بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)
يقول الحق جل جلاله : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } أي : إذا علمت أن مدار السعادة ، والفوز بالنعيم في دار البقاء هو التوحيد والطاعة ، ومناط الشقاء والخسران في دار الهوان هو الإشراك والعصيان ، فاثبت على ما أنت عليه من التوحيد ، واعلم أنه لا إله في الوجود إلا الله ، فلا يستحق العبادة غيره ، { واستغفر لذنبك } وهو ما قد يصدر منه صلى الله عليه وسلم من خلاف الأولى ، عبر عنه بالذنب نظرا إلى منصبه الجليل ، كيف لا ، وحسنات الأبرار سيئات المقربين؟ فكل مقام له آداب ، فإذا أخل بشيء من آدابه أمر بالاستغفار ، فلمقام الرسالة آداب ، ولمقام الولاية آداب ، ولمقام الصلاة آداب ، وضعف العبودية لا يقوم بجميع حقوق الربوبية ، قال تعالى : { وما قدروا الله حق قدره } [ الزمر : 67 ] . وبالجملة فالقيام بالآداب مع الله - تعالى - على ما يستحقه - سبحانه - حتى يحيط العبد بجميع الآداب مع عظمة الربوبية محال عادة ، قال صلى الله عليه وسلم مع جلالة منصبه : « لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » فكل ما قرب العبد من الحضرة شدد عليه في طلب الأدب ، فإذا أخذته سنة أمر بالاستغفار ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستغفر في المجلس سبعين مرة ، أو مائة ، على ما في الأثر .
وقال شيخ شيوخنا ، سيدي عبد الرحمن الفاسي ، بعد كلام : والحق أن استغفاره صلى الله عليه وسلم طلب ثبات المغفرة والستر من الوقوع ، لا طلب العفو بعد الوقوع ، وقد أخبره تعالى بأنه فعل . وقد يقال : استغفار تعبد لا غير . قال : والذي يظهر لي أن أمره بالاستغفار مع وعد الله بأنه مغفور له؛ إشارة إلى الوقوف مع غيب المشيئة ، لا مع الوعد ، وذلك حقيقة ، والوقوف مع الوعد شريعة . وقال الطيبي : إذا تيقنت أن الساعة آتية ، وقد جاء أشراطها ، فخذ بالأهم فالأهم ، والأولى فالأولى ، فتمسك بالتوحيد ، ونزه الله عما لا ينبغي ، ثم طهر نفسك بالاستغفار عما لا يليق بك ، من ترك الأولى ، فإذا صرت كاملا في نفسك فكن مكملا لغيرك ، فاستغفر { للمؤمنين والمؤمنات } . ه . أي : استغفر لذنوبهم بالدعاء لهم ، وترغيبهم فيما يستدعي غفران ذنوبهم .
وفي إعادة الجار تنبيه على اختلاف معلقيه؛ إذ ليس موجب استغفاره صلى الله عليه وسلم كموجب استغفارهم ، فسيئاته - عليه السلام - فرضا حسناتهم . وفي حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه - أي : ولذنب المؤمنين - إشعار بعراقتهم في الذنوب ، وفرط افتقارهم إلى الاستغفار .
تفسير ابن عجيبة
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)
يقول الحق جل جلاله : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } أي : إذا علمت أن مدار السعادة ، والفوز بالنعيم في دار البقاء هو التوحيد والطاعة ، ومناط الشقاء والخسران في دار الهوان هو الإشراك والعصيان ، فاثبت على ما أنت عليه من التوحيد ، واعلم أنه لا إله في الوجود إلا الله ، فلا يستحق العبادة غيره ، { واستغفر لذنبك } وهو ما قد يصدر منه صلى الله عليه وسلم من خلاف الأولى ، عبر عنه بالذنب نظرا إلى منصبه الجليل ، كيف لا ، وحسنات الأبرار سيئات المقربين؟ فكل مقام له آداب ، فإذا أخل بشيء من آدابه أمر بالاستغفار ، فلمقام الرسالة آداب ، ولمقام الولاية آداب ، ولمقام الصلاة آداب ، وضعف العبودية لا يقوم بجميع حقوق الربوبية ، قال تعالى : { وما قدروا الله حق قدره } [ الزمر : 67 ] . وبالجملة فالقيام بالآداب مع الله - تعالى - على ما يستحقه - سبحانه - حتى يحيط العبد بجميع الآداب مع عظمة الربوبية محال عادة ، قال صلى الله عليه وسلم مع جلالة منصبه : « لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » فكل ما قرب العبد من الحضرة شدد عليه في طلب الأدب ، فإذا أخذته سنة أمر بالاستغفار ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستغفر في المجلس سبعين مرة ، أو مائة ، على ما في الأثر .
وقال شيخ شيوخنا ، سيدي عبد الرحمن الفاسي ، بعد كلام : والحق أن استغفاره صلى الله عليه وسلم طلب ثبات المغفرة والستر من الوقوع ، لا طلب العفو بعد الوقوع ، وقد أخبره تعالى بأنه فعل . وقد يقال : استغفار تعبد لا غير . قال : والذي يظهر لي أن أمره بالاستغفار مع وعد الله بأنه مغفور له؛ إشارة إلى الوقوف مع غيب المشيئة ، لا مع الوعد ، وذلك حقيقة ، والوقوف مع الوعد شريعة . وقال الطيبي : إذا تيقنت أن الساعة آتية ، وقد جاء أشراطها ، فخذ بالأهم فالأهم ، والأولى فالأولى ، فتمسك بالتوحيد ، ونزه الله عما لا ينبغي ، ثم طهر نفسك بالاستغفار عما لا يليق بك ، من ترك الأولى ، فإذا صرت كاملا في نفسك فكن مكملا لغيرك ، فاستغفر { للمؤمنين والمؤمنات } . ه . أي : استغفر لذنوبهم بالدعاء لهم ، وترغيبهم فيما يستدعي غفران ذنوبهم .
وفي إعادة الجار تنبيه على اختلاف معلقيه؛ إذ ليس موجب استغفاره صلى الله عليه وسلم كموجب استغفارهم ، فسيئاته - عليه السلام - فرضا حسناتهم . وفي حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه - أي : ولذنب المؤمنين - إشعار بعراقتهم في الذنوب ، وفرط افتقارهم إلى الاستغفار .
تفسير ابن عجيبة
أمس في 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin