فصل :
فإذا عرفتَ أن في باطنك أربعة أمراء، كلُّ أمر وقهر فإنه يأمرك بشيء يخُصُّه ويريده منك، فراقب حركاتكَ وسكناتكَ حتى يتبيَّن لكَ في طاعة أيّهم أنت وموافقة أيُّهم أصلحُ وفي أي حالِ. واعلم أنَّه لا بُدَّ أن يَحصُلَ في قلبكَ أثرٌ على الحقيقة، وصفة من كلِّ حركةٍ تُوجدها، وتلكَ الصِّنعةُ والأثرُ يُلازمانكَ في قبركَ ويُعرضانِ عليك في صحيفتك يوم القيامة ، وتسمَّى تلك أخلاقك وصفاتك، وكُلُّ ذلك إنَّما يُفتح به عليك من جهة هؤلاء الأمراء الأربع، فإن كنتَ مُطيعاً بخنزير الشهوة كانت صفتك التَّقَذُّرَ والقحة والحرص والخسَّة والتَّذبذب والنفاق والحسد والشماتة وغير ذلك، فيظهر عليك في القيامة ذلك، وإن جعلته مقهوراً لك وكَفَفتَهُ بيَدِ القناعة ظهرتْ عليك صفة الحياء والصِّدق، وإن لم يُؤدّب القلب لكن تركه وُشومَ طَبعِهِ، واتبعَ هواه وأطاعهُ ظهرَ عليه أثر التَهوُّر وقلَّة المبالات والافتخار والتعظّم واحتقارِ النَّاس والاستخفاف بهم والإيقاع فيهم، وإنَّ ربطه (...) الأدب وصدّه عن اتباع طبعه ظهر عليه أثر الخير والتواضع والعفو والتثبُّت والشجاعة والسكون والكرم والشهامة وغير ذلك،وإن أطاع ذلك الشيطان الذي شيمتُهُ ابتلاء الكلب والخنزير وتأسيدهما وتعليمهما المكر والحيلة، ظهر عليه أثر الخيانة والتخليط والتَّداغل والخديعة والتلبيس والتملُّق، وإن قاده بِوَحاقِ القهر وربطه بسلاسل الأدب وجعله بحكم عسكر القلب والعقل ونصر جنود العقل على ذلك الشيطان، ظهر عليه أثر الفطنة والمعرفة والحلم والحكمة والصلاح وحسن الخلق والحشمة والكياسة، وإذا بقيت معه هذه الأخلاق كانت بذرَ سعادته، وعُدَّتْ من جملة الأعمال الصالحات، وتلك الأفعال التي تؤثِّر أخلاقاً محمودة، تُسمَّى طاعة، وما كان منها تؤثر أخلاقا مذمومة، تسمى معصية، وحركاتُ الآدمي وسكناته لا تخرج من هاتين الحالين والقلبُ يضيءُ كالمرآة ... وتكف عنه ظلمة المعصية ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا) فإذا كان في القيامة ظهر القلب إما مضيئا وأما مظلما، ولا ينجو إلاّ من أتى بقلب سليم.
واعلم بأن قلب الآدمي في ابتداء خلقه كالحديد الذي يُتخد منه مرآةٌ مضيئة تُشاهدُ فيها كلُّ مددك من العالم بحاسّة البصر إن حفطتها مما يُذهب ضوءها، وإن أهملتَ حفظَها استولى عليها الصَّدأ وانتهت إلى حال لا يصلح بعدها أن يُتخد مرآة كما قال الله تعالى : {لَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}.
فإذا عرفتَ أن في باطنك أربعة أمراء، كلُّ أمر وقهر فإنه يأمرك بشيء يخُصُّه ويريده منك، فراقب حركاتكَ وسكناتكَ حتى يتبيَّن لكَ في طاعة أيّهم أنت وموافقة أيُّهم أصلحُ وفي أي حالِ. واعلم أنَّه لا بُدَّ أن يَحصُلَ في قلبكَ أثرٌ على الحقيقة، وصفة من كلِّ حركةٍ تُوجدها، وتلكَ الصِّنعةُ والأثرُ يُلازمانكَ في قبركَ ويُعرضانِ عليك في صحيفتك يوم القيامة ، وتسمَّى تلك أخلاقك وصفاتك، وكُلُّ ذلك إنَّما يُفتح به عليك من جهة هؤلاء الأمراء الأربع، فإن كنتَ مُطيعاً بخنزير الشهوة كانت صفتك التَّقَذُّرَ والقحة والحرص والخسَّة والتَّذبذب والنفاق والحسد والشماتة وغير ذلك، فيظهر عليك في القيامة ذلك، وإن جعلته مقهوراً لك وكَفَفتَهُ بيَدِ القناعة ظهرتْ عليك صفة الحياء والصِّدق، وإن لم يُؤدّب القلب لكن تركه وُشومَ طَبعِهِ، واتبعَ هواه وأطاعهُ ظهرَ عليه أثر التَهوُّر وقلَّة المبالات والافتخار والتعظّم واحتقارِ النَّاس والاستخفاف بهم والإيقاع فيهم، وإنَّ ربطه (...) الأدب وصدّه عن اتباع طبعه ظهر عليه أثر الخير والتواضع والعفو والتثبُّت والشجاعة والسكون والكرم والشهامة وغير ذلك،وإن أطاع ذلك الشيطان الذي شيمتُهُ ابتلاء الكلب والخنزير وتأسيدهما وتعليمهما المكر والحيلة، ظهر عليه أثر الخيانة والتخليط والتَّداغل والخديعة والتلبيس والتملُّق، وإن قاده بِوَحاقِ القهر وربطه بسلاسل الأدب وجعله بحكم عسكر القلب والعقل ونصر جنود العقل على ذلك الشيطان، ظهر عليه أثر الفطنة والمعرفة والحلم والحكمة والصلاح وحسن الخلق والحشمة والكياسة، وإذا بقيت معه هذه الأخلاق كانت بذرَ سعادته، وعُدَّتْ من جملة الأعمال الصالحات، وتلك الأفعال التي تؤثِّر أخلاقاً محمودة، تُسمَّى طاعة، وما كان منها تؤثر أخلاقا مذمومة، تسمى معصية، وحركاتُ الآدمي وسكناته لا تخرج من هاتين الحالين والقلبُ يضيءُ كالمرآة ... وتكف عنه ظلمة المعصية ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا) فإذا كان في القيامة ظهر القلب إما مضيئا وأما مظلما، ولا ينجو إلاّ من أتى بقلب سليم.
واعلم بأن قلب الآدمي في ابتداء خلقه كالحديد الذي يُتخد منه مرآةٌ مضيئة تُشاهدُ فيها كلُّ مددك من العالم بحاسّة البصر إن حفطتها مما يُذهب ضوءها، وإن أهملتَ حفظَها استولى عليها الصَّدأ وانتهت إلى حال لا يصلح بعدها أن يُتخد مرآة كما قال الله تعالى : {لَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}.
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin