مناجاة الله سبحانه ألذُّ ما في هَذِهِ الدُّنْيَا
عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي -رضي الله تعالى عنه- أنَّهُ قال: قيل لي: يا عليُّ، طَهِّرْ ثِيَابَكَ من الدَّنَسِ تَحْظَ بمَدَدِ اللهِ في كلِّ نَفَسٍ، فقلت: وما ثيابي؟ فقيل لي: إنَّ الله كساك حُلَّة المعرفة، ثم حلة التوحيد، ثم حُلَّة المحبة، ثم حُلَّة التوفيق، ثم حُلَّة الإيمان، ثم حُلَّة الإسلام، فمن عرف الله صغر لديه كل شيء، ومن أحب الله هان عليه كل شيء، ومن وحَّد الله لم يشرك به شيئًا، ومن آمن بالله أمن من كلِّ شيء، ومن أسلم لله قَلَّمَا يعصيه، وإن عَصَاهُ اعتذَرَ إليه، وإن اعتذر إليه قَبِلَ عُذْرَهُ. قال: ففهمت من ذلك قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾([1]).
يا من عاشَ وما عاش، تخرج من الدنيا وما ذقت ألذَّ شيء فيها؛ وهي مناجاة الحق سبحانه ومخاطبته لك، فأنت مُلْقًى جيفةً بالليل، فإن دُفِعْتَ عنه فاستغِثْ بالله، وقل: يا ملائكة ربِّي، يا رسول ربِّي([2])، فاتتني الغنيمة التي نالوها من لذة المناجاة ووداد المصافاة.
إذا كان العبد معجبًا بطاعته متكبِّرًا على خلقه، مُمْتَلِئًا عظمة يطلب من الخَلْقِ أن يُوَفُّوا حُقُوقَهُ، ولا يوفِّي هو حقوقهم، فهذا يخشى عليه سوء الخاتمة والعياذ بالله، وإن كان إذا فعل معصية تراه باكيًا حزينًا منكسرًا ذليلًا يتطارح على أرجل الصالحين ويزورهم، معترفًا بالتقصير؛ فهذا يرجى له حسن الخاتمة.
إذا طلبتَ قارئًا وجدتَ ما لا يُحْصَى، وإن طلبت طبيبًا وجدت كثيرًا، وإن طلبتَ فقيهًا وجدت مثل ذلك، وإن طلبت من يَدُلُّكَ على الله ويعرفك عيوبَ نفسك لم تجد إلا قليلًا، فإن ظفرت به فأمسكه بكلتي يديك.
إن أردت أن تُنْصَرَ فكن كلُّك ذلة، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾([3])، إن أردت أن تُعْطَى فكن كلُّك فقرًا: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ﴾([4]) ربما قضى عليك بالذنب ليخرج منك الكبر والعجب، فقد روي: «ذنب أدخل صاحبه الجنة» يصلي الرجل ركعتين فيعتمد عليهما، ويركن إليهما، ويعجب بهما، فهذه حسنة أحاطت بها سيئات، وآخر يفعل المعصية فتكسبه الذلة والانكسار، ويديم المسكنة والافتقار، فهذه سيئة أحاطت بها حسنات.
كفى بك جهلًا نظرُك إلى صغير إساءة غيرك، وتعاميك عن كبير إساءتك.
لا تنتقد على الناس بظاهِرِ الشَّرْعِ، ولا تنكر عليهم؛ فلو خوطب الناس اليوم بما كانت عليه الصحابة والسَّلف الصالح لم يستطيعوا؛ لأن أولئك حُجَجُ الله على خلقه.
مثال الذَّنْبِ عند أرباب البصائر كجيفةٍ أدخلت الكلاب خراطيمها فيها، أرأيت إذا غمس رجلٌ فمه في جيفة أفما تعيب عليه؟ إذا كان الحق سبحانه قد جعل ميزانًا للبيع والشراء أفما يجعل ميزانًا للحقائق؟!.
([1]) الآية [4] من سورة المدَّثِّر.
([2]) النبي صلى الله عليه وسلم له حياة في قبره الشريف، ويطلع على أعمالنا بإطلاع الله سبحانه له عليها، صالحها وطالحها، فكما روي عنه صلى الله عليه وسلم: «تعرض عليَّ أعمالكم فما كان منها صالحًا حمدت الله عليها وأثنيت عليه، وما كان غير ذلك استغفرت لكم»، والحديث بمعناه فهو يدعو ويستغفر لنا صلى الله عليه وسلم، ويسمع صلاتنا عليه واستغاثتنا فيستغيث لنا بربه سبحانه.
([3]) آل عمران، آية: [123].
([4]) سورة التوبة، آية: [60].
عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي -رضي الله تعالى عنه- أنَّهُ قال: قيل لي: يا عليُّ، طَهِّرْ ثِيَابَكَ من الدَّنَسِ تَحْظَ بمَدَدِ اللهِ في كلِّ نَفَسٍ، فقلت: وما ثيابي؟ فقيل لي: إنَّ الله كساك حُلَّة المعرفة، ثم حلة التوحيد، ثم حُلَّة المحبة، ثم حُلَّة التوفيق، ثم حُلَّة الإيمان، ثم حُلَّة الإسلام، فمن عرف الله صغر لديه كل شيء، ومن أحب الله هان عليه كل شيء، ومن وحَّد الله لم يشرك به شيئًا، ومن آمن بالله أمن من كلِّ شيء، ومن أسلم لله قَلَّمَا يعصيه، وإن عَصَاهُ اعتذَرَ إليه، وإن اعتذر إليه قَبِلَ عُذْرَهُ. قال: ففهمت من ذلك قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾([1]).
يا من عاشَ وما عاش، تخرج من الدنيا وما ذقت ألذَّ شيء فيها؛ وهي مناجاة الحق سبحانه ومخاطبته لك، فأنت مُلْقًى جيفةً بالليل، فإن دُفِعْتَ عنه فاستغِثْ بالله، وقل: يا ملائكة ربِّي، يا رسول ربِّي([2])، فاتتني الغنيمة التي نالوها من لذة المناجاة ووداد المصافاة.
إذا كان العبد معجبًا بطاعته متكبِّرًا على خلقه، مُمْتَلِئًا عظمة يطلب من الخَلْقِ أن يُوَفُّوا حُقُوقَهُ، ولا يوفِّي هو حقوقهم، فهذا يخشى عليه سوء الخاتمة والعياذ بالله، وإن كان إذا فعل معصية تراه باكيًا حزينًا منكسرًا ذليلًا يتطارح على أرجل الصالحين ويزورهم، معترفًا بالتقصير؛ فهذا يرجى له حسن الخاتمة.
إذا طلبتَ قارئًا وجدتَ ما لا يُحْصَى، وإن طلبت طبيبًا وجدت كثيرًا، وإن طلبتَ فقيهًا وجدت مثل ذلك، وإن طلبت من يَدُلُّكَ على الله ويعرفك عيوبَ نفسك لم تجد إلا قليلًا، فإن ظفرت به فأمسكه بكلتي يديك.
إن أردت أن تُنْصَرَ فكن كلُّك ذلة، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ﴾([3])، إن أردت أن تُعْطَى فكن كلُّك فقرًا: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ﴾([4]) ربما قضى عليك بالذنب ليخرج منك الكبر والعجب، فقد روي: «ذنب أدخل صاحبه الجنة» يصلي الرجل ركعتين فيعتمد عليهما، ويركن إليهما، ويعجب بهما، فهذه حسنة أحاطت بها سيئات، وآخر يفعل المعصية فتكسبه الذلة والانكسار، ويديم المسكنة والافتقار، فهذه سيئة أحاطت بها حسنات.
كفى بك جهلًا نظرُك إلى صغير إساءة غيرك، وتعاميك عن كبير إساءتك.
لا تنتقد على الناس بظاهِرِ الشَّرْعِ، ولا تنكر عليهم؛ فلو خوطب الناس اليوم بما كانت عليه الصحابة والسَّلف الصالح لم يستطيعوا؛ لأن أولئك حُجَجُ الله على خلقه.
مثال الذَّنْبِ عند أرباب البصائر كجيفةٍ أدخلت الكلاب خراطيمها فيها، أرأيت إذا غمس رجلٌ فمه في جيفة أفما تعيب عليه؟ إذا كان الحق سبحانه قد جعل ميزانًا للبيع والشراء أفما يجعل ميزانًا للحقائق؟!.
([1]) الآية [4] من سورة المدَّثِّر.
([2]) النبي صلى الله عليه وسلم له حياة في قبره الشريف، ويطلع على أعمالنا بإطلاع الله سبحانه له عليها، صالحها وطالحها، فكما روي عنه صلى الله عليه وسلم: «تعرض عليَّ أعمالكم فما كان منها صالحًا حمدت الله عليها وأثنيت عليه، وما كان غير ذلك استغفرت لكم»، والحديث بمعناه فهو يدعو ويستغفر لنا صلى الله عليه وسلم، ويسمع صلاتنا عليه واستغاثتنا فيستغيث لنا بربه سبحانه.
([3]) آل عمران، آية: [123].
([4]) سورة التوبة، آية: [60].
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin