أهل الطريق: البوصيري

البوصيري
ما نالت قصيدة عربية مثل هذا المجد والذيوع، إنها قصيدة الإمام البوصيري (البردة) أو «الكواكب الدرية في مدح خير البرية» التي كتبها في القرن السابع الهجري، مدحاً للرسول الأعظم، قال عنها زكي مبارك «البوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلّقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير غنيت بها لغة التخاطب، وعن البردة عرفوا أبواباً من السيرة النبوية، وعن البردة تلّقوا أبلغ درس في كرم الشمائل والخلال».
شرح القصيدة مئات علماء السنة من آخرهم الصديق الراحل عمر كامل، واستمرت مصدر إلهام للشعراء عبر العصور، فهذا أحمد شوقي يكتب (نهج البردة)، وهذا عبدالمولى البغدادي يقول:
يا خير مولى لعبد حائر السبل .. مولاي عبدك بين اليأس والامل
وانضم أخيراً للركب الشاعر تميم البرغوثي.
تتنافس أبيات القصيدة جمالاً وإشراقاً، وليس السر فيمن كتبها إنما فيمن كُتبت عنه:
مولاي صل وسلم دائماً أبداً .. على حبيبك خير الخلق كلهم
محمد سيد الكونين والثقلين .. والفريقين من عرب ومن عجم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته .. لكل هول من الأهوال مقتحم
فاق النبيين في خلق وفي خلق .. ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس .. غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم
فإن فضل رسول الله ليس له .. حد فيعرب عنه ناطق بفم
رحم الله البوصيري، ورضي عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلبه ومثواه، ونفعنا بعلمه وهديه وهداه، وأكرمنا بمحبته ورضاه.