أهل الطريق:محمد عبده

محمد عبده
أول مفتٍ للديار المصرية هو إمام التنوير محمد عبده. إنني أنصح دائماً بقراءة كتابه (الإسلام دين العلم والمدنية)، يحدثنا عن أصول الإسلام: التحصيل العقلي للإيمان، تقديم العقل على ظاهر النص عند التعارض، البُعد عن التكفير، قلب المؤسسة الدينية والإتيان عليها من أساسها، الاعتبار بسنن الله في الخلق، حماية الدعوة لمنع الفتنة، مودة المخالفين في العقيدة، والجمع بين مصالح الدنيا والآخرة.

للإمام فتاوى رائعة تناصر الفنون وتصون الآثار، وتحارب الاستبداد، وتُمكِّن المرأة، وليس غريباً أن تعرف بعض تلاميذه: سعد زغلول، قاسم أمين، أحمد لطفي السيد، وحافظ إبراهيم. إن القصيدة التي نرددها جميعاً لشاعر النيل «الأم مدرسة» نظمها بتشجيع الإمام نصرة لمؤلفات قاسم أمين عن المرأة.

من أقوال الإمام «لا يجوز لأحد من الناس أن يتتبع عورة أحد، ولا يسوَّغ لقوي أو ضعيف أن يتجسس على عقيدة أحد». «لم يدع الإسلام لأحد بعد الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد، ولا سيطرة على إيمانه، على أن رسول الله كان مُذكراً لا مسيطراً ولا مهيمناً». «إذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مئة وجه، ولا يحتمل الإيمان إلا من وجه واحد، حمل على الإيمان ولا يجوز حمله على الكفر».

وفي ظل الاحتقان الطائفي الذي تعيشه المنطقة نتذكر مقولته «إذا تنافرت الطوائف تشاغلت كل منها بما يحط شأن الأخرى، فكانت كل مساعيهم ضرراً على الأوطان».

رحم الله الإمام محمد عبده ورضي عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلبه ومثواه، ونفعنا بعلمه وهديه وهداه، وأكرمنا بمحبته ورضاه.