[كتاب الوصية] [فصل في الرجوع عن الوصية]
مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةٍ وَغَيْرِهَا، وَمَا قَالَهُ مِنْ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَرَأَ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ، أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قُصِدَ بِهِ نَفْعُ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ وَبَيَّنَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ.
(لَهُ) أَيْ لِلْمُوصِي (رُجُوعٌ) عَنْ وَصِيَّتِهِ وَعَنْ بَعْضِهَا (بِنَحْوِ نَقَضْتُ) هَا كَأَبْطَلْتُهَا وَرَجَعْتُ فِيهَا وَرَفَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا (وَ) بِنَحْوِ قَوْلِهِ (هَذَا لِوَارِثِي) مُشِيرًا إلَى الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهُ (وَ) بِنَحْوِ (بَيْعٍ وَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ) لِمَا وَصَّى بِهِ (وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) لِظُهُورِ صَرْفِهِ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيُوصِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ (وَتَوْكِيلٍ بِهِ وَعَرْضٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا تَوَسُّلٌ إلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ وَذِكْرُ التَّوْكِيلِ، وَالْعَرْضِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِي (وَخَلْطِهِ بُرًّا مُعَيَّنًا) وَصَّى بِهِ بِبُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِذَلِكَ عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ (وَ) خَلْطِهِ (صُبْرَةً وَصَّى بِصَاعٍ مِنْهَا بِأَجْوَدَ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ زِيَادَةً لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ، أَوْ بِأَرْدَأَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ الصَّوْمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: مِنْ صَلَاةٍ إلَخْ) بِأَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ لَا أَنَّهُ يُصَلِّي عَنْهُ مَثَلًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالدُّعَاءِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ كَافٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بَعْدَ حَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَارِئُ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ بِغَيْرِ دُعَاءٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قُصِدَ بِهِ نَفْعُ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ؛ إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَارِئَ لَمَّا قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ الْمَلْدُوغَ نَفَعَتْهُ وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ وَإِذَا نَفَعَتْ الْحَيَّ بِالْقَصْدِ كَانَ نَفْعُ الْمَيِّتِ بِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَا يَقَعُ عَنْ الْحَيِّ انْتَهَتْ.
[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ]
(فَصْلٌ: فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ أَيْ فِي بَيَانِ جَوَازِهِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ) (قَوْلُهُ: لَهُ رُجُوعٌ عَنْ وَصِيَّتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: يَصِحُّ فِي التَّبَرُّعِ الْمُعَلَّقِ وَلَوْ فِي الصِّحَّةِ بِالْمَوْتِ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا، أَوْ فَأَعْتِقُوا عَبْدِي، لَا الْمُنَجَّزِ وَلَوْ فِي الْمَرَضِ الرُّجُوعُ، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ فِي الْمُنَجَّزِ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ جَرَى فِي الْمَرَضِ كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ كَوْنُ التَّمْلِيكِ لَمْ يَتِمَّ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالتَّبَرُّعُ الْمُنَجَّزُ عَقْدٌ تَامٌّ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ مِنْ وَجْهٍ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَهُ رُجُوعٌ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَصْرِفُهُ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَتْ، أَوْ فِي مُحَرَّمٍ حَرُمَتْ فَيُقَالُ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ مَطْلُوبَةً حِينَ فِعْلِهَا إذَا عَرَضَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مُحَرَّمٍ وَجَبَ الرُّجُوعُ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ نُدِبَ الرُّجُوعُ، أَوْ فِي طَاعَةٍ كُرِهَ الرُّجُوعُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ نَقَضْتُهَا) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِالرُّجُوعِ وَلَا بَيِّنَتُهُ بِهِ إلَّا إذَا تَعَرَّضَتْ لِصُدُورِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا رَجَعَ عَنْ وَصَايَاهُ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ وَسَيَذْكُرُ الرُّجُوعَ بِالْفِعْلِ بِقَوْلِهِ: وَخَلْطُ حِنْطَةٍ إلَخْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ قَوْلِهِ هَذَا لِوَارِثِي) كَهَذَا مَوْرُوثٌ عَنِّي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمُعَيَّنٍ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِعَمْرٍو حَيْثُ يَكُونُ شَرِيكًا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ الْوَصِيَّةَ الْأُولَى مَعَ إتْيَانِ ذَلِكَ هُنَا بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ الثَّانِيَ ثَمَّ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ فَلَمْ يَكُنْ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ وَشَرِكْنَا بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَا مُرَجِّحَ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ مُغَايِرٌ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ أَصْلِيٌّ فَكَانَ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ لِقُوَّتِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ بَيْعٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ بَيْعٍ) كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ التَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَّى بِهِ فَلَوْ كَانَ فِي بَعْضِهِ فَقَالَ شَيْخُنَا فَكَذَلِكَ فَيَكُونُ رُجُوعًا فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا رَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَكِتَابَةٍ) أَيْ وَلَوْ فَاسِدَةً، وَإِعْتَاقٍ وَلَوْ مُعَلَّقًا وَاسْتِيلَادٍ لَا وَطْءٍ وَنَظَرٍ وَاسْتِمْتَاعٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَنَحْوِهَا كَالْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ وَتَزْوِيجِ الْعَبْدِ، أَوْ الْأَمَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالرُّكُوبِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ، أَوْ إذْنِهِ، نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا، ثُمَّ زَوَّجَهَا كَانَ رُجُوعًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) كَبِعْتُ هَذَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا إذَا وُجِدَ الْقَبُولُ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْفَاسِدِ أَيْضًا وَهِيَ تُسَمَّى عُقُودًا فَاسِدَةً بِدُونِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَيُوصِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ أَيْ بِالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ اهـ ح ل لَكِنَّ تَسْمِيَةَ تَوْصِيَتِهِ بِالْبَيْعِ وَصِيَّةً مُسَامَحَةٌ؛ إذْ الْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ اهـ شَيْخُنَا فَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يُكَاتَبَ أَوْ يُرْهَنَ. (قَوْلُهُ: وَخَلْطِهِ بُرًّا مُعَيَّنًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ حَيْثُ لَمْ يُشْرَطْ فِيهَا كَوْنُ الْخَلْطِ بِأَجْوَدَ وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ شُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ أَنَّ الْخَلْطَ فِي هَذِهِ أَخْرَجَهَا عَنْ التَّعْيِينِ بِمُجَرَّدِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الصَّاعَ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ خَلْطٌ فَاشْتُرِطَ خَلْطُهُ بِأَجْوَدَ لِيُشْعِرَ بِرُجُوعِ الْمُوصِي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَجْوَدَ مِنْهَا) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعَامِلَ فِي الثَّانِيَةِ لِيُفِيدَ مَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِيبِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْيِيبَ لَيْسَ رُجُوعًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا
مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةٍ وَغَيْرِهَا، وَمَا قَالَهُ مِنْ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَرَأَ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ، أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قُصِدَ بِهِ نَفْعُ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ وَبَيَّنَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ.
(لَهُ) أَيْ لِلْمُوصِي (رُجُوعٌ) عَنْ وَصِيَّتِهِ وَعَنْ بَعْضِهَا (بِنَحْوِ نَقَضْتُ) هَا كَأَبْطَلْتُهَا وَرَجَعْتُ فِيهَا وَرَفَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا (وَ) بِنَحْوِ قَوْلِهِ (هَذَا لِوَارِثِي) مُشِيرًا إلَى الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهُ (وَ) بِنَحْوِ (بَيْعٍ وَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ) لِمَا وَصَّى بِهِ (وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) لِظُهُورِ صَرْفِهِ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيُوصِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ (وَتَوْكِيلٍ بِهِ وَعَرْضٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا تَوَسُّلٌ إلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ وَذِكْرُ التَّوْكِيلِ، وَالْعَرْضِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِي (وَخَلْطِهِ بُرًّا مُعَيَّنًا) وَصَّى بِهِ بِبُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِذَلِكَ عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ (وَ) خَلْطِهِ (صُبْرَةً وَصَّى بِصَاعٍ مِنْهَا بِأَجْوَدَ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ زِيَادَةً لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ، أَوْ بِأَرْدَأَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ الصَّوْمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: مِنْ صَلَاةٍ إلَخْ) بِأَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ لَا أَنَّهُ يُصَلِّي عَنْهُ مَثَلًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالدُّعَاءِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ كَافٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بَعْدَ حَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَارِئُ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ بِغَيْرِ دُعَاءٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قُصِدَ بِهِ نَفْعُ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ؛ إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَارِئَ لَمَّا قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ الْمَلْدُوغَ نَفَعَتْهُ وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ وَإِذَا نَفَعَتْ الْحَيَّ بِالْقَصْدِ كَانَ نَفْعُ الْمَيِّتِ بِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَا يَقَعُ عَنْ الْحَيِّ انْتَهَتْ.
[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ]
(فَصْلٌ: فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ أَيْ فِي بَيَانِ جَوَازِهِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ) (قَوْلُهُ: لَهُ رُجُوعٌ عَنْ وَصِيَّتِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: يَصِحُّ فِي التَّبَرُّعِ الْمُعَلَّقِ وَلَوْ فِي الصِّحَّةِ بِالْمَوْتِ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا، أَوْ فَأَعْتِقُوا عَبْدِي، لَا الْمُنَجَّزِ وَلَوْ فِي الْمَرَضِ الرُّجُوعُ، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ فِي الْمُنَجَّزِ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ جَرَى فِي الْمَرَضِ كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ كَوْنُ التَّمْلِيكِ لَمْ يَتِمَّ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالتَّبَرُّعُ الْمُنَجَّزُ عَقْدٌ تَامٌّ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ مِنْ وَجْهٍ اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَهُ رُجُوعٌ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَصْرِفُهُ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَتْ، أَوْ فِي مُحَرَّمٍ حَرُمَتْ فَيُقَالُ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ مَطْلُوبَةً حِينَ فِعْلِهَا إذَا عَرَضَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مُحَرَّمٍ وَجَبَ الرُّجُوعُ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ نُدِبَ الرُّجُوعُ، أَوْ فِي طَاعَةٍ كُرِهَ الرُّجُوعُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ نَقَضْتُهَا) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِالرُّجُوعِ وَلَا بَيِّنَتُهُ بِهِ إلَّا إذَا تَعَرَّضَتْ لِصُدُورِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا رَجَعَ عَنْ وَصَايَاهُ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ وَسَيَذْكُرُ الرُّجُوعَ بِالْفِعْلِ بِقَوْلِهِ: وَخَلْطُ حِنْطَةٍ إلَخْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ قَوْلِهِ هَذَا لِوَارِثِي) كَهَذَا مَوْرُوثٌ عَنِّي اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْفَصْلِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمُعَيَّنٍ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِعَمْرٍو حَيْثُ يَكُونُ شَرِيكًا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ الْوَصِيَّةَ الْأُولَى مَعَ إتْيَانِ ذَلِكَ هُنَا بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ الثَّانِيَ ثَمَّ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ فَلَمْ يَكُنْ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ وَشَرِكْنَا بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَا مُرَجِّحَ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ مُغَايِرٌ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ أَصْلِيٌّ فَكَانَ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ لِقُوَّتِهِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ بَيْعٍ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ بَيْعٍ) كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ التَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَّى بِهِ فَلَوْ كَانَ فِي بَعْضِهِ فَقَالَ شَيْخُنَا فَكَذَلِكَ فَيَكُونُ رُجُوعًا فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا رَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَكِتَابَةٍ) أَيْ وَلَوْ فَاسِدَةً، وَإِعْتَاقٍ وَلَوْ مُعَلَّقًا وَاسْتِيلَادٍ لَا وَطْءٍ وَنَظَرٍ وَاسْتِمْتَاعٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَنَحْوِهَا كَالْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ وَتَزْوِيجِ الْعَبْدِ، أَوْ الْأَمَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالرُّكُوبِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ، أَوْ إذْنِهِ، نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا، ثُمَّ زَوَّجَهَا كَانَ رُجُوعًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) كَبِعْتُ هَذَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا إذَا وُجِدَ الْقَبُولُ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْفَاسِدِ أَيْضًا وَهِيَ تُسَمَّى عُقُودًا فَاسِدَةً بِدُونِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَيُوصِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ أَيْ بِالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ اهـ ح ل لَكِنَّ تَسْمِيَةَ تَوْصِيَتِهِ بِالْبَيْعِ وَصِيَّةً مُسَامَحَةٌ؛ إذْ الْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ اهـ شَيْخُنَا فَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يُكَاتَبَ أَوْ يُرْهَنَ. (قَوْلُهُ: وَخَلْطِهِ بُرًّا مُعَيَّنًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ حَيْثُ لَمْ يُشْرَطْ فِيهَا كَوْنُ الْخَلْطِ بِأَجْوَدَ وَمَا بَعْدَهَا حَيْثُ شُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ أَنَّ الْخَلْطَ فِي هَذِهِ أَخْرَجَهَا عَنْ التَّعْيِينِ بِمُجَرَّدِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الصَّاعَ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ خَلْطٌ فَاشْتُرِطَ خَلْطُهُ بِأَجْوَدَ لِيُشْعِرَ بِرُجُوعِ الْمُوصِي اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَجْوَدَ مِنْهَا) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعَامِلَ فِي الثَّانِيَةِ لِيُفِيدَ مَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِيبِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْيِيبَ لَيْسَ رُجُوعًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin