[كتاب الزكاة]
كِتَابُ الزَّكَاةِ) هِيَ لُغَةً التَّطْهِيرُ وَالنَّمَاءُ، وَغَيْرُهُمَا وَشَرْعًا اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَوْلُهُ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَاجْعَلُوا ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ، فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِمْ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ، ثُمَّ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَأَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ، ثُمَّ قَالَ إنِّي جَعَلْت ثَوَابَ مَا قَرَأْت مِنْ كَلَامِك لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَانُوا شُفَعَاءَ لَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَيِّتٌ فَيَتَصَدَّقُونَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا أَهْدَاهَا جِبْرِيلُ عَلَى طَبَقٍ مِنْ نُورٍ، ثُمَّ يَقِفُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَيَقُولُ يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ الْعَمِيقِ هَذِهِ هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا إلَيْك أَهْلُك فَاقْبَلْهَا فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ فَيَفْرَحُ بِهَا وَيَسْتَبْشِرُ وَيَحْزَنُ جِيرَانُهُ الَّذِينَ لَا يُهْدَى إلَيْهِمْ شَيْءٌ» اهـ. مِنْ شَرْحِ الصُّدُورِ لِلْحَافِظِ السُّيُوطِيّ وَفِي الْحَدِيثِ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَانَ كَحَجَّةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «كُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ» اهـ.
[كِتَابُ الزَّكَاةِ]
[بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]
(كِتَابُ الزَّكَاةِ) بِفَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَوَزْنُهَا زَكَوَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ قُلِبَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَفُرِضَتْ فِي شَعْبَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ مَعَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَقِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ فُرِضَتْ فِي شَوَّالٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ بَعْدَ فَرْضِ رَمَضَانَ قِيلَ، وَهِيَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا غَيْرُ الزَّكَاةِ الْمَعْرُوفَةِ كَالتَّطْهِيرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَنَا وَقَدْ صَرَّحَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي خَصَائِصِهِ الصُّغْرَى أَنَّ الشَّيْخَ تَاجَ الدِّينِ بْنَ عَطَاءِ اللَّهِ السَّكَنْدَرِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ التَّنْوِيرِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا كَانُوا يَشْهَدُونَ مَا فِي أَيْدِيهمْ مِنْ وَدَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ يَبْذُلُونَهَا فِي أَوَانِ بَذْلِهِ وَيَمْنَعُونَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا هِيَ طُهْرَةٌ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَالْأَنْبِيَاءُ مُبَرَّءُونَ مِنْ الدَّنَسِ لِعِصْمَتِهِمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ: فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ الْمَذْكُورَةِ وَهَذَا كَمَا تَرَى مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خِلَافُهُ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشبراملسي كَشَيْخِنَا سُلْطَانٍ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ أَفْتَى بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ وَأَقَرَّهُ شَيْخنَا الشَّوْبَرِيُّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ أَنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْهَا مُرَاعَاةً لِلْحَدِيثِ النَّاظِرِ إلَى كَثْرَةٍ أَفْرَادِ مَنْ تَلْزَمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا اهـ.
ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ التَّطْهِيرُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ الْمُخْرَجَ عَنْهُ عَنْ تَدْنِيسِهِ بِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالْمُخْرِجَ عَنْ الْإِثْمِ وَتُصْلِحُهُ وَتُنَمِّيه وَتَقِيه مِنْ الْآفَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالنَّمَاءُ) بِالْمَدِّ أَيْ التَّنْمِيَةُ يُقَالُ زَكَا الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَزَادَ وَزَكَتْ الْبُقْعَةُ إذَا بُورِكَ فِيهَا وَفُلَانٌ زَاكٍ أَيْ كَثِيرُ الْخَيْرِ وَأَمَّا النَّمَا بِالْقَصْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلنَّمْلِ الصَّغِيرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] الْأَصَحُّ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهَا لَا عَامَّةً وَلَا مُطْلَقَةً وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةُ اهـ. زِيَادِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا الْكِتَابُ نَحْوُ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَا عَامَّةٌ وَلَا مُطْلَقَةٌ وَيَشْكُلُ عَلَيْهَا آيَةُ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْأَظْهَرَ فِيهَا مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنَّهَا عَامَّةٌ مَخْصُوصَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ كُلٍّ مِنْ الْآيَتَيْنِ لَفْظًا إذْ كُلُّ مُفْرَدٍ مُشْتَقٍّ مُقْتَرِنٍ بِأَلْ فَتَرْجِيحُ عُمُومِ تِلْكَ وَإِجْمَالُ هَذِهِ دَقِيقٌ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ الْآيَةِ مُوَافِقٌ لِأَصْلِ الْحِلِّ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُتَمَحِّضَةً فَمَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ وَمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَعَلِمْنَا بِهِ، وَمَعَ هَذَيْنِ يَتَعَذَّرُ الْقَوْلُ بِالْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَالْحِلُّ قَدْ عُلِمَتْ دَلَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ فِيهِمَا فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمَعْمُولِ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْمُخَصِّصِ لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ وَأَمَّا إيجَابُ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ اللَّفْظِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ بَيَانِهِ مَعَ إجْمَالِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُجْمَلِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ فِيهِمَا أَحَادِيثُ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَنَى بِأَحَادِيثِ الْبُيُوعَاتِ الْفَاسِدَةِ الرِّبَا وَغَيْرِهِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهَا لِكَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَا لِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ الصَّحِيحَةِ
كِتَابُ الزَّكَاةِ) هِيَ لُغَةً التَّطْهِيرُ وَالنَّمَاءُ، وَغَيْرُهُمَا وَشَرْعًا اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَقَوْلُهُ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَاجْعَلُوا ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ، فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِمْ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ، ثُمَّ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَأَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ، ثُمَّ قَالَ إنِّي جَعَلْت ثَوَابَ مَا قَرَأْت مِنْ كَلَامِك لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَانُوا شُفَعَاءَ لَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَيِّتٌ فَيَتَصَدَّقُونَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا أَهْدَاهَا جِبْرِيلُ عَلَى طَبَقٍ مِنْ نُورٍ، ثُمَّ يَقِفُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَيَقُولُ يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ الْعَمِيقِ هَذِهِ هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا إلَيْك أَهْلُك فَاقْبَلْهَا فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ فَيَفْرَحُ بِهَا وَيَسْتَبْشِرُ وَيَحْزَنُ جِيرَانُهُ الَّذِينَ لَا يُهْدَى إلَيْهِمْ شَيْءٌ» اهـ. مِنْ شَرْحِ الصُّدُورِ لِلْحَافِظِ السُّيُوطِيّ وَفِي الْحَدِيثِ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ «مَنْ زَارَ قَبْرَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَانَ كَحَجَّةٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «كُتِبَ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ» اهـ.
[كِتَابُ الزَّكَاةِ]
[بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]
(كِتَابُ الزَّكَاةِ) بِفَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَوَزْنُهَا زَكَوَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ قُلِبَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَفُرِضَتْ فِي شَعْبَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ مَعَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَقِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ فُرِضَتْ فِي شَوَّالٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ بَعْدَ فَرْضِ رَمَضَانَ قِيلَ، وَهِيَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا غَيْرُ الزَّكَاةِ الْمَعْرُوفَةِ كَالتَّطْهِيرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَنَا وَقَدْ صَرَّحَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي خَصَائِصِهِ الصُّغْرَى أَنَّ الشَّيْخَ تَاجَ الدِّينِ بْنَ عَطَاءِ اللَّهِ السَّكَنْدَرِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ التَّنْوِيرِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا مِلْكَ لَهُمْ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا كَانُوا يَشْهَدُونَ مَا فِي أَيْدِيهمْ مِنْ وَدَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ يَبْذُلُونَهَا فِي أَوَانِ بَذْلِهِ وَيَمْنَعُونَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا هِيَ طُهْرَةٌ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَالْأَنْبِيَاءُ مُبَرَّءُونَ مِنْ الدَّنَسِ لِعِصْمَتِهِمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ: فِي شَرْحِ الْخَصَائِصِ الْمَذْكُورَةِ وَهَذَا كَمَا تَرَى مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خِلَافُهُ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشبراملسي كَشَيْخِنَا سُلْطَانٍ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ أَفْتَى بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ وَأَقَرَّهُ شَيْخنَا الشَّوْبَرِيُّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ أَنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْهَا مُرَاعَاةً لِلْحَدِيثِ النَّاظِرِ إلَى كَثْرَةٍ أَفْرَادِ مَنْ تَلْزَمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا اهـ.
ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ التَّطْهِيرُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تُطَهِّرُ الْمُخْرَجَ عَنْهُ عَنْ تَدْنِيسِهِ بِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالْمُخْرِجَ عَنْ الْإِثْمِ وَتُصْلِحُهُ وَتُنَمِّيه وَتَقِيه مِنْ الْآفَاتِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالنَّمَاءُ) بِالْمَدِّ أَيْ التَّنْمِيَةُ يُقَالُ زَكَا الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَزَادَ وَزَكَتْ الْبُقْعَةُ إذَا بُورِكَ فِيهَا وَفُلَانٌ زَاكٍ أَيْ كَثِيرُ الْخَيْرِ وَأَمَّا النَّمَا بِالْقَصْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلنَّمْلِ الصَّغِيرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] الْأَصَحُّ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهَا لَا عَامَّةً وَلَا مُطْلَقَةً وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةُ اهـ. زِيَادِيٌّ.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا الْكِتَابُ نَحْوُ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَا عَامَّةٌ وَلَا مُطْلَقَةٌ وَيَشْكُلُ عَلَيْهَا آيَةُ الْبَيْعِ، فَإِنَّ الْأَظْهَرَ فِيهَا مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنَّهَا عَامَّةٌ مَخْصُوصَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ كُلٍّ مِنْ الْآيَتَيْنِ لَفْظًا إذْ كُلُّ مُفْرَدٍ مُشْتَقٍّ مُقْتَرِنٍ بِأَلْ فَتَرْجِيحُ عُمُومِ تِلْكَ وَإِجْمَالُ هَذِهِ دَقِيقٌ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ الْآيَةِ مُوَافِقٌ لِأَصْلِ الْحِلِّ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُتَمَحِّضَةً فَمَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ وَمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَعَلِمْنَا بِهِ، وَمَعَ هَذَيْنِ يَتَعَذَّرُ الْقَوْلُ بِالْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَالْحِلُّ قَدْ عُلِمَتْ دَلَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ فِيهِمَا فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمَعْمُولِ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْمُخَصِّصِ لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ وَأَمَّا إيجَابُ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ اللَّفْظِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ بَيَانِهِ مَعَ إجْمَالِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُجْمَلِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ فِيهِمَا أَحَادِيثُ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَنَى بِأَحَادِيثِ الْبُيُوعَاتِ الْفَاسِدَةِ الرِّبَا وَغَيْرِهِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهَا لِكَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَا لِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ الصَّحِيحَةِ
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin