جريدة طنجة – د. عبد السلام احمد فيغو ( “التصوف السني )
ان التصوف السني قوامه البراءة من كل المظاهر والاعتقادات والسلوكات الجانحة عن الطريق المستقيم،واتباع الهدي المحمدي الكريم.
وفي هذا السياق يقول الامام ابي القاسم الجنيد موضحا هذا:”التصوف تصفية القلوب عن موافقة البرية ومفارقة الاخلاق الطبيعية،واخماد صفات البشرية ومجانبة الدواعي النفسية ، ومنازلة الصفات الروحانية والتعلق بالعلوم الحقيقية ،واستعمال ما هو اولى على الابدية،وانصح لجميع الامة..”.
ومن تأمل مقاصد الشرع في العبادات والمعاملات والآداب والأخلاق والأوامر والنواهي تبين له مقصد كبير وغاية عظمى تلكم هي جمع الكلمة ، وغرس المحبة، وزرع الألفة، ونشر المودة بين أفراد الأمة، والحث على التناصر والتعاون والبعد عن أسباب العداوة والبغضاء وما يحمل على الكراهة و الشحناء، وما يثير الأحقاد وضغائن القلوب والتحذير الشديد من الطعن في المسلمين وعيبهم وهمزهم ولمزهم وإبداء عوارتهم، وتتبع عثراتهم و التشهير بهم وإساءة الظن بهم والاتهام ببدعة أو كفر أو فسوق أو نفاق أو ظلم أو جهل.
وان جمع الكلمة وهو من أعظم مقاصد الشريعة سبيله إقامة شرع الله وإظهار شعار الإسلام وشعائره والتعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح المشفق لكل مسلم، ولا تكون قوة أهل الإسلام ونفاذ كلمتهم وشدة منعتهم إلا بتناصرهم وتآزرهم.
ومن ثم يعلم أن كمال الروح في تحقق العبد بكمال العبودية ووفائه بحقوق الربوبية، ولكن كيف يدرك هذا المقصد الشريف الأعلى؟ لابد إذن من تربية كاملة للروح تصل إلى هذه المنزلة.
هذا ولنفاسة جوهر التصوف ـ باعتباره روح الإسلام ولب الإيمان، وحقيقة مقام الإحسان ـ يقول الإمام الجنيد سيد الطائفة الصوفية:” مذهبنا هذا – أي التصوف- مقيد بالأصول الكتاب والسنة ، وقال رضي الله تعالى عنه: ” من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث – أي من لم يفهم أحكامهما- لا يقتدى به في هذا الأمر – أي التصوف- لان علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة” (المصدر السابق)
وعلى هذا فان الأصل الجامع للتصوف هو التمسك بالكتاب والسنة والاقتداء ممن جعله الله تعالى قدوة في علمهما وفقه أسرارهما وتطبيق مبادئها على منهج أهل السنة والجماعة، وسائر الأصول والمباني والأركان والشروط والصفات مندرجة في هذا الأصل الجامع، وتفصيلات له منبثقة من هدي كتاب الله تعالى وسنة سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم.
فها هو ذا الإمام سهل بن عبد الله التستري يقول: ” أصولنا – أي الصوفية- سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب المعاصي، والتوبة فهذه السبعة ولا شك رءوس مبادئ الإسلام.
وفجرالتصوف بزغ في المغرب منذ وقت بعيد مع متصوفة أوائل اغنوا تراث المغرب بعطاء ثري مازال شاهدا على تنوعه، فمنذ القرن الرابع الهجري، ظهر متصوفة علماء في المغرب والأندلس مازالت الخزائن والمكتبات تزخر بنفائس خطواتهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر ابن العريف، ابن قسي، عبد السلام بن مشيش ، أبا الحسن الشاذلي محمد بن سليمان الجزولي … وغيرهم كثير.
وعلى هذا فان الأصل الجامع للتصوف هو التمسك بالكتاب والسنة والاقتداء ممن جعله الله تعالى قدوة في علمهما وفقه أسرارهما وتطبيق مبادئها على منهج أهل السنة والجماعة، وسائر الأصول والمباني والأركان والشروط والصفات مندرجة في هذا الأصل الجامع، وتفصيلات له منبثقة من هدي كتاب الله تعالى وسنة سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم.
فها هو ذا الإمام سهل بن عبد الله التستري يقول: ” أصولنا – أي الصوفية- سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب المعاصي، والتوبة فهذه السبعة ولا شك رءوس مبادئ الإسلام.
و فجر التصـوُف بـــزغَ فـي المغرب منذ وقت بعيد مع متصوفة أوائل اغنوا تراث المغرب بعطاء ثري مازال شاهدا على تنوعه، فمنذ القرن الرابع الهجري، ظهر متصوفة علماء في المغرب والأندلس مازالت الخزائن والمكتبات تزخر بنفائس خطواتهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر ابن العريف، ابن قسي، عبد السلام بن مشيش ، أبا الحسن الشاذلي محمد بن سليمان الجزولي … وغيرهم كثير.
لكن هذا الفكر سيتقوى في المغرب بشكل منقطع النظير ما بين القرنين السابع والعاشر الهجري أي فيما يعرف بعصر التصوف في المغرب، وانشأ واطرقا صوفية أطرت عددا غير يسير من الأتباع الذين حملوا أنفسهم مسؤولية نشر التصوف بطرقة المعروفة (القادرية الشاذلية، والتيجانية).
ووصل هذا الفكر مداه مع شيوخ كبار بعثوا فيه روح التجديد أمثال محمد بن سليمان الجزولي (المتوفى 870هـ) واحمد زروق (ت 899هـ) ومحمد بن عبد الكريم المغيلى (ت 940هـ) واحمد التيجاني، فكان هؤلاء الأقطاب الأربعة هم الذين تفرعت عنهم الطريقة الصوفية التي اعتنقها جل شيوخ التصوف بالصحراء وبلاد شنقيط.
وقد اهتم المغاربة بالتصوف لكونه يهدف الى الارتقاء بالمرء إلى مدارج الإسعاد الروحاني والجسماني والفردي والمجتمعي فهو تهذيب للقلوب ودعوة لمكارم الأخلاق، وطرح لسفاسف الأمور كما انه داع للحب والألفة التي بها تماسك الأمة وبقاؤها وقوتها.
ويعد التصوف إحدى مقومات الهوية المغربية عبر التاريخ، فقد شكل إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، أهم ثوابت ومرتكزات الأمة المغربية ولم تقتصر آثاره على المجال الديني فحسب، بل شملت معالجة كل ما هو محيط بالإنسان في المجالات الروحية والوطنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
فالحديث إذن عن التصوف هو حديث عن مقومات روحية وسلوكية للإسلام، وهو حديث عن مقامات سامية عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضوان الله عليهم، وقد نجح السابقون في تأصيل قواعد التصوف والتأسيس لشرعيته.
وما الممارسة الصوفية إلى إعادة بناء الإنسان وربطة الروحي بمولاه في كل فكر، وقول، وعمل، وسلوك وقصد حتى تفوح فيه رائحة القرب من الله تعالى الذي هو اقرب إليه من حبل الوريد.
إن حديثنا عن التصوف الإسلامي أو التصوف السني بالمغرب، إنما هو حديث عن الإسلام بخصائصه ومميزاته التي تدعوا إلى الوسطية والاعتدال والموازنة بين مطالب الروح ومطالب الجسد، وإذا كان الدين الإسلامي من خلال شموليته قد اعتنى بالإنسان في أبعاده الروحية والمادية، فان هذه العناية انعكست في علومه الشرعية وفي اهتمامات العلماء وتأليفائهم وتصنيفاتهم.
ولا جرم أن المغاربة اهتموا بالطرق الصوفية وساروا على نهجها وتأدبوا بآدابها وأخلاقها وتمسكوا بطقوسها، واستظهروا أذكارها وأورادها ومتونها، وألموا خبرا بأحوال وأسرار ودقائق واشراقات الوجد الرباني عند أقطابها وما ظهر عليهم من فتوحات وكرامات إلهية داخل وخارج الزوايا والربط وغيرها من أماكن الخلوة إذ تتصادى رحاب المغاني و الرباطات ذكرا وبيانا عشيا وإبكارا. لم يخل زمان من ولي من اولياء الله تعالى يحفظ الله به البلاء والعباد، وكانت طائفة منهم عظيمة بأقصى المغرب، وقد جاء في الصحيح من فضل أهل المغرب، ما لا يدفعه دافع ولا ينازع في ثبوته منازع: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة .
تميز التصوف المغربي بأمور كثيرة من أبرزها بعده عن الجدل الفلسفي، والمتاهات الكلامية التي جعلت منه مادة فلسفية محضة يطغى عليها القول لا العمل، فضلا عن بعده عن البدع العقدية. ومن أهم مظاهر التميز أن جمع بين القول والعمل لذلك كان طبيعيا أن يفتح المغاربة قلوبهم لهذا المشرب الروحي العظيم ليتزودوا منه بالزاد الإيماني الذي يبصرهم بحقيقة وجودهم في هذا الكون الفسيح.
إن من تداعيات إن بناء التصوف المغربي على السلوك.فالسالك لطريق التصوف في حاجة دائمة إلى معرفتة جل جلاله ليزداد ورعه وخشيته ورجاؤه فيه وإخلاصه وتوكله عليه ” لان القلوب إنما تحب من تعرفه وتخافه وترجوه وتشتاق إليه، وتلتذ بقربه، وتطمئن إلى ذكره بحسب معرفتها بصفاته ” (مدارج السالكين)
“فان من عرف الله لا يسر إلا به، ومن عرف الله أطاعه، ومن عرف نفسه ساء بها ظنه، وخاف على حسناته إلا تقبل” (تاج العارفين).
وما أحسن الرجوع في هذا المجال من اجل التعرف على كلامهم وإشاراتهم مثل:
– التشوف إلى معرفة رجال التصوف لابن الزيات التادلي، وهو احد الأدباء والفقهاء المتميزين الذين أنجبهم المغرب في العصر الوسيط،
– دوحة الناشر في أولياء القرن العاشر.
– صفوة من انتشر من أولياء القرن الحادي عشر لليفرني.
واذا رجعنا الى موضوع التربية السلوكية ودورها في التربية على الاعتدال ونبذ الغلو والتطرف، وجدنا ان هذه التربية مبنية اصلا على اساسين في النظر الى النفس والنظر الى الغير،فبالنسبة للنظر الى الغير: فمن مميزات التصوف في هذه الناحية انه يربي على النظر نظرة التعظيم والاحترام في سائر خلق الله، وهذا ما يلخصه الشيخ ابن عطاء الله بقوله:ومن نظر الى الاشياء بعين التعظيم استمد منها وكان عندالله عظيما.واما في النظر الى النفس فيربي المريد على الاشتغال دوما باصلاح حاله اولا، والا يرضى على نفسه، بل ينبغي ان يرى مكامن النقص دوما في نفسه، ويسعى على الدوام لاصلاحها ، بغية الترقي من حال الى حال ومن حسن الى احسن في تشوان وطلب الكمال الذي خلق لتحصيله.
وقد اختار صوفية المغرب التصوف السلوكي على مذهب الجنيد (ت 297هـ) الذي إشتمل على مجموعة من أخلاق الإسلام ومكارمه التي هي قوام التربية القلبية الإيمانية، وقد حدده الإمام الجنيد قائلا (هو أن يميتك الحق عنك، ويحييك به) وقال ايضا (ان تكون مع الله بلا علاقة) .
وأشار الشيخ زروق في قواعده إلى أهمية تعريف التصوف فقال (تصوف كل احد صدق توجهه) وأضاف قائلا ( اللتصوف هو الإحسان).
لقد كان للتصوف المغربي دور عظيم وأعظم به من دور في استتباب الأمن الروحي لدى المغاربة، وفي ترسيخ الوحدة بينهم، مما جعل هذا البلد عبر تاريخه الشامخ بفعل تذوقه للفكرة الصوفية آمنا مطمئنا يرفل في حلل الوئام والاستقرار، لحمة جسمه في ذلك الثوابت من عقيدة أشعرية ، وفقه مالكى، وتصوف سني، وهو رصيد معنوي نفيس، وجب علينا المحافظة عليه والبناء على أسسه كل جديد مفيد.
ومن ثم فان حديثنا عن خصوصية التصوف بالمغرب في التربية على الاعتدال، هو حديث بالضرورة عن هذا التوجه، ولذلك نظر مشايخ المغرب الى علم التصوف في مقصد التربية على الاعتدال، وفية لمقاصدها للجانب الاخلاقي،حيث كانت غاية الطرق الصوفية في مجملها هي التركيز على التحلي بالاخلاق الحميدة عمليا،ومنطلقهم في ذلك ان نبي ارسلام عليه الصلاة والسلام :انما بعث ليتم مكارم الاخلاق.
وبقيت وسيلة مشايخ التربية بالمغرب في الوصول الى هذه الغاية الشريفة،- اي التحلي بمكارم الاخلاق – هي جمع همم المريدين وتعمير اوقاتهم بالاجتهاد في مجاهدة النفس ومخالفتها، ومحاسبتها على الانفاس وشغلها بالطاعة ووظائف العبادة في الظاهر والباطن.
وبالإضافة إلى الثوابت الدينية الأخرى، من المحافظة على وحدتهم السياسية والاجتماعية والثقافية، وقبلها الدينية فأصبح التصوف ثابتا من ثوابت الهوية الدينية المغربية.؟ولم يفرط المغاربة ملوكا وشعبا في هذا التميز الصوفي إلى يوم الدين.
كما سيبقى أساسا مثينا ودعامة باذخة و مجالا حيا متحركا يشيع بالمعرفة النورانية، لا تخبو جذوته في تزكية الأرواح وتهذيب الأخلاق وصفاء القلوب، يؤصل لحمل لواء الدعوة إلى الإسلام الصحيح، إسلام الوسطية والاعتدال بالثبات على المقاصد الكلية وتعظيم الأصول وتيسير الفروع وفي تثبيت الناس على الدين القيم في العالم بأسره فهو قوة هائلة وطاقة كامنة صوفية الفكر والقلب والوجدان والمحبة ونهج طريق الصالحين العارفين بالله.
و الواقع والتاريخ يؤكد أن الأمة المغربية إنما اكتسب مظاهر العزة والقوة والشرف على مدى قرون طويلة لأنها احترمت مقومات الأمة التي أسسها المذهب المالكي، وكانت طرفا في الحفاظ عليها..
جريدة طنجة
ان التصوف السني قوامه البراءة من كل المظاهر والاعتقادات والسلوكات الجانحة عن الطريق المستقيم،واتباع الهدي المحمدي الكريم.
وفي هذا السياق يقول الامام ابي القاسم الجنيد موضحا هذا:”التصوف تصفية القلوب عن موافقة البرية ومفارقة الاخلاق الطبيعية،واخماد صفات البشرية ومجانبة الدواعي النفسية ، ومنازلة الصفات الروحانية والتعلق بالعلوم الحقيقية ،واستعمال ما هو اولى على الابدية،وانصح لجميع الامة..”.
ومن تأمل مقاصد الشرع في العبادات والمعاملات والآداب والأخلاق والأوامر والنواهي تبين له مقصد كبير وغاية عظمى تلكم هي جمع الكلمة ، وغرس المحبة، وزرع الألفة، ونشر المودة بين أفراد الأمة، والحث على التناصر والتعاون والبعد عن أسباب العداوة والبغضاء وما يحمل على الكراهة و الشحناء، وما يثير الأحقاد وضغائن القلوب والتحذير الشديد من الطعن في المسلمين وعيبهم وهمزهم ولمزهم وإبداء عوارتهم، وتتبع عثراتهم و التشهير بهم وإساءة الظن بهم والاتهام ببدعة أو كفر أو فسوق أو نفاق أو ظلم أو جهل.
وان جمع الكلمة وهو من أعظم مقاصد الشريعة سبيله إقامة شرع الله وإظهار شعار الإسلام وشعائره والتعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح المشفق لكل مسلم، ولا تكون قوة أهل الإسلام ونفاذ كلمتهم وشدة منعتهم إلا بتناصرهم وتآزرهم.
ومن ثم يعلم أن كمال الروح في تحقق العبد بكمال العبودية ووفائه بحقوق الربوبية، ولكن كيف يدرك هذا المقصد الشريف الأعلى؟ لابد إذن من تربية كاملة للروح تصل إلى هذه المنزلة.
هذا ولنفاسة جوهر التصوف ـ باعتباره روح الإسلام ولب الإيمان، وحقيقة مقام الإحسان ـ يقول الإمام الجنيد سيد الطائفة الصوفية:” مذهبنا هذا – أي التصوف- مقيد بالأصول الكتاب والسنة ، وقال رضي الله تعالى عنه: ” من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث – أي من لم يفهم أحكامهما- لا يقتدى به في هذا الأمر – أي التصوف- لان علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة” (المصدر السابق)
وعلى هذا فان الأصل الجامع للتصوف هو التمسك بالكتاب والسنة والاقتداء ممن جعله الله تعالى قدوة في علمهما وفقه أسرارهما وتطبيق مبادئها على منهج أهل السنة والجماعة، وسائر الأصول والمباني والأركان والشروط والصفات مندرجة في هذا الأصل الجامع، وتفصيلات له منبثقة من هدي كتاب الله تعالى وسنة سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم.
فها هو ذا الإمام سهل بن عبد الله التستري يقول: ” أصولنا – أي الصوفية- سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب المعاصي، والتوبة فهذه السبعة ولا شك رءوس مبادئ الإسلام.
وفجرالتصوف بزغ في المغرب منذ وقت بعيد مع متصوفة أوائل اغنوا تراث المغرب بعطاء ثري مازال شاهدا على تنوعه، فمنذ القرن الرابع الهجري، ظهر متصوفة علماء في المغرب والأندلس مازالت الخزائن والمكتبات تزخر بنفائس خطواتهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر ابن العريف، ابن قسي، عبد السلام بن مشيش ، أبا الحسن الشاذلي محمد بن سليمان الجزولي … وغيرهم كثير.
وعلى هذا فان الأصل الجامع للتصوف هو التمسك بالكتاب والسنة والاقتداء ممن جعله الله تعالى قدوة في علمهما وفقه أسرارهما وتطبيق مبادئها على منهج أهل السنة والجماعة، وسائر الأصول والمباني والأركان والشروط والصفات مندرجة في هذا الأصل الجامع، وتفصيلات له منبثقة من هدي كتاب الله تعالى وسنة سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم.
فها هو ذا الإمام سهل بن عبد الله التستري يقول: ” أصولنا – أي الصوفية- سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب المعاصي، والتوبة فهذه السبعة ولا شك رءوس مبادئ الإسلام.
و فجر التصـوُف بـــزغَ فـي المغرب منذ وقت بعيد مع متصوفة أوائل اغنوا تراث المغرب بعطاء ثري مازال شاهدا على تنوعه، فمنذ القرن الرابع الهجري، ظهر متصوفة علماء في المغرب والأندلس مازالت الخزائن والمكتبات تزخر بنفائس خطواتهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر ابن العريف، ابن قسي، عبد السلام بن مشيش ، أبا الحسن الشاذلي محمد بن سليمان الجزولي … وغيرهم كثير.
لكن هذا الفكر سيتقوى في المغرب بشكل منقطع النظير ما بين القرنين السابع والعاشر الهجري أي فيما يعرف بعصر التصوف في المغرب، وانشأ واطرقا صوفية أطرت عددا غير يسير من الأتباع الذين حملوا أنفسهم مسؤولية نشر التصوف بطرقة المعروفة (القادرية الشاذلية، والتيجانية).
ووصل هذا الفكر مداه مع شيوخ كبار بعثوا فيه روح التجديد أمثال محمد بن سليمان الجزولي (المتوفى 870هـ) واحمد زروق (ت 899هـ) ومحمد بن عبد الكريم المغيلى (ت 940هـ) واحمد التيجاني، فكان هؤلاء الأقطاب الأربعة هم الذين تفرعت عنهم الطريقة الصوفية التي اعتنقها جل شيوخ التصوف بالصحراء وبلاد شنقيط.
وقد اهتم المغاربة بالتصوف لكونه يهدف الى الارتقاء بالمرء إلى مدارج الإسعاد الروحاني والجسماني والفردي والمجتمعي فهو تهذيب للقلوب ودعوة لمكارم الأخلاق، وطرح لسفاسف الأمور كما انه داع للحب والألفة التي بها تماسك الأمة وبقاؤها وقوتها.
ويعد التصوف إحدى مقومات الهوية المغربية عبر التاريخ، فقد شكل إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، أهم ثوابت ومرتكزات الأمة المغربية ولم تقتصر آثاره على المجال الديني فحسب، بل شملت معالجة كل ما هو محيط بالإنسان في المجالات الروحية والوطنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
فالحديث إذن عن التصوف هو حديث عن مقومات روحية وسلوكية للإسلام، وهو حديث عن مقامات سامية عاشها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضوان الله عليهم، وقد نجح السابقون في تأصيل قواعد التصوف والتأسيس لشرعيته.
وما الممارسة الصوفية إلى إعادة بناء الإنسان وربطة الروحي بمولاه في كل فكر، وقول، وعمل، وسلوك وقصد حتى تفوح فيه رائحة القرب من الله تعالى الذي هو اقرب إليه من حبل الوريد.
إن حديثنا عن التصوف الإسلامي أو التصوف السني بالمغرب، إنما هو حديث عن الإسلام بخصائصه ومميزاته التي تدعوا إلى الوسطية والاعتدال والموازنة بين مطالب الروح ومطالب الجسد، وإذا كان الدين الإسلامي من خلال شموليته قد اعتنى بالإنسان في أبعاده الروحية والمادية، فان هذه العناية انعكست في علومه الشرعية وفي اهتمامات العلماء وتأليفائهم وتصنيفاتهم.
ولا جرم أن المغاربة اهتموا بالطرق الصوفية وساروا على نهجها وتأدبوا بآدابها وأخلاقها وتمسكوا بطقوسها، واستظهروا أذكارها وأورادها ومتونها، وألموا خبرا بأحوال وأسرار ودقائق واشراقات الوجد الرباني عند أقطابها وما ظهر عليهم من فتوحات وكرامات إلهية داخل وخارج الزوايا والربط وغيرها من أماكن الخلوة إذ تتصادى رحاب المغاني و الرباطات ذكرا وبيانا عشيا وإبكارا. لم يخل زمان من ولي من اولياء الله تعالى يحفظ الله به البلاء والعباد، وكانت طائفة منهم عظيمة بأقصى المغرب، وقد جاء في الصحيح من فضل أهل المغرب، ما لا يدفعه دافع ولا ينازع في ثبوته منازع: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة .
تميز التصوف المغربي بأمور كثيرة من أبرزها بعده عن الجدل الفلسفي، والمتاهات الكلامية التي جعلت منه مادة فلسفية محضة يطغى عليها القول لا العمل، فضلا عن بعده عن البدع العقدية. ومن أهم مظاهر التميز أن جمع بين القول والعمل لذلك كان طبيعيا أن يفتح المغاربة قلوبهم لهذا المشرب الروحي العظيم ليتزودوا منه بالزاد الإيماني الذي يبصرهم بحقيقة وجودهم في هذا الكون الفسيح.
إن من تداعيات إن بناء التصوف المغربي على السلوك.فالسالك لطريق التصوف في حاجة دائمة إلى معرفتة جل جلاله ليزداد ورعه وخشيته ورجاؤه فيه وإخلاصه وتوكله عليه ” لان القلوب إنما تحب من تعرفه وتخافه وترجوه وتشتاق إليه، وتلتذ بقربه، وتطمئن إلى ذكره بحسب معرفتها بصفاته ” (مدارج السالكين)
“فان من عرف الله لا يسر إلا به، ومن عرف الله أطاعه، ومن عرف نفسه ساء بها ظنه، وخاف على حسناته إلا تقبل” (تاج العارفين).
وما أحسن الرجوع في هذا المجال من اجل التعرف على كلامهم وإشاراتهم مثل:
– التشوف إلى معرفة رجال التصوف لابن الزيات التادلي، وهو احد الأدباء والفقهاء المتميزين الذين أنجبهم المغرب في العصر الوسيط،
– دوحة الناشر في أولياء القرن العاشر.
– صفوة من انتشر من أولياء القرن الحادي عشر لليفرني.
واذا رجعنا الى موضوع التربية السلوكية ودورها في التربية على الاعتدال ونبذ الغلو والتطرف، وجدنا ان هذه التربية مبنية اصلا على اساسين في النظر الى النفس والنظر الى الغير،فبالنسبة للنظر الى الغير: فمن مميزات التصوف في هذه الناحية انه يربي على النظر نظرة التعظيم والاحترام في سائر خلق الله، وهذا ما يلخصه الشيخ ابن عطاء الله بقوله:ومن نظر الى الاشياء بعين التعظيم استمد منها وكان عندالله عظيما.واما في النظر الى النفس فيربي المريد على الاشتغال دوما باصلاح حاله اولا، والا يرضى على نفسه، بل ينبغي ان يرى مكامن النقص دوما في نفسه، ويسعى على الدوام لاصلاحها ، بغية الترقي من حال الى حال ومن حسن الى احسن في تشوان وطلب الكمال الذي خلق لتحصيله.
وقد اختار صوفية المغرب التصوف السلوكي على مذهب الجنيد (ت 297هـ) الذي إشتمل على مجموعة من أخلاق الإسلام ومكارمه التي هي قوام التربية القلبية الإيمانية، وقد حدده الإمام الجنيد قائلا (هو أن يميتك الحق عنك، ويحييك به) وقال ايضا (ان تكون مع الله بلا علاقة) .
وأشار الشيخ زروق في قواعده إلى أهمية تعريف التصوف فقال (تصوف كل احد صدق توجهه) وأضاف قائلا ( اللتصوف هو الإحسان).
لقد كان للتصوف المغربي دور عظيم وأعظم به من دور في استتباب الأمن الروحي لدى المغاربة، وفي ترسيخ الوحدة بينهم، مما جعل هذا البلد عبر تاريخه الشامخ بفعل تذوقه للفكرة الصوفية آمنا مطمئنا يرفل في حلل الوئام والاستقرار، لحمة جسمه في ذلك الثوابت من عقيدة أشعرية ، وفقه مالكى، وتصوف سني، وهو رصيد معنوي نفيس، وجب علينا المحافظة عليه والبناء على أسسه كل جديد مفيد.
ومن ثم فان حديثنا عن خصوصية التصوف بالمغرب في التربية على الاعتدال، هو حديث بالضرورة عن هذا التوجه، ولذلك نظر مشايخ المغرب الى علم التصوف في مقصد التربية على الاعتدال، وفية لمقاصدها للجانب الاخلاقي،حيث كانت غاية الطرق الصوفية في مجملها هي التركيز على التحلي بالاخلاق الحميدة عمليا،ومنطلقهم في ذلك ان نبي ارسلام عليه الصلاة والسلام :انما بعث ليتم مكارم الاخلاق.
وبقيت وسيلة مشايخ التربية بالمغرب في الوصول الى هذه الغاية الشريفة،- اي التحلي بمكارم الاخلاق – هي جمع همم المريدين وتعمير اوقاتهم بالاجتهاد في مجاهدة النفس ومخالفتها، ومحاسبتها على الانفاس وشغلها بالطاعة ووظائف العبادة في الظاهر والباطن.
وبالإضافة إلى الثوابت الدينية الأخرى، من المحافظة على وحدتهم السياسية والاجتماعية والثقافية، وقبلها الدينية فأصبح التصوف ثابتا من ثوابت الهوية الدينية المغربية.؟ولم يفرط المغاربة ملوكا وشعبا في هذا التميز الصوفي إلى يوم الدين.
كما سيبقى أساسا مثينا ودعامة باذخة و مجالا حيا متحركا يشيع بالمعرفة النورانية، لا تخبو جذوته في تزكية الأرواح وتهذيب الأخلاق وصفاء القلوب، يؤصل لحمل لواء الدعوة إلى الإسلام الصحيح، إسلام الوسطية والاعتدال بالثبات على المقاصد الكلية وتعظيم الأصول وتيسير الفروع وفي تثبيت الناس على الدين القيم في العالم بأسره فهو قوة هائلة وطاقة كامنة صوفية الفكر والقلب والوجدان والمحبة ونهج طريق الصالحين العارفين بالله.
و الواقع والتاريخ يؤكد أن الأمة المغربية إنما اكتسب مظاهر العزة والقوة والشرف على مدى قرون طويلة لأنها احترمت مقومات الأمة التي أسسها المذهب المالكي، وكانت طرفا في الحفاظ عليها..
جريدة طنجة
20/11/2024, 22:49 من طرف Admin
» كتاب مواعظ الإمام زين العابدين ـ صالح أحمد الشامي
18/11/2024, 23:30 من طرف Admin
» كتاب إتحاف النفوس بنفحات القدوس ـ عبد القدوس بن أسامة السامرائي
18/11/2024, 23:25 من طرف Admin
» كتاب الإعلام بفضل الصلاة على النبي والسلام ـ محمد بن عبد الرحمن بن علي النميري
18/11/2024, 23:20 من طرف Admin
» كتاب الغيب ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:08 من طرف Admin
» كتاب الشيطان والإنسان ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 23:03 من طرف Admin
» كتاب الشعراوي هنا رأيت سيدنا إبراهيم ـ سعيد أبو العنين
18/11/2024, 23:01 من طرف Admin
» كتاب الخير والشر ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:57 من طرف Admin
» كتاب التربية في مدرسة النبوة ـ محمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:55 من طرف Admin
» كتاب: إرشاد العباد إلى سبل الرشاد ـ للملبباري
18/11/2024, 22:41 من طرف Admin
» ـ كتاب آداب الحسن البصري ـ أبن الجوزي
18/11/2024, 22:34 من طرف Admin
» كتاب الله والنفس البشرية ـ لمحمد متولي الشعراوي
18/11/2024, 22:23 من طرف Admin
» كتاب: معرفة النفس طر يق لمعرفة الرب ـ أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسن
18/11/2024, 22:21 من طرف Admin
» كتاب الطريق الي الله ـ الشيخ علي جمعة
18/11/2024, 21:50 من طرف Admin
» كتاب: كتاب النفس والجسد والروح ـ ابراهيم البلتاجي
18/11/2024, 21:38 من طرف Admin