكل ما ورد فى القرءان أو السنة وصفاً لله تعالى فهو كما ورد وبالمعنى الذي يليق بالله تعالى بلا تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه.
ولا يجوز حمل المتشابه من الآيات والأحاديث على ظواهرها ، ومن فعل ذلك فقد كذَّب القرءان وخرج عن إجماع الأمة الإسلامية.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام الحافظ البيهقي رحمه الله:" وفي الجملة يجب أن يُعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج، ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشئ من خلقه، لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف بلا أين ، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان ، وأن مجيئه ليس بحركة ، وأن نزوله ليس بنقلة ، وأن نفسه ليس بجسم ، وأن وجهه ليس بصورة ، وأن يده ليست بجارحة ، وأن عينه ليست بحدقة ، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها ونفينا عنها التكييف ، فقد قال تعالى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَئٌ(11)}.
وقال:{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)}.
وقال:{ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(65)}
" انتهى من كتابه الاعتقاد و الهداية ص/72
وعلى هذا الاعتقاد إجماع أهل الإيمان ونقل هذا الإجماع النووي فى شرح مسلم 5 / 24 - طبعة دار الفكر - بيروت عن القاضي عياض المالكي أنه لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارِِهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله فى السماء كقوله تعالى:{ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء(16)}. ونحوه ليس على ظاهرها بل متأَوَّلَة عند جميعهم.
وعلى هذا كان أئمة الإسلام و بحور العلم كالإمام ابن الجوزي الحنبلي حيث يقول فى كتابه المدهش - طبعة دارالجيل – ص/131:" و إنما تُضرب الأمثال لمن له أمثال ، كيف يقال له كيف ، والكيف فى حقه محال ، أنّى تتخيله الأوهام وكيف تحده العقول " ويقول:"ما عَرَفَه من كيّفه ولا وحَّدَهُ من مثَّلَه ، ولا عَبدَه من شبَّهه، المشبّهُ أعشى والمعطِّل أعمى".
وفي كتابه الفتاوى الهندية 2/ 259 من طبعة دار إحياء التراث العربي يقول ما نصه:" يكفر بإثبات المكان لله تعالى ".
وفى كتاب المنهاج القويم شرح شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي على المقدمة الحضرمية ص/ 224 يقول:" واعلم أن القَرافي وغيرَه حكوا عن الشافعي و مالك و أحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك"
ومثل ذلك قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه فيما رواه عنه القشيري فى الرسالة:" من زعم أن إلهنا في شئ ، أو على شئ ، أو من شئ فقد أشرك ، إذا لو كان في شئ لكان محصورًا ، ولو كان على شئ لكان محمولا ، ولو كان من شئ لكان محدثاً " أي مخلوقاً.
وهذا المعتقد الحق الذي نقل الإجماعَ عليه أيضًا إمامُ الحرمين أبو المعالي عبد الملك فى كتابه الإرشاد حيث يقول في ص/58:" مذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن الحيز والتخصص بالجهات".
وقال الإمام الكبير عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي فى الفَرق بين الفِرق ص/ 333:" وأجمعوا على أنه لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان".
وقال الإمام شيخ أهل السنة و الجماعة بلا منازع الحافظ أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في كتابه النوادر:" من اعتقد أن الله جسمٌ فهو غير عارفٍ بربه وإنه كافر به".
وقال الإمام المتولي الشافعي فى كتابه الغنية:"أو أثبت ما هو منفيٌّ عنه بالإجماع كالألوان ، أو أثبت له الاتصال و الانفصال ، كان كافرًا"، نقله النووي فى الروضة 10 /64 طبعة بيروت..
وقال شيخ المشايخ وَعَلَمُ أهل الحقيقة والطريقة السيد أحمد الرفاعي الكبير قدس الله سره:" غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان" ذكره في البرهان المؤيد.
وقال الشيخ عبد الغنى النابلسي ص / 124 من كتاب الفتح الرباني:"من اعتقد أن الله ملأ السموات و الأرض أو أنه جسم قاعد فوق العرش فهو كافر وإن زعم أنه مسلم".
وقد اتفق السلف والخلف على أن من اعتقد أن الله فى جهة فهو كافر كما صرح به العراقي ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأبو الحسن الأشعري والباقلاني كما ذكر ذلك ملا علي القاري فى شرح المشكاة 3 / 300 - طبعة دار الفكر - وعلى هذا علماء الإسلام سلفاً وخلفاً وهذه عقيدة المسلمين فى بلاد الحجاز وإندونيسيا وماليزيا والهند وبنغلادش والباكستان وتركيا والمغرب العربي، وبلاد الشام ومصر واليمن والعراق والسودان وإفريقيا وداغستان والشيشان وبخارى وجرجان وسمرقند وغيرها
فالمسلمون يعتقدون أن الله موجود بلا مكان ولا جهة ولا كيف، وأما الوهابية فإنهم يعتقدون التشبيه والتجسيم فى حق الله تعالى كما سترى بعينك الألفاظ القبيحة المستهجنة التى يستعملونها والتى سوف تدرك بها بعد إطلاعك على كامل هذا البحث تشابه عقيدة وفكر اليهود والوهابية، بل وعلى عين الألفاظ فى نسبة القعود والجلوس والحركة والسكون والأعضاء والجوارح والصوت والفم إلى الله والعياذ بالله تعالى.
هذا وقد صرح أحد أتباعهم المدعو عبد الرحمن بن سعيد دمشقية اللبناني فى بعض كتبه التى ألفها بإيعاز وتمويل من أسياده الوهابية بأنه لا يجوز القول بأن الله لا يتغير وأدعى أن قائله مبتدع ، والعياذ بالله من سخافة العقل ، فكل عاقل يعرف أن التغير دليل الحدوث ، بل قال العلماء هو من علامات الحدوث ، لذا يقول المسلمون:" سبحان الله الذى يغيّر ولا يتغير".
و الآن بعد بيان العقيدة المنجية عقيدة أهل السنة و الجماعة في حق الله فقد ءان أوان الشروع في ذكر و سَرْد عقيدة الوهابية و عقيدة اليهود و المقارنة بينهما من كتب كلتا الطائفتين ، و ذلك ليعلم المطالع موافقة عقيدة الوهابية لعقيدة اليهود.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin