كتاب: شمس التداني بدت تزهو لإنساني ـ لمولانا أبي المعارف أحمد الشرقاوي

شمس التداني بدت تزهو لإنساني
لمولانا أبي المعارف أحمد الشرقاوي
رضي الله عنه وعن أصوله وفروعه ومحبيه آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال حضرة أستاذنا رضى الله عنه ونفعنا به وبعلومه دنيا واخرى:
ــــــــ
شمس التداني بدت تزهو لإنساني * وترجمان المعاني فوق أفناني
ومذ بدا قربنا والعز وافاني * اصبحت أرقب نور الحضرة الداني
وأجتني زهو تحقيقي وإحساني

وصرت أسبح فى سوح معبقة * وبت فى حالة قدما مرونقة
وجئت فى روضة بالقرب مونقة * وراق لى صِرف كاسات معتقة
تجل شأنا وتسمو عن فم الجاني

وأضحت الروح للتحقيق طالبة * وأصبحت عصبة الأكوان واهية
وفُهت بالمجد لا أخشى معاتبة * وصرت ليثا على الأغيار قاطبة
لم يثننى من حمى العلياء من ثان

بلابل الوصل بالأسحار تطربني * ولمعة السر نحو الحان تجذبني
ومَدتي قد زهت والسعد يخدمني * وقد غدت منحة التخصيص تخطبني
والعشق لى ضيعة والحب ديداني

قد ذقت ما ذاقته والغِر فى عمه * وملت عن عاذل قد لج عن سفه
وغبت في بارئ قد جل عن شبه * وقد خلت مهجتي بالحق فى وله
وقد زهى فى عيون الناس جثماني

يا صاح جيء نحونا إن كنت ذا نظر * تجد كؤوس الهنا تصفو بلا كدر
فمربعي فى كتاب الله من صغر * ومرتعي سنة المختار من مضر
ومهجتي قد علا من نزغ شيطان

لهاذم الحضرة العليا تلاطفني * ومسكر القوم بالصهبا ينادمني
وكأس صرف الطلا أضحى يمازحني * وهاتف المورد الأحلى يعانقني
وينتقي نخوتي من بين أقراني

اشطح وته بالمنى يا من تسالمني * قد همت فى خالقي من ذا يقاومني
وزج بي فى العلا من ذا يبارزني * وهاجس المشهد الأعلى يسامرني
ليلا وعن جملة الأغيار ينهاني

مذ كنت فى الذر والأسرار بادية * ونفحة السر نحو الحان جاذبة
يا حاسدي كف فالعلياء عاطفة *من مذ الست ولي الأنوار بارزة
والصدق لى مركز والحب ميداني

لما بدا هودج الحسناء فى حرم * أصبحت اركض فى عز وفي أَمم
وصحت فى روضها مذ كنت فى عدم * وفاجأتني شموس الفيض من قدم
وساقي راح الهنا والقرب وافاني

قلبي قد انشق والأهوا تعاجله * والشوق قد فتّه والوصل شامله
وذقت كأسا فلا شيئا يعادله * ولاح لى لائح قد كنت آمله
ونفحة الحق بالإسعاف ترعاني

إذا بدا طالع التحقيق فى خلدي * ترونقت سائر الاعضاء فى جسدي
وأصبحت خلعة الإحسان طوع يدي * وإن بدا بارق الاشواق فى كبدي
تمايلت وزهت بالذكر أركاني

إن لاح برق الرضا والحِبُ قد نظرا * وكوكب السعد بالأنوار قد ظهرا
مددت كف السخا للذْ يروم قرا * وإن بدا هودج الحكمات لي سحرا
اصبحت أهدي الهدى طولا لإخواني

يا من رجا الله أن يرقى لمشهده * وفي جنان الرضا يسمو لمقعده
عرج فلُبي غدا يزهو بمسعده * وخصني خالقي بالرفق من يده
وعن جميع السوى بالقرب أغناني

لما بدا حِبنا أبدى لنا حكما * وقد غدا جوهر الأسرار منتظما
وحفني بالمنا من فضله قدما * وقد حبا مشهدي وصف البقا كرما
من بعد ما في فِناء السر أفناني

لطيفة اللب للحسناء راكنة * ولوعة الوجد فى الأحشاء كامنة
والروح فى موطن الإكرام قاطنة * ومهجتي فى ربوع العز ساكنة
ومضجعي فى الدجا بحبوحة الحان

طالعت كتب الهوى رَوما لمذهبه * وخضت بحر الجوى عطفا لموكبه
يا طالما كنت فى الظلماء أخلو به * ورمت نهجا خفيا أستريح به
لكن مولى السما للخلق أبداني

وضمني للعلا أزهو بخلعته * وقد بدت للورى أعلام منته
وقاد لى سائر الأحشا بمنحته * وساقني جهبذا أدعو لحضرته
فطوبى لمن بالرضى والبشر يلقاني

وردني للورى أدني له دُولا * وطيلسان الهنا والعز قد شملا
فقمت أرشد لا أبغي به بدلا * من بعد بذل القوى فى نهجه وعلى
أرض الحقيقة قد أسست بنياني

لما بدا مؤنسي والغِر محتجب * عما عراني ولا يبدو له سبب
اضحى يعنفني والقلب مضطرب * فإن نأى من نأى عني فلا عجب
فقد بلي كل أسلافي بذا الشان

يزيدت الشوق والأحشا فى ضرم * والحب لي مسعف وازددت فى حكم
وراق لي الوقت والحساد فى ظلم * وقد صفى باطني للخلق كلهم
يا ويح من بالخنا والفحش عاداني

مذ كنت طفلا ورب العرش علمني * وكل شيء يعوق السير عرفني
يا صاح لا تعجبن فالحق أدبني * وصفو سري من العلياء قربن
ومحض ذلي من الأدنان أدناني

عاينت كأس الطلا يبدو لشاربه * ويمطر الحكمة الحسنا لطالبه
وأغلب الكون يلهو فى مآربه * وسرت سيرا قويما لا اعوجاج به
وكيف لا وصحيح الشرع ميزاني

إن رمت تسمو عن الجوزاء منزلة * وترق أوج العلا للحق ملتفتا
فاسمع مقالا علا وانهش وكن ثقة * يا صاح عرج بنا إن رمت معرفة
بالله واعلق بنا فالأمر رباني

فإن مر بي من دراري ضرع منته * وسلسبيل ابتهاجي عين نفحته
فاقبل وأقبل تجد أبهى عطيته * ودع مقال الذي يلهو بغِرته
وانبذ حسودا وحاذر كل فتان

إن ضقت ذرعا ولم تدرك له فرجا * فالزم سبيل التقى ولا تبغي عوجا
تجد رداء الهنا والعز منتسجا * وانهض وجيء نحونا بالصدق مبتهجا
واطرح غرورا غدا يهفو بنقصان

من أمنا بالوفا فالسعد يشمله * ومن دنا خائنا قد خاب مأمله
وكان بالصارم اللماع مقتله * ومن أتى راسخا فى الصدق نقبله
ومن أتى هازلا يزويه ديواني

هداية الخلق للخلاق مطلبنا * وكثرة الغُر يوم البعث مغنمنا
ونصرة السنة البيضاء بغيتنا * يارب أبلج سنا نهج الرشاد بنا
وعمم النفع للأقصى وللداني

يارب أبق السنا فى الوقد ما نشرت * أعلام وصل على أرماحها وعلت
وما شموس على أرض النهى سطعت * وصل رب على المختار ما سجعت
حمائم الوصل فى ليل بألحان

خزائن العين للمختار قد وضحت * وروحه فى رياض الأنس قد سبحت
يارب سلم عليه ما القلوب نحت * والآل والصحب والأتباع ما صدحت
بلابل الأيك فوق الآس والبان
ـــــــــــــــــــ
نسخها الشيخ ناجح رسلان مدرس العلوم الشرعية بالمعاهد الأزهرية جزاه الله خيرا
ــــــــــــــــــ
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله