أهل الطريق: زكريا الأنصاري

زكريا الأنصاري
حين توفي القاضي زكريا الأنصاري رثته مصر: قضى زكريا نحبه فتفجرت/‏‏ عليه عيون النيل يوم حمامه/‏‏ لتعلم أن الدهر راح إمامه/‏‏ وما الدهر يبقى بعد فقد إمامه.
وهذا ليس غريباً على إمام قدم الكثير للمكتبة الإسلامية، أهمها مطلقاً كتاب «إعراب القرآن العظيم»، وله أيضاً: أدب القاضي على مذهب الشافعي، الفتحة الأنسية لغلق التحفة القدسية، الفتوحات الإلهية في نفع أرواح الذوات الإنسانية والعلية.
من شيوخه ابن حجر العسقلاني وجلال الدين المحلي، ومن تلامذته ابن حجر الهيثمي، ويُعرف المرء بأساتذته وتلامذته، لذلك لقبه جمع العلماء بمجدد القرن التاسع عشر وشيخ الإسلام، وقالوا عنه «الشيخ الإمام وشيخ مشايخ الإسلام، علامة المحققين وفهّامة المدققين، لسان المتكلمين وسيد الفقهاء والمحدثين، الحافظ المخصوص بعلو الإسناد والملحق للأحفاد بالأجداد، العالم العامل والولي الكامل».
عُرف عن الأنصاري حسن الخلق وحفظ الجميل، واليقين بالله وتفقد المحرومين والسؤال عنهم، قبل أن يتولى القضاء في عهد السلطان قايتباي بعد إلحاح، وتم عزله حين رفض الظلم، وكان السلطان يجل الأنصاري، حتى إنه في خطبة الجمعة نصح الأنصاري قايتباي علناً وانتقده، وظن الأنصاري أن قايتباي لن يكلمه أبداً، لكنه فوجئ به بعد الصلاة يقابله هاشاً باشاً وقائلاً «جزاك الله خيراً»، وبعد ذلك أوغر الوشاة في صدر السلطان حتى عزل قاضيه الذي تفرغ بعد ذلك للعلم.
سيرة الأنصاري مثال للنزاهة وللعصامية، وليتها تكون نبراساً للجميع. رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلبه ومثواه ونفعنا بعلمه وهديه وهداه وأكرمنا بمحبته ورضاه.