[كتاب قسم الفيء والغنيمة]
كَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ إلَّا الْمُرْتَهِنَ، وَالْمُسْتَأْجِرَ فَيُصَدَّقَانِ فِي التَّلَفِ لَا فِي الرَّدِّ بَلْ التَّصْدِيقُ بِالتَّلَفِ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْأَمِينِ لَكِنَّهُ يَغْرَمُ الْبَدَلَ.
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ، وَالْغَنِيمَةِ) الْقَسْمُ: بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ إذَا رَجَعَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَالِ الرَّاجِعِ مِنْ الْكُفَّارِ إلَيْنَا، وَالْغَنِيمَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الْغُنْمِ وَهُوَ الرِّبْحُ، وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعَطْفِ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ إذَا أُفْرِدَ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا افْتَرَقَا كَالْفَقِيرِ، وَالْمِسْكِينِ وَقِيلَ: الْفَيْءُ يُطْلَقُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ الْعَكْسِ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ آيَةُ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] وَآيَةُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] وَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ فَتَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْخُذُهُ، ثُمَّ أُحِلَّتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَهُ خَاصَّةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQادَّعَى الرَّدَّ، أَوْ التَّلَفَ بِصُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَقَوْلُهُ: فَيُصَدَّقَانِ فِي التَّلَفِ أَيْ بِصُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَقَوْلُهُ: بَلْ التَّصْدِيقُ فِي التَّلَفِ أَيْ بِصُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا أَيْضًا وَفِي ع ش عَلَى م ر أَيْ فَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ وَلَوْ غَاصِبًا وَمَنْ ادَّعَى الرَّدَّ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَأْمَنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا فَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَكَذَلِكَ، أَوْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ، وَالْمُرْتَهِنَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ) أَيْ وَجَابٍ فِي رَدِّهِ مَا جَبَاهُ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجِرَ) أَيْ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ كَالْخَيَّاطِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الثَّوْبِ عَلَى مَالِكِهِ اهـ شَيْخُنَا.
[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) ذِكْرُ هَذَا الْبَابِ كَمَا صَنَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِهِ بَعْدَ السِّيَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا تَحْتَ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِنْ الْأَمْوَالِ لَيْسَ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ كَوَدِيعٍ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِغَيْرِهِ سَبِيلُهُ رَدُّهُ إلَيْهِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهَا لَا يُقَالُ بَلْ هُمْ كَالْغَاصِبِ فَيَكُونُ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ عَقِبَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْغَاصِبِ، وَإِنْ صَحَّ مِنْ وَجْهٍ لَكِنْ فِيهِ تَكَلُّفٌ، وَإِنَّمَا الْأَظْهَرُ التَّشْبِيهُ بِالْوَدِيعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعَ جَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ الرَّدَّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْقَافِ) أَيْ مَعَ سُكُونِ السِّينِ، وَأَمَّا مَعَ فَتْحِهَا فَالْيَمِينُ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ وَمَعَ فَتْحِهَا جَمْعُ قِسْمَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَالِ الرَّاجِعِ إلَيْنَا) عِبَارَةُ م ر ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ الْآتِي لِرُجُوعِهِ إلَيْنَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَصْدَرِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ، أَوْ اسْمِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ فَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ، وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: وَسُمِّيَ بِذَلِكَ إلَخْ، هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ مَعْنَى الرُّجُوعِ إلَيْنَا الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ وَجْهِ الرُّجُوعِ إلَيْنَا الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ إلَخْ كَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْغَنِيمَةُ فَعِيلَةٌ) وَالتَّاءُ فِيهَا وَاجِبَةُ الذِّكْرِ لَا يُقَالُ فَعِيلٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ إذَا جَرَى عَلَى مَوْصُوفِهِ نَحْوُ رَجُلٍ قَتِيلٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْرِ عَلَى مَوْصُوفِهِ فَالتَّأْنِيثُ وَاجِبٌ دَفْعًا لِلِالْتِبَاسِ نَحْوُ: مَرَرْت بِجَرِيحِ بَنِي فُلَانٍ وَجَرِيحَةِ بَنِي فُلَانٍ.
(قُلْت) وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَالْغَنِيمَةُ الْآنَ اسْمٌ لِلْمَالِ فَهِيَ بِهَذَا الْوَضْعِ يَجِبُ ذِكْرُ التَّاءِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ هَكَذَا تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْفَيْءُ يُطْلَقُ عَلَى الْغَنِيمَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْنَا وَلَا عَكْسَ فَهِيَ أَخَصُّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْعَكْسِ) وَقِيلَ عَكْسُ هَذَا أَيْ تُطْلَقُ الْغَنِيمَةُ عَلَى الْفَيْءِ دُونَ عَكْسِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْفَيْءَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ إلَخْ) يَجُوزُ فِيهِ كَالْوَاقِعِ فِي الْحَدِيثِ ضَمُّ التَّاءِ وَفَتْحُ الْحَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَفَتْحُهَا وَكَسْرُ الْحَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ أَكْثَرُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَتَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْخُذُهُ) أَيْ تُحْرِقُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِيهِ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ دَخَلَ فِي عُمُومِ أَكْلِ النَّارِ الْغَنِيمَةَ السَّبْيُ وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ إهْلَاكُ الذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ النِّسَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهِمْ عَدَمُ تَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَيْهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ عَبِيدٌ، وَإِمَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ السَّبْيُ لَمَا كَانَ لَهُمْ أَرِقَّاءُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِ الْحَصْرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلرِّقِّ سَبَبٌ آخَرُ، أَوْ أَسْبَابٌ أُخَرُ غَيْرُ السَّبْيِ بِدَلِيلِ اسْتِرْقَاقِ السَّارِقِ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: 75] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِلْأَكْمَلِ وَابْنِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ قَبْلَنَا إذَا اغْتَنَمُوا الْحَيَوَانَاتِ تَكُونُ مِلْكًا لِلْغَانِمِينَ دُونَ أَنْبِيَائِهِمْ، وَإِذَا غَنِمُوا غَيْرَ الْحَيَوَانَاتِ جَمَعُوهَا فَتَأْتِي نَارٌ فَتُحْرِقُهَا انْتَهَى ثُمَّ رَأَيْت فِي عَيْنِ الْحَيَاةِ حَدِيثًا: قَالَ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ فَأَمَرَ بِهَا فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ الْحَدِيثَ قِيلَ كَانَ فِي شَرْعِ هَذَا النَّبِيِّ أَنَّ عِقَابَ الْحَيَوَانِ بِالتَّحْرِيقِ جَائِزٌ اهـ ع ش عَلَى م ر ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِثْنَاءِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْحَرْقِ لَكِنْ يُنْظَرُ مَاذَا كَانَ يُفْعَلُ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ حَرْقِهِ
كَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ إلَّا الْمُرْتَهِنَ، وَالْمُسْتَأْجِرَ فَيُصَدَّقَانِ فِي التَّلَفِ لَا فِي الرَّدِّ بَلْ التَّصْدِيقُ بِالتَّلَفِ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْأَمِينِ لَكِنَّهُ يَغْرَمُ الْبَدَلَ.
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ، وَالْغَنِيمَةِ) الْقَسْمُ: بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ إذَا رَجَعَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَالِ الرَّاجِعِ مِنْ الْكُفَّارِ إلَيْنَا، وَالْغَنِيمَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الْغُنْمِ وَهُوَ الرِّبْحُ، وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعَطْفِ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ إذَا أُفْرِدَ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا افْتَرَقَا كَالْفَقِيرِ، وَالْمِسْكِينِ وَقِيلَ: الْفَيْءُ يُطْلَقُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ الْعَكْسِ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ آيَةُ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] وَآيَةُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] وَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ فَتَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْخُذُهُ، ثُمَّ أُحِلَّتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَهُ خَاصَّةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQادَّعَى الرَّدَّ، أَوْ التَّلَفَ بِصُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَقَوْلُهُ: فَيُصَدَّقَانِ فِي التَّلَفِ أَيْ بِصُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَقَوْلُهُ: بَلْ التَّصْدِيقُ فِي التَّلَفِ أَيْ بِصُوَرِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا أَيْضًا وَفِي ع ش عَلَى م ر أَيْ فَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ وَلَوْ غَاصِبًا وَمَنْ ادَّعَى الرَّدَّ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَأْمَنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا فَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَكَذَلِكَ، أَوْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا الْمُكْتَرِيَ، وَالْمُرْتَهِنَ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ) أَيْ وَجَابٍ فِي رَدِّهِ مَا جَبَاهُ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجِرَ) أَيْ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ كَالْخَيَّاطِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الثَّوْبِ عَلَى مَالِكِهِ اهـ شَيْخُنَا.
[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) ذِكْرُ هَذَا الْبَابِ كَمَا صَنَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِهِ بَعْدَ السِّيَرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا تَحْتَ أَيْدِي الْكُفَّارِ مِنْ الْأَمْوَالِ لَيْسَ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ كَوَدِيعٍ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِغَيْرِهِ سَبِيلُهُ رَدُّهُ إلَيْهِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهَا لَا يُقَالُ بَلْ هُمْ كَالْغَاصِبِ فَيَكُونُ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ عَقِبَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْغَاصِبِ، وَإِنْ صَحَّ مِنْ وَجْهٍ لَكِنْ فِيهِ تَكَلُّفٌ، وَإِنَّمَا الْأَظْهَرُ التَّشْبِيهُ بِالْوَدِيعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعَ جَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ الرَّدَّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْقَافِ) أَيْ مَعَ سُكُونِ السِّينِ، وَأَمَّا مَعَ فَتْحِهَا فَالْيَمِينُ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ وَمَعَ فَتْحِهَا جَمْعُ قِسْمَةٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَالِ الرَّاجِعِ إلَيْنَا) عِبَارَةُ م ر ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ الْآتِي لِرُجُوعِهِ إلَيْنَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَصْدَرِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ، أَوْ اسْمِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ فَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ، وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ: وَسُمِّيَ بِذَلِكَ إلَخْ، هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ مَعْنَى الرُّجُوعِ إلَيْنَا الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ وَجْهِ الرُّجُوعِ إلَيْنَا الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ إلَخْ كَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْغَنِيمَةُ فَعِيلَةٌ) وَالتَّاءُ فِيهَا وَاجِبَةُ الذِّكْرِ لَا يُقَالُ فَعِيلٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ، وَالْمُؤَنَّثُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ إذَا جَرَى عَلَى مَوْصُوفِهِ نَحْوُ رَجُلٍ قَتِيلٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْرِ عَلَى مَوْصُوفِهِ فَالتَّأْنِيثُ وَاجِبٌ دَفْعًا لِلِالْتِبَاسِ نَحْوُ: مَرَرْت بِجَرِيحِ بَنِي فُلَانٍ وَجَرِيحَةِ بَنِي فُلَانٍ.
(قُلْت) وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَالْغَنِيمَةُ الْآنَ اسْمٌ لِلْمَالِ فَهِيَ بِهَذَا الْوَضْعِ يَجِبُ ذِكْرُ التَّاءِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ هَكَذَا تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْفَيْءُ يُطْلَقُ عَلَى الْغَنِيمَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْنَا وَلَا عَكْسَ فَهِيَ أَخَصُّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْعَكْسِ) وَقِيلَ عَكْسُ هَذَا أَيْ تُطْلَقُ الْغَنِيمَةُ عَلَى الْفَيْءِ دُونَ عَكْسِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْفَيْءَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ إلَخْ) يَجُوزُ فِيهِ كَالْوَاقِعِ فِي الْحَدِيثِ ضَمُّ التَّاءِ وَفَتْحُ الْحَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَفَتْحُهَا وَكَسْرُ الْحَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَهُوَ أَكْثَرُ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَتَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْخُذُهُ) أَيْ تُحْرِقُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِيهِ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ دَخَلَ فِي عُمُومِ أَكْلِ النَّارِ الْغَنِيمَةَ السَّبْيُ وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ إهْلَاكُ الذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ النِّسَاءِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهِمْ عَدَمُ تَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَيْهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ عَبِيدٌ، وَإِمَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ السَّبْيُ لَمَا كَانَ لَهُمْ أَرِقَّاءُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِ الْحَصْرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِلرِّقِّ سَبَبٌ آخَرُ، أَوْ أَسْبَابٌ أُخَرُ غَيْرُ السَّبْيِ بِدَلِيلِ اسْتِرْقَاقِ السَّارِقِ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: 75] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِلْأَكْمَلِ وَابْنِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ قَبْلَنَا إذَا اغْتَنَمُوا الْحَيَوَانَاتِ تَكُونُ مِلْكًا لِلْغَانِمِينَ دُونَ أَنْبِيَائِهِمْ، وَإِذَا غَنِمُوا غَيْرَ الْحَيَوَانَاتِ جَمَعُوهَا فَتَأْتِي نَارٌ فَتُحْرِقُهَا انْتَهَى ثُمَّ رَأَيْت فِي عَيْنِ الْحَيَاةِ حَدِيثًا: قَالَ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ فَأَمَرَ بِهَا فَأُحْرِقَتْ بِالنَّارِ الْحَدِيثَ قِيلَ كَانَ فِي شَرْعِ هَذَا النَّبِيِّ أَنَّ عِقَابَ الْحَيَوَانِ بِالتَّحْرِيقِ جَائِزٌ اهـ ع ش عَلَى م ر ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِثْنَاءِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْحَرْقِ لَكِنْ يُنْظَرُ مَاذَا كَانَ يُفْعَلُ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ حَرْقِهِ
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin