شرح صلاة “مظاهر التجليات لإبن سبعين “ ـ ابن مبارك
شرح صلاة “مظاهر التجليات”
هذه الصلاة نسبها الشيخ النبهاني في كتابه سعادة الدارين للشيخ عبد الحق بن سبعين وهي :
اللهم بما اخفيته من سر ذاتك وأظهرته من أسمائك وصفاتك وجعلته طرقات تنزلاتك ومظاهر تجلياتك أهدني بك إليك واجمعني بك عليك وهب لي من لدنك علما لدنيا واجعلني بك هاديا مهديا مصطفى ووليا بالذات المكملة والرحمة الواسعة المرسلة الجامع لجميع أسرار توحيد الأحدية القائم بأوصاف العبودية المخصوص بالوحدانية المطلقة المخبر عن الغيوب اليقينية المحققة خلاصة عبادك ومظهر مرادك محمد التوحيد الحامد بجميع المحامد داعي الجميع بكلمة التوحيد من الكثرة الى الواحد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته وأهل بيته وتابعيه معالم منازلاته وعوالم تنزلاته وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين الشيخ ابن سبعين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين .
يقول ابن سبعين :
اللهم بما اخفيته من سر ذاتك وأظهرته من أسمائك وصفاتك وجعلته طرقات تنزلاتك ومظاهر تجلياتك
عنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ،وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذات اللَّهِ”(رواه الطبراني). يقول الجيلي: المُتَكلّم في ذات الله صامت، والمتحرك ساكن،والناظر باهت.لأن الشيء إنما يفهم بما يُناسبه فيطابقه أوبما يُنافيه فيُضادّه،وليس لذاته في الوجود مُناسب ولا مطابق ولا مناف ولا مضاد.وقد مَنَع أهل الله التّجلّي بالأحدية فضلاً عن الذات..أما(ذات الله)فهي عبارة عن نفسه، وهي غيب لا تُدْرك بمفهوم عبارة،ولا تُفْهم بمعلوم إشارة ] (الإنسان الكامل).
يقول إبن عربي: العلم ب(ذات الحق) مُحال حُصوله لغير الله،والإنسان المُدْرك لا يعرف إلا ما يُشابهه ويُشاكله،والباري تعالى لا يُشبه شيئاً ولا هو في شيء مثله،فلا يُعرف أبداً. فلا يعرفه أحد من نفسه وفكره..فاعلم أن الكون لا تعلّق له بعلم الذات أصلاً،وإنما مُتعلّقه العلم بالمرتبة وهو مسمى (الله).الذات مجهولة العين والكيف،وعندنا لا خلاف في أنها لا تُعلم،بل يُطلق عليها نُعوت تنزيه. (الفتوحات،بتصرف).
فالذات الالهية غيب مطلق لا يدرك،غني عن الظهور،وغني عن معرفتنا انما الظهور للاسماء الالهية المتجلية في الوجود القابضة خيوطه والمسيرة لخباياه وخفاياه ،بأياد خفية،هي الاسباب والمسببات فكل طلباتنا دنيوية و اخروية تصب في مقتضى اسم إلهي “يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد” فالحق تعالى هو الظاهر في المظاهر بأسمائه وصفاته ،والكون تابع للتجليات الالهية، مفتقر إليها في أقل من لمح البصر هي غذاؤه، ونَفَسه ،وسر بقائه واستمراريته .
أهدني بك إليك واجمعني بك عليك وهب لي من لدنك علما لدنيا واجعلني بك هاديا مهديا مصطفى ووليا.
ينتقل ابن سبعين الى التوسل وطلب الهداية الى معرفة الله بأسمائه وصفاته ،وإلى شهود تجلياته، أي ان يكون من اصحاب وحدة الشهود ،ومن الحائزين على العلوم اللدنية ـكما يطلب الجمع، أي لايرى فاعلا سوى الله ولا موجودا حقيقة سوى الله، غيره عدم يستمد وجوده من وجود الله ،ومآله الى الفناء .
ويطلب ان يجعله الله من أوليائه ،ومن شيوخ التربية مصطفى.
ويتوسل الى الله بسيدنا محمد ويصفه بأنه الذات المكملة نائب الحضرة الالهية ” ان الذين يبابعونك انما يبايعون الله ‘”والرحمة الواسعة المرسلة المهداة للعالمين ” وما ارسلناك الار حمة للعالمين”.
الجامع لجميع أسرار توحيد الأحدية :
وتوحيد الاحدية هو توحيد المقربين الذين لا يرون في الكون الا احد احمد،وابن سبعين وضع قدمه في هذا المقام، فكان من اصحاب الوحدة المطلقة ،أي وصل الى مقام جمع الجمع،ولم يرجع منه الى الفرق. وبطبيعة الحال فأصحاب توحيد الأحدية هم أصحاب الوحدة المطلقة ،أي وحدة التجليات الالهية لا وحدة الوجود الفاسفية( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) ولكن العارف لابد أن يرجع من الجمع الى الفرق ،ومن الفناء الى البقاء، ومن شهود التجلي الى شهود المقتضى ،ومن المكون الى الاكوان، ومن الحقيقة الى الشريعة . هجيرهم ” قل الله”. سمي أتباعه بالليسية لأن في أذكارهم يرددون : ليس الا الله ، ليس الا الله، ليس الا الله.وابن سبعين رجع من مقام جمع الجمع ،الى الفرق، بدليل انه كان من شيوخ التربية ،وأكبر مريد تربى على يده هو الشيخ الششتري.
القائم بأوصاف العبودية المخصوص بالوحدانية المطلقة:
لم يقم بأوصاف العبودية المحضة الا سيدنا محمد ،صلى الله عليه وسلم ، فهو العبد المحض الذي لا شائبة للربوبية فيه،وهو اول العابدين، قام بكل العبادات قبل القبل أي قبل ظهور الخلائق في البسائط الأولية الأزلية ،وهو مخصوص بالوحدانية المطلقة إذ كان متخلقا بالأسماء الإلهية وبالقرءان “كان خلقه القرءان” و كان نبيا وءادم منجدل في طينته ،وكلامه وحي “وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى”و خُص بأكبر وأعظم معجزة إلاهية : القرءان ،وهو نور الله ، لم يكن له ظل كان يرى من خلف كما من امام ويرى بالضوء كما بالظلام .فهذه صفات الوحدانية التى لم يختص بها غيره ،وأوتي علوم الاولين والاخرين،فكان مخبرا عن الله ،وأخبر بكل ما اراده الله .
خلاصة عبادك ومظهر مرادك :
كل ما يريد الله اظهاره،هو مسطر في القرءان ،والقرءان دستور الكون، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو مراقب الكون ينفد أوامر الله ،ويراقب سير الكون حسب مراد الله وحسب مقتضيات القرءان,فلا شئ يخرج عن القرءان “مافرطنا في الكتاب من شئ”
محمد التوحيد الحامد بجميع المحامد :
التوحيد مقرون باسمه صلى الله عليه وسلم “لا اله الا الله محمد رسول الله” وحمد الله قبل القبل بجميع المحامد وهو الذي علمنا المحامد وفي حديث الشفاعة “…..أنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده ،وحسن الثناء عليه ،شيئا لم يفتحه على أحد قبلي….”(الحديث)
داعي الجميع بكلمة التوحيد من الكثرة الى الواحد :
هذا كلام يخص اصحاب وحدة الشهود الذين لا يرون في الكون الا اسماء الله وتجلياتها والتى ترجع في ظهورها الى اسم الجلالة الله رئيس الاسماء،هي وحدة التجليات صاحب هذا المقام حيثما تولى لا يرى الا التجليات ،هو صاحب مقتضى هذه الاية ” فأينما تولوا فثم وجه الله” فهذا الوجه الذي لله في كل مشهد، هو الذي يُرى ،فاختلفت الصور وحقيقتها واحدة .
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته وأهل بيته وتابعيه معالم منازلاته وعوالم تنزلاته وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين
ترجمة ابن سبعين
هو: عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن سبعين الأشبيلي ومسقط رأسه رقوطة (اليوم Ricote) بمرسية في الأندلس،. قطب الدين أبو محمد أحد المتصوفة الاندلسيين ولد سنة أربع عشرة وستمائة، ودرس العربية والآداب في الأندلس وبرع في العلوم العقلية والفلسفية حتى أجاب عن أسئلة الإمبراطور فردريك الثاني الفلسفية التي كانت تعجز العلماء والباحثين الفلاسفة قبل ابن سبعين. تحدث عنه البابا حيث قال: “إنه ليس للمسلمين اليوم أعلم بالله منه .
أخذ التصوف اولا عن ابن دهاق. ثم سلك الطريقة الصوفية الشوذية المنسوبة إلى أبي عبد الله الشوذي وانتقل إلى سبتة، ثم هاجر إلى تونس فمصر، وحج إلى مكة فأقام بها، حيث أعلن مذهبه في الوحدة المطلقة ودعا إليه بلسانه وصنف فيه مصنفات ،وقد لقب بشيخ السبعينيَّة نسبة إلى الطريقة الصوفية التي يسمى أتباعها بالسبعينيين، كما يسمون «الليسية» لأن ذكرهم كان: «ليس إلا الله». واشتهر بابن سبعين لأنه كان يطلق على نفسه ابن دارة – والدارة في الحساب = حرف العين = 70.امضاؤه هو: ابن ع
قضى الفترة الزمنية من حياته الروحية في المغرب الأقصى، وفيه أيضاً ألّف معظم رسائله، وجرت له المناظرات العنيفة مع فقهاء المغرب. وكان ابن سبعين قد انتقل إلى المغرب وهو دون العشرين، فأقام أولاً في سبتة هو وجمع من أصحابه وأتباعه الذين كانوا قد بدؤوا يلتفون حوله وهو لا يزال في الأندلس. وشاعت شهرته بالزهد والعلم، وكذلك شهرته بالفلسفة التي استطارت في الآفاق، بدليل ما ورد في مستهل كتاب “المسائل الصقلية”، وهي المسائل التي كان الإمبراطور فردريك الثاني ملك النورمانديين في مملكة صقلية قد وجهها إلى علماء المسلمين للاستفادة وحب الاستطلاع لما كانت عليه شهرة المسلمين حينئذ بالفلسفة والعلم. وهذه المسائل الصقلية التي سأل عنها فردريك الثاني علماء المسلمين هي: المسألة الأولى عن العالم: هل هو قديم أو محدث، والثانية من العلم الإلهي: ما هو المقصود منه، وما مقدماته الضرورية إن كانت له مقدمات، والثالثة عن المقولات أي شيء هي، وكيف يتصرف بها في أجناس العلوم حتى يتم عددها، وعددها عشر، فهل يمكن أن تكون أقل، وهل يمكن أن تكون أكثر، وما البرهان على ذلك، والمسألة الرابعة عن النفس: ما الدليل على بقائها وما طبيعتها، ويتفرع عن هذه المسألة الأخيرة سؤال عن أين خالف الإسكندر الأفروديسي أرسطوطاليس. كلفه بالإجابة عنها السلطان عبد الواحد الرشيد.
ويظهر أن المكانة التي نالها ابن سبعين بجوابه كانت عالية وقد أوغرت صدور الفقهاء عليه فراحوا يتهمونه بالكفر، مما اضطر حاكم سبتة، ابن خلاص، إلى طرده منها، فسكن في بجاية مدة إلى أنه في النهاية ونتيجة لكيد من حوله له تمّ نفيه من المغرب، وكان خروجه منها سنة 642 هـ وهو في الثلاثين من عمره. ومن هذا أنه أقام بالمغرب حوالي خمس وعشرين سنة.
اختلف المؤرخون في سبب خروجه من الأندلس فأولئك الذين هم خصومه يقولون انه نفي من المغرب بسبب كلمة كفر صدرت عنه وهي قوله ” لقد تحجر ابن آمنة واسعا بقوله لا نبي من بعدي ” ويرون فيها انه كان ينكر النبوة ،ويعد أنها شيء كسبي.
وهناك من يرى في هذا الكلام كثيرا من التجني على ابن سبعين الذي كان يعظم النبوة ،ويؤمن بالنبي “وقال بعضهم عند إيراده جملة من رسائله ،أنها تشتمل على ما يشهد له بتعظيم النبوة وإيثار الورع. أما في الجانب الآخر، وهم أنصار ابن سبعين، فإنهم يرون في هجرته، أحد مفاخره ، ودليلا على كونه وارثا مخصصا. لكن المنصف من الآراء فقد رجحت هجرة ابن سبعين من الأندلس إلى هجوم الفقهاء عليه وخوفه منهم.
رحل إلى مصر، وأقام بها مدة قصيرة فيما يبدو، لأن هدفه الأول كان الحج، ودخل مكة سنة 652 هـ واستقر بها وتتلمذ على يده أمير مكة، الذي عالجه من أذى أصابه فعوفي فصارت له عنده منزلة. وشريف مكة هذا هو أبي لحى محمد بن أبي سعد. وشاع صيته وكثر أتباعه بين أهل مكة بسبب سخائه وعلمه، وكان أهل مكة يعتمدون على أقواله، ويهتدون بأفعاله. وقد ظل ابن سبعين في مكة حتى توفي بها.
هاجم الفلسفة ،لأن الفلاسفة يقلدون ـ حسب زعمه ـ أرسطو تقليدا أعمى ،وهاجم بعنف الفارابي وابن سينا أو من اسماهم بالمشارقة ،وكان له موقف من الفقه والكلام والتصوف منطلقا من موقفه القائل بالوحدة المطلقة ،والتي ينبغي على القائل بها أن يصل إلى رتبة (المحقق) أو أن يكون ملما بعلم التحقيق، وبعبارة أخرى فان الوحدة المطلقة عند ابن سبعين تكون هي موضوع علم التحقيق ،ذلك العلم الذي يحوي صاحبه كل الكمالات الوجودية والذوقية.
ومن الأقوال المنكرة التي تنسب اليه قوله:
( لقد حجر ابن آمنة واسعاً حيث قال: لا نبي بعدي) ، بمعنى ان النبوة مكتسبة وهذا كذب وافتراء عليه فهو يقول في(كتاب بد العارف) أن مرتبة النبوة ممنوعة ولا طمع فيها بوجه من الوجوه. انتهى.
ونسبوا له القول بوحدة الوجود،والقائل بوحدة الوجود لا يحتاج الى نبوة او غيرها لأن الكل عنده آلهة وأرباب.
ومن كتبه (رسائل ابن سبعين) ( وكتاب بد العارف هوأشهركتبه أي ما لابد للعارف منه. بين فيه مذهبه القائم على الوحدة المطلقة ورد على مذاهب الفقهاء والمتكلمين) الكلام على المسألة الصقلية، رسالة النصيحة (النورية)، عهد ابن سبعين،الإحاطة، الرسالة الفقيرية، الحكم والمواعظ، الرسالة القوسية، رسالة في أنوار النبي صلى الله علي وسلم وأنواعها، الألواح المباركة، الوصية لتلامذته، الرسالة الرضوانية، رسالة في عرفة، رسالة خطاب الله بلسان نوره، نتيجة الحكم، الرسالة الإصبعية، الكلام على الحكمة، حكم القصص.
وصل الى مقام جمع الجمع وصاحب هذا المقام ان شئت قــل بصيرته منصرفة الى الملكوت (وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض ليكون من الموقنين)غائب عن الملك برى التجليات ،وكلامه واذواقه كلها تابعة لمقامه هو يستمد ربطه من شبكة غيرالتي نعرف فالتالي كلامه غامض اذ لا يجد المفردة المناسبة للمعنى المناسب .
توفى ابن سبعين سنة تسع وستين وستمائة) بمكة،
ابن المبارك
شرح صلاة “مظاهر التجليات”
هذه الصلاة نسبها الشيخ النبهاني في كتابه سعادة الدارين للشيخ عبد الحق بن سبعين وهي :
اللهم بما اخفيته من سر ذاتك وأظهرته من أسمائك وصفاتك وجعلته طرقات تنزلاتك ومظاهر تجلياتك أهدني بك إليك واجمعني بك عليك وهب لي من لدنك علما لدنيا واجعلني بك هاديا مهديا مصطفى ووليا بالذات المكملة والرحمة الواسعة المرسلة الجامع لجميع أسرار توحيد الأحدية القائم بأوصاف العبودية المخصوص بالوحدانية المطلقة المخبر عن الغيوب اليقينية المحققة خلاصة عبادك ومظهر مرادك محمد التوحيد الحامد بجميع المحامد داعي الجميع بكلمة التوحيد من الكثرة الى الواحد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته وأهل بيته وتابعيه معالم منازلاته وعوالم تنزلاته وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين الشيخ ابن سبعين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين .
يقول ابن سبعين :
اللهم بما اخفيته من سر ذاتك وأظهرته من أسمائك وصفاتك وجعلته طرقات تنزلاتك ومظاهر تجلياتك
عنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “تَفَكَّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ،وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذات اللَّهِ”(رواه الطبراني). يقول الجيلي: المُتَكلّم في ذات الله صامت، والمتحرك ساكن،والناظر باهت.لأن الشيء إنما يفهم بما يُناسبه فيطابقه أوبما يُنافيه فيُضادّه،وليس لذاته في الوجود مُناسب ولا مطابق ولا مناف ولا مضاد.وقد مَنَع أهل الله التّجلّي بالأحدية فضلاً عن الذات..أما(ذات الله)فهي عبارة عن نفسه، وهي غيب لا تُدْرك بمفهوم عبارة،ولا تُفْهم بمعلوم إشارة ] (الإنسان الكامل).
يقول إبن عربي: العلم ب(ذات الحق) مُحال حُصوله لغير الله،والإنسان المُدْرك لا يعرف إلا ما يُشابهه ويُشاكله،والباري تعالى لا يُشبه شيئاً ولا هو في شيء مثله،فلا يُعرف أبداً. فلا يعرفه أحد من نفسه وفكره..فاعلم أن الكون لا تعلّق له بعلم الذات أصلاً،وإنما مُتعلّقه العلم بالمرتبة وهو مسمى (الله).الذات مجهولة العين والكيف،وعندنا لا خلاف في أنها لا تُعلم،بل يُطلق عليها نُعوت تنزيه. (الفتوحات،بتصرف).
فالذات الالهية غيب مطلق لا يدرك،غني عن الظهور،وغني عن معرفتنا انما الظهور للاسماء الالهية المتجلية في الوجود القابضة خيوطه والمسيرة لخباياه وخفاياه ،بأياد خفية،هي الاسباب والمسببات فكل طلباتنا دنيوية و اخروية تصب في مقتضى اسم إلهي “يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد” فالحق تعالى هو الظاهر في المظاهر بأسمائه وصفاته ،والكون تابع للتجليات الالهية، مفتقر إليها في أقل من لمح البصر هي غذاؤه، ونَفَسه ،وسر بقائه واستمراريته .
أهدني بك إليك واجمعني بك عليك وهب لي من لدنك علما لدنيا واجعلني بك هاديا مهديا مصطفى ووليا.
ينتقل ابن سبعين الى التوسل وطلب الهداية الى معرفة الله بأسمائه وصفاته ،وإلى شهود تجلياته، أي ان يكون من اصحاب وحدة الشهود ،ومن الحائزين على العلوم اللدنية ـكما يطلب الجمع، أي لايرى فاعلا سوى الله ولا موجودا حقيقة سوى الله، غيره عدم يستمد وجوده من وجود الله ،ومآله الى الفناء .
ويطلب ان يجعله الله من أوليائه ،ومن شيوخ التربية مصطفى.
ويتوسل الى الله بسيدنا محمد ويصفه بأنه الذات المكملة نائب الحضرة الالهية ” ان الذين يبابعونك انما يبايعون الله ‘”والرحمة الواسعة المرسلة المهداة للعالمين ” وما ارسلناك الار حمة للعالمين”.
الجامع لجميع أسرار توحيد الأحدية :
وتوحيد الاحدية هو توحيد المقربين الذين لا يرون في الكون الا احد احمد،وابن سبعين وضع قدمه في هذا المقام، فكان من اصحاب الوحدة المطلقة ،أي وصل الى مقام جمع الجمع،ولم يرجع منه الى الفرق. وبطبيعة الحال فأصحاب توحيد الأحدية هم أصحاب الوحدة المطلقة ،أي وحدة التجليات الالهية لا وحدة الوجود الفاسفية( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) ولكن العارف لابد أن يرجع من الجمع الى الفرق ،ومن الفناء الى البقاء، ومن شهود التجلي الى شهود المقتضى ،ومن المكون الى الاكوان، ومن الحقيقة الى الشريعة . هجيرهم ” قل الله”. سمي أتباعه بالليسية لأن في أذكارهم يرددون : ليس الا الله ، ليس الا الله، ليس الا الله.وابن سبعين رجع من مقام جمع الجمع ،الى الفرق، بدليل انه كان من شيوخ التربية ،وأكبر مريد تربى على يده هو الشيخ الششتري.
القائم بأوصاف العبودية المخصوص بالوحدانية المطلقة:
لم يقم بأوصاف العبودية المحضة الا سيدنا محمد ،صلى الله عليه وسلم ، فهو العبد المحض الذي لا شائبة للربوبية فيه،وهو اول العابدين، قام بكل العبادات قبل القبل أي قبل ظهور الخلائق في البسائط الأولية الأزلية ،وهو مخصوص بالوحدانية المطلقة إذ كان متخلقا بالأسماء الإلهية وبالقرءان “كان خلقه القرءان” و كان نبيا وءادم منجدل في طينته ،وكلامه وحي “وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى”و خُص بأكبر وأعظم معجزة إلاهية : القرءان ،وهو نور الله ، لم يكن له ظل كان يرى من خلف كما من امام ويرى بالضوء كما بالظلام .فهذه صفات الوحدانية التى لم يختص بها غيره ،وأوتي علوم الاولين والاخرين،فكان مخبرا عن الله ،وأخبر بكل ما اراده الله .
خلاصة عبادك ومظهر مرادك :
كل ما يريد الله اظهاره،هو مسطر في القرءان ،والقرءان دستور الكون، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو مراقب الكون ينفد أوامر الله ،ويراقب سير الكون حسب مراد الله وحسب مقتضيات القرءان,فلا شئ يخرج عن القرءان “مافرطنا في الكتاب من شئ”
محمد التوحيد الحامد بجميع المحامد :
التوحيد مقرون باسمه صلى الله عليه وسلم “لا اله الا الله محمد رسول الله” وحمد الله قبل القبل بجميع المحامد وهو الذي علمنا المحامد وفي حديث الشفاعة “…..أنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده ،وحسن الثناء عليه ،شيئا لم يفتحه على أحد قبلي….”(الحديث)
داعي الجميع بكلمة التوحيد من الكثرة الى الواحد :
هذا كلام يخص اصحاب وحدة الشهود الذين لا يرون في الكون الا اسماء الله وتجلياتها والتى ترجع في ظهورها الى اسم الجلالة الله رئيس الاسماء،هي وحدة التجليات صاحب هذا المقام حيثما تولى لا يرى الا التجليات ،هو صاحب مقتضى هذه الاية ” فأينما تولوا فثم وجه الله” فهذا الوجه الذي لله في كل مشهد، هو الذي يُرى ،فاختلفت الصور وحقيقتها واحدة .
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته وأهل بيته وتابعيه معالم منازلاته وعوالم تنزلاته وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين
ترجمة ابن سبعين
هو: عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن سبعين الأشبيلي ومسقط رأسه رقوطة (اليوم Ricote) بمرسية في الأندلس،. قطب الدين أبو محمد أحد المتصوفة الاندلسيين ولد سنة أربع عشرة وستمائة، ودرس العربية والآداب في الأندلس وبرع في العلوم العقلية والفلسفية حتى أجاب عن أسئلة الإمبراطور فردريك الثاني الفلسفية التي كانت تعجز العلماء والباحثين الفلاسفة قبل ابن سبعين. تحدث عنه البابا حيث قال: “إنه ليس للمسلمين اليوم أعلم بالله منه .
أخذ التصوف اولا عن ابن دهاق. ثم سلك الطريقة الصوفية الشوذية المنسوبة إلى أبي عبد الله الشوذي وانتقل إلى سبتة، ثم هاجر إلى تونس فمصر، وحج إلى مكة فأقام بها، حيث أعلن مذهبه في الوحدة المطلقة ودعا إليه بلسانه وصنف فيه مصنفات ،وقد لقب بشيخ السبعينيَّة نسبة إلى الطريقة الصوفية التي يسمى أتباعها بالسبعينيين، كما يسمون «الليسية» لأن ذكرهم كان: «ليس إلا الله». واشتهر بابن سبعين لأنه كان يطلق على نفسه ابن دارة – والدارة في الحساب = حرف العين = 70.امضاؤه هو: ابن ع
قضى الفترة الزمنية من حياته الروحية في المغرب الأقصى، وفيه أيضاً ألّف معظم رسائله، وجرت له المناظرات العنيفة مع فقهاء المغرب. وكان ابن سبعين قد انتقل إلى المغرب وهو دون العشرين، فأقام أولاً في سبتة هو وجمع من أصحابه وأتباعه الذين كانوا قد بدؤوا يلتفون حوله وهو لا يزال في الأندلس. وشاعت شهرته بالزهد والعلم، وكذلك شهرته بالفلسفة التي استطارت في الآفاق، بدليل ما ورد في مستهل كتاب “المسائل الصقلية”، وهي المسائل التي كان الإمبراطور فردريك الثاني ملك النورمانديين في مملكة صقلية قد وجهها إلى علماء المسلمين للاستفادة وحب الاستطلاع لما كانت عليه شهرة المسلمين حينئذ بالفلسفة والعلم. وهذه المسائل الصقلية التي سأل عنها فردريك الثاني علماء المسلمين هي: المسألة الأولى عن العالم: هل هو قديم أو محدث، والثانية من العلم الإلهي: ما هو المقصود منه، وما مقدماته الضرورية إن كانت له مقدمات، والثالثة عن المقولات أي شيء هي، وكيف يتصرف بها في أجناس العلوم حتى يتم عددها، وعددها عشر، فهل يمكن أن تكون أقل، وهل يمكن أن تكون أكثر، وما البرهان على ذلك، والمسألة الرابعة عن النفس: ما الدليل على بقائها وما طبيعتها، ويتفرع عن هذه المسألة الأخيرة سؤال عن أين خالف الإسكندر الأفروديسي أرسطوطاليس. كلفه بالإجابة عنها السلطان عبد الواحد الرشيد.
ويظهر أن المكانة التي نالها ابن سبعين بجوابه كانت عالية وقد أوغرت صدور الفقهاء عليه فراحوا يتهمونه بالكفر، مما اضطر حاكم سبتة، ابن خلاص، إلى طرده منها، فسكن في بجاية مدة إلى أنه في النهاية ونتيجة لكيد من حوله له تمّ نفيه من المغرب، وكان خروجه منها سنة 642 هـ وهو في الثلاثين من عمره. ومن هذا أنه أقام بالمغرب حوالي خمس وعشرين سنة.
اختلف المؤرخون في سبب خروجه من الأندلس فأولئك الذين هم خصومه يقولون انه نفي من المغرب بسبب كلمة كفر صدرت عنه وهي قوله ” لقد تحجر ابن آمنة واسعا بقوله لا نبي من بعدي ” ويرون فيها انه كان ينكر النبوة ،ويعد أنها شيء كسبي.
وهناك من يرى في هذا الكلام كثيرا من التجني على ابن سبعين الذي كان يعظم النبوة ،ويؤمن بالنبي “وقال بعضهم عند إيراده جملة من رسائله ،أنها تشتمل على ما يشهد له بتعظيم النبوة وإيثار الورع. أما في الجانب الآخر، وهم أنصار ابن سبعين، فإنهم يرون في هجرته، أحد مفاخره ، ودليلا على كونه وارثا مخصصا. لكن المنصف من الآراء فقد رجحت هجرة ابن سبعين من الأندلس إلى هجوم الفقهاء عليه وخوفه منهم.
رحل إلى مصر، وأقام بها مدة قصيرة فيما يبدو، لأن هدفه الأول كان الحج، ودخل مكة سنة 652 هـ واستقر بها وتتلمذ على يده أمير مكة، الذي عالجه من أذى أصابه فعوفي فصارت له عنده منزلة. وشريف مكة هذا هو أبي لحى محمد بن أبي سعد. وشاع صيته وكثر أتباعه بين أهل مكة بسبب سخائه وعلمه، وكان أهل مكة يعتمدون على أقواله، ويهتدون بأفعاله. وقد ظل ابن سبعين في مكة حتى توفي بها.
هاجم الفلسفة ،لأن الفلاسفة يقلدون ـ حسب زعمه ـ أرسطو تقليدا أعمى ،وهاجم بعنف الفارابي وابن سينا أو من اسماهم بالمشارقة ،وكان له موقف من الفقه والكلام والتصوف منطلقا من موقفه القائل بالوحدة المطلقة ،والتي ينبغي على القائل بها أن يصل إلى رتبة (المحقق) أو أن يكون ملما بعلم التحقيق، وبعبارة أخرى فان الوحدة المطلقة عند ابن سبعين تكون هي موضوع علم التحقيق ،ذلك العلم الذي يحوي صاحبه كل الكمالات الوجودية والذوقية.
ومن الأقوال المنكرة التي تنسب اليه قوله:
( لقد حجر ابن آمنة واسعاً حيث قال: لا نبي بعدي) ، بمعنى ان النبوة مكتسبة وهذا كذب وافتراء عليه فهو يقول في(كتاب بد العارف) أن مرتبة النبوة ممنوعة ولا طمع فيها بوجه من الوجوه. انتهى.
ونسبوا له القول بوحدة الوجود،والقائل بوحدة الوجود لا يحتاج الى نبوة او غيرها لأن الكل عنده آلهة وأرباب.
ومن كتبه (رسائل ابن سبعين) ( وكتاب بد العارف هوأشهركتبه أي ما لابد للعارف منه. بين فيه مذهبه القائم على الوحدة المطلقة ورد على مذاهب الفقهاء والمتكلمين) الكلام على المسألة الصقلية، رسالة النصيحة (النورية)، عهد ابن سبعين،الإحاطة، الرسالة الفقيرية، الحكم والمواعظ، الرسالة القوسية، رسالة في أنوار النبي صلى الله علي وسلم وأنواعها، الألواح المباركة، الوصية لتلامذته، الرسالة الرضوانية، رسالة في عرفة، رسالة خطاب الله بلسان نوره، نتيجة الحكم، الرسالة الإصبعية، الكلام على الحكمة، حكم القصص.
وصل الى مقام جمع الجمع وصاحب هذا المقام ان شئت قــل بصيرته منصرفة الى الملكوت (وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض ليكون من الموقنين)غائب عن الملك برى التجليات ،وكلامه واذواقه كلها تابعة لمقامه هو يستمد ربطه من شبكة غيرالتي نعرف فالتالي كلامه غامض اذ لا يجد المفردة المناسبة للمعنى المناسب .
توفى ابن سبعين سنة تسع وستين وستمائة) بمكة،
ابن المبارك
25/11/2024, 17:11 من طرف Admin
» كتاب التواضع والخمول تصنيف ابن أبي الدنيا
25/11/2024, 17:02 من طرف Admin
» كتاب: في رياض السيرة النبوية العهد المكي – د.أحمد عمر هاشم ـ ج1
25/11/2024, 16:27 من طرف Admin
» كتاب في رياض السيرة النبوية (العهد المدني) لأحمد عمر هاشم ـ ج2
25/11/2024, 15:41 من طرف Admin
» كتاب: القصص في الحديث النبوي ـ لمحمد الزير موقع مكتبة
25/11/2024, 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
25/11/2024, 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin