الدرس الثاني عشر
حكمُ مسبَّةِ المسلمِ
جامع الخيرات
درسٌ ألقاهُ المحدثُ الفقيهُ الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ الشيبيُّ رحِمَهُ اللهُ تعالى سنةَ ثمانٍ وتِسعينَ أو تسعٍ وتِسعينَ وتسعمائة وألف وهوَ عنْ حُكمِ مَسَبَّةِ المسلمِ ومتى يجوزُ الردُّ بالمِثلِ معَ بيانِ ما هوَ الأفضلُ.
قالَ رحمهُ اللهُ تعالى رحمةً واسعةً:
الحمدُ للهِ ربَّ العالمينَ وصلَّى اللهُ على سيدنا محمدٍ وعلى ءالهِ وصحبِهِ الطيبينَ الطاهرينَ وسلَّم.
أما بعد فعن سُلَيمِ بنِ جابرٍ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "وإنْ أحدٌ عيَّرَكَ بِما لا يَعلَمُ فيكَ فلا تُعَيِّرُهُ بما تعلَمُ فيهِ1" اهـ هذا الحديثُ أرادَ بهِ رسولُ اللهِ أن يُعلِّمَ أمَّتَهُ ما هُوَ الأفضلُ وإلا فقدْ رخَّصَ صلى اللهُ عليه وسلم في ردِّ السَّبِّ بمِثلِهِ إنْ لـم يكُنْ ذلكَ كَذِبًا قال صلى الله عليه وسلم: "الـمُسْتَبَّانِ ما قالا فعَلَى البادِئِ منهُما حتى يَعتَدِيَ المظلومُ2" اهـ أيْ أنَّ الذي يَرُدُّ بالمثلِ لا إثمَ عليهِ، هُنا حديثانِ الحديثُ الأولُ عنْ سُليمِ بنِ جابرٍ رضي الله عنهُ قالَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: وإنْ أحدٌ عَيَّرَكَ بِما لا يعلَمُ فيكَ فلا تُعَيِّرْهُ بما تعلَمُ فيهِ اهـ معنى هذا الحديثِ أنَّ الأفضلَ أنْ تعفوَ عَمَّنْ عيَّرَكَ وشَتَمَكَ فلا تَرُدَّ عليهِ هذا الأفضلُ لو شتمَكَ بما لا يعلَمُهُ فيكَ أي افترَى عليكَ فلا تَرُدَّ عليهِ أيْ ذلكَ خيرٌ لكَ والحديثُ الثاني: "الـمسْتَبَّانِ ما قالا فعَلَى البادئء منهُما حتى يَعتَدِيَ الـمظلومُ" اهـ أيْ إنْ تسَابَّ اثنانِ فالذنبُ على البادئِ، البادئُ هوَ الذي عليهِ الوَبالُ أمّا الذي ردَّ بالمِثلِ بلا كذِبٍ فلا إثمَ عليهِ لأنهُ أخذَ حقَّهُ واسْتَوفَى مِنَ السَّابِّ الأولِ.
الحديثُ الأولُ يُحمَلُ على الاختيارِ أيْ على الحالةِ الفُضْلَى، والحديثُ الثاني يُحمَلُ على الجوازِ أيْ أنهُ يجوزُ لِمَنْ سُبَّ أنْ يَرُدَّ بالمثلِ هذا إنْ لـم يكُنْ كَذِبًا أمَّا إذا إنسانٌ سَبَّ إنسانًا بِما ليسَ فيهِ فالمسبوبُ ليسَ لهُ أنْ يَرُدَّ بالـمثلِ الذي هُوَ كَذِبٌ، إنْ كَذَبَ البادِئُ فلماذا يكذِبُ الثاني لِماذا يردُّ لهُ بالكذبِ، لا يرُدُّ، يَلْزَمُهُ أنْ لا يرُدَّ بالمِثلِ لأنهُ إنْ ردَّ يكونُ كاذِبًا كما أنَّ الأولَ كذب، أمَّا إنْ لـم يكُنْ كذِبًا فردَّ لهُ السّبَّةَ بالسّبةِ الواحدةِ ما سبَّهُ سبَّتَينِ بسبَّةٍ واحدةٍ وإنَّما أخذَ حقَّهُ استَوفَى حقَّهُ فليسَ عليهِ حرجٌ.
فعلَيكُم بالعملِ بهذا الحديثِ لأنَّ أكثرَ الناسِ إذا سُبَّ سَبَّةً واحدةً يَزيدُ، في الغالبِ يَزيدونَ، فهذا الرَّادُّ لـم يَسْلَمْ بِما أنهُ زادَ، كِلاهُما غيرُ سالِمٍ. فمَنْ قيلَ لهُ: يا ظالـمُ فقالَ يا ظالـمُ هذا أخذَ حقَّهُ فليسَ عليهِ حرجٌ أمَّا إذا أضافَ إلى ذلكَ سبَّةً أخرى فقالَ يا ظالـمُ يا لصُّ فهذا وقعَ في ذنبٍ كبيرٍ لأنهُ ما اقتصرَ على قدرِ حقِّهِ.
انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.
------------------
1- انظر معجم ابن الأعرابيّ. ورواهُ ابن حبان في صحيحه باب فصل من البر والإحسان وابن أبي شيبة وغيرهما بلفظ وإن امرؤ عيركَ بشئ يعلمه فيك.
2- رواه البخاري في الادب المفرد باب المستبان ما قالا فعلى الأول.
حكمُ مسبَّةِ المسلمِ
جامع الخيرات
درسٌ ألقاهُ المحدثُ الفقيهُ الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ الشيبيُّ رحِمَهُ اللهُ تعالى سنةَ ثمانٍ وتِسعينَ أو تسعٍ وتِسعينَ وتسعمائة وألف وهوَ عنْ حُكمِ مَسَبَّةِ المسلمِ ومتى يجوزُ الردُّ بالمِثلِ معَ بيانِ ما هوَ الأفضلُ.
قالَ رحمهُ اللهُ تعالى رحمةً واسعةً:
الحمدُ للهِ ربَّ العالمينَ وصلَّى اللهُ على سيدنا محمدٍ وعلى ءالهِ وصحبِهِ الطيبينَ الطاهرينَ وسلَّم.
أما بعد فعن سُلَيمِ بنِ جابرٍ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "وإنْ أحدٌ عيَّرَكَ بِما لا يَعلَمُ فيكَ فلا تُعَيِّرُهُ بما تعلَمُ فيهِ1" اهـ هذا الحديثُ أرادَ بهِ رسولُ اللهِ أن يُعلِّمَ أمَّتَهُ ما هُوَ الأفضلُ وإلا فقدْ رخَّصَ صلى اللهُ عليه وسلم في ردِّ السَّبِّ بمِثلِهِ إنْ لـم يكُنْ ذلكَ كَذِبًا قال صلى الله عليه وسلم: "الـمُسْتَبَّانِ ما قالا فعَلَى البادِئِ منهُما حتى يَعتَدِيَ المظلومُ2" اهـ أيْ أنَّ الذي يَرُدُّ بالمثلِ لا إثمَ عليهِ، هُنا حديثانِ الحديثُ الأولُ عنْ سُليمِ بنِ جابرٍ رضي الله عنهُ قالَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: وإنْ أحدٌ عَيَّرَكَ بِما لا يعلَمُ فيكَ فلا تُعَيِّرْهُ بما تعلَمُ فيهِ اهـ معنى هذا الحديثِ أنَّ الأفضلَ أنْ تعفوَ عَمَّنْ عيَّرَكَ وشَتَمَكَ فلا تَرُدَّ عليهِ هذا الأفضلُ لو شتمَكَ بما لا يعلَمُهُ فيكَ أي افترَى عليكَ فلا تَرُدَّ عليهِ أيْ ذلكَ خيرٌ لكَ والحديثُ الثاني: "الـمسْتَبَّانِ ما قالا فعَلَى البادئء منهُما حتى يَعتَدِيَ الـمظلومُ" اهـ أيْ إنْ تسَابَّ اثنانِ فالذنبُ على البادئِ، البادئُ هوَ الذي عليهِ الوَبالُ أمّا الذي ردَّ بالمِثلِ بلا كذِبٍ فلا إثمَ عليهِ لأنهُ أخذَ حقَّهُ واسْتَوفَى مِنَ السَّابِّ الأولِ.
الحديثُ الأولُ يُحمَلُ على الاختيارِ أيْ على الحالةِ الفُضْلَى، والحديثُ الثاني يُحمَلُ على الجوازِ أيْ أنهُ يجوزُ لِمَنْ سُبَّ أنْ يَرُدَّ بالمثلِ هذا إنْ لـم يكُنْ كَذِبًا أمَّا إذا إنسانٌ سَبَّ إنسانًا بِما ليسَ فيهِ فالمسبوبُ ليسَ لهُ أنْ يَرُدَّ بالـمثلِ الذي هُوَ كَذِبٌ، إنْ كَذَبَ البادِئُ فلماذا يكذِبُ الثاني لِماذا يردُّ لهُ بالكذبِ، لا يرُدُّ، يَلْزَمُهُ أنْ لا يرُدَّ بالمِثلِ لأنهُ إنْ ردَّ يكونُ كاذِبًا كما أنَّ الأولَ كذب، أمَّا إنْ لـم يكُنْ كذِبًا فردَّ لهُ السّبَّةَ بالسّبةِ الواحدةِ ما سبَّهُ سبَّتَينِ بسبَّةٍ واحدةٍ وإنَّما أخذَ حقَّهُ استَوفَى حقَّهُ فليسَ عليهِ حرجٌ.
فعلَيكُم بالعملِ بهذا الحديثِ لأنَّ أكثرَ الناسِ إذا سُبَّ سَبَّةً واحدةً يَزيدُ، في الغالبِ يَزيدونَ، فهذا الرَّادُّ لـم يَسْلَمْ بِما أنهُ زادَ، كِلاهُما غيرُ سالِمٍ. فمَنْ قيلَ لهُ: يا ظالـمُ فقالَ يا ظالـمُ هذا أخذَ حقَّهُ فليسَ عليهِ حرجٌ أمَّا إذا أضافَ إلى ذلكَ سبَّةً أخرى فقالَ يا ظالـمُ يا لصُّ فهذا وقعَ في ذنبٍ كبيرٍ لأنهُ ما اقتصرَ على قدرِ حقِّهِ.
انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.
------------------
1- انظر معجم ابن الأعرابيّ. ورواهُ ابن حبان في صحيحه باب فصل من البر والإحسان وابن أبي شيبة وغيرهما بلفظ وإن امرؤ عيركَ بشئ يعلمه فيك.
2- رواه البخاري في الادب المفرد باب المستبان ما قالا فعلى الأول.
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin