(الباب الثالث والثلاثون في آداب الطهارة ومقدماتها)
قال الله تعالى في وصف أصحاب الصفة: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108]، قيل في التفسير: يحبون أن يتطهروا من الأحداث، والجنابات، والنجاسات بالماء. قال الكلبي: هو غسل الأدبار بالماء. وقال عطاء: كانوا يستنجون بالماء ولا ينامون بالليل على الجنابة.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قباء لما نزلت هذه الآية: «إِنَّ اللهَ تعالى قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ، فَمَا هُوَ؟». قَالُوا: إنا نَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ، وكان قبل ذلك قال لهم رسول الله: «إذا أتى أحدكم الخلاء فليستنج بثلاثة أحجار». وهكذا كان الاستنجاء في الابتداء حتى نزلت الآية في أهل قباء.
قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي باليمين، أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم.
(حدثنا) شيخنا ضياء الدين أبو النجيب -إملاء- قال: أنا أبو منصور الحريمي قال: أنا أبو بكر الخطيب قال: أنا أبو عمرو الهاشمي قال: أنا أبو علي اللؤلؤي قال: أنا أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا ابن المبارك عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ؛ أُعَلِّمُكُمْ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَلَا يَسْتَطِيبْ بِيَمِينِهِ». وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرمَّةِ.
(والفرض) في الاستنجاء شيئان: إزالة الخبث، وطهارة المزيل، وهو ألَّا يكون رجيعًا، وهو الروث، ولا مستعملًا مرةً أخرى، ولا رِمَّة وهي عظم الميتة، ووتر الاستنجاء سنة، فإما ثلاثة أحجار أو خمس أو سبعٌ، واستعمال الماء بعد الحجر سنة، وقد قيل في الآية: ﴿يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ [التوبة: 108]، ولما سئلوا عن ذلك قالوا: كنا نتبع الماء الحجر، والاستنجاء بالشمال سنة ومسح اليد بالتراب بعد الاستنجاء سنة، وهكذا يكون في الصحراء إذا كانت أرضا طاهرة وترابا طاهرًا.
وكيفية الاستنجاء أن يأخذ الحجر بيساره ويضعُه على مقدم المخرج قبل ملاقاة النجاسة، ويمره بالمسح ويدير الحجر في مره حتى لا ينقل النجاسة من موضع إلى موضع يفعل ذلك إلى أن ينتهي إلى مؤخر المخرج، ويأخذ الثاني ويضعه على المؤخر كذلك، ويمسح إلى المقدمة، ويأخذ الثالث ويديره حول المسربة، وإن استجمر بحجر ذي ثلاث شعب جاز. وأما الاستبراء إذا انقطع البول فيمد ذكره من أصله ثلاثا إلى الحشفة بالرفق لئلا يندفق بقية البول، ثم ينثره ثلاثًا، ويحتاط في الاستبراء بالاستنقاء، هو أن يتنحنح ثلاثًا؛ لأن العروق ممتدة من الحلق إلى الذكر وبالتنحنح تتحرك، وتقذف ما في مجرى البول، فإن مشى خطوات وزاد في التنحنح فلا بأس، ولكن يراعي حد العلم، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلًا بالوسوسة، فيضيع الوقت، ثم يمسح الذكر ثلاث مسحات أو أكثر إلى ألَّا يرى الرطوبة، وشبه بعضهم الذكر بالضرع، وقال: لا يزال تظهر منه الرطوبة ما دام يمد، فيراعى الحد في ذلك، ويراعى الوتر في ذلك أيضًا، والمسحات تكون على الأرض الطاهرة أو حجر طاهر، وإن احتاج إلى أخذ الحجر لصغره فليأخذ الحجر باليمين والذكر باليسار، ويمسح على الحجر، وتكون الحركة باليسار لا باليمين؛ لئلا يكون مستنجيًا باليمين، وإذا أراد استعمال الماء انتقل إلى موضع آخر، وينقع الحجر ما لم ينتشر البول على الحشفة.
وفي ترك الاستنقاء في الاستبراء وعيد، ورد فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يستبرئ -أو: لا يَسْتَنْزِهُ- مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ اثْنَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَقَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». والعسيب: الجريد، وإذا كان في الصحراء يبعد عن العيون.
روى جابر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد.
وروى المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأتى النبي عليه السلام حاجته، فأبعد في المذهب.
وروي أن النبي عليه السلام كان يتبوأ لحاجته، كما يتبوأ الرجل المنزل، وكان يستتر بحائط أو نَشز من الأرض، أو كوم من الحجارة، ويجوز أن يستتر الرجل براحلته في الصحراء أو بذيله إذا حفظ الثوب من الرشاش، ويستحب البول في أرض دمثة أو على تراب مهيل.
قال أبو موسى: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يبول فأتى دمثًا في أصل جدار فبال، ثم قال: «إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله»، وينبغي ألَّا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستقبل الشمس والقمر.
ولا يكره استقبال القبلة في البنيان، والأولى اجتنابه؛ لذهاب بعض الفقهاء إلى كراهية ذلك في البنيان أيضًا، ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، ويتجنب مهاب الرياح احترازًا من الرشاش.
قال رجل لبعض الصحابة من الأعراب -وقد خاصمه-: لا أحسبك تحسن الخراءة. فقال: بلى وأبيك، إني بها لحاذق، قال: فصفها لي. فقال: أبعد الأثر وأعد المدر، وأستقبل الشيح، وأستدبر الريح، وأقعي إقعاء الظبي، وأجفل إجفال النعام؛ يعني أستقبل أصول النبات من الشيح وغيره، وأستدبر الريح احترازًا من الرشاش، والإقعاء ها هنا أن يستوفز على صدور قدميه، والإجفال: أن يرفع عجزه.
ويقول عند الفراغ من الاستنجاء: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وطهر قلبي من الرياء، وحصن فرجي من الفواحش، ويكره أن يبول الرجل في المغتسل.
روى عبد الله بن مغفل أن النبي عليه السلام نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال: «إِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ».
وقال ابن المبارك: يوسع في البول في المستحم إذا جرى فيه الماء، وإذا كان في البنيان يقدم رجله اليسرى لدخول الخلاء، ويقول قبل الدخول: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث.
(حدثنا) شيخنا شيخ الإسلام أبو النجيب السهروردي قال: أنا أبو منصور المقري قال: أنا أبو بكر الخطيب قال: أنا أبو عمرو الهاشمي قال: أنا أبو علي اللؤلؤي قال: أنا أبو داود قال: حدثنا عمر -وهو ابن مرزوق البصري- قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ»، وأراد بالحشوش: الكنف، وأصل الحش: جماعة النخل الكثيف، كانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن تتخذ الكنف في البيوت. وقوله: محتضرة؛ أي: يحضرها الشياطين.
وفي الجلوس للحاجة يعتمد على الرجل اليسرى، ولا يتولغ بيده، ولا يخط الأرض والحائط وقت قعوده، ولا يكثر النظر إلى عورته إلا للحاجة إلى ذلك، ولا يتكلم؛ فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عوراتهما يَتَحَدَّثَانِ؛ فَإِنَّ اللهَ تعالى يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ».
ويقول عند خروجه: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأبقى عَلَيَّ ما ينفعني، ولا يستصحب معه شيئًا عليه اسم الله من ذهب وخاتم وغيره، ولا يدخل حاسِرَ الرأس.
روت عائشة -رضي الله عنها- عن أبيها أبي بكر رضى الله عنه أنه قال: استحيوا من الله؛ فإني لأدخل الكنيف فألزق ظهري، وأغطي رأسي استحياء من ربي عز وجل.
قال الله تعالى في وصف أصحاب الصفة: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108]، قيل في التفسير: يحبون أن يتطهروا من الأحداث، والجنابات، والنجاسات بالماء. قال الكلبي: هو غسل الأدبار بالماء. وقال عطاء: كانوا يستنجون بالماء ولا ينامون بالليل على الجنابة.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل قباء لما نزلت هذه الآية: «إِنَّ اللهَ تعالى قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ، فَمَا هُوَ؟». قَالُوا: إنا نَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ، وكان قبل ذلك قال لهم رسول الله: «إذا أتى أحدكم الخلاء فليستنج بثلاثة أحجار». وهكذا كان الاستنجاء في الابتداء حتى نزلت الآية في أهل قباء.
قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي باليمين، أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم.
(حدثنا) شيخنا ضياء الدين أبو النجيب -إملاء- قال: أنا أبو منصور الحريمي قال: أنا أبو بكر الخطيب قال: أنا أبو عمرو الهاشمي قال: أنا أبو علي اللؤلؤي قال: أنا أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا ابن المبارك عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ؛ أُعَلِّمُكُمْ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَلَا يَسْتَطِيبْ بِيَمِينِهِ». وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرمَّةِ.
(والفرض) في الاستنجاء شيئان: إزالة الخبث، وطهارة المزيل، وهو ألَّا يكون رجيعًا، وهو الروث، ولا مستعملًا مرةً أخرى، ولا رِمَّة وهي عظم الميتة، ووتر الاستنجاء سنة، فإما ثلاثة أحجار أو خمس أو سبعٌ، واستعمال الماء بعد الحجر سنة، وقد قيل في الآية: ﴿يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ [التوبة: 108]، ولما سئلوا عن ذلك قالوا: كنا نتبع الماء الحجر، والاستنجاء بالشمال سنة ومسح اليد بالتراب بعد الاستنجاء سنة، وهكذا يكون في الصحراء إذا كانت أرضا طاهرة وترابا طاهرًا.
وكيفية الاستنجاء أن يأخذ الحجر بيساره ويضعُه على مقدم المخرج قبل ملاقاة النجاسة، ويمره بالمسح ويدير الحجر في مره حتى لا ينقل النجاسة من موضع إلى موضع يفعل ذلك إلى أن ينتهي إلى مؤخر المخرج، ويأخذ الثاني ويضعه على المؤخر كذلك، ويمسح إلى المقدمة، ويأخذ الثالث ويديره حول المسربة، وإن استجمر بحجر ذي ثلاث شعب جاز. وأما الاستبراء إذا انقطع البول فيمد ذكره من أصله ثلاثا إلى الحشفة بالرفق لئلا يندفق بقية البول، ثم ينثره ثلاثًا، ويحتاط في الاستبراء بالاستنقاء، هو أن يتنحنح ثلاثًا؛ لأن العروق ممتدة من الحلق إلى الذكر وبالتنحنح تتحرك، وتقذف ما في مجرى البول، فإن مشى خطوات وزاد في التنحنح فلا بأس، ولكن يراعي حد العلم، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلًا بالوسوسة، فيضيع الوقت، ثم يمسح الذكر ثلاث مسحات أو أكثر إلى ألَّا يرى الرطوبة، وشبه بعضهم الذكر بالضرع، وقال: لا يزال تظهر منه الرطوبة ما دام يمد، فيراعى الحد في ذلك، ويراعى الوتر في ذلك أيضًا، والمسحات تكون على الأرض الطاهرة أو حجر طاهر، وإن احتاج إلى أخذ الحجر لصغره فليأخذ الحجر باليمين والذكر باليسار، ويمسح على الحجر، وتكون الحركة باليسار لا باليمين؛ لئلا يكون مستنجيًا باليمين، وإذا أراد استعمال الماء انتقل إلى موضع آخر، وينقع الحجر ما لم ينتشر البول على الحشفة.
وفي ترك الاستنقاء في الاستبراء وعيد، ورد فيما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يستبرئ -أو: لا يَسْتَنْزِهُ- مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ اثْنَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَقَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». والعسيب: الجريد، وإذا كان في الصحراء يبعد عن العيون.
روى جابر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد.
وروى المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأتى النبي عليه السلام حاجته، فأبعد في المذهب.
وروي أن النبي عليه السلام كان يتبوأ لحاجته، كما يتبوأ الرجل المنزل، وكان يستتر بحائط أو نَشز من الأرض، أو كوم من الحجارة، ويجوز أن يستتر الرجل براحلته في الصحراء أو بذيله إذا حفظ الثوب من الرشاش، ويستحب البول في أرض دمثة أو على تراب مهيل.
قال أبو موسى: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يبول فأتى دمثًا في أصل جدار فبال، ثم قال: «إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله»، وينبغي ألَّا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستقبل الشمس والقمر.
ولا يكره استقبال القبلة في البنيان، والأولى اجتنابه؛ لذهاب بعض الفقهاء إلى كراهية ذلك في البنيان أيضًا، ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، ويتجنب مهاب الرياح احترازًا من الرشاش.
قال رجل لبعض الصحابة من الأعراب -وقد خاصمه-: لا أحسبك تحسن الخراءة. فقال: بلى وأبيك، إني بها لحاذق، قال: فصفها لي. فقال: أبعد الأثر وأعد المدر، وأستقبل الشيح، وأستدبر الريح، وأقعي إقعاء الظبي، وأجفل إجفال النعام؛ يعني أستقبل أصول النبات من الشيح وغيره، وأستدبر الريح احترازًا من الرشاش، والإقعاء ها هنا أن يستوفز على صدور قدميه، والإجفال: أن يرفع عجزه.
ويقول عند الفراغ من الاستنجاء: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وطهر قلبي من الرياء، وحصن فرجي من الفواحش، ويكره أن يبول الرجل في المغتسل.
روى عبد الله بن مغفل أن النبي عليه السلام نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال: «إِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ».
وقال ابن المبارك: يوسع في البول في المستحم إذا جرى فيه الماء، وإذا كان في البنيان يقدم رجله اليسرى لدخول الخلاء، ويقول قبل الدخول: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث.
(حدثنا) شيخنا شيخ الإسلام أبو النجيب السهروردي قال: أنا أبو منصور المقري قال: أنا أبو بكر الخطيب قال: أنا أبو عمرو الهاشمي قال: أنا أبو علي اللؤلؤي قال: أنا أبو داود قال: حدثنا عمر -وهو ابن مرزوق البصري- قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ»، وأراد بالحشوش: الكنف، وأصل الحش: جماعة النخل الكثيف، كانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن تتخذ الكنف في البيوت. وقوله: محتضرة؛ أي: يحضرها الشياطين.
وفي الجلوس للحاجة يعتمد على الرجل اليسرى، ولا يتولغ بيده، ولا يخط الأرض والحائط وقت قعوده، ولا يكثر النظر إلى عورته إلا للحاجة إلى ذلك، ولا يتكلم؛ فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عوراتهما يَتَحَدَّثَانِ؛ فَإِنَّ اللهَ تعالى يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ».
ويقول عند خروجه: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأبقى عَلَيَّ ما ينفعني، ولا يستصحب معه شيئًا عليه اسم الله من ذهب وخاتم وغيره، ولا يدخل حاسِرَ الرأس.
روت عائشة -رضي الله عنها- عن أبيها أبي بكر رضى الله عنه أنه قال: استحيوا من الله؛ فإني لأدخل الكنيف فألزق ظهري، وأغطي رأسي استحياء من ربي عز وجل.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin