[كتاب الهبة]
وَحِفْظُ أَصْلٍ وَغَلَّةٍ وَجَمْعُهَا وَقِسْمَتُهَا) عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَذِكْرُ حِفْظِ الْأَصْلِ وَالْغَلَّةِ مِنْ زِيَادَتِي، وَهَذَا إذَا أُطْلِقَ النَّظَرُ لَهُ أَوْ فُوِّضَ لَهُ جَمِيعُ هَذِهِ الْأُمُورِ (فَإِنْ فُوِّضَ لَهُ بَعْضُهَا لَمْ يَتَعَدَّهُ) كَالْوَكِيلِ وَلَوْ فُوِّضَ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ (وَلِوَاقِفٍ نَاظِرٍ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) النَّظَرَ عَنْهُ (وَنَصْبُ غَيْرِهِ) مَكَانَهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا كَأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ حَالَ الْوَقْفِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ عَزَلَ هَذَا الْغَيْرُ نَفْسَهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ إلَّا الْحَاكِمُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(كِتَابُ الْهِبَةِ) تُقَالُ لِمَا يَعُمُّ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا، وَقَدْ اسْتَعْمَلْت الْأَوَّلَ فِي تَعْرِيفِهَا وَالثَّانِيَ فِي أَرْكَانِهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] ، وَقَوْلُهُ {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177] الْآيَةَ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ الْآتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقُّهُ مِنْهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ قَدْ يَغْرَمُ، وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ رِفْقٌ بِالْمَوْقُوفِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْوَقْفِ حَتَّى يُلْغَى كَشَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِ مَثَلًا، وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنَّهُ قَيَّدَ اسْتِحْقَاقَهُ لِسُكْنَاهُ بِأَنْ يَعْمُرَ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَعْمُرْهُ وَإِلَّا فَلْيُعْرِضْ عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ مَشَايِخِنَا أَيَّدَهُ اهـ. حَجّ شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ وَحِفْظُ أَصْلٍ وَغَلَّةٍ) وَتَوْلِيَةُ مُدَرِّسٍ وَتَنْزِيلُ طَلَبَةٍ مَدْرَسَةً وَصُوفِيَّةٍ خَانْقَاهْ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَزْلُ أَحَدٍ مِنْ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ بِدُونِ سَبَبٍ يَفْسُقُ بِهِ.
نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْمَوْثُوقُ بِعِلْمِهِ وَدِيَانَتِهِ بَيَانَ مُسْتَنِدِ الْعَزْلِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَّا فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَلِوَاقِفٍ نَاظِرٍ إلَخْ) وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ وَالنَّاظِرِ عَزْلَ الْمُدَرِّسِ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ، وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إسْقَاطُ بَعْضِ الْأَجْنَادِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَالنَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْلَى وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْجِهَادِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ وَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِلَا سَبَبٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ فَرْضِ الْكِفَايَاتِ بَلْ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّدْرِيسَ فَرْضٌ أَيْضًا، وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ بِهِمَا فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الرَّبْطَ بِهِ كَالتَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ عَزْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لَا يَنْفُذُ بَلْ هُوَ قَادِحٌ فِي نَظَرِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ كِتَابَ الْوَقْفِ لِيَكْتُبُوا مِنْهُ نُسْخَةً حِفْظًا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَزِمَهُ تَمْكِينُهُمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ وَقْفًا بِشَرْطِهِ وَحَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِهِ وَبَعْدَ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ زِيَادَةِ رَاغِبٍ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ بِأَنَّ هَذَا إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ لَا مَعْنَى لَهُ كَيْفَ وَالْمَوْتُ أَوْ الزِّيَادَةُ قَدْ يُوجَدَانِ وَقَدْ لَا، فَلِمَنْ رُفِعَ لَهُ الْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ. اهـ.
وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ وَفِيهِ تَحْقِيقُ بَسَطْتُهُ آخِرَ الْوَقْفِ مِنْ الْفَتَاوَى وَفِي كِتَابِ الْمُسْتَوْدَعِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ الْمُسَطَّرِ أَوَائِلَ الْبَيْعِ فِي الْفَتَاوَى فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ حَجّ.
وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ هَذَا إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حُكْمٌ لَا إفْتَاءٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَزَلَ هَذَا الْغَيْرُ) وَمِثْلُهُ الْوَاقِفُ إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ عَزَلَ نَفْسَهُ وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ إقَامَةِ الْحَاكِمِ بَدَلَهُ أَنْ يَكُونَ مَعْزُولًا فَإِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ بَعْدَ نَصْبِ الْحَاكِمِ عَادَ لِلنَّظَرِ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَلَكِنَّ الْحَاكِمَ يُقِيمُ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ إلَّا الْحَاكِمُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ انْعَزَلَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ بَلْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي لِيُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَعَلَيْهِ فَتَوْلِيَةُ الْحَاكِمِ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ لَيْسَ لِانْعِزَالِهِ بَلْ لِامْتِنَاعِهِ فَإِذَا عَادَ عَادَ النَّظَرُ اهـ. مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَقَرَّرَ م ر مِثْلَهُ اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ.
[كِتَابُ الْهِبَةِ]
(كِتَابُ الْهِبَةِ) مِنْ هَبَّ مَرَّ لِمُرُورِهَا مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَوْ اسْتَيْقَظَ لِتَيَقُّظِ فَاعِلِهَا لِلْإِحْسَانِ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ هَبَّتْ الرِّيحُ تَهُبُّ هُبُوبًا مِنْ بَابِ قَعَدَ هَاجَتْ وَهَبَّ مِنْ نَوْمِهِ اسْتَيْقَظَ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَهَبَّ السَّيْفُ يَهُبُّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ هِبَّةً اهْتَزَّ وَمَضَى وَمِنْهُ قِيلَ أَتَى امْرَأَتَهُ هَبَّةً أَيْ وَقْعَةً وَذُكِرَتْ عَقِبَ الْوَقْفِ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي مُطْلَقِ التَّبَرُّعِ، وَإِنْ كَانَ التَّبَرُّعُ فِيهَا لِمَالِكٍ وَفِي الْوَقْفِ لَا لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا) وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا) يُمْكِنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِلَفْظِ لَا لِثَوَابٍ وَلَا لِإِكْرَامٍ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَازِمًا عَلَى مَا سَيَأْتِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ تَجْتَمِعُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْأَعَمُّ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ نَفْسًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ فَإِنْ طَابَتْ نُفُوسُهُنَّ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ أَيْ الصَّدَاقِ وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ إذْ تَشْمَلُ الصَّدَاقَ وَغَيْرَهُ وَالْآيَتَانِ مُحْتَمِلَتَانِ لِلْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ اهـ. عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ. مُخْتَارٌ وَفِي الْقَامُوسِ الْحَقَارَةُ مُثَلَّثَةٌ وَالْمُحَقَّرَةُ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ وَكَرُمَ وَبِمَعْنَى الِاحْتِقَارِ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ فَأَفَادَ أَنَّ حَقَرَ إنْ اُسْتُعْمِلَ لَازِمًا كَانَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَكَرُمَ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ مُتَعَدِّيًا كَانَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ لَا غَيْرُ أَيْ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ هَدِيَّةً لِجَارَتِهَا إلَخْ اهـ.
وَحِفْظُ أَصْلٍ وَغَلَّةٍ وَجَمْعُهَا وَقِسْمَتُهَا) عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَذِكْرُ حِفْظِ الْأَصْلِ وَالْغَلَّةِ مِنْ زِيَادَتِي، وَهَذَا إذَا أُطْلِقَ النَّظَرُ لَهُ أَوْ فُوِّضَ لَهُ جَمِيعُ هَذِهِ الْأُمُورِ (فَإِنْ فُوِّضَ لَهُ بَعْضُهَا لَمْ يَتَعَدَّهُ) كَالْوَكِيلِ وَلَوْ فُوِّضَ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ (وَلِوَاقِفٍ نَاظِرٍ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) النَّظَرَ عَنْهُ (وَنَصْبُ غَيْرِهِ) مَكَانَهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا كَأَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ حَالَ الْوَقْفِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ عَزَلَ هَذَا الْغَيْرُ نَفْسَهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ إلَّا الْحَاكِمُ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(كِتَابُ الْهِبَةِ) تُقَالُ لِمَا يَعُمُّ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا، وَقَدْ اسْتَعْمَلْت الْأَوَّلَ فِي تَعْرِيفِهَا وَالثَّانِيَ فِي أَرْكَانِهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] ، وَقَوْلُهُ {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177] الْآيَةَ وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ الْآتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّجُوعِ فِيهَا وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَقُّهُ مِنْهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ قَدْ يَغْرَمُ، وَقَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ رِفْقٌ بِالْمَوْقُوفِ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْوَقْفِ حَتَّى يُلْغَى كَشَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِ مَثَلًا، وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنَّهُ قَيَّدَ اسْتِحْقَاقَهُ لِسُكْنَاهُ بِأَنْ يَعْمُرَ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَعْمُرْهُ وَإِلَّا فَلْيُعْرِضْ عَنْهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ مَشَايِخِنَا أَيَّدَهُ اهـ. حَجّ شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ وَحِفْظُ أَصْلٍ وَغَلَّةٍ) وَتَوْلِيَةُ مُدَرِّسٍ وَتَنْزِيلُ طَلَبَةٍ مَدْرَسَةً وَصُوفِيَّةٍ خَانْقَاهْ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَزْلُ أَحَدٍ مِنْ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ بِدُونِ سَبَبٍ يَفْسُقُ بِهِ.
نَعَمْ لَا يَلْزَمُ الْمَوْثُوقُ بِعِلْمِهِ وَدِيَانَتِهِ بَيَانَ مُسْتَنِدِ الْعَزْلِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَّا فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَلِوَاقِفٍ نَاظِرٍ إلَخْ) وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ وَالنَّاظِرِ عَزْلَ الْمُدَرِّسِ وَنَحْوِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ، وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إسْقَاطُ بَعْضِ الْأَجْنَادِ الْمُثْبَتِينَ فِي الدِّيوَانِ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَالنَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْلَى وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْجِهَادِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ وَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِلَا سَبَبٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ فَرْضِ الْكِفَايَاتِ بَلْ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّدْرِيسَ فَرْضٌ أَيْضًا، وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَمَنْ رَبَطَ نَفْسَهُ بِهِمَا فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الرَّبْطَ بِهِ كَالتَّلَبُّسِ بِهِ وَإِلَّا فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ عَزْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ لَا يَنْفُذُ بَلْ هُوَ قَادِحٌ فِي نَظَرِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ كِتَابَ الْوَقْفِ لِيَكْتُبُوا مِنْهُ نُسْخَةً حِفْظًا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَزِمَهُ تَمْكِينُهُمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) وَأَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ وَقْفًا بِشَرْطِهِ وَحَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِهِ وَبَعْدَ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَوْ زِيَادَةِ رَاغِبٍ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ بِأَنَّ هَذَا إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ لَا مَعْنَى لَهُ كَيْفَ وَالْمَوْتُ أَوْ الزِّيَادَةُ قَدْ يُوجَدَانِ وَقَدْ لَا، فَلِمَنْ رُفِعَ لَهُ الْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ. اهـ.
وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ وَفِيهِ تَحْقِيقُ بَسَطْتُهُ آخِرَ الْوَقْفِ مِنْ الْفَتَاوَى وَفِي كِتَابِ الْمُسْتَوْدَعِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ الْمُسَطَّرِ أَوَائِلَ الْبَيْعِ فِي الْفَتَاوَى فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ حَجّ.
وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ هَذَا إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حُكْمٌ لَا إفْتَاءٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَزَلَ هَذَا الْغَيْرُ) وَمِثْلُهُ الْوَاقِفُ إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ عَزَلَ نَفْسَهُ وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ إقَامَةِ الْحَاكِمِ بَدَلَهُ أَنْ يَكُونَ مَعْزُولًا فَإِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ بَعْدَ نَصْبِ الْحَاكِمِ عَادَ لِلنَّظَرِ وَكَتَبَ أَيْضًا، وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَلَكِنَّ الْحَاكِمَ يُقِيمُ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ إلَّا الْحَاكِمُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ انْعَزَلَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ بَلْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي لِيُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَعَلَيْهِ فَتَوْلِيَةُ الْحَاكِمِ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ لَيْسَ لِانْعِزَالِهِ بَلْ لِامْتِنَاعِهِ فَإِذَا عَادَ عَادَ النَّظَرُ اهـ. مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَقَرَّرَ م ر مِثْلَهُ اهـ. ابْنُ قَاسِمٍ.
[كِتَابُ الْهِبَةِ]
(كِتَابُ الْهِبَةِ) مِنْ هَبَّ مَرَّ لِمُرُورِهَا مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَوْ اسْتَيْقَظَ لِتَيَقُّظِ فَاعِلِهَا لِلْإِحْسَانِ اهـ. شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ هَبَّتْ الرِّيحُ تَهُبُّ هُبُوبًا مِنْ بَابِ قَعَدَ هَاجَتْ وَهَبَّ مِنْ نَوْمِهِ اسْتَيْقَظَ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَهَبَّ السَّيْفُ يَهُبُّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ هِبَّةً اهْتَزَّ وَمَضَى وَمِنْهُ قِيلَ أَتَى امْرَأَتَهُ هَبَّةً أَيْ وَقْعَةً وَذُكِرَتْ عَقِبَ الْوَقْفِ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي مُطْلَقِ التَّبَرُّعِ، وَإِنْ كَانَ التَّبَرُّعُ فِيهَا لِمَالِكٍ وَفِي الْوَقْفِ لَا لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا) وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا) يُمْكِنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِلَفْظِ لَا لِثَوَابٍ وَلَا لِإِكْرَامٍ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَازِمًا عَلَى مَا سَيَأْتِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ تَجْتَمِعُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْأَعَمُّ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ نَفْسًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ فَإِنْ طَابَتْ نُفُوسُهُنَّ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ أَيْ الصَّدَاقِ وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ إذْ تَشْمَلُ الصَّدَاقَ وَغَيْرَهُ وَالْآيَتَانِ مُحْتَمِلَتَانِ لِلْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ اهـ. عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ) بَابُهُ ضَرَبَ اهـ. مُخْتَارٌ وَفِي الْقَامُوسِ الْحَقَارَةُ مُثَلَّثَةٌ وَالْمُحَقَّرَةُ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ وَكَرُمَ وَبِمَعْنَى الِاحْتِقَارِ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ فَأَفَادَ أَنَّ حَقَرَ إنْ اُسْتُعْمِلَ لَازِمًا كَانَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَكَرُمَ، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ مُتَعَدِّيًا كَانَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ لَا غَيْرُ أَيْ لَا تَسْتَصْغِرَنَّ هَدِيَّةً لِجَارَتِهَا إلَخْ اهـ.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin