(الباب الحادي والثلاثون في ذكر الأدب ومكانه من التصوف)
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَدَّبني ربي فأحسن تأديبي»، فالأدب تهذيب الظاهر والباطن، فإذا تهذب ظاهر العبد وباطنه صار صوفيًّا أديبًا، وإنما سميت المأدبة مأدبة لاجتماعهما على أشياء، ولا يتكامل الأدب في العبد إلا بتكامل مكارم الأخلاق، ومكارمُ الأخلاق مجموعها من تحسين الخلق، فالخلق صورة الإنسان، والخلق معناه.
فقال بعضهم: الخُلُقُ لا سبيل إلى تغييره كالخَلْقِ، وقد ورد: «فرغ ربكم من الخلق والخلق والرزق والأجل».
وقد قال تعالى: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ﴾ [الرُّوم: 30].
والأصح أن تبديل الأخلاق ممكن مقدور عليه بخلاف الخلق.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حسنوا أخلاقكم»، وذلك أن الله تعالى خلق الإنسان، وهيأه لقبول الصلاح والفساد، وجعله أهلًا للأدب ومكارم الأخلاق، ووجود الأهلية فيه كوجود النار في الزناد، ووجود النخل في النوى، ثم إن الله تعالى بقدرته ألهم الإنسان ومكنه من إصلاحه بالتربية إلى أن يصير النوى نخلًا، والزناد بالعلاج حتى تخرج منه نار، وكما جعل في نفس الإنسان صلاحية الخير جعل فيها صلاحية الشر حال الإصلاح والإفساد فقال سبحانه وتعالى:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: 7، 8]، فتسويتها بصلاحيتها للشيئين جميعًا، ثم قال عزَّ وجلَّ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 9، 10].
فإذا تزكت النفس تدبرت بالعقل واستقامت أحوالها الظاهرة والباطنة، وتهذبت الأخلاق، وتكونت الآداب، فالأدب استخراج ما في القوة إلى الفعل، وهذا يكون لمن ركبت السجية الصالحة فيه، والسجية فعل الحق، لا قدرة للبشر على تكوينها، كتكون النار في الزناد؛ إذ هو فعل الله المحض، واستخراجه بكسب الآدمي، فهكذا الآداب منبعها السجايا الصالحة والمنح الإلهية، ولما هيَّأ الله تعالى بواطن الصوفية بتكميل السجايا فيها توصلوا بحسن الممارسة والرياضة إلى استخراج ما في النفوس مركوز بخلق الله تعالى إلى الفعل، فصاروا مؤدبين مهذبين، والآداب تقع في حق بعض الأشخاص من غير زيادة ممارسة ورياضة؛ لقوة ما أودع الله تعالى في غرائزهم.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي».
وفي بعض الناس من يحتاج إلى طول الممارسة لنقصان قوى أصولها في الغريزة؛ فلهذا احتاج المريدون إلى صحبة المشايخ؛ لتكون الصحبة، والتعلم عونًا على استخراج ما في الطبيعة إلى الفعل.
قال الله تعالى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التَّحريم: 6]، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: فقهوهم وأدبوهم، وفي لفظ آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي، ثم أمرني بمكارم الأخلاق»، فقال: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199].
قال يوسف بن الحسين: بالأدب يفهم العلم، وبالعلم يصح العمل، وبالعمل تنال الحكمة، وبالحكمة يُقام الزهد، وبالزهد تترك الدنيا، وبترك الدنيا يرغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة تُنال الرتبة عند الله تعالى.
(قيل لما ورد أبو حفص العراق جاء إليه الجنيد فرأى أصحاب أبي حفص وقوفًا على رأسه، يأتمرون لأمره لا يخطئ أحد منهم، فقال: يا أبا حفص، أدبت أصحابك أدب الملوك؟ فقال: لا يا أبا القاسم، ولكن حسن الأدب في الظاهر، عنوان الأدب في الباطن.
قال أبو الحسين النوري: ليس لله في عبده مقام ولا حال ولا معرفة تسقط معها آداب الشريعة، وآداب الشريعة حلية الظاهر، والله تعالى لا يبيح تعطيل الجوارح من التحلي بمحاسن الآداب.
قال عبد الله بن المبارك: أدب الخدمة أعز من الخدمة.
(حكي) عن أبي عُبيد القاسم بن سلَّام قال: دخلت مكة فكنت ربما أقعد بحذاء الكعبة، وربما كنت أستلقي وأمد رجلي، فجاءتني عائشة المكية، فقالت لي: يا أبا عبيد، يقال: إنك من أهل العلم، اقبل مني كلمة، لا تجالسه إلا بأدب، وإلا فيمحى اسمك من ديوان القرب، قال أبو عبيد: وكانت من العارفات.
وقال ابن عطاءٍ: النفس مجبولة على سوء الأدب، والعبدُ مأمور بملازمة الأدب، والنفس تجري بطباعها في مدان المخالفة، والعبد يردها بجهده إلى حسن المطالبة، فمن أعرض عن الجهد فقد أطلق عنان النفس، وغفل عن الرعاية، ومهما أعانه فهو شريكها.
وقال الجنيد: من أعان نفسه على هواها فقد أشرك في قتل نفسه؛ لأن العبودية ملازمة الأدب والطغيان سوء الأدب.
(أخبرنا) الشيخ العالم ضياء الدين عبد الوهَّاب بن علي قال: أنا أبو الفتح الهروي قال: أنا أبو النصر الترياقي قال: أنا أبو محمد الجراحي قال: أنا العباس المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي قال: حدثنا قتيبةُ قال: حدثنا يحيى بن يعلى عن ناصح عن سماك عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ».
(وروي) أيضًا أنه قال عليه السلام: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نِحْلةٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ».
(وروت) عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن موضعه، ويحسن أدبه».
(وقال) أبو علي الدقاق: العبد يصل بطاعته إلى الجنة، وبأدبه في طاعته إلى الله تعالى.
(قال) أبو القاسم القشيريُّ -رحمه الله-: كان الأستاذ أبو علي لا يستند إلى شيء، فكان يوما في مجمع فأردت أن أضع وسادة خلف ظهره؛ لأني رأيته غير مستند فتنحى عن الوسادة قليلًا، فتوهمت أنه توقى الوسادة، لأنه لم يكن عليها خرقة أو سجادة، فقال: لا أريد الاستناد. فتأملت بعد ذلك فعلمت أنه لا يستند إلى شيء أبدًا.
(وقال) الجلالي البصري: التوحيد يوجب الإيمان، فمن لا إيمان له لا توحيد له، والإيمان يوجب الشريعة، فمن لا شريعة له لا إيمان له ولا توحيد له، والشريعة توجب الأدب فمن لا أدب له لا شريعة له ولا إيمان له ولا توحيد.
(وقال) بعضهم: الزم الأدب ظاهرًا وباطنًا فما أساء أحد الأدب ظاهرًا إلا عوقب ظاهرًا، وما أساء أحد الأدب باطنًا إلا عوقب باطنًا، قال بعضهم -هو غلام الدقاق-: أنظرت إلى غلام أمرد؟ فنظر إلى الدقاق، وأنا أنظر إليه، فقال: لتجدن غبها ولو بعد سنين قال: فوجدت غبها بعد عشرين سنة؛ أن أنسيت القرآن.
(وقال) سري: صليت وردي ليلة من الليالي، ومددت رجلي في المحراب، فنوديت يا سري هكذا تجالس الملوك، فضممت رجلي ثم قلت: وعزتك لا مددت رجلي أبدًا، وقال الجنيد: فبقي ستين سنة ما مد رجله ليلًا ولا نهارًا.
(قال عبد الله) بن المبارك: من تهاون بالأدب عوقب بحرمان السُّنن، ومن تهاون بالسنن عوقب بحرمان الفرائضِ، ومن تهاون بالفرائضِ عوقب بحرمان المعرفة.
(وسُئل السَّرِيُّ) عن مسألة في الصبر فجعل يتكلم فيها، فدب على رجله عقرب فجعلت تضربه بإبرتها، فقيل له: ألا تدفعها عن نفسك؟ قال: أستحي من الله أن أتكلم في حال، ثم أخالف ما أعلم فيه.
وقيل: من أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «زويت لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا»، ولم يقل: رأيت.
(وقال) يس بن مالك: الأدب في العمل علامة قبول العمل.
(وقال) ابن عطاء: الأدب الوقوف مع المستحسنات، قيل: ما معناه؟ قال: أن تعامل الله سرًّا وعلنًا بالأدب، فإذا كنت كذلك كنت أديبًا، وإن كنت أعجميًّا، ثم أنشد:
إذا نطقت جاءت بكل مليحة
* وإن سكتت جاءت بكل مليح
وقال الجريري: منذ عشرين سنة ما مددت رجلي في الخلوة، فإن حسن الأدب مع الله أحسن وأولى.
وقال أبو علي: ترك الأدب موجب للطرد، فمن أساء الأدب على البساط رد إلى الباب، ومن أساءَ الأدب على الباب رد إلى سياسة الدواب.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَدَّبني ربي فأحسن تأديبي»، فالأدب تهذيب الظاهر والباطن، فإذا تهذب ظاهر العبد وباطنه صار صوفيًّا أديبًا، وإنما سميت المأدبة مأدبة لاجتماعهما على أشياء، ولا يتكامل الأدب في العبد إلا بتكامل مكارم الأخلاق، ومكارمُ الأخلاق مجموعها من تحسين الخلق، فالخلق صورة الإنسان، والخلق معناه.
فقال بعضهم: الخُلُقُ لا سبيل إلى تغييره كالخَلْقِ، وقد ورد: «فرغ ربكم من الخلق والخلق والرزق والأجل».
وقد قال تعالى: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ﴾ [الرُّوم: 30].
والأصح أن تبديل الأخلاق ممكن مقدور عليه بخلاف الخلق.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حسنوا أخلاقكم»، وذلك أن الله تعالى خلق الإنسان، وهيأه لقبول الصلاح والفساد، وجعله أهلًا للأدب ومكارم الأخلاق، ووجود الأهلية فيه كوجود النار في الزناد، ووجود النخل في النوى، ثم إن الله تعالى بقدرته ألهم الإنسان ومكنه من إصلاحه بالتربية إلى أن يصير النوى نخلًا، والزناد بالعلاج حتى تخرج منه نار، وكما جعل في نفس الإنسان صلاحية الخير جعل فيها صلاحية الشر حال الإصلاح والإفساد فقال سبحانه وتعالى:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس: 7، 8]، فتسويتها بصلاحيتها للشيئين جميعًا، ثم قال عزَّ وجلَّ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 9، 10].
فإذا تزكت النفس تدبرت بالعقل واستقامت أحوالها الظاهرة والباطنة، وتهذبت الأخلاق، وتكونت الآداب، فالأدب استخراج ما في القوة إلى الفعل، وهذا يكون لمن ركبت السجية الصالحة فيه، والسجية فعل الحق، لا قدرة للبشر على تكوينها، كتكون النار في الزناد؛ إذ هو فعل الله المحض، واستخراجه بكسب الآدمي، فهكذا الآداب منبعها السجايا الصالحة والمنح الإلهية، ولما هيَّأ الله تعالى بواطن الصوفية بتكميل السجايا فيها توصلوا بحسن الممارسة والرياضة إلى استخراج ما في النفوس مركوز بخلق الله تعالى إلى الفعل، فصاروا مؤدبين مهذبين، والآداب تقع في حق بعض الأشخاص من غير زيادة ممارسة ورياضة؛ لقوة ما أودع الله تعالى في غرائزهم.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي».
وفي بعض الناس من يحتاج إلى طول الممارسة لنقصان قوى أصولها في الغريزة؛ فلهذا احتاج المريدون إلى صحبة المشايخ؛ لتكون الصحبة، والتعلم عونًا على استخراج ما في الطبيعة إلى الفعل.
قال الله تعالى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التَّحريم: 6]، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: فقهوهم وأدبوهم، وفي لفظ آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي، ثم أمرني بمكارم الأخلاق»، فقال: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199].
قال يوسف بن الحسين: بالأدب يفهم العلم، وبالعلم يصح العمل، وبالعمل تنال الحكمة، وبالحكمة يُقام الزهد، وبالزهد تترك الدنيا، وبترك الدنيا يرغب في الآخرة، وبالرغبة في الآخرة تُنال الرتبة عند الله تعالى.
(قيل لما ورد أبو حفص العراق جاء إليه الجنيد فرأى أصحاب أبي حفص وقوفًا على رأسه، يأتمرون لأمره لا يخطئ أحد منهم، فقال: يا أبا حفص، أدبت أصحابك أدب الملوك؟ فقال: لا يا أبا القاسم، ولكن حسن الأدب في الظاهر، عنوان الأدب في الباطن.
قال أبو الحسين النوري: ليس لله في عبده مقام ولا حال ولا معرفة تسقط معها آداب الشريعة، وآداب الشريعة حلية الظاهر، والله تعالى لا يبيح تعطيل الجوارح من التحلي بمحاسن الآداب.
قال عبد الله بن المبارك: أدب الخدمة أعز من الخدمة.
(حكي) عن أبي عُبيد القاسم بن سلَّام قال: دخلت مكة فكنت ربما أقعد بحذاء الكعبة، وربما كنت أستلقي وأمد رجلي، فجاءتني عائشة المكية، فقالت لي: يا أبا عبيد، يقال: إنك من أهل العلم، اقبل مني كلمة، لا تجالسه إلا بأدب، وإلا فيمحى اسمك من ديوان القرب، قال أبو عبيد: وكانت من العارفات.
وقال ابن عطاءٍ: النفس مجبولة على سوء الأدب، والعبدُ مأمور بملازمة الأدب، والنفس تجري بطباعها في مدان المخالفة، والعبد يردها بجهده إلى حسن المطالبة، فمن أعرض عن الجهد فقد أطلق عنان النفس، وغفل عن الرعاية، ومهما أعانه فهو شريكها.
وقال الجنيد: من أعان نفسه على هواها فقد أشرك في قتل نفسه؛ لأن العبودية ملازمة الأدب والطغيان سوء الأدب.
(أخبرنا) الشيخ العالم ضياء الدين عبد الوهَّاب بن علي قال: أنا أبو الفتح الهروي قال: أنا أبو النصر الترياقي قال: أنا أبو محمد الجراحي قال: أنا العباس المحبوبي أنا أبو عيسى الترمذي قال: حدثنا قتيبةُ قال: حدثنا يحيى بن يعلى عن ناصح عن سماك عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ».
(وروي) أيضًا أنه قال عليه السلام: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نِحْلةٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ».
(وروت) عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن موضعه، ويحسن أدبه».
(وقال) أبو علي الدقاق: العبد يصل بطاعته إلى الجنة، وبأدبه في طاعته إلى الله تعالى.
(قال) أبو القاسم القشيريُّ -رحمه الله-: كان الأستاذ أبو علي لا يستند إلى شيء، فكان يوما في مجمع فأردت أن أضع وسادة خلف ظهره؛ لأني رأيته غير مستند فتنحى عن الوسادة قليلًا، فتوهمت أنه توقى الوسادة، لأنه لم يكن عليها خرقة أو سجادة، فقال: لا أريد الاستناد. فتأملت بعد ذلك فعلمت أنه لا يستند إلى شيء أبدًا.
(وقال) الجلالي البصري: التوحيد يوجب الإيمان، فمن لا إيمان له لا توحيد له، والإيمان يوجب الشريعة، فمن لا شريعة له لا إيمان له ولا توحيد له، والشريعة توجب الأدب فمن لا أدب له لا شريعة له ولا إيمان له ولا توحيد.
(وقال) بعضهم: الزم الأدب ظاهرًا وباطنًا فما أساء أحد الأدب ظاهرًا إلا عوقب ظاهرًا، وما أساء أحد الأدب باطنًا إلا عوقب باطنًا، قال بعضهم -هو غلام الدقاق-: أنظرت إلى غلام أمرد؟ فنظر إلى الدقاق، وأنا أنظر إليه، فقال: لتجدن غبها ولو بعد سنين قال: فوجدت غبها بعد عشرين سنة؛ أن أنسيت القرآن.
(وقال) سري: صليت وردي ليلة من الليالي، ومددت رجلي في المحراب، فنوديت يا سري هكذا تجالس الملوك، فضممت رجلي ثم قلت: وعزتك لا مددت رجلي أبدًا، وقال الجنيد: فبقي ستين سنة ما مد رجله ليلًا ولا نهارًا.
(قال عبد الله) بن المبارك: من تهاون بالأدب عوقب بحرمان السُّنن، ومن تهاون بالسنن عوقب بحرمان الفرائضِ، ومن تهاون بالفرائضِ عوقب بحرمان المعرفة.
(وسُئل السَّرِيُّ) عن مسألة في الصبر فجعل يتكلم فيها، فدب على رجله عقرب فجعلت تضربه بإبرتها، فقيل له: ألا تدفعها عن نفسك؟ قال: أستحي من الله أن أتكلم في حال، ثم أخالف ما أعلم فيه.
وقيل: من أدب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «زويت لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا»، ولم يقل: رأيت.
(وقال) يس بن مالك: الأدب في العمل علامة قبول العمل.
(وقال) ابن عطاء: الأدب الوقوف مع المستحسنات، قيل: ما معناه؟ قال: أن تعامل الله سرًّا وعلنًا بالأدب، فإذا كنت كذلك كنت أديبًا، وإن كنت أعجميًّا، ثم أنشد:
إذا نطقت جاءت بكل مليحة
* وإن سكتت جاءت بكل مليح
وقال الجريري: منذ عشرين سنة ما مددت رجلي في الخلوة، فإن حسن الأدب مع الله أحسن وأولى.
وقال أبو علي: ترك الأدب موجب للطرد، فمن أساء الأدب على البساط رد إلى الباب، ومن أساءَ الأدب على الباب رد إلى سياسة الدواب.
اليوم في 15:03 من طرف Admin
» كتاب: الكلام على قوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ـ ابن رجب الحنبلي
اليوم في 14:58 من طرف Admin
» كتاب: نهاية العالم في الكتاب المقدس - دراسة مقارنة مع القرآن الكريم ـ نور فائزة بنت عثمان
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin