سلسلة دروس موانع السلوك
للشيخ مخلف العلي القادري الحسيني
المانع الثاني : الدنيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً وفقهاً وإخلاصاً في الدين وبعد :
أحبابي الكرام :
الدنيا هي من العوائق المهمة التي تعيق طريق السالك الى ربه جل وعلا وقد بين هذا سيدنا محمد صلى الله عليهِ وآله وسلم في احاديث كثيرة وقد بين هذا اهل الله والعارفون بل تكاد تكون الدنيا هي العائق الرئيسي في هذه الايام
واعلم اخي السالك أن الدنيا تتلخص فيما يلي:
· اولا : المال
· ثانيا: الأولاد
· ثالثا: النساء بالنسبة للرجال ، والرجال بالنسبة للنساء
· رابعا: الطعام والشراب
· خامسا: النوم
ولكل واحد منها توابع نبدأ الاولى وهي:
الأمر الأول المال:
فالإنسان ينشغل بالمال من حيث جمعه والحصول عليه ، ثم بعد ذلك ينشغل بالإنفاق ، و اعلم أن الانشغال بالمال يورث عدة امراض تكون هي العائق بين الانسان وربه واهم الامراض التي يولدها المال : ( حب المال - الطمع - الحسد - التباغض - الحرص ) وقد يورث ايضا امراض اخرى : (الكبر - العجب الغرور ) طبعا هذا اذا لم يلطف به الله سبحانه وتعالى.
والان كيف الوقاية من الوقوع في حفرة المال - وكيف الخلاص اذا وقع الانسان فيها :
الخطوة الأولى :اعلم أن اول خطوة هي اليقين بالله تعالى فيجب عليك ان تقوي اليقين بالله في قلبك وعقلك لانه باليقين ستعلم ان الرزق مقسوم وان رزقه مقدر ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فإذا استقر في نفسه هذا الاعتقاد لم يتكالب على الدنيا وسيورث عنده القناعة ومن بعد القناعة يأتي الرضا
الخطوة الثانية :ان يحذر من الحرام لان الحرام يشكل حجابا مظلما امامه ولا يرضى الا بالحلال
الخطوة الثالثة : ان يحول المال الى نعمة وذلك بإنفاقه في وجه الخير
الخطوة الرابعة: يجب ان يعلم ان المال لله يعطيه متى وكيف واين يشاء ويسلبه كذلك متى واين وكيف يشاء
الامر الثاني: فتنة النساء والرجال:
واعلم أن هذا الامر هو فطري غرزه الله في بني البشر ولا يستطيع الانسان أن يعيش بدونه، وهذا الامر كيف يكون عائقا: يكون عائقا بان ينشغل الانسان به ويجعله اكبر همه فيكرس الحياة عليه ونحن في هذا الزمن نعوذ بالله نعاني من فتن عظيمة جدا في هذا الزمن فالمعصوم من عصمه الله من هذه الفتنة،
يقول الامام القشيري: اذا اراد الله ان يعاقب المريد ابتلاه بحب النساء
والامر ينطبق ذاته على النساء ومرض حب النساء من اصعب الامراض التي تصيب المريد. واذكر أني سمعت من سيدي الشيخ عبيد الله قولا عظيما:
قال يا بني ان الشيخ يستطيع ان يخلص المريد بهمته من جميع الامراض التي تعتريه الا مرضين فلابد لهما من همة المريد وليس للشيخ سلطان عليهما( حب النساء - العجب ) فان حب النساء يسقطك من المقام الذي انت فيه - والعجب يسقطك من الفضل الذي انت عليه.
والنقطة الهامة في هذا ان حب النساء اذا دخل القلب وعلق به يطرد كل شيء فيه والمشكلة في العشق هذا انه ينتشر كالسم في الدم فلا تبقى ذرة الا ويدخلها وهنا يبدا المريد اولا بالانشغال الفكري ثم بعد ذلك بالانشغال القلبي ثم بعد ذلك الانشغال الروحي وهنا يكون قد اقترب من الخطر وهو وقوع الجوارح بالمعصية فان المعصية عندما تطلبها النفس تكون وسيلتها هي الجوارح
الوقاية والعلاج:
دائما هناك ثلاثة جنود يقفون عارضا امام المعصية: الاول العقل: فإذا تغلبت النفس ، جاء القلب: فإذا تغلبت النفس ، جاءت الروح فإذا تغلبت النفس وقع في الكارثة وسقط من عين الله، لكن اذا استطاع العقل او القلب او الروح الوقوف امام النفس حفظه الله تعالى ورعاه ونجاه لذلك الترياق الحقيقي هو توفيق الله تعالى للعبد فالترياق لهذا المرض هو كالتالي:
الترياق الأول:
ان يستعين من ابتلي بهذا عافانا الله واياكم بالله ويلجأ اليه بالدعاء والنبي صلى الله عليهِ وآله وسلم كان يستعيذ من فتنة النساء وكان يعلم اصحابه ذلك
الترياق الثاني :
كثرة الذكر واهم الاذكار التي تنفع في هذا هي التوحيد (لا اله الا الله ) هكذا اخذناها عن اهل الله فالتوحيد ينجيك ويعصمك من فتنة النساء والتوحيد فيه سر عظيم وهو افراد الله بالوحدانية في كل شيء والتوحيد عندما يعمل به المريد يفرغ القلب شيء فشيء حتى يفرغ القلب من غير الله والتوحيد ايضا يقطع عنك كل العلائق.
الترياق الثالث لحب النساء :
ملازمة المرشد قدر الاستطاعة حاول ملازمة شيخك او من ينوب عنه فإن لم تجد فاصحب اخا صالحا وهذا مجرب وعظيم هذا علاج النساء والرجال .
الأمر الثالث : حب الاولاد:
واعلم أن الاولاد يكونون عائق بما يلي:
من خلال المحبة المفرطة التي تجعلك تنشغل بهم وبرزقهم وطعامهم وشرابهم حتى تنسى ان الله رازقك ورازقهم
والترياق للعلاج مشكلة الاولاد : حسن التربية والتوكل على الله تعالى في كل امرهم
الامرين الأخيرين وهما ( الطعام والشراب – والنوم ):
وهذان أيضا من فطرة الله تعالى ويكونان عائقا باشتغال المريد وتفويت الخير الكثير عليه لكن تصبح خطر اذا صارت هي الهم في الحياة والانسان يصبح اسيرا لها فمن اكل كثيرا نام كثيرا ومن نام كثيرا فاته الخير الكثير فكثرة الطعام من الامور المنبوذة الجوع والسهر كلاهما من قواعد التصوف فالنوم والطعام من الاسباب القوية في تعويق المريد لان فيهما ضياع ما يلي: ( الذكر - القيام – الصيام ) وبهذا الكلام يتضح لنا معنى ان الدنيا عائق بين المريد وبين ربه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin