كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
23 - شرح تجلي الإنصاف
23. متن نص تجلي الإنصاف
إن ادعيت الوصلة وجمع الشمل أخاف عليك أن يكون جمعك بك لا جمعك به فتقول قد وصلت وأنت في عين الفصل وتقول اجتمعت وأن في عين الفرق هذا المحك والمعيار والميزان لا تغالط نفسك في هذا المقام فهو يشهد بالبراءة منك الأكوان تتحدث مع الأنفاس لا أطالبك بمعفرتها معيارك الحادث الكتاب الذي تهتز إليه النفوس السالفة وتطيش له القلوب الثابتة قبل حلول أو أنه فقد أتاك به النبأ العظيم على لسان الملك الكريم ومن طريق المحادثة النديم من غير أن ترعف حركة فلكية ولا قرانات دورية هذا معيارك فالزمه.
23 - إملاء ابن سودكين على هذا التجلى
«قال الإمام في الأصل المشروح : «ادعيت الوصلة...
فقال في الشرح : إنما أخاف عليك ذلك لأنك إن طلبته لعلة فإنما وصلت إلى غرضك منه ، فما وصلت إليه وإن كنت طلبته له وتحققت بهذا المقام، فأنت الواصل إليه حقا وطلب الحق للحق هو أن تعبده وتعرفه.
كما قال: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات/56] .فاشتغل العارف بما طلب الحق منه لا العلة أخرى .
وأما الغير فإنما عبده ليحصل له من تلك العبادة حكمة وفائدة تصل إليه منه، فقامت العلة وبعد الإخلاص بوجود الطمع. ولولم يقصد العبد من الحق إلا ثناء الحق عليه لكان طلب العبد للثناء علة وعدم إخلاص . فاعلم.
وتحقيق المسألة أن لا يقوم بك أمر زايد على العبادة ، بل تكون فرداني المقصد الكمال عبوديتك التي أخبرك الحق تعالی أنه خلقك لها.
فانصف وانظر إن رأيت عندك أمرا ثانيا زايدة على هذه الوحدة في التوجه، فاعلم أن الزائد علة فتحقق ترشد إن شاء الله تعالى .
ثم قال في الأصل : «فالأكوان تحدث مع الأنفاس لا أطالبك بمعرفتها ، بل معيارك الحادث الكبار الفصل إلى آخره .
قال : لا أطالبك بأسبابها الكونية الطبيعية ؛ بل معيارك الحادث الكبار التي تهتز إليه النفوس الساكنة قبل حلول أوانه .
هل أتاك به النبأ العظيم ؟ أي الإخبار.
ثم قال : «على لسان الملك الكريم» بطريق مخصوص، وذلك حكم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
أو «من طريق محادثة النديم»، وهو مقام كبار الأولياء، الآخذين من عين الحق . فإن كان هذا المعيار معيارك فالزمه ، وهو الأخذ عن وجه الحق لا عن وجه الكون . والله أعلم
23 - شرح تجلي الإنصاف
217 - وهو أن تنظر إلى متعلق طلبك أنه الحق من حيث هو، أو الحق لغرض لا يحصل إلا منه .
فإن كان الثاني ، فالطلب معلول والوصلة والجمعية علة. فإنك في نهاية طلبك واصل إلى غرضك لا إلى الحق.
وإن كان الأول ، فلصحة وصلك وجمعك علامة ونتائج. فعلامتها، وجود الإخلاص وفقد الطبع في عبوديتك له حيث لا تعرف لك مطلوبة غير الحق.
ولذلك قال تعالى : "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات : 56 ].
وأما نتائجها فالإشراف الموهوب على أحوال النشآت وما فيها من الحوادث الجمة، مع اختلاف طرقها وفنونها.
218 - قال قدس سره : (إن ادعيت الوصلة وجمع الشمل) بالحق (أخاف عليك أن يكون جمعك بك) لوجود طمعك من الحق ما فيه حظك ، الصارف بوجهك عن الحق إليه ، (لا جمعك به ) إذ علامة هذه الجمعية فقد الطمع ووجود الإخلاص المصحوب لعبوديتك.
(فتقول : قد وصلت وأنت في عين الفصل) لوقوفك مع حظك في الطلب .
(وتقول: اجتمعت، وأنت في عين الفراق) حيث حجبك الكون الذي هو مطلوبك إذ ذاك عن الحق . فحاول أنت في نفسك ماذا تجده فيها (هذا المحك والمعيار والميزان) لتحرير ما أنت عليه من الوصل والفصل والجمع والفرق.
(لا تغالط نفسك في هذا المقام) القاضي بتحقيق الحق وتمييز الكذب من الصدق (فهو) أي هذا المقام إنما (يشهد) حيث وجودك متعلقة بغرضك (بالبراءة منك) أي براءة الحق منك ، عند تقلبك عنه إلى ما سواه .
219 - ثم شرع، قدس سره ، بعد استدعائك بالحكمة والموعظة الحسنة إلى محل الإنصاف، في بيان ما يستلزم مقام الوصلة والجمعية من النتائج
فقال : (الأكوان تحدث مع الأنفاس) يريد الأكوان الحادثة في عوالم الكم والكيف على أنحاء شتى ، حيث كانت جزئیات لا تنحصر (لا أطالبك بمعرفتها) على ما هي عليه من خير أو شر ونفع وضر.
فإن إلغاء هذه المعرفة ربما لا يقدح في مقامك وحالك ، بل أطالبك بعرفة (معیارك، الحادث الكبار) في النشآت الكلية (الذي تهتز إليه النفوس الساكنة) شغفا وشوقا ، ( وتطيش له القلوب الثابتة) في عرصة الظفر بمشاهدة الحقائق وكشف أسرارها الغامضة ومطالبها العالية بحكم خرق العادة .
(قبل حلول أوانه) أي أوان الحادث الكبار؛ فإن كنت ممن ظفر بنتائج الوصلة والجمعية (فقد أتاك به) أي بالحادث الكبار (النبأ العظيم) المرتفع عنه احتمال نقيض الصدق ، المشتمل على العلم بأحوال المعاد وتفصيلها، وبالملاحم المهولة والوقائع المخيفة المهلكة .
الحادثة في النشأة العاجلة، ونحوها (على لسان الملك الكريم) يريد الإخبار على طريق الوحي المختص بالأنبياء والرسل أي لم يأتك شيء من ذلك ، فإن هذه الأبواب مغلوقة عليك .
( و ) أتاك (من طريق محادثة النديم) يريد الإخبار من طريق الإلهام المخصوص بالأولياء العظام ؛أو من طريق المحادثة والمكافحة بالألسنة الفهوانية.
وفي الحقيقة الأولياء العظام لهم الإشراف على الآفاق والأعماق والأوساط والأطراف بالشهود المستوعب (من غير أن تعرف حركة فلكية ولا قرانات دورية) فإنك إذا عرفت الحوادث من هذا الباب ، إنما تكون من زمرة أرباب الرصد والتعاليم، لا من أهل الوصلة والجمعية . فافهم.
فإن (هذا) الأصل المذكور (معیارك) لتحقيق ما هو المراد (فالزمه) ولا تحيد عنه .
23 - شرح تجلي الإنصاف
23. متن نص تجلي الإنصاف
إن ادعيت الوصلة وجمع الشمل أخاف عليك أن يكون جمعك بك لا جمعك به فتقول قد وصلت وأنت في عين الفصل وتقول اجتمعت وأن في عين الفرق هذا المحك والمعيار والميزان لا تغالط نفسك في هذا المقام فهو يشهد بالبراءة منك الأكوان تتحدث مع الأنفاس لا أطالبك بمعفرتها معيارك الحادث الكتاب الذي تهتز إليه النفوس السالفة وتطيش له القلوب الثابتة قبل حلول أو أنه فقد أتاك به النبأ العظيم على لسان الملك الكريم ومن طريق المحادثة النديم من غير أن ترعف حركة فلكية ولا قرانات دورية هذا معيارك فالزمه.
23 - إملاء ابن سودكين على هذا التجلى
«قال الإمام في الأصل المشروح : «ادعيت الوصلة...
فقال في الشرح : إنما أخاف عليك ذلك لأنك إن طلبته لعلة فإنما وصلت إلى غرضك منه ، فما وصلت إليه وإن كنت طلبته له وتحققت بهذا المقام، فأنت الواصل إليه حقا وطلب الحق للحق هو أن تعبده وتعرفه.
كما قال: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات/56] .فاشتغل العارف بما طلب الحق منه لا العلة أخرى .
وأما الغير فإنما عبده ليحصل له من تلك العبادة حكمة وفائدة تصل إليه منه، فقامت العلة وبعد الإخلاص بوجود الطمع. ولولم يقصد العبد من الحق إلا ثناء الحق عليه لكان طلب العبد للثناء علة وعدم إخلاص . فاعلم.
وتحقيق المسألة أن لا يقوم بك أمر زايد على العبادة ، بل تكون فرداني المقصد الكمال عبوديتك التي أخبرك الحق تعالی أنه خلقك لها.
فانصف وانظر إن رأيت عندك أمرا ثانيا زايدة على هذه الوحدة في التوجه، فاعلم أن الزائد علة فتحقق ترشد إن شاء الله تعالى .
ثم قال في الأصل : «فالأكوان تحدث مع الأنفاس لا أطالبك بمعرفتها ، بل معيارك الحادث الكبار الفصل إلى آخره .
قال : لا أطالبك بأسبابها الكونية الطبيعية ؛ بل معيارك الحادث الكبار التي تهتز إليه النفوس الساكنة قبل حلول أوانه .
هل أتاك به النبأ العظيم ؟ أي الإخبار.
ثم قال : «على لسان الملك الكريم» بطريق مخصوص، وذلك حكم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
أو «من طريق محادثة النديم»، وهو مقام كبار الأولياء، الآخذين من عين الحق . فإن كان هذا المعيار معيارك فالزمه ، وهو الأخذ عن وجه الحق لا عن وجه الكون . والله أعلم
23 - شرح تجلي الإنصاف
217 - وهو أن تنظر إلى متعلق طلبك أنه الحق من حيث هو، أو الحق لغرض لا يحصل إلا منه .
فإن كان الثاني ، فالطلب معلول والوصلة والجمعية علة. فإنك في نهاية طلبك واصل إلى غرضك لا إلى الحق.
وإن كان الأول ، فلصحة وصلك وجمعك علامة ونتائج. فعلامتها، وجود الإخلاص وفقد الطبع في عبوديتك له حيث لا تعرف لك مطلوبة غير الحق.
ولذلك قال تعالى : "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات : 56 ].
وأما نتائجها فالإشراف الموهوب على أحوال النشآت وما فيها من الحوادث الجمة، مع اختلاف طرقها وفنونها.
218 - قال قدس سره : (إن ادعيت الوصلة وجمع الشمل) بالحق (أخاف عليك أن يكون جمعك بك) لوجود طمعك من الحق ما فيه حظك ، الصارف بوجهك عن الحق إليه ، (لا جمعك به ) إذ علامة هذه الجمعية فقد الطمع ووجود الإخلاص المصحوب لعبوديتك.
(فتقول : قد وصلت وأنت في عين الفصل) لوقوفك مع حظك في الطلب .
(وتقول: اجتمعت، وأنت في عين الفراق) حيث حجبك الكون الذي هو مطلوبك إذ ذاك عن الحق . فحاول أنت في نفسك ماذا تجده فيها (هذا المحك والمعيار والميزان) لتحرير ما أنت عليه من الوصل والفصل والجمع والفرق.
(لا تغالط نفسك في هذا المقام) القاضي بتحقيق الحق وتمييز الكذب من الصدق (فهو) أي هذا المقام إنما (يشهد) حيث وجودك متعلقة بغرضك (بالبراءة منك) أي براءة الحق منك ، عند تقلبك عنه إلى ما سواه .
219 - ثم شرع، قدس سره ، بعد استدعائك بالحكمة والموعظة الحسنة إلى محل الإنصاف، في بيان ما يستلزم مقام الوصلة والجمعية من النتائج
فقال : (الأكوان تحدث مع الأنفاس) يريد الأكوان الحادثة في عوالم الكم والكيف على أنحاء شتى ، حيث كانت جزئیات لا تنحصر (لا أطالبك بمعرفتها) على ما هي عليه من خير أو شر ونفع وضر.
فإن إلغاء هذه المعرفة ربما لا يقدح في مقامك وحالك ، بل أطالبك بعرفة (معیارك، الحادث الكبار) في النشآت الكلية (الذي تهتز إليه النفوس الساكنة) شغفا وشوقا ، ( وتطيش له القلوب الثابتة) في عرصة الظفر بمشاهدة الحقائق وكشف أسرارها الغامضة ومطالبها العالية بحكم خرق العادة .
(قبل حلول أوانه) أي أوان الحادث الكبار؛ فإن كنت ممن ظفر بنتائج الوصلة والجمعية (فقد أتاك به) أي بالحادث الكبار (النبأ العظيم) المرتفع عنه احتمال نقيض الصدق ، المشتمل على العلم بأحوال المعاد وتفصيلها، وبالملاحم المهولة والوقائع المخيفة المهلكة .
الحادثة في النشأة العاجلة، ونحوها (على لسان الملك الكريم) يريد الإخبار على طريق الوحي المختص بالأنبياء والرسل أي لم يأتك شيء من ذلك ، فإن هذه الأبواب مغلوقة عليك .
( و ) أتاك (من طريق محادثة النديم) يريد الإخبار من طريق الإلهام المخصوص بالأولياء العظام ؛أو من طريق المحادثة والمكافحة بالألسنة الفهوانية.
وفي الحقيقة الأولياء العظام لهم الإشراف على الآفاق والأعماق والأوساط والأطراف بالشهود المستوعب (من غير أن تعرف حركة فلكية ولا قرانات دورية) فإنك إذا عرفت الحوادث من هذا الباب ، إنما تكون من زمرة أرباب الرصد والتعاليم، لا من أهل الوصلة والجمعية . فافهم.
فإن (هذا) الأصل المذكور (معیارك) لتحقيق ما هو المراد (فالزمه) ولا تحيد عنه .
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin